عبدالله الجنيد
11-12-2011, 09:17 PM
دروس من هدي القرآن الكريم
الصرخة في وجه المستكبرين
ألقاها السيد / حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ :
17/1/2002م
اليمن ـ صعدة
هذه الدروس نقلت من تسجيل لها في أشرطة كاسيت ،وقد ألقيت ممزوجة بمفردات وأساليب من اللهجة المحلية العامية.
و حرصاً منا على سهولة الاستفادة منها أخرجناها مكتوبة على هذا النحو.
والله الموفق.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قلنا في الأسبوع الماضي في مثل هذا اليوم : مناسب جداً أن نجتمع كل يوم خميس في هذه القاعة ولتكن جلسة ، ممكن أن نسميها حتى جلسة تخزينه ، نخزن جميعاً، بدل أن نكون بشكل مجموعات كل مجموعة تخزن في بيت في هذه القرية وفي تلك القرية، وبدل أن تتحدث كل مجموعة لوحدها عن الأحداث التي تدور في العالم في هذا الـزمان، فلنتحدث جميعاً بدل أن نتحدث كمجموعات في بيوتنا في جلسات القات، فتنطلق التحاليل الخاطئة والمغلوطة ، وينطلق التأييد والرفض المغلوط في أكثره ،داخل هذه المجموعة وتلك المجموعة وتلك المجموعة من المخزنين في مجالس القات، وبدل أن نتحدث كمجاميع هكذا مفرقة في البيوت حديثاً أجوف ،تحليلاً لمجرد التحليل ، وأخبار لمجرد الفضول ، وبطابع الفضول نتناولها ،ثم نخرج وليس لدينا موقف ، تخرج كل مجموعة وليس لها رؤية معينة ،ولا موقف ثابت ،تتقلب في حديثها ومواقفها تبعاً لما تسمعه من وسائل الإعلام.
فتكون النتيجة هي أن يهلك الناس أنفسهم ، تكون النتيجة هي أن يخرج هذا أو ذاك من ذلك المجلس ،أو من ذلك المجلس في هذه القرية أو تلك القرية ولا يدري بأنه قد تحول إلى كافر أو يهودي أو نصراني من حيث يشعر أو لا يشعر -وبالطبع من حيث لا يشعر- فلنجتمع هنا ولنخزن ولنتحدث ، ولكن بروحية أخرى ،نتناول أحداثاً ليست على ما تعودنا عليه ، ونحن ننظر إليها كأحداث بين أطراف هناك وكأنها لا تعنينا، صراع بين أطراف هناك ، وكأننا لسنا طرفاً في هذا الصراع أو كأننا لسنا المستهدفين نحن المسلمين في هذا الصراع. نتحدث بروحية من يفهم أنه طرف في هذا الصراع ومستهدف فيه شاء أم أبى ، بروحية من يفهم بأنه وإن تنصّل عن المسئولية هنا فلا يستطيع أن يتنصّل عنها يوم يقف بين يدي الله.
نتحدث أيضاً لنكتشف الكثير من الحقائق داخل أنفسنا ،وفي الواقع ، وعلى صعيد الواقع الذي نعيشه وتعيشه الأمة الإسلامية كلها ، نتحدث بروح عملية ،بروح مسئولة، نخرج برؤية واحدة بموقف واحد، بنظرة واحدة بوعي واحد، هذا هو ما تفقده الأمة.
نحن نعرف جميعاً إجمالاً أن كل المسلمين مستهدفون، أو أن الإسلام والمسلمين هم من تدور على رؤوسهم رحى هذه المؤامرات الرهيبة التي تأتي بقيادة أمريكا وإسرائيل ، ولكن كأننا لا ندري من هم المسلمون.
المسلمون هم أولئك مثلي ومثلك من سكان هذه القرية وتلك القرية، وهذه المنطقة وتلك المنطقة ،أو أننا نتصور المسلمين مجتمعاً وهمياً ، مجتمعاً لا ندري في أي عالم هو؟. المسلمون هم نحن أبناء هذه القرى المتناثرة في سفوح الجبال ، أبناء المدن المنتشرة في مختلف بقاع العالم الإسلامي ، نحن المسلمين، نحن المستهدفون .. ومع هذا نبدو وكأننا غير مستعدين أن نفهم، غير مستعدين أن نصحوا ، بل يبدو غريباً علينا الحديث عن هذه الأحداث ، وكأنها أحداث لا تعنينا ، أو كأنها أحداث جديدة لم تطرق أخبارها مسامعنا، أو كأنها أحداث وليدة يومها.
فعلاً أنا ألمس عندما نتحدث عن قضايا كهذه أننا نتحدث عن شيء جديد، ليس جديداً إنها مؤامرات مائة عام من الصهيونية ،من أعمال اليهود، خمسين عاماً من وجود إسرائيل ، الكيان الصهيوني المعتدي المحتل، الغُدّة السرطانية التي شبّهها الإمام الخميني رحمة الله عليه، بأنها (غدة سرطانية في جسم الأمة يجب أن تُسْتأصَل).
إن دل هذا على شيء فإنما يدل على ماذا؟. يدل على خبث شديد لدى اليهود، أن يتحركوا عشرات السنين عشرات السنين ، ونحن بعد لم نعرف ماذا يعملون. أن يتحركوا لضربنا عاماً بعد عام ضرب نفوسنا من داخلها، ضرب الأمة من داخلها ،ثم لا نعلم من هم المستهدفون، أليس هذا من الخبث الشديد؟. من التضليل الشديد الذي يجيده اليهود ومن يدور في فلكهم؟.
فلنتحدث لنكتشف الحقائق - كما قلت سابقاً - الحقائق في أنفسنا ، ولنقل لأولئك الذين تصلنا أخبار هذا العالم وما يعمله اليهود عن طريق وسائل إعلامهم، هكذا نحن نفهم الأخبار ، هكذا نحن نفهم الأخبار.
ما هي الحقيقة التي نريد أن نكتشفها داخل أنفسنا؟.هي: هل نحن فعلاً نحس داخل أنفسنا بمسئولية أمام الله
أمام ما يحدث؟. هل نحن فعلاً نحس بأننا مستهدفون أمام ما يحدث على أيدي اليهود ومن يدور في فلكهم من النصارى وغيرهم؟.
عندما نتحدث عن القضية هذه ،وعن ضرورة أن يكون لنا موقف هل نحن نُحِسّ بخوف في أعماق نفوسنا؟وخوف ممن؟. بالطبع قد يكون الكثير يحسون بخوف أن نجتمع لنتحدث عن أمريكا وعن إسرائيل وعن اليهود وعن النصارى. ولكن ممن نخاف؟. هل أحد منكم يخاف من أمريكا؟. لا. هل أحد منكم يخاف من إسرائيل؟. لا.
ممن تشعر بأنك تخاف منه؟. من هو الذي تشعر بأنك تخاف منه؟. عندما تتحدث عن أمريكا، عندما تتحدث عن إسرائيل، عندما تلعن اليهود والنصارى، إذا شعرنا في أعماق أنفسنا بأننا نخاف الدولة فإننا نشهد في أعماق أنفسنا على أن هؤلاء هم ماذا؟. هم أولياء لليهود والنصارى، أي دولة كانت يحدث في نفسك خوف منها فإنك في قرارة نفسك تشهد بأن تلك الدولة هي من أولياء اليهود والنصارى. هذه واحدة، وإلا ما الذي يمكن أن يخيفني من جانبهم إذا ما تحدثت عن أمريكا وإسرائيل وعن اليهود والنصارى؟؟.
ثم لنقل لهم هم من يمكن أن يدخل في نفس أي واحد منا خوف منهم: (ليس من مصلحتكم أن تظهروا للناس بأنهم يخافونكم إذا ما تحدثوا عن اليهود والنصارى ، وتحدثوا عن أمريكا وإسرائيل؛ لأنكم وإن قلتم ما قلتم وإن صنعتم ما صنعتم من مبررات فإن القرآن علمنا أنها ليست بشيء ، أنها ليست واقعية ، القرآن الكريم قال لنا:{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}(المائدة:52) من مصلحتكم أن لا تعززوا تلك الحقيقة في أعماق النفوس من أننا نخاف منكم إذا ما تحدثنا عن اليهود والنصارى ، إن أعماق النفوس هو مكمن الحقائق ، ففي أعماق النفوس تكون بذرات السَّخط ، تكون هناك بذور الحرية ، تكون هناك بذور الصرخات التي تسمعونها في وجوه أوليائكم وفي وجوهكم إذا ما تحركتم لتبرهنوا على أنكم فعلاً كما شعر الناس أمامكم بأنهم يخافون منكم فتعززون في أعماق نفوسهم هذه الحقيقة ،التي ليس من صالحكم أن تفهموا الناس بأنها حقيقة دعوها، فمن مصلحتكم أن تدعوها وهماً ، وأن تكون وهماً في نفوس الناس، ليس من مصلحتكم أن يكون من جانبكم أي تحرك ، أي حدث لتعززوا هذه الحقيقة في النفوس.
وكما قلنا سابقاً: لا تستطيعون أبداً لا تستطيعون أبداً ما دام لدينا ـ كمؤمنين ـ إيمانٌ بالله وبصدق قوله هو ،أن كل ما ينطلق من عبارات تدل على مسارعة باتجاه فوق أو باتجاه تحت، إلى اليهود والنصارى فإنها تنبئ عن مرض في القلوب، وإن أول من هدد كل من تنطلق من فمه أو يتحرك بما يدل على مرض في قلبه ،إن أول من هدده هو الله حيث يقول:{ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}، بل هدد بأن حقائق أمركم ستكشف هناك {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ} (المائدة:53) أليس هذا تهديد إلهي؟.
نحن كل ما بدر منا، وكل صرخة نرفعها، كل اجتماع نعمله كهذا أو غيره نحن إنما تأثرنا بوسائل إعلامكم فماذا تريدون أنتم عندما تعرضون علينا أخبار ضربات اليهود والأمريكيين والإسرائيليين هنا وهناك في أفغانستان وفي فلسطين وفي كل بقعة من بقاع هذا العالم، عندما تعرضونها علينا ماذا تريدون أنتم من خلال العرض؟.
عندما تأتي أنت أيها المذيع وتعرض علينا تلك الأخبار ، وعبر الأقمار الصناعية لنشاهدها ، فنشاهد أبناء الإسلام يُقًتَّلُون ويُذبحون، نشاهد مساكنهم تهدم ، هل تظن أننا سننظر إلى تلك الأحداث بروحية الصحفي الإخباري الذي يهمه الخبر فقط لمجرد الخبر. وتهمه نبرات صوته وهو يتحدث واهتزازات رأسه ، إن كنت لا تريد من نبرات صوتك أن توجد نبرات من الحرية نبرات في القلوب ، في الضمائر تصرخ بوجه أولئك الذين تقدم لنا أخبارهم ، إن كنت لا تريد باهتزاز رأسك أن تَهز مشاعر المسلمين هنا وهناك ،إن كنت إنما تحرص على نبرات صوتك وعلى اهتزازات رأسك لتظهر كَـ فَنيِّ إعلامي، نحن لا ننظر إلى الأحداث بروحيتك الفنية الإعلامية الإخبارية ، نحن مؤمنون ولسنا إعلاميين ولا صحفيين ولا إخباريين نحن نسمع قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} (الصف:2ـ3) نحن ننظر إلى ما تعرضه على شاشة التلفزيون بنظرتنا البدائية ،نحن لا نزال عرباً لم نَتَمَدّن بعد، ببساطة تفكيرنا كعرب مسلمين لا تزال في نفوسنا بقية من إبَاءٍ ،بقية من إيمان ، فنحن لسنا ممن ينظر إلى تلك الأحداث كنظرتك أنت.
لنقول لهم: إذا كنتم لا تريدون من خلال ما تعرضون أن تحدثوا في أنفسنا أن نصرخ في وجه أولئك الذين يصنعون بأبناء الإسلام ما تعرضونه أنتم علينا في وسائل إعلامكم فإنكم إنما تخدمون اليهود والنصارى وتخدمون أمريكا وإسرائيل بما تعرضون فعلاً؛ لأنكم إنما تريدون حينئذٍ بما تعرضون أن تعززوا في نفوس أبناء الإسلام في نفوس المسلمين الهزيمة والإحباط والشعور باليأس والشعور بالضَّعَة ، أو فاسكتوا فلا تعرضوا شيئاً ، ولكن لو سكتم فلم تعرضوا شيئاً ستكون إدانة أكبر وأكبر، ستكونون بسكوتكم تسكتون عن جرائم، تسكتون عن جرائم لليهود والنصارى في كل بقعة من بقاع العالم الإسلامي ضحيتها هم أبناء الإسلام، هم إخوانكم من المسلمين.
هذه الحقيقة : التي يجب أن نعرفها وأن نقولها لأولئك، وأن نرفض الحقيقة التي يريدون أن يرسخوها في أنفسنا هم من حيث يشعرون أو لا يشعرون، حقيقة الهزيمة ، (الهزيمة النفسية)، لا نسمح لأنفسنا ، لا نسمح لأنفسنا أن نشاهد دائماً تلك الأحداث وتلك المؤامرات الرهيبة جداً جداً ، ثم لا نسمح لأنفسنا أن يكون لها موقف ، سنكون من يشارك في دعم اليهود والنصارى عندما نرسخ الهزيمة في أنفسنا ، عندما نَجْبُن عن أي كلمة أمامهم.
إذاً فهمنا بأنه ليس من صالح أي دولة كانت أن تُظهِر للآخرين ما يخيفهم من جانبها عندما يتحدثون ويصرخون في وجه أمريكا وإسرائيل ، عندما يرفعون صوتهم بلعنة اليهود الذين لعنهم الله على لسان أنبيائه وأوليائه.
ثم سنسهم دائماً في كشف الحقائق في الساحة ؛ لأننا في عالم ربما هو آخر الزمان كما يقال ،ربما -والله أعلم- هو ذلك الزمن الذي يَتَغَرْبَل فيه الناس فيكونون فقط صفين فقط مؤمنون صريحون/ منافقون صريحون، والأحداث هي كفيلة بأن تغربل الناس ، وأن تكشف الحقائق.
عندما نتحدث أيضاً هو لنعرف حقيقة أننا أمام واقع لا نخلوا فيه من حالتين، كل منهما تفرض علينا أن يكون لنا موقف ، نحن أمام وضعية مَهِيْنة، ذل، وخزي ، وعار ، استضعاف ، إهانة، إذلال ، نحن تحت رحمة اليهود والنصارى، نحن كعرب كمسلمين أصبحنا فعلاً تحت أقدام إسرائيل، تحت أقدام اليهود، هل هذه تكفي إن كنا لا نزال عرباً، إن كان لا يزال لدينا شهامة العربي وإباه ونَخْوَته ونجدته لتدفعنا إلى أن يكون لنا موقف.
الصرخة في وجه المستكبرين
ألقاها السيد / حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ :
17/1/2002م
اليمن ـ صعدة
هذه الدروس نقلت من تسجيل لها في أشرطة كاسيت ،وقد ألقيت ممزوجة بمفردات وأساليب من اللهجة المحلية العامية.
و حرصاً منا على سهولة الاستفادة منها أخرجناها مكتوبة على هذا النحو.
والله الموفق.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قلنا في الأسبوع الماضي في مثل هذا اليوم : مناسب جداً أن نجتمع كل يوم خميس في هذه القاعة ولتكن جلسة ، ممكن أن نسميها حتى جلسة تخزينه ، نخزن جميعاً، بدل أن نكون بشكل مجموعات كل مجموعة تخزن في بيت في هذه القرية وفي تلك القرية، وبدل أن تتحدث كل مجموعة لوحدها عن الأحداث التي تدور في العالم في هذا الـزمان، فلنتحدث جميعاً بدل أن نتحدث كمجموعات في بيوتنا في جلسات القات، فتنطلق التحاليل الخاطئة والمغلوطة ، وينطلق التأييد والرفض المغلوط في أكثره ،داخل هذه المجموعة وتلك المجموعة وتلك المجموعة من المخزنين في مجالس القات، وبدل أن نتحدث كمجاميع هكذا مفرقة في البيوت حديثاً أجوف ،تحليلاً لمجرد التحليل ، وأخبار لمجرد الفضول ، وبطابع الفضول نتناولها ،ثم نخرج وليس لدينا موقف ، تخرج كل مجموعة وليس لها رؤية معينة ،ولا موقف ثابت ،تتقلب في حديثها ومواقفها تبعاً لما تسمعه من وسائل الإعلام.
فتكون النتيجة هي أن يهلك الناس أنفسهم ، تكون النتيجة هي أن يخرج هذا أو ذاك من ذلك المجلس ،أو من ذلك المجلس في هذه القرية أو تلك القرية ولا يدري بأنه قد تحول إلى كافر أو يهودي أو نصراني من حيث يشعر أو لا يشعر -وبالطبع من حيث لا يشعر- فلنجتمع هنا ولنخزن ولنتحدث ، ولكن بروحية أخرى ،نتناول أحداثاً ليست على ما تعودنا عليه ، ونحن ننظر إليها كأحداث بين أطراف هناك وكأنها لا تعنينا، صراع بين أطراف هناك ، وكأننا لسنا طرفاً في هذا الصراع أو كأننا لسنا المستهدفين نحن المسلمين في هذا الصراع. نتحدث بروحية من يفهم أنه طرف في هذا الصراع ومستهدف فيه شاء أم أبى ، بروحية من يفهم بأنه وإن تنصّل عن المسئولية هنا فلا يستطيع أن يتنصّل عنها يوم يقف بين يدي الله.
نتحدث أيضاً لنكتشف الكثير من الحقائق داخل أنفسنا ،وفي الواقع ، وعلى صعيد الواقع الذي نعيشه وتعيشه الأمة الإسلامية كلها ، نتحدث بروح عملية ،بروح مسئولة، نخرج برؤية واحدة بموقف واحد، بنظرة واحدة بوعي واحد، هذا هو ما تفقده الأمة.
نحن نعرف جميعاً إجمالاً أن كل المسلمين مستهدفون، أو أن الإسلام والمسلمين هم من تدور على رؤوسهم رحى هذه المؤامرات الرهيبة التي تأتي بقيادة أمريكا وإسرائيل ، ولكن كأننا لا ندري من هم المسلمون.
المسلمون هم أولئك مثلي ومثلك من سكان هذه القرية وتلك القرية، وهذه المنطقة وتلك المنطقة ،أو أننا نتصور المسلمين مجتمعاً وهمياً ، مجتمعاً لا ندري في أي عالم هو؟. المسلمون هم نحن أبناء هذه القرى المتناثرة في سفوح الجبال ، أبناء المدن المنتشرة في مختلف بقاع العالم الإسلامي ، نحن المسلمين، نحن المستهدفون .. ومع هذا نبدو وكأننا غير مستعدين أن نفهم، غير مستعدين أن نصحوا ، بل يبدو غريباً علينا الحديث عن هذه الأحداث ، وكأنها أحداث لا تعنينا ، أو كأنها أحداث جديدة لم تطرق أخبارها مسامعنا، أو كأنها أحداث وليدة يومها.
فعلاً أنا ألمس عندما نتحدث عن قضايا كهذه أننا نتحدث عن شيء جديد، ليس جديداً إنها مؤامرات مائة عام من الصهيونية ،من أعمال اليهود، خمسين عاماً من وجود إسرائيل ، الكيان الصهيوني المعتدي المحتل، الغُدّة السرطانية التي شبّهها الإمام الخميني رحمة الله عليه، بأنها (غدة سرطانية في جسم الأمة يجب أن تُسْتأصَل).
إن دل هذا على شيء فإنما يدل على ماذا؟. يدل على خبث شديد لدى اليهود، أن يتحركوا عشرات السنين عشرات السنين ، ونحن بعد لم نعرف ماذا يعملون. أن يتحركوا لضربنا عاماً بعد عام ضرب نفوسنا من داخلها، ضرب الأمة من داخلها ،ثم لا نعلم من هم المستهدفون، أليس هذا من الخبث الشديد؟. من التضليل الشديد الذي يجيده اليهود ومن يدور في فلكهم؟.
فلنتحدث لنكتشف الحقائق - كما قلت سابقاً - الحقائق في أنفسنا ، ولنقل لأولئك الذين تصلنا أخبار هذا العالم وما يعمله اليهود عن طريق وسائل إعلامهم، هكذا نحن نفهم الأخبار ، هكذا نحن نفهم الأخبار.
ما هي الحقيقة التي نريد أن نكتشفها داخل أنفسنا؟.هي: هل نحن فعلاً نحس داخل أنفسنا بمسئولية أمام الله
أمام ما يحدث؟. هل نحن فعلاً نحس بأننا مستهدفون أمام ما يحدث على أيدي اليهود ومن يدور في فلكهم من النصارى وغيرهم؟.
عندما نتحدث عن القضية هذه ،وعن ضرورة أن يكون لنا موقف هل نحن نُحِسّ بخوف في أعماق نفوسنا؟وخوف ممن؟. بالطبع قد يكون الكثير يحسون بخوف أن نجتمع لنتحدث عن أمريكا وعن إسرائيل وعن اليهود وعن النصارى. ولكن ممن نخاف؟. هل أحد منكم يخاف من أمريكا؟. لا. هل أحد منكم يخاف من إسرائيل؟. لا.
ممن تشعر بأنك تخاف منه؟. من هو الذي تشعر بأنك تخاف منه؟. عندما تتحدث عن أمريكا، عندما تتحدث عن إسرائيل، عندما تلعن اليهود والنصارى، إذا شعرنا في أعماق أنفسنا بأننا نخاف الدولة فإننا نشهد في أعماق أنفسنا على أن هؤلاء هم ماذا؟. هم أولياء لليهود والنصارى، أي دولة كانت يحدث في نفسك خوف منها فإنك في قرارة نفسك تشهد بأن تلك الدولة هي من أولياء اليهود والنصارى. هذه واحدة، وإلا ما الذي يمكن أن يخيفني من جانبهم إذا ما تحدثت عن أمريكا وإسرائيل وعن اليهود والنصارى؟؟.
ثم لنقل لهم هم من يمكن أن يدخل في نفس أي واحد منا خوف منهم: (ليس من مصلحتكم أن تظهروا للناس بأنهم يخافونكم إذا ما تحدثوا عن اليهود والنصارى ، وتحدثوا عن أمريكا وإسرائيل؛ لأنكم وإن قلتم ما قلتم وإن صنعتم ما صنعتم من مبررات فإن القرآن علمنا أنها ليست بشيء ، أنها ليست واقعية ، القرآن الكريم قال لنا:{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}(المائدة:52) من مصلحتكم أن لا تعززوا تلك الحقيقة في أعماق النفوس من أننا نخاف منكم إذا ما تحدثنا عن اليهود والنصارى ، إن أعماق النفوس هو مكمن الحقائق ، ففي أعماق النفوس تكون بذرات السَّخط ، تكون هناك بذور الحرية ، تكون هناك بذور الصرخات التي تسمعونها في وجوه أوليائكم وفي وجوهكم إذا ما تحركتم لتبرهنوا على أنكم فعلاً كما شعر الناس أمامكم بأنهم يخافون منكم فتعززون في أعماق نفوسهم هذه الحقيقة ،التي ليس من صالحكم أن تفهموا الناس بأنها حقيقة دعوها، فمن مصلحتكم أن تدعوها وهماً ، وأن تكون وهماً في نفوس الناس، ليس من مصلحتكم أن يكون من جانبكم أي تحرك ، أي حدث لتعززوا هذه الحقيقة في النفوس.
وكما قلنا سابقاً: لا تستطيعون أبداً لا تستطيعون أبداً ما دام لدينا ـ كمؤمنين ـ إيمانٌ بالله وبصدق قوله هو ،أن كل ما ينطلق من عبارات تدل على مسارعة باتجاه فوق أو باتجاه تحت، إلى اليهود والنصارى فإنها تنبئ عن مرض في القلوب، وإن أول من هدد كل من تنطلق من فمه أو يتحرك بما يدل على مرض في قلبه ،إن أول من هدده هو الله حيث يقول:{ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}، بل هدد بأن حقائق أمركم ستكشف هناك {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ} (المائدة:53) أليس هذا تهديد إلهي؟.
نحن كل ما بدر منا، وكل صرخة نرفعها، كل اجتماع نعمله كهذا أو غيره نحن إنما تأثرنا بوسائل إعلامكم فماذا تريدون أنتم عندما تعرضون علينا أخبار ضربات اليهود والأمريكيين والإسرائيليين هنا وهناك في أفغانستان وفي فلسطين وفي كل بقعة من بقاع هذا العالم، عندما تعرضونها علينا ماذا تريدون أنتم من خلال العرض؟.
عندما تأتي أنت أيها المذيع وتعرض علينا تلك الأخبار ، وعبر الأقمار الصناعية لنشاهدها ، فنشاهد أبناء الإسلام يُقًتَّلُون ويُذبحون، نشاهد مساكنهم تهدم ، هل تظن أننا سننظر إلى تلك الأحداث بروحية الصحفي الإخباري الذي يهمه الخبر فقط لمجرد الخبر. وتهمه نبرات صوته وهو يتحدث واهتزازات رأسه ، إن كنت لا تريد من نبرات صوتك أن توجد نبرات من الحرية نبرات في القلوب ، في الضمائر تصرخ بوجه أولئك الذين تقدم لنا أخبارهم ، إن كنت لا تريد باهتزاز رأسك أن تَهز مشاعر المسلمين هنا وهناك ،إن كنت إنما تحرص على نبرات صوتك وعلى اهتزازات رأسك لتظهر كَـ فَنيِّ إعلامي، نحن لا ننظر إلى الأحداث بروحيتك الفنية الإعلامية الإخبارية ، نحن مؤمنون ولسنا إعلاميين ولا صحفيين ولا إخباريين نحن نسمع قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} (الصف:2ـ3) نحن ننظر إلى ما تعرضه على شاشة التلفزيون بنظرتنا البدائية ،نحن لا نزال عرباً لم نَتَمَدّن بعد، ببساطة تفكيرنا كعرب مسلمين لا تزال في نفوسنا بقية من إبَاءٍ ،بقية من إيمان ، فنحن لسنا ممن ينظر إلى تلك الأحداث كنظرتك أنت.
لنقول لهم: إذا كنتم لا تريدون من خلال ما تعرضون أن تحدثوا في أنفسنا أن نصرخ في وجه أولئك الذين يصنعون بأبناء الإسلام ما تعرضونه أنتم علينا في وسائل إعلامكم فإنكم إنما تخدمون اليهود والنصارى وتخدمون أمريكا وإسرائيل بما تعرضون فعلاً؛ لأنكم إنما تريدون حينئذٍ بما تعرضون أن تعززوا في نفوس أبناء الإسلام في نفوس المسلمين الهزيمة والإحباط والشعور باليأس والشعور بالضَّعَة ، أو فاسكتوا فلا تعرضوا شيئاً ، ولكن لو سكتم فلم تعرضوا شيئاً ستكون إدانة أكبر وأكبر، ستكونون بسكوتكم تسكتون عن جرائم، تسكتون عن جرائم لليهود والنصارى في كل بقعة من بقاع العالم الإسلامي ضحيتها هم أبناء الإسلام، هم إخوانكم من المسلمين.
هذه الحقيقة : التي يجب أن نعرفها وأن نقولها لأولئك، وأن نرفض الحقيقة التي يريدون أن يرسخوها في أنفسنا هم من حيث يشعرون أو لا يشعرون، حقيقة الهزيمة ، (الهزيمة النفسية)، لا نسمح لأنفسنا ، لا نسمح لأنفسنا أن نشاهد دائماً تلك الأحداث وتلك المؤامرات الرهيبة جداً جداً ، ثم لا نسمح لأنفسنا أن يكون لها موقف ، سنكون من يشارك في دعم اليهود والنصارى عندما نرسخ الهزيمة في أنفسنا ، عندما نَجْبُن عن أي كلمة أمامهم.
إذاً فهمنا بأنه ليس من صالح أي دولة كانت أن تُظهِر للآخرين ما يخيفهم من جانبها عندما يتحدثون ويصرخون في وجه أمريكا وإسرائيل ، عندما يرفعون صوتهم بلعنة اليهود الذين لعنهم الله على لسان أنبيائه وأوليائه.
ثم سنسهم دائماً في كشف الحقائق في الساحة ؛ لأننا في عالم ربما هو آخر الزمان كما يقال ،ربما -والله أعلم- هو ذلك الزمن الذي يَتَغَرْبَل فيه الناس فيكونون فقط صفين فقط مؤمنون صريحون/ منافقون صريحون، والأحداث هي كفيلة بأن تغربل الناس ، وأن تكشف الحقائق.
عندما نتحدث أيضاً هو لنعرف حقيقة أننا أمام واقع لا نخلوا فيه من حالتين، كل منهما تفرض علينا أن يكون لنا موقف ، نحن أمام وضعية مَهِيْنة، ذل، وخزي ، وعار ، استضعاف ، إهانة، إذلال ، نحن تحت رحمة اليهود والنصارى، نحن كعرب كمسلمين أصبحنا فعلاً تحت أقدام إسرائيل، تحت أقدام اليهود، هل هذه تكفي إن كنا لا نزال عرباً، إن كان لا يزال لدينا شهامة العربي وإباه ونَخْوَته ونجدته لتدفعنا إلى أن يكون لنا موقف.