تلميذة الحسين
28-02-2012, 10:10 PM
لماذا قلة الأنصار ؟
ما هو السبب في قلة أنصار الإمام المهدي عليه السلام بالرغم من كثرة من يدعي أنه من أنصار الإمام ومحبيه؟
فالمسلمون اليوم بلغوا كثر من مليار نسمة، وهم في الأغلب يؤمنون با المهدي الموعود ..
ولكن بالرغم من هذه الكثرة الهائلة فأصحاب الألوية للإمام الحجة عليه السلام، من الضباط وقادة الفرق والمجموعات كلهم لا يتجاوزون ثلاثمئة وثلاثة عشر فرداً وجيشه ليس كثر من خمسة عشر ألف جندي!! طبعاً هذا في بداية خروجه للقتال ضد الطغاة.
فعن الإمام الباقرعليه السلام أنه قال: -...
فيجمع الله عليه أصحابه ثلاثمائة وثلاث عشر رجلاً-.
وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: -.. فيجمع الله قوماً كقزع السحاب، يؤلف الله بين قلوبهم، لا يستوحشون إلى أحد ولا يفرحون بأحد يدخل فيهم، على عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون ولم يدركهم الآخرون، وعلي عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر-.
وأما عن جيشه فيقول أمير المؤمنين عليه السلام: -..
يخرج رجل من أهل بيتي في ثلاث رايات، المكثر يقول: خمسه عشر ألفاً، والمقل يقول: إثنا عشر ألفاً..-.
وفي رواية أخرى يقول عليه السلام: -يخرج في اثني عشر ألفاً إن قلوا، أو وخمسة عشر ألفاً إن كثروا...-.
ولكن السؤال لماذا هذه القلة في الأعوان والأنصار؟!!
هذا سؤال كبير يحيّر الألباب، أليس الإمام صاحب المعاجز والكرامات؟
أليس الإمام شخصية ربانية ادخرها واعدّها الله لليوم الموعود؟
أليس الإمام شخصية عالمية تنتظرها البشرية منذ قديم الزمان؟
أليس الجميع يدعي أنه بإنتظار قدومه وخروجه ليكون من أنصاره وأعوانه؟!
هذه الأسئلة تطرح نفسها بقوه كلما شاهدنا الروايات التي تتحدث عن قلة الأنصار والأعوان إلى درجة أن يترحم المؤمنون على أنصار الإمام الحجة ويعتقد بعضهم بشكل جازم أن هذه المجموعة من الأنصار وجلهم من الشباب سينتهون في أول مواجهة مع الأعداء المدججين بالسلاح والعتاد.
يحدثنا الإمام الباقر عليه السلام عن ذلك فيقول: - يبعث الله قائم آل محمد في عصبة لهم (أدق) في أعين الناس من الكحل، فإذا خرجوا بكي لهم الناس، لا يرون إلاّ أنهم يختطفون، يفتح الله لهم مشارق الأرض ومغاربها، ألا وهم المؤمنون حقاً، ألا إن خير الجهاد في أخر الزمان-.
ويقول أمير المؤمنين عليه السلام عن أصحاب القائم عجل الله تعالى فرجه: -إن أصحاب القائم شباب لا كهول فيهم إلاّ كالكحل في العين أو كالملح في الزاد، وأقل الزاد الملح-.
لماذا هذه القلة وما هي الأسباب؟!
يبدو أن السبب الحقيقي يتلخص في أمرين:
الأمر الأول:إن الإمام الحجّة عليه السلام يأتيهم بخلاف ما كانوا يتصورون عنه ويعتقدون به حيث إن تصوراتهم لا تنطبق مع حقيقة الإمام المهدي الواقعي الذي ادخّره الله لإصلاح العالم كما جاء في كثر من مصدر عن الإمام الصادق عليه السلام - وإن من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شاباً وهم يحسبونه شيخاً كبيراً-.
وقد كّد على ذلك أيضاً الإمام الحسين عليه السلام حيث جاء في الباب الثالث من عقد الدرر ص41-42 قوله عليه السلام: - لو قام المهدي لأنكره الناس، لأنه يرجع إليهم شاباً موفقاً، وإن أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شاباً وهم يظنونه شيخاً كبيراً-.
لذا فهم يواجهون الشخصية الحقيقية مخالفة لتصوراتهم السابقة فيواجهونه بمختلف التهم والافتراءات ويكذبون مقالته بأنه هو الحجة القائم عليه السلام تماماً كما كذب المشركون واليهود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وافتروا عليه وأهانوه وأثاروا الناس عليه إلى درجة أفرغوا كرشة الشاة على رأسه الشريف وهو ساجد يصلي في بيت الله الحرام ولم يؤمنوا به لأنه جاء على خلاف تصوراتهم واعتقاداتهم السابقة، بسبب التحريف والتزييف وقد يكون نكرانهم للإمام من جهة أخري حيث أنهم يرون أنفسهم أفضل جاهاً وأعلي مقاماً من هذا الذي يدعي الإمام فلماذا يستجيبون لندائه ويخضعون لأوامره وكأن التاريخ يعيد نفسه ألم يقل وجهاء مكة حينما شاهدوا النبي الكرم يتيماً من بني هاشم يدعي النبوة (لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ على رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) وهؤلاء أيضاً يتكبرون على الإمام عندما يرون مجموعة قليلة من الشبّان يتبعونه وليس معه أحد غيرهم خصوصاً وأنه أتي بدين جديد لم يعهدوا به فيفترون عليه ويتهمونه بالكذب والدجل!! وهذا هو نفس الامتحان الإلهي الذي جرى على الأمم السابقة وسيجري على الأمة الإسلامية أيضاً وقد بين الله ذلك في محكم كتابه العزيز: (وَكذَلِك فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاَءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّكرِينَ) (الأنعام، 53).
الأمر الثاني:إن غالبية الناس ليسوا صادقين في أقوالهم, وادعاءاتهم، فهم يطلقون شعارات التضحية والفداء في سبيل مبادئهم وقيمهم ولكن عندما يرون أن القضية تتطلب بذل المال أو النفس فعلاً فسرعان ما يتراجعون ويتهربون.
فادعاء التدين والتمسك بالقيم أحاديث يتحدثون بها حينما تكون الأمور تسير على ما يرام، ولكن إذا ضاقت عليهم الحياة وتطلب الأمر الجهاد والصمود فلا تري أحداً في الميدان إلاّ القليل.
وإلي هذه الحقيقة أشار الإمام الحسين عليه السلام قائلاً - الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معائشهم فإذا محّصوا بالبلاء قلَّ الديانون-.
ومثلما تخلي الناس عن الإمام الحسين عليه السلام في واقعة كربلاء كذلك لا يستجيب أحد لدعوة الإمام الحجَّة عند نهضته المباركة إلا القليل من الذين أمنوا به في عالم الميثاق وذلك بسبب كثرة الأعداء والمكذبين له.
1- يقول الإمام الرضا عليه السلام: - إن ممن يتخذ مودتنا أهل البيت، لمن هو أشد فتنة على شيعتنا من الدجّال-، حيث يكون علماء السوء هم أشد فتنة.
2- ويقول الإمام الصادق عليه السلام:-... وإن القائم يخرجون عليه فيتأولون عليه كتاب الله ويقاتلونه عليه-.
3- وجاء في (بشارة الإسلام) و(إلزام الناصب) و(يوم الخلاص) و(نور الأنوار) و(بيان الأئمة) و(ينابيع المودة) و(علائم الظهور) وغيرها من المصادر، أن -... أعداءه الفقهاء المقلَّدون، يدخلون تحت حكمه خوفاً من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه-.
4- وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: - إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلة الناس أشد مما استقبله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جهالة الجاهلية. قلت: وكيف ذلك؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتي الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوته، وإن قائمنا إذا قام أتي الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله، يحتج عليه به...-.
وواضح إن موقف الناس هذا تابع لموقف بعض ادعياء العلم من علماء السوء بدلالة (كلهم يتأول عليه القرآن).
فالتأويل والاحتجاج بالقرآن على الإمام عجل الله تعالى فرجه لا يكون إلا من قبل أدعياء العلم أما عامة الناس فهم في الحقيقة تتبع موقف أدعياء العلم أولئك وهم يتصورون أن علمائهم يقولون الحقيقة والواقع. ومن هنا يكون موقف كثير من الناس معادياً للإمام تبعاً لأولئك، ولذا يكون عدد أصحابه وخواصه قليلاً جداً ومعظمهم من الشباب.
وبما أن هذه القلة تكون معرضة للإبادة تتدخل السماء مباشرة حتى لا تتكرر واقعة كربلاء من جديد وتنزل الملائكة لنصرته مع الملائكة الذين نزلوا من قبل لنصرة الرسول الكرم صلى الله عليه وآله وسلم في معركة بدر (هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنْ الْمَلاَئِكةِ مُسَوِّمِينَ)، ويتسارع نجباء الجن والملائكة في تقديم العون والمساعدة للإمام عليه السلام وأصحابه، ويُقلبون الوضع على الأعداء، وبذلك ينتصر الإمام في أغلب المعارك التي يخوضها، حيث إن الله سبحانه ينصره بأصحابه القلة وجيشه الصغير وبالملائكة والرعب الذي يسير بين يديه (عجل الله تعالى فرجه) بشهر.
جاء في الفصل الأول من الباب الرابع في الصفحة 65 من كتاب عقد الدرر، عن الإمام الباقر عليه السلام،في ظهور القائم (عجل الله تعالى فرجه) ومبايعته بين الركن والمقام، قال عليه السلام: - وجبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره-.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: - يخرج في اثني عشر ألفاً إن قلوا أو خمسة عشر ألفاً إن كثروا، يسير الرعب بين يديه، لا يلقاه عدو إلا هزمهم بإذن الله، شعارهم أمت أمت، لا يبالون في الله لومة لائم...-.
وعنه أيضاً عليه السلام قال: - يفرج الله الفتن برجل منّا يسومهم خسفاً، لا يعطيهم إلا السيف، يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجاً، حتى يقولوا: والله ما هذا من ولد فاطمة، لو كان من ولدها لرحمنا...-.
وعنه أيضاً عليه السلام قال:-... يمدّه الله بثلاثة آلاف من الملائكة، يضربون وجوه من خالفهم وأدبارهم، يبعث وهو ما بين الثلاثين والأربعين-.
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: - فلو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يأتيهم رجل من أهل بيتي تكون الملائكة بين يديه ويظهر الإسلام-.
وهكذا ينتصر الإمام بعد جهاد مرير ومعاناة شديدة، وبعد أن يستتب الأمر له (عجل الله تعالى فرجه) يتسابق الناس إلى الإيمان به ويدخلون في دين الله أفواجاً، ويستوجب الشكر على الإمام وأنصاره كما استوجب الشكر على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنصاره، حيث يقول عز وجل: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا - فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا).
إلا أن هذا الانتصار هو أعظم بكثير من أي انتصار آخر في التاريخ، إنه يوم عظيم من أيام الله بل هو اليوم الموعود الذي وعد الله به الرسول الكرم والأنبياء السابقين
وبذلك يفرح المؤمنون بنصر الله إنه الانتصار الكبير والفوز العظيم
ما هو السبب في قلة أنصار الإمام المهدي عليه السلام بالرغم من كثرة من يدعي أنه من أنصار الإمام ومحبيه؟
فالمسلمون اليوم بلغوا كثر من مليار نسمة، وهم في الأغلب يؤمنون با المهدي الموعود ..
ولكن بالرغم من هذه الكثرة الهائلة فأصحاب الألوية للإمام الحجة عليه السلام، من الضباط وقادة الفرق والمجموعات كلهم لا يتجاوزون ثلاثمئة وثلاثة عشر فرداً وجيشه ليس كثر من خمسة عشر ألف جندي!! طبعاً هذا في بداية خروجه للقتال ضد الطغاة.
فعن الإمام الباقرعليه السلام أنه قال: -...
فيجمع الله عليه أصحابه ثلاثمائة وثلاث عشر رجلاً-.
وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: -.. فيجمع الله قوماً كقزع السحاب، يؤلف الله بين قلوبهم، لا يستوحشون إلى أحد ولا يفرحون بأحد يدخل فيهم، على عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون ولم يدركهم الآخرون، وعلي عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر-.
وأما عن جيشه فيقول أمير المؤمنين عليه السلام: -..
يخرج رجل من أهل بيتي في ثلاث رايات، المكثر يقول: خمسه عشر ألفاً، والمقل يقول: إثنا عشر ألفاً..-.
وفي رواية أخرى يقول عليه السلام: -يخرج في اثني عشر ألفاً إن قلوا، أو وخمسة عشر ألفاً إن كثروا...-.
ولكن السؤال لماذا هذه القلة في الأعوان والأنصار؟!!
هذا سؤال كبير يحيّر الألباب، أليس الإمام صاحب المعاجز والكرامات؟
أليس الإمام شخصية ربانية ادخرها واعدّها الله لليوم الموعود؟
أليس الإمام شخصية عالمية تنتظرها البشرية منذ قديم الزمان؟
أليس الجميع يدعي أنه بإنتظار قدومه وخروجه ليكون من أنصاره وأعوانه؟!
هذه الأسئلة تطرح نفسها بقوه كلما شاهدنا الروايات التي تتحدث عن قلة الأنصار والأعوان إلى درجة أن يترحم المؤمنون على أنصار الإمام الحجة ويعتقد بعضهم بشكل جازم أن هذه المجموعة من الأنصار وجلهم من الشباب سينتهون في أول مواجهة مع الأعداء المدججين بالسلاح والعتاد.
يحدثنا الإمام الباقر عليه السلام عن ذلك فيقول: - يبعث الله قائم آل محمد في عصبة لهم (أدق) في أعين الناس من الكحل، فإذا خرجوا بكي لهم الناس، لا يرون إلاّ أنهم يختطفون، يفتح الله لهم مشارق الأرض ومغاربها، ألا وهم المؤمنون حقاً، ألا إن خير الجهاد في أخر الزمان-.
ويقول أمير المؤمنين عليه السلام عن أصحاب القائم عجل الله تعالى فرجه: -إن أصحاب القائم شباب لا كهول فيهم إلاّ كالكحل في العين أو كالملح في الزاد، وأقل الزاد الملح-.
لماذا هذه القلة وما هي الأسباب؟!
يبدو أن السبب الحقيقي يتلخص في أمرين:
الأمر الأول:إن الإمام الحجّة عليه السلام يأتيهم بخلاف ما كانوا يتصورون عنه ويعتقدون به حيث إن تصوراتهم لا تنطبق مع حقيقة الإمام المهدي الواقعي الذي ادخّره الله لإصلاح العالم كما جاء في كثر من مصدر عن الإمام الصادق عليه السلام - وإن من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شاباً وهم يحسبونه شيخاً كبيراً-.
وقد كّد على ذلك أيضاً الإمام الحسين عليه السلام حيث جاء في الباب الثالث من عقد الدرر ص41-42 قوله عليه السلام: - لو قام المهدي لأنكره الناس، لأنه يرجع إليهم شاباً موفقاً، وإن أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شاباً وهم يظنونه شيخاً كبيراً-.
لذا فهم يواجهون الشخصية الحقيقية مخالفة لتصوراتهم السابقة فيواجهونه بمختلف التهم والافتراءات ويكذبون مقالته بأنه هو الحجة القائم عليه السلام تماماً كما كذب المشركون واليهود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وافتروا عليه وأهانوه وأثاروا الناس عليه إلى درجة أفرغوا كرشة الشاة على رأسه الشريف وهو ساجد يصلي في بيت الله الحرام ولم يؤمنوا به لأنه جاء على خلاف تصوراتهم واعتقاداتهم السابقة، بسبب التحريف والتزييف وقد يكون نكرانهم للإمام من جهة أخري حيث أنهم يرون أنفسهم أفضل جاهاً وأعلي مقاماً من هذا الذي يدعي الإمام فلماذا يستجيبون لندائه ويخضعون لأوامره وكأن التاريخ يعيد نفسه ألم يقل وجهاء مكة حينما شاهدوا النبي الكرم يتيماً من بني هاشم يدعي النبوة (لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ على رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) وهؤلاء أيضاً يتكبرون على الإمام عندما يرون مجموعة قليلة من الشبّان يتبعونه وليس معه أحد غيرهم خصوصاً وأنه أتي بدين جديد لم يعهدوا به فيفترون عليه ويتهمونه بالكذب والدجل!! وهذا هو نفس الامتحان الإلهي الذي جرى على الأمم السابقة وسيجري على الأمة الإسلامية أيضاً وقد بين الله ذلك في محكم كتابه العزيز: (وَكذَلِك فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاَءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّكرِينَ) (الأنعام، 53).
الأمر الثاني:إن غالبية الناس ليسوا صادقين في أقوالهم, وادعاءاتهم، فهم يطلقون شعارات التضحية والفداء في سبيل مبادئهم وقيمهم ولكن عندما يرون أن القضية تتطلب بذل المال أو النفس فعلاً فسرعان ما يتراجعون ويتهربون.
فادعاء التدين والتمسك بالقيم أحاديث يتحدثون بها حينما تكون الأمور تسير على ما يرام، ولكن إذا ضاقت عليهم الحياة وتطلب الأمر الجهاد والصمود فلا تري أحداً في الميدان إلاّ القليل.
وإلي هذه الحقيقة أشار الإمام الحسين عليه السلام قائلاً - الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معائشهم فإذا محّصوا بالبلاء قلَّ الديانون-.
ومثلما تخلي الناس عن الإمام الحسين عليه السلام في واقعة كربلاء كذلك لا يستجيب أحد لدعوة الإمام الحجَّة عند نهضته المباركة إلا القليل من الذين أمنوا به في عالم الميثاق وذلك بسبب كثرة الأعداء والمكذبين له.
1- يقول الإمام الرضا عليه السلام: - إن ممن يتخذ مودتنا أهل البيت، لمن هو أشد فتنة على شيعتنا من الدجّال-، حيث يكون علماء السوء هم أشد فتنة.
2- ويقول الإمام الصادق عليه السلام:-... وإن القائم يخرجون عليه فيتأولون عليه كتاب الله ويقاتلونه عليه-.
3- وجاء في (بشارة الإسلام) و(إلزام الناصب) و(يوم الخلاص) و(نور الأنوار) و(بيان الأئمة) و(ينابيع المودة) و(علائم الظهور) وغيرها من المصادر، أن -... أعداءه الفقهاء المقلَّدون، يدخلون تحت حكمه خوفاً من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه-.
4- وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: - إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلة الناس أشد مما استقبله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جهالة الجاهلية. قلت: وكيف ذلك؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتي الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوته، وإن قائمنا إذا قام أتي الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله، يحتج عليه به...-.
وواضح إن موقف الناس هذا تابع لموقف بعض ادعياء العلم من علماء السوء بدلالة (كلهم يتأول عليه القرآن).
فالتأويل والاحتجاج بالقرآن على الإمام عجل الله تعالى فرجه لا يكون إلا من قبل أدعياء العلم أما عامة الناس فهم في الحقيقة تتبع موقف أدعياء العلم أولئك وهم يتصورون أن علمائهم يقولون الحقيقة والواقع. ومن هنا يكون موقف كثير من الناس معادياً للإمام تبعاً لأولئك، ولذا يكون عدد أصحابه وخواصه قليلاً جداً ومعظمهم من الشباب.
وبما أن هذه القلة تكون معرضة للإبادة تتدخل السماء مباشرة حتى لا تتكرر واقعة كربلاء من جديد وتنزل الملائكة لنصرته مع الملائكة الذين نزلوا من قبل لنصرة الرسول الكرم صلى الله عليه وآله وسلم في معركة بدر (هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنْ الْمَلاَئِكةِ مُسَوِّمِينَ)، ويتسارع نجباء الجن والملائكة في تقديم العون والمساعدة للإمام عليه السلام وأصحابه، ويُقلبون الوضع على الأعداء، وبذلك ينتصر الإمام في أغلب المعارك التي يخوضها، حيث إن الله سبحانه ينصره بأصحابه القلة وجيشه الصغير وبالملائكة والرعب الذي يسير بين يديه (عجل الله تعالى فرجه) بشهر.
جاء في الفصل الأول من الباب الرابع في الصفحة 65 من كتاب عقد الدرر، عن الإمام الباقر عليه السلام،في ظهور القائم (عجل الله تعالى فرجه) ومبايعته بين الركن والمقام، قال عليه السلام: - وجبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره-.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: - يخرج في اثني عشر ألفاً إن قلوا أو خمسة عشر ألفاً إن كثروا، يسير الرعب بين يديه، لا يلقاه عدو إلا هزمهم بإذن الله، شعارهم أمت أمت، لا يبالون في الله لومة لائم...-.
وعنه أيضاً عليه السلام قال: - يفرج الله الفتن برجل منّا يسومهم خسفاً، لا يعطيهم إلا السيف، يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجاً، حتى يقولوا: والله ما هذا من ولد فاطمة، لو كان من ولدها لرحمنا...-.
وعنه أيضاً عليه السلام قال:-... يمدّه الله بثلاثة آلاف من الملائكة، يضربون وجوه من خالفهم وأدبارهم، يبعث وهو ما بين الثلاثين والأربعين-.
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: - فلو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يأتيهم رجل من أهل بيتي تكون الملائكة بين يديه ويظهر الإسلام-.
وهكذا ينتصر الإمام بعد جهاد مرير ومعاناة شديدة، وبعد أن يستتب الأمر له (عجل الله تعالى فرجه) يتسابق الناس إلى الإيمان به ويدخلون في دين الله أفواجاً، ويستوجب الشكر على الإمام وأنصاره كما استوجب الشكر على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنصاره، حيث يقول عز وجل: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا - فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا).
إلا أن هذا الانتصار هو أعظم بكثير من أي انتصار آخر في التاريخ، إنه يوم عظيم من أيام الله بل هو اليوم الموعود الذي وعد الله به الرسول الكرم والأنبياء السابقين
وبذلك يفرح المؤمنون بنصر الله إنه الانتصار الكبير والفوز العظيم