عابر سبيل سني
29-02-2012, 01:54 PM
محاكمة ابن تيمية ونص المرسوم السلطاني بتحريم عقيدته
قال ابن أيبك الدواداري في حوادث عام (705هـ): لما كان يوم الإثنين 8/ رجب/ 705هـ طلب القضاة والفقهاء والشيخ تقي الدين ابن تيمية إلى مجلس الأمير جمال الدين الأفرم، نايب الشام المحروس بدمشق، وكان اجتماعهم بالقصر الأبلق. ثم سألوا الشيخ تقي الدين عن عقيدته، فأملى شيئا منها، ثم أحضر عقيدته (الواسطية) وقرئت في المجلس المذكور، وبحث فيها، وتأخر منها مواضع إلى مجلس آخر. ثم اجتمعوا يوم الجمعة، ثامن عشر الشهر المذكور، وحضر المجلس أيضا صفي الدين الهندي. وبحثوا مع الشيخ تقي الدين، وسألوه عن مواضع خارجا عن العقيدة. وجعل الشيخ صفي الدين يتكلم معه كلاما كثيرا، ثم رجعوا عنه واتفقوا أن كمال الدين ابن الزملكاني يحاققه من غير مسامحة، ورضوا بذلك الجميع، وافصل الأمر بينهم أنه أشهد على نفسه الحاضرين أنه شافعي المذهب، يعتقد ما يعتقد الإمام الشافعي ورضوا منه بهذا القول، وانصرفوا على ذلك. فعند ذلك حصل من أصحابه كلام كثير وقالوا: ظهر الحق مع شيخنا. فأحضر واحد منهم إلى عند القاضي جلال الدين الشافعي في العادلية، فصفعه وأمر بتعزيره، فشفعوا فيه. وكذلك فعل الحنفي بآخر وآخر من أصحاب الشيخ تقي الدين). ثم لما كان يوم الإثنين (22/ من الشهر) قرأ الجمال المزي المحدث، فصلا في الرد على الجهمية من كتاب (أفعال العباد) تصنيف البخاري قرأ ذلك في مجلس العام، (تحت النسر) فغضب بعض الفقهاء الحاضرين وقالوا: ما قرئ هذا الفصل إلا ونحن المقصودون بهذا التكفير. فحملوه إلى قاضي القضاة الشافعي، فرسم بحبسه، فبلغ الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) ذلك فقام حافيا في جماعة من أصحابه، وأخرج المذكور من الاعتقال. فعند ذلكاجنمع القاضي بملك الأمراء، وكذلك الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) والنقبا، واشتط تقي الدين على القاضي، وذكر نايبه جىل الدين وأنه آذى أصحابه بسبب غيبة نايب السلطان في الصيد. فلما حضر نايب السلطان رسم بطلب كل من كثر كلامه من الطائفتين، وأمر باعتقالهم، ونودي في البلد بمرسوم سلطاني: (من تكلم في العقايد حل ماله ودمه، ونهب داره وهتكت عياله) وقصد نايب السلطان بذلك إخماد الفتنة الثايرة. ثم حكى المؤلف ما جرى بعد ذلك في آخر شهر رجب ويوم (28/ شعبان) ثم قال: فلما كان خامس رمضان وصل كتاب من الأبواب العالية.....وفيه: (وعرفونا ما كان وقع في زمان جاغان في سنة (698) بسبب عقيدة ابن تيمية (وفيه إنكار عظيم عليه) وأن تكتبوا صورة العقيدتين: الأولة والثانية (كذا في الأصل). فعند ذلك طلبوا القاضي جلال الدين الحنفي وسألوه عما جرى في أيامه ? فقال: (نُقل إلي عنه كلام، وسألناه فأجاب عنه) وكذلك القاضي جلال الدين الشافعي، لما طُلب أحضر نسخة العقيدة التي كانت أحضرت في زمان أخيه. ثم إنهم تحدثوا مع ملك الأمرا في أن يكاتب بسببهم ويسد هذا الباب، فأجاب إلى ذلك. فلما كان يو السبت (10/ رمضان المعظم) وصل مملوك ملك الأمرا على البريد المنصور، وأخبر أن الطلب على الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) حثيث، وأن القاضي زين الدين ابن مخلوف المالكي قد قام في هذا الأمر قياما عظيما، وأن الأمير ركن ال ين بيبرس (الجاشنكير) معه في هذا الأمر. وأخبر بأشياء كثيرة جرت، مما وقع بمصر في حق الحنابلة، وأن بعضهم أهين، وأن القاضي المالكي والحنبلي جرى بينهم كلام كثير، فلما سمع ملك الأمرا ذلك رجع عن المكاتبة بسببهم، وأمر بتجهيزهم إلى الأبواب العالية وتوجهوا. فلما كان يو الجمعة (7/ شوال) وصل البريد، وأخبر أن كان وصول القاضي نجم الدين والشيخ تقي الدين (ابن تيمية) إلى الديار المصرية يوم الخميس (22/ رمضان المعظم) من السنة المذكورة. ولما وصل الشيخ تقي الدين في ذلك التاريخ، عُقد له مجلس في دار النيابة، بحضور الأمير سيف الدين سلّار، وأحضروا العلماء والأئمة والقضاة الأربعة، وحضر الأمير ركن الدين بيبرس. فتكلم القاضي شرف الدين ابن عدلان الشافعي، وادعى على الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) دعوى شرعية في أمر عقيدته. فعند ذلك قام الشيخ تقي الدين وحمد الله تعالى وأثنى عليه وتلجلج، ثم أراد أن يذكر الله ويذكر عقيدته في فصل طويل. فقالوا: (يا شيخ: الذي بتقوله معلوم، ولا حاجة إلى الإطالة، وأنت قد ادعى عليك هذا القاضي بدعوى شرعية، أجب عنها). فأعاد القول في التحميد، وحاد عن الجواب، فلم يُمكّن من تتمة تحاميده. فقال: عند من هي هذه الدعوى? فقالوا عند القاضي زين الدين المالكي. فقال: (عدوي وعدو مذهبي) فكرروا عليه القول مرارا، ولم يزدهم على ذلك شيئاً. وطال الأمر. فعند ذلك حكم القاضي المالكي باعتقاله على رد الجواب، فقال الشيخ: (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) فأقاموه من المجلس واعتقل وسجن أيضا إخوته في برج من أبراج القلعة. فبلغ القاضي أن جماعة من الأمرا يترددون إليه، وينفذون له المآكل الطيبة. فطلع القاضي واجتمع بالأمير ركن الدين في قضيته وقال: (هذا يجب عليه التضييق لإذا لم يقتل، وإلا فقد ثبت كفره) فنقلوه هو وإخوته ليلة عيد الفطر إلى الجب بالقلعة. ثم ذكر المؤلف ما حكم به قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة على قاضي القضاة شرف الدين الحنبلي من ضرورة تجديد إسلامه وقول شمس الدين القروي المالكي له ( قم جدد إسلامك وإلا لحقوك بابن تيمية، وأنا أحبك وأنصحك. فخجل، فلقنه القاضي بدر الدين ابن جماعة القول، فقال مثل قوله، وانفصل الحال. قال: ثم كتب إلى دمشق كتاب يتضمن أن مولانا السلطان خلد الله ملكه قد رسم: (أي من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل ماله ودمه) وبعد صلاة الجمعة حضروا القضاة جميعهم بمقصورة الخطابة بجامع دمشق، ومعهم ركن الدين بيبرس العلائي أمير حلب، حاجب الشام يوم ذاك، وجمعوا جميع الحنابلة، وأحضر تقليد قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى باستمراره على القضا وقضا العسكر ونظر الأوقاف مع زيادة المعلوم. وقرأه زين الدين أبو بكر. وقرئ عقيبه نسخة الكتاب الذي وصل فيما يتعلق بمخالفة عقيدة الشيخ تقي الدين ابن التيمية، وإزام الناس بذلك، خصوصا الحنابلة، فكان ما هذا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي تنزه عن الشبيه والنظير، وتعالى عن المثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) نحمده على أن ألهمنا العمل بالسنة والكتاب، ورفع في أيامنا أسباب الشك والارتياب. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير. وننزه الخالق عن التحيز في جهة، لقوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير). ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي نهج سبيل النجاة لمن سلك طريق مرضاته، وأمر بالتفكر في آلاء الله، ونهى عن التفكر في ذاته. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين علا بهم منار الإيمان وارتفع، وشيد الله بهم قواعد الدين الحنيفي ما شرع.، فأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع. وبعد: فإن العاقيد الشرعية، وقواعد الإسلام المرعية، وأركان الإسلام العلية، ومذاهب الدين المضية، هي الأساس الذي يبنى الإيمان عليه، والمؤمل الذي يرجع كل أحد إليه، والطريق التي من سلكها (فقد فاز فوزا عظيما) ومن زاغ عنها فقد استوجب عذابا أليما. فلهذا يجب أن تنفذ أحكامها، ويؤكد زمامها، وتصان عقائد هذه الامة عن الاختلاف ، وتزان قواعد الأيمة بالائتلاف ، وتخمد ثوائر البدع ، ويفرق من قوتها ما اجتمع . وكان التقي ابن التيمية في هذه المدة قد سلط لسانَ قلمه ، ومد عنان كلمه، وتحدث في مسايل الذات والصفات ، ونص في كلامه على أمور منكرات ، وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون، وفاه بما يخفيه السلف الصالحون، وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام ، وانعقد على خلافه إجماع العلماء والحكام . وأشهر من فتاويه في البلاد ما استخف به عقول العوام، فخالف في ذلك علماء عصره ، وأئمة شامه ومصره، وبعث رسائله إلى كل مكان، وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان. ولما اتصل بنا ذلك، وما سلك مريدوه من هذه المسالك، وأظهروه من هذه الاحوال وأشاعوه، وعلمنا أنه (استخف قومه فأطاعوه) حتى اتصل بنا أنهم صرحوا في حق الله سبحانه بالحرف والصوت والتجسيم ، قمنا في الله تعالى مستعظمين لهذا النبأ العظيم ، وأنكرنا هذه البدعة، وأنفنا أن نسمع عن من تضمه ممالكنا هذه السمعة، وكرهنا ما فاه به المبطلون ، وتلونا قوله تعالى : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) فإنه جل جلاله تنزه عن العديل والنظير (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) وتقدمت مراسمنا باستدعاء التقي ابن التيمية المذكور إلى أبوابنا عندما شاعت فتاويه شاما ومصرا ، وصرح فيها بألفاظ ما سمعها ذو فهم إلا وتلا: ( لقد جئت شيئا نكرا ). ولما وصل إلينا الجمع أولوا الحل والعقد، وذوو التحقيق والنقد، وحضر قضاة الإسلام ، وحكام الأنام ، وعلماء الدين ، وفقهاء المسلمين ، وعقد له مجلس شرع، في ملأ من الأئمة وجمع، فثبت عند ذلك عليه جميع ما نسب إليه بمقتضى خط يده، الدال على منكر ومعتقده. وانفصل ذلك الجمع وهم لعقيدته منكرون، وآخذوه بما شهد به قلمه ( ستكتب شهادتهم ويسألون ). وبلغنا أنه قد استُتيبَ مرارا فيما تقدم ، وأخره الشرع الشريف لما تعرض لذلك وأقدم ، ثم عاد بعد منعه ، ولم يدخل تلك النواهي في سمعه . ولما ثبت ذلك في مجلس الحكم العزيز المالكي، حكم الشرع الشريف بأن يسجن هذا المذكور، ويمنع من التصرف والظهور. ومرسومنا هذا بأن لا يسلك أحد ما سلكه المذكور من هذه المسالك، وينهى عن التشبيه في اعتقاد مثل ذلك، أو يغدو له في هذا القول متبعا، أو لهذه الألفاظ مستمعا، أو يسري في التشبيه مسراه، أوأن يفوه بجهة للعلو مخصصا أحدا كما فاه، أو يتحدث إنسان في صوت أو حرف، أو يوسع القول في ذات أو وصف، او يطلق لسانه بتجسيم ، أو يحيد عن الطريق المستقيم، أو يخرج عن رأي الأمة أو ينفرد عن علماء الأئمة، أو يحيز الله تعالى في جهة، أو يتعرض إلى حيث وكيف ، فليس لمعتقد هذا إلا السيف . فليقف كل واحد عند هذا الحد ، ف(لله الأمر من قبل ومن بعد) فليُلزَم كلُّ واحد من الحنابلة بالرجوع عما أنكره الأئمة من هذه العقيدة، والخروج من هذه المشتبهات الشديدة، ولزوم ما أمر الله به من التمسك بمذاهب أهل الإيمان الحميدة ، فإنه من خرج عن أمر الله تعالى (فقد ضل سواء السبيل) وليس له غيرالسجن الطويل مستقره من مقيل. ومتى أصروا على الامتناع وأبوا إلا الدفاع، فليس لهم عندنا حكم ولا قضاء ولا إمامة، ولا نسنح لهم في بلادنا بشهادة ولا منصب ولا إقامة. ونأمر بإسقاطهم من مراتبهم وإخراجهم من مناصبهم، وقد حذرنا وأعذرنا، وأنصفنا حيث أنذرنا. فليقرأ مرسومنا هذا عللا المنابر، وليكون أعظم زاجر وأعدل ناه وآمر، وليبلغ الغايب الحاضر. والخط الشريف أعلاه، حجة بمقتضاه. وكتب هذا المرسوم عدة نسخ، ونفذ إلى ساير الممالك الإسلامية. وتولى قراية هذا المرسوم الوارد بدمشق القاضي شمس الدين محمد بن شهاب الدين محمود الموقع، وبلَّغ عنه ابن صبيح المؤذن. وأحضروا الحنابلة بعد ذلك، واعترفوا عند قاضي القضاة جمال الدين المالكي بأنهم يعتقدون ما يعتقده الإمام محمد بن إدريس الشافعي وهو قوله: (آمن بالله وما جاء عن الله عن من آمن بالله، وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله عن مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى عن (كنز الدرر) للدواداري (ج9 ص133 حتى 143) ثم ذكر ابن أيبك أسباب هذه الفتنة، تحت عنوان: (ذكر السبب الموجب لهذه الفتنة) قال: وذلك أن بعض أصحاب الشيخ تقي الدين ابن التيمية أحضر للشيخ كتابا من تصانيف الشيخ محيي الدين ابن العربي يسمى (فصوص الحكم) وذلك سنة (703) فطالعه الشيخ تقي الدين فرأى فيه مسائل تخالف اعتقاده، فشرع في لعنة ابن العربي، وسب |أصحابه الذين يعتقدون اعتقاده، ثم اعتكف في شهر رمضان وصنف نقيضه وسماه (النصوص على الفصوص) وبلغه أن شيخ الشيوخ كريم الدين شيخ خانقاه سعيد السعداء بالقاهرة المحروسة له اشتغال بمصنفات ابن العربي، وأنه يعظمه تعظيما كبيرا، وكذلك الشيخ نصر المنبجي. ثم إن الشيخ تقي الدين صنف كتابين فيهما إنكار كثير على تآليف ابن العربي، ولعنه فيهما مصرحا، ولعن من يقول بقوله، وسيّر الكتاب الواحد للشيخ نصر المنبجي، والآخر للشيخ كريم الدين. فلما وقف عليه الشيخ نصر حصل عنده من ذلك أمر عظيم، وتألم له تألما بالغا، وحصل له إنكاء شديد. وكان الشيخ نصر كما تقدم من الكلام منزلته عند الأمير ركن الدين بيبرس (الجاشنكير) العالية، وأن بيبرس لا يقوم ولا يقعد إلا به في ساير حركاته. وكان ساير الحكام من القضاة والأمراء وأرباب المناصب يترددون إلى عند الشيخ نصر لأجل منزلته عند بيبرس الجاشنكير. فحضر عنده القاضي زين الدين ابن مخلوف المالكي عقيب وقوف الشيخ نصر على كتاب الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) فأوقف القاضي على الكتاب المذكور، فقال له القاضي: أوقف الأمير ركن الدين عليه وقرر معه ما أحببت وأنا معك كيف شئت. وألزم الأمير ركن الدين بطلبه إلى الديار المصرية وتسأله عن عقيدته، فقد بلغني أنه أفسد عقول جماعة كبيرة، وهو يقول بالتجسيم، وعندنا: من اعتقد هذا الاعتقاد كفر ووجب قتله. فلما حضر الأمير ركن الدين بيبرس (الجاشنكير) عند الشيخ نصر على عادته، أجرى له ذكر ابن التيمية وأمر عقيدته، وأنه أفسد عقول جماعة كبيرة، ومن جملتهم نايب الشام وأكبر الأمراء الشاميين، والمصلحة تفتضي طلبه إلى الأبواب العالية، ويطلب منه عقيدته، وتقرأ على العلماء بالديار المصرية، من المذاهب الأربعة، فإن وافقوه وإلا يستتيبوه ويرجعوه، ليرجع عن مذهبه واعتقاده ساير من لعب بعقله من الناس أجمعين. ثم ذكر له ذنوبا أخر حتى حرّض بيبرس على طلبه. ولهذا الكلام تتمة في كنز الدرر (ج9 ص144) قال في آخره: (وسيأتي ذكر بقية ما جرى لتقي الدين ابن التيمية في سنة (706) إن شاء الله تعالى
---------
(....وكان التقي ابن التيمية في هذه المدة قد سلط لسانَ قلمه ، ومد عنان كلمه، وتحدث في مسايل الذات والصفات ، ونص في كلامه على أمور منكرات ، وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون، وفاه بما يخفيه السلف الصالحون، . وأشهر من فتاويه بماأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام ، وانعقد على خلافه إجماع العلماء والحكام في البلاد ما استخف به عقول العوام، فخالف في ذلك علماء عصره ، وأئمة شامه ومصره وبعث رسائله إلى كل مكان، وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان.
أي أن أهل السنةكلهم متفقون على تضليل ابن تيمية..
-------------------------
نص مرسوم السلطان بعاليه:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي تنزه عن الشبيه والنظير، وتعالى عن المثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) نحمده على أن ألهمنا العمل بالسنة والكتاب، ورفع في أيامنا أسباب الشك والارتياب. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير. وننزه الخالق عن التحيز في جهة، لقوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير). ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي نهج سبيل النجاة لمن سلك طريق مرضاته، وأمر بالتفكر في آلاء الله، ونهى عن التفكر في ذاته. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين علا بهم منار الإيمان وارتفع، وشيد الله بهم قواعد الدين الحنيفي ما شرع.، فأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع. وبعد:
فإن العاقيد الشرعية، وقواعد الإسلام المرعية، وأركان الإسلام العلية، ومذاهب الدين المضية، هي الأساس الذي يبنى الإيمان عليه، والمؤمل الذي يرجع كل أحد إليه، والطريق التي من سلكها (فقد فاز فوزا عظيما) ومن زاغ عنها فقد استوجب عذابا أليما. فلهذا يجب أن تنفذ أحكامها، ويؤكد زمامها، وتصان عقائد هذه الامة عن الاختلاف ، وتزان قواعد الأيمة بالائتلاف ، وتخمد ثوائر البدع ، ويفرق من قوتها ما اجتمع .
وكان التقي ابن التيمية في هذه المدة قد سلط لسانَ قلمه ، ومد عنان كلمه، وتحدث في مسايل الذات والصفات ، ونص في كلامه على أمور منكرات ، وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون، وفاه بما يخفيه السلف الصالحون، وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام ، وانعقد على خلافه إجماع العلماء والحكام . وأشهر من فتاويه في البلاد ما استخف به عقول العوام، فخالف في ذلك علماء عصره ، وأئمة شامه ومصره، وبعث رسائله إلى كل مكان، وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان.
ولما اتصل بنا ذلك، وما سلك مريدوه من هذه المسالك، وأظهروه من هذه الاحوال وأشاعوه، وعلمنا أنه (استخف قومه فأطاعوه) حتى اتصل بنا أنهم صرحوا في حق الله سبحانه بالحرف والصوت والتجسيم = قمنا في الله تعالى مستعظمين لهذا النبأ العظيم ، وأنكرنا هذه البدعة، وأنفنا أن نسمع عن من تضمه ممالكنا هذه السمعة، وكرهنا ما فاه به المبطلون ، وتلونا قوله تعالى : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) فإنه جل جلاله تنزه عن العديل والنظير (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير).
وتقدمت مراسمنا باستدعاء التقي ابن التيمية المذكور إلى أبوابنا عندما شاعت فتاويه شاما ومصرا ، وصرح فيها بألفاظ ما سمعها ذو فهم إلا وتلا: ( لقد جئت شيئا نكرا ). ولما وصل إلينا الجمع أولوا الحل والعقد، وذوو التحقيق والنقد، وحضر قضاة الإسلام ، وحكام الأنام ، وعلماء الدين ، وفقهاء المسلمين ، وعقد له مجلس شرع، في ملأ من الأئمة وجمع، فثبت عند ذلك عليه جميع ما نسب إليه بمقتضى خط يده، الدال على منكر ومعتقده. وانفصل ذلك الجمع وهم لعقيدته منكرون، وآخذوه بما شهد به قلمه ( ستكتب شهادتهم ويسألون ).
وبلغنا أنه قد استُتيبَ مرارا فيما تقدم ، وأخره الشرع الشريف لما تعرض لذلك وأقدم ، ثم عاد بعد منعه ، ولم يدخل تلك النواهي في سمعه . ولما ثبت ذلك في مجلس الحكم العزيز المالكي، حكم الشرع الشريف بأن يسجن هذا المذكور، ويمنع من التصرف والظهور. ومرسومنا هذا بأن لا يسلك أحد ما سلكه المذكور من هذه المسالك، وينهى عن التشبيه في اعتقاد مثل ذلك، أو يغدو له في هذا القول متبعا، أو لهذه الألفاظ مستمعا، أو يسري في التشبيه مسراه، أوأن يفوه بجهة للعلو مخصصا أحدا كما فاه، أو يتحدث إنسان في صوت أو حرف، أو يوسع القول في ذات أو وصف، او يطلق لسانه بتجسيم ، أو يحيد عن الطريق المستقيم، أو يخرج عن رأي الأمة أو ينفرد عن علماء الأئمة، أو يحيز الله تعالى في جهة، أو يتعرض إلى حيث وكيف = فليس لمعتقد هذا إلا السيف . فليقف كل واحد عند هذا الحد ، ف(لله الأمر من قبل ومن بعد) فليُلزَم كلُّ واحد من الحنابلة بالرجوع عما أنكره الأئمة من هذه العقيدة، والخروج من هذه المشتبهات الشديدة، ولزوم ما أمر الله به من التمسك بمذاهب أهل الإيمان الحميدة ، فإنه من خرج عن أمر الله تعالى (فقد ضل سواء السبيل) وليس له غيرالسجن الطويل مستقره من مقيل. ومتى أصروا على الامتناع وأبوا إلا الدفاع، فليس لهم عندنا حكم ولا قضاء ولا إمامة، ولا نسنح لهم في بلادنا بشهادة ولا منصب ولا إقامة. ونأمر بإسقاطهم من مراتبهم وإخراجهم من مناصبهم، وقد حذرنا وأعذرنا، وأنصفنا حيث أنذرنا. فليقرأ مرسومنا هذا على المنابر، وليكون أعظم زاجر وأعدل ناه وآمر، وليبلغ الغايب الحاضر. والخط الشريف أعلاه، حجة بمقتضاه.
وكتب هذا المرسوم عدة نسخ، ونفذ إلى ساير الممالك الإسلامية. وتولى قراية هذا المرسوم الوارد بدمشق القاضي شمس الدين محمد بن شهاب الدين محمود الموقع، وبلَّغ عنه ابن صبيح المؤذن. وأحضروا الحنابلة بعد ذلك، واعترفوا عند قاضي القضاة جمال الدين المالكي بأنهم يعتقدون ما يعتقده الإمام محمد بن إدريس الشافعي وهو قوله: (آمن بالله وما جاء عن الله عن من آمن بالله، وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله عن مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى
عن (كنز الدرر) للدواداري (ج9 ص133 حتى 143)
أن مولانا السلطان قد رسم: (أن من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل ماله ودمه)
محاكمة ابن تيمية ونص المرسوم السلطاني بتحريم عقيدته
قال ابن أيبك الدواداري في حوادث عام (705هـ):
[ لما كان يوم الإثنين ثامن شهر رجب الفرد/ 705هـ طلب القضاة والفقهاء والشيخ تقي الدين ابن تيمية إلى مجلس الأمير جمال الدين الأفرم، نايب الشام المحروس بدمشق، وكان اجتماعهم بالقصر الأبلق. ثم سألوا الشيخ تقي الدين عن عقيدته، فأملى شيئا منها، ثم أحضر عقيدته (الواسطية) وقريت في المجلس المذكور، وبحث فيها، وتأخر منها مواضع إلى مجلس آخر. ثم اجتمعوا يوم الجمعة، ثامن عشر الشهر المذكور،
وحضر المجلس أيضا صفي الدين الهندي. وبحثوا مع الشيخ تقي الدين، وسألوه عن مواضع خارجا عن العقيدة. وجعل الشيخ صفي الدين يتكلم معه كلاما كثيرا، ثم رجعوا عنه واتفقوا أن كمال الدين ابن الزملكاني يحاققه من غير مسامحة، ورضوا بذلك الجميع، وافصل الأمر بينهم أنه أشهد على نفسه الحاضرين أنه شافعيالمذهب، يعتقد ما يعتقد الإمام الشافعيورضوا منه بهذا القول، وانصرفواعلى ذلك.
فعند ذلك حصل من أصحابه كلام كثير وقالوا: ظهر الحق مع شيخنا.
[ لاحظ أخى : نفس الكذب والتدليس الممتد فيهم عبر الأجيال ]
فأحضر واحد منهم إلى عند القاضي جلال الدين الشافعي في العادلية، فصفعه وأمر بتعزيره، فشفعوا فيه. وكذلك فعل الحنفي بآخر وآخر من أصحاب الشيخ تقي الدين).
ثم لما كان يوم الإثنين (22/ من الشهر) قرأ الجمال المزي المحدث، فصلا في الرد على الجهمية من كتاب(أفعال العباد) تصنيف البخاري قرأ ذلك في مجلس العام، (تحت النسر) فغضب بعض الفقهاء الحاضرين وقالوا: ما قرئ هذا الفصل إلا ونحن المقصودون بهذا التكفير. فحملوه إلى قاضي القضاة الشافعي، فرسم بحبسه، فبلغ الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) ذلك فقام حافيا في جماعة من أصحابه، وأخرج المذكور من الاعتقال. فعند ذلك اجتمع القاضي بملك الأمراء، وكذلك الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) والنقبا، واشتط تقي الدين على القاضي، وذكر نايبه جمال الدين وأنه آذى أصحابه بسبب غيبة نايب السلطان في الصيد. فلما حضر نايب السلطان رسم بطلب كل من كثر كلامه من الطائفتين، وأمر باعتقالهم، ونودي في البلد بمرسوم سلطاني:
(من تكلم في العقايد حل ماله ودمه، ونهب داره وهتكت عياله) وقصد نايب السلطان بذلك إخماد الفتنة الثايرة.
فلما كان ثامن عشرين شهر شعبانالمكرم , وصل بريد من الأبواب العالية أعلاها الله تعالى , وعلى يده كتابين , كتاب لملك الأمرا وكتاب للقاضى نجم الدين بعودته الى الحكم العزيز , ومضمون الكتاب فى فصل منه يقول [ قد فرحنا باجتماع رأى العلما على عقيدة الشيخ تقى الدين ]
[ لاحظ أخى أن السلطان فرح باجتماع رأى العلماء على أن عقيدة ابن تيمية باطلة لاتصح ومن اعتقدها حل دمه وماله , كما تقدم ]
فلما كان خامس رمضان وصل كتاب من الأبواب العالية..بريد , وهو الأمير حسام الدين لاجين العمرى , بطلب القاضى نجم الدين بن صصرى , والشيخ تقى الدين بن التيمية , وكمال الدين بن الزملكانى و فى المرسوم الوارد يقول [وتعرفونا ما وقع فى زمن جاغان .فى سنة ثمان وتسعين وست ماية , بسبب عقيدة بن التيمية , ...
(وفيه إنكار عظيم عليه) وأن تكتبوا صورة العقيدتين: الأولة والثانية
. فعند ذلك طلبوا القاضي جلال الدين الحنفي وسألوه عما جرى في أيامه ? فقال: (نُقل إلي عنه كلام، وسألناه فأجاب عنه) وكذلك القاضي جلال الدين الشافعي، لما طُلب أحضر نسخة العقيدة التي كانت أحضرت في زمان أخيه. ثم إنهم تحدثوا مع ملك الأمرا في أن يكاتببسببهم ويسد هذا الباب، فأجاب إلى ذلك.
فلما كان يو السبت (10/ رمضان المعظم) وصل مملوك ملك الأمرا على البريد المنصور، وأخبر أن الطلب على الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) حثيث، وأن القاضي زين الدين ابن مخلوف المالكي قد قام في هذا الأمر قياما عظيما،
وأن الأمير ركن الد ين بيبرس (الجاشنكير) معه في هذا الأمر. وأخبر بأشياء كثيرة جرت، مما وقع بمصر في حق الحنابلة، وأن بعضهم أهين، وأن القاضي المالكي والحنبلي جرى بينهم كلام كثير، فلما سمع ملك الأمرا ذلك رجع عن المكاتبة بسببهم، وأمر بتجهيزهم إلى الأبواب العالية وتوجهوا.
فلما كان يو الجمعة (7/ شوال) وصل البريد، وأخبر أن كان وصول القاضي نجم الدين والشيخ تقي الدين (ابن تيمية) إلى الديار المصرية يوم الخميس (22/ رمضان المعظم) من السنة المذكورة.
ذكر ما جرى للشيخ تقى الدين بمصر المحروسة :
ذلك أنه لما وصل في ذلك التاريخ، عُقد له مجلس في دار النيابة، بحضور الأمير سيف الدين سلّار، وأحضروا العلماء والأئمة والقضاة الأربعة، وحضر الأمير ركن الدين بيبرس. فتكلم القاضي شرف الدين ابن عدلان الشافعي، وادعى على الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) دعوى شرعية في أمر عقيدته.
فعند ذلك قام الشيخ تقي الدين وحمد الله تعالى وأثنى عليه وتلجلج،
[ لماذا تلجلج ابن تيمية ؟ سبحان الله ]
ثم أراد أن يذكر الله ويذكر عقيدته في فصل طويل. فقالوا: (يا شيخ: الذي بتقوله معلوم، ولا حاجة إلى الإطالة، وأنت قد ادعى عليك هذا القاضي بدعوى شرعية، أجب عنها).
فأعاد القول في التحميد، وحاد عن الجواب،
[ لماذا حاد عن الجواب ] ؟
فلم يُمكّن من تتمة تحاميده. فقال: عند من هي هذه الدعوى? فقالوا عند القاضي زين الدين المالكي. فقال(عدوي وعدو مذهبي) فكرروا عليه القول مرارا، ولم يزدهم على ذلك شيئاً.
[لاحظ أخى الكريم مقدار الدهاء والتلون من ابن تيمية , يريد أن يطيل فى خطبته ويذكر ما يشاء من أفانين الكلام حتى يدخل الحاضرين فى متاهات فلا يدرون عن أى شيء يردون , وهذا نفس ما هو موجود فى كتبه كلها , يذكر كل المواضيع فى كل كتاب بل يذكر فى المسألة الواحدة عشرات المسائل فلا تدرى أول الكلام من آخره , وهذا أسلوب المراوغين وليس أسلوب العلماء ,
وأنت ترى أن علماء عصره يفهمونه جيدا ,’ فقد حاصروه وطلبوا منه أن يحدد كلامه فرفض وحاد عن الجواب وادعى أنه مظلوم , وأن القاضى الذى ينظر أمره من أعدائه وأعداء مذهبه فالموضوع –مذهب-]
وطال الأمر. فعند ذلك حكم القاضي المالكي باعتقاله على رد الجواب، فقال الشيخ: (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) فأقاموه من المجلس واعتقل وسجن أيضا إخوته في برج من أبراج القلعة. فبلغ القاضي أن جماعة من الأمرا يترددون إليه، وينفذون له المآكل الطيبة
. فطلع القاضي واجتمع بالأمير ركن الدين في قضيته وقال: (هذا يجب عليه التضييق إذا لم يقتل، وإلا فقد ثبت كفره)
[ تأمل فى هذا الحكم من القاضى أيها الأخ الكريم , فكيف تقلد من ثبت كفره بحكم قضاة عصره ؟ ]
فنقلوه هو وإخوته ليلة عيد الفطر إلى الجب بالقلعة.
وكان بعد قيام ابن التيمية من المجلس , قد تكلم قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة رحمه الله فى مسايل القرآن العظيم , وشيء من عقيدة الامام الشافعى رضى الله عنه , فقيل لقاضى القضاة الحنفى : ما تقول ؟ قال : كذا أعتقد , فقيل لقاضى القضاة شرف الدين الحنبلى : ما تقول ؟ فتلجلج ,
فقال له الشيخ شمس الدين القروي المالكي له ( قم جدد إسلامك وإلا لحقوك بابن تيمية، وأنا أحبك وأنصحك.] فخجل، فلقنه القاضي بدر الدين ابن جماعة القول، فقال مثل قوله،
وانفصل الحال. قال: ثم كتب إلى دمشق كتاب يتضمن أن مولانا السلطان خلد الله ملكه قد رسم: (أن من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل ماله ودمه)
وبعد صلاة الجمعة حضروا القضاة جميعهم بمقصورة الخطابة بجامع دمشق، ومعهم الأمير ركن الدين بيبرس العلائي أمير حلب، حاجب الشام يوم ذاك، وجمعوا جميع الحنابلة، وأحضر تقليد قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى باستمراره على القضا وقضا العسكر ونظر الأوقاف مع زيادة المعلوم. وقرأه زين الدين أبو بكر. وقرئ عقيبه نسخة الكتاب الذي وصل فيما يتعلق بمخالفة عقيدة الشيخ تقي الدين ابن التيمية، وإلزام الناس بذلك، خصوصا الحنابلة، فكان ما هذا نسخته:
نسخة المرسوم الشريف فى عقيدة ابن تيمية:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تنزه عن الشبيه والنظير، وتعالى عن المثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) نحمده على أن ألهمنا العمل بالسنة والكتاب، ورفع في أيامنا أسباب الشك والارتياب.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير. وننزه الخالق عن التحيز في جهة، لقوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير).
ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي نهج سبيل النجاة لمن سلك طريق مرضاته، وأمر بالتفكر في آلاء الله، ونهى عن التفكر في ذاته. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين علا بهم منار الإيمان وارتفع، وشيد الله بهم قواعد الدين الحنيفي ما شرع.، فأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع. وبعد:
فإن العقايد الشرعية، وقواعد الإسلام المرعية، وأركان الإسلام العلية، ومذاهب الدين المضية، هي الأساس الذي يبنى الإيمان عليه، والمؤمل الذي يرجع كل أحد إليه، والطريق التي من سلكها (فقد فاز فوزا عظيما) ومن زاغ عنها فقد استوجب عذابا أليما. فلهذا يجب أن تنفذ أحكامها، ويؤكد زمامها، وتصان عقائد هذه الامة عن الاختلاف ، وتزان قواعد الأيمة بالائتلاف ، وتخمد ثوائر البدع ، ويفرق من قوتها ما اجتمع .
وكان التقي ابن التيمية في هذه المدة قدسلط لسانَ قلمه ، ومد عنان كلمه، وتحدث في مسايل الذات والصفات ، ونص في كلامه على أمور منكرات ،
وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون،
وفاه بما يخفيه السلف الصالحون، وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام ، وانعقد على خلافه إجماع العلماء والحكام .
وأشهر من فتاويه في البلاد ما استخف به عقول العوام، فخالف في ذلك علماء عصره ، وأئمة شامه ومصره، وبعث رسائله إلى كل مكان، وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان. ولما اتصل بنا ذلك، وما سلك مريدوه من هذه المسالك، وأظهروه من هذه الاحوال وأشاعوه، وعلمنا أنه (استخف قومه فأطاعوه) حتى اتصل بنا أنهم صرحوا في حق الله سبحانه بالحرف والصوت والتجسيم ،
قمنا في الله تعالى مستعظمين لهذا النبأ العظيم ، وأنكرنا هذه البدعة، وأنفنا أن نسمع عن من تضمه ممالكنا هذه السمعة، وكرهنا ما فاه به المبطلون ، وتلونا قوله تعالى : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون )
فإنه جل جلاله تنزه عن العديل والنظير (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) وتقدمت مراسمنا باستدعاء التقي ابن التيميةالمذكور إلى أبوابنا عندما شاعت فتاويه شاما ومصرا ، وصرح فيها بألفاظ ما سمعها ذو فهم إلا وتلا: ( لقد جئت شيئا نكرا ).
ولما وصل إلينا الجمع أولوا الحل والعقد، وذوو التحقيق والنقد، وحضر قضاة الإسلام ، وحكام الأنام ، وعلماء الدين ، وفقهاء المسلمين ، وعقد له مجلس شرع، في ملأ من الأئمة وجمع، فثبت عند ذلك عليه جميع ما نسب إليه بمقتضى خط يده،الدال على معتقده. وانفصل ذلك الجمع وهم لعقيدته منكرون، وآخذوه بما شهد به قلمه عليه ( ستكتب شهادتهم ويسألون ).
وبلغنا أنه قد استُتيبَ مرارا فيما تقدم ، وأخره الشرع الشريف لما تعرض لذلك وأقدم ، ثم عاد بعد منعه ، ولم يدخل تلك النواهي في سمعه . ولما ثبت ذلك في مجلس الحكم العزيز المالكي، حكم الشرع الشريف بأن يسجن هذا المذكور، ويمنع من التصرف والظهور.
ومرسومنا هذا بأن لا يسلك أحد ما سلكه المذكورمن هذه المسالك، وينهى عن التشبيه في اعتقاد مثل ذلك، أو يغدو له في هذا القول متبعا، أو لهذه الألفاظ مستمعا، أو يسري في التشبيه مسراه، أوأن يفوه بجهة للعلو مخصصا أحدا كما فاه، أو يتحدث إنسان في صوت أو حرف، أو يوسع القول في ذات أو وصف، او يطلق لسانه بتجسيم ، أو يحيد عن الطريق المستقيم، أو يخرج عن رأي الأمة أو ينفرد عن علماء الأئمة، أو يحيز الله تعالى في جهة، أو يتعرض إلى حيث وكيف ، فليس لمعتقد هذا إلا السيف .
فليقف كل واحد عند هذا الحد ، ف(لله الأمر من قبل ومن بعد( فليُلزَم كلُّ واحد من الحنابلة بالرجوع عما أنكره الأئمة من هذه العقيدة، والخروج من هذه المشتبهات الشديدة، ولزوم ما أمر الله به من التمسك بمذاهب أهل الإيمان الحميدة ، فإنه من خرج عن أمر الله تعالى (فقد ضل سواء السبيل) وليس له منا غيرالسجن الطويل من مقيل.
ومتى أصروا على الامتناع وأبوا إلا الدفاع، فليس لهم عندنا حكم ولا قضاء ولا إمامة، ولا نسنح لهم في بلادنا بشهادة ولا منصب ولا إقامة.
ونأمر بإسقاطهم من مراتبهم وإخراجهم من مناصبهم، وقد حذرنا وأعذرنا، وأنصفنا حيث أنذرنا
. فليقرأ مرسومنا هذا على المنابر، وليكون أعظم زاجر وأعدل ناه وآمر، وليبلغ الغايب الحاضر.
والخط الشريف أعلاه، حجة بمقتضاه.
وكتب هذا المرسوم عدة نسخ، ونفذ إلى ساير الممالك الإسلامية. وتولى قراية هذا المرسوم الوارد بدمشق القاضي شمس الدين محمد بن شهاب الدين محمود الموقع، وبلَّغ عنه ابن صبيح المؤذن.
وأحضروا الحنابلة بعد ذلك،واعترفوا عند قاضي القضاة جمال الدين المالكي بأنهم يعتقدون ما يعتقده الإمام محمد بن إدريس الشافعي وهو قوله: (آمنت بالله وما جاء عن الله عن من آمن بالله، وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله عن مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انتهى عن (كنز الدرر) للدواداري (ج9 ص133 حتى 143)
من كتاب [ كنز الدرر وجامع الغرر ] لمؤلفه
أبو بكر عبد الله بن أيبك الدوادارى
وهو موجود على موقع [ مركز داود للمخطوطات ] طبعة القاهرة 1982
مطبعة لجنة التأليف والترجة والنشر
كنز الدرر وجامع الغرر-9 مجلدات
معلومات الكتاب:
رقم الكتاب: 1337
عنوان الكتاب: كنز الدرر وجامع الغرر-9 مجلدات
المؤلف: ابن أيبك الدواداري
وصف الكتاب:
الجزء الأول : الدرة العليا في اخبار بدء الدنيا تحقيق : بيرند راتكه القاهرة 1402هـ / 1982م. الجزء الثاني : الدرة اليتيمة في أخبار الأمم القديمة تحقيق : إدوارد بدين بيروت 1414هـ / 1994م. الجزء الثالث : الدر الثمين في أخبار سيد المرسلين و الخلفاء الراشدين تحقيق :محمد السعيد جمال الدين 1402هـ / 1981م. الجزء الرابع : الدرة السمية في أخبار الدولة الأموية تحقيق :جونهيلد جراف و إريكا جلاسن بيروت 1415هـ / 1994م. الجزء الخامس : الدرة السنية في أخبار الدولة العباسية تحقيق :دوروتيا كرافولسكي بيروت 1413هـ / 1992م. الجزء السادس : الدرة المضية في أخبار الدولة الفاطمية تحقيق : صلاح الدين المنجد 1380هـ / 1961م. الجزء السابع : الدر المطلوب في أخبار ملوك بني أيوب تحقيق : سعيد عبد الفتاح عاشور القاهرة 1391هـ / 1972م. الجزء الثامن : الدرة الزكية في أخبار الدولة التركية تحقيق : أولرخ هارمان القاهرة 1391هـ / 1971م. الجزء التاسع : الدر الفاخر في سيرة الملك الناصر تحقيق : هانس روبرت رويمر
شوهد: 5127 مرة
تاريخ الإضافة: 25 / ذو القعدة / 1428 هـ الموافق 4 / ديسمبر / 2007 م
http://wadod.net/book****f/book/578 (http://wadod.net/book****f/book/578)
أبو بكر بن عبد الله بن أيبك الدوإداري (مولده ووفاته : غير معروف) مؤرخ مصري مملوكي نشأ وعاش في حارة الباطلية بالقاهرة. كان جده " ابن أيبك صاحب صرخد " (ت 645هـ)، ووالده " عبد الله بن أيبك " (ت 713هـ)، وهو ذاته على اتصال بأكابر الأيوبيين والمماليك وشهود عيان لكثير من الحوادث خلال حقبة زمنية تمتد من أوائل القرن السابع حتى منتصف القرن الثامن للهجرة. وهي حقبة ذات أهمية تاريخية كبرى شهدت صراعات بني أيوب الداخلية وزوال دولتهم وبزوغ نجم الدولة المملوكية. من أهم مؤلفاته " كنز الدُرر وجامع الغُرر " و" درر التيجان وغرر تواريخ الزمان ". ويعد الكتاب الأول من أهم ما كتب عن العصرين الأيوبي والمملوكي نظراً لمعايشة ابن أيبك الدوإداري لكثير من وقائع وأحداث العصرين من جهة، ونظراً لأنه عاش في فترة سابقة لكبار المؤرخين من أمثال " المقريزي " وابن تغري " و" ابن إياس ".
1 أصله ونشأته
2 مكانته وإسلوبه
3 كنز الدُرر وجامع الغُرر
4 مؤلفاته
5 فهرس وملحوظات
6 المصادر والمراجع
[/URL]
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%...A7%D8%B1%D9%8A (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%25...A7%D8%B1%D9%8A)
[وأفصل الأمر بينهم أنه أشهد على نفسه الحاضرين [U]أنه شافعي المذهب، يعتقد ما يعتقد الإمام الشافعي رضى الله عنه,ورضوا منه بهذا القول، وانصرفواعلى ذلك.
فعند ذلك حصل من أصحابه كلام كثير وقالوا: ظهر الحق مع شيخنا.
فأحضر واحد منهم إلى عند القاضي جلال الدين الشافعي في العادلية، فصفعه وأمر بتعزيره، فشفعوا فيه. وكذلك فعل الحنفي بآخر وآخر من أصحاب الشيخ تقي الدين].
تعقيب وبيان:
فى هذا الكلام بيان واضح أن الاجتماع مع ابن تيمية انفض على أساس أنه شافعى المذهب , وأشهد الحاضرين على ذلك ,
والمقصود بالمذهب هنا ليس المذهب الفقهى , وانما المذهب العقدى , أى أنه على عقيدة الشافعى , لأن ابن تيمية حنبلى فى المذهب الفقهى ,
وبهذا يتضح أنه أقر على نفسه فى الفقه أنه حنبلى , وفى العقيدة أنه شافعى
والسؤال :
من أين جاءت دعوة الغاء المذاهب , والأخذ من الكتاب والسنة مباشرة ؟ من أين جاء هذا الهجوم الكاسح على المذاهب الأربعة واعتبار أن تقليدها من الشرك ؟ لأنه على حسب زعمهم [ تقديم لآراء الرجال على الكتاب والسنة ] وهذا كلام جاهل وباطل ,
ولكن المقصود هنا من أين جاءت هذه الدعوة ؟ اذا كان هذا حال شيخهم ابن تيمية ؟ أم أن هناك أيادى خفية تلعب فى هذا الموضوع ؟ وتعمل فى الخفاء على هدم صروح العلم الشامخة , ؟ لتخريج أجيال منقطعة تافهة , لاعلم لها ولا فقه ولا أصل !!
ولكن للأسف لم يلتزم ابن تيمية بما أشهد عليه نفسه , فلم يلتزم عقيدة الشافعى بدليل ما جاء فى المرسوم السلطانى :
[وبلغنا أنه قد استُتيبَ مرارا فيما تقدم ، وأخره الشرع الشريف لما تعرض لذلك وأقدم ، ثم عاد بعد منعه ، ولم يدخل تلك النواهي في سمعه]
وهذا يدل على طبع ونفسية ابن تيمية , التوبة الظاهرية , والتلفظ بألفاظ تريح السامعين , حتى يتخلص من الموقف الذى وقع فيه , ثم يرجع وكأن شيئا لم يكن , وكان القضاة يصدقونه فى ظاهر ألفاظه , فيؤخرونه حتى يرجع ويلتزم بتوبته , ولكنه لايلتزم فيعود مرارا , ولا يعير أى اهتمام لما قطعه على نفسه ,
وهذا يدل على أنه يصر على نشر مذهبه بأى وسيلة ,
وأن الدافع الى نشر مذهبه ليس الاخلاص للدين , ولا الرغبة فى تصحيح عقيدة المسلمين وانما الرغبة فى الإمامة , والزعامة , والرياسة ,فقط لاغير ,
ومن هذا الكلام أيضا يتبين موقف وطبيعة أتباعه
فعندما ألزمه العلماء الحجة , والتزم أمامهم أنه شافعى العقيدة , فلما خرج أعلن أتباعه أن الحق مع شيخهم , وأنه انتصر على الفقهاء والقضاة , وهذا يدل على شيء فى النفس , وأن العمل ليس لله تعالى , وانما للمكانة , والزعامة , والرياسة , وعدم التفريط فى المنصب الدنيوى الرخيص
والدليل :كلام السلطان :
[فليقف كل واحدعند هذا الحد ، ف(لله الأمر من قبل ومن بعد) فليُلزَم كلُّ واحد من الحنابلة بالرجوع عما أنكره الأئمة من هذه العقيدة، والخروج من هذه المشتبهات الشديدة، ولزوم ما أمر الله به من التمسك بمذاهب أهل الإيمان الحميدة ، فإنه من خرج عن أمر الله تعالى (فقد ضل سواء السبيل) وليس له منا غيرالسجن الطويل من مقيل.
ومتى أصروا على الامتناع وأبوا إلا الدفاع، فليس لهم عندنا حكم ولا قضاء ولا إمامة، ولا نسنح لهم في بلادنا بشهادة ولا منصب ولا إقامة.
ونأمر بإسقاطهم من مراتبهم وإخراجهم من مناصبهم، وقد حذرنا وأعذرنا، وأنصفنا حيث أنذرنا]
فقد أنذرهم بسحب مناصبهم , وقطع روتبهم , واسقاط شهاداتهم , والزامهم السجن الطويل , أو طردهم من البلاد ,
وهذا هو ما يحدث اليوم ,
أموال طائلة , وكتب , ومطابع , ومناصب , وجامعات , ورسالات علمية ,وفضائيات, كل هذا قائم على فكر ابن تيمية ,
طالما أنك تمدح , وتنشر هذا الفكر فأنت من المرضى عنهم ,
واذا انتقدت سحبت منك كل المزايا والمناصب , هذا الفكر الذى حرمه السلطان , والقضاة , وأهل الحل والعقد فى الأمة , وأجمع الفقهاء وعلماء الأمة أنه فكر منحرف مخالف لنهج السلف ,
ينشرونه فى الأمة , ويسحبون الأمة اليه , ويغلفونه فى أثواب براقة لامعة تخطف الأبصار ,
نفس ما كان يحدث الآن
اذا جادلت أحدهم فلابد أن يعلن أنه انتصر عليك , وهزمك , وانه على الحق , وأنت على الباطل , هو على السلف وأنت على البدعة والضلالة ,
لماذا هذا التزييف ؟
لماذا هذا التحريف ؟
لماذا هذا الفكر بالذات ؟
لماذا ابن تيمية بالذات ؟
ما المقصود ؟ ومن وراء هذا الفكر ؟
خلاصة الموضوع
1- أن عقيدة ابن تيمية باطلة , ولايجوز اعتقادها وعبادة الله تعالى على أساسها , لأن من يتعبد الله تعالى على أساس هذه العقيدة الظاهرية الحرفية فحتما ولابد أن يتخيل الله تعالى جالسا على العرش وله يدين أو أيدى كثيرة
قال تعالى [ يد الله فوق أيديهم ] [ لما خلقت بيدى ] [ مما عملت أيدينا ] فلا يدرى أيها ينسبه الى الله تعالى على الظاهر والحقيقة , فيقع فى المحظور ,
[ ولتصنع على عينى [ [ تجرى بأعيننا ] فلا يدرى أهى عين أم أعين ؟
[ أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا ] [ انما أمرنا لشيء اذا أردناه أن نقول له كن فيكون ] فلا يدرى ماذا يفعل ؟ هل يثبت الخلق باليد أم بالأمر بلا يد ولا معالجة , ولا حاجة , ؟ تعالى الله عن الحاجات والمعالجات
فالاله الذى يتكلم عنه ابن تيمية ليس هو الله رب العالمين المنزه المقدس عن أوهام البشر وخيالات البشر وقد عبر المرسوم السلطانى عن هذا فقال :
[ومرسومنا هذا بأن لا يسلك أحد ما سلكه المذكور من هذه المسالك، وينهى عن التشبيه في اعتقاد مثل ذلك، أو يغدو له في هذا القول متبعا، أو لهذه الألفاظ مستمعا، أو يسري في التشبيه مسراه، أوأن يفوه بجهة للعلو مخصصا أحدا كما فاه، أو يتحدث إنسان في صوت أو حرف، أو يوسع القول في ذات أو وصف، او يطلق لسانه بتجسيم ، أو يحيد عن الطريق المستقيم، أو يخرج عن رأي الأمة أو ينفرد عن علماء الأئمة، أو يحيز الله تعالى في جهة، أو يتعرض إلى حيث وكيف ، فليس لمعتقد هذا إلا السيف .
فليقف كل واحد عند هذا الحد ، ف(لله الأمر من قبل ومن بعد)]
2- ابن تيمية مخالف للاجماع , فقد أجمع العلماء من جميع المذاهب أن ابن تيمية مخالف لما عليه السلف الصالح , ولما أجمعت عليه الأمة طوال تاريخها , الا فئة شاذة من غلاة الحنابلة ابتلى بهم الامام أحمد ونفى نسبتهم الى المذهب ابن الجوزى , فهم بلاء على كل المذاهب ,
ومخالف أيضا لحكم ولىّ الأمر لأن ولى الأمر حكم أن التفويض وعدم الخوض فى المتشابهات هو المذهب المعتمد , وخالف ابن تيمية هذا الحكم فهو خارج عن الاجماع من كل طريق , وقد عبر المرسوم السلطانى أبلغ تعبير عن هذا الموقف فقال :
[وكان التقي ابن التيمية في هذه المدة قد سلط لسانَ قلمه ، ومد عنان كلمه، وتحدث في مسايل الذات والصفات ، ونص في كلامه على أمور منكرات ،
وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون،
وفاه بما يخفيه السلف الصالحون، وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام ، وانعقد على خلافه إجماع العلماء والحكام .
وأشهر من فتاويه في البلاد ما استخف به عقول العوام، فخالف في ذلك علماء عصره ، وأئمة شامه ومصره، وبعث رسائله إلى كل مكان، وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان. ولما اتصل بنا ذلك، وما سلك مريدوه من هذه المسالك، وأظهروه من هذه الاحوال وأشاعوه، وعلمنا أنه (استخف قومه فأطاعوه) حتى اتصل بنا أنهم صرحوا في حق الله سبحانه بالحرف والصوت والتجسيم ،]
3- ابن تيمية مراوغ يريد أن يثبت مذهبه ولو بالباطل , فيقر ويعترف أمام العلماء والقضاة أنه على عقيدة الامام الشافعى فى قوله [ آمنت بالله , وبما جاء عن الله على مراد الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ] وهذا هو التفويض بعينه ,
ثم بعد أن يعلن ذلك ويؤخذ عليه المواثيق والعهود والتوبة يرجع وكأن شيئا لم يكن , وهذا استخفاف بالعلماء والقضاة , واصرار على الموقف ولو على الباطل , وهذا هو الهوى , والشهوة , وحب الرياسة والزعامة , وليس الاخلاص ولا اليقين , ولا الخوف من الله تعالى , ولا العمل لمصلحة الأمة وجمع كلمتها , فهو أكبر من فرق كلمة الأمة الى اليوم ,
4- أسلوب ابن تيمية فى كتبه كلها ليس أسلوبا علميا على الاطلاق , وانما هو أسلوب المراوغة وقطع الأنفاس , رص الآيات والأحاديث الكثيرة جدا , حتى لاتدرى بأيها تستدل , وحتى تظن أنه ملتزم بالنص والأثر ,
وتطويل الكلام واللف والدوران , وجمع المسائل الكثيرة فى مكان واحد حتى لاتدرى أين أول المسألة من آخرها , وهذه كتبه تثبت ذلك ,
5- كثير من العلماء حكم بكفر ابن تيمية , ولكننا لانكفره ,ونترك أمره لله تعالى , لأن هؤلاء العلماء كانوا أقرب اليه منا وعاصروه , وعاشوا بأنفسهم فى قلب الفتن المظلمة التى أحدثها , أما نحن فليس لنا الا حبر على ورق , وهذا الحبر ملعوب فيه ,
فمعظم كتب ابن تيمية مشكوك فيها , لأن السلطان فى عصره حكم بأن عقيدة ابن تيمية ضالة وباطلة , ومنع الناس من اعتقادها , وأنذر الحنابلة بالسجن الطويل اذا لم يرجعوا عنها , فماتت عقيدته , وطويت مع الأيام , ولذلك تجد كبار العلماء بعده لم يردوا عليه ولم يذكروه فى كتبهم , لأن أفكاره ماتت فى عهدهم ,
فمن أين هذه الكتب ؟ ومن أين هذا الفكر ؟
معظمه من المستشرقين , الذين خططوا لافساد عقيدة المسلمين ,
ومن هنا نعلم وتعلم الأمة كلها :
لماذا ابن تيمية بالذات يصرون على فرضه على الأمة ؟
لأنه منحرف عن الجماعة , ولأن فكره مجال خصب للفتن , والأزمات ,
وعلى الباحث المحايد أن ينظر الى ما حدث فى العالم الاسلامى فى العصر الحديث منذ نشر وتسهيل وجود كتب ابن تيمية فى الأمة ,
6- قال المرسوم السلطانى [وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان.]
هذه الكلمة تحتاج الى بحث طويل , لأن ابن تيمية كان يسمى فتاويه بأسماء البلدان , حتى يوهم أن الناس قد تكالبوا عليه وطلبوا منه أن يكتب لهم العقيدة الصحيحة وهذا خلاف الواقع ,
وكأن الناس لم يعرفوا عقيدتهم , أو ليس عندهم عقيدة , أو ليس عندهم علماء , فكتب الواسطية , والحموية , والتدمرية , وغيرها ,
وفى هذه النقطة بالذات يقول أبو بكر الحصنى فى كتابه [ دفع شبه من شبه وتمرد :
[فأوّل شيء سلكه من المكر والخديعة أن انتمى إلى مذهب الإمام أحمد ، وشرع يطلب العلم ويتعبّد ، فمالت إليه قلوب المشايخ ، فشرعوا في إكرامه
والتوسعة عليه ، فأظهر التعفّف فزادوا في الرغبة فيه ، ثم شرع ينظر في كلام العلماء ويعلّق في مسودّاته ، حتى ظن أنه صار له قوة في التصنيف والمناظرة ، وأخذ يدوّن ويذكر أنه جاءه استفتاء من بلد كذا وليس لذلك حقيقة ، فيكتب عليها صورة الجواب ويذكر مالا ينتقد عليه ، وفي بعضها ما يمكن أن ينتقد إلاّ أنه يشير إليه على وجه التلبيس بحيث لا يقف على مراده إلاّ حاذق عالم متفنّن]
ويقول أيضا :
[وله مصنفات أخر لا يمكن أن يطّلع عليها إلاّ من تحقق أنه على عقيدته الخبيثة ولو عصر هو وأتباعه بالعاصرات لما فيها من الزيغ والقبائح النحسات .]
وما جاء فى المرسوم السلطانى يثبت هذا الكلام ويشهد على ابن تيمية بادعاء تكالب الناس من سائر البلاد لكتابة عقيدة لهم يسيرون عليها ,
ما العمل ؟
الرجوع الى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام , وجماعة المسلمين
ترك الخوض فى المتشابه , وتفويض الأمر لله تعالى فيه , واتباع المحكم وما عليه الجماعة ,
لماذا لا نقول قول الامام الشافعى , كما حكم السلطان وألزم به الناس ؟
آمنا بالله , وبما جاء عن الله على مراد الله , وآمنا برسول الله وبما جاء عن رسول الله , على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن أيبك الدواداري في حوادث عام (705هـ): لما كان يوم الإثنين 8/ رجب/ 705هـ طلب القضاة والفقهاء والشيخ تقي الدين ابن تيمية إلى مجلس الأمير جمال الدين الأفرم، نايب الشام المحروس بدمشق، وكان اجتماعهم بالقصر الأبلق. ثم سألوا الشيخ تقي الدين عن عقيدته، فأملى شيئا منها، ثم أحضر عقيدته (الواسطية) وقرئت في المجلس المذكور، وبحث فيها، وتأخر منها مواضع إلى مجلس آخر. ثم اجتمعوا يوم الجمعة، ثامن عشر الشهر المذكور، وحضر المجلس أيضا صفي الدين الهندي. وبحثوا مع الشيخ تقي الدين، وسألوه عن مواضع خارجا عن العقيدة. وجعل الشيخ صفي الدين يتكلم معه كلاما كثيرا، ثم رجعوا عنه واتفقوا أن كمال الدين ابن الزملكاني يحاققه من غير مسامحة، ورضوا بذلك الجميع، وافصل الأمر بينهم أنه أشهد على نفسه الحاضرين أنه شافعي المذهب، يعتقد ما يعتقد الإمام الشافعي ورضوا منه بهذا القول، وانصرفوا على ذلك. فعند ذلك حصل من أصحابه كلام كثير وقالوا: ظهر الحق مع شيخنا. فأحضر واحد منهم إلى عند القاضي جلال الدين الشافعي في العادلية، فصفعه وأمر بتعزيره، فشفعوا فيه. وكذلك فعل الحنفي بآخر وآخر من أصحاب الشيخ تقي الدين). ثم لما كان يوم الإثنين (22/ من الشهر) قرأ الجمال المزي المحدث، فصلا في الرد على الجهمية من كتاب (أفعال العباد) تصنيف البخاري قرأ ذلك في مجلس العام، (تحت النسر) فغضب بعض الفقهاء الحاضرين وقالوا: ما قرئ هذا الفصل إلا ونحن المقصودون بهذا التكفير. فحملوه إلى قاضي القضاة الشافعي، فرسم بحبسه، فبلغ الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) ذلك فقام حافيا في جماعة من أصحابه، وأخرج المذكور من الاعتقال. فعند ذلكاجنمع القاضي بملك الأمراء، وكذلك الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) والنقبا، واشتط تقي الدين على القاضي، وذكر نايبه جىل الدين وأنه آذى أصحابه بسبب غيبة نايب السلطان في الصيد. فلما حضر نايب السلطان رسم بطلب كل من كثر كلامه من الطائفتين، وأمر باعتقالهم، ونودي في البلد بمرسوم سلطاني: (من تكلم في العقايد حل ماله ودمه، ونهب داره وهتكت عياله) وقصد نايب السلطان بذلك إخماد الفتنة الثايرة. ثم حكى المؤلف ما جرى بعد ذلك في آخر شهر رجب ويوم (28/ شعبان) ثم قال: فلما كان خامس رمضان وصل كتاب من الأبواب العالية.....وفيه: (وعرفونا ما كان وقع في زمان جاغان في سنة (698) بسبب عقيدة ابن تيمية (وفيه إنكار عظيم عليه) وأن تكتبوا صورة العقيدتين: الأولة والثانية (كذا في الأصل). فعند ذلك طلبوا القاضي جلال الدين الحنفي وسألوه عما جرى في أيامه ? فقال: (نُقل إلي عنه كلام، وسألناه فأجاب عنه) وكذلك القاضي جلال الدين الشافعي، لما طُلب أحضر نسخة العقيدة التي كانت أحضرت في زمان أخيه. ثم إنهم تحدثوا مع ملك الأمرا في أن يكاتب بسببهم ويسد هذا الباب، فأجاب إلى ذلك. فلما كان يو السبت (10/ رمضان المعظم) وصل مملوك ملك الأمرا على البريد المنصور، وأخبر أن الطلب على الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) حثيث، وأن القاضي زين الدين ابن مخلوف المالكي قد قام في هذا الأمر قياما عظيما، وأن الأمير ركن ال ين بيبرس (الجاشنكير) معه في هذا الأمر. وأخبر بأشياء كثيرة جرت، مما وقع بمصر في حق الحنابلة، وأن بعضهم أهين، وأن القاضي المالكي والحنبلي جرى بينهم كلام كثير، فلما سمع ملك الأمرا ذلك رجع عن المكاتبة بسببهم، وأمر بتجهيزهم إلى الأبواب العالية وتوجهوا. فلما كان يو الجمعة (7/ شوال) وصل البريد، وأخبر أن كان وصول القاضي نجم الدين والشيخ تقي الدين (ابن تيمية) إلى الديار المصرية يوم الخميس (22/ رمضان المعظم) من السنة المذكورة. ولما وصل الشيخ تقي الدين في ذلك التاريخ، عُقد له مجلس في دار النيابة، بحضور الأمير سيف الدين سلّار، وأحضروا العلماء والأئمة والقضاة الأربعة، وحضر الأمير ركن الدين بيبرس. فتكلم القاضي شرف الدين ابن عدلان الشافعي، وادعى على الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) دعوى شرعية في أمر عقيدته. فعند ذلك قام الشيخ تقي الدين وحمد الله تعالى وأثنى عليه وتلجلج، ثم أراد أن يذكر الله ويذكر عقيدته في فصل طويل. فقالوا: (يا شيخ: الذي بتقوله معلوم، ولا حاجة إلى الإطالة، وأنت قد ادعى عليك هذا القاضي بدعوى شرعية، أجب عنها). فأعاد القول في التحميد، وحاد عن الجواب، فلم يُمكّن من تتمة تحاميده. فقال: عند من هي هذه الدعوى? فقالوا عند القاضي زين الدين المالكي. فقال: (عدوي وعدو مذهبي) فكرروا عليه القول مرارا، ولم يزدهم على ذلك شيئاً. وطال الأمر. فعند ذلك حكم القاضي المالكي باعتقاله على رد الجواب، فقال الشيخ: (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) فأقاموه من المجلس واعتقل وسجن أيضا إخوته في برج من أبراج القلعة. فبلغ القاضي أن جماعة من الأمرا يترددون إليه، وينفذون له المآكل الطيبة. فطلع القاضي واجتمع بالأمير ركن الدين في قضيته وقال: (هذا يجب عليه التضييق لإذا لم يقتل، وإلا فقد ثبت كفره) فنقلوه هو وإخوته ليلة عيد الفطر إلى الجب بالقلعة. ثم ذكر المؤلف ما حكم به قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة على قاضي القضاة شرف الدين الحنبلي من ضرورة تجديد إسلامه وقول شمس الدين القروي المالكي له ( قم جدد إسلامك وإلا لحقوك بابن تيمية، وأنا أحبك وأنصحك. فخجل، فلقنه القاضي بدر الدين ابن جماعة القول، فقال مثل قوله، وانفصل الحال. قال: ثم كتب إلى دمشق كتاب يتضمن أن مولانا السلطان خلد الله ملكه قد رسم: (أي من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل ماله ودمه) وبعد صلاة الجمعة حضروا القضاة جميعهم بمقصورة الخطابة بجامع دمشق، ومعهم ركن الدين بيبرس العلائي أمير حلب، حاجب الشام يوم ذاك، وجمعوا جميع الحنابلة، وأحضر تقليد قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى باستمراره على القضا وقضا العسكر ونظر الأوقاف مع زيادة المعلوم. وقرأه زين الدين أبو بكر. وقرئ عقيبه نسخة الكتاب الذي وصل فيما يتعلق بمخالفة عقيدة الشيخ تقي الدين ابن التيمية، وإزام الناس بذلك، خصوصا الحنابلة، فكان ما هذا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي تنزه عن الشبيه والنظير، وتعالى عن المثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) نحمده على أن ألهمنا العمل بالسنة والكتاب، ورفع في أيامنا أسباب الشك والارتياب. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير. وننزه الخالق عن التحيز في جهة، لقوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير). ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي نهج سبيل النجاة لمن سلك طريق مرضاته، وأمر بالتفكر في آلاء الله، ونهى عن التفكر في ذاته. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين علا بهم منار الإيمان وارتفع، وشيد الله بهم قواعد الدين الحنيفي ما شرع.، فأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع. وبعد: فإن العاقيد الشرعية، وقواعد الإسلام المرعية، وأركان الإسلام العلية، ومذاهب الدين المضية، هي الأساس الذي يبنى الإيمان عليه، والمؤمل الذي يرجع كل أحد إليه، والطريق التي من سلكها (فقد فاز فوزا عظيما) ومن زاغ عنها فقد استوجب عذابا أليما. فلهذا يجب أن تنفذ أحكامها، ويؤكد زمامها، وتصان عقائد هذه الامة عن الاختلاف ، وتزان قواعد الأيمة بالائتلاف ، وتخمد ثوائر البدع ، ويفرق من قوتها ما اجتمع . وكان التقي ابن التيمية في هذه المدة قد سلط لسانَ قلمه ، ومد عنان كلمه، وتحدث في مسايل الذات والصفات ، ونص في كلامه على أمور منكرات ، وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون، وفاه بما يخفيه السلف الصالحون، وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام ، وانعقد على خلافه إجماع العلماء والحكام . وأشهر من فتاويه في البلاد ما استخف به عقول العوام، فخالف في ذلك علماء عصره ، وأئمة شامه ومصره، وبعث رسائله إلى كل مكان، وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان. ولما اتصل بنا ذلك، وما سلك مريدوه من هذه المسالك، وأظهروه من هذه الاحوال وأشاعوه، وعلمنا أنه (استخف قومه فأطاعوه) حتى اتصل بنا أنهم صرحوا في حق الله سبحانه بالحرف والصوت والتجسيم ، قمنا في الله تعالى مستعظمين لهذا النبأ العظيم ، وأنكرنا هذه البدعة، وأنفنا أن نسمع عن من تضمه ممالكنا هذه السمعة، وكرهنا ما فاه به المبطلون ، وتلونا قوله تعالى : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) فإنه جل جلاله تنزه عن العديل والنظير (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) وتقدمت مراسمنا باستدعاء التقي ابن التيمية المذكور إلى أبوابنا عندما شاعت فتاويه شاما ومصرا ، وصرح فيها بألفاظ ما سمعها ذو فهم إلا وتلا: ( لقد جئت شيئا نكرا ). ولما وصل إلينا الجمع أولوا الحل والعقد، وذوو التحقيق والنقد، وحضر قضاة الإسلام ، وحكام الأنام ، وعلماء الدين ، وفقهاء المسلمين ، وعقد له مجلس شرع، في ملأ من الأئمة وجمع، فثبت عند ذلك عليه جميع ما نسب إليه بمقتضى خط يده، الدال على منكر ومعتقده. وانفصل ذلك الجمع وهم لعقيدته منكرون، وآخذوه بما شهد به قلمه ( ستكتب شهادتهم ويسألون ). وبلغنا أنه قد استُتيبَ مرارا فيما تقدم ، وأخره الشرع الشريف لما تعرض لذلك وأقدم ، ثم عاد بعد منعه ، ولم يدخل تلك النواهي في سمعه . ولما ثبت ذلك في مجلس الحكم العزيز المالكي، حكم الشرع الشريف بأن يسجن هذا المذكور، ويمنع من التصرف والظهور. ومرسومنا هذا بأن لا يسلك أحد ما سلكه المذكور من هذه المسالك، وينهى عن التشبيه في اعتقاد مثل ذلك، أو يغدو له في هذا القول متبعا، أو لهذه الألفاظ مستمعا، أو يسري في التشبيه مسراه، أوأن يفوه بجهة للعلو مخصصا أحدا كما فاه، أو يتحدث إنسان في صوت أو حرف، أو يوسع القول في ذات أو وصف، او يطلق لسانه بتجسيم ، أو يحيد عن الطريق المستقيم، أو يخرج عن رأي الأمة أو ينفرد عن علماء الأئمة، أو يحيز الله تعالى في جهة، أو يتعرض إلى حيث وكيف ، فليس لمعتقد هذا إلا السيف . فليقف كل واحد عند هذا الحد ، ف(لله الأمر من قبل ومن بعد) فليُلزَم كلُّ واحد من الحنابلة بالرجوع عما أنكره الأئمة من هذه العقيدة، والخروج من هذه المشتبهات الشديدة، ولزوم ما أمر الله به من التمسك بمذاهب أهل الإيمان الحميدة ، فإنه من خرج عن أمر الله تعالى (فقد ضل سواء السبيل) وليس له غيرالسجن الطويل مستقره من مقيل. ومتى أصروا على الامتناع وأبوا إلا الدفاع، فليس لهم عندنا حكم ولا قضاء ولا إمامة، ولا نسنح لهم في بلادنا بشهادة ولا منصب ولا إقامة. ونأمر بإسقاطهم من مراتبهم وإخراجهم من مناصبهم، وقد حذرنا وأعذرنا، وأنصفنا حيث أنذرنا. فليقرأ مرسومنا هذا عللا المنابر، وليكون أعظم زاجر وأعدل ناه وآمر، وليبلغ الغايب الحاضر. والخط الشريف أعلاه، حجة بمقتضاه. وكتب هذا المرسوم عدة نسخ، ونفذ إلى ساير الممالك الإسلامية. وتولى قراية هذا المرسوم الوارد بدمشق القاضي شمس الدين محمد بن شهاب الدين محمود الموقع، وبلَّغ عنه ابن صبيح المؤذن. وأحضروا الحنابلة بعد ذلك، واعترفوا عند قاضي القضاة جمال الدين المالكي بأنهم يعتقدون ما يعتقده الإمام محمد بن إدريس الشافعي وهو قوله: (آمن بالله وما جاء عن الله عن من آمن بالله، وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله عن مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى عن (كنز الدرر) للدواداري (ج9 ص133 حتى 143) ثم ذكر ابن أيبك أسباب هذه الفتنة، تحت عنوان: (ذكر السبب الموجب لهذه الفتنة) قال: وذلك أن بعض أصحاب الشيخ تقي الدين ابن التيمية أحضر للشيخ كتابا من تصانيف الشيخ محيي الدين ابن العربي يسمى (فصوص الحكم) وذلك سنة (703) فطالعه الشيخ تقي الدين فرأى فيه مسائل تخالف اعتقاده، فشرع في لعنة ابن العربي، وسب |أصحابه الذين يعتقدون اعتقاده، ثم اعتكف في شهر رمضان وصنف نقيضه وسماه (النصوص على الفصوص) وبلغه أن شيخ الشيوخ كريم الدين شيخ خانقاه سعيد السعداء بالقاهرة المحروسة له اشتغال بمصنفات ابن العربي، وأنه يعظمه تعظيما كبيرا، وكذلك الشيخ نصر المنبجي. ثم إن الشيخ تقي الدين صنف كتابين فيهما إنكار كثير على تآليف ابن العربي، ولعنه فيهما مصرحا، ولعن من يقول بقوله، وسيّر الكتاب الواحد للشيخ نصر المنبجي، والآخر للشيخ كريم الدين. فلما وقف عليه الشيخ نصر حصل عنده من ذلك أمر عظيم، وتألم له تألما بالغا، وحصل له إنكاء شديد. وكان الشيخ نصر كما تقدم من الكلام منزلته عند الأمير ركن الدين بيبرس (الجاشنكير) العالية، وأن بيبرس لا يقوم ولا يقعد إلا به في ساير حركاته. وكان ساير الحكام من القضاة والأمراء وأرباب المناصب يترددون إلى عند الشيخ نصر لأجل منزلته عند بيبرس الجاشنكير. فحضر عنده القاضي زين الدين ابن مخلوف المالكي عقيب وقوف الشيخ نصر على كتاب الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) فأوقف القاضي على الكتاب المذكور، فقال له القاضي: أوقف الأمير ركن الدين عليه وقرر معه ما أحببت وأنا معك كيف شئت. وألزم الأمير ركن الدين بطلبه إلى الديار المصرية وتسأله عن عقيدته، فقد بلغني أنه أفسد عقول جماعة كبيرة، وهو يقول بالتجسيم، وعندنا: من اعتقد هذا الاعتقاد كفر ووجب قتله. فلما حضر الأمير ركن الدين بيبرس (الجاشنكير) عند الشيخ نصر على عادته، أجرى له ذكر ابن التيمية وأمر عقيدته، وأنه أفسد عقول جماعة كبيرة، ومن جملتهم نايب الشام وأكبر الأمراء الشاميين، والمصلحة تفتضي طلبه إلى الأبواب العالية، ويطلب منه عقيدته، وتقرأ على العلماء بالديار المصرية، من المذاهب الأربعة، فإن وافقوه وإلا يستتيبوه ويرجعوه، ليرجع عن مذهبه واعتقاده ساير من لعب بعقله من الناس أجمعين. ثم ذكر له ذنوبا أخر حتى حرّض بيبرس على طلبه. ولهذا الكلام تتمة في كنز الدرر (ج9 ص144) قال في آخره: (وسيأتي ذكر بقية ما جرى لتقي الدين ابن التيمية في سنة (706) إن شاء الله تعالى
---------
(....وكان التقي ابن التيمية في هذه المدة قد سلط لسانَ قلمه ، ومد عنان كلمه، وتحدث في مسايل الذات والصفات ، ونص في كلامه على أمور منكرات ، وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون، وفاه بما يخفيه السلف الصالحون، . وأشهر من فتاويه بماأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام ، وانعقد على خلافه إجماع العلماء والحكام في البلاد ما استخف به عقول العوام، فخالف في ذلك علماء عصره ، وأئمة شامه ومصره وبعث رسائله إلى كل مكان، وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان.
أي أن أهل السنةكلهم متفقون على تضليل ابن تيمية..
-------------------------
نص مرسوم السلطان بعاليه:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي تنزه عن الشبيه والنظير، وتعالى عن المثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) نحمده على أن ألهمنا العمل بالسنة والكتاب، ورفع في أيامنا أسباب الشك والارتياب. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير. وننزه الخالق عن التحيز في جهة، لقوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير). ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي نهج سبيل النجاة لمن سلك طريق مرضاته، وأمر بالتفكر في آلاء الله، ونهى عن التفكر في ذاته. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين علا بهم منار الإيمان وارتفع، وشيد الله بهم قواعد الدين الحنيفي ما شرع.، فأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع. وبعد:
فإن العاقيد الشرعية، وقواعد الإسلام المرعية، وأركان الإسلام العلية، ومذاهب الدين المضية، هي الأساس الذي يبنى الإيمان عليه، والمؤمل الذي يرجع كل أحد إليه، والطريق التي من سلكها (فقد فاز فوزا عظيما) ومن زاغ عنها فقد استوجب عذابا أليما. فلهذا يجب أن تنفذ أحكامها، ويؤكد زمامها، وتصان عقائد هذه الامة عن الاختلاف ، وتزان قواعد الأيمة بالائتلاف ، وتخمد ثوائر البدع ، ويفرق من قوتها ما اجتمع .
وكان التقي ابن التيمية في هذه المدة قد سلط لسانَ قلمه ، ومد عنان كلمه، وتحدث في مسايل الذات والصفات ، ونص في كلامه على أمور منكرات ، وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون، وفاه بما يخفيه السلف الصالحون، وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام ، وانعقد على خلافه إجماع العلماء والحكام . وأشهر من فتاويه في البلاد ما استخف به عقول العوام، فخالف في ذلك علماء عصره ، وأئمة شامه ومصره، وبعث رسائله إلى كل مكان، وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان.
ولما اتصل بنا ذلك، وما سلك مريدوه من هذه المسالك، وأظهروه من هذه الاحوال وأشاعوه، وعلمنا أنه (استخف قومه فأطاعوه) حتى اتصل بنا أنهم صرحوا في حق الله سبحانه بالحرف والصوت والتجسيم = قمنا في الله تعالى مستعظمين لهذا النبأ العظيم ، وأنكرنا هذه البدعة، وأنفنا أن نسمع عن من تضمه ممالكنا هذه السمعة، وكرهنا ما فاه به المبطلون ، وتلونا قوله تعالى : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) فإنه جل جلاله تنزه عن العديل والنظير (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير).
وتقدمت مراسمنا باستدعاء التقي ابن التيمية المذكور إلى أبوابنا عندما شاعت فتاويه شاما ومصرا ، وصرح فيها بألفاظ ما سمعها ذو فهم إلا وتلا: ( لقد جئت شيئا نكرا ). ولما وصل إلينا الجمع أولوا الحل والعقد، وذوو التحقيق والنقد، وحضر قضاة الإسلام ، وحكام الأنام ، وعلماء الدين ، وفقهاء المسلمين ، وعقد له مجلس شرع، في ملأ من الأئمة وجمع، فثبت عند ذلك عليه جميع ما نسب إليه بمقتضى خط يده، الدال على منكر ومعتقده. وانفصل ذلك الجمع وهم لعقيدته منكرون، وآخذوه بما شهد به قلمه ( ستكتب شهادتهم ويسألون ).
وبلغنا أنه قد استُتيبَ مرارا فيما تقدم ، وأخره الشرع الشريف لما تعرض لذلك وأقدم ، ثم عاد بعد منعه ، ولم يدخل تلك النواهي في سمعه . ولما ثبت ذلك في مجلس الحكم العزيز المالكي، حكم الشرع الشريف بأن يسجن هذا المذكور، ويمنع من التصرف والظهور. ومرسومنا هذا بأن لا يسلك أحد ما سلكه المذكور من هذه المسالك، وينهى عن التشبيه في اعتقاد مثل ذلك، أو يغدو له في هذا القول متبعا، أو لهذه الألفاظ مستمعا، أو يسري في التشبيه مسراه، أوأن يفوه بجهة للعلو مخصصا أحدا كما فاه، أو يتحدث إنسان في صوت أو حرف، أو يوسع القول في ذات أو وصف، او يطلق لسانه بتجسيم ، أو يحيد عن الطريق المستقيم، أو يخرج عن رأي الأمة أو ينفرد عن علماء الأئمة، أو يحيز الله تعالى في جهة، أو يتعرض إلى حيث وكيف = فليس لمعتقد هذا إلا السيف . فليقف كل واحد عند هذا الحد ، ف(لله الأمر من قبل ومن بعد) فليُلزَم كلُّ واحد من الحنابلة بالرجوع عما أنكره الأئمة من هذه العقيدة، والخروج من هذه المشتبهات الشديدة، ولزوم ما أمر الله به من التمسك بمذاهب أهل الإيمان الحميدة ، فإنه من خرج عن أمر الله تعالى (فقد ضل سواء السبيل) وليس له غيرالسجن الطويل مستقره من مقيل. ومتى أصروا على الامتناع وأبوا إلا الدفاع، فليس لهم عندنا حكم ولا قضاء ولا إمامة، ولا نسنح لهم في بلادنا بشهادة ولا منصب ولا إقامة. ونأمر بإسقاطهم من مراتبهم وإخراجهم من مناصبهم، وقد حذرنا وأعذرنا، وأنصفنا حيث أنذرنا. فليقرأ مرسومنا هذا على المنابر، وليكون أعظم زاجر وأعدل ناه وآمر، وليبلغ الغايب الحاضر. والخط الشريف أعلاه، حجة بمقتضاه.
وكتب هذا المرسوم عدة نسخ، ونفذ إلى ساير الممالك الإسلامية. وتولى قراية هذا المرسوم الوارد بدمشق القاضي شمس الدين محمد بن شهاب الدين محمود الموقع، وبلَّغ عنه ابن صبيح المؤذن. وأحضروا الحنابلة بعد ذلك، واعترفوا عند قاضي القضاة جمال الدين المالكي بأنهم يعتقدون ما يعتقده الإمام محمد بن إدريس الشافعي وهو قوله: (آمن بالله وما جاء عن الله عن من آمن بالله، وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله عن مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى
عن (كنز الدرر) للدواداري (ج9 ص133 حتى 143)
أن مولانا السلطان قد رسم: (أن من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل ماله ودمه)
محاكمة ابن تيمية ونص المرسوم السلطاني بتحريم عقيدته
قال ابن أيبك الدواداري في حوادث عام (705هـ):
[ لما كان يوم الإثنين ثامن شهر رجب الفرد/ 705هـ طلب القضاة والفقهاء والشيخ تقي الدين ابن تيمية إلى مجلس الأمير جمال الدين الأفرم، نايب الشام المحروس بدمشق، وكان اجتماعهم بالقصر الأبلق. ثم سألوا الشيخ تقي الدين عن عقيدته، فأملى شيئا منها، ثم أحضر عقيدته (الواسطية) وقريت في المجلس المذكور، وبحث فيها، وتأخر منها مواضع إلى مجلس آخر. ثم اجتمعوا يوم الجمعة، ثامن عشر الشهر المذكور،
وحضر المجلس أيضا صفي الدين الهندي. وبحثوا مع الشيخ تقي الدين، وسألوه عن مواضع خارجا عن العقيدة. وجعل الشيخ صفي الدين يتكلم معه كلاما كثيرا، ثم رجعوا عنه واتفقوا أن كمال الدين ابن الزملكاني يحاققه من غير مسامحة، ورضوا بذلك الجميع، وافصل الأمر بينهم أنه أشهد على نفسه الحاضرين أنه شافعيالمذهب، يعتقد ما يعتقد الإمام الشافعيورضوا منه بهذا القول، وانصرفواعلى ذلك.
فعند ذلك حصل من أصحابه كلام كثير وقالوا: ظهر الحق مع شيخنا.
[ لاحظ أخى : نفس الكذب والتدليس الممتد فيهم عبر الأجيال ]
فأحضر واحد منهم إلى عند القاضي جلال الدين الشافعي في العادلية، فصفعه وأمر بتعزيره، فشفعوا فيه. وكذلك فعل الحنفي بآخر وآخر من أصحاب الشيخ تقي الدين).
ثم لما كان يوم الإثنين (22/ من الشهر) قرأ الجمال المزي المحدث، فصلا في الرد على الجهمية من كتاب(أفعال العباد) تصنيف البخاري قرأ ذلك في مجلس العام، (تحت النسر) فغضب بعض الفقهاء الحاضرين وقالوا: ما قرئ هذا الفصل إلا ونحن المقصودون بهذا التكفير. فحملوه إلى قاضي القضاة الشافعي، فرسم بحبسه، فبلغ الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) ذلك فقام حافيا في جماعة من أصحابه، وأخرج المذكور من الاعتقال. فعند ذلك اجتمع القاضي بملك الأمراء، وكذلك الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) والنقبا، واشتط تقي الدين على القاضي، وذكر نايبه جمال الدين وأنه آذى أصحابه بسبب غيبة نايب السلطان في الصيد. فلما حضر نايب السلطان رسم بطلب كل من كثر كلامه من الطائفتين، وأمر باعتقالهم، ونودي في البلد بمرسوم سلطاني:
(من تكلم في العقايد حل ماله ودمه، ونهب داره وهتكت عياله) وقصد نايب السلطان بذلك إخماد الفتنة الثايرة.
فلما كان ثامن عشرين شهر شعبانالمكرم , وصل بريد من الأبواب العالية أعلاها الله تعالى , وعلى يده كتابين , كتاب لملك الأمرا وكتاب للقاضى نجم الدين بعودته الى الحكم العزيز , ومضمون الكتاب فى فصل منه يقول [ قد فرحنا باجتماع رأى العلما على عقيدة الشيخ تقى الدين ]
[ لاحظ أخى أن السلطان فرح باجتماع رأى العلماء على أن عقيدة ابن تيمية باطلة لاتصح ومن اعتقدها حل دمه وماله , كما تقدم ]
فلما كان خامس رمضان وصل كتاب من الأبواب العالية..بريد , وهو الأمير حسام الدين لاجين العمرى , بطلب القاضى نجم الدين بن صصرى , والشيخ تقى الدين بن التيمية , وكمال الدين بن الزملكانى و فى المرسوم الوارد يقول [وتعرفونا ما وقع فى زمن جاغان .فى سنة ثمان وتسعين وست ماية , بسبب عقيدة بن التيمية , ...
(وفيه إنكار عظيم عليه) وأن تكتبوا صورة العقيدتين: الأولة والثانية
. فعند ذلك طلبوا القاضي جلال الدين الحنفي وسألوه عما جرى في أيامه ? فقال: (نُقل إلي عنه كلام، وسألناه فأجاب عنه) وكذلك القاضي جلال الدين الشافعي، لما طُلب أحضر نسخة العقيدة التي كانت أحضرت في زمان أخيه. ثم إنهم تحدثوا مع ملك الأمرا في أن يكاتببسببهم ويسد هذا الباب، فأجاب إلى ذلك.
فلما كان يو السبت (10/ رمضان المعظم) وصل مملوك ملك الأمرا على البريد المنصور، وأخبر أن الطلب على الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) حثيث، وأن القاضي زين الدين ابن مخلوف المالكي قد قام في هذا الأمر قياما عظيما،
وأن الأمير ركن الد ين بيبرس (الجاشنكير) معه في هذا الأمر. وأخبر بأشياء كثيرة جرت، مما وقع بمصر في حق الحنابلة، وأن بعضهم أهين، وأن القاضي المالكي والحنبلي جرى بينهم كلام كثير، فلما سمع ملك الأمرا ذلك رجع عن المكاتبة بسببهم، وأمر بتجهيزهم إلى الأبواب العالية وتوجهوا.
فلما كان يو الجمعة (7/ شوال) وصل البريد، وأخبر أن كان وصول القاضي نجم الدين والشيخ تقي الدين (ابن تيمية) إلى الديار المصرية يوم الخميس (22/ رمضان المعظم) من السنة المذكورة.
ذكر ما جرى للشيخ تقى الدين بمصر المحروسة :
ذلك أنه لما وصل في ذلك التاريخ، عُقد له مجلس في دار النيابة، بحضور الأمير سيف الدين سلّار، وأحضروا العلماء والأئمة والقضاة الأربعة، وحضر الأمير ركن الدين بيبرس. فتكلم القاضي شرف الدين ابن عدلان الشافعي، وادعى على الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) دعوى شرعية في أمر عقيدته.
فعند ذلك قام الشيخ تقي الدين وحمد الله تعالى وأثنى عليه وتلجلج،
[ لماذا تلجلج ابن تيمية ؟ سبحان الله ]
ثم أراد أن يذكر الله ويذكر عقيدته في فصل طويل. فقالوا: (يا شيخ: الذي بتقوله معلوم، ولا حاجة إلى الإطالة، وأنت قد ادعى عليك هذا القاضي بدعوى شرعية، أجب عنها).
فأعاد القول في التحميد، وحاد عن الجواب،
[ لماذا حاد عن الجواب ] ؟
فلم يُمكّن من تتمة تحاميده. فقال: عند من هي هذه الدعوى? فقالوا عند القاضي زين الدين المالكي. فقال(عدوي وعدو مذهبي) فكرروا عليه القول مرارا، ولم يزدهم على ذلك شيئاً.
[لاحظ أخى الكريم مقدار الدهاء والتلون من ابن تيمية , يريد أن يطيل فى خطبته ويذكر ما يشاء من أفانين الكلام حتى يدخل الحاضرين فى متاهات فلا يدرون عن أى شيء يردون , وهذا نفس ما هو موجود فى كتبه كلها , يذكر كل المواضيع فى كل كتاب بل يذكر فى المسألة الواحدة عشرات المسائل فلا تدرى أول الكلام من آخره , وهذا أسلوب المراوغين وليس أسلوب العلماء ,
وأنت ترى أن علماء عصره يفهمونه جيدا ,’ فقد حاصروه وطلبوا منه أن يحدد كلامه فرفض وحاد عن الجواب وادعى أنه مظلوم , وأن القاضى الذى ينظر أمره من أعدائه وأعداء مذهبه فالموضوع –مذهب-]
وطال الأمر. فعند ذلك حكم القاضي المالكي باعتقاله على رد الجواب، فقال الشيخ: (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) فأقاموه من المجلس واعتقل وسجن أيضا إخوته في برج من أبراج القلعة. فبلغ القاضي أن جماعة من الأمرا يترددون إليه، وينفذون له المآكل الطيبة
. فطلع القاضي واجتمع بالأمير ركن الدين في قضيته وقال: (هذا يجب عليه التضييق إذا لم يقتل، وإلا فقد ثبت كفره)
[ تأمل فى هذا الحكم من القاضى أيها الأخ الكريم , فكيف تقلد من ثبت كفره بحكم قضاة عصره ؟ ]
فنقلوه هو وإخوته ليلة عيد الفطر إلى الجب بالقلعة.
وكان بعد قيام ابن التيمية من المجلس , قد تكلم قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة رحمه الله فى مسايل القرآن العظيم , وشيء من عقيدة الامام الشافعى رضى الله عنه , فقيل لقاضى القضاة الحنفى : ما تقول ؟ قال : كذا أعتقد , فقيل لقاضى القضاة شرف الدين الحنبلى : ما تقول ؟ فتلجلج ,
فقال له الشيخ شمس الدين القروي المالكي له ( قم جدد إسلامك وإلا لحقوك بابن تيمية، وأنا أحبك وأنصحك.] فخجل، فلقنه القاضي بدر الدين ابن جماعة القول، فقال مثل قوله،
وانفصل الحال. قال: ثم كتب إلى دمشق كتاب يتضمن أن مولانا السلطان خلد الله ملكه قد رسم: (أن من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل ماله ودمه)
وبعد صلاة الجمعة حضروا القضاة جميعهم بمقصورة الخطابة بجامع دمشق، ومعهم الأمير ركن الدين بيبرس العلائي أمير حلب، حاجب الشام يوم ذاك، وجمعوا جميع الحنابلة، وأحضر تقليد قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى باستمراره على القضا وقضا العسكر ونظر الأوقاف مع زيادة المعلوم. وقرأه زين الدين أبو بكر. وقرئ عقيبه نسخة الكتاب الذي وصل فيما يتعلق بمخالفة عقيدة الشيخ تقي الدين ابن التيمية، وإلزام الناس بذلك، خصوصا الحنابلة، فكان ما هذا نسخته:
نسخة المرسوم الشريف فى عقيدة ابن تيمية:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تنزه عن الشبيه والنظير، وتعالى عن المثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) نحمده على أن ألهمنا العمل بالسنة والكتاب، ورفع في أيامنا أسباب الشك والارتياب.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير. وننزه الخالق عن التحيز في جهة، لقوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير).
ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي نهج سبيل النجاة لمن سلك طريق مرضاته، وأمر بالتفكر في آلاء الله، ونهى عن التفكر في ذاته. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين علا بهم منار الإيمان وارتفع، وشيد الله بهم قواعد الدين الحنيفي ما شرع.، فأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع. وبعد:
فإن العقايد الشرعية، وقواعد الإسلام المرعية، وأركان الإسلام العلية، ومذاهب الدين المضية، هي الأساس الذي يبنى الإيمان عليه، والمؤمل الذي يرجع كل أحد إليه، والطريق التي من سلكها (فقد فاز فوزا عظيما) ومن زاغ عنها فقد استوجب عذابا أليما. فلهذا يجب أن تنفذ أحكامها، ويؤكد زمامها، وتصان عقائد هذه الامة عن الاختلاف ، وتزان قواعد الأيمة بالائتلاف ، وتخمد ثوائر البدع ، ويفرق من قوتها ما اجتمع .
وكان التقي ابن التيمية في هذه المدة قدسلط لسانَ قلمه ، ومد عنان كلمه، وتحدث في مسايل الذات والصفات ، ونص في كلامه على أمور منكرات ،
وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون،
وفاه بما يخفيه السلف الصالحون، وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام ، وانعقد على خلافه إجماع العلماء والحكام .
وأشهر من فتاويه في البلاد ما استخف به عقول العوام، فخالف في ذلك علماء عصره ، وأئمة شامه ومصره، وبعث رسائله إلى كل مكان، وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان. ولما اتصل بنا ذلك، وما سلك مريدوه من هذه المسالك، وأظهروه من هذه الاحوال وأشاعوه، وعلمنا أنه (استخف قومه فأطاعوه) حتى اتصل بنا أنهم صرحوا في حق الله سبحانه بالحرف والصوت والتجسيم ،
قمنا في الله تعالى مستعظمين لهذا النبأ العظيم ، وأنكرنا هذه البدعة، وأنفنا أن نسمع عن من تضمه ممالكنا هذه السمعة، وكرهنا ما فاه به المبطلون ، وتلونا قوله تعالى : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون )
فإنه جل جلاله تنزه عن العديل والنظير (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) وتقدمت مراسمنا باستدعاء التقي ابن التيميةالمذكور إلى أبوابنا عندما شاعت فتاويه شاما ومصرا ، وصرح فيها بألفاظ ما سمعها ذو فهم إلا وتلا: ( لقد جئت شيئا نكرا ).
ولما وصل إلينا الجمع أولوا الحل والعقد، وذوو التحقيق والنقد، وحضر قضاة الإسلام ، وحكام الأنام ، وعلماء الدين ، وفقهاء المسلمين ، وعقد له مجلس شرع، في ملأ من الأئمة وجمع، فثبت عند ذلك عليه جميع ما نسب إليه بمقتضى خط يده،الدال على معتقده. وانفصل ذلك الجمع وهم لعقيدته منكرون، وآخذوه بما شهد به قلمه عليه ( ستكتب شهادتهم ويسألون ).
وبلغنا أنه قد استُتيبَ مرارا فيما تقدم ، وأخره الشرع الشريف لما تعرض لذلك وأقدم ، ثم عاد بعد منعه ، ولم يدخل تلك النواهي في سمعه . ولما ثبت ذلك في مجلس الحكم العزيز المالكي، حكم الشرع الشريف بأن يسجن هذا المذكور، ويمنع من التصرف والظهور.
ومرسومنا هذا بأن لا يسلك أحد ما سلكه المذكورمن هذه المسالك، وينهى عن التشبيه في اعتقاد مثل ذلك، أو يغدو له في هذا القول متبعا، أو لهذه الألفاظ مستمعا، أو يسري في التشبيه مسراه، أوأن يفوه بجهة للعلو مخصصا أحدا كما فاه، أو يتحدث إنسان في صوت أو حرف، أو يوسع القول في ذات أو وصف، او يطلق لسانه بتجسيم ، أو يحيد عن الطريق المستقيم، أو يخرج عن رأي الأمة أو ينفرد عن علماء الأئمة، أو يحيز الله تعالى في جهة، أو يتعرض إلى حيث وكيف ، فليس لمعتقد هذا إلا السيف .
فليقف كل واحد عند هذا الحد ، ف(لله الأمر من قبل ومن بعد( فليُلزَم كلُّ واحد من الحنابلة بالرجوع عما أنكره الأئمة من هذه العقيدة، والخروج من هذه المشتبهات الشديدة، ولزوم ما أمر الله به من التمسك بمذاهب أهل الإيمان الحميدة ، فإنه من خرج عن أمر الله تعالى (فقد ضل سواء السبيل) وليس له منا غيرالسجن الطويل من مقيل.
ومتى أصروا على الامتناع وأبوا إلا الدفاع، فليس لهم عندنا حكم ولا قضاء ولا إمامة، ولا نسنح لهم في بلادنا بشهادة ولا منصب ولا إقامة.
ونأمر بإسقاطهم من مراتبهم وإخراجهم من مناصبهم، وقد حذرنا وأعذرنا، وأنصفنا حيث أنذرنا
. فليقرأ مرسومنا هذا على المنابر، وليكون أعظم زاجر وأعدل ناه وآمر، وليبلغ الغايب الحاضر.
والخط الشريف أعلاه، حجة بمقتضاه.
وكتب هذا المرسوم عدة نسخ، ونفذ إلى ساير الممالك الإسلامية. وتولى قراية هذا المرسوم الوارد بدمشق القاضي شمس الدين محمد بن شهاب الدين محمود الموقع، وبلَّغ عنه ابن صبيح المؤذن.
وأحضروا الحنابلة بعد ذلك،واعترفوا عند قاضي القضاة جمال الدين المالكي بأنهم يعتقدون ما يعتقده الإمام محمد بن إدريس الشافعي وهو قوله: (آمنت بالله وما جاء عن الله عن من آمن بالله، وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله عن مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انتهى عن (كنز الدرر) للدواداري (ج9 ص133 حتى 143)
من كتاب [ كنز الدرر وجامع الغرر ] لمؤلفه
أبو بكر عبد الله بن أيبك الدوادارى
وهو موجود على موقع [ مركز داود للمخطوطات ] طبعة القاهرة 1982
مطبعة لجنة التأليف والترجة والنشر
كنز الدرر وجامع الغرر-9 مجلدات
معلومات الكتاب:
رقم الكتاب: 1337
عنوان الكتاب: كنز الدرر وجامع الغرر-9 مجلدات
المؤلف: ابن أيبك الدواداري
وصف الكتاب:
الجزء الأول : الدرة العليا في اخبار بدء الدنيا تحقيق : بيرند راتكه القاهرة 1402هـ / 1982م. الجزء الثاني : الدرة اليتيمة في أخبار الأمم القديمة تحقيق : إدوارد بدين بيروت 1414هـ / 1994م. الجزء الثالث : الدر الثمين في أخبار سيد المرسلين و الخلفاء الراشدين تحقيق :محمد السعيد جمال الدين 1402هـ / 1981م. الجزء الرابع : الدرة السمية في أخبار الدولة الأموية تحقيق :جونهيلد جراف و إريكا جلاسن بيروت 1415هـ / 1994م. الجزء الخامس : الدرة السنية في أخبار الدولة العباسية تحقيق :دوروتيا كرافولسكي بيروت 1413هـ / 1992م. الجزء السادس : الدرة المضية في أخبار الدولة الفاطمية تحقيق : صلاح الدين المنجد 1380هـ / 1961م. الجزء السابع : الدر المطلوب في أخبار ملوك بني أيوب تحقيق : سعيد عبد الفتاح عاشور القاهرة 1391هـ / 1972م. الجزء الثامن : الدرة الزكية في أخبار الدولة التركية تحقيق : أولرخ هارمان القاهرة 1391هـ / 1971م. الجزء التاسع : الدر الفاخر في سيرة الملك الناصر تحقيق : هانس روبرت رويمر
شوهد: 5127 مرة
تاريخ الإضافة: 25 / ذو القعدة / 1428 هـ الموافق 4 / ديسمبر / 2007 م
http://wadod.net/book****f/book/578 (http://wadod.net/book****f/book/578)
أبو بكر بن عبد الله بن أيبك الدوإداري (مولده ووفاته : غير معروف) مؤرخ مصري مملوكي نشأ وعاش في حارة الباطلية بالقاهرة. كان جده " ابن أيبك صاحب صرخد " (ت 645هـ)، ووالده " عبد الله بن أيبك " (ت 713هـ)، وهو ذاته على اتصال بأكابر الأيوبيين والمماليك وشهود عيان لكثير من الحوادث خلال حقبة زمنية تمتد من أوائل القرن السابع حتى منتصف القرن الثامن للهجرة. وهي حقبة ذات أهمية تاريخية كبرى شهدت صراعات بني أيوب الداخلية وزوال دولتهم وبزوغ نجم الدولة المملوكية. من أهم مؤلفاته " كنز الدُرر وجامع الغُرر " و" درر التيجان وغرر تواريخ الزمان ". ويعد الكتاب الأول من أهم ما كتب عن العصرين الأيوبي والمملوكي نظراً لمعايشة ابن أيبك الدوإداري لكثير من وقائع وأحداث العصرين من جهة، ونظراً لأنه عاش في فترة سابقة لكبار المؤرخين من أمثال " المقريزي " وابن تغري " و" ابن إياس ".
1 أصله ونشأته
2 مكانته وإسلوبه
3 كنز الدُرر وجامع الغُرر
4 مؤلفاته
5 فهرس وملحوظات
6 المصادر والمراجع
[/URL]
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%...A7%D8%B1%D9%8A (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%25...A7%D8%B1%D9%8A)
[وأفصل الأمر بينهم أنه أشهد على نفسه الحاضرين [U]أنه شافعي المذهب، يعتقد ما يعتقد الإمام الشافعي رضى الله عنه,ورضوا منه بهذا القول، وانصرفواعلى ذلك.
فعند ذلك حصل من أصحابه كلام كثير وقالوا: ظهر الحق مع شيخنا.
فأحضر واحد منهم إلى عند القاضي جلال الدين الشافعي في العادلية، فصفعه وأمر بتعزيره، فشفعوا فيه. وكذلك فعل الحنفي بآخر وآخر من أصحاب الشيخ تقي الدين].
تعقيب وبيان:
فى هذا الكلام بيان واضح أن الاجتماع مع ابن تيمية انفض على أساس أنه شافعى المذهب , وأشهد الحاضرين على ذلك ,
والمقصود بالمذهب هنا ليس المذهب الفقهى , وانما المذهب العقدى , أى أنه على عقيدة الشافعى , لأن ابن تيمية حنبلى فى المذهب الفقهى ,
وبهذا يتضح أنه أقر على نفسه فى الفقه أنه حنبلى , وفى العقيدة أنه شافعى
والسؤال :
من أين جاءت دعوة الغاء المذاهب , والأخذ من الكتاب والسنة مباشرة ؟ من أين جاء هذا الهجوم الكاسح على المذاهب الأربعة واعتبار أن تقليدها من الشرك ؟ لأنه على حسب زعمهم [ تقديم لآراء الرجال على الكتاب والسنة ] وهذا كلام جاهل وباطل ,
ولكن المقصود هنا من أين جاءت هذه الدعوة ؟ اذا كان هذا حال شيخهم ابن تيمية ؟ أم أن هناك أيادى خفية تلعب فى هذا الموضوع ؟ وتعمل فى الخفاء على هدم صروح العلم الشامخة , ؟ لتخريج أجيال منقطعة تافهة , لاعلم لها ولا فقه ولا أصل !!
ولكن للأسف لم يلتزم ابن تيمية بما أشهد عليه نفسه , فلم يلتزم عقيدة الشافعى بدليل ما جاء فى المرسوم السلطانى :
[وبلغنا أنه قد استُتيبَ مرارا فيما تقدم ، وأخره الشرع الشريف لما تعرض لذلك وأقدم ، ثم عاد بعد منعه ، ولم يدخل تلك النواهي في سمعه]
وهذا يدل على طبع ونفسية ابن تيمية , التوبة الظاهرية , والتلفظ بألفاظ تريح السامعين , حتى يتخلص من الموقف الذى وقع فيه , ثم يرجع وكأن شيئا لم يكن , وكان القضاة يصدقونه فى ظاهر ألفاظه , فيؤخرونه حتى يرجع ويلتزم بتوبته , ولكنه لايلتزم فيعود مرارا , ولا يعير أى اهتمام لما قطعه على نفسه ,
وهذا يدل على أنه يصر على نشر مذهبه بأى وسيلة ,
وأن الدافع الى نشر مذهبه ليس الاخلاص للدين , ولا الرغبة فى تصحيح عقيدة المسلمين وانما الرغبة فى الإمامة , والزعامة , والرياسة ,فقط لاغير ,
ومن هذا الكلام أيضا يتبين موقف وطبيعة أتباعه
فعندما ألزمه العلماء الحجة , والتزم أمامهم أنه شافعى العقيدة , فلما خرج أعلن أتباعه أن الحق مع شيخهم , وأنه انتصر على الفقهاء والقضاة , وهذا يدل على شيء فى النفس , وأن العمل ليس لله تعالى , وانما للمكانة , والزعامة , والرياسة , وعدم التفريط فى المنصب الدنيوى الرخيص
والدليل :كلام السلطان :
[فليقف كل واحدعند هذا الحد ، ف(لله الأمر من قبل ومن بعد) فليُلزَم كلُّ واحد من الحنابلة بالرجوع عما أنكره الأئمة من هذه العقيدة، والخروج من هذه المشتبهات الشديدة، ولزوم ما أمر الله به من التمسك بمذاهب أهل الإيمان الحميدة ، فإنه من خرج عن أمر الله تعالى (فقد ضل سواء السبيل) وليس له منا غيرالسجن الطويل من مقيل.
ومتى أصروا على الامتناع وأبوا إلا الدفاع، فليس لهم عندنا حكم ولا قضاء ولا إمامة، ولا نسنح لهم في بلادنا بشهادة ولا منصب ولا إقامة.
ونأمر بإسقاطهم من مراتبهم وإخراجهم من مناصبهم، وقد حذرنا وأعذرنا، وأنصفنا حيث أنذرنا]
فقد أنذرهم بسحب مناصبهم , وقطع روتبهم , واسقاط شهاداتهم , والزامهم السجن الطويل , أو طردهم من البلاد ,
وهذا هو ما يحدث اليوم ,
أموال طائلة , وكتب , ومطابع , ومناصب , وجامعات , ورسالات علمية ,وفضائيات, كل هذا قائم على فكر ابن تيمية ,
طالما أنك تمدح , وتنشر هذا الفكر فأنت من المرضى عنهم ,
واذا انتقدت سحبت منك كل المزايا والمناصب , هذا الفكر الذى حرمه السلطان , والقضاة , وأهل الحل والعقد فى الأمة , وأجمع الفقهاء وعلماء الأمة أنه فكر منحرف مخالف لنهج السلف ,
ينشرونه فى الأمة , ويسحبون الأمة اليه , ويغلفونه فى أثواب براقة لامعة تخطف الأبصار ,
نفس ما كان يحدث الآن
اذا جادلت أحدهم فلابد أن يعلن أنه انتصر عليك , وهزمك , وانه على الحق , وأنت على الباطل , هو على السلف وأنت على البدعة والضلالة ,
لماذا هذا التزييف ؟
لماذا هذا التحريف ؟
لماذا هذا الفكر بالذات ؟
لماذا ابن تيمية بالذات ؟
ما المقصود ؟ ومن وراء هذا الفكر ؟
خلاصة الموضوع
1- أن عقيدة ابن تيمية باطلة , ولايجوز اعتقادها وعبادة الله تعالى على أساسها , لأن من يتعبد الله تعالى على أساس هذه العقيدة الظاهرية الحرفية فحتما ولابد أن يتخيل الله تعالى جالسا على العرش وله يدين أو أيدى كثيرة
قال تعالى [ يد الله فوق أيديهم ] [ لما خلقت بيدى ] [ مما عملت أيدينا ] فلا يدرى أيها ينسبه الى الله تعالى على الظاهر والحقيقة , فيقع فى المحظور ,
[ ولتصنع على عينى [ [ تجرى بأعيننا ] فلا يدرى أهى عين أم أعين ؟
[ أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا ] [ انما أمرنا لشيء اذا أردناه أن نقول له كن فيكون ] فلا يدرى ماذا يفعل ؟ هل يثبت الخلق باليد أم بالأمر بلا يد ولا معالجة , ولا حاجة , ؟ تعالى الله عن الحاجات والمعالجات
فالاله الذى يتكلم عنه ابن تيمية ليس هو الله رب العالمين المنزه المقدس عن أوهام البشر وخيالات البشر وقد عبر المرسوم السلطانى عن هذا فقال :
[ومرسومنا هذا بأن لا يسلك أحد ما سلكه المذكور من هذه المسالك، وينهى عن التشبيه في اعتقاد مثل ذلك، أو يغدو له في هذا القول متبعا، أو لهذه الألفاظ مستمعا، أو يسري في التشبيه مسراه، أوأن يفوه بجهة للعلو مخصصا أحدا كما فاه، أو يتحدث إنسان في صوت أو حرف، أو يوسع القول في ذات أو وصف، او يطلق لسانه بتجسيم ، أو يحيد عن الطريق المستقيم، أو يخرج عن رأي الأمة أو ينفرد عن علماء الأئمة، أو يحيز الله تعالى في جهة، أو يتعرض إلى حيث وكيف ، فليس لمعتقد هذا إلا السيف .
فليقف كل واحد عند هذا الحد ، ف(لله الأمر من قبل ومن بعد)]
2- ابن تيمية مخالف للاجماع , فقد أجمع العلماء من جميع المذاهب أن ابن تيمية مخالف لما عليه السلف الصالح , ولما أجمعت عليه الأمة طوال تاريخها , الا فئة شاذة من غلاة الحنابلة ابتلى بهم الامام أحمد ونفى نسبتهم الى المذهب ابن الجوزى , فهم بلاء على كل المذاهب ,
ومخالف أيضا لحكم ولىّ الأمر لأن ولى الأمر حكم أن التفويض وعدم الخوض فى المتشابهات هو المذهب المعتمد , وخالف ابن تيمية هذا الحكم فهو خارج عن الاجماع من كل طريق , وقد عبر المرسوم السلطانى أبلغ تعبير عن هذا الموقف فقال :
[وكان التقي ابن التيمية في هذه المدة قد سلط لسانَ قلمه ، ومد عنان كلمه، وتحدث في مسايل الذات والصفات ، ونص في كلامه على أمور منكرات ،
وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون،
وفاه بما يخفيه السلف الصالحون، وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام ، وانعقد على خلافه إجماع العلماء والحكام .
وأشهر من فتاويه في البلاد ما استخف به عقول العوام، فخالف في ذلك علماء عصره ، وأئمة شامه ومصره، وبعث رسائله إلى كل مكان، وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان. ولما اتصل بنا ذلك، وما سلك مريدوه من هذه المسالك، وأظهروه من هذه الاحوال وأشاعوه، وعلمنا أنه (استخف قومه فأطاعوه) حتى اتصل بنا أنهم صرحوا في حق الله سبحانه بالحرف والصوت والتجسيم ،]
3- ابن تيمية مراوغ يريد أن يثبت مذهبه ولو بالباطل , فيقر ويعترف أمام العلماء والقضاة أنه على عقيدة الامام الشافعى فى قوله [ آمنت بالله , وبما جاء عن الله على مراد الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ] وهذا هو التفويض بعينه ,
ثم بعد أن يعلن ذلك ويؤخذ عليه المواثيق والعهود والتوبة يرجع وكأن شيئا لم يكن , وهذا استخفاف بالعلماء والقضاة , واصرار على الموقف ولو على الباطل , وهذا هو الهوى , والشهوة , وحب الرياسة والزعامة , وليس الاخلاص ولا اليقين , ولا الخوف من الله تعالى , ولا العمل لمصلحة الأمة وجمع كلمتها , فهو أكبر من فرق كلمة الأمة الى اليوم ,
4- أسلوب ابن تيمية فى كتبه كلها ليس أسلوبا علميا على الاطلاق , وانما هو أسلوب المراوغة وقطع الأنفاس , رص الآيات والأحاديث الكثيرة جدا , حتى لاتدرى بأيها تستدل , وحتى تظن أنه ملتزم بالنص والأثر ,
وتطويل الكلام واللف والدوران , وجمع المسائل الكثيرة فى مكان واحد حتى لاتدرى أين أول المسألة من آخرها , وهذه كتبه تثبت ذلك ,
5- كثير من العلماء حكم بكفر ابن تيمية , ولكننا لانكفره ,ونترك أمره لله تعالى , لأن هؤلاء العلماء كانوا أقرب اليه منا وعاصروه , وعاشوا بأنفسهم فى قلب الفتن المظلمة التى أحدثها , أما نحن فليس لنا الا حبر على ورق , وهذا الحبر ملعوب فيه ,
فمعظم كتب ابن تيمية مشكوك فيها , لأن السلطان فى عصره حكم بأن عقيدة ابن تيمية ضالة وباطلة , ومنع الناس من اعتقادها , وأنذر الحنابلة بالسجن الطويل اذا لم يرجعوا عنها , فماتت عقيدته , وطويت مع الأيام , ولذلك تجد كبار العلماء بعده لم يردوا عليه ولم يذكروه فى كتبهم , لأن أفكاره ماتت فى عهدهم ,
فمن أين هذه الكتب ؟ ومن أين هذا الفكر ؟
معظمه من المستشرقين , الذين خططوا لافساد عقيدة المسلمين ,
ومن هنا نعلم وتعلم الأمة كلها :
لماذا ابن تيمية بالذات يصرون على فرضه على الأمة ؟
لأنه منحرف عن الجماعة , ولأن فكره مجال خصب للفتن , والأزمات ,
وعلى الباحث المحايد أن ينظر الى ما حدث فى العالم الاسلامى فى العصر الحديث منذ نشر وتسهيل وجود كتب ابن تيمية فى الأمة ,
6- قال المرسوم السلطانى [وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان.]
هذه الكلمة تحتاج الى بحث طويل , لأن ابن تيمية كان يسمى فتاويه بأسماء البلدان , حتى يوهم أن الناس قد تكالبوا عليه وطلبوا منه أن يكتب لهم العقيدة الصحيحة وهذا خلاف الواقع ,
وكأن الناس لم يعرفوا عقيدتهم , أو ليس عندهم عقيدة , أو ليس عندهم علماء , فكتب الواسطية , والحموية , والتدمرية , وغيرها ,
وفى هذه النقطة بالذات يقول أبو بكر الحصنى فى كتابه [ دفع شبه من شبه وتمرد :
[فأوّل شيء سلكه من المكر والخديعة أن انتمى إلى مذهب الإمام أحمد ، وشرع يطلب العلم ويتعبّد ، فمالت إليه قلوب المشايخ ، فشرعوا في إكرامه
والتوسعة عليه ، فأظهر التعفّف فزادوا في الرغبة فيه ، ثم شرع ينظر في كلام العلماء ويعلّق في مسودّاته ، حتى ظن أنه صار له قوة في التصنيف والمناظرة ، وأخذ يدوّن ويذكر أنه جاءه استفتاء من بلد كذا وليس لذلك حقيقة ، فيكتب عليها صورة الجواب ويذكر مالا ينتقد عليه ، وفي بعضها ما يمكن أن ينتقد إلاّ أنه يشير إليه على وجه التلبيس بحيث لا يقف على مراده إلاّ حاذق عالم متفنّن]
ويقول أيضا :
[وله مصنفات أخر لا يمكن أن يطّلع عليها إلاّ من تحقق أنه على عقيدته الخبيثة ولو عصر هو وأتباعه بالعاصرات لما فيها من الزيغ والقبائح النحسات .]
وما جاء فى المرسوم السلطانى يثبت هذا الكلام ويشهد على ابن تيمية بادعاء تكالب الناس من سائر البلاد لكتابة عقيدة لهم يسيرون عليها ,
ما العمل ؟
الرجوع الى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام , وجماعة المسلمين
ترك الخوض فى المتشابه , وتفويض الأمر لله تعالى فيه , واتباع المحكم وما عليه الجماعة ,
لماذا لا نقول قول الامام الشافعى , كما حكم السلطان وألزم به الناس ؟
آمنا بالله , وبما جاء عن الله على مراد الله , وآمنا برسول الله وبما جاء عن رسول الله , على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم