هشام11
10-10-2011, 04:17 PM
الميلاد :
في 10 رجب سنة 195 هجرية وُلد الإمام محمد الجواد .
أبوه الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) .
وأمّه : "الخيزران" من أسرة "مارية القبطية" زوجة النبي ( صلى الله عليه وآله) .
دعاه الناس بألقاب عديدة ؛ اشهرها : " النقي " و " الجواد " .
كان الإمام الجواد ( عليه السلام ) في السادسة من عمره ، عندما استدعى المأمونُ والده الرضا ( عليه السلام ) إلى مرو .
كان الصبي يراقب والده ، وهو يطوف حول الكعبة مودّعاً ، وهو يصلّي في مقام إبراهيم .
وأدرك أن والده يودَّع ربوعَ الوحي . وداعاً لا عودة بعده . فشعر بالحزن .
و أوصى الإمامُ الرضا أصحابه بالرجوع إلى ابنه الجواد عند وفاته ؛ وقد سأل صفوان بن يحيى الرضا ( عليه السلام ) عن الإمام ، فأشار إلى ابنه .
فقال صفوان : جُعلتُ فداك هذا عمره ثلاث سنين ؟ !
فقال الإمام الرضا : وما يضرّه من ذلك ، وقد قام عيسى بالحجة وهو ابن أقل من ثلاث سنين .
نهض الإمام الجواد بالإمامة وله من العمر 9 سنوات ، وكان عمّه " علي بن جعفر" يكنّ للإمام بالغَ الاحترام بالرغم من التقدّم في السنّ .
ذات يوم ، دخل الإمام الجوادُ المسجدَ فنهض عمُّه من مكانه وقبّل يده ، ودعاه الإمام إلى الجلوس ، فرفض قائلاً : كيف تريدني أن أجلس وأنت قائم .
وتعرض علي بن جعفر للوم اللائمين ، فكان يجيبهم : لقد قلّده الله الإمامة فوجبت طاعته علينا .
أخلاق الإمام :
بالرغم من صغر سنّ الإمام ، فقد كانت له شخصية قوية تدفع المقابل إلى الإحترام والإجلال .
ذات يوم مرّ موكب المأمون ، وكان قد توجّه إلى الصيد ، فمرّ بصبيان يلعبون ومعهم محمدٌ الجواد .
فرّ الصبيان ، فيما ظلّ محمد الجواد واقفاً في مكانه .
توقف المأمون ، ونظر إليه بإعجاب وسأله :
لماذا لم تفرّ مع الصبيان ؟ .
فقال الجواد ( عليه السلام ) : يا أمير المؤمنين لم يكن بالطريق ضيق لأوسعه عليك ، ولم يكن لي جريمة فأخشى العقاب ، وظنّي بك حسن ، وأنك لا تعاقب من لا ذنب له ، فوقفت .
فازداد المأمون إعجاباً ، وقال له : ما اسمك ؟
فقال : محمد ابن علي الرضا .
فترحّم المأمون على أبيه ، واستأنف رحلته إلى الصيد .
رسالة الإمام الرضا ( عليه السلام ) إلى الجواد ( عليه السلام ) :
كان الإمام الرضا يعامل ابنه باحترام وإجلال ، ويهتمّ بتربيته . فعن " البزنطي " – وكان من أصحاب الرضا ( عليه السلام ) – أنّ الإمام بعث برسالة إلى ابنه جاء فيها :
يا أبا جعفر بلغني أن الموالي إذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير ، وإنما ذلك من بخل لهم لئلاّ ينال منك أحد خيراً ، فأسألك بحقي عليك لا يكن مدخلك ومخرجك إلاّ من الباب الكبير ، وإذا ركبت فليكن معك ذهب وفضة ، ثم لا يسألك أحد إلاّ أعطيته . ومن سألك من عمومتك أن تبرّه فلا تعطه أقلّ من خمسين ديناراً ، والكثير إليك . ومن سألك من عماتك فلا تعطها أقلّ من خمسة وعشرين ديناراً ، والكثير إليك ، إني أريد أن يرفعك الله فانفق ولا تخش من ذي العرش إقتاراً .
مسائل :
أثار صغر سنّ الإمام الجواد الكثيرَ من الشكوك ، فراح البعض يمتحنه بأمهات المسائل ، وكان الإمام يجيب عنها بكل ثقة ، فيما تظهر علامات الإعجاب والانبهار على وجوه السائلين .
كان يحيى بن أكثم شخصية علمية كبيرة ، وكان قاضياً للقضاة ، وهو منصب رفيع ، فأراد العباسيون امتحان الإمام وكان صبياً ، فرتّبوا لقاءً بينهما .
سأل يحيى بن أكثم الإمامَ قائلاً : أصلحك الله يا أبا جعفر ، ما تقول في محُرِم قتَل صيداً ؟
فانبرى الإمامُ قائلاً : قتَله في حلّ أو حرم ؟ عالما أم جاهلاً ؟ قتله عمداً أو خطأً ؟ حرّاً كان أم عبداً ؟ صغيراً أو كبيراً ؟ مبتدئاً بالقتل أم معيداً ؟ من ذوات الطير كان الصيدُ أم من غيرها ؟ من صغار الصيد أم من كباره ؟ مصرّاً على ما فعل أو نادماً ؟ في الليل كان قتله للصيد في أوكارها أم نهاراً وعياناً ؟ محرماً كان للعمرة أو للحج ؟
ارتبك ابن أكثم وهو يصغي إلى كل هذه التفاصيل ولم يحر جواباً . واندهش الحاضرون وهم يستمعون إلى الأجوبة التفصيلية للإمام ، فيما اسودّت وجوه العباسيين الذين كانوا يطمحون إلى إحراج الإمام والانتقاص من منزلته .
زواج الإمام :
حامت الشبهات حول المأمون عندما توفي الإمام الرضا ( عليه السلام ) ؛ وقد حاول المأمون دفع الشبهات عنه ، فتظاهر بالحزن ، وشارك في تشييع الإمام حافياً .
ولكي ينفي الشبهة عنه تماماً ، فكّر في تزويج ابنته " أمّ الفضل " من الإمام محمد الجواد .
جمع المأمون بني العباس وأعلن قراره في ذلك .
استاء العباسيون ورأوا في ذلك خطراً يهدّد حكومتهم في المستقبل . حاول العباسيون صرف المأمون عن قراره ، ولكن المأمون أصرّ على موقفه ، فقالوا : انه ما يزال صبياً في الدين بعد ، فأمهله حتى يتعلم .
فقال المأمون : ويحكم أن أعرف بهذا الفتى منكم ، وإنّه لأفقه وأعلم منكم جميعاً ، فإن شئتم فامتحنوه .
وهكذا رتّب العباسيون اجتماعاً ضمّ كثيراً من العلماء ؛ في طليعتهم " ابن أكثم " قاضي القضاة .
وأسفر الامتحان عن فوز الإمام ( عليه السلام ) بعد أن تجلّت قابلياته العلمية .
وأعلن المأمون قرارَ الزواج ونهض الإمام فخطب خطبة الزواج .وتمّ المهر على مثل مهر الزهراء (عليها السلام ) ، فأقيمت الاحتفالات على أبهى ما يكون .
أهداف الزواج :
أراد المأمون من وراء هذا الزواج تحقيق أهداف سياسية منها :
1. دفع شبهة اغتياله للإمام الرضا ( عليه السلام ) ، والتقرّب إلى الناس في ذلك .
2. إن ابنته سوف تراقب الإمام ( عليه السلام ) مراقبة دقيقة جداً .
3. إغراء الإمام بالبقاء في بغداد حيث حياة القصور واللهو والترف .
عودة الإمام إلى المدينة المنورة :
عزم الإمام على العودة إلى المدينة ، فأعلن رغبته في حجّ بيت الله الحرام .
فخرج الناس يودّعونه إلى الطريق المؤدّية إلى الكوفة ، وهناك نزل الإمام ( عليه السلام ) بعد أن حان وقت الصلاة ، فتوضّأ في ساحة المسجد عند شجرة نبق ، وقد بارك الله فيها ، وأثمرت ثمراً حلواً . . ظل أهل بغداد يذكرون بركة الإمام في ذلك .
رسائل ومسائل :
رافق رجل من بني حنيفة الإمام في الحج ، فقال الرجل على المائدة : جُعلت فداك ، إن والينا رجل يتولاّكم أهلَ البيت ويحبّكم ،وله عليّ " خراج " في ديوانه ، فإن رأيت أن تكتب إليه كتاباً بالإحسان إليّ ؟
فقال الإمام : إنّي لا اعرفه .
فقال الرجل : إنه من محبيكم – أهل البيت – وكتابك ينفعني .
فأخذ الإمام القرطاس وكتب : بسم الله الرحمن الرحيم . أما بعد ؛ فإنّ حامل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً ، وان ما لك من عملك إلاّ ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى إخوانك .
سلّم الرجلُ الكتاب إلى الوالي ( النيسابوري ) ، فقبّله و وضعه على عينيه ، ثم قال له : ما حاجتك ؟ فقال الرجل : خراج علي في ديوانك .
فأمر بإلغائه ، وقال له : لا تؤدي خراجاً ما دمتُ موجوداً .
وكتب له رجل رسالة يستشيره فيها عن تزويج بناته . فكتب إليه الإمام : فهمت ما ذكرت من أمر بناتك ، وأنّك لا تجد أحداً مثلك ، فلا تنظر في ذلك رحمك الله ، فإنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : إذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوِّجوه إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير .
نهاية المأمون :
ثار أهل مصر ، فقاد المأمون جيشاً كبيراً وأخمد الثورة ، ومن هناك انطلق نحو أرض الروم ، وحصلت معارك كان النصر فيها للمسلمين .
وعند عودته ألم به المرض ، فتوقّف في " الرقّة " ، وكانت فيها عيون جارية ، ومناخها طيب ، فضربت الخيام ، ولم يلبث أن توفي هناك ودفن .
فتولى الخلافة من بعد أخوه المعتصم ، وكان رجلاً شديد القسوة . وكان أول عمل قام به أن استدعى الإمام الجواد من المدينة إلى بغداد ، وراح يدبّر المؤامرات بالتعاون مع جعفر بن المأمون الذي أغرى أخته " أم الفضل " بدسّ السم إلى الإمام ، واستجابت "أم الفضل" ، فوضعت السّم في العنب ، وكأنها تعلّمت ذلك من أبيها المأمون الذي اغتال الإمام الرضا ( عليه السلام ) بنفس الطريقة .
وهكذا استشهد الإمامُ في 6 ذي الحجة سنة 220 هجرية ، وله من العمر 25 عاماً فقط .
و حُمل جثمان الإمام إلى مقابر قريش ( الكاظمية حالياً ) ليدفن إلى جانب جدّه الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) حث مرقده الآن مزاراً يحجّ له المسلمون من بقاع العالم .
من كلماته المضيئة :
عزِّ المؤمن غناه عن الناس .
المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال : توفيق من الله و واعظ من نفسه وقبول ممن ينصحه .
يوم العدل على الظالم اشدّ من يوم الجور على المظلوم .
حسب المرء من كمال المروءة تركه ما لا يجمل به .
لن يستكمل العبد حقيقة الإيمان حتى يؤثر دينة على شهوته .
موت الإنسان بالذنوب أكثر من موته بالأجل ، وحياته بالبر أكثر من حياته العمر .
http://www.ro-7.com/vb/images/statusicon/wol_error.gifنقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي:(
في 10 رجب سنة 195 هجرية وُلد الإمام محمد الجواد .
أبوه الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) .
وأمّه : "الخيزران" من أسرة "مارية القبطية" زوجة النبي ( صلى الله عليه وآله) .
دعاه الناس بألقاب عديدة ؛ اشهرها : " النقي " و " الجواد " .
كان الإمام الجواد ( عليه السلام ) في السادسة من عمره ، عندما استدعى المأمونُ والده الرضا ( عليه السلام ) إلى مرو .
كان الصبي يراقب والده ، وهو يطوف حول الكعبة مودّعاً ، وهو يصلّي في مقام إبراهيم .
وأدرك أن والده يودَّع ربوعَ الوحي . وداعاً لا عودة بعده . فشعر بالحزن .
و أوصى الإمامُ الرضا أصحابه بالرجوع إلى ابنه الجواد عند وفاته ؛ وقد سأل صفوان بن يحيى الرضا ( عليه السلام ) عن الإمام ، فأشار إلى ابنه .
فقال صفوان : جُعلتُ فداك هذا عمره ثلاث سنين ؟ !
فقال الإمام الرضا : وما يضرّه من ذلك ، وقد قام عيسى بالحجة وهو ابن أقل من ثلاث سنين .
نهض الإمام الجواد بالإمامة وله من العمر 9 سنوات ، وكان عمّه " علي بن جعفر" يكنّ للإمام بالغَ الاحترام بالرغم من التقدّم في السنّ .
ذات يوم ، دخل الإمام الجوادُ المسجدَ فنهض عمُّه من مكانه وقبّل يده ، ودعاه الإمام إلى الجلوس ، فرفض قائلاً : كيف تريدني أن أجلس وأنت قائم .
وتعرض علي بن جعفر للوم اللائمين ، فكان يجيبهم : لقد قلّده الله الإمامة فوجبت طاعته علينا .
أخلاق الإمام :
بالرغم من صغر سنّ الإمام ، فقد كانت له شخصية قوية تدفع المقابل إلى الإحترام والإجلال .
ذات يوم مرّ موكب المأمون ، وكان قد توجّه إلى الصيد ، فمرّ بصبيان يلعبون ومعهم محمدٌ الجواد .
فرّ الصبيان ، فيما ظلّ محمد الجواد واقفاً في مكانه .
توقف المأمون ، ونظر إليه بإعجاب وسأله :
لماذا لم تفرّ مع الصبيان ؟ .
فقال الجواد ( عليه السلام ) : يا أمير المؤمنين لم يكن بالطريق ضيق لأوسعه عليك ، ولم يكن لي جريمة فأخشى العقاب ، وظنّي بك حسن ، وأنك لا تعاقب من لا ذنب له ، فوقفت .
فازداد المأمون إعجاباً ، وقال له : ما اسمك ؟
فقال : محمد ابن علي الرضا .
فترحّم المأمون على أبيه ، واستأنف رحلته إلى الصيد .
رسالة الإمام الرضا ( عليه السلام ) إلى الجواد ( عليه السلام ) :
كان الإمام الرضا يعامل ابنه باحترام وإجلال ، ويهتمّ بتربيته . فعن " البزنطي " – وكان من أصحاب الرضا ( عليه السلام ) – أنّ الإمام بعث برسالة إلى ابنه جاء فيها :
يا أبا جعفر بلغني أن الموالي إذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير ، وإنما ذلك من بخل لهم لئلاّ ينال منك أحد خيراً ، فأسألك بحقي عليك لا يكن مدخلك ومخرجك إلاّ من الباب الكبير ، وإذا ركبت فليكن معك ذهب وفضة ، ثم لا يسألك أحد إلاّ أعطيته . ومن سألك من عمومتك أن تبرّه فلا تعطه أقلّ من خمسين ديناراً ، والكثير إليك . ومن سألك من عماتك فلا تعطها أقلّ من خمسة وعشرين ديناراً ، والكثير إليك ، إني أريد أن يرفعك الله فانفق ولا تخش من ذي العرش إقتاراً .
مسائل :
أثار صغر سنّ الإمام الجواد الكثيرَ من الشكوك ، فراح البعض يمتحنه بأمهات المسائل ، وكان الإمام يجيب عنها بكل ثقة ، فيما تظهر علامات الإعجاب والانبهار على وجوه السائلين .
كان يحيى بن أكثم شخصية علمية كبيرة ، وكان قاضياً للقضاة ، وهو منصب رفيع ، فأراد العباسيون امتحان الإمام وكان صبياً ، فرتّبوا لقاءً بينهما .
سأل يحيى بن أكثم الإمامَ قائلاً : أصلحك الله يا أبا جعفر ، ما تقول في محُرِم قتَل صيداً ؟
فانبرى الإمامُ قائلاً : قتَله في حلّ أو حرم ؟ عالما أم جاهلاً ؟ قتله عمداً أو خطأً ؟ حرّاً كان أم عبداً ؟ صغيراً أو كبيراً ؟ مبتدئاً بالقتل أم معيداً ؟ من ذوات الطير كان الصيدُ أم من غيرها ؟ من صغار الصيد أم من كباره ؟ مصرّاً على ما فعل أو نادماً ؟ في الليل كان قتله للصيد في أوكارها أم نهاراً وعياناً ؟ محرماً كان للعمرة أو للحج ؟
ارتبك ابن أكثم وهو يصغي إلى كل هذه التفاصيل ولم يحر جواباً . واندهش الحاضرون وهم يستمعون إلى الأجوبة التفصيلية للإمام ، فيما اسودّت وجوه العباسيين الذين كانوا يطمحون إلى إحراج الإمام والانتقاص من منزلته .
زواج الإمام :
حامت الشبهات حول المأمون عندما توفي الإمام الرضا ( عليه السلام ) ؛ وقد حاول المأمون دفع الشبهات عنه ، فتظاهر بالحزن ، وشارك في تشييع الإمام حافياً .
ولكي ينفي الشبهة عنه تماماً ، فكّر في تزويج ابنته " أمّ الفضل " من الإمام محمد الجواد .
جمع المأمون بني العباس وأعلن قراره في ذلك .
استاء العباسيون ورأوا في ذلك خطراً يهدّد حكومتهم في المستقبل . حاول العباسيون صرف المأمون عن قراره ، ولكن المأمون أصرّ على موقفه ، فقالوا : انه ما يزال صبياً في الدين بعد ، فأمهله حتى يتعلم .
فقال المأمون : ويحكم أن أعرف بهذا الفتى منكم ، وإنّه لأفقه وأعلم منكم جميعاً ، فإن شئتم فامتحنوه .
وهكذا رتّب العباسيون اجتماعاً ضمّ كثيراً من العلماء ؛ في طليعتهم " ابن أكثم " قاضي القضاة .
وأسفر الامتحان عن فوز الإمام ( عليه السلام ) بعد أن تجلّت قابلياته العلمية .
وأعلن المأمون قرارَ الزواج ونهض الإمام فخطب خطبة الزواج .وتمّ المهر على مثل مهر الزهراء (عليها السلام ) ، فأقيمت الاحتفالات على أبهى ما يكون .
أهداف الزواج :
أراد المأمون من وراء هذا الزواج تحقيق أهداف سياسية منها :
1. دفع شبهة اغتياله للإمام الرضا ( عليه السلام ) ، والتقرّب إلى الناس في ذلك .
2. إن ابنته سوف تراقب الإمام ( عليه السلام ) مراقبة دقيقة جداً .
3. إغراء الإمام بالبقاء في بغداد حيث حياة القصور واللهو والترف .
عودة الإمام إلى المدينة المنورة :
عزم الإمام على العودة إلى المدينة ، فأعلن رغبته في حجّ بيت الله الحرام .
فخرج الناس يودّعونه إلى الطريق المؤدّية إلى الكوفة ، وهناك نزل الإمام ( عليه السلام ) بعد أن حان وقت الصلاة ، فتوضّأ في ساحة المسجد عند شجرة نبق ، وقد بارك الله فيها ، وأثمرت ثمراً حلواً . . ظل أهل بغداد يذكرون بركة الإمام في ذلك .
رسائل ومسائل :
رافق رجل من بني حنيفة الإمام في الحج ، فقال الرجل على المائدة : جُعلت فداك ، إن والينا رجل يتولاّكم أهلَ البيت ويحبّكم ،وله عليّ " خراج " في ديوانه ، فإن رأيت أن تكتب إليه كتاباً بالإحسان إليّ ؟
فقال الإمام : إنّي لا اعرفه .
فقال الرجل : إنه من محبيكم – أهل البيت – وكتابك ينفعني .
فأخذ الإمام القرطاس وكتب : بسم الله الرحمن الرحيم . أما بعد ؛ فإنّ حامل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً ، وان ما لك من عملك إلاّ ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى إخوانك .
سلّم الرجلُ الكتاب إلى الوالي ( النيسابوري ) ، فقبّله و وضعه على عينيه ، ثم قال له : ما حاجتك ؟ فقال الرجل : خراج علي في ديوانك .
فأمر بإلغائه ، وقال له : لا تؤدي خراجاً ما دمتُ موجوداً .
وكتب له رجل رسالة يستشيره فيها عن تزويج بناته . فكتب إليه الإمام : فهمت ما ذكرت من أمر بناتك ، وأنّك لا تجد أحداً مثلك ، فلا تنظر في ذلك رحمك الله ، فإنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : إذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوِّجوه إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير .
نهاية المأمون :
ثار أهل مصر ، فقاد المأمون جيشاً كبيراً وأخمد الثورة ، ومن هناك انطلق نحو أرض الروم ، وحصلت معارك كان النصر فيها للمسلمين .
وعند عودته ألم به المرض ، فتوقّف في " الرقّة " ، وكانت فيها عيون جارية ، ومناخها طيب ، فضربت الخيام ، ولم يلبث أن توفي هناك ودفن .
فتولى الخلافة من بعد أخوه المعتصم ، وكان رجلاً شديد القسوة . وكان أول عمل قام به أن استدعى الإمام الجواد من المدينة إلى بغداد ، وراح يدبّر المؤامرات بالتعاون مع جعفر بن المأمون الذي أغرى أخته " أم الفضل " بدسّ السم إلى الإمام ، واستجابت "أم الفضل" ، فوضعت السّم في العنب ، وكأنها تعلّمت ذلك من أبيها المأمون الذي اغتال الإمام الرضا ( عليه السلام ) بنفس الطريقة .
وهكذا استشهد الإمامُ في 6 ذي الحجة سنة 220 هجرية ، وله من العمر 25 عاماً فقط .
و حُمل جثمان الإمام إلى مقابر قريش ( الكاظمية حالياً ) ليدفن إلى جانب جدّه الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) حث مرقده الآن مزاراً يحجّ له المسلمون من بقاع العالم .
من كلماته المضيئة :
عزِّ المؤمن غناه عن الناس .
المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال : توفيق من الله و واعظ من نفسه وقبول ممن ينصحه .
يوم العدل على الظالم اشدّ من يوم الجور على المظلوم .
حسب المرء من كمال المروءة تركه ما لا يجمل به .
لن يستكمل العبد حقيقة الإيمان حتى يؤثر دينة على شهوته .
موت الإنسان بالذنوب أكثر من موته بالأجل ، وحياته بالبر أكثر من حياته العمر .
http://www.ro-7.com/vb/images/statusicon/wol_error.gifنقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي:(