حيدر عراق
15-12-2011, 04:33 PM
مظفر النواب والثورات العربية (طلقة ثم الحدث 4/7)
حيدر محمد الوائلي
((الحلقة الرابعة))
وفي قصيدة جميلة كغيرها كثيرة سجلها مظفر النواب في سجل الإبداع الأدبي العربي المتواصل، تلك هي قصيدة (طلقة ثم الحدث)...
ترى الثورة الشعرية بأوج عظمتها، وبأحر لهيب نارها، تحرق هياكل من عروش بنيت على جرفٍ هارٍ من هياكل وجماجم الأبرياء والأحرار المطالبين بالحرية والكرامة والعدالة...
ومظفر النواب يرى الهياكل والجماجم جذوراً تحفر الأرض لتثبت القدم ليشهق الرأس عالياً صارخاً (الله أكبر) فللحرية الحمراء بابٌ بكل يد مضرجة يدقُ...
لتنبت شجرة الحرية التي سقت جذورها دماء الشهداء لتتورد أوراق الحرية خضراء يانعة...
الشاعر الثائر منذ عشرات السنين ولازال شاعراً ثائراً وهو رافض ومعارض بشعره للظلم حيثما عشش...
والظلم يعشش حيث يجد وكراً خاملاً ذليلاً متخاذلاً فوجد الظالمين والمتسلطين ضالتهم في الأرض العربية المسلمة التي ساهم رجال دينها وسياسييها وصراعات داخلية وخارجية وطائفية وقومية ودينية في جعلها ضعيفة ومتهالكة ومتهرئة وجعلت أظلم وأقسى وأجهل خلق الله يحكمون هذه الأرض الغنية بكل خيرات الله، فأتخمت البطون الحاكمة والمتسلطة وجاعت بقدر شبعها شعوب خلق الله الذين لم يكن لهم ذنباً إلا أن أنهم وُلِودوا ليحكمهم جاهل وظالم وجائر أسمه الحاكم وولي الأمر والسلطان والرئيس والملك والأمير، حيث لا إنتخابات حقيقية ولا همس بكلمة الحرية والديمقراطية، فحتى لو أعطوا الشعب حقه في أرضه رواتباً وخدمات فيمنون عليه بها وكأن خيرات الأرض ملك أبيهم ورثوه ليتصدقوا به على الشعب...
ولا خير في لقمة تتبعها مذلة، فالحق يؤخذ أخذاً، ولا يسمى حق من يشحذه بالذل شحذاً...
النواب الشاعر الثائر أيام كان العراق وأحراره من إسلاميين وعلمانيين يصرخون (لا) للظالمين، حينما سرق حزب البعث السلطة في العراق ومقتل أخر الحكام العادلين في الوطن العربي والعراق وهو الزعيم (عبد الكريم قاسم)، الذي قتلوه ولم يترك بعده من حطام الدنيا لا بيتاً يسكنه ولا ثروة يتنعم بها ورثته بعده حيث كان برصيده بقايا بخس دنانير معدودة من راتبه كضابط في الجيش العراقي رغم كونه رئيس الوزراء ويحكم خزائن العراق، وقضى فترة رئاسته في بيت أخيه حيث لم يكن له منزل يملكه...
كان العراق يومها وحيداً يصرخ بـ(لا) للظالمين، ويومها كانت أكثر الشعوب العربية وحكامها تهتف بـ(نعم) للظالمين و(بالروح بالدم نفديك يا......).
وكان في العراق الكثير ممن هتفوا بنعم للظلم ولكنهم لم يوقفوا مسيرة الأحرار الرافضين للظلم...
من أهوار الجنوب لجبال الشمال عبر سهول الوسط، كان العراق مليء بثائرين أحرار رفضوا الظلم أيام خنوع أكثر الشعوب للظلم...
وشعبٌ عراقيٌ تحمل القهر والألم والسجون وسفك الدماء ولم يؤيد الظالمين وضحى بعشرات الآلاف قرابين على مذبح الحرية (طبقاً لإحصائية منظمة حقوق الإنسان العراقي بعدد ضحايا نظام البعث السابق حيث أحصوا حوالي خمسة ملايين إنسان تم قتلهم وتصفيتهم)...
في تلك السنوات الأليمة كان العراق ثائراً منتفضاً رافضاً للظلم، بينما كان زين العابدين حبيب شعب تونس وحسني مبارك معبود جماهير مصر ومعمر القذافي ملك ملوك أفريقيا وأمير المؤمنين وسيد الحكام العرب...!!
لم تسجل أي انتفاضة ضدهم من شعوبهم طوال سنين حكمهم...
ولكي لا نحيد عن الصواب ولا نجانب الحقيقة والأنصاف فلقد سجل التاريخ معارضين بعضهم هاجر للخارج لاجئاً وآخرين غيبتهم السلطة في السجون ولم يطالب بهم أحد، وأخر ساكت دون تسجيل ثورة ولا انتفاضة تذكر إلا القليل جداً (كان أبرزها في مصر).
رغم وجود معارضة لهم، ولكنها كانت بالكاد يُسمع صوتها، ولكن العراق وفي فجر آذار من العام 1991 فجر الشعب ثورته الجماهيرية بانتفاضته الشعبانية وزعزع نظام حكم النظام السابق وسقطت جميع محافظات العراق بيد الثوار...
ولكن الرئيس السابق صدام حسين بعث بكبار قياداته الأمنية والحزبية ليجتمعوا مع القوات الأمريكية ومخابراتها في ما أسموه بأجتماع خيمة (سفوان) وقدم المفاوضين العراقيين التنازلات اللامتناهية لأمريكا مقابل أن ترفع أمريكا الحظر الجوي المفروض على العراق عقب الأجتياح الصدامي للكويت عام 1990، وفعلاً سمحت له أمريكا السائرة حيث مصلحتها بذلك وفتحت المجال الجوي لقوات الرئيس السابق صدام والذي كان محظوراً عليه الطيران، وتنازل في الأجتماع للكويت بحصة كبيرة من شط العرب التابع للعراق، وما مشكلة ميناء مبارك اليوم إلا بسبب ذلك الاجتماع المشؤوم...
فقصفت قوات نظام الرئيس السابق صدام وحزبه وجهاز أمنه المدن والقرى والأرياف العراقية الثائرة بالأسلحة الثقيلة وبالطائرات وأخمد ثورة الثوار بسيل الدماء ومجازر مروعة بحق الثائرين الذين لم يكن لهم مناصراً غير الله وصراخات الحق والحرية...
وبعدها تبدأ صفحة جديدة من السجن لكل من شارك بالأنتفاضة، أو إشتبهوا به بالمشاركة فيها، ولكل من لديه أقرباء شاركوا بها...
ومن بعدها قام الرئيس السابق صدام بأتخاذ قراره الجائر بتجفيف أهوار جنوب العراق الممتدة على مئات الكيلومترات لأنها منها إنطلقت شرارة الثورة بالرغم من أن هذه الأهوار إرتبطت بتاريخ العراق منذ نشأة أولى الحضارات (حضارة سومر)...
لينشر السفير الأمريكي في العراق (جيفري) مقال في صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 10/تشرين الثاني (نوفمبر)/2011 كتب فيها إعتذار للشعب العراقي من الحكومة الأمريكية لمناصرة أمريكا لنظام صدام وعدم مناصرة الثورة الشعبانية سنة 1991 المطالبة بإسقاط النظام.
طبعاً هذا الاعتذار جاء لمتطلبات اللعبة السياسية.
مع العلم أن لا الثوار ولا المواطنين طلبوا مناصرة أمريكا لهم يومها أساساً بل فقط طالبوا منها أن لا تدعم نظام صدام وهم من يتولون مهمة إسقاطه، على عكس ثورات اليوم رغم تقديري لها ولكن أكثرها جاء بمباركات وتدخلات أمريكية وإقليمية واضحة وكما حصل مثلاً في ثورة ليبيا ضد الدكتاتور القذافي حيث رفع الثوار الأعلام الأمريكية يقبلونها ومنهم من يقبلها أمام شاشات التلفزة وهو يهتف بأسمها متحمساً لها وللناتو...
وكما في سوريا التي تدخلت (العرب والأعاجم)!! لأسقاط نظامها، قطر والسعودية وتركيا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا تحمل شعارات الثورة السورية وتهتف بها (تريد إسقاط النظام) أكثر من السوريين الثوار أنفسهم.
كل ذلك والأخوة العرب ووسائل إعلامها وصحفها ومجلاتها وراديوهاتها وسياسييها وشعوبها ساكتين لم يناصروا ثوار العراق يومها لا بدعم مادي ولا معنوي...
واليوم يعيبون على كل من لم يناصر الثورات العربية التي قلّد بعضها بعضاً، ما عدا ثورة شعب تونس التي فجرت نفسها بنفسها بنار (محمد بو عزيزي)...
بينما في العراق فقد كانت معارضته شديدة وواضحة ومتحركة وفاعلة (علمانية منظمة، ودينية منظمة، وعشائرية وشعبية دون تنظيم) ومنذ أيام سرقة حزب البعث للسلطة في العام 1963.
مظفر النواب يذكر ويوثق في هذه القصيدة (طلقة ثم الحدث) التي ألقاها قبل عشرات السنين من اليوم (2011) وتنبأ بسقوط أنظمة عربية وألهم لثورات ضد حكام بعينهم سقط بعضهم وآخر في طور السقوط...
يستهل النواب قصيدته بهذه الأبيات في وصف الحكام العرب المجتمعين في القمة العربية المتخاذلة والبائسة بأجمعهم بعنوان رئيسي لهم، وهو أنهم ظالمين فاسدين، يقول:
لماذا أدخل القمع إلى القلب...
وتستولي الرقابة على صمتي...
وأوراقي.. وخطواتي.. ومتاهاتي...
ألّا أملك أن أسكت.. أن أنطق .. أن أمشي بغير الشارع الرسمي.. أن أبكي...
ألّا أملك حقا من حقوق النشر والتوزيع للنيران مجاناً...
لماذا يضع السيد هذا وطني في جيبه الخلفي...؟!
من أرثه النفط وتسويقي...
ومن ذا راودته نفسه أن يشتريني...
قسما لا بالسموات...
لكن بالسموات التي تمطر في عينيّ جنوبيٍ يتيمٍ في الحدث...
أحرق بيته...
طلقة ثم حدث...
ثم يوضح النواب الدور الأبرز لأمريكا في دعم وصناعة أولئك الحكام العرب الظالمين والفاسدين:
يصطف من صلى صلاة السيف والطلقة أمريكا هي الكفر...
وأمريكا ومن سوف هنا حزني...
ففي سوف صراع لم يحن...
أجلته إستعجلني...
كان يرى الأزمات والأوساخ والأبواب لا الطوفان...
كان البدء دعوة مظفر النواب للثورة في مصر ويختمها بالدور الكبير لنظام الحكم في السعودية في دعم الدكتاتوريات والأنظمة الفاسدة ولا زالت لليوم السعودية بنفس دورها تمثله وهو واضح للعيان، ولا يوجد من يقف ضدها فأمريكا وإسرائيل من خلفها تدعم السعودية وذيلها قطر في قمع كل حرية وحر وكل ثورة وثائر بالأموال والمخابرات ووسائل الأعلام وهي من أكثر البلدان تصديراً للنفط في العالم، وفيها أكبر احتياطي نفطي في العالم...
وأمراء السعودية وقطر يملكون الكثير من القنوات التلفزيونية ووسائل إعلام مختلفة عربية وعالمية، لا بعقولهم بل بأموال نفط شعوبهم المسروقة... يقول:
أفهموا مصر.. فكم من عاشق أتلف سوء الفهم نجواه...
وعري طاهر عندي ولا ثوب مريض الطهر رث...
أفهموا العمق.. فما كان أتى من عمقها...
واختمار العمق عشقٌ...
ولكم مختمر بالسطح والعمق غثاء وعبث...
السكاكين هي المهلة...
هل ترجو من الرحم الذي لقحه المال اليهودي طهورا في الطمث...
نجس كلٌ، سوى من لهف الأول بالجملة أوساخاً...
و(حسني) أحد الأقساط فيما قد لهف...
السكاكين هي المهلة...
أو عصر (يهوديٌ) (سعوديٌ) سيبني ألف ماخور من التلمود في أطفالنا...
في الحب.. في القرآن.. في الشارع.. في الأحلام...
فيمن شهدوا بدراً...
وفيمن شهدوا واستشهدوا...
من أجل أن نحيا ويستدعى الى محكمةٍ حتى النوايا والجثث...
((يتبعها قريباً الحلقة الخامسة))
حيدر محمد الوائلي
((الحلقة الرابعة))
وفي قصيدة جميلة كغيرها كثيرة سجلها مظفر النواب في سجل الإبداع الأدبي العربي المتواصل، تلك هي قصيدة (طلقة ثم الحدث)...
ترى الثورة الشعرية بأوج عظمتها، وبأحر لهيب نارها، تحرق هياكل من عروش بنيت على جرفٍ هارٍ من هياكل وجماجم الأبرياء والأحرار المطالبين بالحرية والكرامة والعدالة...
ومظفر النواب يرى الهياكل والجماجم جذوراً تحفر الأرض لتثبت القدم ليشهق الرأس عالياً صارخاً (الله أكبر) فللحرية الحمراء بابٌ بكل يد مضرجة يدقُ...
لتنبت شجرة الحرية التي سقت جذورها دماء الشهداء لتتورد أوراق الحرية خضراء يانعة...
الشاعر الثائر منذ عشرات السنين ولازال شاعراً ثائراً وهو رافض ومعارض بشعره للظلم حيثما عشش...
والظلم يعشش حيث يجد وكراً خاملاً ذليلاً متخاذلاً فوجد الظالمين والمتسلطين ضالتهم في الأرض العربية المسلمة التي ساهم رجال دينها وسياسييها وصراعات داخلية وخارجية وطائفية وقومية ودينية في جعلها ضعيفة ومتهالكة ومتهرئة وجعلت أظلم وأقسى وأجهل خلق الله يحكمون هذه الأرض الغنية بكل خيرات الله، فأتخمت البطون الحاكمة والمتسلطة وجاعت بقدر شبعها شعوب خلق الله الذين لم يكن لهم ذنباً إلا أن أنهم وُلِودوا ليحكمهم جاهل وظالم وجائر أسمه الحاكم وولي الأمر والسلطان والرئيس والملك والأمير، حيث لا إنتخابات حقيقية ولا همس بكلمة الحرية والديمقراطية، فحتى لو أعطوا الشعب حقه في أرضه رواتباً وخدمات فيمنون عليه بها وكأن خيرات الأرض ملك أبيهم ورثوه ليتصدقوا به على الشعب...
ولا خير في لقمة تتبعها مذلة، فالحق يؤخذ أخذاً، ولا يسمى حق من يشحذه بالذل شحذاً...
النواب الشاعر الثائر أيام كان العراق وأحراره من إسلاميين وعلمانيين يصرخون (لا) للظالمين، حينما سرق حزب البعث السلطة في العراق ومقتل أخر الحكام العادلين في الوطن العربي والعراق وهو الزعيم (عبد الكريم قاسم)، الذي قتلوه ولم يترك بعده من حطام الدنيا لا بيتاً يسكنه ولا ثروة يتنعم بها ورثته بعده حيث كان برصيده بقايا بخس دنانير معدودة من راتبه كضابط في الجيش العراقي رغم كونه رئيس الوزراء ويحكم خزائن العراق، وقضى فترة رئاسته في بيت أخيه حيث لم يكن له منزل يملكه...
كان العراق يومها وحيداً يصرخ بـ(لا) للظالمين، ويومها كانت أكثر الشعوب العربية وحكامها تهتف بـ(نعم) للظالمين و(بالروح بالدم نفديك يا......).
وكان في العراق الكثير ممن هتفوا بنعم للظلم ولكنهم لم يوقفوا مسيرة الأحرار الرافضين للظلم...
من أهوار الجنوب لجبال الشمال عبر سهول الوسط، كان العراق مليء بثائرين أحرار رفضوا الظلم أيام خنوع أكثر الشعوب للظلم...
وشعبٌ عراقيٌ تحمل القهر والألم والسجون وسفك الدماء ولم يؤيد الظالمين وضحى بعشرات الآلاف قرابين على مذبح الحرية (طبقاً لإحصائية منظمة حقوق الإنسان العراقي بعدد ضحايا نظام البعث السابق حيث أحصوا حوالي خمسة ملايين إنسان تم قتلهم وتصفيتهم)...
في تلك السنوات الأليمة كان العراق ثائراً منتفضاً رافضاً للظلم، بينما كان زين العابدين حبيب شعب تونس وحسني مبارك معبود جماهير مصر ومعمر القذافي ملك ملوك أفريقيا وأمير المؤمنين وسيد الحكام العرب...!!
لم تسجل أي انتفاضة ضدهم من شعوبهم طوال سنين حكمهم...
ولكي لا نحيد عن الصواب ولا نجانب الحقيقة والأنصاف فلقد سجل التاريخ معارضين بعضهم هاجر للخارج لاجئاً وآخرين غيبتهم السلطة في السجون ولم يطالب بهم أحد، وأخر ساكت دون تسجيل ثورة ولا انتفاضة تذكر إلا القليل جداً (كان أبرزها في مصر).
رغم وجود معارضة لهم، ولكنها كانت بالكاد يُسمع صوتها، ولكن العراق وفي فجر آذار من العام 1991 فجر الشعب ثورته الجماهيرية بانتفاضته الشعبانية وزعزع نظام حكم النظام السابق وسقطت جميع محافظات العراق بيد الثوار...
ولكن الرئيس السابق صدام حسين بعث بكبار قياداته الأمنية والحزبية ليجتمعوا مع القوات الأمريكية ومخابراتها في ما أسموه بأجتماع خيمة (سفوان) وقدم المفاوضين العراقيين التنازلات اللامتناهية لأمريكا مقابل أن ترفع أمريكا الحظر الجوي المفروض على العراق عقب الأجتياح الصدامي للكويت عام 1990، وفعلاً سمحت له أمريكا السائرة حيث مصلحتها بذلك وفتحت المجال الجوي لقوات الرئيس السابق صدام والذي كان محظوراً عليه الطيران، وتنازل في الأجتماع للكويت بحصة كبيرة من شط العرب التابع للعراق، وما مشكلة ميناء مبارك اليوم إلا بسبب ذلك الاجتماع المشؤوم...
فقصفت قوات نظام الرئيس السابق صدام وحزبه وجهاز أمنه المدن والقرى والأرياف العراقية الثائرة بالأسلحة الثقيلة وبالطائرات وأخمد ثورة الثوار بسيل الدماء ومجازر مروعة بحق الثائرين الذين لم يكن لهم مناصراً غير الله وصراخات الحق والحرية...
وبعدها تبدأ صفحة جديدة من السجن لكل من شارك بالأنتفاضة، أو إشتبهوا به بالمشاركة فيها، ولكل من لديه أقرباء شاركوا بها...
ومن بعدها قام الرئيس السابق صدام بأتخاذ قراره الجائر بتجفيف أهوار جنوب العراق الممتدة على مئات الكيلومترات لأنها منها إنطلقت شرارة الثورة بالرغم من أن هذه الأهوار إرتبطت بتاريخ العراق منذ نشأة أولى الحضارات (حضارة سومر)...
لينشر السفير الأمريكي في العراق (جيفري) مقال في صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 10/تشرين الثاني (نوفمبر)/2011 كتب فيها إعتذار للشعب العراقي من الحكومة الأمريكية لمناصرة أمريكا لنظام صدام وعدم مناصرة الثورة الشعبانية سنة 1991 المطالبة بإسقاط النظام.
طبعاً هذا الاعتذار جاء لمتطلبات اللعبة السياسية.
مع العلم أن لا الثوار ولا المواطنين طلبوا مناصرة أمريكا لهم يومها أساساً بل فقط طالبوا منها أن لا تدعم نظام صدام وهم من يتولون مهمة إسقاطه، على عكس ثورات اليوم رغم تقديري لها ولكن أكثرها جاء بمباركات وتدخلات أمريكية وإقليمية واضحة وكما حصل مثلاً في ثورة ليبيا ضد الدكتاتور القذافي حيث رفع الثوار الأعلام الأمريكية يقبلونها ومنهم من يقبلها أمام شاشات التلفزة وهو يهتف بأسمها متحمساً لها وللناتو...
وكما في سوريا التي تدخلت (العرب والأعاجم)!! لأسقاط نظامها، قطر والسعودية وتركيا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا تحمل شعارات الثورة السورية وتهتف بها (تريد إسقاط النظام) أكثر من السوريين الثوار أنفسهم.
كل ذلك والأخوة العرب ووسائل إعلامها وصحفها ومجلاتها وراديوهاتها وسياسييها وشعوبها ساكتين لم يناصروا ثوار العراق يومها لا بدعم مادي ولا معنوي...
واليوم يعيبون على كل من لم يناصر الثورات العربية التي قلّد بعضها بعضاً، ما عدا ثورة شعب تونس التي فجرت نفسها بنفسها بنار (محمد بو عزيزي)...
بينما في العراق فقد كانت معارضته شديدة وواضحة ومتحركة وفاعلة (علمانية منظمة، ودينية منظمة، وعشائرية وشعبية دون تنظيم) ومنذ أيام سرقة حزب البعث للسلطة في العام 1963.
مظفر النواب يذكر ويوثق في هذه القصيدة (طلقة ثم الحدث) التي ألقاها قبل عشرات السنين من اليوم (2011) وتنبأ بسقوط أنظمة عربية وألهم لثورات ضد حكام بعينهم سقط بعضهم وآخر في طور السقوط...
يستهل النواب قصيدته بهذه الأبيات في وصف الحكام العرب المجتمعين في القمة العربية المتخاذلة والبائسة بأجمعهم بعنوان رئيسي لهم، وهو أنهم ظالمين فاسدين، يقول:
لماذا أدخل القمع إلى القلب...
وتستولي الرقابة على صمتي...
وأوراقي.. وخطواتي.. ومتاهاتي...
ألّا أملك أن أسكت.. أن أنطق .. أن أمشي بغير الشارع الرسمي.. أن أبكي...
ألّا أملك حقا من حقوق النشر والتوزيع للنيران مجاناً...
لماذا يضع السيد هذا وطني في جيبه الخلفي...؟!
من أرثه النفط وتسويقي...
ومن ذا راودته نفسه أن يشتريني...
قسما لا بالسموات...
لكن بالسموات التي تمطر في عينيّ جنوبيٍ يتيمٍ في الحدث...
أحرق بيته...
طلقة ثم حدث...
ثم يوضح النواب الدور الأبرز لأمريكا في دعم وصناعة أولئك الحكام العرب الظالمين والفاسدين:
يصطف من صلى صلاة السيف والطلقة أمريكا هي الكفر...
وأمريكا ومن سوف هنا حزني...
ففي سوف صراع لم يحن...
أجلته إستعجلني...
كان يرى الأزمات والأوساخ والأبواب لا الطوفان...
كان البدء دعوة مظفر النواب للثورة في مصر ويختمها بالدور الكبير لنظام الحكم في السعودية في دعم الدكتاتوريات والأنظمة الفاسدة ولا زالت لليوم السعودية بنفس دورها تمثله وهو واضح للعيان، ولا يوجد من يقف ضدها فأمريكا وإسرائيل من خلفها تدعم السعودية وذيلها قطر في قمع كل حرية وحر وكل ثورة وثائر بالأموال والمخابرات ووسائل الأعلام وهي من أكثر البلدان تصديراً للنفط في العالم، وفيها أكبر احتياطي نفطي في العالم...
وأمراء السعودية وقطر يملكون الكثير من القنوات التلفزيونية ووسائل إعلام مختلفة عربية وعالمية، لا بعقولهم بل بأموال نفط شعوبهم المسروقة... يقول:
أفهموا مصر.. فكم من عاشق أتلف سوء الفهم نجواه...
وعري طاهر عندي ولا ثوب مريض الطهر رث...
أفهموا العمق.. فما كان أتى من عمقها...
واختمار العمق عشقٌ...
ولكم مختمر بالسطح والعمق غثاء وعبث...
السكاكين هي المهلة...
هل ترجو من الرحم الذي لقحه المال اليهودي طهورا في الطمث...
نجس كلٌ، سوى من لهف الأول بالجملة أوساخاً...
و(حسني) أحد الأقساط فيما قد لهف...
السكاكين هي المهلة...
أو عصر (يهوديٌ) (سعوديٌ) سيبني ألف ماخور من التلمود في أطفالنا...
في الحب.. في القرآن.. في الشارع.. في الأحلام...
فيمن شهدوا بدراً...
وفيمن شهدوا واستشهدوا...
من أجل أن نحيا ويستدعى الى محكمةٍ حتى النوايا والجثث...
((يتبعها قريباً الحلقة الخامسة))