النهضة
04-03-2012, 09:54 AM
كيف دخلت كتب الفلسفة إلى الإسلام ؟
عن زيد الشحام عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل (فلينظر الإنسان إلى طعامه) قال : قلت : ما طعامه ؟ قال علمه الذي يأخذه ممن يأخذه , المصدر كتاب المحاسن ج1 ص147 باب الإحتياط في الدين والأخذ بالسنة . نلاحظ أن هناك انتشارا في كتب الفلسفة في العالم الإسلامي وتركز الحكومات على الفلسفة غير الإسلامية ولا نقصد في مقالنا هذا الفلسفة الإسلامية المأخوذة من روايات أهل البيت عليهم السلام إذا تجاوزنا وأسميناها فلسفة إسلامية وكما يقال غذا عرف السبب بطل العجب فلماذا انتشرت كتب الفلسفة ؟ قال الميرزا مهدي الأصفهاني في كتابه أبواب الهدى ص43 تحت عنوان : ترويج الفلسفة والتصوف لمغالبة علوم أهل البيت عليهم السلام : ومن كان عارفاً بسياسة الخلفاء يظهر له أن العلة في ترجمة الفلسفة وترويج مذهب التصوف المأخوذين من اليونان, ما كانت إلا السياسة لمغالبة علوم أهل البيت عليهم السلام, وإغناء الناس عنهم, بعد ما فتحوا باب التكلم في جميع الأبواب قبل الترجمة. وقد ظفروا بمقصدهم بعد أخذ النتيجة, وغلبوا عليها كما غلبوا عليهم من حيث السلطنة الظاهرية؛ فإن المسلمين اشتغلوا بالعلوم البحثية النظرية. وبعد ترجمة الفلسفة استغنوا بها عن علوم آل محمد عليهم السلام حتى آل الأمر إلى البحث والاحتجاج معهم عليهم السلام, كما يظهر من تأريخ ثامن الأئمة عليهم السلام, بل انتهى الأمر إلى أن صغرت علومهم في أنظار تابعيهم. فأوّلوا كلماتهم على العلوم البشرية اليونانيّة, والحال أنّ حمل ألفاظ الكتاب والسنة على المعاني الإصطلاحية وتوقّف تكميل البشر على
تعلّمها بعد بداهة جهل عامة الأمة إلى يوم القيامة بتلك الاصطلاحات إلا شرذمة قليلة ممن تعلّمها بعد انتشار الترجمة, مساوق لخروج كلام الله وكلام رسوله عن طريقة العقلاء وإحالتهم تكميل الأمة إلى العالم بالفلسفة. وهذا نقض غرض البعثة, وهدم آثار النبوة والرسالة, وهو أشنع الظلم دونه السيف والسنان . ويقول شيخنا الكليني صاحب كتاب الكافي رحمه الله : في أول كتاب أصول الكافي: أمَّا بعد, فقد فهمت يا أخي ما شكوت من إصطلاح أهل دهرنا على الجهالة, وتوازرهم وسعيهم في عمارة طرقها ومباينتهم العلم وأهله حتى كاد العلم معهم أن يأزر كله وتنقطع موادّه لما قد رضوا أن يستندوا الى الجهل ويضيعوا العلم وأهله, وسألت هل يسع الإنسان المقام على الجهالة التديّن بغير علم إذا كانوا داخلين في الدين مقرّين بجميع أموره على جهة الإستحسان والسبق إليه والتقليد للآباء والأسلاف والكبراء والإتكال على عقولهم في دقيق الأشياء وجليلها.انتهى . (أصول الكافي ج1, ص4) . فنلاحظ أن الناس كانوا يعتمدون على عقولهم القاصرة في كثير من الأمور دون الرجوع إلى روايات أهل بيت العصمة صلوات الله وسلامه عليهم حتى أنني أذكر أن السيد المجاهد مرتضى الشيرازي ذكر في كتاب من كتبه الرائعة أن أحد طلبة العلوم الدينية كان يقول بما معناه أنه يجد أن كلمات أهل بيت العصمة لا تتناسب مع مستواه العقلي بينما كتب الفلاسفة ترضي غروره وتتناسب مع عقله القاصر السخيف وأظن الكتاب الذي ذكر فيه هذا القول الذي قرأته وسمعته منه شخصيا في كتابه كونوا مع الصادقين , ويبين لنا العلامة المجلسي رحمه الله كيف دخلت كتب الفلسفة الى العالم الإسلامي فيقول : أقول هذه الجناية على الدين و تشهير كتب الفلاسفة بين المسلمين من بدع خلفاء الجور المعاندين لأئمة الدين ليصرفوا الناس عنهم و عن الشرع المبين و يدل على ذلك ما ذكره الصفدي في شرح لامية العجم أن المأمون لما هادن بعض ملوك النصارى أظنه صاحب جزيرة قبرس طلب منهم خزانة كتب اليونان و كانت عندهم مجموعة في بيت لا يظهر عليه أحد فجمع الملك خواصه من ذوي الرأي و استشارهم في ذلك فكلهم أشار بعدم تجهيزها إليه إلا مطران واحد فإنه قال جهزها إليهم ما دخلت هذه العلوم على دولة شرعية إلا أفسدتها و أوقعت الاختلاف بين علمائها . قال في موضع آخر أن المأمون لم يبتكر النقل و التعريب أي لكتب الفلاسفة بل نقل قبله كثير فإن يحيى بن خالد بن برمك عرب من كتب الفرس كثيرا مثل كليلة و دمنة و عرب لأجله كتاب المجسطي من كتب اليونان و المشهور أن أول من عرب كتب اليونان خالد بن يزيد بن معاوية لما أولع بكتب الكيمياء و يدل على أن الخلفاء و أتباعهم كانوا مائلين إلى الفلسفة و أن يحيى البرمكي كان محبا لهم ناصرا لمذهبهم ما رواه الكشي بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن قال كان يحيى بن خالد البرمكي قد وجد على هشام شيئا من طعنه على الفلاسفة فأحب أن يغري به هارون و يضربه على القتل ثم ذكر قصة في ذلك . انتهى . فاعلم أن تمجيدك للفلاسفة والإنكباب على كتبهم دون روايات أهل البيت عليهم السلام يساهم في المشروع العباسي المدمر للأمة الإسلامية الشيعية فهذا هو السر في اهتمام الحكومات التي ورثت الدولة العباسية منهجية وأهدافا في وقف المد الشيعي بالفلسفة فتجد رسائل الدكتوراة والماجستير في أقوال فلان وفلان بينما لا تجد رواية لآل محمد عليهم السلام في المناهج ووسائل الإعلام ويتم محاربة الرسائل العلمية التي اعتمدت على مصادر أهل البيت عليهم السلام ومع شديد الأسف أن هذا الداء أصاب بعض أهل العلم بل أصاب حتى بعض الحوزات العلمية فصاروا يهتمون بأقوال أفلاطون وأفلوطين وأرسطو وغيرهم وتركوا روايات أهل البيت عليهم السلام , فعلينا أن يكون منهجنا هو القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وما لم يبلغن لا قول فلان وفلان وفلان وفلان , فليشرقوا الناس وليغربوا فلن يجدوا علما إلا عند خزان علم الله وباب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله هذا وصلى الله على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
بقلم
أحمد مصطفى يعقوب
الكويت في 4 مارس 2012
ولا تحرمونا الدعاء بحق ضلعها المكسور صلوات ربي وسلامه عليها
عن زيد الشحام عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل (فلينظر الإنسان إلى طعامه) قال : قلت : ما طعامه ؟ قال علمه الذي يأخذه ممن يأخذه , المصدر كتاب المحاسن ج1 ص147 باب الإحتياط في الدين والأخذ بالسنة . نلاحظ أن هناك انتشارا في كتب الفلسفة في العالم الإسلامي وتركز الحكومات على الفلسفة غير الإسلامية ولا نقصد في مقالنا هذا الفلسفة الإسلامية المأخوذة من روايات أهل البيت عليهم السلام إذا تجاوزنا وأسميناها فلسفة إسلامية وكما يقال غذا عرف السبب بطل العجب فلماذا انتشرت كتب الفلسفة ؟ قال الميرزا مهدي الأصفهاني في كتابه أبواب الهدى ص43 تحت عنوان : ترويج الفلسفة والتصوف لمغالبة علوم أهل البيت عليهم السلام : ومن كان عارفاً بسياسة الخلفاء يظهر له أن العلة في ترجمة الفلسفة وترويج مذهب التصوف المأخوذين من اليونان, ما كانت إلا السياسة لمغالبة علوم أهل البيت عليهم السلام, وإغناء الناس عنهم, بعد ما فتحوا باب التكلم في جميع الأبواب قبل الترجمة. وقد ظفروا بمقصدهم بعد أخذ النتيجة, وغلبوا عليها كما غلبوا عليهم من حيث السلطنة الظاهرية؛ فإن المسلمين اشتغلوا بالعلوم البحثية النظرية. وبعد ترجمة الفلسفة استغنوا بها عن علوم آل محمد عليهم السلام حتى آل الأمر إلى البحث والاحتجاج معهم عليهم السلام, كما يظهر من تأريخ ثامن الأئمة عليهم السلام, بل انتهى الأمر إلى أن صغرت علومهم في أنظار تابعيهم. فأوّلوا كلماتهم على العلوم البشرية اليونانيّة, والحال أنّ حمل ألفاظ الكتاب والسنة على المعاني الإصطلاحية وتوقّف تكميل البشر على
تعلّمها بعد بداهة جهل عامة الأمة إلى يوم القيامة بتلك الاصطلاحات إلا شرذمة قليلة ممن تعلّمها بعد انتشار الترجمة, مساوق لخروج كلام الله وكلام رسوله عن طريقة العقلاء وإحالتهم تكميل الأمة إلى العالم بالفلسفة. وهذا نقض غرض البعثة, وهدم آثار النبوة والرسالة, وهو أشنع الظلم دونه السيف والسنان . ويقول شيخنا الكليني صاحب كتاب الكافي رحمه الله : في أول كتاب أصول الكافي: أمَّا بعد, فقد فهمت يا أخي ما شكوت من إصطلاح أهل دهرنا على الجهالة, وتوازرهم وسعيهم في عمارة طرقها ومباينتهم العلم وأهله حتى كاد العلم معهم أن يأزر كله وتنقطع موادّه لما قد رضوا أن يستندوا الى الجهل ويضيعوا العلم وأهله, وسألت هل يسع الإنسان المقام على الجهالة التديّن بغير علم إذا كانوا داخلين في الدين مقرّين بجميع أموره على جهة الإستحسان والسبق إليه والتقليد للآباء والأسلاف والكبراء والإتكال على عقولهم في دقيق الأشياء وجليلها.انتهى . (أصول الكافي ج1, ص4) . فنلاحظ أن الناس كانوا يعتمدون على عقولهم القاصرة في كثير من الأمور دون الرجوع إلى روايات أهل بيت العصمة صلوات الله وسلامه عليهم حتى أنني أذكر أن السيد المجاهد مرتضى الشيرازي ذكر في كتاب من كتبه الرائعة أن أحد طلبة العلوم الدينية كان يقول بما معناه أنه يجد أن كلمات أهل بيت العصمة لا تتناسب مع مستواه العقلي بينما كتب الفلاسفة ترضي غروره وتتناسب مع عقله القاصر السخيف وأظن الكتاب الذي ذكر فيه هذا القول الذي قرأته وسمعته منه شخصيا في كتابه كونوا مع الصادقين , ويبين لنا العلامة المجلسي رحمه الله كيف دخلت كتب الفلسفة الى العالم الإسلامي فيقول : أقول هذه الجناية على الدين و تشهير كتب الفلاسفة بين المسلمين من بدع خلفاء الجور المعاندين لأئمة الدين ليصرفوا الناس عنهم و عن الشرع المبين و يدل على ذلك ما ذكره الصفدي في شرح لامية العجم أن المأمون لما هادن بعض ملوك النصارى أظنه صاحب جزيرة قبرس طلب منهم خزانة كتب اليونان و كانت عندهم مجموعة في بيت لا يظهر عليه أحد فجمع الملك خواصه من ذوي الرأي و استشارهم في ذلك فكلهم أشار بعدم تجهيزها إليه إلا مطران واحد فإنه قال جهزها إليهم ما دخلت هذه العلوم على دولة شرعية إلا أفسدتها و أوقعت الاختلاف بين علمائها . قال في موضع آخر أن المأمون لم يبتكر النقل و التعريب أي لكتب الفلاسفة بل نقل قبله كثير فإن يحيى بن خالد بن برمك عرب من كتب الفرس كثيرا مثل كليلة و دمنة و عرب لأجله كتاب المجسطي من كتب اليونان و المشهور أن أول من عرب كتب اليونان خالد بن يزيد بن معاوية لما أولع بكتب الكيمياء و يدل على أن الخلفاء و أتباعهم كانوا مائلين إلى الفلسفة و أن يحيى البرمكي كان محبا لهم ناصرا لمذهبهم ما رواه الكشي بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن قال كان يحيى بن خالد البرمكي قد وجد على هشام شيئا من طعنه على الفلاسفة فأحب أن يغري به هارون و يضربه على القتل ثم ذكر قصة في ذلك . انتهى . فاعلم أن تمجيدك للفلاسفة والإنكباب على كتبهم دون روايات أهل البيت عليهم السلام يساهم في المشروع العباسي المدمر للأمة الإسلامية الشيعية فهذا هو السر في اهتمام الحكومات التي ورثت الدولة العباسية منهجية وأهدافا في وقف المد الشيعي بالفلسفة فتجد رسائل الدكتوراة والماجستير في أقوال فلان وفلان بينما لا تجد رواية لآل محمد عليهم السلام في المناهج ووسائل الإعلام ويتم محاربة الرسائل العلمية التي اعتمدت على مصادر أهل البيت عليهم السلام ومع شديد الأسف أن هذا الداء أصاب بعض أهل العلم بل أصاب حتى بعض الحوزات العلمية فصاروا يهتمون بأقوال أفلاطون وأفلوطين وأرسطو وغيرهم وتركوا روايات أهل البيت عليهم السلام , فعلينا أن يكون منهجنا هو القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وما لم يبلغن لا قول فلان وفلان وفلان وفلان , فليشرقوا الناس وليغربوا فلن يجدوا علما إلا عند خزان علم الله وباب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله هذا وصلى الله على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
بقلم
أحمد مصطفى يعقوب
الكويت في 4 مارس 2012
ولا تحرمونا الدعاء بحق ضلعها المكسور صلوات ربي وسلامه عليها