معراج
28-10-2011, 02:36 PM
يؤكد الباحثون في التاريخ وعلم الاجتماع يوماً بعد آخر أن فكرة وجود منقذ للبشرية هي فكرة عامة تظهر بشكل أو بآخر في المجتمعات الإنسانية، رغم اختلافها الشديد وتباينها في الثقافة والقومية والدين. ومن هنا يظهر خطأ التصور القائل أن فكرة المهدوية هي فكرة دينية غيبية.
فإذا كان جوهر الفكرة هو ظهور قيادة عالمية تحكم العالم بالعدل وتقيم القانون وتخلص البشرية من ويلات الحروب والمجاعات، فإن هذا الهدف كان ولا يزال من أهداف المصلحين والساسة والحكماء والفلاسفة في مختلف العصور بل هو اليوم في العالم المتحضر أظهر منه في أي وقت مضى، كما سنرى، فهل تحول ساسة الغرب إلى رجال دين غيبيين أيضاً؟ كلا وإنما هو الشعور العام بضرورة الحكومة العالمية.
إن المهدوية تظهر في الديانة اليهودية من خلال التبشير (بالمسيح اليهودي) وعند العالم المسيحي بالمسيح نفسه عيسى بن مريم (ع)، وعند المسلمين بالمهدي المنتظر الذي يعاونه المسيح (ع). وتظهر المهدوية أيضاً في الديانات الهندوسية والبوذية وعند الحكماء والفلاسفة القدامى والمحدثين، مثل أفلاطون في الجمهورية والفارابي في [المدينة الفاضلة] و [الملة الفاضلة]، والفيلسوف الإنجليزي توماس مور في [يوتوبيا] أو جزيرة طوبي، وأمثال هذه المدن الفاضلة والجمهوريات المثالية لا حصر لها فهناك [إتلانتا الجديدة] لفرنسيس بيكون و [المدينة المسيحية] ليوهان، [ومدينة الشمس] لتوماز كامبلا وجزيرة كونفيسشيوس لحكيم الصين وغيرها. والأسماء التي وضعوها لهذه الملة أو المدينة ليست خيالية تماماً، بل قائمة على تصورات يؤيدها العلم والدين والآثار كما سوف نبرهن عليه بإذن الله تعالى.
ويختلف اسم القائد الملهم الذي يقود هذه المدن عند الجميع، فهو عند توماس مور (يوتوبوس العظيم)، واسمه مشتق من الجزيرة (يوتوبيا). ومعلوم أن (طوبي) مرحلة تطورية ذكرت في القرآن كونها عاقبة للصالحين من الناس.وقلما نجد أحداً من الحكماء على مرّ التاريخ لم يحاول تخيل المجتمع المثالي الذي يقوده رجل عظيم ومثالي حكيم. ولا يختلف المعاصرون بشيء من ذلك، فقد اقترح الطبيب كارل من فرنسا في عصر الذرة - أخذ نخبة من التلاميذ الأذكياء جداً لتعليمهم أنواع مختلفة من العلوم وحرمانهم من اللهو والعبث ليظهر منهم في الأقل شخص واحد يتقن جميع العلوم قادر على قيادة العالم/ [من كتاب الإنسان ذلك المجهول].
والحق أن هذا لا يختلف بشيء من حيث هو مقترح عما يبشر به النصارى من عودة المسيح (ع) روح الله الجامع لكل العلوم أو ما يبشر به المسلمون من ظهور المهدي الذي ورث من جدة علوم الأولين والآخرين، سوى ان الطبيب مستعجل في العثور على القائد. إن هذا يدل على حاجة البشر الماسة إلى دولة عالمية وحكومة مثالية.
وشارك برتراند راسل في تأسيس الأمم المتحدة وطالب أن يكون للمنظمة جيش قوي بل أقوى جيش في العالم- من أجل تحقيق أدنى قدر من الحكومة العالمية.
ولم يتوقف الأمر على ذلك، فأعداء الديانات التقليديين يتفقون مع الآخرين في ضرورة الحكومة العالمية، فذهب كارل ماركس شوطاً بعيداً في الغيبيات والميتافيزيقية التي أعلن الحرب والبراءة منها- حين أعلن من جهة أخرى أن الطور الاشتراكي أمر مؤقت زائل تحل محله الشيوعية بفضل قيادة مخلصة وواعية، ولم يكتف بالسير على نفس أسلوب التبشير الذي أعتمده الأنبياء، بل زعم أن الناس لشدة ولعهم بالفضائل في مرحلة الشيوعية فإنهم لن يحتاجوا إلى المال ولا المؤسسات الرأسمالية، بل يصل بهم الحال إلى الاستغناء عن القيادة أصلاً- فتذوب الحكومة من تلقاء نفسها..!!.
فأنت ترى أن هذا التصور أبعد بكثير مما سوف يحدث وفق البشارة الدينية على يد المهدي والمسيح (ع)، بل هو عكسه تماماً، فحكومة المهدي وفق المفهوم الديني تترسخ ولا تضعف، ولم يدع أحد أنه سيلغي التعامل بالأوراق النقدية أو يلغي المؤسسات الرسمية! بل يصنع مجتمعاً فاضلاً يسوده العدل، ليس هو الذي سيضعه، بل المجتمع نفسه حينما يصل إلى مرحلة متقدمة من الوعي الديني والفكري- فالعدل عند أهل الدين نتاج صحة الفكر- وليس نتاج صحة التوزيع للثروة بالقوة كما هو عند ماركس! فكيف تقود عدالة التوزيع إلى تطور فكري يوصل إلى المجتمع الأفضل.. فهذا بمفرده كاف للتدليل على تخليط الرجل وقلبه للموازين وجعله الأشياء كلها معكوسة!.
ومع ذلك لم اسمع من [الأساتذة] الناقدين- ولو تلميحاً إلى إغراق ماركس في الغيبيات والميتافيزيقية، بل السوفسطائية المضحكة، وشنوا حربهم الإعلامية ضد المهدوية الدينية، وكان على هؤلاء بدلاً من ذلك أن يأخذوا كتاباً في علامات ظهور المهدي (ع) الاجتماعية ليتعرفوا على الواقع الاجتماعي الذي يحدث فيه الظهور، بدلاً من أن يجعلوا لنا الحجة في اتهامهم بالجهل المطبق في قضية المهدوية.
وزعم آخرون أن المهدوية أو فكرة وجود منقذ هي رد فعل على الأوضاع الفاسدة التي تسود المجتمعات الإنسانية، غرضها بعث الأمل في النفوس وقتل اليأس في أرواح الناس، فهذا تخليط آخر وتضليل غريب وجمع للمتناقضات في آن واحد فلربَّ سائل يسأل هل الناس على هذا المفهوم يائسون وقانطون أم متفائلون مستبشرون؟ وهل هؤلاء هم أنفسهم أم أهل اليأس قوم وأهل التفاؤل آخرون، وإن كانوا أنفسهم فهل كان اليأس أولاً أم التفاؤل؟.
باختصار شديد إذا كانوا هم أنفسهم، فلا يصدق التبرير الأول لأن الإنسان الفرد إما بأن يوصف بأنه يائس أو متفائل، وان كانوا غيرهم فهذا موضوعنا ولا موضوع للزاعمين.
وقال آخرون: إن المهدوية أو فكرة المنقذ هي فكرة من صنع خيال بني الإنسان لإسكات روح المعارضة للأنظمة الفاسدة وقتل روح العمل والإصلاح!، فهذا القول كما ترى عكس الأول ولنفس المتحذلقين، والذين لم يقرءوا بكل تأكيد كتاباً واحداً من كتب الأديان الثلاثة بشأن القائد الموعود.
ولو قرءوا شيئاً يسيراً لمدة ساعتين فقط فإنها تكفي ليفهموا أمراً واضحاً لا مراء فيه وهو أن المنقذ لن يأت أبداً ما لم يمهد لظهوره بالعمل والإصلاح... فكيف خالف هؤلاء رأي علماء الاجتماع من أن المجتمع الإنساني متطور بطبعه يسعى دوماً لما هو أفضل؟ وكيف لم يقولوا هذه المقالة لماركس؟ وكيف زعموا أن الفكر المادي واقعي - وهو غارق إلى أذنيه في الخيالات، ووصموا الفكر الديني الذي هو الواقعية بعينها- وصمّوه بالطوباوية والصفات الخيالية؟ نعم إن للدين عالماً مستقبلياً واقعياً ولكنه للأسف قد شوه تشويهاً كبيراً. إن للدين عالماً آخر يؤمن به هو عالم الغيب، ولكن المهدوية هي طور دنيوي سوف ترى في الكتاب ان القرآن استخدم المصطلحات الدنيوية والواقعية بشأن المهدوية واستخدم الإيمان بالغيب لوصف الآخرة التي هي المقصود من الغيب- الآخرة التي بعد القيامة. فثمة آخرة للحياة وثمة آخرة للكون كله.
ولكن هؤلاء معذورون- فقد أكبوا على قراءة رأس المال و(ما العمل) وحفظوا فقرات مطولة منها- لكنهم رغم (إسلامهم) لم يتمعنوا بقراءة واحدة كاملة لكتاب الله!! فكيف سمح هؤلاء لأنفسهم بمهاجمة الفكرة المهدوية في الدين- وحكومته العالمية الموعودة- ولم يفعلوا نفس الشيء في ما يطالب به قادة ومصلحون في الغرب من تأسيس حكومة عالمية؟.
إن أسوأ حالات الاستلاب الفكري هي حينما تنعدم ثقة الطليعة من الأمة بتراثها وفكرها الديني لدرجة مضحكة مثل هذه، فكل ما يأتي من هناك يصدقوه ويجلوه وكل ما يخرج من تراثهم وعقيدتهم يعرضوا عنه ويستصغروه، فأكرم بهم من طليعة مثقفة!!.
ومن المعلوم أن دعوات الغرب هذه- أكثرها إن لم تكن جميعها ليست تدعوا للحكومة العالمية العادلة بحق- وإنما تدعو دعوة سياسية واقتصادية- لترسيخ هيمنة الغرب الرأسمالي وحكومة استلاب عالمي مستغلة هذا الشعور الإنساني العارم بمثل هذه الضرورة البشرية.
إن رغبة البشر قوية جداً في الحصول على حكومة عالمية وتظهر هذه الرغبة الآن جلية في عالمنا المعاصر بمحاولة الدولة النامية خاصة بدعم المؤسسات الدولية مثل منظمة العفو الدولية ومحكمة العدل الدولية والسلم العالمي ومنظمة الأمم المتحدة- ويزداد التأكيد من قبل شعوب وحكومات المجتمع الإنساني على مبادئ معينة بسبب الذعر من الحروب وعمليات الغزو الاقتصادي والسياسي واحتمال التدهور والخوف من وقوع ما ليس في الحسبان، مثل مبادئ
(التعاون الاقتصادي) و(عدم التدخل) و(التعايش السلمي) و(الحد من الأسلحة) ودعم صناديق كثيرة دولية الاتجاه كالصندوق الدولي وصندوق التنمية- ومحاولة التقارب بالأسواق المشتركة- بل والمطالبة بنظام اقتصادي عالمي- ليشكل ركيزة من ركائز السلم في العالم والعيش المتكافئ...
هذه المصطلحات والأفكار والمبادئ والمؤسسات بمفردها. وكثرة الحديث عنها يكفي للتنويه عن الأهمية البالغة التي يشعر بها سكان المعمورة للحكومة العالمية.
إن الشعور العام لدى الشعوب والحكومات- هو الترحيب بـ(نظام اقتصادي عالمي) و(جيش عالمي)، ولكنها في نفس الوقت تشك إن كان للمترفين والمتحكمين بهذه النظم أي التزام أخلاقي. إن تأكيد الإعلام الغربي على الجانب الأخلاقي في نشراتها الإخبارية وتعليقاتها إنما يظهر بجلاء طعن شعوب العالم في مصداقية النظام الرأسمالي في قيادة العالم وتحقيق العدل، وذلك بعد أن تحدث البعض عن أحلام مثل أن يتمكن زعيم أخلاقي بالفوز بالانتخابات الأمريكية فيكون هو القائد العالمي الذي انتظرته البشرية طويلاً..! فبإمكانه إذا خلصت النوايا توسيع دائرة تلك المنظمات الدولية وتقويتها تمهيداً لجعل العالم عائلة واحدة تنعم بالرخاء.
إن إلقاء نظرة واحدة فاحصة إلى واقع النظام الغربي تبين مدى بعد هذا الاحتمال عن التحقق في أرض الواقع، وهو أمر لا يأمل الغربيون أنفسهم بتحقيقه وفق الهيمنة المطلقة لعبيد المال على الانتخابات.
إن المهدوية بمفهومها العام تمثل حاجة حقيقية وواقعية ولا يشك أحد في تحقيقها يوما ما- وهو يرى ويعيش الآم البشرية وهدر ثروتها- وإن جرى التعبير عنها بصيغ مختلفة- ولا يوجد أي مبرر فلسفي أو علمي لرفضها- بل على العكس من ذلك تتوافر كل المبررات لتحقيقها- وهو ما صرح به كل مختص يعيش هموم المجتمع الإنساني في قرارة نفسه، بل أن رفضها ومحاربتها هو رفض ومحاربة لآمال البشرية وجهدها المثابر في الوصول إلى مجتمع عالمي يسوده العدل. ومن أجل ذلك لا يتمكن حتى عبيد المال ورؤوس الاستغلال في الغرب من رفضها- لوعي تلك الشعوب لأهميتها فحاولوا ويحاولون إعطائها صبغة أوروبية أو مسيحية واصمين شعوب العالم كلها وبالأخص المسلمين بالوثنية جامعين في عين الوقت بين مفهومها الديني المسيحي واليهودي ومفهومها الغربي المادي- ومن أجل استغلال هذه العقيدة لتحقيق الهيمنة المطلقة على العالم... عسكرياً واقتصادياً- مشوهين ومحرفين حقائق في العهد القديم وفي الإنجيل تبشّر بالقائد الموعود وتضع له علامات كونية وسياسية كما سنرى في البحوث اللاحقة.
ويكمن الخطر المحدق بنا الآن في هذه القضية بالذات.. فالصراع بين المهدي (ع) الموعود والمسيح (ع) من جهة وبين القوى الكافرة من جهة أخرى يأخذ شكلاً عقائدياً وفكرياً محضاً في تراث الأديان الثلاثة.. ويريد الغرب الآن أن يحول شكل هذا الصراع إلى صراع مذهبي وقومي وجغرافي كما هي عادتهم في التحريف.
إن هذاالبحث ليس مخصصاً للمسلمين خاصة بل هو للمسلمين عامة بمعنى أنه لجميع المؤمنين بشرائع الأنبياء السابقين بغير ما تحريف وهم أمة عظيمة كثيرة العدد- ليبرهن لهم فيه ان أعداء القائد الموعود ليسوا شعباً بعينه ولا أمة بعينها ولا أصحاب دين معين بعينه- إن أعداءه هم المنحرفون الذين يعبدون غير الله من كل دين وملة ومكان وأن أعوانه هم الذين أسلموا لله من كل ملة ودين ومكان فهو قائد عالمي يؤمن بجميع الأنبياء والرسل (ع) ولا بفرق بين أحد منهم ويقيم جميع ما أنزل إذ ليس فيما انزل الله شيء يناقض بعضه بعضاً، وإن عليهم أن لا يكونوا ضحية الإعلام الغربي والمضلل فيهلكوا.. فنحن لا نقول أن المهدي (ع) يهلك اليهود أو ينتقم من النصارى.. بل نقول أنه يهلك كل من لا يعبد الله أو اتخذ من دونه وثناً أو هوى أو مالاً أو أحباراً أو رهباناً أو رجال دين أو أصناماً ظاهرة أو أصناماً خفية أو طواغيت ينفذ أوامرهم ويدين بشرائعهم ولو كان من الأمة المحمدية.. بل يبدأ بهذه الأمة فيطهرها ويوضح الاختلاف الذي فيها ويبين ما اندرس من معالمها.. لا يفرق بين إنسان وآخر الاّ بما اعتقده- وهذه هي صفته في التوراة والإنجيل..!.
فكيف رضي هؤلاء بترك الكتب المنزلة وقنعوا بما يبثه لهم الإعلام الغربي عبر شاشة التلفزيون بالكنيسة المرئية..! هاهو الإعلام قد جلب لهم الكنيسة إلى بيوتهم ويشرح لهم الإنجيل والتوراة وبشارتهما بالقائد الموعود على النحو الذي يريده فأعداء القائد في هذا الإعلام هم (المحمديون)- والعرب!.
والقائد الموعود سوف يقضي على المسلمين والعرب! نعم إن القائد سيقضي على طغاة العرب ولكنه أيضاً يقضي على طغاة أوروبا! فليكن لهؤلاء عقول يفكرون بها- فالقائد الذي بشرّ به الأنبياء جميعاً ليس قومياً ولا يهودياً ولا نصرانياً ولا هو من الأرض الجديدة ولا من أرض الميعاد! أنه رجل أسلم وجه لله مثل جميع الأنبياء ويضرب الخلق جميعاً حتى يسلموا وجوههم لله وحده!.
إن قضية التوحيد هي قضية الخلق والوجود وهي قضية جميع الأنبياء وجميع الكتب بل هي قضية السياسة والحروب والصراعات.
إن مشكلة البشرية كما اشرنا اليها في كتاباتنا السابقة التي يبحث زعماء العالم عن حل لها ليست في الثروات التي في الأرض وهي تكفي لإضعاف هذا العدد من البشر، وليست في التقدم العلمي وقد بلغ أشواطاً عظيمة- إنما هي في القيادة العالمية ذات العقيدة الراسخة والفكر الأخلاقي الذي يتمكن من تقسيم هذه الثروات بشكل عادل ولا يفرق بين الأمم والشعوب إلا بمقدار إيمانهم بهذا الفكر.
ولن يتحقق ذلك إلا بتصور منهجي وعقيدة أخلاقية لها مبدأ موحد للناس منبثق من الطبيعة البشرية وملائم لفطرتها السليمة يلتزم به الجميع ويؤمنون به إيماناً حقيقياً ويشعرون به شعوراً أخوياً يجعل من هذا الهدف عندهم غاية فوق كل غاية وقد نوهنا الى ذلك سابقا .
ومن الواضح ان الرأسمالية وهي فكر مادي محض في بناهُ التحتية والعليا لا يصلح لمثل هذه المهمة الضخمة إنسانياً وفكرياً وأخلاقياً.
نظرة واحدة إلى اتفاقات الدول السرية وطبيعة التدخل الغربي فيها يبرهن أن أبعد الناس عن القيادة العالمية ذات السمة الأخلاقية هو النظام الرأسمالي وقادته بل أن برامجه الحالية والبعيدة المدى، وضعت أصلاً في قائمتها تأجيج الحروب المحلية ومشاكل الحدود وتفتيت العالم وتقسيم قومياته وشحن العداوات بين شعوبه، وخلق مناطق للتوتر- ومعلوم أن هذا يحتاج إلى تمويه وكذب وتزييف للحقائق كما يحتاج إلى مؤسسات خاصة وميزانيات عالية للنفقات! فهل يصلح نظام يدفع أموالاً ضخمة للتحريف والكذب في قيادة العالم؟؟.
فإذا كان جوهر الفكرة هو ظهور قيادة عالمية تحكم العالم بالعدل وتقيم القانون وتخلص البشرية من ويلات الحروب والمجاعات، فإن هذا الهدف كان ولا يزال من أهداف المصلحين والساسة والحكماء والفلاسفة في مختلف العصور بل هو اليوم في العالم المتحضر أظهر منه في أي وقت مضى، كما سنرى، فهل تحول ساسة الغرب إلى رجال دين غيبيين أيضاً؟ كلا وإنما هو الشعور العام بضرورة الحكومة العالمية.
إن المهدوية تظهر في الديانة اليهودية من خلال التبشير (بالمسيح اليهودي) وعند العالم المسيحي بالمسيح نفسه عيسى بن مريم (ع)، وعند المسلمين بالمهدي المنتظر الذي يعاونه المسيح (ع). وتظهر المهدوية أيضاً في الديانات الهندوسية والبوذية وعند الحكماء والفلاسفة القدامى والمحدثين، مثل أفلاطون في الجمهورية والفارابي في [المدينة الفاضلة] و [الملة الفاضلة]، والفيلسوف الإنجليزي توماس مور في [يوتوبيا] أو جزيرة طوبي، وأمثال هذه المدن الفاضلة والجمهوريات المثالية لا حصر لها فهناك [إتلانتا الجديدة] لفرنسيس بيكون و [المدينة المسيحية] ليوهان، [ومدينة الشمس] لتوماز كامبلا وجزيرة كونفيسشيوس لحكيم الصين وغيرها. والأسماء التي وضعوها لهذه الملة أو المدينة ليست خيالية تماماً، بل قائمة على تصورات يؤيدها العلم والدين والآثار كما سوف نبرهن عليه بإذن الله تعالى.
ويختلف اسم القائد الملهم الذي يقود هذه المدن عند الجميع، فهو عند توماس مور (يوتوبوس العظيم)، واسمه مشتق من الجزيرة (يوتوبيا). ومعلوم أن (طوبي) مرحلة تطورية ذكرت في القرآن كونها عاقبة للصالحين من الناس.وقلما نجد أحداً من الحكماء على مرّ التاريخ لم يحاول تخيل المجتمع المثالي الذي يقوده رجل عظيم ومثالي حكيم. ولا يختلف المعاصرون بشيء من ذلك، فقد اقترح الطبيب كارل من فرنسا في عصر الذرة - أخذ نخبة من التلاميذ الأذكياء جداً لتعليمهم أنواع مختلفة من العلوم وحرمانهم من اللهو والعبث ليظهر منهم في الأقل شخص واحد يتقن جميع العلوم قادر على قيادة العالم/ [من كتاب الإنسان ذلك المجهول].
والحق أن هذا لا يختلف بشيء من حيث هو مقترح عما يبشر به النصارى من عودة المسيح (ع) روح الله الجامع لكل العلوم أو ما يبشر به المسلمون من ظهور المهدي الذي ورث من جدة علوم الأولين والآخرين، سوى ان الطبيب مستعجل في العثور على القائد. إن هذا يدل على حاجة البشر الماسة إلى دولة عالمية وحكومة مثالية.
وشارك برتراند راسل في تأسيس الأمم المتحدة وطالب أن يكون للمنظمة جيش قوي بل أقوى جيش في العالم- من أجل تحقيق أدنى قدر من الحكومة العالمية.
ولم يتوقف الأمر على ذلك، فأعداء الديانات التقليديين يتفقون مع الآخرين في ضرورة الحكومة العالمية، فذهب كارل ماركس شوطاً بعيداً في الغيبيات والميتافيزيقية التي أعلن الحرب والبراءة منها- حين أعلن من جهة أخرى أن الطور الاشتراكي أمر مؤقت زائل تحل محله الشيوعية بفضل قيادة مخلصة وواعية، ولم يكتف بالسير على نفس أسلوب التبشير الذي أعتمده الأنبياء، بل زعم أن الناس لشدة ولعهم بالفضائل في مرحلة الشيوعية فإنهم لن يحتاجوا إلى المال ولا المؤسسات الرأسمالية، بل يصل بهم الحال إلى الاستغناء عن القيادة أصلاً- فتذوب الحكومة من تلقاء نفسها..!!.
فأنت ترى أن هذا التصور أبعد بكثير مما سوف يحدث وفق البشارة الدينية على يد المهدي والمسيح (ع)، بل هو عكسه تماماً، فحكومة المهدي وفق المفهوم الديني تترسخ ولا تضعف، ولم يدع أحد أنه سيلغي التعامل بالأوراق النقدية أو يلغي المؤسسات الرسمية! بل يصنع مجتمعاً فاضلاً يسوده العدل، ليس هو الذي سيضعه، بل المجتمع نفسه حينما يصل إلى مرحلة متقدمة من الوعي الديني والفكري- فالعدل عند أهل الدين نتاج صحة الفكر- وليس نتاج صحة التوزيع للثروة بالقوة كما هو عند ماركس! فكيف تقود عدالة التوزيع إلى تطور فكري يوصل إلى المجتمع الأفضل.. فهذا بمفرده كاف للتدليل على تخليط الرجل وقلبه للموازين وجعله الأشياء كلها معكوسة!.
ومع ذلك لم اسمع من [الأساتذة] الناقدين- ولو تلميحاً إلى إغراق ماركس في الغيبيات والميتافيزيقية، بل السوفسطائية المضحكة، وشنوا حربهم الإعلامية ضد المهدوية الدينية، وكان على هؤلاء بدلاً من ذلك أن يأخذوا كتاباً في علامات ظهور المهدي (ع) الاجتماعية ليتعرفوا على الواقع الاجتماعي الذي يحدث فيه الظهور، بدلاً من أن يجعلوا لنا الحجة في اتهامهم بالجهل المطبق في قضية المهدوية.
وزعم آخرون أن المهدوية أو فكرة وجود منقذ هي رد فعل على الأوضاع الفاسدة التي تسود المجتمعات الإنسانية، غرضها بعث الأمل في النفوس وقتل اليأس في أرواح الناس، فهذا تخليط آخر وتضليل غريب وجمع للمتناقضات في آن واحد فلربَّ سائل يسأل هل الناس على هذا المفهوم يائسون وقانطون أم متفائلون مستبشرون؟ وهل هؤلاء هم أنفسهم أم أهل اليأس قوم وأهل التفاؤل آخرون، وإن كانوا أنفسهم فهل كان اليأس أولاً أم التفاؤل؟.
باختصار شديد إذا كانوا هم أنفسهم، فلا يصدق التبرير الأول لأن الإنسان الفرد إما بأن يوصف بأنه يائس أو متفائل، وان كانوا غيرهم فهذا موضوعنا ولا موضوع للزاعمين.
وقال آخرون: إن المهدوية أو فكرة المنقذ هي فكرة من صنع خيال بني الإنسان لإسكات روح المعارضة للأنظمة الفاسدة وقتل روح العمل والإصلاح!، فهذا القول كما ترى عكس الأول ولنفس المتحذلقين، والذين لم يقرءوا بكل تأكيد كتاباً واحداً من كتب الأديان الثلاثة بشأن القائد الموعود.
ولو قرءوا شيئاً يسيراً لمدة ساعتين فقط فإنها تكفي ليفهموا أمراً واضحاً لا مراء فيه وهو أن المنقذ لن يأت أبداً ما لم يمهد لظهوره بالعمل والإصلاح... فكيف خالف هؤلاء رأي علماء الاجتماع من أن المجتمع الإنساني متطور بطبعه يسعى دوماً لما هو أفضل؟ وكيف لم يقولوا هذه المقالة لماركس؟ وكيف زعموا أن الفكر المادي واقعي - وهو غارق إلى أذنيه في الخيالات، ووصموا الفكر الديني الذي هو الواقعية بعينها- وصمّوه بالطوباوية والصفات الخيالية؟ نعم إن للدين عالماً مستقبلياً واقعياً ولكنه للأسف قد شوه تشويهاً كبيراً. إن للدين عالماً آخر يؤمن به هو عالم الغيب، ولكن المهدوية هي طور دنيوي سوف ترى في الكتاب ان القرآن استخدم المصطلحات الدنيوية والواقعية بشأن المهدوية واستخدم الإيمان بالغيب لوصف الآخرة التي هي المقصود من الغيب- الآخرة التي بعد القيامة. فثمة آخرة للحياة وثمة آخرة للكون كله.
ولكن هؤلاء معذورون- فقد أكبوا على قراءة رأس المال و(ما العمل) وحفظوا فقرات مطولة منها- لكنهم رغم (إسلامهم) لم يتمعنوا بقراءة واحدة كاملة لكتاب الله!! فكيف سمح هؤلاء لأنفسهم بمهاجمة الفكرة المهدوية في الدين- وحكومته العالمية الموعودة- ولم يفعلوا نفس الشيء في ما يطالب به قادة ومصلحون في الغرب من تأسيس حكومة عالمية؟.
إن أسوأ حالات الاستلاب الفكري هي حينما تنعدم ثقة الطليعة من الأمة بتراثها وفكرها الديني لدرجة مضحكة مثل هذه، فكل ما يأتي من هناك يصدقوه ويجلوه وكل ما يخرج من تراثهم وعقيدتهم يعرضوا عنه ويستصغروه، فأكرم بهم من طليعة مثقفة!!.
ومن المعلوم أن دعوات الغرب هذه- أكثرها إن لم تكن جميعها ليست تدعوا للحكومة العالمية العادلة بحق- وإنما تدعو دعوة سياسية واقتصادية- لترسيخ هيمنة الغرب الرأسمالي وحكومة استلاب عالمي مستغلة هذا الشعور الإنساني العارم بمثل هذه الضرورة البشرية.
إن رغبة البشر قوية جداً في الحصول على حكومة عالمية وتظهر هذه الرغبة الآن جلية في عالمنا المعاصر بمحاولة الدولة النامية خاصة بدعم المؤسسات الدولية مثل منظمة العفو الدولية ومحكمة العدل الدولية والسلم العالمي ومنظمة الأمم المتحدة- ويزداد التأكيد من قبل شعوب وحكومات المجتمع الإنساني على مبادئ معينة بسبب الذعر من الحروب وعمليات الغزو الاقتصادي والسياسي واحتمال التدهور والخوف من وقوع ما ليس في الحسبان، مثل مبادئ
(التعاون الاقتصادي) و(عدم التدخل) و(التعايش السلمي) و(الحد من الأسلحة) ودعم صناديق كثيرة دولية الاتجاه كالصندوق الدولي وصندوق التنمية- ومحاولة التقارب بالأسواق المشتركة- بل والمطالبة بنظام اقتصادي عالمي- ليشكل ركيزة من ركائز السلم في العالم والعيش المتكافئ...
هذه المصطلحات والأفكار والمبادئ والمؤسسات بمفردها. وكثرة الحديث عنها يكفي للتنويه عن الأهمية البالغة التي يشعر بها سكان المعمورة للحكومة العالمية.
إن الشعور العام لدى الشعوب والحكومات- هو الترحيب بـ(نظام اقتصادي عالمي) و(جيش عالمي)، ولكنها في نفس الوقت تشك إن كان للمترفين والمتحكمين بهذه النظم أي التزام أخلاقي. إن تأكيد الإعلام الغربي على الجانب الأخلاقي في نشراتها الإخبارية وتعليقاتها إنما يظهر بجلاء طعن شعوب العالم في مصداقية النظام الرأسمالي في قيادة العالم وتحقيق العدل، وذلك بعد أن تحدث البعض عن أحلام مثل أن يتمكن زعيم أخلاقي بالفوز بالانتخابات الأمريكية فيكون هو القائد العالمي الذي انتظرته البشرية طويلاً..! فبإمكانه إذا خلصت النوايا توسيع دائرة تلك المنظمات الدولية وتقويتها تمهيداً لجعل العالم عائلة واحدة تنعم بالرخاء.
إن إلقاء نظرة واحدة فاحصة إلى واقع النظام الغربي تبين مدى بعد هذا الاحتمال عن التحقق في أرض الواقع، وهو أمر لا يأمل الغربيون أنفسهم بتحقيقه وفق الهيمنة المطلقة لعبيد المال على الانتخابات.
إن المهدوية بمفهومها العام تمثل حاجة حقيقية وواقعية ولا يشك أحد في تحقيقها يوما ما- وهو يرى ويعيش الآم البشرية وهدر ثروتها- وإن جرى التعبير عنها بصيغ مختلفة- ولا يوجد أي مبرر فلسفي أو علمي لرفضها- بل على العكس من ذلك تتوافر كل المبررات لتحقيقها- وهو ما صرح به كل مختص يعيش هموم المجتمع الإنساني في قرارة نفسه، بل أن رفضها ومحاربتها هو رفض ومحاربة لآمال البشرية وجهدها المثابر في الوصول إلى مجتمع عالمي يسوده العدل. ومن أجل ذلك لا يتمكن حتى عبيد المال ورؤوس الاستغلال في الغرب من رفضها- لوعي تلك الشعوب لأهميتها فحاولوا ويحاولون إعطائها صبغة أوروبية أو مسيحية واصمين شعوب العالم كلها وبالأخص المسلمين بالوثنية جامعين في عين الوقت بين مفهومها الديني المسيحي واليهودي ومفهومها الغربي المادي- ومن أجل استغلال هذه العقيدة لتحقيق الهيمنة المطلقة على العالم... عسكرياً واقتصادياً- مشوهين ومحرفين حقائق في العهد القديم وفي الإنجيل تبشّر بالقائد الموعود وتضع له علامات كونية وسياسية كما سنرى في البحوث اللاحقة.
ويكمن الخطر المحدق بنا الآن في هذه القضية بالذات.. فالصراع بين المهدي (ع) الموعود والمسيح (ع) من جهة وبين القوى الكافرة من جهة أخرى يأخذ شكلاً عقائدياً وفكرياً محضاً في تراث الأديان الثلاثة.. ويريد الغرب الآن أن يحول شكل هذا الصراع إلى صراع مذهبي وقومي وجغرافي كما هي عادتهم في التحريف.
إن هذاالبحث ليس مخصصاً للمسلمين خاصة بل هو للمسلمين عامة بمعنى أنه لجميع المؤمنين بشرائع الأنبياء السابقين بغير ما تحريف وهم أمة عظيمة كثيرة العدد- ليبرهن لهم فيه ان أعداء القائد الموعود ليسوا شعباً بعينه ولا أمة بعينها ولا أصحاب دين معين بعينه- إن أعداءه هم المنحرفون الذين يعبدون غير الله من كل دين وملة ومكان وأن أعوانه هم الذين أسلموا لله من كل ملة ودين ومكان فهو قائد عالمي يؤمن بجميع الأنبياء والرسل (ع) ولا بفرق بين أحد منهم ويقيم جميع ما أنزل إذ ليس فيما انزل الله شيء يناقض بعضه بعضاً، وإن عليهم أن لا يكونوا ضحية الإعلام الغربي والمضلل فيهلكوا.. فنحن لا نقول أن المهدي (ع) يهلك اليهود أو ينتقم من النصارى.. بل نقول أنه يهلك كل من لا يعبد الله أو اتخذ من دونه وثناً أو هوى أو مالاً أو أحباراً أو رهباناً أو رجال دين أو أصناماً ظاهرة أو أصناماً خفية أو طواغيت ينفذ أوامرهم ويدين بشرائعهم ولو كان من الأمة المحمدية.. بل يبدأ بهذه الأمة فيطهرها ويوضح الاختلاف الذي فيها ويبين ما اندرس من معالمها.. لا يفرق بين إنسان وآخر الاّ بما اعتقده- وهذه هي صفته في التوراة والإنجيل..!.
فكيف رضي هؤلاء بترك الكتب المنزلة وقنعوا بما يبثه لهم الإعلام الغربي عبر شاشة التلفزيون بالكنيسة المرئية..! هاهو الإعلام قد جلب لهم الكنيسة إلى بيوتهم ويشرح لهم الإنجيل والتوراة وبشارتهما بالقائد الموعود على النحو الذي يريده فأعداء القائد في هذا الإعلام هم (المحمديون)- والعرب!.
والقائد الموعود سوف يقضي على المسلمين والعرب! نعم إن القائد سيقضي على طغاة العرب ولكنه أيضاً يقضي على طغاة أوروبا! فليكن لهؤلاء عقول يفكرون بها- فالقائد الذي بشرّ به الأنبياء جميعاً ليس قومياً ولا يهودياً ولا نصرانياً ولا هو من الأرض الجديدة ولا من أرض الميعاد! أنه رجل أسلم وجه لله مثل جميع الأنبياء ويضرب الخلق جميعاً حتى يسلموا وجوههم لله وحده!.
إن قضية التوحيد هي قضية الخلق والوجود وهي قضية جميع الأنبياء وجميع الكتب بل هي قضية السياسة والحروب والصراعات.
إن مشكلة البشرية كما اشرنا اليها في كتاباتنا السابقة التي يبحث زعماء العالم عن حل لها ليست في الثروات التي في الأرض وهي تكفي لإضعاف هذا العدد من البشر، وليست في التقدم العلمي وقد بلغ أشواطاً عظيمة- إنما هي في القيادة العالمية ذات العقيدة الراسخة والفكر الأخلاقي الذي يتمكن من تقسيم هذه الثروات بشكل عادل ولا يفرق بين الأمم والشعوب إلا بمقدار إيمانهم بهذا الفكر.
ولن يتحقق ذلك إلا بتصور منهجي وعقيدة أخلاقية لها مبدأ موحد للناس منبثق من الطبيعة البشرية وملائم لفطرتها السليمة يلتزم به الجميع ويؤمنون به إيماناً حقيقياً ويشعرون به شعوراً أخوياً يجعل من هذا الهدف عندهم غاية فوق كل غاية وقد نوهنا الى ذلك سابقا .
ومن الواضح ان الرأسمالية وهي فكر مادي محض في بناهُ التحتية والعليا لا يصلح لمثل هذه المهمة الضخمة إنسانياً وفكرياً وأخلاقياً.
نظرة واحدة إلى اتفاقات الدول السرية وطبيعة التدخل الغربي فيها يبرهن أن أبعد الناس عن القيادة العالمية ذات السمة الأخلاقية هو النظام الرأسمالي وقادته بل أن برامجه الحالية والبعيدة المدى، وضعت أصلاً في قائمتها تأجيج الحروب المحلية ومشاكل الحدود وتفتيت العالم وتقسيم قومياته وشحن العداوات بين شعوبه، وخلق مناطق للتوتر- ومعلوم أن هذا يحتاج إلى تمويه وكذب وتزييف للحقائق كما يحتاج إلى مؤسسات خاصة وميزانيات عالية للنفقات! فهل يصلح نظام يدفع أموالاً ضخمة للتحريف والكذب في قيادة العالم؟؟.