المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا يجدي الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه؟


بغدادي
14-08-2007, 02:02 AM
لماذا انحدر الآشوريون من رأس قائمة الشعوب إلى أسفلها ؟

كتابات - المهندس / زيا أوديشو

كل من لا يعرف نفسه، يتعرض لمخاطر لا حيلة له فيها. كل إنسان لا يتعظ من تجاربه وأخطائه سيخسر، إذ ستتكرر هذه الأخطاء دون درايته. القليلون جداً هم ممن يتبادر إلى ذهنهم أو لاهتماماتهم هذا السؤال المهم جداً، ولا يتلقون عليه جواباً من أحد. كل الأمم والشعوب اجتاحها الغزو والاحتلال وربما مراراً، لكنها دأبت على التوحد والنضال والكفاح والتضحية حتى استعادت حريتها وأرضها وسيادتها. إلاّ نحن الآشوريون في نينوى وبابل مرة واحدة اكتسحنا الاحتلال(نينوى 612 ق.م.) و(بابل 538 ق.م.) فانتهينا وتمزقنا وتشتتنا إلى يومنا هذا، بالرغم من أننا كنا على رأس قائمة الشعوب والأمم، حضارةً ومدنيةً وقوةً. بل نحن مَنْ عَلّمْنا كل الشعوب المعرفة والحضارة. وتحقق المثل العامي الذي يقول( علمناهم شحادة، سبقونا على الأبواب).
حتى الآن لم يكلف أحدٌ نفسه تجَشُّمَ الجهود للبحث عن إجابة لهذا التساؤل. ولا ترى أحداً يُبالي به. لماذا لا أدري؟ هل هو الخجل من ذكر العيوب؟ هل هو رفض النقد الذاتي وجَلْدِها؟ هل هو عدم مراودة مثل هذا التساؤل إلى ذهن أحد؟ هل هو الجهل وعسر الإجابة عليه؟ وربما احتمالات أخرى عديدة؟ ولقد فكرت في هذه المهمة كثيراً وطويلاً. وقلبْت الأمور على وجوهها من عدة زوايا، ووصلت إلى عدة مفاتيح، وأجوبة. وترددتً بادىء الأمر من عَرْضِها جهاراً ودفعة واحدة، لأنني أدرك تماماً إن شعبنا غير أهل لقبول النقد الذاتي، وكشف العيوب. لكن الواجب القومي حتَّمَ عليَّ، وحَثني على أداء هذه المهمة دون خجل أو خشية، إسوة بكُتّاب كثيرين من الأمم الأخرى، وخاصة المفكرين الكبيرين السعوديين: المرحوم عبدالله القصيمي في كتابه(هذه هي الأغلال)، وتركي الحمد في كتابه( السياسة بين الحلال والحرام). حيث أنهما يَسْردان وينتقدان جهاراً وبصريح العبارة أراء وتعاليم وتوجهات الأئمة المسلمين الخاطئة والمناوئة لشروط التطور والتقدم. وذلك في مجتمع متزمت ومتعصب كما هو الحال في السعودية !.
فمعرفة الداء هو الذي يرشد للدواء. إذ ربما يعي شعبُنا ظروفه وعيوبه التي أسْقطتْه من القمة إلى القاعدة مشلولاً مُسْتضْعفاً مذلولاً. عسى أن يبتدىء بمعالجتها، وإصلاحها، خيرٌ من أن تظلَّ في دواخله تَنْخر في كيانه ووجوده، وتُكبِّل أطرافه، وتهد طاقاته، وتُحْني رقبته، وتُمْحيه. وأبدأُها كما يلي:
اعْتناقنا للمسيحية بانفعال عاطفي دون وعي، ولم يهمنا منها سوى كلمتي الجنة والنار، وارتدائنا لمسوح اليهودية، عدوة أجدادنا وتاريخنا وأنفسنا، نقدس تاريخها ونتفاخر بشخصياتها. - تعصبنا للدين الجديد لدرجة لعنة أجدادنا، ووَسْمَهم بكفار عبدة الأوثان، ونبْذهم ونُكْرانهم، ولعنتهم في صلواتنا، ونِسْيانهم. – تعصبنا المذهبي الطائفي الذي مَزَّقنا، وهدَّنا وأبْعدنا عن إخوتنا، وملأ قلوبنا بالحقد على بعضنا البعض، وكذلك تعصبنا القبلي والعشائري، والإقليمي الأعمى. - لأننا بينما كنا ملتهيين بسجال بيزنطيٍّ عقيم( إن لم تكن نسطورياً لن تدخل إلى الجنة، لا إن لم تكن كلدانياً لن تقبل في الجنة، لا بل إن لم تكن يعقوبياً لن تر الجنة)، ولا زلنا حتى الآن في نفس هذا الموال النشاز، كان أعداؤنا يستبيحون دمنا، وينتهكون عرضنا، وينهبون أرضنا. – لأننا تَرَكْنا الواقع وعَشِقنا الوهم والخيال. – لأن كهنتنا وزعماؤنا اتفقوا على تحريمنا من التعليم كي يَسْهل لهم السيطرة علينا، وحلبنا كالأبقار(بحجة أن التعليم يُضْعف الإيمان) فسُررْنا بالجهل (لأن فيه راحة للنفس والفكر، وتبَنّي الخرافات والتسلية بها). – لأن أدمغتنا غسلها الكهنة، بناءً على مكائد اليهود وفخاخهم وخُبْثِهم. - لأننا لم نكن معنيين بمصيرنا الأمني والقومي لِدُنْيانا، وتفكيرُنا وتطلعنا صار دائماً لآخرتنا وبَسْطنا، فضَيَّعْنا وقتنا في الصوم والصلاة، والاتكال على رحمة السماء لحمايتنا، وانقاذنا من المخاطر والكوارث، دون أن نعتمد على أنفسنا، واستعداداتنا الذاتية(أفلسْتمْ من الدنيا، وحَتْماً لن تجدوا الآخرة). – لأننا دائماً حاربْنا بعضنا بضراوة كالأعداء، بدلاً من الاتحاد لمجابهة الأعداء الغزاة للدفاع عن أنفسنا. - لأننا لم نعرف أن نمَيِّز بين ما هو لصالحنا وما هو لِمَضَرَّتنا، وتلخْبَطْنا بين الغث والسمين، وغالباً ما اخترنا ما هو ضار، بل كثيراً ما تركنا تقرير هذه المسألة الجوهرية لكهنتنا وزعمائنا التقليديين الأميين المتزمتين الجهلة الأنانيين، وسرنا خلفهم كالإنعام. – لأننا ركضنا خلف الرقص، والغناء، والكيف، والسَكَر، وكرَهْنا التعلم، ولم نحسب لأيام الضيق. – لأننا نخشى الغريب، ونتقوى ونتمرجل على المسالم من ملتنا. – لأننا نخشى بطش القوي الظالم، ونوقره، وكذلك نوقر المتسلبطين المستغِلين، ولم تتوفر لدينا الجرأة أبداً لنقول لهذا القوي المعتدي أنت المُذْنِب الجاني، في حين نبطش بالضعيف البريء ونحتقره. ونَذلهُ - لأننا نركض خلف الدجّالين الخونة وننبذ ونهمل الصادقين المخلصين الأوْفياء المُضحّين. – لأن آذاننا تشنف بصوت الذئاب المفترسين، وتنَْشِزُ صوت الرعاة الصالحين. - لأننا أنانيون حسودون لا تتحمل عيوننا أن نرى من هو أنجح، وأوفق منا، بل نسعى لتحطيمه، ونضُنُّ بمساعدة وارشاد بعضنا للخير، وكل واحد مِنّا يريد أن يكون هو الزعيم الأوحد. – لأننا مفعمون بالجحود، ننسى فوراً المعروف، وكثيراً ما نبادله بالفحش، والإساءة، والذم. – لأننا نتهرب من المسؤولية والواجب، وكل واحد يلقيه على الآخرين. – لأننا لا نريد أن نجْهد أنفسنا بالقراءة والثقافة، ولا نحترم ولا نشجع المبدعون وأهل الفكر والقلم، ولا نتحسر على الخسارة فوق طاولات القمار مهما كثر، بينما نبخل أن ندفع ثمن كتاب مهما صغر. – لأننا إلى الآن لا نعرف من نحن، نرتاب في هويتنا، وأحياناً نخجل منها وننكرها، ولعلّ مردَّ ذلك؛ وجود في صفوفنا هجين من العروق الأخرى الغريبة التي تنصرت؟ - لأننا نفتقر إلى النقد والنقد الذاتي، ولا نتحمله، كما نغفل عيوبنا، ولا نرى إلا عيوب الغير. – لأن أثرياءنا يفضلون تقديم تبرعاتهم وإرثهم للكنائس كي يتمتع بها الكهنة، طمعاً بالجنة( التي لن يروها)، ولا يفطنوا لدعم مطبعة، أو بناء مدرسة، أو تخصيص مكافأة لإبداع جيد ودعمه - لأننا مراؤون، منافقون، وصوليون، نمارس النميمة، نفرح بنجاح فتنة، ونروج الفضائح، ونخون بعضنا. – لأننا نخاف من الحقيقة التي تفضح أفكارنا وأوضاعنا وظروفنا المخجلة، ونخفيها عن العيون، ونتفاخر بما هو ليس من شِيَمِنا – لأننا لا نتوانى عن سلب رزق الآخرين حتى بغير حق، وقلوبنا تخلوا من الرحمة على بعضنا، ونفرح بصعوبات أبناء أمتنا وفشلهم، وسقوطهم خاصة؛ في الملمات. – لأننا نسير حسب أهوائنا وعواطفنا، ولانستعمل عقولنا إلا بعد الندم، مما اضْطرَّ الكردي ليقول(ليتني كنت نبيهاً كاللحظة التي يندم فيها الآشوري). – لأننا نخلوا من الحكمة، ونفتقر إلى الشعور القومي الصادق، والنخوة، والمروءة، والاستعداد للتضحية والدفاع عن الحق، في حين ننصر أخينا حتى لو كان مخطئاً ظالماً- لأننا نجهل التأمل، والشاعرية لإطفاء الحيوية والأنس على حياتنا، وعلاقاتنا مع الآخرين – لأننا لم نتعود، ونتجرأ لمحاسبة كهنتنا، وساستنا وزعمائنا ونقدهم، وتحديد صلاحياتهم، وتسلطهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المُنْكر والأخطاء، أو تقويم إعوجاجهم، أو نحيهم جانباً – لأن الذين أخلصوا وتفانوا وضحّوا خسروا وندموا، وتركوا أيتاماً بلا مُعين. بينما الذين استغلواّ واستأثروا واحتالوا، انتفعوا وسرّواَ واستمتعوا وارتفعوا - لأنه لا زال للجوع سطوة كبيرة علينا، فلم نشبع، ولن نشبع، ومستعدون لبيع مبادئنا، وأمْنَ أبناء قومنا من أجل مصلحتنا كما فعل ويفعل الكثيرون إلى يومنا هذا بدون خجل ولا رادع ضمير، ولا وازع وجدان، أمّا الذين يشبعون، فيبطرون ويترفعون ويستهزؤون ويهملون ويبذرون هباءً.؟!
هذه هي بتقديري معظم الأمراض، والأوبئة السائدة بين أبناء شعبنا منذ أزمان، والتي هوت بنا إلى قعر لائحة الشعوب. أسأل الله أولاً: أن يدرء عني سخط ومذمة السفهاء الحمقى السطحيين المتغطرسين منهم. وآمل ثانياً: أن يتعظ ويفيق العقلاء الحكماء منهم على أنفسهم لمعالجتها، وقد يلزمهم سنين طويلة، وعندما يصيرون أصِحَّاء معافين، فسيكون لهم شأن وأهمية كبيرين، إذا لم يكن قد فات الأوان واضْمَحلّوا وذابوا واندثروا إلى أبد الآبدين، كما يشهد ويتنبأ عليهم شفعاؤهم أنبياء اليهود المقدسين !؟.
حتى الأقوام البدائية البربرية التي كانت تقتات على ثمر الأشجار، والحشرات، ولحوم البشر من عهد قريب، صار لهم اليوم أرض ووطن وسيادة وعَلم ودستور وقضاء وكرسي في الأمم المتحدة. إلا نحن الآشوريون الذين لا زلنا ننقر على رؤوس بعضنا كالدِيَكة، مغتبطين بشتاتنا في أزقة الاغتراب، شحّادين على أبواب الغرباء، راضين بعبوديتنا وخضوعنا للغزاة الظالمين. وقد قالت الحكمة:( إن الله لا يغير ما بقوم، حتى يغيروا هُمْ ما في أنفسهم) ؟!
- شعار المسيحية( ماذا يجدي الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه؟) .
- شعار الإسلام(إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، وإعمل لآخرتك كأنك تموت غدا)
لو كان الشعار الأخير الذي عملت بموجبه كل الأمم حتى المسيحية منها(ماعدا نحن الآشوريون الذين تمسكنا بالشعار الأول عن غُشْم)، هو كان شعار المسيحية. لكُنّا في وضع باهر وضّاء، أحسن من الآن بكثير جداً !؟.

melika
18-08-2007, 11:30 PM
شکرا لکم اخی بغدادی علی النشاط فی هذا القسم

وجمیع جهودکم الرائعه....

وداع الروح
19-08-2007, 02:54 AM
صار عندي فضول اتعرف من هم الاشوريين موضوع جاب الفضول لي
و صحيح خيوو نشاط حلوو منك اشوف اغلب المواضيع لك خخخخخ
جد مشكور
تقبل تحياتي
وداع الروح