الشيخ علي محمد حايك
21-02-2012, 07:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
يظن البعض انه يحسن على والديه ويتصدق عندما ينفق عليهما مع انه من آكد الواجبات عليه بل إن الكثير من النساء اعني الزوجات قد يعترضن على ازواجهم في ذلك ويعتبرن ان مال زوجها يذهب هدرا اوا نه غير مجبور ولا ملزم بذلك ولأجل توضيح هذه المسألة وبعض الفروع المتعلقة بها نعرض بين يديك عزيزي القارئ هذا البحث ضمن النقاط التالية:
الانفاق على الوالدين
قال العلامة في المنتهى- ج 1 - ص 523: وقد وقع الاتفاق على وجوب الانفاق على الوالدين وفي الجواهر - ج 31 - ص 366 – 367: تجب إجماعا من المسلمين فضلا عن المؤمنين ونصوصا مستفيضة أو متواترة .
الروايات
1-قال حريز: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام : من الذي أجير عليه وتلزمني نفقته ؟ فقال : الوالدان والولد و الزوجة " ونحوه صحيح الحلبي
2- محمد بن مسلم: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام : من يلزم الرجل من قرابته ممن ينفق عليه ؟ قال : الوالدان والولد والزوجة " .
3- جميل عن أحدهما عليهما السلام " لا يجبر الرجل إلا على نفقة الأبوين والولد ، قلت لجميل : فالمرأة ؟ قال : روى بعض أصحابنا وهو عنبسة بن ابن مصعب وسورة بن كليب عن أحدهما عليهما السلام أنه إذا كساها ما يواري عورتها وأطعمها ما يقيم صلبها أقامت معه وإلا طلقها .
والمراد من الخبر المذكور أنه يجبر على نفقة الوالدين والوالد ، وأما المرأة فإنه يخير بين الانفاق عليها وبين طلاقها
وفي الكافي عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى : ( وبالوالدين إحسانا ) ، فقال عليه السلام : " الاحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين ، أليس يقول الله عز وجل : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )
قال الشيخ الأنصاري في القضاء والشهادات - ص 305 – 307: واعلم أنه قد تصدر جمع لتوجيه استشهاده عليه السلام للمطلب بقوله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) مع عدم ارتباطه به ظاهرا بوجوه :
منها : إن عموم الآية يشمل الانفاق قبل السؤال ، فيدخل فيه الانفاق قبل السؤال وإن كان في حال غنى المنفق عليه .
منها : إن الانفاق مما يحب المنفق ، كما أنه شاق على النفس ، ولهذا أمر به ، فكذلك قضاء حاجة الوالدين قبل أن يسألا .
ومنها : إن سرور الوالدين بقضاء حاجتهما قبل الطلب أكثر منه بقضائها بعده ، كما أن سرور الفقير بانفاق المحبوب أكثر منه بإنفاق غيره .
ومنها : إن المراد من الآية " حتى تنفقوا " : من الوجه الذي تحبون أن ينفق عليكم ، ولا شبهة أنه الانفاق قبل الاظهار والسؤال ، وإن كان هذا المعنى مخالفا للمشهور في تفسير الآية .
أقول : والكل بعيد ، والذي يخطر بالبال في التوجيه وجه آخر يتضح بعد مقدمتين :
الأولى : إن المراد بما تحبون في الآية : " مما تحبون " ليس خصوص ما يحبه المنفق ، ضرورة أنه لا مزية في البر بانفاق الشخص ما يحبه مع العلم بأن غيره من عامة الناس لا يشتاقون إليه كثيرا وإن كان لهذا أيضا مزية من حيث كونه شاقا على النفس ، لكن ليس هذا فضيلة في البر بحيث يعد من أفضل البر ، وإنما هي فضيلة من حيث مجاهدة النفس ومخالفتها ، بل المراد - والله العالم - هو ما يحبه عامة الناس كالحلوات والطبائخ والثمار اللذيذة ، فكل أحد مخاطب مع اليسار بالانفاق مما يحبه الغالب لا أن كل واحد مأمور بالانفاق بما يحب ، فمزية الانفاق به على الانفاق لغيره من حيث إنه يحبه المنفق عليه كما يحبه المنفق ، لا من حيث إنه يحبه المنفق .
الثانية : إن الرواية لم يذكر فيها غنى الوالدين وإنما ذكر فيها استغنائهما ، والاستغناء عد النفس غنيا ولو مع الاحتياج أو الفقر ، ويشهد له قوله عليه السلام : " أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه " ( 2 ) . فمعنى الحديث - حينئذ - : أنه أنفق على والديك مما يحتاجان إليه ويشتهيانه ، حيث إنك تعلم أن كثيرا من الأشياء التي يحبها عامة الناس ويشتهيها وإن تعففا ولم يسألاك إياها لمكان استغنائهما ولا تكلفهما أي : ولا توقعهما في كلفة السؤال وترك التعفف .
مقدار الانفاق
قال المحقق الحلي في المختصر النافع - ص 195:ولا تقدير للنفقة بل يجب بذل الكفاية من الطعام والكسوة والمسكن .
وفي الجواهر ج 31 - ص 377:: المتعارف في الانفاق من سد العوزة وستر العورة وما يتبعهما ، والمصاحبة بالمعروف المأمور بها في الوالدين إنما يراد بها المتعارف من المعروف .
لذا فالواجب قدر الكفاية من الاطعام والكسوة والمسكن وما يحتاج إليه مما جرت العادة بانفاقه مع اعتبار اللائق بالحال .
وجوب الانفاق مع الكفر
واعلم انه تجب النفقة ولو كان المنفق عليه فاسقا أو كافرا بلا خلاف بل عن جماعة الاجماع عليه واطلاق النصوص المتقدمة شاهد به مع أنه في الوالدين أمرنا بمصاحبتهما بالمعروف مع كفرهما الذي هو كالمخصص لما تضمن النهي عن الموادة لمن نصب لله المحادة
وجوبها حتى لو حصل العجز باختياره
وفي تحرير الوسيلة - السيد الخميني - ج 2 - ص 320:نعم لو فات عنه زمان الاكتساب بحيث صار فعلا محتاجا بالنسبة إلى يوم أو أيام غير قادر على تحصيل نفقتها وجب وإن كان العجز حصل باختياره .
لا تسقط بمجرد القدرة على الانفاق عليه من الحقوق
ففي منهاج الصالحين - السيد الخوئي - ج 2 - ص 288
ولا يسقط الوجوب بمجرد القدرة على أخذه الحقوق مثل الزكاة والخمس إذا كان فيه مهانة بل مع عدمها أيضا
والحمد لله رب العالمين
يظن البعض انه يحسن على والديه ويتصدق عندما ينفق عليهما مع انه من آكد الواجبات عليه بل إن الكثير من النساء اعني الزوجات قد يعترضن على ازواجهم في ذلك ويعتبرن ان مال زوجها يذهب هدرا اوا نه غير مجبور ولا ملزم بذلك ولأجل توضيح هذه المسألة وبعض الفروع المتعلقة بها نعرض بين يديك عزيزي القارئ هذا البحث ضمن النقاط التالية:
الانفاق على الوالدين
قال العلامة في المنتهى- ج 1 - ص 523: وقد وقع الاتفاق على وجوب الانفاق على الوالدين وفي الجواهر - ج 31 - ص 366 – 367: تجب إجماعا من المسلمين فضلا عن المؤمنين ونصوصا مستفيضة أو متواترة .
الروايات
1-قال حريز: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام : من الذي أجير عليه وتلزمني نفقته ؟ فقال : الوالدان والولد و الزوجة " ونحوه صحيح الحلبي
2- محمد بن مسلم: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام : من يلزم الرجل من قرابته ممن ينفق عليه ؟ قال : الوالدان والولد والزوجة " .
3- جميل عن أحدهما عليهما السلام " لا يجبر الرجل إلا على نفقة الأبوين والولد ، قلت لجميل : فالمرأة ؟ قال : روى بعض أصحابنا وهو عنبسة بن ابن مصعب وسورة بن كليب عن أحدهما عليهما السلام أنه إذا كساها ما يواري عورتها وأطعمها ما يقيم صلبها أقامت معه وإلا طلقها .
والمراد من الخبر المذكور أنه يجبر على نفقة الوالدين والوالد ، وأما المرأة فإنه يخير بين الانفاق عليها وبين طلاقها
وفي الكافي عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى : ( وبالوالدين إحسانا ) ، فقال عليه السلام : " الاحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين ، أليس يقول الله عز وجل : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )
قال الشيخ الأنصاري في القضاء والشهادات - ص 305 – 307: واعلم أنه قد تصدر جمع لتوجيه استشهاده عليه السلام للمطلب بقوله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) مع عدم ارتباطه به ظاهرا بوجوه :
منها : إن عموم الآية يشمل الانفاق قبل السؤال ، فيدخل فيه الانفاق قبل السؤال وإن كان في حال غنى المنفق عليه .
منها : إن الانفاق مما يحب المنفق ، كما أنه شاق على النفس ، ولهذا أمر به ، فكذلك قضاء حاجة الوالدين قبل أن يسألا .
ومنها : إن سرور الوالدين بقضاء حاجتهما قبل الطلب أكثر منه بقضائها بعده ، كما أن سرور الفقير بانفاق المحبوب أكثر منه بإنفاق غيره .
ومنها : إن المراد من الآية " حتى تنفقوا " : من الوجه الذي تحبون أن ينفق عليكم ، ولا شبهة أنه الانفاق قبل الاظهار والسؤال ، وإن كان هذا المعنى مخالفا للمشهور في تفسير الآية .
أقول : والكل بعيد ، والذي يخطر بالبال في التوجيه وجه آخر يتضح بعد مقدمتين :
الأولى : إن المراد بما تحبون في الآية : " مما تحبون " ليس خصوص ما يحبه المنفق ، ضرورة أنه لا مزية في البر بانفاق الشخص ما يحبه مع العلم بأن غيره من عامة الناس لا يشتاقون إليه كثيرا وإن كان لهذا أيضا مزية من حيث كونه شاقا على النفس ، لكن ليس هذا فضيلة في البر بحيث يعد من أفضل البر ، وإنما هي فضيلة من حيث مجاهدة النفس ومخالفتها ، بل المراد - والله العالم - هو ما يحبه عامة الناس كالحلوات والطبائخ والثمار اللذيذة ، فكل أحد مخاطب مع اليسار بالانفاق مما يحبه الغالب لا أن كل واحد مأمور بالانفاق بما يحب ، فمزية الانفاق به على الانفاق لغيره من حيث إنه يحبه المنفق عليه كما يحبه المنفق ، لا من حيث إنه يحبه المنفق .
الثانية : إن الرواية لم يذكر فيها غنى الوالدين وإنما ذكر فيها استغنائهما ، والاستغناء عد النفس غنيا ولو مع الاحتياج أو الفقر ، ويشهد له قوله عليه السلام : " أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه " ( 2 ) . فمعنى الحديث - حينئذ - : أنه أنفق على والديك مما يحتاجان إليه ويشتهيانه ، حيث إنك تعلم أن كثيرا من الأشياء التي يحبها عامة الناس ويشتهيها وإن تعففا ولم يسألاك إياها لمكان استغنائهما ولا تكلفهما أي : ولا توقعهما في كلفة السؤال وترك التعفف .
مقدار الانفاق
قال المحقق الحلي في المختصر النافع - ص 195:ولا تقدير للنفقة بل يجب بذل الكفاية من الطعام والكسوة والمسكن .
وفي الجواهر ج 31 - ص 377:: المتعارف في الانفاق من سد العوزة وستر العورة وما يتبعهما ، والمصاحبة بالمعروف المأمور بها في الوالدين إنما يراد بها المتعارف من المعروف .
لذا فالواجب قدر الكفاية من الاطعام والكسوة والمسكن وما يحتاج إليه مما جرت العادة بانفاقه مع اعتبار اللائق بالحال .
وجوب الانفاق مع الكفر
واعلم انه تجب النفقة ولو كان المنفق عليه فاسقا أو كافرا بلا خلاف بل عن جماعة الاجماع عليه واطلاق النصوص المتقدمة شاهد به مع أنه في الوالدين أمرنا بمصاحبتهما بالمعروف مع كفرهما الذي هو كالمخصص لما تضمن النهي عن الموادة لمن نصب لله المحادة
وجوبها حتى لو حصل العجز باختياره
وفي تحرير الوسيلة - السيد الخميني - ج 2 - ص 320:نعم لو فات عنه زمان الاكتساب بحيث صار فعلا محتاجا بالنسبة إلى يوم أو أيام غير قادر على تحصيل نفقتها وجب وإن كان العجز حصل باختياره .
لا تسقط بمجرد القدرة على الانفاق عليه من الحقوق
ففي منهاج الصالحين - السيد الخوئي - ج 2 - ص 288
ولا يسقط الوجوب بمجرد القدرة على أخذه الحقوق مثل الزكاة والخمس إذا كان فيه مهانة بل مع عدمها أيضا
والحمد لله رب العالمين