انصار الاسدي
29-02-2012, 03:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبا الزهراء محمد وعلى آله الغر الميامين المعصومين وعلى من وآلاهم وأحبهم إلى يوم الدين وبعد:
فنقول :إن الشيخ الحمصي كما ذكرنا، وفاته في أوائل القرن السابع، لكن الاستدلال الذي ذكره الشيخ الحمصي إنّما أخذه من الشيخ المفيد، والشيخ المفيد وفاته سنة (413)، فقبل الشيخ الحمصي هذا القول موجود، وهذا الاستدلال مذكور بالكتب، على أنّا إذا راجعنا كلام الشيخ المفيد لوجدناه ينسب الاستدلال إلى من سبقه من العلماء، فهذا الاستدلال موجود من قديم الايّام، وإذا كان الدليل هو
الاجماع، إذن لا إجماع على أنّ غير النبي لا يكون أفضل من النبي، وليس للرازي ولا لغيره جواب غير الذي قرأته لكم.
وأمّا المساواة بين أمير المؤمنين والنبي من السنّة، فهناك أدلّة كثيرة وأحاديث صحيحة معتبرة، متّفق عليها بين الطرفين، صريحة في هذا المعنى، أي في أنّ أمير المؤمنين والنبي متساويان، إلاّ في النبوة، لقيام الاجماع على أنّ النبوّة ختمت بمحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم).
نذكر بعض الاحاديث:
منها: حديث النور: «خلقت أنا وعلي من نور واحد»، ففي تلك الاحاديث يقول رسول الله: إنّ الله سبحانه وتعالى قسّم ذلك النور نصفين، فنصف أنا ونصف علي، قسّم ذلك النور نصفين، وهما مخلوقان من نور واحد، ولمّا كان رسول الله أفضل البشر مطلقاً، فعلي كذلك، وقد قرأنا هذا الحديث.
ومن الاحاديث أيضاً قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنص: «أنا سيّد البشر» تجدون هذا الحديث في صحيح البخاري(1) ، وفي المستدرك(2) ، وفي مجمع الزوائد(3) ، وإذا كان علي مساوياً لرسول الله بمقتضى حديث النور، وبمقتضى آية المباهلة، فعلي أيضاً سيّد البشر، وإذا كان سيّد البشر، فهو أفضل من جميع الانبياء.
قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أنا سيّد ولد آدم»، وهذا الحديث تجدونه في صحيح مسلم(4) ، وفي سنن الترمذي(5) ، ومسند أحمد(6) ، وفي المستدرك(7) ، وفي مجمع الزوائد(8) وغير هذه المصادر.
وإذا كان عليّ (عليه السلام) بمقتضى آية المباهلة وبمقتضى حديث النور مساوياً لرسول الله، فيكون أيضاً سيّد ولد آدم.
تشبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالانبياء (عليهم السلام) السابقين
وهذا الوجه أيضاً ذكره الشيخ الحمصي، وأورده الفخر الرازي في الاستدلال، لكنّ الشيخ الحمصي ذكر هذا الدليل كتأييد لدلالة آية المباهلة، لكنّا نعتبره دليلاً مستقلاًّ، وهذا الحديث نسمّيه بحديث الاشباه أو حديث التشبيه، وهو قوله: «من أراد أن يرى آدم في علمه، ونوحاً في طاعته، وإبراهيم في خلّته، وموسى في هيبته، وعيسى في صفوته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب».
وهذا هو اللفظ الذي ذكره الشيخ الحمصي، وللحديث ألفاظ أُخرى، هذا الحديث بألفاظه المختلفة موجود في كتب الفريقين، أذكر لكم بعض أعلام الحفّاظ والائمّة من أهل السنّة الرواة لهذا الحديث بألفاظه المختلفة:
1 ـ عبدالرزاق بن همّام، صاحب المصنّف وشيخ البخاري.
2 ـ أحمد بن حنبل.
3 ـ أبو حاتم الرازي.
4 ـ أبو حفص ابن شاهين.
5 ـ الحاكم النيسابوري.
6 ـ ابن مردويه الاصفهاني.
7 ـ أبو نعيم الاصفهاني.
8 ـ أبو بكر البيهقي.
9 ـ ابن المغازلي الواسطي.
10 ـ أبو الخير القزويني الحاكمي.
11 ـ الطبري، صاحب الرياض النضرة.
12 ـ ابن الصبّاغ المالكي.
وغير هؤلاء من العلماء، يروون هذا الحديث بأسانيدهم عن عدّة من صحابة رسول الله، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن رواته: ابن عبّاس، وأبو الحمراء، وأبو سعيد الخدري، ومن رواته صحابة آخرون أيضاً.
ولابدّ من الكلام والبحث حول هذا الحديث سنداً ودلالة ليتمّ الاستدلال.
أمّا سنداً، فإنّي أذكر لكم سندين من أسانيده، وقد حقّقتهما،
وهما سندان صحيحان، وبإمكاني تحقيق صحة أسانيد أُخرى لهذا الحديث أيضاً، لكنّي أكتفي بهذين السندين:
يقول ياقوت الحموي في كتابه معجم الاُدباء بترجمة محمّد ابن أحمد بن عبيدالله الكاتب المعروف بابن المفجّع، هذا الشخص نظم حديث التشبيه في قصيدة، والقصيدة إسمها قصيدة الاشباه، يقول الحموي ياقوت:
وله قصيدة ذات الاشباه سمّيت بذات الاشباه لقصده فيما ذكره: الخبر الذي رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في محفل من أصحابه: «إن تنظروا إلى آدم في علمه، ونوح في فهمه، وإبراهيم في خلّته، وموسى في مناجاته، وعيسى في سننه، ومحمّد في هديه وحلمه، فانظروا إلى هذا المقبل»، فتطاول الناس فإذا هو علي بن أبي طالب، فأورد المفجع ذلك في قصيدته وفيها أي في هذه القصيدة مناقب كثيرة.
ياقوت الحموي معروف بأنّه من المنحرفين عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهذا مذكور بترجمته، لاحظوا كتاب وفيات الاعيان، لاحظوا شذرات الذهب وغيرهما من المصادر، وقد ذكروا أنّه تكلّم في سنة 613 هـ في دمشق بكلام في علي، فثار
الناس عليه وكادوا يقتلونه، فانهزم من دمشق، ذكر هذا ابن خلّكان ونصّ على أنّه كان متعصّباً على علي.
وأمّا عبد الرزاق بن همّام، فهذا كما أشرنا وذكرنا وفي الجلسات السابقة أيضاً ذكرناه، هذا شيخ البخاري وصاحب المصنّف ومن رجال الصحاح كلّها، ولم يتكلّم أحد في عبد الرزاق ابن همّام بجرح أبداً، حتّى قيل بترجمته: ما رحل الناس إلى أحد بعد رسول الله مثل ما رحلوا إليه، توفي سنة 211 هـ.
وسنكمل البحث في فيما يأتي إن شاء الله تعالى
والحمد لله ربِّ العالمين
منقول بتصرف
____________
(1) صحيح البخاري 6/223.
(2) المستدرك على الصحيحين 4/573.
(3) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9/116.
(4) صحيح مسلم، كتاب الفضائل باب تفضيل نبيّنا على جميع الخلائق.
(5) سنن الترمذي 2 / 195.
(6) مسند أحمد 1/5.
(7) المستدرك 3/124.
(8) مجمع الزوائد 10: 376.
والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبا الزهراء محمد وعلى آله الغر الميامين المعصومين وعلى من وآلاهم وأحبهم إلى يوم الدين وبعد:
فنقول :إن الشيخ الحمصي كما ذكرنا، وفاته في أوائل القرن السابع، لكن الاستدلال الذي ذكره الشيخ الحمصي إنّما أخذه من الشيخ المفيد، والشيخ المفيد وفاته سنة (413)، فقبل الشيخ الحمصي هذا القول موجود، وهذا الاستدلال مذكور بالكتب، على أنّا إذا راجعنا كلام الشيخ المفيد لوجدناه ينسب الاستدلال إلى من سبقه من العلماء، فهذا الاستدلال موجود من قديم الايّام، وإذا كان الدليل هو
الاجماع، إذن لا إجماع على أنّ غير النبي لا يكون أفضل من النبي، وليس للرازي ولا لغيره جواب غير الذي قرأته لكم.
وأمّا المساواة بين أمير المؤمنين والنبي من السنّة، فهناك أدلّة كثيرة وأحاديث صحيحة معتبرة، متّفق عليها بين الطرفين، صريحة في هذا المعنى، أي في أنّ أمير المؤمنين والنبي متساويان، إلاّ في النبوة، لقيام الاجماع على أنّ النبوّة ختمت بمحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم).
نذكر بعض الاحاديث:
منها: حديث النور: «خلقت أنا وعلي من نور واحد»، ففي تلك الاحاديث يقول رسول الله: إنّ الله سبحانه وتعالى قسّم ذلك النور نصفين، فنصف أنا ونصف علي، قسّم ذلك النور نصفين، وهما مخلوقان من نور واحد، ولمّا كان رسول الله أفضل البشر مطلقاً، فعلي كذلك، وقد قرأنا هذا الحديث.
ومن الاحاديث أيضاً قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنص: «أنا سيّد البشر» تجدون هذا الحديث في صحيح البخاري(1) ، وفي المستدرك(2) ، وفي مجمع الزوائد(3) ، وإذا كان علي مساوياً لرسول الله بمقتضى حديث النور، وبمقتضى آية المباهلة، فعلي أيضاً سيّد البشر، وإذا كان سيّد البشر، فهو أفضل من جميع الانبياء.
قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أنا سيّد ولد آدم»، وهذا الحديث تجدونه في صحيح مسلم(4) ، وفي سنن الترمذي(5) ، ومسند أحمد(6) ، وفي المستدرك(7) ، وفي مجمع الزوائد(8) وغير هذه المصادر.
وإذا كان عليّ (عليه السلام) بمقتضى آية المباهلة وبمقتضى حديث النور مساوياً لرسول الله، فيكون أيضاً سيّد ولد آدم.
تشبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالانبياء (عليهم السلام) السابقين
وهذا الوجه أيضاً ذكره الشيخ الحمصي، وأورده الفخر الرازي في الاستدلال، لكنّ الشيخ الحمصي ذكر هذا الدليل كتأييد لدلالة آية المباهلة، لكنّا نعتبره دليلاً مستقلاًّ، وهذا الحديث نسمّيه بحديث الاشباه أو حديث التشبيه، وهو قوله: «من أراد أن يرى آدم في علمه، ونوحاً في طاعته، وإبراهيم في خلّته، وموسى في هيبته، وعيسى في صفوته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب».
وهذا هو اللفظ الذي ذكره الشيخ الحمصي، وللحديث ألفاظ أُخرى، هذا الحديث بألفاظه المختلفة موجود في كتب الفريقين، أذكر لكم بعض أعلام الحفّاظ والائمّة من أهل السنّة الرواة لهذا الحديث بألفاظه المختلفة:
1 ـ عبدالرزاق بن همّام، صاحب المصنّف وشيخ البخاري.
2 ـ أحمد بن حنبل.
3 ـ أبو حاتم الرازي.
4 ـ أبو حفص ابن شاهين.
5 ـ الحاكم النيسابوري.
6 ـ ابن مردويه الاصفهاني.
7 ـ أبو نعيم الاصفهاني.
8 ـ أبو بكر البيهقي.
9 ـ ابن المغازلي الواسطي.
10 ـ أبو الخير القزويني الحاكمي.
11 ـ الطبري، صاحب الرياض النضرة.
12 ـ ابن الصبّاغ المالكي.
وغير هؤلاء من العلماء، يروون هذا الحديث بأسانيدهم عن عدّة من صحابة رسول الله، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن رواته: ابن عبّاس، وأبو الحمراء، وأبو سعيد الخدري، ومن رواته صحابة آخرون أيضاً.
ولابدّ من الكلام والبحث حول هذا الحديث سنداً ودلالة ليتمّ الاستدلال.
أمّا سنداً، فإنّي أذكر لكم سندين من أسانيده، وقد حقّقتهما،
وهما سندان صحيحان، وبإمكاني تحقيق صحة أسانيد أُخرى لهذا الحديث أيضاً، لكنّي أكتفي بهذين السندين:
يقول ياقوت الحموي في كتابه معجم الاُدباء بترجمة محمّد ابن أحمد بن عبيدالله الكاتب المعروف بابن المفجّع، هذا الشخص نظم حديث التشبيه في قصيدة، والقصيدة إسمها قصيدة الاشباه، يقول الحموي ياقوت:
وله قصيدة ذات الاشباه سمّيت بذات الاشباه لقصده فيما ذكره: الخبر الذي رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في محفل من أصحابه: «إن تنظروا إلى آدم في علمه، ونوح في فهمه، وإبراهيم في خلّته، وموسى في مناجاته، وعيسى في سننه، ومحمّد في هديه وحلمه، فانظروا إلى هذا المقبل»، فتطاول الناس فإذا هو علي بن أبي طالب، فأورد المفجع ذلك في قصيدته وفيها أي في هذه القصيدة مناقب كثيرة.
ياقوت الحموي معروف بأنّه من المنحرفين عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهذا مذكور بترجمته، لاحظوا كتاب وفيات الاعيان، لاحظوا شذرات الذهب وغيرهما من المصادر، وقد ذكروا أنّه تكلّم في سنة 613 هـ في دمشق بكلام في علي، فثار
الناس عليه وكادوا يقتلونه، فانهزم من دمشق، ذكر هذا ابن خلّكان ونصّ على أنّه كان متعصّباً على علي.
وأمّا عبد الرزاق بن همّام، فهذا كما أشرنا وذكرنا وفي الجلسات السابقة أيضاً ذكرناه، هذا شيخ البخاري وصاحب المصنّف ومن رجال الصحاح كلّها، ولم يتكلّم أحد في عبد الرزاق ابن همّام بجرح أبداً، حتّى قيل بترجمته: ما رحل الناس إلى أحد بعد رسول الله مثل ما رحلوا إليه، توفي سنة 211 هـ.
وسنكمل البحث في فيما يأتي إن شاء الله تعالى
والحمد لله ربِّ العالمين
منقول بتصرف
____________
(1) صحيح البخاري 6/223.
(2) المستدرك على الصحيحين 4/573.
(3) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9/116.
(4) صحيح مسلم، كتاب الفضائل باب تفضيل نبيّنا على جميع الخلائق.
(5) سنن الترمذي 2 / 195.
(6) مسند أحمد 1/5.
(7) المستدرك 3/124.
(8) مجمع الزوائد 10: 376.