الحسيني9
23-01-2012, 03:58 AM
اخواني الاعزاء قمت بالاطلاع على احدى محاظرات السيد حسين الحوثي بعنوان يوم القدس العالمي والتي أعجبت بها كثيرا واقتطعت هنا جزء منها لتطلعوا عليها ولمن اراد المزيد عليه بزيارة مركز التحميل بموقع الجماعة (موقع أنصار الله ) www.ansaruallah.com
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (الفاتحة 1-7)
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك الذي اصطفيته لرسالتك ولإحياء ملَّتك ولإنقاذ عبادك ، محمد بن عبدالله صلواتك وسلامك عليه وعلى أهل بيته الذين ساروا بسيرته.
أيها الأخوة الأعزاء في هذا الشهر الكريم شهر القرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: من الآية 185) هو الشهر كما حكى الله عنه شهر القرآن يرجع فيه الناس إلى الله ، يرجع فيه الناس إلى هذا القرآن العظيم ليعرفوا كيف يهتدون بهدي الله في كل ما يواجهونه في حياتهم.
في هذا الشهر الكريم اقترح الإمام الخميني (رحمة الله عليه) ذلك الرجل العظيم من سلالة بيت النبوة ومعدن الرسالة أن تكون آخر جمعة من شهر رمضان هي يومٌ يسمى: ((يوم القدس)) ، دعا الإمام الخميني كل المسلمين في مختلف أقطار الدنيا إلى إحياء هذا اليوم وتخصيصه لخلق الوعي في صفوفهم وتهيئة أنفسهم ليكونوا بمستوى المواجهة لأعداء الإسلام ، ففي عشرين من شهر رمضان عام 1399 الموافق 15 أغسطس 1979 أعلن الإمام الخميني هذا المقترح في دعوةٍ وفي بيان عام وجهه للمسلمين جميعاً قال فيه:
(( إنني أدعو كافة المسلمين في جميع أرجاء العالم والدول الإسلامية إلى أن يتحدوا من أجل قطع يد هذا الغاصب ومساعديه – يعني إسرائيل – وأدعو جميع المسلمين في العالم أن يعلنوا آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك الذي يعتبر من أيام ليالي القدر ، ويمكنه أن يلعب دوراً مهماً في مصير الشعب الفلسطيني (يوم القدس العالمي). وأن يعلنوا ضمن مراسم هذا اليوم اتحاد المسلمين بجميع طوائفهم في الدفاع عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم)) روح الله الموسوي الخمينيى (رحمة الله عليه).
الإمام الخميني هو الشخص الذي عرف بجدِّيته في مواجهة أعداء الإسلام كافة ، في مواجهة أمريكا وعدَّها ((الشيطان الأكبر)) ، واعتبرها وراء كل ما يلحق بالمسلمين من ذل وإهانة ، وغير ذلك من الشرور ، الإمام الخميني كان رجلاً يفهم المشكلة التي يعاني منها المسلمون ، ويعرف الحل والمخرج لهذه الأمة مما تعاني منه ، وبعد أن قال هو أنه قد يأس من أن تعمل حكومات المسلمين شيئاً أتجه إلى الشعوب نفسها ، طلب من الشعوب جميعاً أن تجعل هذا اليوم آخر جمعة من شهر رمضان يوماً يسمى: ((يوم القدس العالمي)) ، لتعرف الشعوب نفسها أنها تستطيع من خلال إحياء هذه القضية في مشاعرها ، من خلال البحث عن الرؤى الصحيحة التي تحل هذه المشكلة وترفع عن كاهلها هذه الطامة التي تعاني منها ، لأن الشعوب هي نفسها المتضررة ، أما الحكومات أما الزعماء فهم غير متضررين ،هم غير مكترثين لا يهمهم ما يرونه بأم أعينهم من المعاناة في مختلف بقاع الدنيا لجميع المسلمين.
الشعوب هي التي تتضرر ، الشعوب هي التي تلحقها الذلة والإهانة ، الشعوب هي الضحية ، وما لم تتجه الشعوب نفسها إلى أن تهتم بقضيتها ، والتعرف على أعدائها ، وتعرف الحل والمخرج من مشكلتها ومصيبتها فلا تتوقع أي شيء آخر من زعمائها أو من غيرهم.
لأهمية هذا اليوم من وجهة نظر الإمام الخميني (رحمة الله عليه) وهو يتحدث في بيانه عن ((يوم القدس العالمي)) قال (رحمة الله عليه): (( إن يوم القدس يوم يقظة جميع الشعوب الإسلامية ، إن عليهم أن يحيوا ذكرى هذا اليوم فإذا انطلق المسلمون جميعاً ، وانطلقت جميع الشعوب الإسلامية في آخر جمعة من رمضان المبارك في يوم القدس للمظاهرات والمسيرات فسيكون هذا مقدمة لمنع المفسدين إن شاء الله وإخراجهم من البلاد الإسلامية)).
ويقول: ((وإنني أرجو جميع المسلمين أن يعظموا يوم القدس وأن يقوموا في جميع الأقطار الإسلامية في آخر جمعة من الشهر المبارك بالمظاهرات ، وإقامة المجالس والمحافل والتجمع في المساجد ورفع الشعارات فيها ، إن يوم القدس يوم إسلامي ، ويوم للتعبئة العامة للمسلمين)).
هذا هو حديث الإمام الخميني (رحمة الله عليه) عن يوم القدس العالمي ، وعندما اقترحه هو فلأنه رجل يملك رؤية صحيحة ، يملك فكراً و رؤية يستطيع أن يقرا بها كثيراً من الأحداث المستقبلة من خلال تأملات الحاضر ودراسة الماضي. كان الإمام الخميني (رحمة الله عليه) يصرخ ويصيح في جمع المسلمين يستثير جميع المسلمين أن يهبوا ، أن ينتبهوا من غفلتهم ، أن يستشعروا الخطر المحدق بهم. وعرض هو أن باستطاعتهم وباستطاعة الشعب الإيراني بما يملك من قوة عسكرية واقتصادية هائلة إلى أن يقف مع جميع المسلمين وخاصة الدول العربية وأن باستطاعتهم إذا وقفوا جميعاً أن يضربوا إسرائيل ، وأن ينهوا وجود هذا الكيان الغاصب من داخل البلاد الإسلامية.
الإمام الخميني (رحمة الله عليه) هو الذي أطلق على إسرائيل اسم ((الغدة السرطانية)) وهو لا زال في حركته الجهادية داخل إيران قبل انتصار الثورة الإسلامية ، وكانت قضية إسرائيل هي من أولى اهتماماته أثناء جهاده في إيران قبل انتصار الثورة الإسلامية ، عندما أطلق هذا الاسم على إسرائيل ((غدة سرطانية)) معلوم أن السرطان إذا ما ترعرع في أي جسم من أجسام البشر لا بد إما أن يتمكن الإنسان من القضاء عليه واستئصاله وإلا فإنه لا بد أنه يُنهي ذلك الجسم ، لا بد أن يخلخل ذلك الهيكل الذي نما وترعرع فيه ، ليؤكد أن إسرائيل ليس من الممكن المصالحة معها ولا السلام معها ولا وفاق معها ولا اي مواثيق أو عهود تبرم معها ، إنها دولة يهودية ، إنها دولة يهودية طامعة ، ليس فقط في فلسطين وليس فقط في أن تهيمن على بقعة معينة تتمركز فيها ، بل إنها تطمح إلى الهيمنة الكاملة على البلاد الإسلامية في مختلف المجالات ، وتطمح إلى أن تقيم لها دولة حقيقية من النيل إلى الفرات ، من النيل في مصر إلى الفرات في العراق ، لأن هذه البقعة هي التي يعتقد اليهود أنها الأرض التي كتبها الله لهم ، وهي أرض الميعاد ، التي لا بد أن تكون تحت سيطرتهم وبحوزتهم ، وأن يقيموا عليها دولتهم.
من أين جاءت هذه الرؤية الصحيحة للإمام الخميني (رحمة الله عليه)؟ من أين جاءت؟ من القرآن الكريم ، من القرآن الكريم الذي تحدث عن اليهود كثيراً ومما قاله عن اليهود ومما وصفهم به: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} (البقرة: من الآية 100) كلما عاهدوا عهداً ، إذا ما عاهد [حزب العمل] عهداً نقضه [حزب الليكود] عندما يتسلم السلطة ، إذا ما دخل [الليكود] في معاهدات أو مواثيق مع الفلسطينيين ومع العرب نقضه [حزب العمل] عندما يتسلم السلطة ، كم المعاهدات ، كم من المعاهدات قامت في ما بين إسرائيل وبين العرب ، بين دول عربية وبين إسرائيل وبين الفلسطينيين ، معاهدات [أوسلوا] ومعاهدات كثيرة كثيرة ، وفي لحظات تتنكر إسرائيل لكل تلك المعاهدات ، وما زال العرب وما زال الفلسطينيون أنفسهم يعلنون أمام كل نكث عهد من قبل إسرائيل أنهم متمسكون وملتزمون بمعاهدات السلام ، أنهم محافظون على السلام. بل بعبارات تثير الاستغراب ، أثناء هذه الأحداث التي ضرب فيها الإسرائيليون الدولة الفلسطينية الوهمية ، وتغلغلوا إلى داخل المدن الفلسطينية وضربوا طائرة الرئيس الفلسطيني وعملوا كل تلك الأعمال ، يأتي من يعلن أحياناً وزير الإعلام الفلسطيني وأحياناً أمين سر حركة التحرير الفلسطينية ، وأحياناً مسئول منهم أيّ مسئول كان يعلن [أنه يتهم إسرائيل أنها تريد أن تقوض عملية السلام] ، بهذه العبارات الباردة ، [وأن على أمريكا أن تبادر لتنقذ عملية السلام ، وأن إسرائيل – هكذا – مُتَّهَمَة أنها تريد أن تقوض عملية السلام ، وأنها مُتهمة بأنها تريد أن تقضي على الدولة الفلسطينية].
الإمام الخميني وقف موقفاً ثابتاً ، ورؤية صحيحة ثابتةً حدّية: أن فلسطين أن البلاد العربية أن البلاد الإسلامية كلها لن تسلم من شر اليهود إلا باستئصالهم والقضاء على كيانهم ، أي شيء غير ذلك إنما هو ضياع للوقت ، وإتاحة للفرصة أمام إسرائيل أن تتمكن أكثر وأكثر ، حتى أنه قال – وفعلاً عندما يقول الإمام الخميني فإن الشواهد أثبتت أن رؤيته فعلاً واقعية في كثير من الأشياء – قال: ((إن إسرائيل تطمع إلى الإستيلاء على الحرمين الشريفين ، وليس فقط على القدس ، إسرائيل تطمح للاستيلاء على مكة المكرمة على الكعبة المشرفة وعلى المدينة المنورة)). وفعلاً إسرائيل إستطاعت أن تصل إلى درجة لا يوقفها أمام ما تريد أحد.
فالغرب وراءها والعرب مستسلمون ، العرب منهزمين ، لا يستطيعون أن يحركوا ساكناً – دولهم بالطبع – وإنما المسألة هي مسألة وقت ، واليهود يستمرون في خططهم ، ويعملون على تهيئة الأجواء المناسبة لأن يقوموا بعمل ما في الوقت المناسب. الفسلطينيون أنفسهم عندما تحول جهادهم من جهادٍ لتحرير الأرض من إسرائيل للقضاء على إسرائيل ، عندما تحولوا إلى المطالبة من أجل إقامة وطن خاص بهم في داخل فلسطين ، من أجل إقامة دولة يكون حكمها حكماً ذاتياً فقط وليست دولة بمعنى الكلمة كانوا هم أول من شهد على أنفسهم بالهزيمة ، وفعلاً حصل الاعتراف من الفلسطينيين ، وأقصد بهذا [منظمة التحرير الفلسطينية] وعرفات ، الدولة الفلسطينية – كما يقال عنها – حصل منهم الاعتراف بإسرائيل مقابل أن تكون هناك دولة للفلسطينيين ، وأن يكون حكمها حكماً ذاتياً ، أي أن يحكم الفلسطينيون أنفسهم بأنفسهم ، وتكون دولة لا يجوز أن تقيم لها جيشاً ولا علاقات خارجية كأي دولة من الدول ، حكم ذاتي فقط ، ضمن الدولة الإسرائيلية العامة.
هم وهم يواجهون إسرائيل منذُ فترة طويلة ،لم يأخذوا دروساً ، لم يأخذوا عبراً ، لم يرجعوا إلى القرآن الكريم ليستوحوا منه كيف يواجهون هذا العدو اللدود ، لو رجعوا إلى آية واحدة الأعطتهم درساً ، إن كل ما يأملونه في ظل الدولة الإسرائيلية غير ممكن أن يتحقق ، الله قال عن اليهود: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} (النساء: 53) والنقير ما هو؟ الحبة البيضاء الصغيرة في ظهر نوات التمر [العجمة]. عندما يكون لليهود سلطة لا يمكن أن يعطوا الآخرين منها ما يعادل نقيراً ، فكيف يطمع الفلسطينيون إلى أن بإمكانهم أن يتهيأ لهم إقامة دولة داخل إسرائيل في فلسطين نفسها يقيمون الدولة؟ّ كيف يمكن أن تسمح لهم إسرائيل بذلك؟ وفعلاً لم يحصل هذا ، لم تستقر هذه الدولة ، لم تستقر إطلاقاً ، ورأينا في هذا الشهر كيف ضربتها إسرائيل ، ومن الذي استنكر؟ من الذي هب لإنقاذهم؟ من الذي صرخ في وجه إسرائيل؟ لا أحد.
بل هم الفسلطينيون أنفسهم يتجهون إلى أمريكا ليستغيثوا بها ، يستنجدوا بها ، وهي هي [الشيطان الأكبر] هي التي وراء إسرائيل ، هذه هي المشكلة التي لم يفهمها المسلمون ، لم يفهمها الفسلطينيون ، حتى عندما يريدون أن نتعاطف معهم ، الفسلطينيون الذين قد اعترفوا بإسرائيل ويريدون أن يقيموا حكماً ذاتياً لهم داخل فلسطين ، يعترفون بإسرائيل وتعترف بهم إسرائيل كدولة فلسطينية ، يريدون أن نقف معهم ليتحقق لهم هذا المطلب ، لم يبق لهم طموح إلى أن ينهوا إسرائيل من الوجود ، إلى تحرير الأرض المقدسة من أدناس أقدام الإسرائيليين ، هل هذا شيء معقول بالنسبة للمسلمين أن يقفوا مع الفلسطينيين من أجل إقامة حكومة لهم؟.
لو وقفنا مع دولة عرفات لأجل تحقيق هذا المطلب لكنا قد اعترفنا بإسرائيل ضمنياً أن لها حق الوجود في فلسطين ، وأنها تعتبر دولة ، لذلك يجب أن يكون التأييد مع أي حركة تعمل من أجل تحرير الأرض من إسرائيل ، من أجل القضاء على إسرائيل ، هذه هي التي يجب أن يقف معها المسلمون ، ويجب أن تتجه نحوها مساعداتهم ويتجه نحوها تأييدهم ، أما أن نقف موقفاً يعتبر في الحقيقة اعترافاً ضمنياً بإسرائيل فهذا ليس من حق الفلسطينيين أنفسهم ، الفسلطينيون أنفسهم ليس من حقهم أن يعترفوا بإسرائيل ثم يريدون منا أن نقف موقفهم.
قضية إسرائيل ليست قضية تخص الفلسطينيين وحدهم بل هي قضية المسلمين جميعاً ، حتى لو اعترف الفلسطينيون أنفسهم بإسرائيل ، حتى لو رضوا بأن يكونوا عبارة عن مواطنين داخل دولة إسرائيل فإنه لا يجوز للمسلمين أن يقروهم على ذلك ، ولا يجوز للمسلمين أن يتخلوا عن جهادهم في سبيل إزالة هذه [الغدة السرطانية] كما أطلق عليها الإمام الخميني (رحمة الله عليه).
الإمام الخميني في رؤيته فهم عمق المشكلة وواقعها وفي نفس الوقت قدم الرؤية العملية في الحل لهذه المشكلة وهذا الشيء الذي نفقده الآن. ألسنا نرى في مختلف وسائل الإعلام الحديث عن ما يقوم به الإسرائيليون في داخل فلسطين من قتل وتخريب للمساكن ، ومن استئصال لأشجار الزيتون في المزارع التي تخص الفلسطينيين؟ نسمع ونرى من تلفزيون اليمن ومن تلفزيون السعودية وهكذا من كل وسائل الإعلام العربية ، لكن هل تسمع أو ترى رؤية عملية أو وضعاً لحل صحيح في إنقاذ الفلسطينيين وفي إنقاذ الأمة من إسرائيل؟ لا. لا يوجد هناك أي شيء ، وإنما هم يعملون كما تعمل إسرائيل ، لا أقل ولا أكثر ، حتى وإن تكلموا عن إسرائيل فكلام بأدب ، كلام لا يثير مشاعر إسرائيل ، كلام لا يجرح مشاعر إسرائيل ، فيقولون: [قوات الاحتلال الإسرائيلية] بعبارات لا تساوي ما تعمله إسرائيل بأولئك المساكين ، ومع ذلك لا نسمع أحداً يفكر في الحل ، أو يهدي إلى حل ، أو يرشد إلى الخروج من هذه المشكلة التي تعاني منها الأمة ، وفي مقدمتها الفسلطينيون.
لماذا؟ هل لأن هذه الدول لست جادة في مواجهة إسرائيل وليست مكترثة مما تعاني منه هذه الأمة بسبب وجود إسرائيل في داخل كيانها؟ أم أنهم لا يفهمون ما هو الحل؟ أم أنهم لا يعرفون ما العمل الذي يعتبر مُجدياً للمخرج من هذه المشكلة الكبيرة؟ سواء كانوا غير جادين أو كانوا غير فاهمين هذا لا يعد مبرراً إطلاقاً لا يعد مبرراً ، ولا أعتقد أنهم يجهلون كيف يمكن أن يكون الحل العملي لإنقاذ الأمة من هذا الكيان الغاصب [إسرائيل] ، وإنما ليسوا جادين كما قال الإمام الخميني (رحمة الله عليه) ، إن مشكلة الشعوب في حكوماتهم ، حكوماتهم لم تقف بجدية ضد إسرائيل.
ثم ما هو الحل بالنسبة للشعوب؟ إن ظلت الشعوب تنتظر من دولها أن تقوم بشيء ما ضد إسرائيل فإن هذا لن يتحقق ، لن يحصل إطلاقاً ، لهذا أتجه هو لاقتراح [يوم القدس العالمي] ، وأن يحيه المسلمون جميعاً في مختلف أقطار الدنيا ، وخاصة البلاد العربية.
لاحظوا بعد أن دعا الإمام الخميني إلى إحياء هذا اليوم ، هل اهتمت الدول العربية أن تستجيب لرجل عظيم مخلص ، رجل هَزَّ الغرب فعلاً ، رجل أرعب أمريكا ، وأرعب دول الاستكبار كلها ، وأرعب إسرائيل بحكمته بشجاعته برؤيته الصحيحة في جعل الأمة بمستوى المواجهة الحضارية لأعدائها ، في جعل الأمة قادرة على أن تقف على أقدامها مستقلة لا يهيمن عليها أحد من أعدائها ، لا أمريكا ولا بريطانيا ولا إسرائيل ولا غيرها. هم رأوا بأم أعينهم ما عمله الإمام الخمينيى من إرباك وما خلقه من رعب في صدور الأمريكيين والإسرائيليين ، وعرفوا هم ورأوا بأم أعينهم مدى اكتراث أمريكا ومختلف دول الغرب من الإمام الخميني (رحمة الله عليه) ومن الثورة الإسلامية ، فلماذا لم يستلهموا من هذا الرجل رؤيته العملية الصحيحة في إنقاذهم من إسرائيل؟.
لم يستجيبوا إطلاقاً ، لم يستجب العرب حتى هذا اليوم ، لم يستجيبوا له أن يحيوه وأن يجعلوه يوماً يُحيى كما دعا إليه الإمام الخمينيى (رحمة الله عليه) وهم في نفس الوقت يحيون أياماً اقترحها اليهود والنصارى [عيد الأم] و [عيد العمال] ومناسبات كثيرة [عيد رأس السنة الميلادية] اقترحها اليهود والنصارى واعتبروها عطلاً رسمية في مختلف البلاد العربية ، لكن اليوم الذي هو يوم من أجل فلسطين ، من أجل أن تبقى قضية فلسطين حيَّة في نفوس المسلمين ، من أجل أن تبقى مشاعر الجهاد ، مشاعر الرفض لإسرائيل حية في نفوس المسلمين ، هذا اليوم لم يلتفتوا إليه ولم يكترثوا ولم يهتموا ، ولم يستجيبوا للإمام الخميني (رحمه الله) في إحياء هذا اليوم. لماذا؟ لأنهم خذلوا فعلاً ، لأنهم قد خذلوا.
وعندما نعود – أيها الأخوة – هذا فقط مقدمة لنعرف ما يتعلق بيوم القدس العالمي ، والسبب الذي دعا الإمام الخميني إلى أن يعتبره يوماً عالمياً في مختلف المناطق الإسلامية ، ولذلك فنحن نعتبر أن إحياء هذا اليوم استجابة للإمام الخمينيى (رحمة الله عليه) ، ولما نعرفه من أثر مهم في خلق وعي في أوساط المسلمين ، ورؤية صحيحة للمخرج مما تعانيه الأمة ، إن إحياء هذا اليوم يعتبر فعلاً عبادة ، وأن إحياءه يعتبر أيضاً ممارسة جهادية في سبيل الله ، إن شاء الله تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (الفاتحة 1-7)
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك الذي اصطفيته لرسالتك ولإحياء ملَّتك ولإنقاذ عبادك ، محمد بن عبدالله صلواتك وسلامك عليه وعلى أهل بيته الذين ساروا بسيرته.
أيها الأخوة الأعزاء في هذا الشهر الكريم شهر القرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: من الآية 185) هو الشهر كما حكى الله عنه شهر القرآن يرجع فيه الناس إلى الله ، يرجع فيه الناس إلى هذا القرآن العظيم ليعرفوا كيف يهتدون بهدي الله في كل ما يواجهونه في حياتهم.
في هذا الشهر الكريم اقترح الإمام الخميني (رحمة الله عليه) ذلك الرجل العظيم من سلالة بيت النبوة ومعدن الرسالة أن تكون آخر جمعة من شهر رمضان هي يومٌ يسمى: ((يوم القدس)) ، دعا الإمام الخميني كل المسلمين في مختلف أقطار الدنيا إلى إحياء هذا اليوم وتخصيصه لخلق الوعي في صفوفهم وتهيئة أنفسهم ليكونوا بمستوى المواجهة لأعداء الإسلام ، ففي عشرين من شهر رمضان عام 1399 الموافق 15 أغسطس 1979 أعلن الإمام الخميني هذا المقترح في دعوةٍ وفي بيان عام وجهه للمسلمين جميعاً قال فيه:
(( إنني أدعو كافة المسلمين في جميع أرجاء العالم والدول الإسلامية إلى أن يتحدوا من أجل قطع يد هذا الغاصب ومساعديه – يعني إسرائيل – وأدعو جميع المسلمين في العالم أن يعلنوا آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك الذي يعتبر من أيام ليالي القدر ، ويمكنه أن يلعب دوراً مهماً في مصير الشعب الفلسطيني (يوم القدس العالمي). وأن يعلنوا ضمن مراسم هذا اليوم اتحاد المسلمين بجميع طوائفهم في الدفاع عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم)) روح الله الموسوي الخمينيى (رحمة الله عليه).
الإمام الخميني هو الشخص الذي عرف بجدِّيته في مواجهة أعداء الإسلام كافة ، في مواجهة أمريكا وعدَّها ((الشيطان الأكبر)) ، واعتبرها وراء كل ما يلحق بالمسلمين من ذل وإهانة ، وغير ذلك من الشرور ، الإمام الخميني كان رجلاً يفهم المشكلة التي يعاني منها المسلمون ، ويعرف الحل والمخرج لهذه الأمة مما تعاني منه ، وبعد أن قال هو أنه قد يأس من أن تعمل حكومات المسلمين شيئاً أتجه إلى الشعوب نفسها ، طلب من الشعوب جميعاً أن تجعل هذا اليوم آخر جمعة من شهر رمضان يوماً يسمى: ((يوم القدس العالمي)) ، لتعرف الشعوب نفسها أنها تستطيع من خلال إحياء هذه القضية في مشاعرها ، من خلال البحث عن الرؤى الصحيحة التي تحل هذه المشكلة وترفع عن كاهلها هذه الطامة التي تعاني منها ، لأن الشعوب هي نفسها المتضررة ، أما الحكومات أما الزعماء فهم غير متضررين ،هم غير مكترثين لا يهمهم ما يرونه بأم أعينهم من المعاناة في مختلف بقاع الدنيا لجميع المسلمين.
الشعوب هي التي تتضرر ، الشعوب هي التي تلحقها الذلة والإهانة ، الشعوب هي الضحية ، وما لم تتجه الشعوب نفسها إلى أن تهتم بقضيتها ، والتعرف على أعدائها ، وتعرف الحل والمخرج من مشكلتها ومصيبتها فلا تتوقع أي شيء آخر من زعمائها أو من غيرهم.
لأهمية هذا اليوم من وجهة نظر الإمام الخميني (رحمة الله عليه) وهو يتحدث في بيانه عن ((يوم القدس العالمي)) قال (رحمة الله عليه): (( إن يوم القدس يوم يقظة جميع الشعوب الإسلامية ، إن عليهم أن يحيوا ذكرى هذا اليوم فإذا انطلق المسلمون جميعاً ، وانطلقت جميع الشعوب الإسلامية في آخر جمعة من رمضان المبارك في يوم القدس للمظاهرات والمسيرات فسيكون هذا مقدمة لمنع المفسدين إن شاء الله وإخراجهم من البلاد الإسلامية)).
ويقول: ((وإنني أرجو جميع المسلمين أن يعظموا يوم القدس وأن يقوموا في جميع الأقطار الإسلامية في آخر جمعة من الشهر المبارك بالمظاهرات ، وإقامة المجالس والمحافل والتجمع في المساجد ورفع الشعارات فيها ، إن يوم القدس يوم إسلامي ، ويوم للتعبئة العامة للمسلمين)).
هذا هو حديث الإمام الخميني (رحمة الله عليه) عن يوم القدس العالمي ، وعندما اقترحه هو فلأنه رجل يملك رؤية صحيحة ، يملك فكراً و رؤية يستطيع أن يقرا بها كثيراً من الأحداث المستقبلة من خلال تأملات الحاضر ودراسة الماضي. كان الإمام الخميني (رحمة الله عليه) يصرخ ويصيح في جمع المسلمين يستثير جميع المسلمين أن يهبوا ، أن ينتبهوا من غفلتهم ، أن يستشعروا الخطر المحدق بهم. وعرض هو أن باستطاعتهم وباستطاعة الشعب الإيراني بما يملك من قوة عسكرية واقتصادية هائلة إلى أن يقف مع جميع المسلمين وخاصة الدول العربية وأن باستطاعتهم إذا وقفوا جميعاً أن يضربوا إسرائيل ، وأن ينهوا وجود هذا الكيان الغاصب من داخل البلاد الإسلامية.
الإمام الخميني (رحمة الله عليه) هو الذي أطلق على إسرائيل اسم ((الغدة السرطانية)) وهو لا زال في حركته الجهادية داخل إيران قبل انتصار الثورة الإسلامية ، وكانت قضية إسرائيل هي من أولى اهتماماته أثناء جهاده في إيران قبل انتصار الثورة الإسلامية ، عندما أطلق هذا الاسم على إسرائيل ((غدة سرطانية)) معلوم أن السرطان إذا ما ترعرع في أي جسم من أجسام البشر لا بد إما أن يتمكن الإنسان من القضاء عليه واستئصاله وإلا فإنه لا بد أنه يُنهي ذلك الجسم ، لا بد أن يخلخل ذلك الهيكل الذي نما وترعرع فيه ، ليؤكد أن إسرائيل ليس من الممكن المصالحة معها ولا السلام معها ولا وفاق معها ولا اي مواثيق أو عهود تبرم معها ، إنها دولة يهودية ، إنها دولة يهودية طامعة ، ليس فقط في فلسطين وليس فقط في أن تهيمن على بقعة معينة تتمركز فيها ، بل إنها تطمح إلى الهيمنة الكاملة على البلاد الإسلامية في مختلف المجالات ، وتطمح إلى أن تقيم لها دولة حقيقية من النيل إلى الفرات ، من النيل في مصر إلى الفرات في العراق ، لأن هذه البقعة هي التي يعتقد اليهود أنها الأرض التي كتبها الله لهم ، وهي أرض الميعاد ، التي لا بد أن تكون تحت سيطرتهم وبحوزتهم ، وأن يقيموا عليها دولتهم.
من أين جاءت هذه الرؤية الصحيحة للإمام الخميني (رحمة الله عليه)؟ من أين جاءت؟ من القرآن الكريم ، من القرآن الكريم الذي تحدث عن اليهود كثيراً ومما قاله عن اليهود ومما وصفهم به: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} (البقرة: من الآية 100) كلما عاهدوا عهداً ، إذا ما عاهد [حزب العمل] عهداً نقضه [حزب الليكود] عندما يتسلم السلطة ، إذا ما دخل [الليكود] في معاهدات أو مواثيق مع الفلسطينيين ومع العرب نقضه [حزب العمل] عندما يتسلم السلطة ، كم المعاهدات ، كم من المعاهدات قامت في ما بين إسرائيل وبين العرب ، بين دول عربية وبين إسرائيل وبين الفلسطينيين ، معاهدات [أوسلوا] ومعاهدات كثيرة كثيرة ، وفي لحظات تتنكر إسرائيل لكل تلك المعاهدات ، وما زال العرب وما زال الفلسطينيون أنفسهم يعلنون أمام كل نكث عهد من قبل إسرائيل أنهم متمسكون وملتزمون بمعاهدات السلام ، أنهم محافظون على السلام. بل بعبارات تثير الاستغراب ، أثناء هذه الأحداث التي ضرب فيها الإسرائيليون الدولة الفلسطينية الوهمية ، وتغلغلوا إلى داخل المدن الفلسطينية وضربوا طائرة الرئيس الفلسطيني وعملوا كل تلك الأعمال ، يأتي من يعلن أحياناً وزير الإعلام الفلسطيني وأحياناً أمين سر حركة التحرير الفلسطينية ، وأحياناً مسئول منهم أيّ مسئول كان يعلن [أنه يتهم إسرائيل أنها تريد أن تقوض عملية السلام] ، بهذه العبارات الباردة ، [وأن على أمريكا أن تبادر لتنقذ عملية السلام ، وأن إسرائيل – هكذا – مُتَّهَمَة أنها تريد أن تقوض عملية السلام ، وأنها مُتهمة بأنها تريد أن تقضي على الدولة الفلسطينية].
الإمام الخميني وقف موقفاً ثابتاً ، ورؤية صحيحة ثابتةً حدّية: أن فلسطين أن البلاد العربية أن البلاد الإسلامية كلها لن تسلم من شر اليهود إلا باستئصالهم والقضاء على كيانهم ، أي شيء غير ذلك إنما هو ضياع للوقت ، وإتاحة للفرصة أمام إسرائيل أن تتمكن أكثر وأكثر ، حتى أنه قال – وفعلاً عندما يقول الإمام الخميني فإن الشواهد أثبتت أن رؤيته فعلاً واقعية في كثير من الأشياء – قال: ((إن إسرائيل تطمع إلى الإستيلاء على الحرمين الشريفين ، وليس فقط على القدس ، إسرائيل تطمح للاستيلاء على مكة المكرمة على الكعبة المشرفة وعلى المدينة المنورة)). وفعلاً إسرائيل إستطاعت أن تصل إلى درجة لا يوقفها أمام ما تريد أحد.
فالغرب وراءها والعرب مستسلمون ، العرب منهزمين ، لا يستطيعون أن يحركوا ساكناً – دولهم بالطبع – وإنما المسألة هي مسألة وقت ، واليهود يستمرون في خططهم ، ويعملون على تهيئة الأجواء المناسبة لأن يقوموا بعمل ما في الوقت المناسب. الفسلطينيون أنفسهم عندما تحول جهادهم من جهادٍ لتحرير الأرض من إسرائيل للقضاء على إسرائيل ، عندما تحولوا إلى المطالبة من أجل إقامة وطن خاص بهم في داخل فلسطين ، من أجل إقامة دولة يكون حكمها حكماً ذاتياً فقط وليست دولة بمعنى الكلمة كانوا هم أول من شهد على أنفسهم بالهزيمة ، وفعلاً حصل الاعتراف من الفلسطينيين ، وأقصد بهذا [منظمة التحرير الفلسطينية] وعرفات ، الدولة الفلسطينية – كما يقال عنها – حصل منهم الاعتراف بإسرائيل مقابل أن تكون هناك دولة للفلسطينيين ، وأن يكون حكمها حكماً ذاتياً ، أي أن يحكم الفلسطينيون أنفسهم بأنفسهم ، وتكون دولة لا يجوز أن تقيم لها جيشاً ولا علاقات خارجية كأي دولة من الدول ، حكم ذاتي فقط ، ضمن الدولة الإسرائيلية العامة.
هم وهم يواجهون إسرائيل منذُ فترة طويلة ،لم يأخذوا دروساً ، لم يأخذوا عبراً ، لم يرجعوا إلى القرآن الكريم ليستوحوا منه كيف يواجهون هذا العدو اللدود ، لو رجعوا إلى آية واحدة الأعطتهم درساً ، إن كل ما يأملونه في ظل الدولة الإسرائيلية غير ممكن أن يتحقق ، الله قال عن اليهود: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} (النساء: 53) والنقير ما هو؟ الحبة البيضاء الصغيرة في ظهر نوات التمر [العجمة]. عندما يكون لليهود سلطة لا يمكن أن يعطوا الآخرين منها ما يعادل نقيراً ، فكيف يطمع الفلسطينيون إلى أن بإمكانهم أن يتهيأ لهم إقامة دولة داخل إسرائيل في فلسطين نفسها يقيمون الدولة؟ّ كيف يمكن أن تسمح لهم إسرائيل بذلك؟ وفعلاً لم يحصل هذا ، لم تستقر هذه الدولة ، لم تستقر إطلاقاً ، ورأينا في هذا الشهر كيف ضربتها إسرائيل ، ومن الذي استنكر؟ من الذي هب لإنقاذهم؟ من الذي صرخ في وجه إسرائيل؟ لا أحد.
بل هم الفسلطينيون أنفسهم يتجهون إلى أمريكا ليستغيثوا بها ، يستنجدوا بها ، وهي هي [الشيطان الأكبر] هي التي وراء إسرائيل ، هذه هي المشكلة التي لم يفهمها المسلمون ، لم يفهمها الفسلطينيون ، حتى عندما يريدون أن نتعاطف معهم ، الفسلطينيون الذين قد اعترفوا بإسرائيل ويريدون أن يقيموا حكماً ذاتياً لهم داخل فلسطين ، يعترفون بإسرائيل وتعترف بهم إسرائيل كدولة فلسطينية ، يريدون أن نقف معهم ليتحقق لهم هذا المطلب ، لم يبق لهم طموح إلى أن ينهوا إسرائيل من الوجود ، إلى تحرير الأرض المقدسة من أدناس أقدام الإسرائيليين ، هل هذا شيء معقول بالنسبة للمسلمين أن يقفوا مع الفلسطينيين من أجل إقامة حكومة لهم؟.
لو وقفنا مع دولة عرفات لأجل تحقيق هذا المطلب لكنا قد اعترفنا بإسرائيل ضمنياً أن لها حق الوجود في فلسطين ، وأنها تعتبر دولة ، لذلك يجب أن يكون التأييد مع أي حركة تعمل من أجل تحرير الأرض من إسرائيل ، من أجل القضاء على إسرائيل ، هذه هي التي يجب أن يقف معها المسلمون ، ويجب أن تتجه نحوها مساعداتهم ويتجه نحوها تأييدهم ، أما أن نقف موقفاً يعتبر في الحقيقة اعترافاً ضمنياً بإسرائيل فهذا ليس من حق الفلسطينيين أنفسهم ، الفسلطينيون أنفسهم ليس من حقهم أن يعترفوا بإسرائيل ثم يريدون منا أن نقف موقفهم.
قضية إسرائيل ليست قضية تخص الفلسطينيين وحدهم بل هي قضية المسلمين جميعاً ، حتى لو اعترف الفلسطينيون أنفسهم بإسرائيل ، حتى لو رضوا بأن يكونوا عبارة عن مواطنين داخل دولة إسرائيل فإنه لا يجوز للمسلمين أن يقروهم على ذلك ، ولا يجوز للمسلمين أن يتخلوا عن جهادهم في سبيل إزالة هذه [الغدة السرطانية] كما أطلق عليها الإمام الخميني (رحمة الله عليه).
الإمام الخميني في رؤيته فهم عمق المشكلة وواقعها وفي نفس الوقت قدم الرؤية العملية في الحل لهذه المشكلة وهذا الشيء الذي نفقده الآن. ألسنا نرى في مختلف وسائل الإعلام الحديث عن ما يقوم به الإسرائيليون في داخل فلسطين من قتل وتخريب للمساكن ، ومن استئصال لأشجار الزيتون في المزارع التي تخص الفلسطينيين؟ نسمع ونرى من تلفزيون اليمن ومن تلفزيون السعودية وهكذا من كل وسائل الإعلام العربية ، لكن هل تسمع أو ترى رؤية عملية أو وضعاً لحل صحيح في إنقاذ الفلسطينيين وفي إنقاذ الأمة من إسرائيل؟ لا. لا يوجد هناك أي شيء ، وإنما هم يعملون كما تعمل إسرائيل ، لا أقل ولا أكثر ، حتى وإن تكلموا عن إسرائيل فكلام بأدب ، كلام لا يثير مشاعر إسرائيل ، كلام لا يجرح مشاعر إسرائيل ، فيقولون: [قوات الاحتلال الإسرائيلية] بعبارات لا تساوي ما تعمله إسرائيل بأولئك المساكين ، ومع ذلك لا نسمع أحداً يفكر في الحل ، أو يهدي إلى حل ، أو يرشد إلى الخروج من هذه المشكلة التي تعاني منها الأمة ، وفي مقدمتها الفسلطينيون.
لماذا؟ هل لأن هذه الدول لست جادة في مواجهة إسرائيل وليست مكترثة مما تعاني منه هذه الأمة بسبب وجود إسرائيل في داخل كيانها؟ أم أنهم لا يفهمون ما هو الحل؟ أم أنهم لا يعرفون ما العمل الذي يعتبر مُجدياً للمخرج من هذه المشكلة الكبيرة؟ سواء كانوا غير جادين أو كانوا غير فاهمين هذا لا يعد مبرراً إطلاقاً لا يعد مبرراً ، ولا أعتقد أنهم يجهلون كيف يمكن أن يكون الحل العملي لإنقاذ الأمة من هذا الكيان الغاصب [إسرائيل] ، وإنما ليسوا جادين كما قال الإمام الخميني (رحمة الله عليه) ، إن مشكلة الشعوب في حكوماتهم ، حكوماتهم لم تقف بجدية ضد إسرائيل.
ثم ما هو الحل بالنسبة للشعوب؟ إن ظلت الشعوب تنتظر من دولها أن تقوم بشيء ما ضد إسرائيل فإن هذا لن يتحقق ، لن يحصل إطلاقاً ، لهذا أتجه هو لاقتراح [يوم القدس العالمي] ، وأن يحيه المسلمون جميعاً في مختلف أقطار الدنيا ، وخاصة البلاد العربية.
لاحظوا بعد أن دعا الإمام الخميني إلى إحياء هذا اليوم ، هل اهتمت الدول العربية أن تستجيب لرجل عظيم مخلص ، رجل هَزَّ الغرب فعلاً ، رجل أرعب أمريكا ، وأرعب دول الاستكبار كلها ، وأرعب إسرائيل بحكمته بشجاعته برؤيته الصحيحة في جعل الأمة بمستوى المواجهة الحضارية لأعدائها ، في جعل الأمة قادرة على أن تقف على أقدامها مستقلة لا يهيمن عليها أحد من أعدائها ، لا أمريكا ولا بريطانيا ولا إسرائيل ولا غيرها. هم رأوا بأم أعينهم ما عمله الإمام الخمينيى من إرباك وما خلقه من رعب في صدور الأمريكيين والإسرائيليين ، وعرفوا هم ورأوا بأم أعينهم مدى اكتراث أمريكا ومختلف دول الغرب من الإمام الخميني (رحمة الله عليه) ومن الثورة الإسلامية ، فلماذا لم يستلهموا من هذا الرجل رؤيته العملية الصحيحة في إنقاذهم من إسرائيل؟.
لم يستجيبوا إطلاقاً ، لم يستجب العرب حتى هذا اليوم ، لم يستجيبوا له أن يحيوه وأن يجعلوه يوماً يُحيى كما دعا إليه الإمام الخمينيى (رحمة الله عليه) وهم في نفس الوقت يحيون أياماً اقترحها اليهود والنصارى [عيد الأم] و [عيد العمال] ومناسبات كثيرة [عيد رأس السنة الميلادية] اقترحها اليهود والنصارى واعتبروها عطلاً رسمية في مختلف البلاد العربية ، لكن اليوم الذي هو يوم من أجل فلسطين ، من أجل أن تبقى قضية فلسطين حيَّة في نفوس المسلمين ، من أجل أن تبقى مشاعر الجهاد ، مشاعر الرفض لإسرائيل حية في نفوس المسلمين ، هذا اليوم لم يلتفتوا إليه ولم يكترثوا ولم يهتموا ، ولم يستجيبوا للإمام الخميني (رحمه الله) في إحياء هذا اليوم. لماذا؟ لأنهم خذلوا فعلاً ، لأنهم قد خذلوا.
وعندما نعود – أيها الأخوة – هذا فقط مقدمة لنعرف ما يتعلق بيوم القدس العالمي ، والسبب الذي دعا الإمام الخميني إلى أن يعتبره يوماً عالمياً في مختلف المناطق الإسلامية ، ولذلك فنحن نعتبر أن إحياء هذا اليوم استجابة للإمام الخمينيى (رحمة الله عليه) ، ولما نعرفه من أثر مهم في خلق وعي في أوساط المسلمين ، ورؤية صحيحة للمخرج مما تعانيه الأمة ، إن إحياء هذا اليوم يعتبر فعلاً عبادة ، وأن إحياءه يعتبر أيضاً ممارسة جهادية في سبيل الله ، إن شاء الله تعالى.