مودة اهل البيت
27-02-2012, 06:49 PM
تنمية الفطريات عند الطفل :
إن الفطريات الأولية للإنسان تشكل الثروات التي أودعها الخالق العظيم لضمان سعادة الإنسانية في نفس كل طفل وخلقه مع تلك الثروات. فإن جوبهت الفطريات عند الطفل بالتنمية الصحيحة والحماية العلمية وخرجت من عالم القوة الى حيّز الفعل كانت الأساس لسعادته ، وبقيت الضمان الحقيقي لرقيه طيلة أيام حياته. وعلى العكس لو أهمل المربي قيمة الفطريات ولم يعتن بها ، بل قام بتربية الطفل طبقاً للأساليب الخاطئة فإنه يتطبّع على الانحراف والفساد ويفقد ثرواته الفطرية بالتدريج ، ويكون في النهاية عضواً فاسداً في المجتمع.
ومن الفطريات عند الإنسان إدراك لزوم الوفاء بالعهد. وكما أن حب الذات ، والغريزة الجنسية ، والحاجة الى الغذاء والمأوى... من المقومات الضرورية للحياة ، خلقها الله تعالى بصورة غرائز في طبيعة الإنسان فان الوفاء بالعهد من المقومات الضرورية لسعادة المجتمع ، وقد جعل الله تعالى إدراك حسنه وضرورته في باطن كل انسان.
الادراك الفطري للوفاء بالعهد بذرة غرسها الله تعالى في تربة قلب الطفل ، والأساليب التربوية الصحيحة التي يستخدمها الوالدان بمنزلة سقي تلك البذرة لإنباتها. فإن لم يُخدع الطفل في العهود والمواعيد التي تمنح إياه ، فإن هذه البذرة الفطرية تضرب بجذورها في قلبه ، ويلتزم بعهوده فينشأ إنساناً وفياً دون أن يفكر في نقض العهد ، أما إذا كان الوالدان ينقضان عهودهما ، ويخدعان الطفل ، يعدانه ثم
____________
( 1 ) مستدرك الوسائل للمحدث النوري ج.
( 2 ) وسائل الشيعة للحر العاملي ج3|232.
===============
( 24 )
لا يفيان له ، أو يلتزمان أمامه لشخص آخر بشيء ثم لا ينفذان ما التزما به ، فإن الطفل ينشأ نقاضاً للعهود وخداعاً ، لا يشعر بمسؤولية تجاه وعوده. إن الوالدين الناقضين لعهودهما يلقنان الطفل بسلوكهما المنحرف درس الخروج عن العهد والتخلّف عنه ، ويعلّمانه أن الانسان يستطيع أن يكذب ، أن يخدع الناس ، أن ينقض العهد.
« لاحظوا أننا عندما نعجز عن تهدأة الطفل وإسكاته بالطرق الاعتيادية والطبيعية نلجأ الى الخديعة ، نتشبث بالوعود الزائفة ، ونركن الى التهديد والتوعيد. ما أكثر الامهات اللائي يعجزن عن إسكات اطفالهن عندما يردن الخروج من البيت فيعمدان الى أن يعدنهم بشراء بعض الفواكه أو الدمى عند العودة ، بينما يراهن الأطفال عند عودتهن الى البيت صفرات اليد. ما اكثر الأمهات للائي يكذبن على الطفل عندما يردن أن يناولنه دواء مرأ فيقلن له : إنه حلو. هذه الأمثلة كثيرة الى درجة أننا نتمكن ـ مع الأسف ـ أن نملأ الصحائف الطوال عن هذا الموضوع ، كثيراً ما نعد الأطفال المساكين بوعود زائفة بحيث يمكن ذكر آلاف الأمثلة بهذا الصدد ».
« السيارة مستعدة ، والأب يريد أن يرجع من المصيف الى المدينة ، في اللحظة التي يريد الركوب يركض طفله الصغير نحوه ويرجوه أن يصحبه معه الى المدينة يصر كثيراً ، ويلح ، وبما أنه لم يعوّد أن يرى في ( كلا ) جواباً قطعياً لا يقبل النقض لا يكف عن الالحاح ، عندما يحس الأب أن صرف الطفل عن فكرته هذه ليس بالأمر اليسير يلجأ الى الطريقة التالية ».
« يقول له : عزيزي ، لا يمكن أن أصحبك معي الى المدينة بهذه الصورة ، إذهب والبس ملابسه الأنيقة ».
« يذهب الطفل وملؤه اعتماد على أبيه لتبديل ملابسه ، ولكنه
____________
( 1 ) ما وفرزندان ما ص 67.
===============
( 25 )
عندما يعود لا يجد في نهاية الشارع غير الغبار المتصاعد وراء سيارة أبيه. ينظر إلى هذه الحيلة ، يستمر في مكانه ، يجزع يصيح : إنك خداع كذاب إنه يصدق فقد كذب عليه أبوه ، وإن فرصة تعوّده على الكذب حتمية » (1).
في جميع الدول الغريبة والشرقية في العالم آباء وأمهات كثيرون غافلون عن التربية الصحيحة لأطفالهم ، يلوثونهم ـ عن علم أو جهل ـ بالصفات الذميمية. فالآباء والأمهات الذين يكذبون وينقضون عهدوهم ، ويخدعون أطفالهم ، ولا يفون بوعودهم تجاههم يعلّمونهم دروس الانحراف ، ويجرمون في حقهم وحق المجتمع الذي يقوم عليهم.
إن قلب الطفل كعدسة تصوير ، يلتقط الصور المختلفة من أفعال والديه وأقوالهما ، وتعتبر مشاهداته ومسموعاته في دور الطفولة منهاجاً لحياته المقبلة ، وهكذا يجب أن نهتم بالتعاليم الصالحة وغير الصالحة التي يتلقاها الطفل من والديه او معلّميه ، فقد يـأثر الطفل بمشاهدة عمل ما أو سماع كلام ما الى درجة أنها تبعث أعمق الجذور في نفسه ، ولا تزول آثار ذلك مدى الحياة ، وربما أدت الى قلب مجرى الحياة بصورة تامه.
مقتبس
إن الفطريات الأولية للإنسان تشكل الثروات التي أودعها الخالق العظيم لضمان سعادة الإنسانية في نفس كل طفل وخلقه مع تلك الثروات. فإن جوبهت الفطريات عند الطفل بالتنمية الصحيحة والحماية العلمية وخرجت من عالم القوة الى حيّز الفعل كانت الأساس لسعادته ، وبقيت الضمان الحقيقي لرقيه طيلة أيام حياته. وعلى العكس لو أهمل المربي قيمة الفطريات ولم يعتن بها ، بل قام بتربية الطفل طبقاً للأساليب الخاطئة فإنه يتطبّع على الانحراف والفساد ويفقد ثرواته الفطرية بالتدريج ، ويكون في النهاية عضواً فاسداً في المجتمع.
ومن الفطريات عند الإنسان إدراك لزوم الوفاء بالعهد. وكما أن حب الذات ، والغريزة الجنسية ، والحاجة الى الغذاء والمأوى... من المقومات الضرورية للحياة ، خلقها الله تعالى بصورة غرائز في طبيعة الإنسان فان الوفاء بالعهد من المقومات الضرورية لسعادة المجتمع ، وقد جعل الله تعالى إدراك حسنه وضرورته في باطن كل انسان.
الادراك الفطري للوفاء بالعهد بذرة غرسها الله تعالى في تربة قلب الطفل ، والأساليب التربوية الصحيحة التي يستخدمها الوالدان بمنزلة سقي تلك البذرة لإنباتها. فإن لم يُخدع الطفل في العهود والمواعيد التي تمنح إياه ، فإن هذه البذرة الفطرية تضرب بجذورها في قلبه ، ويلتزم بعهوده فينشأ إنساناً وفياً دون أن يفكر في نقض العهد ، أما إذا كان الوالدان ينقضان عهودهما ، ويخدعان الطفل ، يعدانه ثم
____________
( 1 ) مستدرك الوسائل للمحدث النوري ج.
( 2 ) وسائل الشيعة للحر العاملي ج3|232.
===============
( 24 )
لا يفيان له ، أو يلتزمان أمامه لشخص آخر بشيء ثم لا ينفذان ما التزما به ، فإن الطفل ينشأ نقاضاً للعهود وخداعاً ، لا يشعر بمسؤولية تجاه وعوده. إن الوالدين الناقضين لعهودهما يلقنان الطفل بسلوكهما المنحرف درس الخروج عن العهد والتخلّف عنه ، ويعلّمانه أن الانسان يستطيع أن يكذب ، أن يخدع الناس ، أن ينقض العهد.
« لاحظوا أننا عندما نعجز عن تهدأة الطفل وإسكاته بالطرق الاعتيادية والطبيعية نلجأ الى الخديعة ، نتشبث بالوعود الزائفة ، ونركن الى التهديد والتوعيد. ما أكثر الامهات اللائي يعجزن عن إسكات اطفالهن عندما يردن الخروج من البيت فيعمدان الى أن يعدنهم بشراء بعض الفواكه أو الدمى عند العودة ، بينما يراهن الأطفال عند عودتهن الى البيت صفرات اليد. ما اكثر الأمهات للائي يكذبن على الطفل عندما يردن أن يناولنه دواء مرأ فيقلن له : إنه حلو. هذه الأمثلة كثيرة الى درجة أننا نتمكن ـ مع الأسف ـ أن نملأ الصحائف الطوال عن هذا الموضوع ، كثيراً ما نعد الأطفال المساكين بوعود زائفة بحيث يمكن ذكر آلاف الأمثلة بهذا الصدد ».
« السيارة مستعدة ، والأب يريد أن يرجع من المصيف الى المدينة ، في اللحظة التي يريد الركوب يركض طفله الصغير نحوه ويرجوه أن يصحبه معه الى المدينة يصر كثيراً ، ويلح ، وبما أنه لم يعوّد أن يرى في ( كلا ) جواباً قطعياً لا يقبل النقض لا يكف عن الالحاح ، عندما يحس الأب أن صرف الطفل عن فكرته هذه ليس بالأمر اليسير يلجأ الى الطريقة التالية ».
« يقول له : عزيزي ، لا يمكن أن أصحبك معي الى المدينة بهذه الصورة ، إذهب والبس ملابسه الأنيقة ».
« يذهب الطفل وملؤه اعتماد على أبيه لتبديل ملابسه ، ولكنه
____________
( 1 ) ما وفرزندان ما ص 67.
===============
( 25 )
عندما يعود لا يجد في نهاية الشارع غير الغبار المتصاعد وراء سيارة أبيه. ينظر إلى هذه الحيلة ، يستمر في مكانه ، يجزع يصيح : إنك خداع كذاب إنه يصدق فقد كذب عليه أبوه ، وإن فرصة تعوّده على الكذب حتمية » (1).
في جميع الدول الغريبة والشرقية في العالم آباء وأمهات كثيرون غافلون عن التربية الصحيحة لأطفالهم ، يلوثونهم ـ عن علم أو جهل ـ بالصفات الذميمية. فالآباء والأمهات الذين يكذبون وينقضون عهدوهم ، ويخدعون أطفالهم ، ولا يفون بوعودهم تجاههم يعلّمونهم دروس الانحراف ، ويجرمون في حقهم وحق المجتمع الذي يقوم عليهم.
إن قلب الطفل كعدسة تصوير ، يلتقط الصور المختلفة من أفعال والديه وأقوالهما ، وتعتبر مشاهداته ومسموعاته في دور الطفولة منهاجاً لحياته المقبلة ، وهكذا يجب أن نهتم بالتعاليم الصالحة وغير الصالحة التي يتلقاها الطفل من والديه او معلّميه ، فقد يـأثر الطفل بمشاهدة عمل ما أو سماع كلام ما الى درجة أنها تبعث أعمق الجذور في نفسه ، ولا تزول آثار ذلك مدى الحياة ، وربما أدت الى قلب مجرى الحياة بصورة تامه.
مقتبس