حيدر عراق
12-02-2012, 03:27 PM
الدين بين قلة العطاء وكثرة الأزياء
حيدر محمد الوائلي
(إن انتشار "الكفر" في العالم يحمل نصف أوزاره "متدينون" بغّضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم)... الأمام محمد الغزالي (رحمه الله).
هل الدين يحكمه ويتحكم فيه رجل الدين؟!
وهل رجل الدين هو ذلك الرجل الذي يرتدي زي ديني (عمامة-قوفية-عباءة-وشاح...الخ)؟!
وهل الزي الديني أصبح الأساس في تمييز رجل الدين عن غيره في المجتمع؟!
وهل المجتمع أوكل أمره وفكره وصبّ كل تقديره وإحترامه لرجل دين ذو هيئة دينية دون النظر إلى إنجازاته الفكرية والأصلاحية ودوره في المجتمع؟!
وهل أن رجل الدين "مقدس" لزيه الديني أم لعاطاءه الفكري والأصلاحي المؤثر في الناس؟!
وهل أن الدين هو فقه الحلال والحرام فقط، أم أن الدين شامل لمفاهيم وعلوم مختلفة؟!
كانت تلك أسئلة ينبغي التأمل بها وفهمها والجواب عليها...
لم يكن الزي الديني في التاريخ الأسلامي حاكماً في شيء، حيث كانت العمامة والقوفية هي الزي السائد في أوساط الناس في زمن النبي محمد (ص) وفي الأزمنة التي تلته، ولم يكن حتى النبي محمد (ص) وهو أشرف الأنبياء والمرسلين وسيدهم وخاتمهم مميز عن غيره من حيث اللبس والهيئة في شيء، حتى دخل على مجلسه أحدهم فأصابته الحيرة لعدم وجود ما يميز النبي (ص) عن غيره من الجالسين ولا يوجد ما يميز الجالسين عن بعضهم، فقال مستغرباً (أيكم محمد)؟!
لم يكن الزي الديني والهيئة الدينية عاصماً في يوم من الأيام لأحد أن يكون من أفسد الناس وأظلمهم وأقساهم في دين حرّم الفساد والظلم والقسوة، ولذلك ينبغي أن لا يكون نظر المجتمع إلى زي رجل الدين بل لعطاءه الفكري والأصلاحي، وليس كل من إرتدى لباساً ذا طابعاً دينياً يكون موضع ثقة ورأيه صائب على الدوام وكلامه صحيح في كل الأحوال.
وأما من كان من رجال الدين مشهوراً ومعروفاً بسمعته الحسنه وأثره في المجتمع، فهو كما يُقال بأن سمعته سبقته، ولابد أن تكون هذه السمعة قد جاءت من حكمته وفكره وعلمه وأثره في المجتمع.
هنالك الكثير من الناس المفكرين والمبدعين والمصلحين في الدين والمجتمع ولكنهم لا يرتدون زي ديني، والسؤال هنا: (هل أن المجتمع جعل منهم موضع ثقة وتقديس وتبجيل لفكرهم وأخلاقهم وعلمهم على الأقل كما وضعوا رجل الدين موضع ثقة وتقديس وتبجيل لزيه الديني وهيئته الدينية فقط؟!).
أكيداً لا...!!
فمن الناس من يشكك ويطعن برأي شخص ذو فكر ومعرفة ونظر لمجرد أنه شخص عادي (كجوال) لا يرتدي ملابس دينية بالرغم من حكمة رأيه وصوابه...!!
ونفس هؤلاء الناس يباركون ويقدسون ويهللون لرأي رجل دين ذو هيئة دينية رغم أن رأيه كان عادياً جداً ومكرراً جداً جداً ولا حكمة فيه أًصلاً، بل وينشرونه ويطبعونه ويوزعونه بين الناس...!!
(الحكمة ضالة المؤمن) كما قيل و(رأس الحكمة مخافة الله) وليس الدين بأزياء ولا هو بعرض أزياء، بل هو حكمة وفكر وتدبر وأخلاق وعطاء...
وكما لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، فلا فرق بين رجل الدين عن غيره إلا بالحكمة والفكر والتدبر والأخلاق والعطاء...
سافر إمام الأزهر الشريف الشيخ (محمد عبدة) الى أوربا ورأى الحياة هنالك وعاد لبلد الأسلام قائلاً مقولته الشهيرة قبل عشرات السنين: (ذهبت لأوربا فوجدت إسلام ولم أجد مسلمين، ورجعت إلى بلدي فوجدت مسلمين ولم أجد إسلام)!!
رحم الله الشيخ محمد عبدة الذي توفاه الله قبل عشرات السنين، وأقول له: (يا سماحة الشيخ قد زدنا على سوء الماضي سوءاً أكثر، بل أسوأ بكثير...!! وتحسن حال أوربا عمّا رأيته حُسناً كثيراً بل أحسن بكثير...!!)
كان قصد الشيخ محمد عبدة حقوق الأنسان وإحترام الغير بين الناس، وإحترام العلم والأبداع وتطورهم الفكري والحضاري وحفظهم للحقوق العامة والنظافة والحرية والأمان وليس القصد كيفية ملابسهم أو ماذا يأكلون ويشربون؟!
وليس القصد بعض تصرفات سياسييهم؟!
حتى لا يسئ الظن (البعض)، لأن (بعض) الظن إثم كما قال الرسول الأكرم محمد (ص).
كان المعنى السائد من (التسليم) في زمن الرسول محمد (ص) هو التسليم (لله)، ولكن تحول معنى التسليم فيما بعد وفاة الرسول محمد (ص) الى التسليم (للخليفة)...!! حتى لو كان فاسداً.. ظالماً.. مزوراً.. ضعيفاً.. مغفلاً.. شهوانياً...!!
وكلهم كانوا ذوي هيئة دينية ويصلون ويصومون ويحجون بيت الله أكثر بكثير جداً مما يفعل المتدينون في يومنا الحاضر...
واليوم كذلك حيث أصبح التسليم من (لله) إلى التسليم لعلماء وطوائف وسياسات...
كانوا فيما مضى كثيراً ما يستخدمون مسميات ذات دلالات دينية رغم مفاسدهم تلك، فخليفة الله وخليفة رسوله وأمير المؤمنين وعالم دين وفقيه وكثرة في المساجد وغيرها التي لم تكن عاصماً من مفاسد كثيرة جداً لحقت بالناس من أفعال بعض رجال دين الإسلام.
التاريح يحدثنا عن مفاسد وسيل دماء لمجرد خلاف على كرسي الخلافة ولمجرد خلاف فكري، ولم يكن الأمام علي وأبنيه الحسن والحسين بمعصم من ذلك رغم مكانتهم السامية في الأسلام من أن يتم قتلهم من قبل أناس كانوا يقومون الليل ويصومون النهار ويتلون كتاب الله بكرة وعشياًـ ليبقوا في كرسي الحكم ويعبثوا بالسلطة الدينية كيفما شائوا...!!
هذا الأسلام المزيف الذي كانوا به يحكمون الناس ويتحكمون، والذي هو أكيداً ليس إسلام الله الذي نزل من عند الله على رسوله محمد (ص) لتخليص الناس من تلك المفاسد، ولا يقاس دين الله بتصرفات من إدعوا الأسلام وخالفوه، بل يقاس دين الله بتعاليمه الصحيحة والمقدسة.
لقد غيروا معالم الأسلام وقواعده بما يتماشى مع شهواتهم وبقاء سلطانهم، كما غيروا معنى التسليم من تسليم لله الى التسليم لخليفة الله، ومن ثم لمسميات عالم دين ومفتي وللطائفة والتوجه السياسي.
ويا لله من خليفة هو يكون في صدارة من يهدر ويبذر ويفسد ويحطم مبادئ وأركان التسليم لله.
كان أغلب من امن برسول الله محمد (ص) في بادئ الأمر من المحرومين والمستضعفين ومن ضحايا الأرستقراطية والأسترقاق والتعصب القبلي، وكان كبراء العرب مستهزئين بالنبي محمد (ص) ويؤذوه، ولا أعرف كيف يحكم الأسلام ويسمونه خليفة الأسلام من (قصره) فاق نظيره ما لأباطرة أوربا وملوكها...!! وثروته لا حد لها...!!
أحد الصحابة ممن امن بالنبي محمد (ص) وكان لا يملك شيئاً ولكن بعد وفاة الرسول (ص) قد عاصر هذا الصحابي الخلفاء الأربعة وحارب ضد الأمام علي بن ابي طالب بمعركة الجمل، ولما قُتِل تبين أن له (1000) عبد يعملون تحت سلطته وهو يدفع أجورهم يومياً...!!
تخيلوا حجم ثروته...!! وكيف جمع تلك الثروة...!!
إن أول من بنى قصراً في الأسلام هو معاوية بن أبي سفيان، وقد إهتم ببنائه غاية الأهتمام وإستخدم معماريين من الروم وإيران وكان يشرف عليه شخصياً ويحضر هنالك يومياً ويطيل النظر إليه تلذذاً، وكان الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري (رض) يحضر عنده كل يوم –وكان أبو ذر يوماها منفياً من الحجاز الى الشام لكثرة إعتراضاته على فساد الخلافة الأسلامية وولاة المدن وقتذاك-، لقد كان أبو ذر يصرخ بمعاوية الواقف قرب قصره قائلاً:
(إن كان هذا من مالك فقد سرقت، وإن كان من مال الناس فقد خنت).
لم يكترث معاوية ولم يعر أدنى إهتمام لأحد أقدم الصحابة وأكرمهم عند رسول الله (ص) ولا لنصائحه، وأكمل معاوية بناء القصر وسماه القصر الأخضر نسبة الى لونه، فلم يدم له ولم يطل حكمه فيه...!!
وكم من معاوية اليوم (وما أكثرهم) من حكام ومسؤولين وأحزاب ورجال دين ذوي هيئة دينية وكم (أبو ذر) يصرخ بهم ناصحاً ويعطونه (الأذن الطرشة).
وها هو أحد أمراء المؤمنين وخليفة المسلمين كان قد أهدى لزوجته (نائلة) قلادة تفاخرت هي بها بأن قيمة تلك القلادة تعادل ثلث خراج أفريقيا...!!
هذا ما يحدثنا به التاريخ وكتب الحديث وهي موجودة في كتب معتبرة، والعلم نور والجهل ظلام.
لكي لا يعثر البعض بالحجر مرتين، فأغبى الأغبياء من يعثر بحجرٍ مرتين، ولمن تعثر مرتين سابقتين فهو درس كي لا يكون أغبى الأغبياء بأمتياز...!!
وضّح الرسول محمد (ص) قول الله عملياً والسنة مكملة للقران بقوله (ص): (فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم) و(اطلب العلم من المهد إلى اللحد) و(طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) و(اطلب العلم ولو في الصين) حيث كانت الصين من أبعد الأماكن المقصودة يومها...!!
العلم عامة ولا أعرف لماذا يربط بعض رجال الدين العلم بهم وأن هذه العلوم تختص بما يدرسون هم من فقه وغيره فحسب.
تنظر الناس لرجل الدين بمنظار القدوة والشخص موضع الثقة، فأذا إرتكب هذا القدوة أفعال مشينة أو تخاذل وخالف أخلاق الدين فسيكون قدوة سيئة يستشهد بها البعض للهروب من الدين.
حيدر محمد الوائلي
(إن انتشار "الكفر" في العالم يحمل نصف أوزاره "متدينون" بغّضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم)... الأمام محمد الغزالي (رحمه الله).
هل الدين يحكمه ويتحكم فيه رجل الدين؟!
وهل رجل الدين هو ذلك الرجل الذي يرتدي زي ديني (عمامة-قوفية-عباءة-وشاح...الخ)؟!
وهل الزي الديني أصبح الأساس في تمييز رجل الدين عن غيره في المجتمع؟!
وهل المجتمع أوكل أمره وفكره وصبّ كل تقديره وإحترامه لرجل دين ذو هيئة دينية دون النظر إلى إنجازاته الفكرية والأصلاحية ودوره في المجتمع؟!
وهل أن رجل الدين "مقدس" لزيه الديني أم لعاطاءه الفكري والأصلاحي المؤثر في الناس؟!
وهل أن الدين هو فقه الحلال والحرام فقط، أم أن الدين شامل لمفاهيم وعلوم مختلفة؟!
كانت تلك أسئلة ينبغي التأمل بها وفهمها والجواب عليها...
لم يكن الزي الديني في التاريخ الأسلامي حاكماً في شيء، حيث كانت العمامة والقوفية هي الزي السائد في أوساط الناس في زمن النبي محمد (ص) وفي الأزمنة التي تلته، ولم يكن حتى النبي محمد (ص) وهو أشرف الأنبياء والمرسلين وسيدهم وخاتمهم مميز عن غيره من حيث اللبس والهيئة في شيء، حتى دخل على مجلسه أحدهم فأصابته الحيرة لعدم وجود ما يميز النبي (ص) عن غيره من الجالسين ولا يوجد ما يميز الجالسين عن بعضهم، فقال مستغرباً (أيكم محمد)؟!
لم يكن الزي الديني والهيئة الدينية عاصماً في يوم من الأيام لأحد أن يكون من أفسد الناس وأظلمهم وأقساهم في دين حرّم الفساد والظلم والقسوة، ولذلك ينبغي أن لا يكون نظر المجتمع إلى زي رجل الدين بل لعطاءه الفكري والأصلاحي، وليس كل من إرتدى لباساً ذا طابعاً دينياً يكون موضع ثقة ورأيه صائب على الدوام وكلامه صحيح في كل الأحوال.
وأما من كان من رجال الدين مشهوراً ومعروفاً بسمعته الحسنه وأثره في المجتمع، فهو كما يُقال بأن سمعته سبقته، ولابد أن تكون هذه السمعة قد جاءت من حكمته وفكره وعلمه وأثره في المجتمع.
هنالك الكثير من الناس المفكرين والمبدعين والمصلحين في الدين والمجتمع ولكنهم لا يرتدون زي ديني، والسؤال هنا: (هل أن المجتمع جعل منهم موضع ثقة وتقديس وتبجيل لفكرهم وأخلاقهم وعلمهم على الأقل كما وضعوا رجل الدين موضع ثقة وتقديس وتبجيل لزيه الديني وهيئته الدينية فقط؟!).
أكيداً لا...!!
فمن الناس من يشكك ويطعن برأي شخص ذو فكر ومعرفة ونظر لمجرد أنه شخص عادي (كجوال) لا يرتدي ملابس دينية بالرغم من حكمة رأيه وصوابه...!!
ونفس هؤلاء الناس يباركون ويقدسون ويهللون لرأي رجل دين ذو هيئة دينية رغم أن رأيه كان عادياً جداً ومكرراً جداً جداً ولا حكمة فيه أًصلاً، بل وينشرونه ويطبعونه ويوزعونه بين الناس...!!
(الحكمة ضالة المؤمن) كما قيل و(رأس الحكمة مخافة الله) وليس الدين بأزياء ولا هو بعرض أزياء، بل هو حكمة وفكر وتدبر وأخلاق وعطاء...
وكما لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، فلا فرق بين رجل الدين عن غيره إلا بالحكمة والفكر والتدبر والأخلاق والعطاء...
سافر إمام الأزهر الشريف الشيخ (محمد عبدة) الى أوربا ورأى الحياة هنالك وعاد لبلد الأسلام قائلاً مقولته الشهيرة قبل عشرات السنين: (ذهبت لأوربا فوجدت إسلام ولم أجد مسلمين، ورجعت إلى بلدي فوجدت مسلمين ولم أجد إسلام)!!
رحم الله الشيخ محمد عبدة الذي توفاه الله قبل عشرات السنين، وأقول له: (يا سماحة الشيخ قد زدنا على سوء الماضي سوءاً أكثر، بل أسوأ بكثير...!! وتحسن حال أوربا عمّا رأيته حُسناً كثيراً بل أحسن بكثير...!!)
كان قصد الشيخ محمد عبدة حقوق الأنسان وإحترام الغير بين الناس، وإحترام العلم والأبداع وتطورهم الفكري والحضاري وحفظهم للحقوق العامة والنظافة والحرية والأمان وليس القصد كيفية ملابسهم أو ماذا يأكلون ويشربون؟!
وليس القصد بعض تصرفات سياسييهم؟!
حتى لا يسئ الظن (البعض)، لأن (بعض) الظن إثم كما قال الرسول الأكرم محمد (ص).
كان المعنى السائد من (التسليم) في زمن الرسول محمد (ص) هو التسليم (لله)، ولكن تحول معنى التسليم فيما بعد وفاة الرسول محمد (ص) الى التسليم (للخليفة)...!! حتى لو كان فاسداً.. ظالماً.. مزوراً.. ضعيفاً.. مغفلاً.. شهوانياً...!!
وكلهم كانوا ذوي هيئة دينية ويصلون ويصومون ويحجون بيت الله أكثر بكثير جداً مما يفعل المتدينون في يومنا الحاضر...
واليوم كذلك حيث أصبح التسليم من (لله) إلى التسليم لعلماء وطوائف وسياسات...
كانوا فيما مضى كثيراً ما يستخدمون مسميات ذات دلالات دينية رغم مفاسدهم تلك، فخليفة الله وخليفة رسوله وأمير المؤمنين وعالم دين وفقيه وكثرة في المساجد وغيرها التي لم تكن عاصماً من مفاسد كثيرة جداً لحقت بالناس من أفعال بعض رجال دين الإسلام.
التاريح يحدثنا عن مفاسد وسيل دماء لمجرد خلاف على كرسي الخلافة ولمجرد خلاف فكري، ولم يكن الأمام علي وأبنيه الحسن والحسين بمعصم من ذلك رغم مكانتهم السامية في الأسلام من أن يتم قتلهم من قبل أناس كانوا يقومون الليل ويصومون النهار ويتلون كتاب الله بكرة وعشياًـ ليبقوا في كرسي الحكم ويعبثوا بالسلطة الدينية كيفما شائوا...!!
هذا الأسلام المزيف الذي كانوا به يحكمون الناس ويتحكمون، والذي هو أكيداً ليس إسلام الله الذي نزل من عند الله على رسوله محمد (ص) لتخليص الناس من تلك المفاسد، ولا يقاس دين الله بتصرفات من إدعوا الأسلام وخالفوه، بل يقاس دين الله بتعاليمه الصحيحة والمقدسة.
لقد غيروا معالم الأسلام وقواعده بما يتماشى مع شهواتهم وبقاء سلطانهم، كما غيروا معنى التسليم من تسليم لله الى التسليم لخليفة الله، ومن ثم لمسميات عالم دين ومفتي وللطائفة والتوجه السياسي.
ويا لله من خليفة هو يكون في صدارة من يهدر ويبذر ويفسد ويحطم مبادئ وأركان التسليم لله.
كان أغلب من امن برسول الله محمد (ص) في بادئ الأمر من المحرومين والمستضعفين ومن ضحايا الأرستقراطية والأسترقاق والتعصب القبلي، وكان كبراء العرب مستهزئين بالنبي محمد (ص) ويؤذوه، ولا أعرف كيف يحكم الأسلام ويسمونه خليفة الأسلام من (قصره) فاق نظيره ما لأباطرة أوربا وملوكها...!! وثروته لا حد لها...!!
أحد الصحابة ممن امن بالنبي محمد (ص) وكان لا يملك شيئاً ولكن بعد وفاة الرسول (ص) قد عاصر هذا الصحابي الخلفاء الأربعة وحارب ضد الأمام علي بن ابي طالب بمعركة الجمل، ولما قُتِل تبين أن له (1000) عبد يعملون تحت سلطته وهو يدفع أجورهم يومياً...!!
تخيلوا حجم ثروته...!! وكيف جمع تلك الثروة...!!
إن أول من بنى قصراً في الأسلام هو معاوية بن أبي سفيان، وقد إهتم ببنائه غاية الأهتمام وإستخدم معماريين من الروم وإيران وكان يشرف عليه شخصياً ويحضر هنالك يومياً ويطيل النظر إليه تلذذاً، وكان الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري (رض) يحضر عنده كل يوم –وكان أبو ذر يوماها منفياً من الحجاز الى الشام لكثرة إعتراضاته على فساد الخلافة الأسلامية وولاة المدن وقتذاك-، لقد كان أبو ذر يصرخ بمعاوية الواقف قرب قصره قائلاً:
(إن كان هذا من مالك فقد سرقت، وإن كان من مال الناس فقد خنت).
لم يكترث معاوية ولم يعر أدنى إهتمام لأحد أقدم الصحابة وأكرمهم عند رسول الله (ص) ولا لنصائحه، وأكمل معاوية بناء القصر وسماه القصر الأخضر نسبة الى لونه، فلم يدم له ولم يطل حكمه فيه...!!
وكم من معاوية اليوم (وما أكثرهم) من حكام ومسؤولين وأحزاب ورجال دين ذوي هيئة دينية وكم (أبو ذر) يصرخ بهم ناصحاً ويعطونه (الأذن الطرشة).
وها هو أحد أمراء المؤمنين وخليفة المسلمين كان قد أهدى لزوجته (نائلة) قلادة تفاخرت هي بها بأن قيمة تلك القلادة تعادل ثلث خراج أفريقيا...!!
هذا ما يحدثنا به التاريخ وكتب الحديث وهي موجودة في كتب معتبرة، والعلم نور والجهل ظلام.
لكي لا يعثر البعض بالحجر مرتين، فأغبى الأغبياء من يعثر بحجرٍ مرتين، ولمن تعثر مرتين سابقتين فهو درس كي لا يكون أغبى الأغبياء بأمتياز...!!
وضّح الرسول محمد (ص) قول الله عملياً والسنة مكملة للقران بقوله (ص): (فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم) و(اطلب العلم من المهد إلى اللحد) و(طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) و(اطلب العلم ولو في الصين) حيث كانت الصين من أبعد الأماكن المقصودة يومها...!!
العلم عامة ولا أعرف لماذا يربط بعض رجال الدين العلم بهم وأن هذه العلوم تختص بما يدرسون هم من فقه وغيره فحسب.
تنظر الناس لرجل الدين بمنظار القدوة والشخص موضع الثقة، فأذا إرتكب هذا القدوة أفعال مشينة أو تخاذل وخالف أخلاق الدين فسيكون قدوة سيئة يستشهد بها البعض للهروب من الدين.