أبو حسين العاملي
29-01-2012, 03:41 AM
بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على محمد وآله الطاهرين
إن انقطاع الوحي الإلهي عن المسلمين ، وغياب المتلقي له ، المتمثل بالشخص الأعظم والتجلي الأكبر الرسول الأكرم - صلى الله عليه وآله - ، شكل منعطفا خطيرا في مسيرة الرسالة المحمدية .
وهذا ما ألجأ الأمة إلى تفسير ما أشكل عليها من أمور الرسالة والقرآن الكريم إلى حواضر أذهانهم من معاني كلمات العرب ، أو بعض التفسيرات التي ذكرها الرسول - صلى الله عليه وآله - ، أو إلى السنة المباركة ، أو ورثة علم الرسول وهو أهل بيته - عليهم السلام - .
ولقد سجل التاريخ اعترافا بفضلهم وعلو شأنهم بما لا يخفى على أحد ، خاصة بما قاله الخليفة "أبو حفص" بحق أمير الخلائق علي - عليه السلام - : " لولا علي لهلك عمر " ، ثم قول الإمام " أبي حنيفة النعمان " بحق الإمام جعفر الصادق - عليه السلام - : ( لولا السنتان لهلك النعمان ) إلى العديد من هذه الاعترافات والمناقب .
وقد نبه الرسول إلى أن هذه الحلقة - أهل البيت عليهم السلام - لا بد منها للنجاة من هول الفتن والضلال فقال - وصدق من قال - : (إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ) وأيضا قال - صلى الله عليه وآله - : ( مثل أهل بيتي كسفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ) .
ولكن بعد فترة انقطع عنا مدد السماء بغياب الإمام الثاني العاشر - عجل الله فرجه الشريف - ، وترك لنا ورثة الأنبياء - عليهم السلام - وهم العلماء الربانيون كي يحملوا أحاديثهم وأحاديث جدهم - صلى الله عليه وآله - إلى عوام الناس كي يرشدونهم إلى دين الحق .
وقد تحمل العلماء المشقة الكبيرة في حفظ هذه الشريعة من الاضمحلال ، والتشوه ، فحاربوا الضلال ، وركبوا المخاطر ، ابتغاءً لوجه الله تعالى .
فجمعوا ما جمعوا من الأحاديث ، وعمدوا إليها يغربلونها من الأحاديث الضعيفة ، واعتمدوا على ما كان حجة في الاعتماد عليه .
وقد تنوعت جهودهم في كل الميادين والحقول ، فكتبوا في الفقه والأصول والتاريخ وغير ذلك .
وأما الفقه فقد اعتمدوا على الأخبار الصحيحة - بمفهومها الأعم - وجعلوها مدماكا لفتواهم .
ولقد أتوا إلى الظن ورفضوه ، باعتبار أن الظن لا يغني من الحق شيئا ، إلا أنهم أخذوا بالخبر الواحد باعتبار أنها لغة العقلاء في الاعتماد عليه ، ولم يرد من الجهة المقدسة ، من الرسول وآله الأطهار - عليهم السلام - أي رفض لهذا المسلك ، ما أعطى الحجية له ، حيث كانت هذه السيرة تجري بالليل والنهار أمامهم - عليه السلام - وما كانوا ينهون عنها ، وقد جعل بعض العلماء الحجية من طريق الآخر ليس المقام مقام ذكره .
وأما في التاريخ فالكلام يحتاج إلى دقة في التناول ، لكونه ذا صلة وثيقة بالخبر ، حيث إن موضوعه هو الحادثة التاريخية ، وباعتبار أن المخبر عنها ، بعد البعد الزمني عن حدوثها ، هو الخبر ، كان لا بد من إبراز الفرق بين الخبر في الفقة ، والخبر في التاريخ .
إن الحادثة التاريخية تحتاج إلى طريق اليقين لإثباتها ، والخبر الواحد - وهو الخبر الظن - لا يمكن أن ينفيها إن ورد في التواريخ ما يشير إليها ، حتى لو كان صحيحا ، بل تبقى في إطار الاحتمال ، ولا ينفيه إلا الخبر المتواتر مثلا ، الذي يعتمد اليقين سبيلا .
وبعبارة أخرى إن الشارع المقدس قد تمم كشف هذه الأمارات عن الواقع ، وجعل لها الحجية ، فعذر المكلف إن وقع في الخطأ بسببها ، إلا أنه في الحادثة التاريخة لم يتدخل بها الشارع ، لأنها ليست حكما شرعيا ، فتبقى على ما هي عليه ، وهذا الأمر شبيه بالعقائد فإنها لا تؤخذ من حديث من هنا وهناك ، بل إن ما يناسب حالها - وهو الانعقاد والثبات - هو القطع واليقين ، فلذا الجزم واليقين أيضا بعدم وجود حادثة ما لا يمكن أن يكون بخبر واحد أيضا .
ومن هنا نعلم أن إثبات الأحكام الشرعية تثبت بالخبر الواحد ، إلا أن التاريخ لا يمكن الاعتماد فيه - فقط - على خبر واحد ، بل لابد للجزم بالحادثة التاريخية من تحري طريق القرائن ، حتى يأتي اليقين بوقوعه ، وأيضا لا يمكن نفي حادثة تاريخية من طريق خبر الواحد لأنه خبر ظن ، ونفي الوجود يحتاج إلى اليقين ، المفقود في مضمون الخبر الواحد .
وعليه ، فما ورد في السيرة الحسينية من أحداث قد سطرها السنة والشيعة على حد سواء ، إذا لم تستند على متكأ اليقين ، وكانت ضعيفة المستند ، فإنها تبقى في إطار الاحتمال ، ولا يمكن لحديث واحد أن ينفيها ، حتى لو كان صحيحا .
فما جرى عليه البعض من التشكيك في بعض الفضائل ، وبعض المحطات في السيرة الحسينية ، ليس في محله ، بل إنه لا يعتمد على ركن وثيق ، وإنما هذه الفضائل والحوادث لهي قطرة في تضحيات الحسين - عليه السلام - ، وأهل بيته الأطهار .
والحمد لله رب العالمين ، وسلام على المهدي - عجل الله فرجه - وآبائه الطاهرين .
اللهم صل على محمد وآله الطاهرين
إن انقطاع الوحي الإلهي عن المسلمين ، وغياب المتلقي له ، المتمثل بالشخص الأعظم والتجلي الأكبر الرسول الأكرم - صلى الله عليه وآله - ، شكل منعطفا خطيرا في مسيرة الرسالة المحمدية .
وهذا ما ألجأ الأمة إلى تفسير ما أشكل عليها من أمور الرسالة والقرآن الكريم إلى حواضر أذهانهم من معاني كلمات العرب ، أو بعض التفسيرات التي ذكرها الرسول - صلى الله عليه وآله - ، أو إلى السنة المباركة ، أو ورثة علم الرسول وهو أهل بيته - عليهم السلام - .
ولقد سجل التاريخ اعترافا بفضلهم وعلو شأنهم بما لا يخفى على أحد ، خاصة بما قاله الخليفة "أبو حفص" بحق أمير الخلائق علي - عليه السلام - : " لولا علي لهلك عمر " ، ثم قول الإمام " أبي حنيفة النعمان " بحق الإمام جعفر الصادق - عليه السلام - : ( لولا السنتان لهلك النعمان ) إلى العديد من هذه الاعترافات والمناقب .
وقد نبه الرسول إلى أن هذه الحلقة - أهل البيت عليهم السلام - لا بد منها للنجاة من هول الفتن والضلال فقال - وصدق من قال - : (إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ) وأيضا قال - صلى الله عليه وآله - : ( مثل أهل بيتي كسفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ) .
ولكن بعد فترة انقطع عنا مدد السماء بغياب الإمام الثاني العاشر - عجل الله فرجه الشريف - ، وترك لنا ورثة الأنبياء - عليهم السلام - وهم العلماء الربانيون كي يحملوا أحاديثهم وأحاديث جدهم - صلى الله عليه وآله - إلى عوام الناس كي يرشدونهم إلى دين الحق .
وقد تحمل العلماء المشقة الكبيرة في حفظ هذه الشريعة من الاضمحلال ، والتشوه ، فحاربوا الضلال ، وركبوا المخاطر ، ابتغاءً لوجه الله تعالى .
فجمعوا ما جمعوا من الأحاديث ، وعمدوا إليها يغربلونها من الأحاديث الضعيفة ، واعتمدوا على ما كان حجة في الاعتماد عليه .
وقد تنوعت جهودهم في كل الميادين والحقول ، فكتبوا في الفقه والأصول والتاريخ وغير ذلك .
وأما الفقه فقد اعتمدوا على الأخبار الصحيحة - بمفهومها الأعم - وجعلوها مدماكا لفتواهم .
ولقد أتوا إلى الظن ورفضوه ، باعتبار أن الظن لا يغني من الحق شيئا ، إلا أنهم أخذوا بالخبر الواحد باعتبار أنها لغة العقلاء في الاعتماد عليه ، ولم يرد من الجهة المقدسة ، من الرسول وآله الأطهار - عليهم السلام - أي رفض لهذا المسلك ، ما أعطى الحجية له ، حيث كانت هذه السيرة تجري بالليل والنهار أمامهم - عليه السلام - وما كانوا ينهون عنها ، وقد جعل بعض العلماء الحجية من طريق الآخر ليس المقام مقام ذكره .
وأما في التاريخ فالكلام يحتاج إلى دقة في التناول ، لكونه ذا صلة وثيقة بالخبر ، حيث إن موضوعه هو الحادثة التاريخية ، وباعتبار أن المخبر عنها ، بعد البعد الزمني عن حدوثها ، هو الخبر ، كان لا بد من إبراز الفرق بين الخبر في الفقة ، والخبر في التاريخ .
إن الحادثة التاريخية تحتاج إلى طريق اليقين لإثباتها ، والخبر الواحد - وهو الخبر الظن - لا يمكن أن ينفيها إن ورد في التواريخ ما يشير إليها ، حتى لو كان صحيحا ، بل تبقى في إطار الاحتمال ، ولا ينفيه إلا الخبر المتواتر مثلا ، الذي يعتمد اليقين سبيلا .
وبعبارة أخرى إن الشارع المقدس قد تمم كشف هذه الأمارات عن الواقع ، وجعل لها الحجية ، فعذر المكلف إن وقع في الخطأ بسببها ، إلا أنه في الحادثة التاريخة لم يتدخل بها الشارع ، لأنها ليست حكما شرعيا ، فتبقى على ما هي عليه ، وهذا الأمر شبيه بالعقائد فإنها لا تؤخذ من حديث من هنا وهناك ، بل إن ما يناسب حالها - وهو الانعقاد والثبات - هو القطع واليقين ، فلذا الجزم واليقين أيضا بعدم وجود حادثة ما لا يمكن أن يكون بخبر واحد أيضا .
ومن هنا نعلم أن إثبات الأحكام الشرعية تثبت بالخبر الواحد ، إلا أن التاريخ لا يمكن الاعتماد فيه - فقط - على خبر واحد ، بل لابد للجزم بالحادثة التاريخية من تحري طريق القرائن ، حتى يأتي اليقين بوقوعه ، وأيضا لا يمكن نفي حادثة تاريخية من طريق خبر الواحد لأنه خبر ظن ، ونفي الوجود يحتاج إلى اليقين ، المفقود في مضمون الخبر الواحد .
وعليه ، فما ورد في السيرة الحسينية من أحداث قد سطرها السنة والشيعة على حد سواء ، إذا لم تستند على متكأ اليقين ، وكانت ضعيفة المستند ، فإنها تبقى في إطار الاحتمال ، ولا يمكن لحديث واحد أن ينفيها ، حتى لو كان صحيحا .
فما جرى عليه البعض من التشكيك في بعض الفضائل ، وبعض المحطات في السيرة الحسينية ، ليس في محله ، بل إنه لا يعتمد على ركن وثيق ، وإنما هذه الفضائل والحوادث لهي قطرة في تضحيات الحسين - عليه السلام - ، وأهل بيته الأطهار .
والحمد لله رب العالمين ، وسلام على المهدي - عجل الله فرجه - وآبائه الطاهرين .