المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سورة الكهف رؤية مهدوية ج 1


ابو الحسن الكاظمي
27-12-2011, 08:08 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعرض هذا المؤلف المسمى (سورة الكهف رؤية مهدوية) ارجو من القراء ان يعينوني في تقييمه وهو احدى الاطروحات المتعلقة بالربط القراني وسوره وبين الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف راجيا من الله السداد في التشرف بخدمته سلام الله عليه


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أضاء الارض بأنواره ورزق العباد من أفضاله ونوّر أفهام الناس بأعلامه والصلاة على سيد المرسلين وخير البشر محمدٍ المصطفى وعلى آله الأطهار المنتجبين الاخيار سفن النجاة والوسيلة لاستجابة الدعوات والمكفّر عن ذنبه من قدّم لهم الولاءات.
نجد أن من أهم المسائل التي تعرض على الانسان في حياته الدنيوية هي مسألة التولي لأولياء الله والتبري من اعدائه، ومن أهم المسائل االتي تعرض على الانسان في زمانه هذا والازمان السابقة هي قضية الانتظار لمنقذ أو مخلّص يمنّ الله به على هذه البشرية لينقذها من ظلمات الجهل والفسوق ويأخذ بيدها الى حيث الامن والايمان والعيش في سعادة وسلام، هذا المنقذ والمخلّص تضافرت عليه الاحاديث والروايات الكثيرة والمستفيضة في أنه سيبعث في آخر الزمان فيملأ الله به الارض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.
ونحن من خلال هذا البحث المتواضع نريد إثبات أهم الادوار التي يقوم بها هذا المخلّص المنتظَر من خلال المنطوق القرآني واستقراء الآيات القرآنية بصورة علمية بعيدة عن الغلو والتعصب وذلك من خلال سورة الكهف.
فسورة الكهف تحوي في طياتها ثلاث قصص قرآنية، هي قصة أصحاب الكهف ثم قصة العبد الصالح مع موسى & ثم قصة ذي القرنين، ذلك أن الغاية من كل قصة قرآنية وردت في كتاب الله العزيز تحتوي على ثلاثة مضامين:
الاول: هو وصف لحادثة سابقة في الأزمان البعيدة أي قبل نزول القرآن على قلب الخاتم !.
الثاني: هو أن لكل قصة قرآنية عبرة وغاية تنزل من الله عز وجل للإشارة الى مفهوم ما او درس معين، أو حادثة حدثت في زمان رسول الله ! وهي ما يعرف بسبب النزول.
الثالث: هو ما يكون له تطبيق في المستقبل أي بعد زمن النزول، لأن القرآن يخاطب العقول في كل زمان ومكان ولا يقتصر على زمن ومكان نزوله وبالتالي فإن هذه القصص القرآنية أيضاً لها تعلق في حياتنا اليوم وما يجري فيها من الاحداث.
لذا سنحاول إن شاء الله في هذا البحث أن نثبت إن سورة الكهف من خلال القصص التي وردت فيها إنما هي إشارة ودليل وتنبيه الى قضية الإمام المهدي "، مفصلةً أدواره التي يقوم بها منذ أن ولد في بيت الإمام العسكري # ومسألة غيبته وظهور دولته العالمية على وجه الارض فيملأ الارض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجورا.
كما سنحاول في هذا البحث ومن الله التسديد استعراض حركة الامام المهدي " من خلال سورة الكهف مع هذه الادوار الثلاث:
1. غيبته " وقصة أصحاب الكهف.
2. عمله " اثناء الغيبة وقصة العبد الصالح.
3. ظهوره " وقصة ذو القرنين.

القصة الاولى: أصحاب الكهف
قبل الدخول الى أهم أوجه التشابه بين أصحاب الكهف والإمام المهدي " لا بد من إلقاء النظر في أصحاب الكهف وما هي قصتهم والذي جرى معهم، لقد تواردت قصة أصحاب الكهف على ألسنة الكثير من المفسرين وذكروا الكثير من التفاصيل في أحوالهم وعددهم وقصتهم مع الملك، والمهم لنا في هذا البحث أن نوضحهُ هو أن أصحاب الكهف كانوا عدة من الشباب (أو من الكهول) ـ حسب رأي بعض المفسرين ـ[1] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftn1) إلا أنهم كانوا يملكون روح الفتية وقوة الشباب في الدفاع عن الحق والاستماتة من أجله، هذه المجموعة المؤمنة اتخذت قراراً خطيراً وهو أن الملك الذي يحكمهم كان مدعيا للربوبية هو مدعٍ كذاب لا يمت للربوبية والألوهية بصلة، إذ أن من كانت صفاته صفات بشر لا يمكن أن يكون إلهاً، من هذه الفكرة التي بدأت تكبر في أنفسهم شيئاً فشيئاً وصلوا الى قناعة أن العيش مع هذا الكافر لا يمكن أن يستمر فقرروا مفارقته رغم الصعوبات التي سيواجهونها بل حتى وإن كان مصيرهم الموت، وبالفعل صدر القرار من هؤلاء الفتية بالرحيل ومفارقة اجواء الظلام والكفر وبدأت الرحلة نحو المعشوق الحقيقي والرب الرحيم الذي لم يترك طالبيه من دون ان يمد لهم أياديه الرحيمة ويغرقهم في بحر عشقه ومعرفته، ابتدأت الرحلة وغادروا اقوامهم وعوائلهم وأحبتهم من إجل الحقيقة وحب الله الذي لا يوازيه أي حب أو علاقة عاطفية أخرى، لم يعرفوا أين يتوجهون فبدؤوا بالابتعاد عن المدينة التي كانوا يسكنونها الى مجهول لم يطلعوا عليه ولم يعرفوه، وفي أثناء رحلتهم نحو المجهول لاقوا في طريقهم راعيا للغنم مصطحباً معه كلبه وفي أثناء تعارفهم واستفهامه عن حالهم دخل الى قلبه نور دعوة الحق فقرر اللحاق بهم والانضمام الى الجمع المؤمن وكان هذا القرار قد صدر من الكلب فلحق بهم أيضاً، وبهذا تم العدد الذي شاء الله أن يكونوا سبعة وثامنهم كلبهم،وهذه حقيقة مهمة اذ ان دعوة الحق شاملة لكل المخلوقين من الامراء والرعاة بل حتى كلب الراعي كان من الداخلين في هذه الدعوة.
استمروا في مسيرهم حتى أدركهم التعب فوقع اختيارهم على أن يستريحوا في كهف من الكهوف الموجودة هناك كي يكونوا في مأمن من أعين الملك الجبار الذي سيبعث خلفهم ويلقي القبض عليهم لخيانتهم له، فلم يكن لهم أي خيار إلا اللجوء إلى هذا الكهف الذي سيوفر لهم الحماية والأمن من سطوة ذلك الملك الظالم، قال تعالى: )نحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى_وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا_هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا_وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا([2] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftn2) من هنا بدأت مرحلة الإعجاز والخروج عن المألوف فأنامهم الله نومة طويلة لم يشعروا بها حتى استغرقت منهم ثلاثمائة وتسع سنين، هذه السنوات الطوال وهم نائمون لا يعلمون بدوران الزمان عليهم وقد شملهم الله المنّان برحمة خاصة حيث كان يقلّبهم ذات اليمين وذات الشمال حتى لا تتفسخ أعضاؤهم لطول الرقود، وجعل الشمس تنتقل على كهفهم من الشرق إلى الغرب لتعطي لهم شيئاً من النور والدفء، يكفي للحفاظ على أجسادهم وتطهير الهواء داخل هذا الكهف، بل أن الله زادَ في مسألة الحفاظ عليهم حيث جعل الرعب والخوف يصيب كل من اطّلع عليهم، قال تعالى: )وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا_وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ([3] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftn3)واستمرت هذه الغيبة لأصحاب الكهف ثلاثمائة وتسع سنين حتى جاء وعد الله بالظهور مرة أخرى والعودة إلى واقع الحياة وانتهاء مرحلة الرقود والغيبة عن العالم الخارجي، آن الأوان أن تظهر دعوة الحق للناس وإظهار أثر الإيمان والعبودية الخالصة لله جل وعلا وإن الله ينجي عبده بشتى الطرق الاعتيادية والمعجزة الخارقة للعادة، فبعد أن بان أمرهم وما جرى عليهم من النومة والرقدة الطويلة، تعرّف الناس على حالهم وعرفوا أصحاب الدعوة الإلهية الحقة الذين رفضوا الظلم والجور ولم يصبروا على مشاهدة الكفر والمعصية وما هي اسباب الهجرة لله وحده، فتيقّنوا أن الله لا يترك أهل دعوتهِ والمؤمنين الخلَّص وأنه يمدهم بفيض رحمتهِ الواسعة ويحافظ عليهم من خطر الموت والإبادة ليكونوا آية للناس وشاهداً للأجيال، بعد كل ذلك كان قرار المؤمنين من أهل تلك المدينة أن يبنوا عليهم مسجداً بعد أن أماتهم الله في كهفهم وجعلهم علماً دالاً على أصحاب الدعوة الحقة والاعتقاد الصحيح، الى حين ظهورهم مرة اخرى في دولة الحق دولة الامام المهدي " كما تذكر الروايات.
كان هذا بيانا مختصرا لقصة أصحاب الكهف الذين ذكرت في القرآن الكريم قال تعالى: )كَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا([4] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftn4).
فبعد هذا الاستعراض السريع لقصة أصحاب الكهف نأتي الآن إلى أوجه الشبه بين قضية الإمام المهدي " وقصة أصحاب الكهف.

وجه الشبه الأول:
إن أصحاب الكهف كانوا أصحاب قضية التوحيد الحق لله عز وجل، قال تعالى: )وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا([5] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftn5)، كما إن من أهم ما يميز هؤلاء الجماعة أنهم فتية كما في قوله تعالى: )إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى([6] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftn6)، فالظاهر من هاتين الآيتين أن هؤلاء كانوا أصحاب موقف حق قوي دفعهم للقيام ضد صوت الكفر والإلحاد، وكان هذا الموقف نابع من الإيمان بالله وعدم المبالاة بأي شيء سواه، مصحوبا بالفتوة وهي دلالة على القوة والنشاط تمكنهم من الاستعداد للدفاع عن الحق ورفضهم كل صور الباطل، ومن خلال هذه الصفات والسمات لأصحاب الكهف نجد مدى التشابه والانطباق مع الإمام المهدي " وقضيتهِ وأنه تسلم دور الإمامة وهو في مرحلة الصبا والفتوة وهو دور عظيم محوري للدين والشريعة السماوية متحملاً أعباءها وثقلها حيث أجمعت أغلب الروايات على أن عمر الإمام المهدي " كان خمسة أو ستة أعوام حين تسلم دور الإمامة بعد استشهاد أبيه الإمام الحسن العسكري #، وهذا يدلل دلالة واضحة من أن أصحاب الدعوة الحقة لا يشترط فيهم العمر الكبير والسن الطاعنة بل ربما تقوم هذه الدعوة على أيدي فتية آمنوا بربهم أو على يد صبي لم يَبْلغ الحلم كالنبي عيسى # الذي اتاه الحكم وهو في المهد صبيا.

وجه الشبه الثاني:
إن أصحاب الكهف كانوا هم الوحيدون بين مجتمعهم من يحملون في عقولهم وقلوبهم حقيقة الدين وروح التوحيد لله تعالى والإخلاص له بكل ما أوتوا من قوة وعلى العكس من هذه العصبة فقد كان المجتمع المحيط بهم مليئا بالكفر والضلال والابتعاد عن روح الإيمان والتوحيد لله بدءً من ملكهم (دقيانوس) وانتهاءً إلى آخر فرد منهم، لذلك كانوا يعيشون مرحلة الغربة بين أفراد مجتمعهم والوحشة من الناس لأن المؤمن بالله لا يجد الأنس والراحة إلا من كان من صنفه وعقيدتهِ الموافقة له.
روي عن أمير المؤمنين # قوله: (لا تستوحشنّ طريق الحق لقلة سالكيه) فنجد أن أصحاب الكهف كانوا على هذه الحال فمع أنهم كانوا من أصحاب المقامات الرفيعة في الدولة أو أنهم كانوا وزراء للملك على بعض الروايات ويتمتعون بالنفوذ السياسي إلا أن هذه المغريات والمصالح الدنيوية لم تكن لهم بديلاً عن سعادة الإيمان والراحة النفسية في التصديق بربوبية الخالق الحقيقي لهذا الكون وهذا الوجود، فاختاروا الكهف الذي يخلو من كل ملذات الدنيا وزينتها ويفتقد لأبسط سبل الراحة، لكنهم اختاروه لانهم استوحشوا من تلك الدنيا وأهلها المليئة بالكفر والفسوق والعصيان، وهذا عين ما نجدهُ في الجو الذي كان يعيشه الإمام المهدي " فنجد أن البلاط العباسي كان يعيش في حالة من الانغماس في ملذات الدنيا وزينتها والعيش في جوٍّ خالٍ من روح الإيمان والتقوى، وبالرغم من أن الملك العباسي لم يكن يعلن الكفر صراحة بل أن ظاهرهُ الإسلام والتوحيد والإيمان برسالة الخاتم محمد ! إلا أنها كانت مجرد قشور ظاهرية خالية من المحتوى والمعنى، بل كانت هذه المفاهيم تعد أداة للحفاظ على سلطانهم وبسط نفوذهم على الناس وسلالم يتسلقونها للصعود إلى دكة الحكم والرياسة، فحقيقة العباسيين ومن سبقوهم من أمويين وخوارج هي حقيقة سوداء مظلمة مليئة بالكفر والفسوق والعصيان المبطن، وظاهرها الإسلام والصلاح، والأحداث المذكورة في تلك الحقب كثيرة دالة على ما قلناه بل يكفيها أنها قتلت خيرة الأوصياء والهادين ابتداءً من أبي الأئمة علي بن أبي طالب # وصولاً إلى قتل الإمام الحادي عشر الإمام الحسن العسكري #، أما بالنسبة للمجتمع الذي كان يعاصر الأئمة % ومنهم الإمام المهدي " فقد كان له أقسام عدة، فمنهم من هو موافق لسياسة الدولة العباسية ومنغمس في ملذاتهِ وشهواته ومنهم من هو غير راضٍ ولكنهُ يخاف من سطوة الحكام وآخر من هو مستضعف فقير لا حيلة له، ومع وجود الجهل والتخلف بعقيدة الإمامة الحقة والدين الإسلامي الحنيف ومنهم -وهم قليلون جداً- من يعتقد الولاء الحقيقي لأئمة أهل البيت والرسالة المحمدية والتوحيد الخالص لله سبحانه والخالي من الشرك والنفاق، فبالتالي نجد أن الأمر حينما وصل للإمام الثاني عشر كان المجتمع الذي يعاصره تطغى عليه صفة الابتعاد عن الله والانجراف نحو زخارف الدنيا وملذاتها، فمن هنا نجد هذا التشابه الواضح بين الجو الذي كان يعيشه أصحاب الكهف والجو والمجتمع الذي كان يعاصره الإمام المهدي المنتظر ".


وجه الشبه الثالث:
أن أهم ما نلاحظه في قصة أصحاب الكهف أنهم كانوا عصبة قليلة أمام الكثرة الغالبة، لم يتجاوز عددهم السبعة انفار مع ان المقابل لهم من اهل الشرك والضلال مدينة كاملة وعلى رأسهم ملكها (دقيانوس) فنجد من الملاحظ في تأريخ الامم السابقة ان اصحاب الدعوة الحقة والعقيدة الصحيحة والفطرة السليمة أنهم قلة قليلة تجابه كثرة مجتمعة على الكفر والشرك والظلال، ومنهم أصحاب الكهف ولذلك نجد ان الباري عز وجل أشار الى هذه الحقيقة في قرآنه الكريم حيث قال ) كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ([7] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftn7) وذلك أن مسألة الحق والانضمام الى جانبه تحتاج دائماً أو في الأعم الأغلب الى التضحية من أجل قضيته وهذهِ التضحية قد تكون بالمال أو الاولاد وقد يصل الامر الى التضحية بالروح والنفس لأجل إحقاق الحق ورفع رايته ونصرة أصحابه، فنجد أن اكثر الناس على مرّ العصور ليس لديهم هذا الاستعداد وهذه القوة الناضجة من أجل الحق ونصرته فيركنون الى الدنيا وزبرجها وملذاتها تاركين وراء ظهورهم الحق بعدم الانضمام الى ركبه او الانظواء تحت رايته، وهذه المشكلة هي نفسها كانت مستمرة الى زمن الأئمة % وزمن الإمام المهدي " فكان عصره وظروفه مشابهة الى حد كبير للظروف والاجواء التي عاشها أصحاب الكهف، فدور الحاكم العباسي آنذاك (المعتمد) في الجور والظلم هو نفسه الذي خاضه الملك الجبار (دقيانوس)، وحالة قلة الأتباع وناصري الحق هي نفسها التي عانى منها الإمام المهدي "، فكانت هذه العوامل هي ما شكلت وجه الشبه الثالث بين الإمام المهدي " وأصحاب الكهف رضوان الله عليهم.

ثمرة أوجه التشابه:
بعد أن استعرضنا هذه الاوجه الثلاث ـ وقد تكون اكثر ـ ولكن أهمها هي ما ذكرناه، نصل الى هذه الثمرة وهي أن اصحاب الكهف لما ظهر لهم الحق ودعوة التوحيد الخالصة لعبادة الله لم يمكن لهم أن يمارسوا هذه العبادة وهذه العقيدة بسلام فلجأوا الى الكهف وغابوا عن أهل المدينة، لذا نستطيع القول أن اصحاب الكهف كانوا في غيبة كبرى عن أهلهم وأصحابهم وأهل مدينتهم، وهذا أهم استنتاج نستنجه من سورة الكهف من خلال هذه القصة العظيمة وهو أن الله يمد أصحاب الحق وناصريه ورافعي راية التوحيد الخالص بكل اشكال المد الالهي والفيض الرحمني، وتعد من أهم انواع الرحمات والالطاف النازلة على هذه العصبة هي أن يجعل لهم الحماية والامن وذلك إن الباري عز وجل شاءت أرادته وحكمته إن الحق لا بد له من ناصر وجماعة يتمثل بها أو عصبة تتحمل أعباء الدعوة اليه، فإذا هدد هذه الجماعة خطر الاقصاء والقتل ولم يكن غيرهم في تلك المرحلة أو الحقبة من الزمان، فإن الله يتولى حمايتهم وصيانتهم من كل خطر يهددهم سواء كان هذا بواسطة الطرق الاعتيادية أو الطرق الاعجازية، وهذا هو ما جرى على اصحاب الكهف رضوان الله عليهم، فبسبب حملهم عقيدة التوحيد بالله وطلب الحق والدفاع عن وحدانيته ووجوده عز وجل واجههم خطر القتل والإبادة فجاءت الارادة الالهية بأنّه لابد لهذه الجماعة أن تحفظ وتصان من أي خطر قد يهددها فاقتضت الحكمة الربانية بأن يُغيّبون في كهفهم من حيث لا يشعر بهم أحد ولا يصل خبرهم الى أي شخص ماداموا هم مختفين في كهفهم الحاجب لهم عن أعين الناس وهذا هو عينه ما اقتضته الحكمة الالهية مرة ثانية ولكن على قدر أكبر في قضية الإمام المهدي " وقيادته وإمامته فمن خلال أوجه الشبه الثلاث نجد أن الإمام المهدي كان يمثل الدعوة الى التوحيد والحق والايمان بالرسالة المحمدية النازلة من الله وكان هذا الإمام العظيم فتياً في قوة دعوته، هذا اولاً، وثانياًَ كان هو الإمام الوحيد الباقي من إئمة أهل البيت % وآخر الحجج على وجه الارض وقد صدر بيان هذه الحقيقة على لسان أهل البيت % أن الارض لا تخلو من حجة ولو خلت لساخت بأهلها، عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن محمد بن الحسن عن ابي سعيدالعصفوري عن عمر بن ثابت عن ابي الجارود عن ابي جعفر الباقر # قال: )قال رسول الله !: إني واثني عشر من ولدي وانت يا علي زر الارض ـ يعني أوتادها وجبالها ـ بنا أوتد الله الارض أن تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الارض بأهلها ولم ينظروا([8] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftn8)، وثالثاً إن الإمام المهدي " كان يمثل محور الرسالة المحمدية والوتد الشامخ لحقيقة التوحيد إلا انه كان يمثل القلة القليلة فإن كان أصحاب الكهف قد بلغ عددهم سبعة أنفار مقابل مدينة كاملة فكان الإمام المهدي وحده مقابل أمم بأجمعها وقد اجتمعت على الضلال والانحراف والتزييف سواء كانوا من المسلمين أو باقي الاديان، لذلك نجد أن مشيئة الباري عز وجل جاءت مقررة لأن تكون واحدة من أنواع الحفاظ على هذه النفس المقدسة من الأخطار والتعذيب والقتل، هي ان يُغيّب صاحب هذا الأمر غيبة تحفظ له استمرار حياته بصورة سرية من حيث لا يشعر به احد ويكون له دور خاص في هذه الامة البعيدة عن الحق والمتناسية ادوارها في هذا العالم وعلة ايجادها في النظام الالهي، وهذا سيأتي بيانه في القصة الثانية من سورة الكهف وهي قصة العبد الصالح مع النبي موسى #.
إذن ما وصلنا اليه في هذه الثمرة الاولى من هذا البحث هو ان امر الغيبة ليس أمراً جديداً قد طرح لأول مرة في قضية الإمام المهدي " كما يدعيه بعض المعاندين بل ان مسألة الغيبة هي أمر قد حدث سابقا، ويكفينا هذا الدليل على مسألة الغيبة من القرآن، لذلك فإن أول دور اشار اليه القرآن لحركة الإمام المهدي " هو دور الغيبة من خلال قصة أصحاب الكهف.

[1] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftnref1) انظر تفسير العياشي ج3 وتفسير الميزان ج13

[2] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftnref2) سورة الكهف: الآيات 13-16.


[3] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftnref3) سورة الكهف: الآيتان 17-18.


[4] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftnref4) سورة الكهف: الآية 21.


[5] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftnref5) سورة الكهف: الآية 14.


[6] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftnref6) سورة الكهف: الآية 13.


[7] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftnref7) .سورة البقرة / آية 249.


[8] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=88#_ftnref8). الكافي ج 1/ ص 534.

melika
28-12-2011, 01:39 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الرااحمين


بورکتم اخی الکریم..

ربيبة الزهـراء
28-12-2011, 01:34 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الرااحمين





نور الله دربكم بنور اهل البيت
بوركتم على المشاركة

موفقين لكل خير

ابو الحسن الكاظمي
14-10-2012, 04:21 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الرااحمين


بورکتم اخی الکریم..
الأخت(melika)
شكرا لمروركم العبق

ابو الحسن الكاظمي
14-10-2012, 04:23 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الرااحمين





نور الله دربكم بنور اهل البيت
بوركتم على المشاركة

موفقين لكل خير
الأخت الغالية ربيبة الزهراء
شكرا لكلماتكم الوضاءة
دمتم في أمان

جعفر المندلاوي
15-10-2012, 08:14 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
أخي العزيز ابو الحسن اشد على يديك في هذا البحث المبارك وتحقيق الموضوع ،، واسمح لي ان اقول :
ان ثمة وجه آخر للشبه ، وهي ان اهل الكهف غابوا في الكهف بامر من الله الى وقت هو عز وجل حدده سلفا في علمه وأمروا بالاختفاء في الكهف،، وكذلك مولانا كان اختفاؤه وغيابه بامر الله تعالى حتى الوقت المعلوم ،،

موفق لكل خير
وتقبل تحيتي واحترامي *

صبرالدنيا
21-10-2012, 04:33 PM
بارك الله فيك

ابو الحسن الكاظمي
24-10-2012, 08:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
أخي العزيز ابو الحسن اشد على يديك في هذا البحث المبارك وتحقيق الموضوع ،، واسمح لي ان اقول :
ان ثمة وجه آخر للشبه ، وهي ان اهل الكهف غابوا في الكهف بامر من الله الى وقت هو عز وجل حدده سلفا في علمه وأمروا بالاختفاء في الكهف،، وكذلك مولانا كان اختفاؤه وغيابه بامر الله تعالى حتى الوقت المعلوم ،،

موفق لكل خير
وتقبل تحيتي واحترامي *
الأخ الغالي جعفر المندلاوي
شكرا لما كتبت واضفت ملاحضة قد غابت عن بالي
ارجو ان تقراء الجزء الثاني فقد تم رفعه
ولك مني خالص الدعاء بالتوفيق

ابراهيم العبيدي
28-10-2012, 02:12 PM
بسم الله (http://www.imshiaa.com/vb) الرحمن الرحيم
الله (http://www.imshiaa.com/vb) م صل على محمد (http://www.imshiaa.com/vb) وآل محمد (http://www.imshiaa.com/vb) الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم ياكريم
العجل العجل ياصاحب الزمان
شكرآ للموضوع القيم المبارك

ابو الحسن الكاظمي
31-10-2012, 05:22 PM
المبارك هو مروركم أخي العزيز ابراهيم العبيدي
ارجو ان تقراء الجزء الثاني