مرتضى علي الحلي
10-12-2011, 07:55 PM
(( الإمامُ عليُ بن الحُسَين (عليه السلام) يَستكمِلُ النهضةََ الحُسَينية الشريفة بعد شهادة أبيه /ع/ ))
=========================
: قراءةٌ في الخطاب الرسالي والمنهج التغييري:
:القسم الثاني :
==========================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
لقد تجلى الموقف الثاني القيّم للإمام علي بن الحسين/ع/ عندما أدخلوا سبايا آل محمد/ص/ إلى الشام .
فجاء شيخٌ شامي إلى الإمام علي بن الحسين/ع/
وقال:
(الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وقطع قرن الفتنة .
فلم يألِ عن شتمهم )
فلما انقضى كلامه
قال له علي بن الحسين ( عليهما السلام ) :
أما قرأتَ كتاب الله عز وجل ؟
قال الشيخ الشامي : نعم .
قال الإمام علي بن الحسين/ع/:
أما قرأتَ هذه الآية :
((قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ))الشورى23 ؟
قال الشيخ الشامي : بلى .
قال الإمام /ع/: فنحن أولئك .
ثم قال /ع/:
أما قرأتَ:
((وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً)) الإسراء26 ؟
قال الشامي : بلى .
قال الإمام /ع/: فنحن هم .
و قال الإمام /ع/ أيضاً :
فهل قرأتَ هذه الآية :
((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ))الأحزاب33
؟
قال الشامي: بلى .
قال الإمام /ع/: فنحن هم .
فرفع الشامي يده إلى السماء
ثم قال : الّلهُمّ إني أتوب إليك . ثلاث مرات
الّلهُمّ إنّي أبرأُ إليك من عدو آل محمد ، ومن قتلة أهل بيت محمد ، لقد قرأتُ القرآن فما شعرتُ بهذا قبل اليوم )
إنظر/الأمالي/الصدوق/ص230.
وهذا الحوار الثنائي الذي دار بين الامام علي بن الحسين/ع/ والشيخ الشامي يكشف عن:
سدادية منهج الامام علي بن الحسين/ع/ العقلاني والمعتدل في مكافحة الانحرافات الفكرية الخطيرة
والتي اصابت عقول الناس انذاك ومدى قدرته /ع/ على اقناع الخصم المُغرر به واحتوائه وضمه إلى جانب الحق والحقيقة.
فالشيخ الشامي بحسب ظاهر هذا الحوار يؤمن بنظرية الجبر(أي جبر الله تعالى لعباده وحاشاه في أفعالهم)
والحال أنّها نظرية باطلة عقلا وشرعا.
وكان هذا الشيخ قد قرأ القرآن الكريم وربما قد حفظه
ولكنه كان واقعا في إشتباه كبير في تحديد مرادات النصوص القرآنية ويفتقر إلى المعرفة الحقة بمصاديق المفاهيم القرآنية.
فلذا بادره الإمام علي بن الحسين /ع/ بسؤاله :
هل قرآتَ القرآن؟
ودائما كان جواب الشيخ بنعم.
والإمام /ع/ إنما ألزم الشيخ الشامي بما ألزم به الشيخ نفسه من حفظه للقرآن الكريم وآياته.
فلذا طرح الإمام /ع/ على الشيخ الحق من القرآن الكريم ليعرف أهل الحق ذاتهم بعد تصحيح فهمه للنص القرآني الشريف.
وعندما قال الإمام علي بن الحسين/ع/:
أما قرأتَ هذه الآية :
((قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ))الشورى23 ؟
قال الشيخ الشامي : بلى .
قال الإمام /ع/: فنحن أولئك .
طبعا قصد /ع/ بالقربى هنا هم قربى نبينا محمد/ص/ وهم أهل بيته المعصومين /ع/.
وهذا الحقُ الشريف(مودة قربى نبينا محمد/ص/ في أهل بيته/ع/ )
إنما أسس له القرآن الكريم كجزاءٍ أبدي مُنحفظ لشخص رسول الله محمد/ص/ وكأجر على تبليغه رسالة الله تعالى في هذه الحياة الدنيا.
وقد أجمع علماء الشيعة الإمامية على أنّ المراد بالقربى في هذه الآية الشريفة هم :
(الأئمة المعصومون)/ع/ من اهل البيت/ع/
ووافقهم على ذلك عدة من اعلام غيرهم من المفسرين والمحدثين
كأحمد بن حنبل والطبراني والحاكم النيسابوري
وعن ابن عباس
قال/لما نزلت هذه الآية:
قالوا :
يارسول الله /ص/ من قرابتك هولاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟
قال/ص/ (علي وفاطمة وابناهما )
إنظر/شرح اصول الكافي /المازندراني/ج6/ص141.
وأيضا يُروى
عن رسول الله/ص/أنه قال:
((إلزموا مودتنا أهل البيت فإنه من لقي الله وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا
والذي نفسي بيده لاينفع عبدا عمله إلاّ بمعرفة حقنا))
إنظر/الأمالي/المفيد/ص 13.
وعندما سمع الشيخ الشامي قول الإمام علي بن الحسين/ع/
: فنحن أولئك .
سكت ولم يعترض بل بقى مُذعِناً للإمام /ع/.
وهذا دليلٌ على عدم معرفته بالحق وأنه قد ضلّ الحق بسبب سياسة الأمويين في التضليل والتحريف في حقيقة
كون السبايا هم من آل محمد/ع/.
وترويجهم لشائعة أنّ السبايا خوارج ولم يُعرّفوا الناس بهوية آل محمد /ع/الحقيقة.
فمن هنا نجد أنّ الإمام علي بن الحسين/ع/ إعتمد في منهجه الإقناعي على القرآن الكريم
بإعتبار أنّ الأمويين قد حرّفوا السنة النبوية الشريفة ووضعوا الأحاديث المزيفة لتشويه الحقيقة وترميم المشوش من هوية الأمويين وتحسين صورتهم المشوهه في وجه المسلمين تأريخيا.
ثم قال /ع/:
أما قرأتَ:
((وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً)) الإسراء26 ؟
قال الشامي : بلى .
قال الإمام /ع/: فنحن هم .
بمعنى:
وأحسِنْ إلى كل مَن له صلة قرابة برسول الله محمد /ص/ وأعطه حقه من الإحسان والبر،
وأعطِ المسكين المحتاج والمسافر المنقطع عن أهله وماله، ولا تنفق مالك في غير طاعة الله، أو على وجه الإسراف والتبذير.
ومفهوم آتِ ذا القربى حقه قد تكرر في آية أخرى وذلك لأهميته في المنظور القرآني
حيثُ قال الله تعالى:
((فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) الروم 38
بمعنى:
فأعط ِ-أيها المؤمن- قرابة رسول الله /ص/
أو قريبك حقه من الصلة الحسنة وسائر أعمال البر
وأعطِ الفقير والمحتاج الذي انقطع به السبيل من الزكاة والصدقة
ذلك الإعطاء خير للذين يريدون بعملهم وجه الله
والذين يعملون هذه الأعمال وغيرها من أعمال الخير أولئك هم الفائزون بثواب الله الناجون مِن عقابه.
ففي كل مورد يصحح الإمام علي بن الحسين/ع/ الإشتباه في فهم النص القرآني عند الشيخ الشامي
وهذا هو درسٌ بليغ وخطير يتركه الإمام المعصوم/ع/ لنا كافة.
لأنّ الفهم الخاطىء للنص القرآني الشريف يجر صاحبه إلى ضلاله وإنحراف تأخذ بقدماه إلى الهلاك والفساد والظلم وتحت عنوان الشبهة بالحق
فغالبا ما يُوظِّف الضالون النص القرآني لمصالحهم ويطرحونه بلون الحق ظاهرا وهو في واقعه باطل.
وهذا الدرس يجعلنا على وعي وتصور جاد بضرورة فهم النص القرآني عن طريق المعصومين /ع/.
فهم عدل القرآن وأهله.
و قال الإمام علي بن الحسين /ع/ للشيخ الشامي أيضاً :
فهل قرأتَ هذه الآية :
((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ))الأحزاب33
؟
قال الشامي: بلى .
قال الإمام /ع/: فنحن هم .
وهذه الأية هي آخر ما طرحه الإمام/ع/ على مسامع الشيخ الشامي والذي قد تاب على أثرها وأثر ما تقدم من كلام الإمام/ع/ معه
وأعلن توبته بعد معرفته للحق وأهله وهم أهل البيت المعصومين/ع/ وبنص القرآن الكريم
والإمام علي بن الحسين هوالامام الرابع من سلسلة أئمة اهل البيت /ع/المعصومين
بنص القرآن الكريم الذي قال الله تعالى عنهم :
((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ))الأحزاب33/
وهو/ع/ مشمول قطعا بعنوان
(أهل البيت المعصومين/ع/)
فعن ابن عباس قال في خصوص هذا النص القرآني الشريف:
( أنها نزلت في علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين عليهم السلام )
ولا يُقال :
(أي لايعترض أحدٌ قائلا كيف يكون باقي الأئمة/ع/ مشمولين بالعصمة وعنوان أهل البيت /ع/.)
فيقول:المُعتَرِض:أنّ
المراد بها (أي بعنوان (أهل البيت) هو النساء
(أي نساء النبي محمد/ص/)
لأن صدر الآية ، وعجزها ، دال عليهن .
ولأنّا(أي ابن عباس) نقول :
لا يلزم من ذلك ، إرادة النساء ، لأن الكناية صريحة في التذكير ،
كما قال ابن عباس : نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة ،
ومع انتفاء الرجس ، يكون ما أفتوا به حقا ، لأن الرجس يقع على كل ما يكره .
إنظر/المُعتَبَر/المحقق الحلي/ج1/ص23.
و(عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)
قال (أي الرواي): قلتُ له(للإمام الصادق/ع/)
ما الحجة في كتاب الله على أنّ آل محمد صلى الله عليه وآله هم أهل بيته ؟
قال:الإمام الصادق/ع/:
قول الله تبارك وتعالى :
((إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ
وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ))آل عمران33
هكذا نزلت على العالمين
((ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ))
آل عمران34
ولا يكون الذرية من القوم إلا نسلهم من أصلابهم .
وقال الإمام الصادق/ع/:
((اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ))سبأ13
وقرأ/ع/
وآل عمران وآل محمد )
إنظر/الحدائق الناضرة/المحقق البحراني/ج12/ص403.
وأخيرا قال الشيخ الشامي بعد إعلان توبته أمام الإمام المعصوم علي بن الحسين/ع/:
(الّلهُمّ إنّي أبرأُ إليك من عدو آل محمد ، ومن قتلة أهل بيت محمد ، لقد قرأتُ القرآن فما شعرتُ بهذا قبل اليوم )
وهذه الفقرة مهمة جدا فيجب الوقوف عندها وبحكمة ودقة
إذ أنها إشتملت على نقطة الوعي والتي يجب توافرها في شخصية الإنسان المسلم والمؤمن وهي البراءة من أعداء محمد وآل محمد/ع/.
ومن قتلة المعصومين وخاصة قتلة الحسين/ع/
فالإنسان المؤمن بحق ينبغي به أن يوالي الإمام الحق ويتبرأ من الباطل وأهله.
فعندما يقول الشيخ الشامي للإمام علي بن الحسين/ع/:
( لقد قرأتُ القرآن فما شعرتُ بهذا قبل اليوم )
بمعنى :
أنه كان يفهم القرآن الكريم فهما بعيداً عن فهم أهل البيت المعصومين/ع/
ولذا لم يعرف حقهم بل حتى هويتهم
فضلاً عن تضليل النظام الأموي للمسلمين آنذاك في تلقيهم للحقائق القرآنية.
وتجنيد فقهاء وعلماء السوء لخدمة دولتهم الباطلة والظالمة.
فسلامٌ على الإمام علي بن الحسين في العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي::النجف الأشرف:
=========================
: قراءةٌ في الخطاب الرسالي والمنهج التغييري:
:القسم الثاني :
==========================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
لقد تجلى الموقف الثاني القيّم للإمام علي بن الحسين/ع/ عندما أدخلوا سبايا آل محمد/ص/ إلى الشام .
فجاء شيخٌ شامي إلى الإمام علي بن الحسين/ع/
وقال:
(الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وقطع قرن الفتنة .
فلم يألِ عن شتمهم )
فلما انقضى كلامه
قال له علي بن الحسين ( عليهما السلام ) :
أما قرأتَ كتاب الله عز وجل ؟
قال الشيخ الشامي : نعم .
قال الإمام علي بن الحسين/ع/:
أما قرأتَ هذه الآية :
((قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ))الشورى23 ؟
قال الشيخ الشامي : بلى .
قال الإمام /ع/: فنحن أولئك .
ثم قال /ع/:
أما قرأتَ:
((وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً)) الإسراء26 ؟
قال الشامي : بلى .
قال الإمام /ع/: فنحن هم .
و قال الإمام /ع/ أيضاً :
فهل قرأتَ هذه الآية :
((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ))الأحزاب33
؟
قال الشامي: بلى .
قال الإمام /ع/: فنحن هم .
فرفع الشامي يده إلى السماء
ثم قال : الّلهُمّ إني أتوب إليك . ثلاث مرات
الّلهُمّ إنّي أبرأُ إليك من عدو آل محمد ، ومن قتلة أهل بيت محمد ، لقد قرأتُ القرآن فما شعرتُ بهذا قبل اليوم )
إنظر/الأمالي/الصدوق/ص230.
وهذا الحوار الثنائي الذي دار بين الامام علي بن الحسين/ع/ والشيخ الشامي يكشف عن:
سدادية منهج الامام علي بن الحسين/ع/ العقلاني والمعتدل في مكافحة الانحرافات الفكرية الخطيرة
والتي اصابت عقول الناس انذاك ومدى قدرته /ع/ على اقناع الخصم المُغرر به واحتوائه وضمه إلى جانب الحق والحقيقة.
فالشيخ الشامي بحسب ظاهر هذا الحوار يؤمن بنظرية الجبر(أي جبر الله تعالى لعباده وحاشاه في أفعالهم)
والحال أنّها نظرية باطلة عقلا وشرعا.
وكان هذا الشيخ قد قرأ القرآن الكريم وربما قد حفظه
ولكنه كان واقعا في إشتباه كبير في تحديد مرادات النصوص القرآنية ويفتقر إلى المعرفة الحقة بمصاديق المفاهيم القرآنية.
فلذا بادره الإمام علي بن الحسين /ع/ بسؤاله :
هل قرآتَ القرآن؟
ودائما كان جواب الشيخ بنعم.
والإمام /ع/ إنما ألزم الشيخ الشامي بما ألزم به الشيخ نفسه من حفظه للقرآن الكريم وآياته.
فلذا طرح الإمام /ع/ على الشيخ الحق من القرآن الكريم ليعرف أهل الحق ذاتهم بعد تصحيح فهمه للنص القرآني الشريف.
وعندما قال الإمام علي بن الحسين/ع/:
أما قرأتَ هذه الآية :
((قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ))الشورى23 ؟
قال الشيخ الشامي : بلى .
قال الإمام /ع/: فنحن أولئك .
طبعا قصد /ع/ بالقربى هنا هم قربى نبينا محمد/ص/ وهم أهل بيته المعصومين /ع/.
وهذا الحقُ الشريف(مودة قربى نبينا محمد/ص/ في أهل بيته/ع/ )
إنما أسس له القرآن الكريم كجزاءٍ أبدي مُنحفظ لشخص رسول الله محمد/ص/ وكأجر على تبليغه رسالة الله تعالى في هذه الحياة الدنيا.
وقد أجمع علماء الشيعة الإمامية على أنّ المراد بالقربى في هذه الآية الشريفة هم :
(الأئمة المعصومون)/ع/ من اهل البيت/ع/
ووافقهم على ذلك عدة من اعلام غيرهم من المفسرين والمحدثين
كأحمد بن حنبل والطبراني والحاكم النيسابوري
وعن ابن عباس
قال/لما نزلت هذه الآية:
قالوا :
يارسول الله /ص/ من قرابتك هولاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟
قال/ص/ (علي وفاطمة وابناهما )
إنظر/شرح اصول الكافي /المازندراني/ج6/ص141.
وأيضا يُروى
عن رسول الله/ص/أنه قال:
((إلزموا مودتنا أهل البيت فإنه من لقي الله وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا
والذي نفسي بيده لاينفع عبدا عمله إلاّ بمعرفة حقنا))
إنظر/الأمالي/المفيد/ص 13.
وعندما سمع الشيخ الشامي قول الإمام علي بن الحسين/ع/
: فنحن أولئك .
سكت ولم يعترض بل بقى مُذعِناً للإمام /ع/.
وهذا دليلٌ على عدم معرفته بالحق وأنه قد ضلّ الحق بسبب سياسة الأمويين في التضليل والتحريف في حقيقة
كون السبايا هم من آل محمد/ع/.
وترويجهم لشائعة أنّ السبايا خوارج ولم يُعرّفوا الناس بهوية آل محمد /ع/الحقيقة.
فمن هنا نجد أنّ الإمام علي بن الحسين/ع/ إعتمد في منهجه الإقناعي على القرآن الكريم
بإعتبار أنّ الأمويين قد حرّفوا السنة النبوية الشريفة ووضعوا الأحاديث المزيفة لتشويه الحقيقة وترميم المشوش من هوية الأمويين وتحسين صورتهم المشوهه في وجه المسلمين تأريخيا.
ثم قال /ع/:
أما قرأتَ:
((وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً)) الإسراء26 ؟
قال الشامي : بلى .
قال الإمام /ع/: فنحن هم .
بمعنى:
وأحسِنْ إلى كل مَن له صلة قرابة برسول الله محمد /ص/ وأعطه حقه من الإحسان والبر،
وأعطِ المسكين المحتاج والمسافر المنقطع عن أهله وماله، ولا تنفق مالك في غير طاعة الله، أو على وجه الإسراف والتبذير.
ومفهوم آتِ ذا القربى حقه قد تكرر في آية أخرى وذلك لأهميته في المنظور القرآني
حيثُ قال الله تعالى:
((فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) الروم 38
بمعنى:
فأعط ِ-أيها المؤمن- قرابة رسول الله /ص/
أو قريبك حقه من الصلة الحسنة وسائر أعمال البر
وأعطِ الفقير والمحتاج الذي انقطع به السبيل من الزكاة والصدقة
ذلك الإعطاء خير للذين يريدون بعملهم وجه الله
والذين يعملون هذه الأعمال وغيرها من أعمال الخير أولئك هم الفائزون بثواب الله الناجون مِن عقابه.
ففي كل مورد يصحح الإمام علي بن الحسين/ع/ الإشتباه في فهم النص القرآني عند الشيخ الشامي
وهذا هو درسٌ بليغ وخطير يتركه الإمام المعصوم/ع/ لنا كافة.
لأنّ الفهم الخاطىء للنص القرآني الشريف يجر صاحبه إلى ضلاله وإنحراف تأخذ بقدماه إلى الهلاك والفساد والظلم وتحت عنوان الشبهة بالحق
فغالبا ما يُوظِّف الضالون النص القرآني لمصالحهم ويطرحونه بلون الحق ظاهرا وهو في واقعه باطل.
وهذا الدرس يجعلنا على وعي وتصور جاد بضرورة فهم النص القرآني عن طريق المعصومين /ع/.
فهم عدل القرآن وأهله.
و قال الإمام علي بن الحسين /ع/ للشيخ الشامي أيضاً :
فهل قرأتَ هذه الآية :
((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ))الأحزاب33
؟
قال الشامي: بلى .
قال الإمام /ع/: فنحن هم .
وهذه الأية هي آخر ما طرحه الإمام/ع/ على مسامع الشيخ الشامي والذي قد تاب على أثرها وأثر ما تقدم من كلام الإمام/ع/ معه
وأعلن توبته بعد معرفته للحق وأهله وهم أهل البيت المعصومين/ع/ وبنص القرآن الكريم
والإمام علي بن الحسين هوالامام الرابع من سلسلة أئمة اهل البيت /ع/المعصومين
بنص القرآن الكريم الذي قال الله تعالى عنهم :
((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ))الأحزاب33/
وهو/ع/ مشمول قطعا بعنوان
(أهل البيت المعصومين/ع/)
فعن ابن عباس قال في خصوص هذا النص القرآني الشريف:
( أنها نزلت في علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين عليهم السلام )
ولا يُقال :
(أي لايعترض أحدٌ قائلا كيف يكون باقي الأئمة/ع/ مشمولين بالعصمة وعنوان أهل البيت /ع/.)
فيقول:المُعتَرِض:أنّ
المراد بها (أي بعنوان (أهل البيت) هو النساء
(أي نساء النبي محمد/ص/)
لأن صدر الآية ، وعجزها ، دال عليهن .
ولأنّا(أي ابن عباس) نقول :
لا يلزم من ذلك ، إرادة النساء ، لأن الكناية صريحة في التذكير ،
كما قال ابن عباس : نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة ،
ومع انتفاء الرجس ، يكون ما أفتوا به حقا ، لأن الرجس يقع على كل ما يكره .
إنظر/المُعتَبَر/المحقق الحلي/ج1/ص23.
و(عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)
قال (أي الرواي): قلتُ له(للإمام الصادق/ع/)
ما الحجة في كتاب الله على أنّ آل محمد صلى الله عليه وآله هم أهل بيته ؟
قال:الإمام الصادق/ع/:
قول الله تبارك وتعالى :
((إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ
وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ))آل عمران33
هكذا نزلت على العالمين
((ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ))
آل عمران34
ولا يكون الذرية من القوم إلا نسلهم من أصلابهم .
وقال الإمام الصادق/ع/:
((اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ))سبأ13
وقرأ/ع/
وآل عمران وآل محمد )
إنظر/الحدائق الناضرة/المحقق البحراني/ج12/ص403.
وأخيرا قال الشيخ الشامي بعد إعلان توبته أمام الإمام المعصوم علي بن الحسين/ع/:
(الّلهُمّ إنّي أبرأُ إليك من عدو آل محمد ، ومن قتلة أهل بيت محمد ، لقد قرأتُ القرآن فما شعرتُ بهذا قبل اليوم )
وهذه الفقرة مهمة جدا فيجب الوقوف عندها وبحكمة ودقة
إذ أنها إشتملت على نقطة الوعي والتي يجب توافرها في شخصية الإنسان المسلم والمؤمن وهي البراءة من أعداء محمد وآل محمد/ع/.
ومن قتلة المعصومين وخاصة قتلة الحسين/ع/
فالإنسان المؤمن بحق ينبغي به أن يوالي الإمام الحق ويتبرأ من الباطل وأهله.
فعندما يقول الشيخ الشامي للإمام علي بن الحسين/ع/:
( لقد قرأتُ القرآن فما شعرتُ بهذا قبل اليوم )
بمعنى :
أنه كان يفهم القرآن الكريم فهما بعيداً عن فهم أهل البيت المعصومين/ع/
ولذا لم يعرف حقهم بل حتى هويتهم
فضلاً عن تضليل النظام الأموي للمسلمين آنذاك في تلقيهم للحقائق القرآنية.
وتجنيد فقهاء وعلماء السوء لخدمة دولتهم الباطلة والظالمة.
فسلامٌ على الإمام علي بن الحسين في العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي::النجف الأشرف: