مرتضى علي الحلي
09-10-2011, 09:27 AM
((الأمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ونظرية ولاية العهد))
====================================
::قراءةٌ في الخلفيات والنهايات ::
=========================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
بعد ما قتل المأمون العباسي أخاه الأمين في بغداد وظفر بالسلطة واجه مشكلة كبيرة من ثورات العلويين الرافضة للحكم العباسي
وخصوصا ثورة أبي السرايا التي خرجت بالكوفة بقيادة محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب/ع/ في سنة /199 /للهجرة
يدعوفيها إلى الرضا من آل محمد والعمل بالكتاب والسنة وهو الذي يقال له ابن طباطبا وكان القيم بأمره في الحرب وتدبيرها وقيادة جيوشه أبا السرايا واسمه السرى بن منصور .
وسيطرت هذه الثورة العلوية على الكوفة وواسط والبصرة والأهواز والحجاز واليمن
إنظر/تاريخ الطبري/الطبري/ج7/ص117.
فكانت هذه الثورة العلوية وغيرها من الثورات رادعا كبيرا لسلطة العباسيين مما جعلتهم يُفكرون بخيارات أخرى كحل مؤقت لما واجهوه من مقاومة علوية قوية لهم.
وإن تمكن العباسيون ببطشهم من القضاء على هذه الثورات لكنهم بقوا وجليين من شخصية الإمام علي بن موسى الرضا/ع/ حيث كانوا يعتقدون بأنه مصدر الخطر الأول عليهم وكثيرا ما أتهموه بالوقوف خلف حركة الثورات العلوية ضدهم.
والدليل على ذلك هو إستدعاء المأمون العباسي للإمام علي الرضا/ع/ الى خراسان حيث كان مقره فيها.
فقال الذهبي:
((استدعاه المأمون إليه إلى خراسان ، وبالغ في إعظامه ، وصيره ولي عهده ، فقامت قيامة آل المنصور ، فلم تطل أيامه ، وتوفي))
إنظر/سير أعلام النبلاء/الذهبي/ج9/ص388.
وحينها إخترع المأمون العباسي مشروعا فكريا وسياسيا مدروسا مُسبقا لتطويق حركة العلويين ونشاط الإمام المعصوم علي الرضا/ع/
وهو المبايعة للرضا/ع/ بالخلافة وولاية العهد من بعد المأمون بإعتبار الإمام علي بن موسى الرضا/ع/ من أهل بيت النبوة المحمدية والإمامة العلوية في عصره/ع/.
ولم يكن مخرج ٌ للمأمون العباسي من الأزمة التي حلّت به وحسب تصوره إلآّ مخاطبة الامام الرضا /ع/ بقبول ولاية العهد والمشاركة
في إدارة شؤون الدولة محاولةً منه لأحتواء قوى المعارضة العلوية الناشطة والتي كانت تتعاطف مع الإمام الرضا /ع/ .
ولكن الإمام الرضا/ ع /كان يُدرِك اللعبة السياسية للعباسيين فرفض ما عرضه المأمون عدة مرات
إلاّ أنه /ع /اضطر لقبولها صوريا بعد أن هدده
المأمون بالقتل المحتوم .
قَبِلَ الامام الرضا/ ع/ ولاية العهد تحت شروط اشترطها /ع /على المأمون
وأهمها :
((أن لا يتدخل في شيء او يتحمل أي مسؤولية في الدولة العباسية)).
وفي شأن ذلك قال الشيخ الصدوق:
((فاخذ البيعة في ملكه(أي المأمون العباسي) لعلي بن موسى الرضا عليه السلام بعهد المسلمين من غير رضاه
وذلك بعد ان هدده بالقتل وألح عليه مره بعد أخرى في كلها يأبى عليه أشرف من تأبيه على الهلاك
فقال الإمام الرضا عليه السلام . : (( اللهم انك نهيتني عن الالقاء بيدي إلى التهلكة وقد أكرهت واضطررت كما أشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل متى لم اقبل ولاية عهده
وقد أكرهت واضطررت كما اضطر يوسف ودانيال عليه السلام ! قبل كل واحد منهما الولاية من طاغية زمانه اللهم لا عهد الا عهدك ولا ولاية لي إلا من قبلك
فوفقني لإقامة دينك واحياء سنه نبيك محمد ( ص ) فإنك أنت المولى والنصير ونعم المولى أنت ونعم النصير )
ثم قبل عليه السلام ولاية العهد من المأمون وهو باك حزين على أن لا يولى أحدا ولا يعزل أحدا ولا يغير رسما ولا سنه
وأن يكون في الامر مشيرا من بعيد
فاخذ المأمون له البيعة على الناس الخاص منهم والعام فكان متى ما ظهر للمأمون من الرضا عليه السلام فضل وعلم وحسن تدبير حسده على ذلك وحقد عليه حتى ضاق صدره فغدر به وقتله بالسم ومضى إلى رضوان الله تعالى وكرامته.
إنظر/عيون أخبار الرضا/ع/الشيخ الصدوق/ج2/ص29.
ولكن الامام الرضا /ع/بعد اعلان نبأ قبوله لولاية العهد صرّح في بعض كلامه اثناء قبوله الولاية الرمزية لأحد الاشخاص المبايعين له
بقوله /ع/
(( ولا تشغل قلبك بهذا الامر ولا تستبشر له فإنه شيء لايتم))
/انظر في كتاب /الأرشاد / للشيخ المفيد / ص 312 /.
وفعلاً لم يتم امر ولاية العهد للأمام الرضا/ ع/ لأنّ المأمون قد دسّ السم القاتل في بعض طعام الامام /ع/ فإغتاله
وهكذا رحل /ع /وهو يردد
كلام الله تعالى
((قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ))آل عمران154
وكانت شهادته/ ع /في اخر صفر / من سنة/ 203 /للهجرة/ ودفن في مدينة طوس / في خراسان / ايران حاليا/ وتعرف اليوم /بمشهد الرضا /ع/.
فسلام على علي بن موسى الرضا في العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي /النجف الأشرف.
====================================
::قراءةٌ في الخلفيات والنهايات ::
=========================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
بعد ما قتل المأمون العباسي أخاه الأمين في بغداد وظفر بالسلطة واجه مشكلة كبيرة من ثورات العلويين الرافضة للحكم العباسي
وخصوصا ثورة أبي السرايا التي خرجت بالكوفة بقيادة محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب/ع/ في سنة /199 /للهجرة
يدعوفيها إلى الرضا من آل محمد والعمل بالكتاب والسنة وهو الذي يقال له ابن طباطبا وكان القيم بأمره في الحرب وتدبيرها وقيادة جيوشه أبا السرايا واسمه السرى بن منصور .
وسيطرت هذه الثورة العلوية على الكوفة وواسط والبصرة والأهواز والحجاز واليمن
إنظر/تاريخ الطبري/الطبري/ج7/ص117.
فكانت هذه الثورة العلوية وغيرها من الثورات رادعا كبيرا لسلطة العباسيين مما جعلتهم يُفكرون بخيارات أخرى كحل مؤقت لما واجهوه من مقاومة علوية قوية لهم.
وإن تمكن العباسيون ببطشهم من القضاء على هذه الثورات لكنهم بقوا وجليين من شخصية الإمام علي بن موسى الرضا/ع/ حيث كانوا يعتقدون بأنه مصدر الخطر الأول عليهم وكثيرا ما أتهموه بالوقوف خلف حركة الثورات العلوية ضدهم.
والدليل على ذلك هو إستدعاء المأمون العباسي للإمام علي الرضا/ع/ الى خراسان حيث كان مقره فيها.
فقال الذهبي:
((استدعاه المأمون إليه إلى خراسان ، وبالغ في إعظامه ، وصيره ولي عهده ، فقامت قيامة آل المنصور ، فلم تطل أيامه ، وتوفي))
إنظر/سير أعلام النبلاء/الذهبي/ج9/ص388.
وحينها إخترع المأمون العباسي مشروعا فكريا وسياسيا مدروسا مُسبقا لتطويق حركة العلويين ونشاط الإمام المعصوم علي الرضا/ع/
وهو المبايعة للرضا/ع/ بالخلافة وولاية العهد من بعد المأمون بإعتبار الإمام علي بن موسى الرضا/ع/ من أهل بيت النبوة المحمدية والإمامة العلوية في عصره/ع/.
ولم يكن مخرج ٌ للمأمون العباسي من الأزمة التي حلّت به وحسب تصوره إلآّ مخاطبة الامام الرضا /ع/ بقبول ولاية العهد والمشاركة
في إدارة شؤون الدولة محاولةً منه لأحتواء قوى المعارضة العلوية الناشطة والتي كانت تتعاطف مع الإمام الرضا /ع/ .
ولكن الإمام الرضا/ ع /كان يُدرِك اللعبة السياسية للعباسيين فرفض ما عرضه المأمون عدة مرات
إلاّ أنه /ع /اضطر لقبولها صوريا بعد أن هدده
المأمون بالقتل المحتوم .
قَبِلَ الامام الرضا/ ع/ ولاية العهد تحت شروط اشترطها /ع /على المأمون
وأهمها :
((أن لا يتدخل في شيء او يتحمل أي مسؤولية في الدولة العباسية)).
وفي شأن ذلك قال الشيخ الصدوق:
((فاخذ البيعة في ملكه(أي المأمون العباسي) لعلي بن موسى الرضا عليه السلام بعهد المسلمين من غير رضاه
وذلك بعد ان هدده بالقتل وألح عليه مره بعد أخرى في كلها يأبى عليه أشرف من تأبيه على الهلاك
فقال الإمام الرضا عليه السلام . : (( اللهم انك نهيتني عن الالقاء بيدي إلى التهلكة وقد أكرهت واضطررت كما أشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل متى لم اقبل ولاية عهده
وقد أكرهت واضطررت كما اضطر يوسف ودانيال عليه السلام ! قبل كل واحد منهما الولاية من طاغية زمانه اللهم لا عهد الا عهدك ولا ولاية لي إلا من قبلك
فوفقني لإقامة دينك واحياء سنه نبيك محمد ( ص ) فإنك أنت المولى والنصير ونعم المولى أنت ونعم النصير )
ثم قبل عليه السلام ولاية العهد من المأمون وهو باك حزين على أن لا يولى أحدا ولا يعزل أحدا ولا يغير رسما ولا سنه
وأن يكون في الامر مشيرا من بعيد
فاخذ المأمون له البيعة على الناس الخاص منهم والعام فكان متى ما ظهر للمأمون من الرضا عليه السلام فضل وعلم وحسن تدبير حسده على ذلك وحقد عليه حتى ضاق صدره فغدر به وقتله بالسم ومضى إلى رضوان الله تعالى وكرامته.
إنظر/عيون أخبار الرضا/ع/الشيخ الصدوق/ج2/ص29.
ولكن الامام الرضا /ع/بعد اعلان نبأ قبوله لولاية العهد صرّح في بعض كلامه اثناء قبوله الولاية الرمزية لأحد الاشخاص المبايعين له
بقوله /ع/
(( ولا تشغل قلبك بهذا الامر ولا تستبشر له فإنه شيء لايتم))
/انظر في كتاب /الأرشاد / للشيخ المفيد / ص 312 /.
وفعلاً لم يتم امر ولاية العهد للأمام الرضا/ ع/ لأنّ المأمون قد دسّ السم القاتل في بعض طعام الامام /ع/ فإغتاله
وهكذا رحل /ع /وهو يردد
كلام الله تعالى
((قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ))آل عمران154
وكانت شهادته/ ع /في اخر صفر / من سنة/ 203 /للهجرة/ ودفن في مدينة طوس / في خراسان / ايران حاليا/ وتعرف اليوم /بمشهد الرضا /ع/.
فسلام على علي بن موسى الرضا في العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي /النجف الأشرف.