مُحب شهيد المحراب
02-01-2012, 10:25 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
مقدمة لا بد منها :
كثيرون هم الذين كتبوا عن واقعة الطف والمقالات لا تحصى ولا تعد في هذا الصدد ، وقد أحببت أن أضع لكم هذه المقالة حول رؤيتي ونظرتي لواقعة كربلاء من منظور ورؤية ربما مختلفة قليلاً عن باقي الرؤى ومن خلالها أستطيع أن أبين معنى واقعة الطف وما هو الهدف منها بشكل واضح و واقعي لا يقبل الشك ويرضخ لها كل عاقل ومنصف ومدرك لتاريخ الاسلام . . .
عندما كتبت موضوعي ( ما بين السيدة الزهراء و واقعة كربلاء للتاريخ والعقلاء ) أثبت من خلاله أن واقعة كربلاء كانت نتيجة حتمية لمظلومية السيدة الزهراء عليها السلام لا تقبل أي تشكيك وأن ما جرى على الامام الحسين عليه السلام كانت بدايته من السقيفة وبالادلة النقلية والعقلية ، فبعد هذا الاثبات أريد أن أثبت بأن يزيد بن معاوية هو نتيجة للسقيفة وهو ثمرة ذلك الإنقلاب الذي قاده الاعراب من دون ذكر أسمائهم حتى لا ندخل في سجال عقيم حول هذه الاسماء ، ولأن الحديث عن واقعة الطف ليس بالأمر السهل فأرجو أن تستفيدوا من التفاصيل التي سأذكرها وأرجو المعذرة في الاطالة . . .
المبحث :
عندما حدثت فاجعة الهجوم على السيدة الزهراء وإغتصاب حقها وحرق منزلها كانت في عهد ذلك الخليفة ولأنهم كانوا أكثرية وبيدهم زمام الامور حاولوا بكل جهودهم تحريف التاريخ وإخفاء هذه المصيبة وعدم اثباتها من خلال بعض المواقف التي اخترعوها مع السيدة الزهراء ومع أمير المؤمنين حتى يبينوا أنه لا يوجد أي خلاف بينهم ، كما فعلوها من قبل و استطاعوا نكث بيعة أمير المؤمنين عليه السلام في غدير خم وأخذوا حقه بتلك الطريقة الشيطانية عندما ألبسوها لباس الاسلام ولباس التقوى المزيف ، لذلك كان هدف الإمام الحسين عليه السلام من خلال ثورته تعرية تلك الاحداث وتبيان حقيقة ما حصل و وقع على أمه وأبيه وأخيه عليهم جميعاً سلام الله ، فأراد أن يضع خطاً عريضاً فاصلاً بين تلك الحقبة وبين هذه الحقبة حتى يفصل بين الجميع ويوضح أن ما حصل له من جرائم على أيدي مدعين الاسلام كان من البداية وكان بسبب المجرم الاول ، وإذا كان المجرمين في المدينة المنورة يستطيعون أن يخدعوا البسطاء ويصوروا لهم أنهم أبرياء من دماء أهل البيت وأنهم دفنوا بجوار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) على أنه كرامة لهم ومن شدة حبهم له ، فهنا في كربلاء لن يستطيعوا أن يبرأو أنفسهم أبداً لأن وصول يزيد بن معاوية الى كرسي السلطة يعني سقوط الأمة الاسلامية الى الهاوية بل وقوعها في قمة الإنحطاط الاخلاقي عندما يصبح هذا وأمثاله أوصياء على الامة المنهدرة كرامتها والتي بيعت في السقيفة من أجل فلان وفلان أن يجلسوا على الكرسي ، فلم يعد للإسلام قيمة لأن هذا بداية الانهيار الحقيقي للدولة الاسلامية الذي كان منطلقه في السقيفة ، فتولي يزيد بن معاوية زمام الامور يعني سقوط الدولة الاسلامية بيد أبناء البغايا وأولاد الطلقاء وأن الحكم سيصبح ( ملكياً ) لهؤلاء المجرمين ولأبنائهم وبهذا سيصبح الاسلام لا قيمة له ولا وجود له وإنما فقط يبقى ( إسم ) من دون تطبيق حقيقي له خصوصاً عندما يكون رأس السلطة أو ما يسمى لديهم ( ولي الامر ) بهذا الإنحطاط الاخلاقي والفسوق الامتناهي ، فكان خروج الامام الحسين عليه السلام من المدينة المنورة مروراً بمكة المكرمة الى كربلاء هو بمثابة تحرك الاسلام برمته في ذلك الوقت لأنه لا يوجد شخص بعظمة الامام الحسين يمثل الاسلام الصحيح إسلام جده المصطفى ويمثل مسيرة والده أمير المؤمنين و أخيه الحسن عليه السلام ، فإختار العراق كمسرح كامل ليكشف فيه جميع الاوراق أمام العالم ويعطي الحقيقة الكاملة لما جرى على أهل البيت وأنه من خلال هذا الخروج وهذه المعركة أصبح الفيصل الرئيسي بين حكم الذين سبقوه والذين سيصبحون فيما بعد فهو أراد أن يبين بأن نتيجة إختطاف الخلافة من قبل الاول والثاني والثالث أوصل الأمة الى هذه الحالة بحيث تحارب إبن رسول الله (ص) إبن رسولهم كما حاربوا وصيه وأبن عمه من قبل فهاهي نتيجة الخلافة التي إغتصبوها وهذه ثمرة ما فعلوه من مخالفة لنصوص وأحاديث رسول الله (ص) فماذا يعني أن تخرج الامة لمحاربة الحق ومحاربة ابن رسولهم الذي أنقذهم من الجاهلية والظلال ؟؟؟!!!
كيف وصلت هذه الامة الى هذا الحد من الانقلاب على سبط الرسول الاكرم وكيف تجرأت على سيد شباب أهل الجنة ؟؟؟!!
هذه بعض الاسئلة التي ولدت من رحم واقعة الطف والتي أطلقها سيد شباب أهل الجنة حتى تبقى علامة ( ؟ ) و ( ! ) مدوية على مدى الدهر تدل على الإنتهاك الصارخ لكل المقدسات ولكل القيم والمبادئ ، فلهذا كان الإمام الحسين عليه السلام يعلم علم اليقين أن من خلال دمائه الطاهرة ومن خلال تضحياته التي بذلها سيضع الأمة بأجمعها أمام خيارين لا ثالث لهما وهما إما الإلتحاق بركب الامام الحسين عليه السلام ومولاته والبراءة ممن ظلمه وأسس أساس الظلم عليه وعلى أهل بيته من الاولين والآخرين وإما البقاء في الهاوية وفي الظلال من خلال إتباع من مهدوا و أوصلوا الامة الى هذه الحال ، لهذا كما نرى ونشاهد اليوم أن الحرب عندما تشن بهذا الشكل الهمجي على الإمام الحسين عليه السلام وعلى شعائر الامام الحسين وعلى زواره هي من أجل الابتعاد عن الامام الحسين وعدم احياء مصيبته لأنها ستفضح كل الحقائق للعالم وتبين أن الأمة سقطت وسقطت ورجعت الى الجاهلية وإنقلبت على أعقابها فأنجبت ( نكسة الضمير الانساني ) في كربلاء بتلك الوحشية والدموية والإجرام ، لم تكن دماء الامام الحسين إلا رسالة رفض لجميع الحكومات التي حاربت أهل البيت عليهم السلام فهو قد حارب بدمائه كل من حارب أهل البيت عليهم السلام إبتداءاً بمن حاربوا أمه السيدة الزهراء عليها السلام وكذلك من حارب الامام علي عليه السلام وكذلك من حارب الامام الحسن عليه السلام ، فقد رفض جميع دولهم وحكوماتهم بكلمته المشهورة ( إن لم يستقم دين جدي محمد إلا بدمي فيا سيوف خذيني ) وأيضاً كلمته :
لم أخرج أشراً ولا بطراً وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي
فهذا يدل على أن دين الرسول الأكرم كان منحرفاً لدى العامة فمن الذي حرفه عن مساره الصحيح ؟؟؟!! وكيف انحرف ؟؟؟!! لهذا لن يستقيم هذا الدين الا بهذه الملحمة الخالدة فمن يريد أن يتبع الإستقامة والسراط المستقيم فعليه أن يبحث عن الحق وعن الإسلام الصحيح وهذا لن يجده الا من خلال الامام الحسين الذي سيخبره بأن الحكومات التي خلفت جده كانت فاشلة وهي التي أوصلت الامة الى هذا الانحطاط الاخلاقي وهذه هي نتيجة وثمرة من خلفوا رسول الله (ص) وأن الحكومات القادمة ستكون أفشل منها ولا يوجد إسلام حقيقي إلا من خلال أهل البيت ومن خلال سفن النجاة والأئمة المعصومين الذين أوصى بهم سيد الخلق عليه وآله افضل الصلاة والسلام وجعلهم وجعلهم الثقل الثاني بعد القرآن الكريم . . .
وهنا توجد نقطة مهمة يجب الانتباه لها وهي أن المعركة كانت بعيدة عن مركز الحكم ولم تكن قريبة منه كما حدث مع الخليفة الاول لأن المعركة عندما تكون قريبة من الحاكم وتكون له الأكثرية والغلبة يستطيع من خلال اعلامه أن يقلب الأمور لصالحه ، لهذا اختار الامام الحسين أن تكون المعركة في بلد آخر ليصبح أهل ذلك البلد هم الاقرب الى الواقع ويعرفون مجريات الامور ولا يستطيع الحاكم أن يخدعهم بإعلامه مهما فعل واجتهد ، ولهذا أعتقد أن إختيار كربلاء وأهل العراق بالخصوص كان من أجل أن لا تندثر هذه الملحمة وتبقى خالدة في بلد ذو أعراق مختلفة وديانات متعددة وله مركزه في المنطقة والعالم ، فلو كانت نهضة الامام الحسين في منطقة أخرى كالشام أو الحجاز لربما غابت عنا الكثير من الحقائق واختفت واندثرت بسبب طبيعة أهل تلك البلاد في ذلك الزمن وعدم مقدرتهم على مواجهة الحاكم واجرامه كما كان وحصل في العراق ، فمع كل القمع الذي عاناه أهل العراق من الحكم الاموي والعباسي من أمثال الحجاج والمتوكل وغيرهم إلا أنهم فشلوا بإخفاء معالم نهضة الامام الحسين عليه السلام طبعاً هذا بفضل من الله عز وجل بأن أكرم أهل العراق وجعلهم يذوبون في الامام الحسين ويقدمون أيديهم وأنفسهم وأرواحهم رخيصة في سبيله وما نراه اليوم في طريق كربلاء ليس سوى ( شيء بسيط ) جداً أبهر العالم وأدهش الجميع حتى أنا كعراقي لم أكن أتصور أن العراقيين لهم كل هذا الولاء والحب للإمام الحسين وبهذا الشكل الكبير ، لهذا يجب أن يفهم الكثيرون بأن الإمام الحسين عليه السلام لم يقتله أهل العراق أو أهل الكوفة كما يتصورون ويرددون وينشرون بل كان إختياره لأهل العراق فيها ادراك تام ومعرفة إللهية بأن هذه الارض ومن يسكنها سيتفانون في الدفاع عن الامام الحسين ويذودون عنه وعن المبادئ التي سطرها لهم في كربلاء وأنهم سيرفعون رايته في السماء خفاقة دوماً . . .
الخلاصة :
اذاً ما أردت أن أوصله من وجهة نظري ورؤيتي البسيطة لنهضة الامام الحسين عليه السلام وبتلخيص سريع هو :
أن الامام الحسين أصبح خطاً فاصلاً بين حقبتين تاريختين الاولى كانت بأسماء ( مزخرفة ) لها عناوين ( إسلامية ) مثل ( الخلفاء الراشدين أو الصديق أو الفاروق ) تدعي أنها تمثل الاسلام في حكمها و وصولها الى الخلافة واستطاعت هذه الاسماء أن تخفي الحقائق بطريقتها الخاصة عن طريق الكرسي والتمثيليات الكثيرة التي اختلقتها وصدقها السذج وأصبحت أمر اعتيادي بالنسبة لهم ، وبين حقبة ثانية كانت بدايتها مع ابن طاغية مجرم فاسق لا يعرف شيئ من الدين ولا يمثل سوى الجاهلية الاولى وصل الى الكرسي بواسطة الذين سبقوه لأنهم مكنوا له ولأبوه وساعدوهم وأعطوهم حكم الشام حتى أصبحوا حكام على دول بأكملها ، وهنا ألتقت الكفتين والرمزين رمز يمثل رسول الله (ص) بكل معنى الكلمة و رمز يمثل ( ابوسفيان ) وأولاده ، فمهما كانت نتيجة الحرب أو المعركة فبكلتا الحالتين المنتصر هو رسول الله(ص) لأن الحق مع رسول الله(ص) ، لهذا كان الامام الحسين عليه السلام مدركاً تماماً أن ما سيحصل له خلال هذه الواقعة سيكون بمثابة ( إحياء ) الاسلام من جديد لأنهم قتلوه في السقيفة ، وليست معركة عادية يخسر فيها أحد الاطراف كما يعتقد الكثيرين من السذج والواهمين بأن بعض الصحابة نصحوا الامام الحسين بعدم الخروج الى العراق وأن أهل العراق خانوا الأمام الحسين ع وغدروا به وخسر المعركة ، فمن يعتقد بهذا الامر فهو لا يعي و لا يدرك معنى خروج الامام الحسين من المدينة وعدم مبايعته ليزيد ، وعليه أن يعرف ويعلم كيف وصل الحال بالأمة بأن يكون 70 ألف من الجيش يقاتلون ابن رسولهم ؟؟!!!! إذاً أراد الامام الحسين أن يعطي الصورة الحقيقية لما وصلت اليه حال المسلمين بل حال الاسلام نتيجة سياسات السابقين فوقف بهذا الموقف وهو يمثل القمة الشامخة والإسلام برمته حتى يعطي للعقلاء فقط أن الإمام الحسين خرج من أجل قضية وليس من أجل دنيا ، وأن هذه القضية هي أن يتركوا الجاهلية ويبتعدوا عنها ويرجعوا الى دين جده رسول الله(ص) الدين الصحيح الذي غيرته سياسة المعتدين والمتطفلين عليه ، فكانت تضحية الامام الحسين هي الخط العريض الكبير الفاصل بين الحق والباطل وبين الاسلام الحقيقي والاسلام الذي قتله السابقون في السقيفة . . .
يوم العاشر من المحرم هو يوم ليس كباقي الايام لأن من خلاله كشف الإمام الحسين عليه السلام جميع الاوراق والأدلة للعالم فتركها ليقرأونها فمنهم من يفهم هذه الاوراق ومنهم من على بصره غشاوة ومنهم من لا يفقه ولا يفهم شيئ فأصبح مشاركاً مع الشمر وعمر ابن سعد وعبيدالله ابن زيارد في قتل الامام الحسين ع . . .
جعلنا الله وأياكم من المدافعين والمناصرين للإسلام الحقيقي الذي يمثله الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته الطيبين الطاهرين . . .
مقدمة لا بد منها :
كثيرون هم الذين كتبوا عن واقعة الطف والمقالات لا تحصى ولا تعد في هذا الصدد ، وقد أحببت أن أضع لكم هذه المقالة حول رؤيتي ونظرتي لواقعة كربلاء من منظور ورؤية ربما مختلفة قليلاً عن باقي الرؤى ومن خلالها أستطيع أن أبين معنى واقعة الطف وما هو الهدف منها بشكل واضح و واقعي لا يقبل الشك ويرضخ لها كل عاقل ومنصف ومدرك لتاريخ الاسلام . . .
عندما كتبت موضوعي ( ما بين السيدة الزهراء و واقعة كربلاء للتاريخ والعقلاء ) أثبت من خلاله أن واقعة كربلاء كانت نتيجة حتمية لمظلومية السيدة الزهراء عليها السلام لا تقبل أي تشكيك وأن ما جرى على الامام الحسين عليه السلام كانت بدايته من السقيفة وبالادلة النقلية والعقلية ، فبعد هذا الاثبات أريد أن أثبت بأن يزيد بن معاوية هو نتيجة للسقيفة وهو ثمرة ذلك الإنقلاب الذي قاده الاعراب من دون ذكر أسمائهم حتى لا ندخل في سجال عقيم حول هذه الاسماء ، ولأن الحديث عن واقعة الطف ليس بالأمر السهل فأرجو أن تستفيدوا من التفاصيل التي سأذكرها وأرجو المعذرة في الاطالة . . .
المبحث :
عندما حدثت فاجعة الهجوم على السيدة الزهراء وإغتصاب حقها وحرق منزلها كانت في عهد ذلك الخليفة ولأنهم كانوا أكثرية وبيدهم زمام الامور حاولوا بكل جهودهم تحريف التاريخ وإخفاء هذه المصيبة وعدم اثباتها من خلال بعض المواقف التي اخترعوها مع السيدة الزهراء ومع أمير المؤمنين حتى يبينوا أنه لا يوجد أي خلاف بينهم ، كما فعلوها من قبل و استطاعوا نكث بيعة أمير المؤمنين عليه السلام في غدير خم وأخذوا حقه بتلك الطريقة الشيطانية عندما ألبسوها لباس الاسلام ولباس التقوى المزيف ، لذلك كان هدف الإمام الحسين عليه السلام من خلال ثورته تعرية تلك الاحداث وتبيان حقيقة ما حصل و وقع على أمه وأبيه وأخيه عليهم جميعاً سلام الله ، فأراد أن يضع خطاً عريضاً فاصلاً بين تلك الحقبة وبين هذه الحقبة حتى يفصل بين الجميع ويوضح أن ما حصل له من جرائم على أيدي مدعين الاسلام كان من البداية وكان بسبب المجرم الاول ، وإذا كان المجرمين في المدينة المنورة يستطيعون أن يخدعوا البسطاء ويصوروا لهم أنهم أبرياء من دماء أهل البيت وأنهم دفنوا بجوار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) على أنه كرامة لهم ومن شدة حبهم له ، فهنا في كربلاء لن يستطيعوا أن يبرأو أنفسهم أبداً لأن وصول يزيد بن معاوية الى كرسي السلطة يعني سقوط الأمة الاسلامية الى الهاوية بل وقوعها في قمة الإنحطاط الاخلاقي عندما يصبح هذا وأمثاله أوصياء على الامة المنهدرة كرامتها والتي بيعت في السقيفة من أجل فلان وفلان أن يجلسوا على الكرسي ، فلم يعد للإسلام قيمة لأن هذا بداية الانهيار الحقيقي للدولة الاسلامية الذي كان منطلقه في السقيفة ، فتولي يزيد بن معاوية زمام الامور يعني سقوط الدولة الاسلامية بيد أبناء البغايا وأولاد الطلقاء وأن الحكم سيصبح ( ملكياً ) لهؤلاء المجرمين ولأبنائهم وبهذا سيصبح الاسلام لا قيمة له ولا وجود له وإنما فقط يبقى ( إسم ) من دون تطبيق حقيقي له خصوصاً عندما يكون رأس السلطة أو ما يسمى لديهم ( ولي الامر ) بهذا الإنحطاط الاخلاقي والفسوق الامتناهي ، فكان خروج الامام الحسين عليه السلام من المدينة المنورة مروراً بمكة المكرمة الى كربلاء هو بمثابة تحرك الاسلام برمته في ذلك الوقت لأنه لا يوجد شخص بعظمة الامام الحسين يمثل الاسلام الصحيح إسلام جده المصطفى ويمثل مسيرة والده أمير المؤمنين و أخيه الحسن عليه السلام ، فإختار العراق كمسرح كامل ليكشف فيه جميع الاوراق أمام العالم ويعطي الحقيقة الكاملة لما جرى على أهل البيت وأنه من خلال هذا الخروج وهذه المعركة أصبح الفيصل الرئيسي بين حكم الذين سبقوه والذين سيصبحون فيما بعد فهو أراد أن يبين بأن نتيجة إختطاف الخلافة من قبل الاول والثاني والثالث أوصل الأمة الى هذه الحالة بحيث تحارب إبن رسول الله (ص) إبن رسولهم كما حاربوا وصيه وأبن عمه من قبل فهاهي نتيجة الخلافة التي إغتصبوها وهذه ثمرة ما فعلوه من مخالفة لنصوص وأحاديث رسول الله (ص) فماذا يعني أن تخرج الامة لمحاربة الحق ومحاربة ابن رسولهم الذي أنقذهم من الجاهلية والظلال ؟؟؟!!!
كيف وصلت هذه الامة الى هذا الحد من الانقلاب على سبط الرسول الاكرم وكيف تجرأت على سيد شباب أهل الجنة ؟؟؟!!
هذه بعض الاسئلة التي ولدت من رحم واقعة الطف والتي أطلقها سيد شباب أهل الجنة حتى تبقى علامة ( ؟ ) و ( ! ) مدوية على مدى الدهر تدل على الإنتهاك الصارخ لكل المقدسات ولكل القيم والمبادئ ، فلهذا كان الإمام الحسين عليه السلام يعلم علم اليقين أن من خلال دمائه الطاهرة ومن خلال تضحياته التي بذلها سيضع الأمة بأجمعها أمام خيارين لا ثالث لهما وهما إما الإلتحاق بركب الامام الحسين عليه السلام ومولاته والبراءة ممن ظلمه وأسس أساس الظلم عليه وعلى أهل بيته من الاولين والآخرين وإما البقاء في الهاوية وفي الظلال من خلال إتباع من مهدوا و أوصلوا الامة الى هذه الحال ، لهذا كما نرى ونشاهد اليوم أن الحرب عندما تشن بهذا الشكل الهمجي على الإمام الحسين عليه السلام وعلى شعائر الامام الحسين وعلى زواره هي من أجل الابتعاد عن الامام الحسين وعدم احياء مصيبته لأنها ستفضح كل الحقائق للعالم وتبين أن الأمة سقطت وسقطت ورجعت الى الجاهلية وإنقلبت على أعقابها فأنجبت ( نكسة الضمير الانساني ) في كربلاء بتلك الوحشية والدموية والإجرام ، لم تكن دماء الامام الحسين إلا رسالة رفض لجميع الحكومات التي حاربت أهل البيت عليهم السلام فهو قد حارب بدمائه كل من حارب أهل البيت عليهم السلام إبتداءاً بمن حاربوا أمه السيدة الزهراء عليها السلام وكذلك من حارب الامام علي عليه السلام وكذلك من حارب الامام الحسن عليه السلام ، فقد رفض جميع دولهم وحكوماتهم بكلمته المشهورة ( إن لم يستقم دين جدي محمد إلا بدمي فيا سيوف خذيني ) وأيضاً كلمته :
لم أخرج أشراً ولا بطراً وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي
فهذا يدل على أن دين الرسول الأكرم كان منحرفاً لدى العامة فمن الذي حرفه عن مساره الصحيح ؟؟؟!! وكيف انحرف ؟؟؟!! لهذا لن يستقيم هذا الدين الا بهذه الملحمة الخالدة فمن يريد أن يتبع الإستقامة والسراط المستقيم فعليه أن يبحث عن الحق وعن الإسلام الصحيح وهذا لن يجده الا من خلال الامام الحسين الذي سيخبره بأن الحكومات التي خلفت جده كانت فاشلة وهي التي أوصلت الامة الى هذا الانحطاط الاخلاقي وهذه هي نتيجة وثمرة من خلفوا رسول الله (ص) وأن الحكومات القادمة ستكون أفشل منها ولا يوجد إسلام حقيقي إلا من خلال أهل البيت ومن خلال سفن النجاة والأئمة المعصومين الذين أوصى بهم سيد الخلق عليه وآله افضل الصلاة والسلام وجعلهم وجعلهم الثقل الثاني بعد القرآن الكريم . . .
وهنا توجد نقطة مهمة يجب الانتباه لها وهي أن المعركة كانت بعيدة عن مركز الحكم ولم تكن قريبة منه كما حدث مع الخليفة الاول لأن المعركة عندما تكون قريبة من الحاكم وتكون له الأكثرية والغلبة يستطيع من خلال اعلامه أن يقلب الأمور لصالحه ، لهذا اختار الامام الحسين أن تكون المعركة في بلد آخر ليصبح أهل ذلك البلد هم الاقرب الى الواقع ويعرفون مجريات الامور ولا يستطيع الحاكم أن يخدعهم بإعلامه مهما فعل واجتهد ، ولهذا أعتقد أن إختيار كربلاء وأهل العراق بالخصوص كان من أجل أن لا تندثر هذه الملحمة وتبقى خالدة في بلد ذو أعراق مختلفة وديانات متعددة وله مركزه في المنطقة والعالم ، فلو كانت نهضة الامام الحسين في منطقة أخرى كالشام أو الحجاز لربما غابت عنا الكثير من الحقائق واختفت واندثرت بسبب طبيعة أهل تلك البلاد في ذلك الزمن وعدم مقدرتهم على مواجهة الحاكم واجرامه كما كان وحصل في العراق ، فمع كل القمع الذي عاناه أهل العراق من الحكم الاموي والعباسي من أمثال الحجاج والمتوكل وغيرهم إلا أنهم فشلوا بإخفاء معالم نهضة الامام الحسين عليه السلام طبعاً هذا بفضل من الله عز وجل بأن أكرم أهل العراق وجعلهم يذوبون في الامام الحسين ويقدمون أيديهم وأنفسهم وأرواحهم رخيصة في سبيله وما نراه اليوم في طريق كربلاء ليس سوى ( شيء بسيط ) جداً أبهر العالم وأدهش الجميع حتى أنا كعراقي لم أكن أتصور أن العراقيين لهم كل هذا الولاء والحب للإمام الحسين وبهذا الشكل الكبير ، لهذا يجب أن يفهم الكثيرون بأن الإمام الحسين عليه السلام لم يقتله أهل العراق أو أهل الكوفة كما يتصورون ويرددون وينشرون بل كان إختياره لأهل العراق فيها ادراك تام ومعرفة إللهية بأن هذه الارض ومن يسكنها سيتفانون في الدفاع عن الامام الحسين ويذودون عنه وعن المبادئ التي سطرها لهم في كربلاء وأنهم سيرفعون رايته في السماء خفاقة دوماً . . .
الخلاصة :
اذاً ما أردت أن أوصله من وجهة نظري ورؤيتي البسيطة لنهضة الامام الحسين عليه السلام وبتلخيص سريع هو :
أن الامام الحسين أصبح خطاً فاصلاً بين حقبتين تاريختين الاولى كانت بأسماء ( مزخرفة ) لها عناوين ( إسلامية ) مثل ( الخلفاء الراشدين أو الصديق أو الفاروق ) تدعي أنها تمثل الاسلام في حكمها و وصولها الى الخلافة واستطاعت هذه الاسماء أن تخفي الحقائق بطريقتها الخاصة عن طريق الكرسي والتمثيليات الكثيرة التي اختلقتها وصدقها السذج وأصبحت أمر اعتيادي بالنسبة لهم ، وبين حقبة ثانية كانت بدايتها مع ابن طاغية مجرم فاسق لا يعرف شيئ من الدين ولا يمثل سوى الجاهلية الاولى وصل الى الكرسي بواسطة الذين سبقوه لأنهم مكنوا له ولأبوه وساعدوهم وأعطوهم حكم الشام حتى أصبحوا حكام على دول بأكملها ، وهنا ألتقت الكفتين والرمزين رمز يمثل رسول الله (ص) بكل معنى الكلمة و رمز يمثل ( ابوسفيان ) وأولاده ، فمهما كانت نتيجة الحرب أو المعركة فبكلتا الحالتين المنتصر هو رسول الله(ص) لأن الحق مع رسول الله(ص) ، لهذا كان الامام الحسين عليه السلام مدركاً تماماً أن ما سيحصل له خلال هذه الواقعة سيكون بمثابة ( إحياء ) الاسلام من جديد لأنهم قتلوه في السقيفة ، وليست معركة عادية يخسر فيها أحد الاطراف كما يعتقد الكثيرين من السذج والواهمين بأن بعض الصحابة نصحوا الامام الحسين بعدم الخروج الى العراق وأن أهل العراق خانوا الأمام الحسين ع وغدروا به وخسر المعركة ، فمن يعتقد بهذا الامر فهو لا يعي و لا يدرك معنى خروج الامام الحسين من المدينة وعدم مبايعته ليزيد ، وعليه أن يعرف ويعلم كيف وصل الحال بالأمة بأن يكون 70 ألف من الجيش يقاتلون ابن رسولهم ؟؟!!!! إذاً أراد الامام الحسين أن يعطي الصورة الحقيقية لما وصلت اليه حال المسلمين بل حال الاسلام نتيجة سياسات السابقين فوقف بهذا الموقف وهو يمثل القمة الشامخة والإسلام برمته حتى يعطي للعقلاء فقط أن الإمام الحسين خرج من أجل قضية وليس من أجل دنيا ، وأن هذه القضية هي أن يتركوا الجاهلية ويبتعدوا عنها ويرجعوا الى دين جده رسول الله(ص) الدين الصحيح الذي غيرته سياسة المعتدين والمتطفلين عليه ، فكانت تضحية الامام الحسين هي الخط العريض الكبير الفاصل بين الحق والباطل وبين الاسلام الحقيقي والاسلام الذي قتله السابقون في السقيفة . . .
يوم العاشر من المحرم هو يوم ليس كباقي الايام لأن من خلاله كشف الإمام الحسين عليه السلام جميع الاوراق والأدلة للعالم فتركها ليقرأونها فمنهم من يفهم هذه الاوراق ومنهم من على بصره غشاوة ومنهم من لا يفقه ولا يفهم شيئ فأصبح مشاركاً مع الشمر وعمر ابن سعد وعبيدالله ابن زيارد في قتل الامام الحسين ع . . .
جعلنا الله وأياكم من المدافعين والمناصرين للإسلام الحقيقي الذي يمثله الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته الطيبين الطاهرين . . .