المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ((الإمامُ محمدُ الباقرُ/ع/ وحتميّة القيام المهدوي الحق)):تأملٌ معرفي في نص مهدوي:


مرتضى علي الحلي
03-11-2011, 11:08 PM
((الإمامُ محمدُ الباقرُ(عليه السلام) وحَتميَّة القيام المهدوي الحق))
================================
: تأملٍ معرفي في نص مهدوي :
===========================

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
ربّي عجّل لوليك الإمام المهدي(عليه السلام) الفرج وإجعلنا من أنصاره العاملين بين يديه

من المعلوم عقلائيا أنّ المعرفة البشرية نابعةً إما من الوحي الألهي والذي يتجلى بصورة النص الديني القطعي الصدورعن الله تعالى والذي يتلقاه النبي/ص/ كحجة سماوية إعجازية كالقرآن الكريم مثلاً

أو من نصٍ يصدر عن نفس المعصوم/ع/ نبياً كان أو إمام .بصورة السنة القولية اللفظية (تأسيسية كانت أو بيانية)

أومن العقل البشري النظري والذي يدرك بإستقلاليته ما يجب أن يُعلّم كإدراك وجود الله تعالى وتعقله ذهنيا.
إوإداركه لضرورة وجود حجة إلهية على البشر في كل زمان لتقطع العذر على الناس في الإحتجاج على الله تعالى في حال عدم إيجاده لها.

وهذا العقلُ النظري هو الذي عبّرَت عنه الروايات بالحجة الباطنة أو النبي الداخلي وهو مُنحَفظٌ وجودا عند جميع البشر .
فالذي يدرك بعقله أنّ السماء فوقنا أو الكل أكبر من الجزء هو ذاته قادرٌ على إدراك وتعقل ضرورة وجود إمام معصوم ومنصوب إلهيا كحجة على البشر.



أوقد تنبع المعرفة من التجربة البشرية بإعتبارها تُفيد علماً ومعرفةً

أوربما تتولد المعرفة البشرية من نفس الحس البشري ذاته ونموه في إستلهام المعرفة من المحسوسات من حوله.
وكثيرةٌ هي مصادر المعرفة البشرية.
والذي يهُمّنا منها هنا هو (النص الديني + العقل النظري+ التجربة البشرية)

وهذه الثلاثية البنيوية(النص الديني +العقل النظري+ التجربة البشرية)
في هيكلية المعرفة البشرية هي مَنْ تُمثِّل الأساس الميتن والمكين في حقانية ويقينية القضية المهدوية.

إذ إنّ النص الديني القطعي الصدور عن الله عز وجل كالقرآن الكريم قد أسس مفهوميا لضرورة نصب الحجج الألهية على الناس أجمعين من الأنبياء والأوصياء والأئمة /ع/.

وكذلك العقل النظري البشري القويم قد أدرك هو الآخر ضرورة بعثة الأنبياء وضرورة نصب الحجج كالأئمة/ع/.
وأما التجربة البشرية فكان هي بحق الواقع الموضوعي الذي إحتض بعثات الأنبياء والرسل ووصاية الأوصياء وإمامة الأئمة المعصومين/ع/ على مرّ التأريخ المنصرم.

وإحتضنت التجربة البشرية أيضا ولادة الإمام المهدي/ع/ وغيبته الصغرى والكبرى ولازالت مستمرة في طورها الوجودي إلى أن يأذن الله تعالى بالظهور والفرج لإمامنا الموعود المهدي/ع/.

ولاأحد يستطيع إنكار ذلك وجوديا وتأريحيا.

وبهذه الثلاثية البنيوية التي تتقوم بها هيكلية المعرفة البشرية

سوف نتأمل ونتفحص معرفيا في نص ديني شريف صدر عن إمام معصوم مثل الإمام محمد الباقر/ع/
وعن طريقٍ صحيح وموثوق به سنداً ومتنا.

والنص المهدوي هو:كالآتي:

عن أبي حمزة الثمالي ::
(و هو ثابت بن دينار ، الثقة الجليل صاحب التفسير وراوي الدعاء المعروف في أسحار شهر رمضان كان من زهاد أهل الكوفة ومشايخها وكان عربيا أزديا ، خدم علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السلام)
إنظر الكافي/الكليني/ج1/ص34/الهامش.

وقال النجاشي العَالِمُ الرجالي عنه :
(( هو كوفي ، ثقة ، لَقَيَ علي بن الحسين وأبا جعفر(الباقر/ع/) وأبا عبد الله(الصادق/ع/)
وأبا الحسن (الرضا/ع/) عليهم السلام ، وكان من خيار أصحابنا وثقاتهم ومعتمديهم ))
إنظر/رجال النجاشي/ص115.

قال أبو حمزة الثمالي :

كنتُ عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) ذات يوم ، فلما تفرق من كان عنده قال لي /ع /:
يا أبا حمزة ، من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا ،

فمن شك فيما أقولُ لَقيَ اللهَ سبحانه وهو به كافرٌ وله جاحد .
ثم قال/ع/ :
بأبي وأمي المُسمى بإسمي ، والمُكنى بكنيتي
السابع من بعدي
بأبي من يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا .
ثم قال/ع/ :
يا أبا حمزة ، من أدركه فلم يُسلِّم له فما سلَّم لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي ( عليه السلام ) وقد حرّمَ الله عليه الجنة
ومأواه النار وبئس مثوى الظالمين))

إنظر/الغَيبَة/النعماني/ص89.




وأول ما نواجه في هذا النص الشريف هو قول الإمام الباقر/ع/ بشأن حقانية ويقينية الإمام المهدي/ع/ وقضيته.


((يا أبا حمزة ، من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا ،

فمن شك فيما أقولُ لَقيَ اللهَ سبحانه وهو به كافرٌ وله جاحد .))


والمحتوم :
هو القضاء الذي يكون فيه تقدير الله تعالى للأمور مُبرَما وقطعيا لايُرد ولايُبدّل ولا يتغيّر وهو الذي عبّر عنه القرآن الكريم بالسنة الالهية :
((فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا )) اية/43 /سورة فاطر
(( سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً )) الفتح23

وأما السؤال الذي يطرح نفسه هنا :
هو لماذا يجب أن يكون قيام القائم بأمر الله تعالى و بإذنه (الإمام المهدي/ع/) من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله تعالى؟

والجواب:

وذلك لأنّ عدم حتميّة قيام القائم (الإمام المهدي/ع/) سوف يلزم منها المُعَذريَّة والحجيّة للناس في آخر الزمان على الله تعالى في حال تركه للناس من دون حجة منصوبه من قبله عليهم (وحاشاه سبحانه من ذلك ) لأنه هو العزيز الحكيم.

فلذا ركّزَ القرآن الكريم هذه الحقيقة الدينية وهي حتميّة نصب الحجج الألهية أنبياء وأئمة وحتمية قيامهم بأمر الله تعالى في هذه الحياة الدنيا.

فقال الله تعالى:
(( رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً))النساء165

وإذا ما سلّطنا الضوء المعرفي بالثلاثية البنيوية (النص الديني +العقل النظري+ التجربة البشرية)
على هذا النص القرآني القطعي الصدور عن الله تعالى.

بعد ضم قول الإمام الباقر/ع/:إليه معرفيا:

((يا أبا حمزة ، من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا ،

فمن شك فيما أقولُ لَقيَ اللهَ سبحانه وهو به كافرٌ وله جاحد .))



فإننا سنجد أنّ إشعاعات الحقيقة الألهية في نصب الحجج على الناس وجوديا
قد تحققت في الواقع الموضوعي التأريخي وفي صميم التجربة البشرية منذ أن خلق الله تعالى آدم والى يومنا هذا والى يوم يظهر ويقوم قائم آل محمد/ع/.

ولايحق لأحد عقلا أن يقول إنّ هذا النص القرآني الشريف هو خاص ببعثة الأنبياء والرسل ولا يتعدّى بتأسيسه الى ضرورة وجود إمام منصوب إلهيا بعد الرسل؟

والجواب:
إننا إن حصرنا إختصاص نصب الله تعالى للحجج بالأنبياء والرسل فقط وهم قد إنقضى عهدهم ولم ندرك أحدا منهم فكيف تتم حجة الله تعالى علينا وجوديا؟

ولايحق هنا أيضا لأحد أن يعترض ويقول إنّ حجية الله تعالى بنصب النبي قد تبقى بكتابه أو منهجه: كما يعتقد المخالفون لنا بذلك:

فنقول:
نعم إنّ بقاء كتاب النبي أو منهجه هو حجة شرعية علينا بمقدار معين نسبي في قيمته لا أنه الحجة الكاملة مطلقا بحيث نستغني به عن حجية شخص الحجة نفسه

ولذا نبّهنا رسول الله تعالى محمد/ص/ في حديثه الشهير والصحيح الى ضرورة الحاجة الى الكتاب القرآن الكريم والمنهج السنة النبوية الشريفة بنسبة معينة تُساوي مقدار النسبة الثانية في وجود الإمام المعصوم/ع/

وذلك في قوله/ص/:
((إني مُخلّف فيكم الثقلين ، كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منك))

إنظر/الإمالي/الصدوق/ ص616.

وقد سُئِلَ أمير المؤمنين/علي/ع/ عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله :
اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي . من العترة ؟
فقال/ع/ :
أنا والحسن والحسين والأئمة تسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم ،
لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله صلى الله عليه وآله على الحوض

إنظر/شرح الأخبار/ القاضي النعمان المغربي /ج3/ص 350./الهامش/


هذا وإن تزلنا جدلا وفرضا وفرض المحال ليس بمحال كما يُعبّر العقلانيون في فن المعرفة البشرية

وقلنا إنّ النص القرآني أعلاه مختص بنصب الحجج كأنبياء ورسل وحسب:



لكننا سنواجه مشكلة معرفية في نفس النص القرآني ذاته وهي وجود الظرف الزماني (بعد ) في قوله تعالى
((بعد الرسل)).

فكيف وأنّى لنا بتحديده بزمن معينٍ خاص وهو زمن بعثات الأنبياء والرسل وحسب؟؟

والحال هو(أي ظرف:بعد الرسل) مطلق في إمتداده الزمني وجوديا يحتضن في ذاته وجود وبقاء الحجج الألهية الى آخر زمن تكليف الإنسان حياتيا.
لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما

وهذه البعد ية الزمنية الوجود ية في نفس النص القرآني القطعي الصدور هي من تُنَجز وتُثَبِّت المسؤولية العقلية والشرعية بذمتنا أمام الله تعالى بوجوب الإعتقاد بأنه سبحانه قد نصّبَ الحجج أنبياء وأئمة علينا
ومنعاً لنا بحق الإحتجاج عليه سبحانه في حال تركنا من دون حجة قائمة بأمره.



ولذا حتى أنّ الآلوسي في تفسيره ذكر وجهين لإعراب (بعد الرسل): وقال:

وقوله تعالى : ( بعد الرسل ) - أي بعد إرسالهم وتبليغ الشريعة على ألسنتهم – ظرف(زمان) لحجة

وجُوِّزَ أن يكون (بعد الرسل) صفة لها (لحجة) لأن ظرف الزمان يوصف به المصادر(وهو هنا يعني /حجة) كما يخبر به عنها

إنظر/ تفسير الألوسي/الألوسي/ج6/ص19.


وعلى الوجهين الذين ذكرهما الآلوسي في تفسيره يبقى أمر وجود الحجة وضرورة بقائها مُنحفظاً

حتى في(كون /بعد الرسل) ظرفا وزمنا لحجة بعثة الأنبياء وآخرهم خاتمهم نبينا محمد/ص/ إذ أنه من جملة ما بلّغوا به في مضمار العقيدة هو خلافة الإمام المعصوم والمنصوب من الله تعالى بعد إنتهاء بعثة النبي/ص/ .

وخاصة ما بلّغ به نبينا محمد/ص/ في ظرف وزمن وجوده الشريف كحجة على الناس أجمعين بشأن إمامة ألأئمة المعصومين وخاتمهم الإمام المهدي/ع/ وبقائه كحجة إلهية على الناس أجمعين أيضا.


أو في صورة كون (بعد الرسل) وصفا (لحجة) بإعتبار أنّ الوصف هنا جاء لمصدر نكرة وهو (حجة) وأفاد التخصيص :لمفهوم حجة بكونه بعد الرسل.

وبعد أنّ وضحنا شيئا من التلاحم الفهمي والتأسيسي بين النص القرآني القطعي الصدور وأعني الآية الشريفة أعلاه من سورة النساء/165.
وقول الإمام الباقر/ع/:

((يا أبا حمزة ، من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا ،

فمن شك فيما أقولُ لَقيَ اللهَ سبحانه وهو به كافرٌ وله جاحد .))

وبتوسط إدراكيات العقل النظري البشري معرفيا في فهم النص الديني وبعلمنا من الخارج الموضوعي في التأريخ المنصرم وجودا بأنّ الله تعالى قد أرسل الرسل وبعث الأنبياء الى الناس عموما في هذه الحياة.

يتبيّن لنا حتمية وقطعية وجود وقيام الإمام المهدي/ع/ كحجة إلهية حقة في آخر الزمان.
وبحسب ما تُحدده لنا سياقات المعرفة البشرية القويمة في ثلاثيتها البنيوية
(النص الديني+ العقل النظري+ التجربة البشرية)

ومن هنا يأتي تشديد الإمام الباقر/ع/:في قوله:

(( فمن شكَ فيما أقولُ لَقيَ اللهَ سبحانه وهو به كافرٌ وله جاحد .))

وعظيمٌ هذا القول الشريف إذا أنه يجعل حتمية قيام القائم الإمام المهدي/ع/ ضرورة قطعية يقينية لايجوز نكرانها بأي حال لأنّ نكرانها كفر وجحود بنعمة وحكمة الله تعالى في نصبه للحجج على الناس أجمعين.

ومعلومٌ عندنا نحن أتباع المعصومين/ع/ أنّ الإعتقاد بوجود الإمام المهدي/ع/ حيّا بيننا والى يوم ظهوره وفرجه الشريف هو أصلٌ من أصول الدين الأسلامي الخمسة .
وأعني الإمامة المجعولة بعد ختم النبوة الشريفة لنبينا محمد/ص/.







وأما قول الإمام الباقر/ع/ :

((بأبي وأمي المُسمى بإسمي ، والمُكنى بكنيتي
السابع من بعدي ))

فهذا تقديسٌ من معصومٍ لمعصوم /ع/ مثل الإمام المهدي/ع/ والذي يستحق /ع/ أن يُتَفَدى له بكل شيء بإعتباره/ع/ تحمل ويتحمل أعباء وثقل مسؤولية كبيرة تتعلق بمصير البشرية قاطبة في أصلاح حالها وبسط العدل في ربوعها والقضاء على الظلم.

ذلك الإمام محمد المهدي/ع/ والذي أشبه بإسمه الشريف إسم جده محمد الباقر/ع/
وكذا بكنيته الشريفة (أبو جعفر) ولا مانع من أن تتعدد الكنى لشخص عظيم مثل الإمام المهدي/ع/

وفي دلائل الإمامة /للطبري(الشيعي) ص/ : 271
ورد:
(( وكناه(أي والده الإمام الحسن العسكري)/ع/ : أبو القاسم وأبو جعفر وله كنى أحد عشر إماما))


وتلقّبَ الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف بألقاب متعددة وردت لمناسبات عديدة
وهذا شأن الأئمة ( عليهم السلام ) أسوة بجدهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله )

فقد تعددت الأسماء له ( صلى الله عليه وآله ) في القرآن والإنجيل : محمد ( صلى الله عليه وآله ) وأحمد ، طه ، يس ، البشير ، النذير :
وفي الإنجيل : فارقليطا باللغة السريانية ، وبركلوطوس باللغة اليونانية .
إنظر معجم اللغات العالمية /لمجموعة من المؤلفين مادة / م ح م د / .



وأما قول الإمام الباقر/ع/:

((السابعُ من ولدي))

وهذه هي الأخرى مقولة قيمية في تحديد النسب الشريف للإمام المهدي/ع/ وحد ولادته الشريفة
والتي جاءت بتراتبية زمنية تنازلية بدأت من رسول الله /ص/

ومرورا بالأئمة المعصومين/ع/ واحدا تلوا الآخر حتى صارت حقيقة وجودية في الواقع الموضوعي تأريخيا وحاليا .
وهذا الترتيب في تحديد النسب بالعدد تنازليا إنما يُفيد القطع بتحقق الواقع حتماً

ولذا نجد كل إمام سبق الإمام الباقر/ع/ أو من جاء بعده من الأئمة المعصومين/ع/
فضلا عن نفس النبي محمد/ص/ ينص على حقيقة ولادة الإمام المهدي/ع/:

: حيث:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
(( المهدي من ولدي ، اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، أشبه الناس بي خلقا وخلقا ، تكون له غيبة وحيرة حتى تضل الخلق عن أديانهم ، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب ، فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ))
إنظر/التبصرة والإمامة/ابن بابويه القمي/ص 120.

وقال أمير المؤمنين : علي/ع/:في معرض حديثه عن عظمة مسجد الكوفة:

((وليأتين عليه زمان يكون مصلى (المهدي من ولدي )، ومصلى كل مؤمن ، ولا يبقى على الأرض مؤمن إلا كان به أو حن قلبه إليه
فلا تهجروه ، وتقربوا إلى الله عز وجل بالصلاة فيه وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم
فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ولو حبوا على الثلج))
إنظر/من لايحضره الفقيه/الصدوق/ج1/ ص231.





وقال الإمام الحسين بن علي عليهما السلام :

((في التاسع من ولدي سنة من يوسف ، وسنة من موسى بن عمران عليهما السلام وهو قائمنا أهل البيت ، يصلح الله تبارك وتعالى أمره في ليلة واحدة))
إنظر/كمال الدين وتمام النعمة/الصدوق/ص317.


وعن أبي خالد الكابلي :
قال :دخلتُ على علي بن الحسين(الإمام زين العابدين) عليه السلام وهو جالس في محرابه ، فجلستُ حتى انثنى وأقبل علي بوجهه يمسح يده على لحيته
فقلتُ : يا مولاي أخبرني كم يكون الأئمة بعدك ؟


قال : ثمانية . قلتُ : وكيف ذاك ؟

قال/ع/ : لأن الأئمة بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم اثنا عشر عدد الأسباط
ثلاثة من الماضين وأنا الرابع وثمان من ولدي أئمة أبرار
من أحبنا وعمل بأمرنا كان معنا في السنام الأعلى
ومن أبغضنا وردّنا أو ردّ واحدا منا فهو كافر بالله وبآياته))
إنظر/كفاية الأثر/الخزاز القمي/ص273.

ومن ثم تأتي التراتبية أيضا من بعد الإمام الباقر/ع/ ومن طريق الأئمة المعصومين/ع/:

كالآتي:

قال أبو عبد الله(الإمام جعفر الصادق) عليه السلام :

من أقر بالأئمة من آبائي وولدي ، وجحد المهدي من ولدي كان كمن أقر بجميع الأنبياء وجحد محمدا صلى الله عليه وآله
فقلتُ (الراوي) : يا سيدي : ومن المهدي من ولدك ؟
قال : الخامس من ولد السابع (أي هوالخامس بحسب العدد لابحسب سلسلة المعصومين الأثني عشرية)
فيكون هو الخامس من ولد الإمام السابع الكاظم/ع/)
يغيب عنهم شخصه ولا يحل لهم تسميته

إنظر/كمال الدين وتمام النعمة/الصدوق/ص 333 .



وعن يونس بن عبد الرحمن قال :
دخلتُ على موسى بن جعفر(الإمام الكاظم) عليهما السلام فقلتُ له :
يا ابن رسول الله أنت القائم بالحق ؟
فقال :/ع/
أنا القائم بالحق ولكن القائم الذي يُطهّر الأرض من أعداء الله عز وجل ويملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما (هو الخامس من ولدي)
له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه ، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون .

ثم قال /ع/: طوبى لشيعتنا ، المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا ، الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا ،
أولئك منا ونحن منهم ، قد رضوا بنا أئمة ، ورضينا بهم شيعة
فطوبى لهم ، ثم طوبى لهم ، وهم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة

إنظر/كمال الدين وتمام النعمة/الصدوق/ص 361.


وقيل للإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) :

يا ابن رسول الله ومن القائم منكم أهل البيت ؟

قال /ع/ (الرابع من ولدي)
ابن - سيدة الإماء ، يطهر الله به الأرض من كل جور ، ويقدسها من كل ظلم
وهو الذي يشك الناس في ولادته ، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه
، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره ، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا
وهو الذي تطوي له الأرض ولا يكون له ظل
وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول :
ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه ، فإن الحق معه وفيه ،
وهو قول الله عز وجل :

(( إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين))/الشعراء/4.

إنظر/كمال الدين وتمام النعمة/الصدوق/ ص372.



وقال الإمام محمد الجواد(عليه السلام) أيضا:

((إنّ القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته ، ويطاع في ظهوره
( وهو الثالث من ولدي)
والذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة وخصنا بالإمامة
إنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما
وإن الله تبارك وتعالى ليصلح له أمره في ليلة ، كما أصلح أمر كليمه موسى عليه السلام إذ ذهب ليقتبس لأهله نارا فرجع وهو رسول نبي
ثم قال عليه السلام : أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج
إنظر/كمال الدين وتمام النعمة/الصدوق/ص377.

ثم عندما تقترب ولادة الإمام المهدي(عليه السلام) يبدأ الخطاب بحقيقة إقتراب الولادة للإمام المهدي /ع/ يتغيّر بحكم الواقع آنذاك والذي ضغطته ظروف التقية والحياطة الأمنية على شخصية وهوية الإمام الموعود المهدي/ع/
بحيث يقول الإمام علي الهادي(عليه السلام):
مايلي:

((عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال :
سمعتُ أبا الحسن(الإمام علي الهادي) صاحب العسكر عليه السلام يقول :
الخلف من بعدي ابني الحسن(الإمام العسكري) /ع/:
فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟( لاحظ تغيّر الخطاب والجديد هنا)
فقلتُ(الراوي) : ولِمَ جعلني الله فداك ؟
فقال /ع/: لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه
قلتُ (الرواي) : فكيف نذكره ؟
قال/ع/ : قولوا : الحجة من آل محمد صلى الله عليه وآله))
إنظر/كمال الدين وتمام النعمة/الصدوق/ص381.



وأخيرا تتحقق الولادة المباركة لشخص إمامنا المهدي/ع/ وبإخبارمن المعصوم والده الإمام الحسن العسكري(عليه السلام):

فعن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري:قال:
فقلتُ له (للإمام الحسن العسكري/ع/) :
يا ابن رسول الله فمن الامام والخليفة بعدك ؟
فنهض عليه السلام مُسرعا فدخل البيت ،
ثم خرج وعلى عاتقه غلام كان وجهه القمر ليلة البدر من أبناء الثلاث سنين
فقال /ع/:
يا أحمد بن إسحاق لولا كرامتك على الله عز وجل وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا
(الإمام محمد المهدي/ع/)

إنه سمي رسول الله صلى الله عليه وآله وكَنيه(أي المُماثل له في الكنيه)
الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما))
إنظر/كمال الدين وتمام النعمة/ص384.


وهكذا يتوفر النص الديني الشريف في دلالاته اليقينية والعقل النظري البشري القويم في فهوماته السليمة
والواقع الموضوعي (التجربة البشرية) على مرتكزات قوية جدا ومعطيات كبيرة في حقيقة القضية المهدوية وحتمية قيام القائم الإمام المهدي/ع/ في آخر الزمان.

وهذه المرتكزات والمعطيات الحقة المُنبثِقة من الثلاثية البنيوية في ماهية المعرفة البشرية

تُغني المعرفة البشرية بقوة ومزيد إيمان بحقانية وحقيقة وجود الإمام المهدي/ع/

ولاتُبقي مجالاً للشك في قضية الإمام المهدي/ع/ إلاّ لِمَنْ كان سفسطائيا يشكُ حتى في نفسه

وأخيراً نتعرض لبيان ما ختم به الإمام الباقر/ع/ نصه الشريف مع أبي حمزة الثمالي (رضوان الله تعالى عليه):
ثم قال/ع/ :
يا أبا حمزة ، من أدركه فلم يُسلِّم له فما سلَّم لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي ( عليه السلام ) وقد حرّمَ الله عليه الجنة
ومأواه النار وبئس مثوى الظالمين))


وهنا يطرح الإمام محمد الباقر/ع/ ضابطة شرطية تنصُ على أنّ كل من أدرك وقت إمامة الإمام المهدي/ع/ فيجب عليه شرعا التسليم له /ع/ .

وإدراك إمامة الإمام المهدي/ع/ يتحقق بصورة التصديق الفعلي والإذعان النفسي والقلبي بحقانية إمامة الإمام المهدي /ع/ وبوجوب وجوده حيّا الى يوم ظهوره وقيامه/ع/.

وهذه الضابطة الشرطية مثلما لها وجه إيجابي فكذلك يكون لها وجه سلبي يتحقق بصورة عدم التسليم لأمر الإمام المهدي/ع/ في حال إدراكه.

وهذا ما قصده الإمام الباقر/ع/ بقوله:
((من أدركه(أي أدرك الإمام المهدي/ع/) فلم يُسلِّم له فما سلَّم لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي ( عليه السلام ) وقد حرّمَ الله عليه الجنة
ومأواه النار وبئس مثوى الظالمين))

ولأهميّة أمر التسليم للإمام المهدي/ع/ في حال إدراكه من قبل المُكَلَّفين شدد الإمام الباقر /ع/ على خطورة الجانب السلبي في الضابطة الشرطية وهو عدم التسليم لأمر الإمام المهدي/ع/

وربط بينه وبين عدم التسليم لنبينا محمد /ص/ وإمامنا علي/ع/ ورتب أثرا كبيرا على جانب الرفض والإنكار للقضية المهدوية وهو الحرمان من الدخول الى الجنة والتسبب بالدخول الى النار.

أما لماذا هذا الربط بين رفض القضية المهدوية وعدم التسليم للإمام المهدي/ع/ وجعله بمثابة عدم التسليم لنبينا محمد/ص/ ولأمامنا علي/ع/:
وترتيب أثرا خطيرا على ذلك كالحرمان من الجنة والدخول الى النار؟

فهذا ما بيّنه القرآن الكريم في نصوصه الشريفة:
حيث قال الله تعالى:

((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً))النساء65

وهنا:
أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة أن هؤلاء لا يؤمنون حقيقة حتى يجعلوك يا رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)
حكمًا فيما وقع بينهم من نزاع في حياتك ويتحاكموا إلى سنتك بعد مماتك ومن جملة سنة النبي محمد/ص/ هو إخباراته الشريفة بولادة الإمام المهدي/ع/ وإمامته الحقة المنصوص عليها إلهيا.
وهذا يتطلب التسليم به .

ثم لا يجدوا في أنفسهم ضيقًا مما انتهى إليه حكمك في كل شيء
وينقادوا مع ذلك انقيادًا تاماً
فالحكم بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الكتاب والسنة في كل شأن من شؤون الحياة
يجب أن يكون من صميم الإيمان مع الرضا والتسليم الفعلي.

فالنص الشريف من لدن الإمام الباقر/ع/ جعل التسليم للإمام المهدي/ع/ تسليم لنبينا محمد /ص/ ولإمامنا علي/ع/ بإعتبار أنّ الإمامة المعصومة بعد ختم النبوة المحمدية الشريفة بدأت بالإمام علي/ع/ وتنتهي بالإمام المهدي/ع/.

والمطلوب عَقديّّاً هو الإيمان والتسليم بالمعصومين جميعا (النبي/ص/ +الإمام المعصوم/ع/)
((ويُسلّموا تسليما)) وهنا إطلاق في فعل التسليم في كل شيء صدر عن النبي محمد/ص/

فلا تبعيض بالإيمان .
من باب ((َأفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ))
و الإسلام هو التسليم واقعاً
وفي هذا الشأن:

قال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
لأنسبنّ الاسلام نسبة لا ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي إلا بمثل ذلك :
إنّ الاسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين واليقين هو التصديق والتصديق هو الاقرار ، والاقرار هو العمل
، والعمل هو الأداء
إنّ المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكن أتاه من ربه فأخذه
إنّ المؤمن يرى يقينه في عمله
والكافر يرى إنكاره في عمله
فوالذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم
فاعتبروا إنكار الكافرين والمنافقين بأعمالهم الخبيثة.
إنظر/الكافي /الكليني/ج2/ص46.

وإذا كان الإسلام هو التسليم فمن هنا يكون الشخص المعترض على أمر الإمام المهدي/ع/ هو شخصٌ معترض أيضا على نبينا محمد /ص/ وإمامنا علي/ع/ لأنهما قد أخبرا بقضية الإمام المهدي/ع/ وبلّغا بحقانيتها .





وأخيراً إنّ التسليم لأمر الإمام المهدي/ع/ والذي هو واقعا تسليمٌ لنبينا محمد/ص/ وإمامنا علي/ع/
هو تكليفٌ عَقَديٌّ وشرعي في نفس الوقت .
وقد أكّدَ الإمام جعفر الصادق /ع/ على حقيقة التسليم مطلقا لله تعالى أو لرسوله /ص/ أو للأئمة المعصومين/ع/

وأختم برواية:
قال أبو عبد الله( الإمام الصادق عليه السلام) :

لو أنّ قوماً عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان

ثم قالوا لشئ صنعه الله أو صنعه رسول الله صلى الله عليه وآله
ألا صنع خلاف الذي صنع ، أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين
ثم تلا هذه الآية :
(( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ))
ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : عليكم بالتسليم

إنظر/الكافي /الكليني/ج1/ص390.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرتضى علي الحلي/النجف الأشرف.

حبيبة الحسين
05-11-2011, 08:44 PM
مشكورين لهذه الجهود القيمة
والمشاركة الرائعة
بارك الله بكم
لكم مني خالص الاحترام

نووورا انا
18-11-2011, 10:44 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد

بوركتم اخي جعلكم الله من انصار واعوان قائم آل محمد

نووورا انا
18-11-2011, 10:52 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد

بوركتم اخي جعلكم الله من انصار واعوان قائم آل محمد

مرتضى علي الحلي
19-11-2011, 10:13 PM
شكرا لكم جميعا ووفقكم الله لكل خير