حيدر عراق
27-11-2011, 11:53 AM
مظفر النواب والثورات العربية (الأمام علي والحسين 3/7)
حيدر محمد الوائلي
((الحلقة الثالثة))
مظفر النواب الشاعر الذي تولاه الدهر وأنظمة الحكم مطاردة ومتابعة أمنية، ومنع لقصائده، وهو الواضع روحه أمامه أن تطير في أي لحظة الى بارئها قتلاً، أو يقفلوا عليها بالقضبان حبساً، وهو عنده الموت أهون عليه من حبس العقول في زنازين الظالمين الهمج حيث يقول: (في قصيدة في الحانة القديمة):
سبحانك...
كل الأشياء رضيت سوى الذل...
وأن يوضع قلبي في قفصٍ في بيت السلطان...
وقنعت أن يكون نصيبي من الدنيا كنصيب الطير...
ولكن سبحانك حتى الطير لها أوطان...؟!
ويعود إليها وأنا لا زلت أطير...
فهذا الوطن الممتد من البحر إلى البحر...
سجونٌ متلاصقة...
سجان يمسك سجّان...
الحر ينظر لضياع الكرامة والعدالة وحقوق الإنسان سجن موحش ومظلم حتى ولو كان الشعب وحاكمه الفاسد والظلم يعطي الشعب راتباً جيداً من حقه في أرضه ويأكل ويشرب فهذا حقه ولا يمن به عليه أحد...
فكيف بالممنوع منها والمحروم...؟!
حاربوه لأنه حارب أفسد أنظمة العالم، وأقسى ظلمة العالم، وهي الأنظمة العربية والظالمين العرب، وأظلمهم النظام السابق في العراق...
وهو القائل : (بيت أبوذية شعبي عراقي)
غفل دهري يها الوادم ولآني
عبن ما غيرت جلدي ولوني
لا هو الوكت عف عني ولا آني
رضيت هدان يتفرعن علية
مظفر النواب الشاعر الحالم بالعدالة والكرامة والعزة، وأن يكون الحاكم قدوة للرعية لا لعنة تتعوذ منه الناس أناء الليل وأطراف النهار وعند الزوال...
هذا الحالم الثائر وجد قدوته في الأمام العادل في الرعية الثائر ضد الظلم والنفاق علي بن أبي طالب (ع) رمز العدالة الإنسانية...
علي من كانت حكومته من أصدق شواهد الحكم العادل والمنصف وإحقاق الحقوق بين الناس وفي الدفاع عن الحق، حتى كتب الأديب المسيحي (جورج جرداق) كتاباً مؤثراً كبيراً جاوز الألف صفحة أسماه (الأمام علي... صوت العدالة الإنسانية).
وكذلك عده مظفر النواب...
لقد ميز مظفر النواب بين عدالة ووعي وفكر علي بن أبي طالب وبين خيانة وجهل وحقد آل أمية ومن سايرهم ورضى عنهم وترضى، ومن إتخذ من كشف عورته وسط ميدان الحرب قائداً يترضى عنه رغم أنها شاهد على سوأته...
فالعورة سوءة لا فضيلة يا هؤلاء!! لمن لازال يتخذ العورات قدوة، لا العقول الراجحة...
وكيف أن الخيانات ودين المال والشهوة والزور والسلطان يتكرر عبر التاريخ ولليوم...
يقول: (في قصيدة الوتريات الليلية)
أحمل لبلادي...
حين ينام الناس سلامي...
للخط الكوفي يتم صلاة الصبح...
بإفريز جوامعها...
لشوارعها...
للصبر...
لعلي يتوضأ بالسيف قبيل الفجر...
أنبيك علياً...
ما زلنا نتوضأ بالذل ونمسح بالخرقة حد السيف...
وما زلنا نتحجج بالبرد وحر الصيف...
ما زالت عورة عمرو بن العاص معاصرةً...
وتقبح وجه التاريخ...
ما زال كتاب الله يعلق بالرمح العربية...
ما زال أبو سفيان بلحيته الصفراء...
يؤلب باسم اللات...
العصبيات القبلية...
ما زالت شورى التجار، ترى عثمان خليفتها...
وتراك زعيم السوقية...
لو جئت اليوم لحاربك الداعون إليك...
وسموك شيوعياً...
يا ملك البرق الطائر في أحزان الروح الأبدية...
كيف اندس كزهرة رؤيا في شطة وجد صوفية...
يمسح عينيه بقلبي في غفلة وجد ليلة...
يكتب فيّ...
يوقظ فيّ...
ماذا يكتب فيّ...
ماذا يوقظ فيّ...
يا مشمش أيام الله بضحكة عينيك...
ترنم من لغة القرآن فروحي عربية...
مظفر النواب الثائر الناقد الذي إتخذ أيضاً من الأمام الحسين (ع) شعاراً وفكراً...
عرف الحسين ثورة حق يأبى التاريخ أن ينساها، ويأبى كل مظلوم وثائر إلا أن يتخذها شعاراً أو من مبادئها مبدءاً ليثور ضد الظالمين سواء صرح بذلك علانية أو ألمح بتلميح لذلك أو لم يقل شيئاً ولكن طبقها تطبيقاً عملياً...
وها هو الحسين الثائر يوم كربلاء ضد الحاكم الظالم الذي إتخذوه (خليفة للمسلمين وأمير للمؤمنين) يزيد، قالها الأمام الحسين (ع) بكل وضوح يومها ولا تزال صدى كلماته تنير درب الواعين للوعي والثائرين للثورة والمصلحين للأصلاح:
(لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد)...
(ألا أن الدعيّ إبن الدعيّ قد أسر بين إثنتين بين السلة –أي سل السيوف- والذلة-أي البيعة للظالم يزيد- وهيهات منّا الذلة)...
(الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم، فإذا مُحّصوا بالبلاء قلّ الديانون)...
وها هو مظفر النواب يقول: (قصيدة في الوقوف بين السماوات ودم الأمام الحسين)
تعلمت منك ثباتي...
وقوة حزمي وحيداً...
فكم كنت يوم الطفوف وحيداً...
ولم يك أشمخ منك وأنت تدوس عليك الخيول...
إننا في زمان يزيدٍ كثير الفروع...
وفي كل فرعٍ لنا كربلاء...
لُعِنت زماناً خصا العقل فيه تقود فحول العقول...
ما أنت طائفةٌ إنما أُمةٌ للنهوض...
لست أبكي فإنك تأبى بكاء الرجال...
ولكنها ذرفتني أمام الضريح عيوني...
يطاف برأسك فوق الرماح...
ورأس فلسطين أيضاً...
يُطاف في بلاد العروبة...
ياللمرؤة والعبقرية بالجبن...
أما العراق...!!
فيُنسى لأن ضريحك عاصمة الله فيه...
وجود بنيه أقل من الجود بالروح جودٌ خجول...
وطني...
رغم كل الرزايا يصلي على الموت كل صباحٍ...
ويُغمد في الحزن كل مساءٍ...
وينهض ثانية والصباحات بين يديه بطاقات عرسٍ...
كأن العروبة ليست ترى كيف يُحتز رأس العراق...
وكيف تقطع أوصاله ويطوف يزيدٍ به في البلاد...
ورأس فلسطين يُطاف به في بلاد العروبة...
((يتبعها قريباً الحلقة الرابعة))
حيدر محمد الوائلي
((الحلقة الثالثة))
مظفر النواب الشاعر الذي تولاه الدهر وأنظمة الحكم مطاردة ومتابعة أمنية، ومنع لقصائده، وهو الواضع روحه أمامه أن تطير في أي لحظة الى بارئها قتلاً، أو يقفلوا عليها بالقضبان حبساً، وهو عنده الموت أهون عليه من حبس العقول في زنازين الظالمين الهمج حيث يقول: (في قصيدة في الحانة القديمة):
سبحانك...
كل الأشياء رضيت سوى الذل...
وأن يوضع قلبي في قفصٍ في بيت السلطان...
وقنعت أن يكون نصيبي من الدنيا كنصيب الطير...
ولكن سبحانك حتى الطير لها أوطان...؟!
ويعود إليها وأنا لا زلت أطير...
فهذا الوطن الممتد من البحر إلى البحر...
سجونٌ متلاصقة...
سجان يمسك سجّان...
الحر ينظر لضياع الكرامة والعدالة وحقوق الإنسان سجن موحش ومظلم حتى ولو كان الشعب وحاكمه الفاسد والظلم يعطي الشعب راتباً جيداً من حقه في أرضه ويأكل ويشرب فهذا حقه ولا يمن به عليه أحد...
فكيف بالممنوع منها والمحروم...؟!
حاربوه لأنه حارب أفسد أنظمة العالم، وأقسى ظلمة العالم، وهي الأنظمة العربية والظالمين العرب، وأظلمهم النظام السابق في العراق...
وهو القائل : (بيت أبوذية شعبي عراقي)
غفل دهري يها الوادم ولآني
عبن ما غيرت جلدي ولوني
لا هو الوكت عف عني ولا آني
رضيت هدان يتفرعن علية
مظفر النواب الشاعر الحالم بالعدالة والكرامة والعزة، وأن يكون الحاكم قدوة للرعية لا لعنة تتعوذ منه الناس أناء الليل وأطراف النهار وعند الزوال...
هذا الحالم الثائر وجد قدوته في الأمام العادل في الرعية الثائر ضد الظلم والنفاق علي بن أبي طالب (ع) رمز العدالة الإنسانية...
علي من كانت حكومته من أصدق شواهد الحكم العادل والمنصف وإحقاق الحقوق بين الناس وفي الدفاع عن الحق، حتى كتب الأديب المسيحي (جورج جرداق) كتاباً مؤثراً كبيراً جاوز الألف صفحة أسماه (الأمام علي... صوت العدالة الإنسانية).
وكذلك عده مظفر النواب...
لقد ميز مظفر النواب بين عدالة ووعي وفكر علي بن أبي طالب وبين خيانة وجهل وحقد آل أمية ومن سايرهم ورضى عنهم وترضى، ومن إتخذ من كشف عورته وسط ميدان الحرب قائداً يترضى عنه رغم أنها شاهد على سوأته...
فالعورة سوءة لا فضيلة يا هؤلاء!! لمن لازال يتخذ العورات قدوة، لا العقول الراجحة...
وكيف أن الخيانات ودين المال والشهوة والزور والسلطان يتكرر عبر التاريخ ولليوم...
يقول: (في قصيدة الوتريات الليلية)
أحمل لبلادي...
حين ينام الناس سلامي...
للخط الكوفي يتم صلاة الصبح...
بإفريز جوامعها...
لشوارعها...
للصبر...
لعلي يتوضأ بالسيف قبيل الفجر...
أنبيك علياً...
ما زلنا نتوضأ بالذل ونمسح بالخرقة حد السيف...
وما زلنا نتحجج بالبرد وحر الصيف...
ما زالت عورة عمرو بن العاص معاصرةً...
وتقبح وجه التاريخ...
ما زال كتاب الله يعلق بالرمح العربية...
ما زال أبو سفيان بلحيته الصفراء...
يؤلب باسم اللات...
العصبيات القبلية...
ما زالت شورى التجار، ترى عثمان خليفتها...
وتراك زعيم السوقية...
لو جئت اليوم لحاربك الداعون إليك...
وسموك شيوعياً...
يا ملك البرق الطائر في أحزان الروح الأبدية...
كيف اندس كزهرة رؤيا في شطة وجد صوفية...
يمسح عينيه بقلبي في غفلة وجد ليلة...
يكتب فيّ...
يوقظ فيّ...
ماذا يكتب فيّ...
ماذا يوقظ فيّ...
يا مشمش أيام الله بضحكة عينيك...
ترنم من لغة القرآن فروحي عربية...
مظفر النواب الثائر الناقد الذي إتخذ أيضاً من الأمام الحسين (ع) شعاراً وفكراً...
عرف الحسين ثورة حق يأبى التاريخ أن ينساها، ويأبى كل مظلوم وثائر إلا أن يتخذها شعاراً أو من مبادئها مبدءاً ليثور ضد الظالمين سواء صرح بذلك علانية أو ألمح بتلميح لذلك أو لم يقل شيئاً ولكن طبقها تطبيقاً عملياً...
وها هو الحسين الثائر يوم كربلاء ضد الحاكم الظالم الذي إتخذوه (خليفة للمسلمين وأمير للمؤمنين) يزيد، قالها الأمام الحسين (ع) بكل وضوح يومها ولا تزال صدى كلماته تنير درب الواعين للوعي والثائرين للثورة والمصلحين للأصلاح:
(لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد)...
(ألا أن الدعيّ إبن الدعيّ قد أسر بين إثنتين بين السلة –أي سل السيوف- والذلة-أي البيعة للظالم يزيد- وهيهات منّا الذلة)...
(الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم، فإذا مُحّصوا بالبلاء قلّ الديانون)...
وها هو مظفر النواب يقول: (قصيدة في الوقوف بين السماوات ودم الأمام الحسين)
تعلمت منك ثباتي...
وقوة حزمي وحيداً...
فكم كنت يوم الطفوف وحيداً...
ولم يك أشمخ منك وأنت تدوس عليك الخيول...
إننا في زمان يزيدٍ كثير الفروع...
وفي كل فرعٍ لنا كربلاء...
لُعِنت زماناً خصا العقل فيه تقود فحول العقول...
ما أنت طائفةٌ إنما أُمةٌ للنهوض...
لست أبكي فإنك تأبى بكاء الرجال...
ولكنها ذرفتني أمام الضريح عيوني...
يطاف برأسك فوق الرماح...
ورأس فلسطين أيضاً...
يُطاف في بلاد العروبة...
ياللمرؤة والعبقرية بالجبن...
أما العراق...!!
فيُنسى لأن ضريحك عاصمة الله فيه...
وجود بنيه أقل من الجود بالروح جودٌ خجول...
وطني...
رغم كل الرزايا يصلي على الموت كل صباحٍ...
ويُغمد في الحزن كل مساءٍ...
وينهض ثانية والصباحات بين يديه بطاقات عرسٍ...
كأن العروبة ليست ترى كيف يُحتز رأس العراق...
وكيف تقطع أوصاله ويطوف يزيدٍ به في البلاد...
ورأس فلسطين يُطاف به في بلاد العروبة...
((يتبعها قريباً الحلقة الرابعة))