الروح
28-02-2012, 06:12 PM
السلام عليكم
انقل هذا المقال الرائع الذي اشار لي بقراءته احد الزملاء وهو من المذهب الشافعي
السّلفية (الحشوية) بين المصطلح والواقع
(ما هكذا تورد الأبل يا سعد)
د. خضر محمد نبها
تقديم وتحقيق وتعليق: شوقي إبراهيم عثمان.
1- تحديد مصطلح السلفية: يقول المتكلّم والمحدّث الإمامي الكبير هشام ابن الحكم (ت 179 هـ): "أول شغب الرّجل تعلّقه بالألفاظ" ([1]).
وخوفًا من هذه المشاغبة لا بد أولا من تحديد مصطلح" السّلفية" والقصد منه، لأنه قد يتبادر إلى الذهن أن المقصود من"السّلفية" هم "أهل السنّة"، وهذا خطأ فادح، فـ"السلفية"ليست مذهبًا إسلاميًا محددًا، كما يرى د. محمد سعيد رمضان البوطي، بل هي مرحلة زمنية مباركة، محصورة "بالقرون الثلاثة الأولى من عمر هذه الأمة"([2]) وقد عبّر عنها" بالخيرية"، انطلاقًا من حديث منسوب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وهم "الصحابة" ومن ثم مع من يليهم من"التابعين" وهؤلاء جميعًا هم السلف الصالح ([3]).
(ملحوظة من المحقق: هذا الحديث ضعيف، ضعفه الألباني وغيره وبالرغم من ذلك يزين كل فتاوى ابن باز والسلفيين. قال: الطبراني والحاكم عن جعدة بن هبيرة (وليس له حديث غيره) نقلاً (يعني عن النبي) «خير الناس قرني الذي أنا فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم والآخرون أراذل» ومسلم عن أبي هريرة «خير أمتي القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم الحديث»).
الانتقائية في تطبيق المصطلح
إذن "السلف الصالح" هو الذي اشتق منه مصطلح السلفية، والسلفيون هم أتباع "السلف الصالح"، وبناءً عليه، فالشيعة سلفيون لأنهم أتباع الصحابة الأخيار وتابعيهم من أسلافهم ([4])، وكذلك الأحناف، والشوافع، والمالكية، والحنابلة جميعهم من"السلفية".
ولكن عندما نتأمل في المقصود من "السلفية" عند أعلام السلفيين نجدهم انتقائيين لأنهم يستثنون من السلف الصالح "الخوارج والروافض والمرجئة، والجهميّة، والمعتزلة وسائر الفرق الضالة ([5]) بنظرهم، ويحددون"السلف الصالح" بـ"الأئمة الأربعة، والسفيانيين، والليث بن سعد، وابن مبارك النخعي، والبخاري، ومسلم وسائر أصحاب السنن" ([6]) ولكن هذا التعريف "للسلفية" لا يستقيم، لأنّ من ذكروهم كان فيما بينهم خصومات إلى حد التكفير، فهذا الإمام أحمد بن حنبل يرى أن الإمام أبا حنيفة كان من المرجئة ([7])، والمرجئي ضال منحرف ومبتدع ([8])، وقد كفّرته باقي الفرق ([9])، وهو (أبو حنيفة) يقول بخلق القرآن ([10])، وكل من يقول بخلق القرآن فهو جهمي، وكل جهمي في نظر الحنابلة وإمامهم كافر.
وكيف نفهم تأييد أبي حنيفة لثورة محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، حيث كان على بيعته ومن جملة شيعته حتى رفع الأمر إلى المنصور فحبسه إلى الأبد حتى مات في السجن ([11]). وفي الوقت عينه، نجد الإمام أحمد بن حنبل لا يقول بالخروج على طاعة إمام زمانه، وهو موقف أصحاب الحديث بشكل عام، فكيف نفهم "سلفية الإمام أبي حنيفة" مع "سلفية الإمام أحمد بن حنبل"؟! ولن أذكر صراعات وتحاسد وتلاعن وتكفير أصحاب الحديث فيما بينهم، كما عبّر عنها المحدّث ابن قتيبة الدينوري ([12])، وما ذكره عبد الله بن حنبل في كتابه "السنّة" ([13]). وأما المعتزلة الذين تمّ إخراجهم من تعريف"السلفية"، فإن الحسن البصري، وهو تابعي ومن أقطاب السلف لدى "السلفيين"، فإنه عندما سئل عن عمرو بن عبيد، رأس المعتزلة، أجاب سَائله قائلاً: "لقد سألت عن رجل كأن الملائكة أدبته، وكأن الأنبياء ربته" ([14]).
وكان "أبو الوفاء ابن عقيل، وهو أحد كبار المحدثين والفقهاء والحنابلة السلفيين يعظّم المعتزلة ويترحّم على الحلاج ([15])، وأما الرافضة الذين أخرجوا من "السلف الصالح" فإن كان المقصود بهم عند "أعلام السلفيين" الشيعة الإمامية، فإن هذا مردود، ولا حاجة لإثبات كون الشيعة الإمامية من أتباع الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) وعلى رأسهم الإمام علي (عليه السلام) وولديه الحسنين (عليهما السلام) فهم من كبار الصحابة، وأولادهم (عليهم السلام) من كبار التابعين.
ونستخلص مما سبق، أن مصطلح" السلفية" إن كان يقصد به فترة زمنية محددة ومخصوصة بمرحلة "السلف الصالح" فسيدخل ضمن هذا المعنى الشيعة والسنّة حتمًا، وهذه تسمية مباركة لفترة زمنية ماضية كما مرّ.
2-"السلفية" والأئمة الأربعة من السنّة":
ولكن في يومنا هذا من هم هؤلاء "السلفية"، وهل لهم مذهب خاص في الأصول والفروع يميّزهم عن باقي الفرق الإسلامية؟ في الواقع لا بدّ من التمييز ما بين "السلفية" و"مذاهب الأئمة الأربعة" من أهل السنة، فإن هؤلاء أصولهم الاعتقادية هي: الأشعرية، والماتريدية، وفروعهم الفقهية هي: المالكية، والحنفية، والحنبلية، والشافعية.
وأما "السلفية" فإن أصولهم الاعتقادية هي "تعاليم ابن تيمية"، وفروعهم الفقهية ترجع إلى "الحشوية من الحنابلة".
ملحوظة من محقق المقالة: (تعمد ابن تيمية الحراني لإفحام خصومه من علماء عصره وتعجيزهم والإنتصار لرأيه، الإفراط في كتبه ومناظراته بإستخدام كلمة السلف، مثل قوله: أجمع السلف، والسلف الصالح، وأجمع الجمهور، وليس هذا ما يقوله السلف..الخ، ولم يفعلها غيره. فالسلفية التي يرفع شعارها السلفيون وأنصار السنة والسروريون اليوم هي حصرا تعاليم ابن تيمية وصدى أجوف "لخرافاته" - لا غير، ويوهمون بها على السذج من أساتذة الجامعات وطلبة العلم الشرعي والإدعاء أن ما يقوله ابن تيمية ويكتبه هو فعل السلف الصالح – أي منهاج السنة النبوية!! ولقد ذم ابن تيمية علماء عصره وأتهموه بالنفاق وأخرجوه من ملة المصطفى. ولكن الفقيه تقي الدين السبكي معاصر ابن تيمية الحراني له عبارة فيه ذات مذاق خاص، وهي كلمات قليلة معبرة، لأنها أختزلت ابن تيمية في العمق، قال فيه السبكي: (إن علمه أكبر من عقله!). وحقا صدق تقي الدين السبكي!!).
مراحل السلفية
المرحلة الأولى:
إن هذه" السلفية" -وكما هي اليوم- ظهرت في القرن الرابع الهجري، وكانوا من الحشويين من الحنابلة وزعموا أن جملة آرائهم تنتهي إلى الإمام أحمد بن حنبل الذي أحيا عقيدة السلف، وحارب دونها، ويصفهم ابن عساكر الدمشقي (ت 571 هـ): "بأنهم طائفة من الحنابلة تغلو في السنّة، وتتدخّل فيما لا يعنيها حبًا للخوض في الفتنة" ([16])، ويبرئ ابن عساكر الإمام أحمد بن حنبل منهم ويرى بأنه "لا عار على أحمد رحمه الله من صنيعهم" ([17])، بل "ابتلي أحمد بهم لأنهم أصحاب سوء، كما ابتلي الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ببعض تلامذته الذين غلوا به" ([18]).
ملحوظة من محقق المقالة: (والدليل على ذلك أن السلفية التي نراها تنطلق اليوم من دول الخليج كالإعصار نحو الدول العربية ونحو السودان بقوة أموال النفط، وبشكل مثير للتأمل، لا ترفع هذه السلفية مؤسس المذهب الحنبلي أحمد ابن حنبل (ت 241هت) كرفعها لإبن تيمية – ولقد عامل السلفيون المعاصرون الخليجيون ومن لف لفهم أحمد ابن حنبل - ككلب ميت!! وكان هذا التباين أو التناقض مصدر تساؤل لي حين بدأت محو أميتي الإسلامية).
إذن، هذه الطائفة تتصف بالغلو والفتنة، وهذا الغلو هو "الحشو"، فلذلك يقول الصفدي: "والغالب في الحنابلة الحشوية" ([19]).
المرحلة الثانية:
وظلت هذه الطائفة في نوم عميق، من القرن الرابع الهجري إلى القرن السابع للهجرة، حتى جاء (ابن تيمية) وأيقظها من نومها، فأعلن "الحشو" كالتشبيه والتجسيم ([20])، وأشعل الفتن، فقضى على طائفة من المسلمين في جبل لبنان بفتواه الشهيرة، ومات (أبن تيمية) في السجن لكثرة اعتراضاته ومخالفاته، حتى أطلق عليه ابن بطوطة في رحلته لقب "الفقيه ذي اللوثة" ([21])، أي أن في عقله شيئًا، واللوثة بالضم مسّ جنون، وذلك في قصة معروفة عن ابن تيمية.
ملحوظة من المحقق: (كل ما فعله ابن تيمية من الفتن، وما هرطق به من هرطقات في الذات الإإلهية – يطلقون عليه أتباعه الخليجيون المعاصرون.. بالمجدد في الدين!! فخذ مثلا محمد سيد حاج هذا الذي يلوي بعنق الدين في كل مناسبة وغير مناسبة – ويدعي في التلفزيون القومي أن أبابكر دفن فاطمة الزهراء عليها السلام كيدا في الشيعة وتأليبا للفتنة، يحضر هذا الماجستير بعنوان (انفرادات ابن تيمية الفقهية عن الائمة الاربعة) - هكذا يعظمونه!! بينما أجزم كل العلماء المعاصرين لإبن تيمية وما بعدهم من علماء الأمة أن ابن تيمية خرج على السنة النبوية في خمسة عشرة مسألة – يسمونها تعظيما إنفرادات!!
ففي سنة (705 هـ) أحضر ابن تيمية عند نائب السلطنة بالقصر واجتمع القضاة لمناقشة عقيدته الواسطية، توالت بعدها عدة مجالس وناظره علماء أهل السنة مثل الشيخ تقي الدين الهندي والشيخ كمال الدين الزملكاني، وقد انتهت هذه المساجلات الكلامية والمناظرات العقائدية والفقهية بين ابن تيمية وخصومه كما يقول ابن كثير، بأن ادعى عليه عند ابن مخلوف المالكي بأنه يقول: إن الله فوق العرش حقيقة، وأن الله يتكلم بحرف وصوت. فحكم عليه القاضي بالحبس في برج أياما، ثم نقل منه إلى الحبس المعروف بالجب. وكتب كتاب نودي به في البلاد الشامية والمصرية، وفيه الحط على الشيخ تقي الدين. فانضم إلى صفه جماعة كثيرة من الفقهاء والفقراء. وجرت فتن كثيرة منتشرة وحصل للحنابلة بالديار المصرية إهانة عظيمة (المصدر البداية والنهاية لإبن كثير تلميذ ابن تيمية.
لم تكن الفتوى الحموية أو القول بالجهة وما يتبع ذلك من التجسيم والتشبيه الخلاف العقائدي الوحيد بين الشيخ ابن تيمية ومخالفيه من أهل السنة: ولكن يضاف إلى ذلك مجموعة آراء أخرى جريئة في العقائد والفقه وكذا في التاريخ. أما فيما يخص الفقه فقد ذكر ابن العماد الحنبلي أهم هذه الفتاوي المخالفة وهي خمسة عشر مسألة نذكر منها:
1 - ارتفاع الحديث بالماء المعتصر، كماء الورد ونحوه، 2 - المائع القليل لا ينجس بوقوع النجاسة فيه حتى يتغير. حكمه حكم الكثير، 3 - جواز التيمم خشية فوات الوقت مع توفر الماء، 4 - تارك الصلاة عمدا لا يجب عليه القضاء ولا يشرع له، 5 - جواز القصر في مسمى السفر طويلا كان أو قصيرا، 6 - من أكل في شهر رمضان معتقدا أنه ليل، وكان نهارا فلا قضاء عليه، 7 - جواز طواف الحائض ولا شئ عليها، 8 - الحلف بالطلاق لا يقع وعليه كفارة، 9 - الطلاق المحرم لا يقع، 10 - الطلاق الثلاث لا يقع إلا واحدة.
وهذه الفتاوى التي تفرد بها عن مذهبه الحنبلي أو خالف بها إجماع المذاهب الفقهية الأخرى لم تكن لتثير عليه ما أثارته عليه فتواه الخاصة بالعقيدة أي التجديف في ذات الله. بالإضافة إلى مسألة الطلاق الثلاث، والتي قال بأنها لا تقع إلا واحدة خلافا لعمر بن الخطاب، الذي أخذ الجمهور عنه هذا الاجتهاد واعتمدوه – هذه هي إنفرادات أبن تيمية التي عمل فيها محمد سيد حاج الماجستير، فيا ترى ماذا كتب الرجل قبل أن يلاقي ربه؟)أ.هـ.
المرحلة الثالثة:
وبعد (ابن تيمية)، نامت (الحشوية الحنبلية) في رقاد طويل ما يزيد عن خمسة قرون من الزمن، ولكنها قامت من رقادها الطويل تنفض عنها غبار الزمن، مستعيرة لقب "السلفية" للتضليل والتمويه على عامّة الناس عمومًا، وأبناء الصحوة الإسلامية خصوصًا، وذلك على يد محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر للهجرة.
رأي علماء السنة بالسلفية
وقد تنبه لذلك طائفة من علماء أهل السنة فبادروا لإعلان ذلك، وتنبيه المسلمين كافة من خطر انتشار عقائد وأفكار هذه الفئة المخربة والمشاغبة، والتي سطّر لها التاريخ الإسلامي صفحات سوداء في الماضي، من إشاعة الفتن المذهبية، يقول ابن خليفة عليوي، وهو عالم أزهري: "لقد ظهرت في بلادنا الشامية طائفة تدعو إلى السلفية ونهجها إعتناق العقيدة الحشوية الحنبلية وتبديع أهل السنّة والجماعة" ([22]).
ويتابع الشيخ الأزهري: "أما انتم أيها"الحشوية الحنبلية" في البلاد الشامية فكفاكم شن الغارات على أهل السنّة والجماعة بعاديات الأهواء، وكفاكم شموخًا بأنوفكم حتى السماء" ([23])، وقامت"الحشوية الحنبلية" أو "السلفية الجديدة" بأعمال شنيعة في عصرنا الحاضر، وقد يصح عليها تسمية "الإرهابية"، بمعنى العنف والرعب، فقتلوا المسلمين وكفّروهم ([24])، كما فعل أسلافهم من الحشوية الحنبلية في القرن الرابع الهجري في فتنة "المقام المحمود" ([25] ملحوظة المحقق: راجع هذه النقطة [25] من الهامش وقد افردنا لها نصا كبير منقولا عن مراجعنا بحذافيره دون تغيير منا)، وهدموا قبر النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة والصحابة في المدينة ([26])، وغزوا كربلاء وسرقوا ما في مشهد الإمام الحسين (عليه السلام) من كنوز ومجوهرات وتحف جمعت خلال قرون طويلة من الزمن ([27])، ويحاولون اليوم في العراق الجريح أن يبثوا الرعب والفتنة والقتل المذهبي بين طوائف العراق، وبحق يستحقون لقب "التكفيريين الجدد" أو "الإرهابيين".
وباختصار، "السلفية" أو "الحشوية الحنبلية" مرت بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: في القرن الرابع الهجري، على يد بعض اتباع الإمام أحمد بن حنبل، وهو براء منهم، وهم الحشوية الحنبلية، وهم المؤسسون الحقيقيون للسلفية الجديدة.
المرحلة الثانية: في القرن السابع الهجري، على يد ابن تيمية حيث أيقظها، وبثّ من خلالها الفتنة والتكفير.
المرحلة الثالثة: في القرن الثاني عشر الهجري على يد محمد بن عبد الوهاب، في نجد، وتمّ استغلال هذه الدعوة فقامت الفتن، وهدم منبر النبي (صلى الله عليه وآله) وقبور الأئمة والصحابة، وأُلغي إحياء المولد النبوي، وتستغلّ هذه الدعوة اليوم لإحياء (فكرة التكفير) في المجتمعات الإسلامية، وهذا هو الخطر الكبير الذي تعانيه الأمة.
3- "السلفية الحشوية التكفيرية" و"السلفية التنويرية":
يبقى أنه لا بدّ من التمييز ما بين "السلفية التكفيرية" و"السلفية التنويرية" التي تحدث عنها المؤرخون والمفكرون من العلمانيين (ملحوظة من المحقق: نحن لا نميل إلى إستخدام لفظة العلمانيين وقد أفردنا لها مقالة ودحضنا دلالة المصطلح وأرجعناه إلى أساسه الأصلي وهو: البيعة الإسلامية) والقوميين بشقيهم الماركسي والليبرالي" من مفكري عصر النهضة، لأنهم يقصدون بذلك زعماء الحركات الإسلامية الكبرى التي ظهرت في العالم الإسلامي، أمثال الشيخ محمد عبده المصري وأستاذه جمال الدين الأفغاني ومن سار على نهجهما كأبي شعيب الدكاكي والعربي العلوي، والزعيم علال الفاسي، وهؤلاء من المغرب الأقصى، أما في الجزائر فعرف الشيخ ابن باديس كداعية سلفي تنويري، وفي تونس نشر تعاليم السلفية التنويرية سالم بو حاجب وطاهر بن عاشور، أما حركة الإخوان المسلمين التي ظهرت بدءًا في مصر فيمكن القول بأنها قامت على أساس تبنّي المبادئ السلفية ([28])
(ملحوظة من المحقق: لاحظ تقييم د. خضر محمد نبها لحركة الإخوان المسلمين –تنظيم حسن البنا- على أنهم سلفيون حشويون يركبون مركب السلفية الوهابية، وقد كررنا ذلك في كثير من مقالاتنا السابقة بتعبيرات شتى مثل السلفية ومشتقاتها، والسلفية وأشباهها الخ ولقد تميز الأخوان المسلمون الكلاسيكيون بجوهر سلفي ولكن ببرقع مخادع ومرن مثل الشيخ القرضاوي، وعصام أحمد البشير، والصادق عبد الله عبد الماجد الذي كان يشكو كثير أن الترابي يعمد إلى تقليص الأصولية (السلفية) من مرحلة لأخرى، ود. الحبر الذي يجهل تفسير سورة الأنفال، وسليمان أبو نارو الذي سارع بترك الأخوان وبركوب مركب السروريين وإعلان سلفيته السافرة..الخ)أ.هـ.
والسلفية (اتنويرية) التي دعا إليها هؤلاء المصلحون الكبار، ومن تبعهم بعد ذلك أمثال محمد إقبال في الهند، والإمام الخميني (قده) في إيران، والمودودي في باكستان، تعتبر (سلفية تنويرية) تدعو المجتمع الإسلامي للأخذ بقيم الرسالة الإسلامية في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والمدنية كشرط للنهوض العام والشامل، ومواجهة الاستعمار، ومعالجة التراث الفكري والديني الإسلامي معالجة عالمية، والاستفادة من أحسن وأفضل ما أنتجه العقل الاسلامي في الماضي، وتدعو إلى الانفتاح ومعرفة مقومات الحضارة الغربية المعاصرة للاستفادة من ايجابياتها، وغيرها من المبادىء والدعوات.
ولا شك أن الدعوة إلى هذه القيم الفكرية والحضارية، وغيرها والتي عرفت بها "السلفية التنويرية" هي على النقيض تمامًا مما تدعو إليه سلفية "الحشوية الحنبلية" أو بالأحرى "التكفيريون الجدد"، فإن هؤلاء تكفيريون، قتاليون، أصحاب فتن وتفرقة، أما "السلفية التنويرية" فإن الدعاة إليها بنّاؤن، حواريون، إصلاحيون، أصحاب حوار وتلاق.
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
[1]- التوحيدي: الذخائر والبصائر، دار صادر، بيروت، ج7/75، 225.
[2]- د. محمد سعيد رمضان البوطي: السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي، دار الفكر، دمشق، ص9.
[3]- السيد محمد الكثيري: السلفية بين أهل السنة والإمامية، دار الغدير، لبنان، ط2، سنة 2004،ص 23.
[4]- راجع حول هذا الأمر: علي حسين الجابري: الفكر السلفي عند الشيعة الاثنا عشرية.
[5] - د. محمود عبد الحليم: السلفية ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ص11.
[6] -م. ن.
[7] - الأشعري: مقالات الإسلاميين، طبعة محمد محي الدين عبد الحميد، 1/202.
[8] - الذهبي: ميزان الاعتدال 1/ 426. وابن حجر: لسان الميزان، بيروت، 2/142.
[9] - البغدادي: الفرق بين الفرق، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط 5، 1982م، ص 128.
[10]- م. ن ؛ وأيضاً الأشعري: مقالات الإسلاميين 1/312. وأيضاً الشهرستاني: الملل والنحل 1/81.
[11] -الشهرستاني: الملل والنحل، دار المعرفة، لبنان 1/158.
[12]- ابن قتيبة الدينوري: الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة، دار الكتب العلمية، لبنان،لا ط، لا سنة،ص 12.
[13]- عبد الله بن أحمد بن حنبل: السنّة، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، سنة 1985، ص. 227،228.
[14]- د. مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب،الدار المصرية للطباعة والنشر،لبنان، لا ط، لا سنة،ص. 497.
[15]- مجير الدين عبد الرحمن بن محمد العليمي: النهج الأحمد في تراجم أصحاب أحمد،عالم الكتب، لبنان، ط2،سنة 1984، ص. 37.
[16]- ابن عساكر: كذب المفتري، دار الفكر المعاصر، لبنان بالاشتراك مع دار الفكر، دمشق، ط2، سنة 1399 هـ، ص. 163.
[17]- م. ن.
[18]- م. ن.: قال ابن عساكر: حدثنا... قال: سمعت ابن شاهين يقول: رجلان بليا بأصحاب سوء: جعفر بن محمد (الصادق) وأحمد بن حنبل" ص 164.
[19]- م. ن.
[20]- راجع: صائب عبد الحميد: ابن تيمية حياته وعقائده، دار الغدير، لبنان، لا ط، لا سنة.
[21]- ابن بطوطة: رحلته ص95 وذكر القصة ابن حجر في الدار الكامنة 1/154.
[22]- ابن خليفة عليوي: هذه عقيدة السلف والخلف في ذات الله تعالى، مطبعة زيد بن ثابت، دمشق، لا ط، سنة 1979 م، ص.7.
[23]- م. ن.
[24]- السيد محمد الكثيري: السلفية بين أهل السنة والإمامية (مرجع سابق).
[25]- م. ن.
[26]- م. ن.
[27]- م. ن.
[28]- الموسوعة الفلسفية العربية: المجلد الثاني، مادة السلفية، ص. 737.
من المحقق: ولكي نعطي القارئي الكريم شرحا بأسلوب البيان بالعمل ماذا تعني (الحنبلية الحشوية) وهي نفسها (السلفية الحشوية) التي تمددت في عصرنا الحالي أخترنا لكم من مراجعنا المفضلة نصا طويلا آخر –وهو من إسهامات باحثين محترفين نتواضع أمامهم- وتجدونه في الأسفل ولم نغير فيه حرفا واحدا. هذه السلفية الحشوية تدعي زورا أنها تنزه الله وتوحده بحق عن معرفة، ولكن جميع المخدوعين فيها لا يلاحظون أنها حشوية – ومعنى الحشوية لغة كأن تحشي الشئ بالشي، مثل المخدة والمرتبة كأن تحشوها بالقطن مثلا وألصق المصطلح تاريخيا سخرية على ذلك الفريق من الحنابلة الذين خرجوا على عقيدة شيخهم ابن حنبل وتخيلوا أن الله سبحانه وتعالى له جسم، ويد ووجه، ويجلس ويتكلم، وكذلك سيجلس الله تعالى النبي (ص) إلى جانبه على عرشه كما يفعل الملوك، واثبتوا لله الجهة كالحركة والصعود الهبوط والإستقرار – وكما يقول ابن تيمية بالنص الحرفي: (ولو شاء الله لاستقرّ على ظهر بعوضة، فاستقلت بقدرته، فكيف على عرش عظيم!). ولفظة الحشوية مرادفة للتجسيم كأن تعطي الشيء قواما وجسما بعد أن تحشوه بالمادة الخ كل هذا تؤمن به السلفية الحديثة التي يروج لها عبد لحي يوسف ومحمد عبد الكريم وسعد أحمد سعد وصحيفة الإنتباهة والسروروين عموما، ولكن هذه السلفية تجيد التمويه بخبث!! فهي لا تتوقف عند التفصيليات العقيدية التي تضعها في مأزق وتتهرب منها بالتعلق بعناوين مثيرة، مثل القبور، ولباس النساء، والبراء من الكفار، ومحاربة الشيعة والتشيع - الرافضة، وتعطيل الصفاة الخ. هذا الفصيل الحشوي أنحرف عن عقيدة شيخ الحنابلة أحمد ابن حنبل ولبس على الناس تمويها أنه على المذهب الحنبلي، بل ابن باز كبير الحشيويين قالها صريحة: إنهم لا يأخذون كل شيء من أحمد ابن حنبل!! ولقد بينا لكم ملاحظاتنا المبكرة أن السلفيين التكفيريين الحشويين الجدد الذي يدعون المذهب الحنبلي..لا يرفعون من راية صاحب المذهب ابن حنبل.. وعاملوه ككلب ميت!! يرفعون من راية ابن تيمية.
إليكم النص الجميل الذي يعلق بالحاشية [25] وقد خطه علماء أجلاء نتواضع أمامهم:
فتنة "المقام المحمود"
قال الله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (سورة الإسراء: 79)، وقد فسره أهل البيت (عليهم السلام) بأنه مقام رئاسة المحشر والشفاعة.
قال الصدوق في (التوحيد) ص255 ـ 262 في حديث عن أمير المؤمنين (علي ابن أبي طالب) (عليه السلام):
(ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد (صلى الله عليه وآله) وهو المقام المحمود، فيثني على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثم يثني على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك إلا أثنى عليه محمد (صلى الله عليه وآله)، ثم يثني على الرسل بما لم يثن عليهم أحد قبله، ثم يثني على كل مؤمن ومؤمنة، يبدأ بالصديقين والشهداء ثم بالصالحين، فيحمده أهل السماوات والأرض، فذلك قوله: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً، فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ، وويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ ولا نصيب). انتهى.
أما السنيون فكانوا قبل أن تقوى شوكة الحنابلة موافقين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام)، قال الرازي في تفسيره: 11 جزء 21/31: قال الواحدي: أجمع المفسرون على أنه (المقام المحمود) مقام الشفاعة). انتهى. وهو ما يفهم من رواية البخاري:5/228 و:8 /184، وابن ماجة:1/ 239، وهو صريح: 4/365 رواية الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) في قوله: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) وسئل عنها قال: هي الشفاعة). انتهى.
وأما الحنابلة فقد ردوا هذه الأحاديث الصحيحة وأشربوا في قلوبهم حب الإسرائيليات التي تصف الله تعالى بأنه يجلس على العرش والأنبياء (عليهم السلام) حوله فقالوا إن المقام المحمود أن الله تعالى يقعده على العرش إلى جنبه!
وقد وجدوا ما يتشبثون به من أقوال تلاميذ كعب الأحبار، وما رواه عنه عمر من أن العرش يبقى منه أربعة أصابع تتسع لجلوس نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
قال عالمهم ابن أبي عاصم في كتاب السنة ص 35: (695 ـ حدثنا أبو بكر، عن ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً. قال يقعده معه على العرش). انتهى.
وزاد عليه الخلال الحنبلي في كتابه السنة: 1/ 215، فحكم بكفر كل من أنكر إقعاد الله تعالى لنبيه على العرش إلى جنبه لأنه بزعمهم ينكر فضيلة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو زنديق يجب قتله!!
ونتج عن ذلك فتن كثيرة في بغداد وغيرها، وصف ابن الأثير إحداها في تاريخه: 5/121 بقوله: (في سنة 317 هـ وقعت فتنة عظيمة ببغداد بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي وبين غيرهم من العامة ودخل كثير من الجند فيها، وسبب ذلك أن أصحاب المروزي قالوا في تفسير قوله تعالى: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً، هو أن الله سبحانه يقعد النبي (ص) معه على العرش!! وقالت طائفة إنما هو الشفاعة، فوقعت الفتنة فقتل بينهم قتلى كثيرة).
وذكرها الذهبي في تاريخ الاسلام: 23/384، وأنها كانت بسبب تفسير آية المقام المحمود، حيث قالت الحنابلة إنها تعني أن الله يقعده على عرشه كما قال مجاهد. وقال غيرهم: بل هي الشفاعة العظمى).انتهى.
وجاء ابن تيمية في القرن الثامن فأحيا تجسيم الحنابلة، وتبنى مقولة قعود النبي على العرش مع الله تعالى! (منهاج السنة: 1/264)!!
وتبعه ابن القيم في ذلك (بدائع الفوائد: 4/39)!! ونسب القول به إلى الطبري!!
لكن الشيخ محمود أبو رية كذبه في كتابه أضواء على السنة المحمدية ص19 فقال في هامشه: (نقلنا هذا الخبر عن ابن القيم في الطبعة الثانية، ولكن تبين أن ابن القيم هذا وهو حنبلي لم يكن صادقاً فيما نسبه إلى ابن جرير الطبري، فقد جاء في تاريخه الذي ذكره صاحب معجم الأدباء (ج 18/57ـ59) أنه لما قدم (الطبري) إلى بغداد من طبرستان تعصب عليه قوم وسأله الحنابلة عن حديث الجلوس على العرش فقال: أما حديث الجلوس على العرش فمحال، ثم أنشد (بيتا من الشعر):
سبحان من ليس له أنيسُ *** ولا له في عرشه جليسُ
فلما سمع ذلك الحنابلة وأصحاب الحديث (من ابن جرير الطبري) وثبوا ورموه بمحابرهم فدخل داره، فرموا داره بالحجارة حتى صار على بابه كالتل العظيم، فركب صاحب الشرطة في عشرات (ألوف) من الجند يمنع عنه العامة ووقف على بابه يوماً إلى الليل، وأمر برفع الحجارة، وكان قد كتب على بابه هذا البيت الذى أوردناه آنفاً، فأمر صاحب الشرطة بمحوه وكتب مكانه بعض أصحاب الحديث هذه الأبيات:
لأحمد منزلٌ لا شكَّ عالٍ *** إذا وافى إلى الرحمن وافد
فيدنيـه ويقعـده كريما ***على رغم لهم في أنف حاسد
على عرش يغلفه بطيب ***عـلى الأكباد من باغ وعاند
له هذا المقام الفرد حقاً *** كـذاك رواه ليث عن مجاهد
وتبع ابن تيمية في هذه العقيدة ابن عبد الوهاب وجماعته!
لكن الألباني (محمد ناصر الدين الألباني (1914 - 1999) تشجع وخالفهم فقال: (إن قول مجاهد هذا وإن صح عنه لايجوز أن يتخذ ديناً وعقيدة ما دام أنه ليس له شاهد من الكتاب والسنة، فياليت المصنف إذ ذكره عنه جزم برده وعدم صلاحيته للإحتجاج به، ولم يتردد فيه). انتهى. (البشارة والإتحاف للسقاف ص27)
وليت الألباني استكمل شجاعته فشهد بأن فكرة قعود الله تعالى على العرش وإقعاد الأنبياء (عليهم السلام) حوله فكرة يهودية، جاءت من كعب الأحبار إلى عمر ثم إلى مجاهد!!
وقد شهد بذلك الشيخ محمود أبو رية ونقل في كتابه القيم أضواء على السنة المحمدية ص19 عن كتاب العقيدة والشريعة للمستشرق جولد تسيهر ص42 و 43، قال: (وهناك جمل أخذت من العهد القديم والعهد الجديد وأقوال للربانيين، أو مأخوذة من الأناجيل الموضوعة وتعاليم من الفلسفة اليونانية، وأقوال من حكم الفرس والهنود، كل ذلك أخذ في الاسلام عن طريق الحديث حتى لفظ (أبونا) لم يعدم مكانه في الحديث المعترف به، وبهذا أصبحت ملكاً خالصاً للاسلام بطريق مباشر أو غير مباشر! وقد تسرب إلى الاسلام كنز كبير من القصص الدينية حتى إذا ما نظرنا إلى المواد المعدودة في الحديث ونظرنا إلى الأدب الديني اليهودي فإننا نستطيع أن نعثر على قسم كبير دخل الأدب الديني الاسلامي من هذه المصادر اليهودية). انتهى.
وهي كذلك عقيدة مسيحية، ففي قاموس الكتاب المقدس ص795: (وقد وصف يسوع بأنه رئيس كهنة المؤمنين العظيم الذي نضح قدس الأقداس السماوي بدمه، والذي جلس عن يمين الأب هناك حيث هو الآن يشفع فيهم). (عب 4: 14 و7: 25 و9: 12) الخ.
الأسئلة:
1 ـ ماهي عقيدتكم في قعود الله تعالى على العرش، وإقعاده نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جنبه؟
2 ـ هل تكفرون المسلمين لأنهم لا يوافقونكم على هذه العقيدة اليهودية؟
3 ـ هل تكفرون إمامكم الألباني لأنه أنكرها، وتتبرؤون منه وتفتون بإحراق كتبه، وتنبشون قبره وتخرجونه من مقابر المسلمين كما منعتم الطبري من الدفن فيها؟!
*****
المحقق: هكذا نختم المقالة، والأسئلة الثلاثة أعلاه ليست من عندي بل هي من الباحث، ونضيف أن من لا يعتقد بإعتقادهم بقعود الله تعالى على العرش، وإقعاده نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جنبه، يستوجب في معتقدهم الكفر والقتل، ولقد نجا منها الطبري بحراسة عشرات الألوف من الجند، ولكن الحنابلة الحشويين نجحوا في قتله في مناسبة آخرى عام 310هـ، وكما قيل لم يحسب الطبري أحمد أبن حنبل من الفقهاء بل عده من حفاظ الحديث في تاريخه الكبير فنقموا عليه وحاصروا وحصبوا بيته بالحجارة حتى قتلوه. ورفضوا دفته في مقابر المسلمين، فدفن الطبري شيخ المؤرخين والمفسرين رحمه الله في بيته سنة 320هـ!! هذه العقلية السلفية الحشوية التكفيرية التي تتمسح بالحنابلة، والمذهب الحنبلي منها براء، نجدها ماثلة في أمثال عبد الحي يوسف ومن لف لفه، فهذا الحشوي السروري يكفر في قضية تافهة كمن يشمت في موت إبن لادن!! بينما من لف لفه يمدح السلفية الحشوية ويموه على السذج إنها سلفية السلف الصالح – ما هكذا تورد الأبل يا سعد!!
شوقي إبراهيم عثمان
(كاتب) و (محلل سياسي)
انقل هذا المقال الرائع الذي اشار لي بقراءته احد الزملاء وهو من المذهب الشافعي
السّلفية (الحشوية) بين المصطلح والواقع
(ما هكذا تورد الأبل يا سعد)
د. خضر محمد نبها
تقديم وتحقيق وتعليق: شوقي إبراهيم عثمان.
1- تحديد مصطلح السلفية: يقول المتكلّم والمحدّث الإمامي الكبير هشام ابن الحكم (ت 179 هـ): "أول شغب الرّجل تعلّقه بالألفاظ" ([1]).
وخوفًا من هذه المشاغبة لا بد أولا من تحديد مصطلح" السّلفية" والقصد منه، لأنه قد يتبادر إلى الذهن أن المقصود من"السّلفية" هم "أهل السنّة"، وهذا خطأ فادح، فـ"السلفية"ليست مذهبًا إسلاميًا محددًا، كما يرى د. محمد سعيد رمضان البوطي، بل هي مرحلة زمنية مباركة، محصورة "بالقرون الثلاثة الأولى من عمر هذه الأمة"([2]) وقد عبّر عنها" بالخيرية"، انطلاقًا من حديث منسوب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وهم "الصحابة" ومن ثم مع من يليهم من"التابعين" وهؤلاء جميعًا هم السلف الصالح ([3]).
(ملحوظة من المحقق: هذا الحديث ضعيف، ضعفه الألباني وغيره وبالرغم من ذلك يزين كل فتاوى ابن باز والسلفيين. قال: الطبراني والحاكم عن جعدة بن هبيرة (وليس له حديث غيره) نقلاً (يعني عن النبي) «خير الناس قرني الذي أنا فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم والآخرون أراذل» ومسلم عن أبي هريرة «خير أمتي القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم الحديث»).
الانتقائية في تطبيق المصطلح
إذن "السلف الصالح" هو الذي اشتق منه مصطلح السلفية، والسلفيون هم أتباع "السلف الصالح"، وبناءً عليه، فالشيعة سلفيون لأنهم أتباع الصحابة الأخيار وتابعيهم من أسلافهم ([4])، وكذلك الأحناف، والشوافع، والمالكية، والحنابلة جميعهم من"السلفية".
ولكن عندما نتأمل في المقصود من "السلفية" عند أعلام السلفيين نجدهم انتقائيين لأنهم يستثنون من السلف الصالح "الخوارج والروافض والمرجئة، والجهميّة، والمعتزلة وسائر الفرق الضالة ([5]) بنظرهم، ويحددون"السلف الصالح" بـ"الأئمة الأربعة، والسفيانيين، والليث بن سعد، وابن مبارك النخعي، والبخاري، ومسلم وسائر أصحاب السنن" ([6]) ولكن هذا التعريف "للسلفية" لا يستقيم، لأنّ من ذكروهم كان فيما بينهم خصومات إلى حد التكفير، فهذا الإمام أحمد بن حنبل يرى أن الإمام أبا حنيفة كان من المرجئة ([7])، والمرجئي ضال منحرف ومبتدع ([8])، وقد كفّرته باقي الفرق ([9])، وهو (أبو حنيفة) يقول بخلق القرآن ([10])، وكل من يقول بخلق القرآن فهو جهمي، وكل جهمي في نظر الحنابلة وإمامهم كافر.
وكيف نفهم تأييد أبي حنيفة لثورة محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، حيث كان على بيعته ومن جملة شيعته حتى رفع الأمر إلى المنصور فحبسه إلى الأبد حتى مات في السجن ([11]). وفي الوقت عينه، نجد الإمام أحمد بن حنبل لا يقول بالخروج على طاعة إمام زمانه، وهو موقف أصحاب الحديث بشكل عام، فكيف نفهم "سلفية الإمام أبي حنيفة" مع "سلفية الإمام أحمد بن حنبل"؟! ولن أذكر صراعات وتحاسد وتلاعن وتكفير أصحاب الحديث فيما بينهم، كما عبّر عنها المحدّث ابن قتيبة الدينوري ([12])، وما ذكره عبد الله بن حنبل في كتابه "السنّة" ([13]). وأما المعتزلة الذين تمّ إخراجهم من تعريف"السلفية"، فإن الحسن البصري، وهو تابعي ومن أقطاب السلف لدى "السلفيين"، فإنه عندما سئل عن عمرو بن عبيد، رأس المعتزلة، أجاب سَائله قائلاً: "لقد سألت عن رجل كأن الملائكة أدبته، وكأن الأنبياء ربته" ([14]).
وكان "أبو الوفاء ابن عقيل، وهو أحد كبار المحدثين والفقهاء والحنابلة السلفيين يعظّم المعتزلة ويترحّم على الحلاج ([15])، وأما الرافضة الذين أخرجوا من "السلف الصالح" فإن كان المقصود بهم عند "أعلام السلفيين" الشيعة الإمامية، فإن هذا مردود، ولا حاجة لإثبات كون الشيعة الإمامية من أتباع الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) وعلى رأسهم الإمام علي (عليه السلام) وولديه الحسنين (عليهما السلام) فهم من كبار الصحابة، وأولادهم (عليهم السلام) من كبار التابعين.
ونستخلص مما سبق، أن مصطلح" السلفية" إن كان يقصد به فترة زمنية محددة ومخصوصة بمرحلة "السلف الصالح" فسيدخل ضمن هذا المعنى الشيعة والسنّة حتمًا، وهذه تسمية مباركة لفترة زمنية ماضية كما مرّ.
2-"السلفية" والأئمة الأربعة من السنّة":
ولكن في يومنا هذا من هم هؤلاء "السلفية"، وهل لهم مذهب خاص في الأصول والفروع يميّزهم عن باقي الفرق الإسلامية؟ في الواقع لا بدّ من التمييز ما بين "السلفية" و"مذاهب الأئمة الأربعة" من أهل السنة، فإن هؤلاء أصولهم الاعتقادية هي: الأشعرية، والماتريدية، وفروعهم الفقهية هي: المالكية، والحنفية، والحنبلية، والشافعية.
وأما "السلفية" فإن أصولهم الاعتقادية هي "تعاليم ابن تيمية"، وفروعهم الفقهية ترجع إلى "الحشوية من الحنابلة".
ملحوظة من محقق المقالة: (تعمد ابن تيمية الحراني لإفحام خصومه من علماء عصره وتعجيزهم والإنتصار لرأيه، الإفراط في كتبه ومناظراته بإستخدام كلمة السلف، مثل قوله: أجمع السلف، والسلف الصالح، وأجمع الجمهور، وليس هذا ما يقوله السلف..الخ، ولم يفعلها غيره. فالسلفية التي يرفع شعارها السلفيون وأنصار السنة والسروريون اليوم هي حصرا تعاليم ابن تيمية وصدى أجوف "لخرافاته" - لا غير، ويوهمون بها على السذج من أساتذة الجامعات وطلبة العلم الشرعي والإدعاء أن ما يقوله ابن تيمية ويكتبه هو فعل السلف الصالح – أي منهاج السنة النبوية!! ولقد ذم ابن تيمية علماء عصره وأتهموه بالنفاق وأخرجوه من ملة المصطفى. ولكن الفقيه تقي الدين السبكي معاصر ابن تيمية الحراني له عبارة فيه ذات مذاق خاص، وهي كلمات قليلة معبرة، لأنها أختزلت ابن تيمية في العمق، قال فيه السبكي: (إن علمه أكبر من عقله!). وحقا صدق تقي الدين السبكي!!).
مراحل السلفية
المرحلة الأولى:
إن هذه" السلفية" -وكما هي اليوم- ظهرت في القرن الرابع الهجري، وكانوا من الحشويين من الحنابلة وزعموا أن جملة آرائهم تنتهي إلى الإمام أحمد بن حنبل الذي أحيا عقيدة السلف، وحارب دونها، ويصفهم ابن عساكر الدمشقي (ت 571 هـ): "بأنهم طائفة من الحنابلة تغلو في السنّة، وتتدخّل فيما لا يعنيها حبًا للخوض في الفتنة" ([16])، ويبرئ ابن عساكر الإمام أحمد بن حنبل منهم ويرى بأنه "لا عار على أحمد رحمه الله من صنيعهم" ([17])، بل "ابتلي أحمد بهم لأنهم أصحاب سوء، كما ابتلي الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ببعض تلامذته الذين غلوا به" ([18]).
ملحوظة من محقق المقالة: (والدليل على ذلك أن السلفية التي نراها تنطلق اليوم من دول الخليج كالإعصار نحو الدول العربية ونحو السودان بقوة أموال النفط، وبشكل مثير للتأمل، لا ترفع هذه السلفية مؤسس المذهب الحنبلي أحمد ابن حنبل (ت 241هت) كرفعها لإبن تيمية – ولقد عامل السلفيون المعاصرون الخليجيون ومن لف لفهم أحمد ابن حنبل - ككلب ميت!! وكان هذا التباين أو التناقض مصدر تساؤل لي حين بدأت محو أميتي الإسلامية).
إذن، هذه الطائفة تتصف بالغلو والفتنة، وهذا الغلو هو "الحشو"، فلذلك يقول الصفدي: "والغالب في الحنابلة الحشوية" ([19]).
المرحلة الثانية:
وظلت هذه الطائفة في نوم عميق، من القرن الرابع الهجري إلى القرن السابع للهجرة، حتى جاء (ابن تيمية) وأيقظها من نومها، فأعلن "الحشو" كالتشبيه والتجسيم ([20])، وأشعل الفتن، فقضى على طائفة من المسلمين في جبل لبنان بفتواه الشهيرة، ومات (أبن تيمية) في السجن لكثرة اعتراضاته ومخالفاته، حتى أطلق عليه ابن بطوطة في رحلته لقب "الفقيه ذي اللوثة" ([21])، أي أن في عقله شيئًا، واللوثة بالضم مسّ جنون، وذلك في قصة معروفة عن ابن تيمية.
ملحوظة من المحقق: (كل ما فعله ابن تيمية من الفتن، وما هرطق به من هرطقات في الذات الإإلهية – يطلقون عليه أتباعه الخليجيون المعاصرون.. بالمجدد في الدين!! فخذ مثلا محمد سيد حاج هذا الذي يلوي بعنق الدين في كل مناسبة وغير مناسبة – ويدعي في التلفزيون القومي أن أبابكر دفن فاطمة الزهراء عليها السلام كيدا في الشيعة وتأليبا للفتنة، يحضر هذا الماجستير بعنوان (انفرادات ابن تيمية الفقهية عن الائمة الاربعة) - هكذا يعظمونه!! بينما أجزم كل العلماء المعاصرين لإبن تيمية وما بعدهم من علماء الأمة أن ابن تيمية خرج على السنة النبوية في خمسة عشرة مسألة – يسمونها تعظيما إنفرادات!!
ففي سنة (705 هـ) أحضر ابن تيمية عند نائب السلطنة بالقصر واجتمع القضاة لمناقشة عقيدته الواسطية، توالت بعدها عدة مجالس وناظره علماء أهل السنة مثل الشيخ تقي الدين الهندي والشيخ كمال الدين الزملكاني، وقد انتهت هذه المساجلات الكلامية والمناظرات العقائدية والفقهية بين ابن تيمية وخصومه كما يقول ابن كثير، بأن ادعى عليه عند ابن مخلوف المالكي بأنه يقول: إن الله فوق العرش حقيقة، وأن الله يتكلم بحرف وصوت. فحكم عليه القاضي بالحبس في برج أياما، ثم نقل منه إلى الحبس المعروف بالجب. وكتب كتاب نودي به في البلاد الشامية والمصرية، وفيه الحط على الشيخ تقي الدين. فانضم إلى صفه جماعة كثيرة من الفقهاء والفقراء. وجرت فتن كثيرة منتشرة وحصل للحنابلة بالديار المصرية إهانة عظيمة (المصدر البداية والنهاية لإبن كثير تلميذ ابن تيمية.
لم تكن الفتوى الحموية أو القول بالجهة وما يتبع ذلك من التجسيم والتشبيه الخلاف العقائدي الوحيد بين الشيخ ابن تيمية ومخالفيه من أهل السنة: ولكن يضاف إلى ذلك مجموعة آراء أخرى جريئة في العقائد والفقه وكذا في التاريخ. أما فيما يخص الفقه فقد ذكر ابن العماد الحنبلي أهم هذه الفتاوي المخالفة وهي خمسة عشر مسألة نذكر منها:
1 - ارتفاع الحديث بالماء المعتصر، كماء الورد ونحوه، 2 - المائع القليل لا ينجس بوقوع النجاسة فيه حتى يتغير. حكمه حكم الكثير، 3 - جواز التيمم خشية فوات الوقت مع توفر الماء، 4 - تارك الصلاة عمدا لا يجب عليه القضاء ولا يشرع له، 5 - جواز القصر في مسمى السفر طويلا كان أو قصيرا، 6 - من أكل في شهر رمضان معتقدا أنه ليل، وكان نهارا فلا قضاء عليه، 7 - جواز طواف الحائض ولا شئ عليها، 8 - الحلف بالطلاق لا يقع وعليه كفارة، 9 - الطلاق المحرم لا يقع، 10 - الطلاق الثلاث لا يقع إلا واحدة.
وهذه الفتاوى التي تفرد بها عن مذهبه الحنبلي أو خالف بها إجماع المذاهب الفقهية الأخرى لم تكن لتثير عليه ما أثارته عليه فتواه الخاصة بالعقيدة أي التجديف في ذات الله. بالإضافة إلى مسألة الطلاق الثلاث، والتي قال بأنها لا تقع إلا واحدة خلافا لعمر بن الخطاب، الذي أخذ الجمهور عنه هذا الاجتهاد واعتمدوه – هذه هي إنفرادات أبن تيمية التي عمل فيها محمد سيد حاج الماجستير، فيا ترى ماذا كتب الرجل قبل أن يلاقي ربه؟)أ.هـ.
المرحلة الثالثة:
وبعد (ابن تيمية)، نامت (الحشوية الحنبلية) في رقاد طويل ما يزيد عن خمسة قرون من الزمن، ولكنها قامت من رقادها الطويل تنفض عنها غبار الزمن، مستعيرة لقب "السلفية" للتضليل والتمويه على عامّة الناس عمومًا، وأبناء الصحوة الإسلامية خصوصًا، وذلك على يد محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر للهجرة.
رأي علماء السنة بالسلفية
وقد تنبه لذلك طائفة من علماء أهل السنة فبادروا لإعلان ذلك، وتنبيه المسلمين كافة من خطر انتشار عقائد وأفكار هذه الفئة المخربة والمشاغبة، والتي سطّر لها التاريخ الإسلامي صفحات سوداء في الماضي، من إشاعة الفتن المذهبية، يقول ابن خليفة عليوي، وهو عالم أزهري: "لقد ظهرت في بلادنا الشامية طائفة تدعو إلى السلفية ونهجها إعتناق العقيدة الحشوية الحنبلية وتبديع أهل السنّة والجماعة" ([22]).
ويتابع الشيخ الأزهري: "أما انتم أيها"الحشوية الحنبلية" في البلاد الشامية فكفاكم شن الغارات على أهل السنّة والجماعة بعاديات الأهواء، وكفاكم شموخًا بأنوفكم حتى السماء" ([23])، وقامت"الحشوية الحنبلية" أو "السلفية الجديدة" بأعمال شنيعة في عصرنا الحاضر، وقد يصح عليها تسمية "الإرهابية"، بمعنى العنف والرعب، فقتلوا المسلمين وكفّروهم ([24])، كما فعل أسلافهم من الحشوية الحنبلية في القرن الرابع الهجري في فتنة "المقام المحمود" ([25] ملحوظة المحقق: راجع هذه النقطة [25] من الهامش وقد افردنا لها نصا كبير منقولا عن مراجعنا بحذافيره دون تغيير منا)، وهدموا قبر النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة والصحابة في المدينة ([26])، وغزوا كربلاء وسرقوا ما في مشهد الإمام الحسين (عليه السلام) من كنوز ومجوهرات وتحف جمعت خلال قرون طويلة من الزمن ([27])، ويحاولون اليوم في العراق الجريح أن يبثوا الرعب والفتنة والقتل المذهبي بين طوائف العراق، وبحق يستحقون لقب "التكفيريين الجدد" أو "الإرهابيين".
وباختصار، "السلفية" أو "الحشوية الحنبلية" مرت بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: في القرن الرابع الهجري، على يد بعض اتباع الإمام أحمد بن حنبل، وهو براء منهم، وهم الحشوية الحنبلية، وهم المؤسسون الحقيقيون للسلفية الجديدة.
المرحلة الثانية: في القرن السابع الهجري، على يد ابن تيمية حيث أيقظها، وبثّ من خلالها الفتنة والتكفير.
المرحلة الثالثة: في القرن الثاني عشر الهجري على يد محمد بن عبد الوهاب، في نجد، وتمّ استغلال هذه الدعوة فقامت الفتن، وهدم منبر النبي (صلى الله عليه وآله) وقبور الأئمة والصحابة، وأُلغي إحياء المولد النبوي، وتستغلّ هذه الدعوة اليوم لإحياء (فكرة التكفير) في المجتمعات الإسلامية، وهذا هو الخطر الكبير الذي تعانيه الأمة.
3- "السلفية الحشوية التكفيرية" و"السلفية التنويرية":
يبقى أنه لا بدّ من التمييز ما بين "السلفية التكفيرية" و"السلفية التنويرية" التي تحدث عنها المؤرخون والمفكرون من العلمانيين (ملحوظة من المحقق: نحن لا نميل إلى إستخدام لفظة العلمانيين وقد أفردنا لها مقالة ودحضنا دلالة المصطلح وأرجعناه إلى أساسه الأصلي وهو: البيعة الإسلامية) والقوميين بشقيهم الماركسي والليبرالي" من مفكري عصر النهضة، لأنهم يقصدون بذلك زعماء الحركات الإسلامية الكبرى التي ظهرت في العالم الإسلامي، أمثال الشيخ محمد عبده المصري وأستاذه جمال الدين الأفغاني ومن سار على نهجهما كأبي شعيب الدكاكي والعربي العلوي، والزعيم علال الفاسي، وهؤلاء من المغرب الأقصى، أما في الجزائر فعرف الشيخ ابن باديس كداعية سلفي تنويري، وفي تونس نشر تعاليم السلفية التنويرية سالم بو حاجب وطاهر بن عاشور، أما حركة الإخوان المسلمين التي ظهرت بدءًا في مصر فيمكن القول بأنها قامت على أساس تبنّي المبادئ السلفية ([28])
(ملحوظة من المحقق: لاحظ تقييم د. خضر محمد نبها لحركة الإخوان المسلمين –تنظيم حسن البنا- على أنهم سلفيون حشويون يركبون مركب السلفية الوهابية، وقد كررنا ذلك في كثير من مقالاتنا السابقة بتعبيرات شتى مثل السلفية ومشتقاتها، والسلفية وأشباهها الخ ولقد تميز الأخوان المسلمون الكلاسيكيون بجوهر سلفي ولكن ببرقع مخادع ومرن مثل الشيخ القرضاوي، وعصام أحمد البشير، والصادق عبد الله عبد الماجد الذي كان يشكو كثير أن الترابي يعمد إلى تقليص الأصولية (السلفية) من مرحلة لأخرى، ود. الحبر الذي يجهل تفسير سورة الأنفال، وسليمان أبو نارو الذي سارع بترك الأخوان وبركوب مركب السروريين وإعلان سلفيته السافرة..الخ)أ.هـ.
والسلفية (اتنويرية) التي دعا إليها هؤلاء المصلحون الكبار، ومن تبعهم بعد ذلك أمثال محمد إقبال في الهند، والإمام الخميني (قده) في إيران، والمودودي في باكستان، تعتبر (سلفية تنويرية) تدعو المجتمع الإسلامي للأخذ بقيم الرسالة الإسلامية في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والمدنية كشرط للنهوض العام والشامل، ومواجهة الاستعمار، ومعالجة التراث الفكري والديني الإسلامي معالجة عالمية، والاستفادة من أحسن وأفضل ما أنتجه العقل الاسلامي في الماضي، وتدعو إلى الانفتاح ومعرفة مقومات الحضارة الغربية المعاصرة للاستفادة من ايجابياتها، وغيرها من المبادىء والدعوات.
ولا شك أن الدعوة إلى هذه القيم الفكرية والحضارية، وغيرها والتي عرفت بها "السلفية التنويرية" هي على النقيض تمامًا مما تدعو إليه سلفية "الحشوية الحنبلية" أو بالأحرى "التكفيريون الجدد"، فإن هؤلاء تكفيريون، قتاليون، أصحاب فتن وتفرقة، أما "السلفية التنويرية" فإن الدعاة إليها بنّاؤن، حواريون، إصلاحيون، أصحاب حوار وتلاق.
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
[1]- التوحيدي: الذخائر والبصائر، دار صادر، بيروت، ج7/75، 225.
[2]- د. محمد سعيد رمضان البوطي: السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي، دار الفكر، دمشق، ص9.
[3]- السيد محمد الكثيري: السلفية بين أهل السنة والإمامية، دار الغدير، لبنان، ط2، سنة 2004،ص 23.
[4]- راجع حول هذا الأمر: علي حسين الجابري: الفكر السلفي عند الشيعة الاثنا عشرية.
[5] - د. محمود عبد الحليم: السلفية ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ص11.
[6] -م. ن.
[7] - الأشعري: مقالات الإسلاميين، طبعة محمد محي الدين عبد الحميد، 1/202.
[8] - الذهبي: ميزان الاعتدال 1/ 426. وابن حجر: لسان الميزان، بيروت، 2/142.
[9] - البغدادي: الفرق بين الفرق، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط 5، 1982م، ص 128.
[10]- م. ن ؛ وأيضاً الأشعري: مقالات الإسلاميين 1/312. وأيضاً الشهرستاني: الملل والنحل 1/81.
[11] -الشهرستاني: الملل والنحل، دار المعرفة، لبنان 1/158.
[12]- ابن قتيبة الدينوري: الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة، دار الكتب العلمية، لبنان،لا ط، لا سنة،ص 12.
[13]- عبد الله بن أحمد بن حنبل: السنّة، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، سنة 1985، ص. 227،228.
[14]- د. مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب،الدار المصرية للطباعة والنشر،لبنان، لا ط، لا سنة،ص. 497.
[15]- مجير الدين عبد الرحمن بن محمد العليمي: النهج الأحمد في تراجم أصحاب أحمد،عالم الكتب، لبنان، ط2،سنة 1984، ص. 37.
[16]- ابن عساكر: كذب المفتري، دار الفكر المعاصر، لبنان بالاشتراك مع دار الفكر، دمشق، ط2، سنة 1399 هـ، ص. 163.
[17]- م. ن.
[18]- م. ن.: قال ابن عساكر: حدثنا... قال: سمعت ابن شاهين يقول: رجلان بليا بأصحاب سوء: جعفر بن محمد (الصادق) وأحمد بن حنبل" ص 164.
[19]- م. ن.
[20]- راجع: صائب عبد الحميد: ابن تيمية حياته وعقائده، دار الغدير، لبنان، لا ط، لا سنة.
[21]- ابن بطوطة: رحلته ص95 وذكر القصة ابن حجر في الدار الكامنة 1/154.
[22]- ابن خليفة عليوي: هذه عقيدة السلف والخلف في ذات الله تعالى، مطبعة زيد بن ثابت، دمشق، لا ط، سنة 1979 م، ص.7.
[23]- م. ن.
[24]- السيد محمد الكثيري: السلفية بين أهل السنة والإمامية (مرجع سابق).
[25]- م. ن.
[26]- م. ن.
[27]- م. ن.
[28]- الموسوعة الفلسفية العربية: المجلد الثاني، مادة السلفية، ص. 737.
من المحقق: ولكي نعطي القارئي الكريم شرحا بأسلوب البيان بالعمل ماذا تعني (الحنبلية الحشوية) وهي نفسها (السلفية الحشوية) التي تمددت في عصرنا الحالي أخترنا لكم من مراجعنا المفضلة نصا طويلا آخر –وهو من إسهامات باحثين محترفين نتواضع أمامهم- وتجدونه في الأسفل ولم نغير فيه حرفا واحدا. هذه السلفية الحشوية تدعي زورا أنها تنزه الله وتوحده بحق عن معرفة، ولكن جميع المخدوعين فيها لا يلاحظون أنها حشوية – ومعنى الحشوية لغة كأن تحشي الشئ بالشي، مثل المخدة والمرتبة كأن تحشوها بالقطن مثلا وألصق المصطلح تاريخيا سخرية على ذلك الفريق من الحنابلة الذين خرجوا على عقيدة شيخهم ابن حنبل وتخيلوا أن الله سبحانه وتعالى له جسم، ويد ووجه، ويجلس ويتكلم، وكذلك سيجلس الله تعالى النبي (ص) إلى جانبه على عرشه كما يفعل الملوك، واثبتوا لله الجهة كالحركة والصعود الهبوط والإستقرار – وكما يقول ابن تيمية بالنص الحرفي: (ولو شاء الله لاستقرّ على ظهر بعوضة، فاستقلت بقدرته، فكيف على عرش عظيم!). ولفظة الحشوية مرادفة للتجسيم كأن تعطي الشيء قواما وجسما بعد أن تحشوه بالمادة الخ كل هذا تؤمن به السلفية الحديثة التي يروج لها عبد لحي يوسف ومحمد عبد الكريم وسعد أحمد سعد وصحيفة الإنتباهة والسروروين عموما، ولكن هذه السلفية تجيد التمويه بخبث!! فهي لا تتوقف عند التفصيليات العقيدية التي تضعها في مأزق وتتهرب منها بالتعلق بعناوين مثيرة، مثل القبور، ولباس النساء، والبراء من الكفار، ومحاربة الشيعة والتشيع - الرافضة، وتعطيل الصفاة الخ. هذا الفصيل الحشوي أنحرف عن عقيدة شيخ الحنابلة أحمد ابن حنبل ولبس على الناس تمويها أنه على المذهب الحنبلي، بل ابن باز كبير الحشيويين قالها صريحة: إنهم لا يأخذون كل شيء من أحمد ابن حنبل!! ولقد بينا لكم ملاحظاتنا المبكرة أن السلفيين التكفيريين الحشويين الجدد الذي يدعون المذهب الحنبلي..لا يرفعون من راية صاحب المذهب ابن حنبل.. وعاملوه ككلب ميت!! يرفعون من راية ابن تيمية.
إليكم النص الجميل الذي يعلق بالحاشية [25] وقد خطه علماء أجلاء نتواضع أمامهم:
فتنة "المقام المحمود"
قال الله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (سورة الإسراء: 79)، وقد فسره أهل البيت (عليهم السلام) بأنه مقام رئاسة المحشر والشفاعة.
قال الصدوق في (التوحيد) ص255 ـ 262 في حديث عن أمير المؤمنين (علي ابن أبي طالب) (عليه السلام):
(ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد (صلى الله عليه وآله) وهو المقام المحمود، فيثني على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثم يثني على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك إلا أثنى عليه محمد (صلى الله عليه وآله)، ثم يثني على الرسل بما لم يثن عليهم أحد قبله، ثم يثني على كل مؤمن ومؤمنة، يبدأ بالصديقين والشهداء ثم بالصالحين، فيحمده أهل السماوات والأرض، فذلك قوله: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً، فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ، وويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ ولا نصيب). انتهى.
أما السنيون فكانوا قبل أن تقوى شوكة الحنابلة موافقين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام)، قال الرازي في تفسيره: 11 جزء 21/31: قال الواحدي: أجمع المفسرون على أنه (المقام المحمود) مقام الشفاعة). انتهى. وهو ما يفهم من رواية البخاري:5/228 و:8 /184، وابن ماجة:1/ 239، وهو صريح: 4/365 رواية الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) في قوله: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) وسئل عنها قال: هي الشفاعة). انتهى.
وأما الحنابلة فقد ردوا هذه الأحاديث الصحيحة وأشربوا في قلوبهم حب الإسرائيليات التي تصف الله تعالى بأنه يجلس على العرش والأنبياء (عليهم السلام) حوله فقالوا إن المقام المحمود أن الله تعالى يقعده على العرش إلى جنبه!
وقد وجدوا ما يتشبثون به من أقوال تلاميذ كعب الأحبار، وما رواه عنه عمر من أن العرش يبقى منه أربعة أصابع تتسع لجلوس نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
قال عالمهم ابن أبي عاصم في كتاب السنة ص 35: (695 ـ حدثنا أبو بكر، عن ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً. قال يقعده معه على العرش). انتهى.
وزاد عليه الخلال الحنبلي في كتابه السنة: 1/ 215، فحكم بكفر كل من أنكر إقعاد الله تعالى لنبيه على العرش إلى جنبه لأنه بزعمهم ينكر فضيلة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو زنديق يجب قتله!!
ونتج عن ذلك فتن كثيرة في بغداد وغيرها، وصف ابن الأثير إحداها في تاريخه: 5/121 بقوله: (في سنة 317 هـ وقعت فتنة عظيمة ببغداد بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي وبين غيرهم من العامة ودخل كثير من الجند فيها، وسبب ذلك أن أصحاب المروزي قالوا في تفسير قوله تعالى: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً، هو أن الله سبحانه يقعد النبي (ص) معه على العرش!! وقالت طائفة إنما هو الشفاعة، فوقعت الفتنة فقتل بينهم قتلى كثيرة).
وذكرها الذهبي في تاريخ الاسلام: 23/384، وأنها كانت بسبب تفسير آية المقام المحمود، حيث قالت الحنابلة إنها تعني أن الله يقعده على عرشه كما قال مجاهد. وقال غيرهم: بل هي الشفاعة العظمى).انتهى.
وجاء ابن تيمية في القرن الثامن فأحيا تجسيم الحنابلة، وتبنى مقولة قعود النبي على العرش مع الله تعالى! (منهاج السنة: 1/264)!!
وتبعه ابن القيم في ذلك (بدائع الفوائد: 4/39)!! ونسب القول به إلى الطبري!!
لكن الشيخ محمود أبو رية كذبه في كتابه أضواء على السنة المحمدية ص19 فقال في هامشه: (نقلنا هذا الخبر عن ابن القيم في الطبعة الثانية، ولكن تبين أن ابن القيم هذا وهو حنبلي لم يكن صادقاً فيما نسبه إلى ابن جرير الطبري، فقد جاء في تاريخه الذي ذكره صاحب معجم الأدباء (ج 18/57ـ59) أنه لما قدم (الطبري) إلى بغداد من طبرستان تعصب عليه قوم وسأله الحنابلة عن حديث الجلوس على العرش فقال: أما حديث الجلوس على العرش فمحال، ثم أنشد (بيتا من الشعر):
سبحان من ليس له أنيسُ *** ولا له في عرشه جليسُ
فلما سمع ذلك الحنابلة وأصحاب الحديث (من ابن جرير الطبري) وثبوا ورموه بمحابرهم فدخل داره، فرموا داره بالحجارة حتى صار على بابه كالتل العظيم، فركب صاحب الشرطة في عشرات (ألوف) من الجند يمنع عنه العامة ووقف على بابه يوماً إلى الليل، وأمر برفع الحجارة، وكان قد كتب على بابه هذا البيت الذى أوردناه آنفاً، فأمر صاحب الشرطة بمحوه وكتب مكانه بعض أصحاب الحديث هذه الأبيات:
لأحمد منزلٌ لا شكَّ عالٍ *** إذا وافى إلى الرحمن وافد
فيدنيـه ويقعـده كريما ***على رغم لهم في أنف حاسد
على عرش يغلفه بطيب ***عـلى الأكباد من باغ وعاند
له هذا المقام الفرد حقاً *** كـذاك رواه ليث عن مجاهد
وتبع ابن تيمية في هذه العقيدة ابن عبد الوهاب وجماعته!
لكن الألباني (محمد ناصر الدين الألباني (1914 - 1999) تشجع وخالفهم فقال: (إن قول مجاهد هذا وإن صح عنه لايجوز أن يتخذ ديناً وعقيدة ما دام أنه ليس له شاهد من الكتاب والسنة، فياليت المصنف إذ ذكره عنه جزم برده وعدم صلاحيته للإحتجاج به، ولم يتردد فيه). انتهى. (البشارة والإتحاف للسقاف ص27)
وليت الألباني استكمل شجاعته فشهد بأن فكرة قعود الله تعالى على العرش وإقعاد الأنبياء (عليهم السلام) حوله فكرة يهودية، جاءت من كعب الأحبار إلى عمر ثم إلى مجاهد!!
وقد شهد بذلك الشيخ محمود أبو رية ونقل في كتابه القيم أضواء على السنة المحمدية ص19 عن كتاب العقيدة والشريعة للمستشرق جولد تسيهر ص42 و 43، قال: (وهناك جمل أخذت من العهد القديم والعهد الجديد وأقوال للربانيين، أو مأخوذة من الأناجيل الموضوعة وتعاليم من الفلسفة اليونانية، وأقوال من حكم الفرس والهنود، كل ذلك أخذ في الاسلام عن طريق الحديث حتى لفظ (أبونا) لم يعدم مكانه في الحديث المعترف به، وبهذا أصبحت ملكاً خالصاً للاسلام بطريق مباشر أو غير مباشر! وقد تسرب إلى الاسلام كنز كبير من القصص الدينية حتى إذا ما نظرنا إلى المواد المعدودة في الحديث ونظرنا إلى الأدب الديني اليهودي فإننا نستطيع أن نعثر على قسم كبير دخل الأدب الديني الاسلامي من هذه المصادر اليهودية). انتهى.
وهي كذلك عقيدة مسيحية، ففي قاموس الكتاب المقدس ص795: (وقد وصف يسوع بأنه رئيس كهنة المؤمنين العظيم الذي نضح قدس الأقداس السماوي بدمه، والذي جلس عن يمين الأب هناك حيث هو الآن يشفع فيهم). (عب 4: 14 و7: 25 و9: 12) الخ.
الأسئلة:
1 ـ ماهي عقيدتكم في قعود الله تعالى على العرش، وإقعاده نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جنبه؟
2 ـ هل تكفرون المسلمين لأنهم لا يوافقونكم على هذه العقيدة اليهودية؟
3 ـ هل تكفرون إمامكم الألباني لأنه أنكرها، وتتبرؤون منه وتفتون بإحراق كتبه، وتنبشون قبره وتخرجونه من مقابر المسلمين كما منعتم الطبري من الدفن فيها؟!
*****
المحقق: هكذا نختم المقالة، والأسئلة الثلاثة أعلاه ليست من عندي بل هي من الباحث، ونضيف أن من لا يعتقد بإعتقادهم بقعود الله تعالى على العرش، وإقعاده نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جنبه، يستوجب في معتقدهم الكفر والقتل، ولقد نجا منها الطبري بحراسة عشرات الألوف من الجند، ولكن الحنابلة الحشويين نجحوا في قتله في مناسبة آخرى عام 310هـ، وكما قيل لم يحسب الطبري أحمد أبن حنبل من الفقهاء بل عده من حفاظ الحديث في تاريخه الكبير فنقموا عليه وحاصروا وحصبوا بيته بالحجارة حتى قتلوه. ورفضوا دفته في مقابر المسلمين، فدفن الطبري شيخ المؤرخين والمفسرين رحمه الله في بيته سنة 320هـ!! هذه العقلية السلفية الحشوية التكفيرية التي تتمسح بالحنابلة، والمذهب الحنبلي منها براء، نجدها ماثلة في أمثال عبد الحي يوسف ومن لف لفه، فهذا الحشوي السروري يكفر في قضية تافهة كمن يشمت في موت إبن لادن!! بينما من لف لفه يمدح السلفية الحشوية ويموه على السذج إنها سلفية السلف الصالح – ما هكذا تورد الأبل يا سعد!!
شوقي إبراهيم عثمان
(كاتب) و (محلل سياسي)