المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دليل العلاقات الإجتماعية في القرآن ((- أوّلاً: دليل الأسرة))


شجر الاراك
02-11-2011, 10:40 PM
http://www.alblagh.com/watermark/show.php?path=../images/texes/117011.jpg
- أوّلاً: دليل الأسرة:
1- تكوين الأُسرة:
قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا) (الفرقان/ 54).
التطبيق الحياتي: خلق الله تعالى من التقاء نطفة الرجل وبويضة المرأة إنساناً، وجعل من هذا الإنسان صنفين: الذكر والأنثى، وجعل الذكر سبباً لـ (النسب)، وهو القرابة التي تكون بين الناس مع بعض.
وجعل من الأنثى سبباً لـ(المُصاهرة)، وهي الإرتباط الذي يُقام بين طائفتين عن هذا الطريق، مثل إرتباط الإنسان بأقرباء زوجته، فهناك (نسب)، وهناك (سبب).
2- الزواج:
قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (الأعراف/ 189).
التطبيق الحياتي: غاية الزواج السكن النفسي، وإنجاب الذرِّية الصالحة، ولذلك اشترط الإسلام إختيار المرأة الصالحة لضمان الذرِّية الصالحة.
قال تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ...) (النور/ 26)، لا على نحو الجزميّة، بل على نحو الإختيار والتناسب.
وقال سبحانه: (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (النور/ 3).
ولأنّ الإسلام يريد لبناء بيت الزوجية أن يدوم ويستمر، لم يترك العلاقة رهن التحكّم الذوقي بين الزوج وزوجته، بل تدخّلت يد اللطف الإلهي تضيف إلى البناء لبنات (المودّة) و(الرحمة) لئلاّ ينهار البناء أمام أوّل عاصفة، فقال عزّوجلّ: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم/ 21).
أمّا تنظيم هذه العلاقة الإنسانية وتحديد حقوق الزوجة على الزوج، فتُبيِّنها الآيات التالية:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا * وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) (النساء/ 19-21).
التطبيق الحياتي: إذا كانت (المودّة) و(الرحمة) هي الوجه الروحي للعلاقة الزوجية، فالإلتزامات المالية، هي الجانب المادي منها، فلا يكن ضعف المرأة سبباً لحرمانها من حقِّها المشروع، ولا مبرِّراً لإضطهادها في ما فرضه الله لها، أي لابدّ من أن تعيش أمناً إجتماعياً وإقتصادياً من خلال إرتباطها بشريك حياتها.
إنّ كلمات (كَرْهاً) و(لا تعضلوهنّ) و(أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) يختصرها قول (وعاشِروهنّ بالمعروف) بما يعنيه المعروف من إحترام مشاعر المرأة وعواطفها وشخصيّتها المستقلّة وتفكيرها وإرادتها.
إنّ ما حفظ للحياة الزوجية كيانها هو: (المودّة) و(الرحمة) و(المعاشرة بالمعروف)، لما لهذه القيم الإنسانية من قدرة على إيجاد التفاعل الإجتماعي بين الزوجين: حباً، وتفاهماً، وتعاوناً وإنسجاماً: (.. وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ...) (البقرة/ 228).
ومن هنا فقد لخّص المشرِّع الإسلامي بناء العلاقة الزوجية على (الإمساك بمعروف) أو إنهائها على (التسريح بإحسان)، فكما كانت البداية طيِّبة، لابدّ أن تكون النهاية رفيقة، وهذا هو البُعد الإنساني للحياة الزوجية التي ما بُني في الإسلام بناءٌ مثلها.
أ‌) القوامة:
قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ...) (النساء/ 34).
التطبيق الحياتي: القوامة: القيام بأمر الغير في ما تحتاجه الحياة الزوجية من شؤون الإدارة والرعاية.
إنّ ترجيح بعض خصائص الزوجين على خصائص الآخر ليس ميزة أو تمايزاً بمعنى الأفضليّة، وإنّما هو إعداد كلّ زوج ليقوم بالدور المُعدّ له، فزوِّد بخصائص تُناسب هذا الدور ليس إلا، ولذك فالقوامة لا تعني (السِّيادة) و(السيطرة) ولا إلغاء شخصيّة المرأة، ولا إعتبارها تابعاً ذليلاً.
إنّ على الزوج أن يكفل لزوجته النّفقة في المعروف بحسب إمكاناته وبحسب ما تقتضيه حاجاتها، وما عدا الحقّ الجنسي، فلكلٍّ حرِّيته في أعماله وإهتماماته ومواهبه، وليس للرجل أن يفرض على زوجته القيام بإدارة البيت الزوجي إلاّ ضمن شرط بينهما، بل حتى حضانة الأولاد ورعايتهم هي من مسؤولية الزوج لا الزوجة، ولها الحق في أن تطلب أجراً على ذلك إحتراماً لعملها وقيمتها الإنسانية.
من ذلك نفهم أنّ العلاقة الزوجية علاقة روحية متحرِّكة على أساس إنساني: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُم وأَنْتُم لِبَاسٌ لَهُنَّ) (البقرة/ 187). وأنّ الرجل والمرأة سواء في التقويم من حيث المسؤولية وتوزيع الأدوار، أمّا إمتياز الرجل في قوله تعالى: (وللرِّجال عَلَيْهِنَّ دَرَجَة) (البقرة/ 228)، فهي القوامة التي شُرِّعت لتكون تنظيماً لقانون الأسرة.
ب‌) التعدّد (تعدّد الزوجات):
قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا) (النساء/ 3).
التطبيق الحياتي: كلّ حكم شرعي يُقيّم على أساس المصالح والمفاسد، والمضارّ والمنافع، فإذا غلبت المصلحة والمنفعة دخل الحكم في دائرة الحلِّيّة، فالأسباب الموجبة لتشريع تعدد الزوجات – كحالة إستثنائية – منطلقة من تقدير لحاجات حياتيّة، هي:
1- تثبت الإحصائيات بأنّ عدد النساء يفوق عدد الرجال طبيعياً، ممّا يجعل قسماً من النساء لا يملك فرص الزواج في حالات الوحدة.
2- الحروب تفني الرجال بأعداد كبيرة أكثر ممّا تفنيه من النساء، ممّا يجعل الحرب سبباً من أسباب مشكلة الوحدة، والتعدّد حلاً من حلولها.
3- حالة العقم التي تكون لدى الزوجة في الوقت الذي يشعر فيه الرجل بالحاجة إلى الأبوّة، ولا يريد الإنفصال عن زوجته لوجود الإنسجام بينهما.
أمّا لماذا التعدّد للرجل دون المرأة؛ فلأنّ المرأة لو كان لها زوجان أو أكثر من ذلك، لم يُعرَف الولد لمَنْ هو، إذهم مشتركون في نكاحها، وفي ذلك فساد الإنسان والمواريث والمعارف.
إنّ تأريخ الرجل والمرأة هو تأريخ تعدّد في العلاقات الجنسيّة سواء في العلاقات الشرعية أو غير الشرعية، أمّا تعدّد الأزواج للمرأة فهو حالة شاذّة تأريخياً. والمرأة بطبعها ميّالة إلى العلاقة الموحِّدة لا العلاقات المتعدِّدة.
4- التشريع تشريع رخصة لا تشريع إلزام، فكلّ رجل وما سمحت له ظروفه، وكلّ رجل وما التزم بشرط أو قيد العدالة في الإنفاق.
- العلاقات غير الشرعية:
قال تعالى: (.. مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ...) (المائدة/ 5).
وقال عزّوجلّ: (.. مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ...) (النساء/ 25).
التطبيق الحياتي: القناة الشرعية للعلاقة بين الجنسين هي العلاقة الزوجية المحلّلة التي ترتكز على العفّة في الإقتران، فلا زنا (علاقة زانٍ بزانية) ولا إتِّخاذ (الأخدان) أو ما يُعرف برفيق الفراش، أو الصديق الذكر بالنسبة للأنثى، والصديقة الأنثى بالنسبة للذكر، حيث يستمتع بعضهما ببعض جنسياً، بعيداً عن الإرتباط الزوجي، ممّا يعرِّفه البعض بـ(الزِّنا السرِّي).
إنّ تشريع التعدّد – الذي سبقت الإشارة إليه – هو الحلّ الأمثل لمشكلتي الزِّنا والعلاقات غير الشرعية، بل والمشكلة المثليّة الجنسية أيضاً، إلا بالنسبة لمَن هو مولع بالشّذوذ الجنسي، وإرتكاب المعاصي، فهو ممّن في قلبه مرض.
ت‌) العزوبة:
قال تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ...) (النور/ 33).
التطبيق الحياتي: الذين يعيشون ظروفاً صعبة لا تُمكِّنهم من الزواج، مطالبون بالعفّة حتى انفراج الأزمة، إنّها معاناة نفسيّة شاقة تحتاج إلى ممارسة نوع من الصوم والصبر الذي يُحقِّق الغنى الروحي والمناعة النفسية ضد الإنحراف الجنسي الذي قد يُروي الشهوة ويُشبع الغريزة، لكنّه يُسبِّب ضعفاً أو نقصاً في المناعة: (.. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ...) (الطلاق/ 2-3).
جاء في الحديث عن النبي (ص): "مَن استطاعَ منكُم الباءة فليتزوّج، ومَن لم يجد فالصوم له وجاء"، أي حرز وحصن ووقاية.
وينبغي التنبيه إلى أنّ الصبر على الجوع أشدّ من الصبر على ممارسة الجنس، فالجنس وإن كان كالجوع غريزة، لكنّه ينفعل بالخيال وبالإثارة الذهنية أكثر.
ج‌) النّشوز:
قال تعالى: (... وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا...) (النساء/ 34).
التطبيق الحياتي: النشوز: العصيان، والإستكبار، والإرتفاع على الزّوج، وقيل: هو بغضها لزوجها وترفّعها عن طاعته.
هذه وصفة علاجيّة لمشكلة المرأة المتمرِّدة على زوجها في حقوقه الشرعية اللازمة عليها بما نصّ عليه عقد الزواج.
فيجب الإستفادة من الطّرق النفسية والتوعية الثقافية، وتنبيه المرأة عقلياً وعاطفياً، واللجوء إلى الموعظة قبل كلّ شيء في تذكير المرأة وإرشادها إلى الموقف الصحيح.
أمّا في حال نشوز الزوجين، أي في حالة الشِّقاق أو النِّزاع المشترك، فالحلّ يختلف، يقول تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا...) (النساء/ 35).
التطبيق الحياتي: الأسلوب هنا في المعالجة هو (مجلس التحكيم العائلي)، باختيار شخص أو أكثر من أهل الزوج، مُطّلع على ظروفه النفسية والعائلية والإجتماعية، وإختيار شخص أو أكثر من أهل الزوجة، بنفس المواصفات، ليدرسا المشكلة من جميع جوانبها، ويتداولا إمكانيات الحلّ، ومحاولة التوفيق وإرجاع الحياة إلى مجاريها، لأنّ الطرفين المباشرين قد يكونان في حالة إحتدام نفسي لا تجعلهما يُفكِّران بعقلٍ بارد، الأمر الذي يجعل الحكمين في هدوء نفسي وعقلي أكبر لمناقشة ومعالجة المشكلة.
ح‌) الطلاق:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) (الطلاق/ 1).
التطبيق الحياتي: عندما يضيق الزوجان ذرعاً ببعضهما، وتفشل طرق الإصلاح بينهما، لكون المنفذ الوحيد للخروج من الأزمة هو الطلاق، فهو حل أيضاً، ولكنّه يأتي في تسلسل الحلول آخرها، أي بعد أن تُستنفد جميع الوسائل، وهذا يعني أنّ تفاقم المشاكل وتعقّدها قد وصل حدّاً لا مجال لتفادي الخطورة فيه إلا بالمخرج الأخير وهو الطلاق، على طريقة آخر الدواء الكيّ.
إنّ موانع الإستمرار بمشروع الزواج كثيرة، وغالباً ما يكون الطرفان سبباً في العلاقة مرحلة قطع العلاقة، وقد يسيء أحد الطرفين لعلاقته بالآخر فلا يجد هذا بدّاً إلا فصم العلاقة، ولذلك قيل: لا تكفي (الكفاءة الشرعية) في الزواج، بل لابدّ أيضاً من توفّر (الكفاءة الفرعية)، أي التماثل والتشابه في الأمور الأخرى بين الطرفين.
أمّا عدّة الطلاق، فلحفظ النسل، واتِّضاح وضع المرأة من حيث الحمل وعدمه، وتوفير فرصة جيِّدة للرجوع عن الطلاق والعودة إلى الحياة الأولى، ولكي تندمل الجروح النفسية التي خلّفها الطلاق، وحتى تكون لدى المُطلّق أو المطلّقة فرصة مراجعة الأخطاء وعدم التسرّع في الإقدام على زواجٍ آخر، كما قد يكون التسرّع سبباً في فسخ الزواج الأوّل، ولذلك كان عليها أن تنظر ثلاثة قروء (حيضتان) حتى يجوز لها الزواج.
وبالنسبة لعدّة المتوفّى عنها زوجها فأربعة أشهر وعشرة أيّام، لبعض الأسباب المتقدِّمة وإحتراماً لفترة العشرة الزوجية.
قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (البقرة/ 234).
3- الأولاد والبنات:
قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) (الإسراء/ 31).
التطبيق الحياتي: كان الأولاد يُقتلون في الجاهلية خوف الفقر وخاصّة صاحب العيال الكثيرين الذي يحسب أنّ أي مولود إضافي يُشكِّل عبئاً مالياً إضافياً، ويجري قتل الأولاد اليوم عن طريق الإجهاض إستغناءً عن ولد إضافي يُضاف إلى حزمة الأولاد، أو تخلّصاً من عار وفضيحة كما بالنسبة لإبن السِّفاح (اللّقيط) ولد الزِّنا.
والحال أنّ الحياة والأولاد هبة الله ولا يجوز قتلهما؛ لأنّ قتلهما جريمة لا تُغتفَر، فالله لم يخلق مخلوقاً إلا وتكفّل برزقه، فما هي إلا تخويفات شيطانيّة من الفقر.
أمّا تنظيم النسل، فيرى بعض الفقهاء أنّ أساليب منع الحمل ليست قتلاً للحياة، بل منعاً لها من أن تتحقّق، ويرى أنّ جواز التنظيم ينطلق من متطلّبات مرحلة تقتضي التقنين وهو حالة طارئة وليس حكماً شرعياً.
هذا في قتل الأولاد الذكور والإناث مخافة الفقر، وأمّا في قتل الأولاد والإناث مخافة العار، فيقول عزّوجلّ: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) (النحل/ 58-59).
التطبيق الحياتي: حالة الوأد (قتل البنت أو دفنها وهي حيّة)، تُقابلها اليوم حالة الإجهاض أو إسقاط الجنين بعد نفخ الروح، والفرق أنّ السبب الدافع في السابق هو خوف العار من أن تُسبى البنت ويُنتهك العِرْض، أمّا اليوم فالدّافع التخلّص من رقم إضافي لكمِّ البنات جهلاً بأنّ البنت التي تُقتَل وهي جنين قد تكون أفضل البنين والبنات، وأنّها قد تجلب من الخير ما قد لا يجلبه الذكر.
قال تعالى: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ...) (الأنعام/ 140).
- عداوة بعض الأزواج والأولاد:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التغابن/ 14).
التطبيق الحياتي: الإسلام لا يريد للإنسان أن يسترسل في عواطفه العائلية ويستغرق في مشاعره الأسرية ويغفل عن أنّ أقرب القريبين له قد يكونون أعداءً له، كما كانت زوجة نوح وابنها عدوّين لنوح (ع) في رسالته، فالإستسلام العاطفي للنّسب أو للزوجيّة قد يُسبِّب للإنسان مشاكل هو في غنى عنها، لاسيّما وأنّ العداوة هنا قد لا تكون عنفيّة، وإنّما فكرية أو مواقفيّة، فقد يمنعان الرجل من عمل صالح، إذ لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.
يقول الإمام علي (ع) في العلاقة الإيمانية بين ربِّ الأسرة وأسرته: "لا تجعلنّ أكثر شغلكَ بأهلك وولدك، فإن يكن أهلك وولدكَ أولياء الله، فإنّ الله لا يُضيِّع أولياءه، وإن يكونوا أعداء الله، فما همّك ومشغلك بأعداء الله"؟!.

ابو فائزة
03-11-2011, 12:24 AM
احسنت وموفقة انشاء الله فقط اردت ان اشير الربط بين الايات والتطبيق اتركيه لتفكير القارئ انت فقط اشيري له اشارة واتركي الشرح وفقك الله وكم نحن بحاجة الى امثالك

امير الصمت
03-11-2011, 06:38 AM
شكرا لكم موفقين

نرجس*
03-11-2011, 07:08 PM
http://www.iraq-4ever.com/up/uploads/iraq-4ever13203324921.jpg (http://www.iraq-4ever.com/up/)