ghada
15-03-2012, 12:08 AM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إِعلام الإمام الصادق ( عليه السلام ) عما في النفس
إِن نفس المؤمن إذا زكت من درن الرذائل عادت كالمرآة الصافية ، ينطبع فيها كل ما يكون أمامها ، ولذا قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=44216)(اتَّقوا فَراسَةِ المُؤمن ، فإنهُ ينظرُ بنورِ الله )، هذا شأن المؤمن فكيف بإمام المؤمنين ( عليه السلام ) ؟
وهذا الخضر ( عليه السلام ) أعاب السفينة ، وأقام الجدار ، وقتل الغلام ، وما كان ذلك منه إِلا علماً منحه به العليم سبحانه .
فلا عجب إِذن لو أعلم الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن أشياء تتلجلج في النفوس عند إِظهار الكرامة .
فقد دخل عمر بن يزيد على الإمام الصادق ( عليه السلام ) وهو وجع ، وقد ولاه ظهره ووجهه للحائط ، وقد قال عمر في نفسه : ما أدري ما يصيبه في مرضه لو سألته عن الإمام بعده .
فبينا يفكر في ذلك إِذ حوَّل ( عليه السلام ) إليه وجهه ، فقال : الأمر ليس كما تظنُّ ، ليس عليَّ من وجعي هذا بأس .
ودخل عليه الحسن بن موسى الحنَّاط ، وجميل بن دَرَّاج ، وعائذ الأحمسي ، وكان عائذ يقول : إِن لي حاجة أريد أن أسأله عنها
فلما سلّموا وجلسوا أقبل بوجهه على عائذ فقال ( عليه السلام ) : من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عما سوى ذلك .
فغمزهم فقاموا ، فلمّا خرجوا قالوا له : ما كانت حاجتك ؟
قال : الذي سمعتم ، لأني رجل لا أطيق القيام بالليل ، فخفت أن أكون مأخوذاً به فأهلك .
ودخل عليه شهاب بن عبد ربه وهو يريد أن يسأله عن الجنب يغرف الماء من الحِبِّ ؟
فلما صار عنده أنسي المسألة ، فنظر إليه ( عليه السلام ) فقال : يا شهاب ، لا بأس أن يغرف الجنب من الحِبِّ .
وكان جعفر بن هارون الزَيَّات يطوف بالكعبة ، والإمام ( عليه السلام ) في الطواف ، فنظر إليه الزَيَّات وحدَّثَتْهُ نفسه فقال : هذا حجة الله ، وهذا الذي لا يقبل الله شيئاً إِلا بمعرفته .
فبينا هو في هذا التفكير إِذ جاءه ( عليه السلام ) من خلفه ، فضرب بيده على منكبه ثم قال : ( أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتبَعُهُ إِنَّا إِذَن لَفِي ضَلالٍ وَسُعُر ) [ القمر : 24 ] ، ثم جازه .
ودخل عليه خالد بن نجيح الجواز وعنده ناس ، فقنع رأسه وجلس ناحية وقال في نفسه : ويحَكم ما أغفلكم عند مَن تتكلمون ، عند رب العالمين .
فناداه ( عليه السلام ) : ويحَك يا خالد ، إِني والله عبد مخلوق ولي رب أعبده ، إِن لم أعبده والله عذّبني بالنار .
فقال خالد : لا والله ، لا أقول فيك أبداً إِلا قولك في نفسك .
وهذا قليل من كثير مما روته الكتب الجليلة من الكرامات والمناقب للامام الصادق ( عليه السلام ) ، ولا غرابة لو ذكرت له الكتب أضعاف ما استطردناه بعد أن أوضحنا في صدر البحث أمر الكرامة .
أجل بعد أن فاتتنا المشاهدة فلا طريق لنا لإثبات الكرامة غير النقل ، وإِن المشاهدة لا تكون إِلا لأفراد من معاصري النبي ( صلى الله عليه وآله ) أو الإمام ( عليه السلام ) ، فكيف حال الناس مع الكرامة من أهل الأجيال المتأخرة .
هذا سوى الناس من أهل زمانه ممن لم يحضر الكرامة ، فهل طريق إِذن لإثباتها غير النقل .
فالنقل إِن صحَّ لاعتبار المؤلف والراوي فذلك المطلوب ، وإِلا فاعتباره إذا بلغ التواتر لقضية خاصة ، أو لقضايا يحصل من جميعها الاعتقاد بصدور الكرامة من النبي ( صلى الله عليه وآله ) أو الوصي ( عليه السلام ) ، وإِن لم يحصل الاعتقاد بواحدة منها خاصة .
النصوص الدالة على إمامة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق
إن الشيعة قد تواترت خلفاً عن سلف، إلى تواتر نقلهم بالباقر أنه نص على الصادق (عليه السلام) (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=28516) كما تواترت على أن أمير المؤمنين (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=43862) نص على الحسن (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=74415)، ونص على الحسين(عليهما السلام) (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=28208) ، و كذلك كل إمام على الإمام الذي يليه، ثم هكذا إلى أن ينتهي إلى صاحب الزمان (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=28472)(عجل الله فرجه الشريف)، وكل سؤال يسأل عن هذا الدليل، فالجواب عنه مذكور في تصحيح تواتر النص من رسول الله (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=44216)على أمير المؤمنين (عليه السلام) ، (1).
• روى الكليني بإسناده عن أبي الصباح الكناني قال: نظر أبو جعفر (ع) إلى أبي عبد الله (ع) يمشي فقال: ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عز وجل: (و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين ) ، (2).
• و روى بإسناده عن طاهر قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فأقبل جعفر، فقال أبو جعفر (عليه السلام): هذا خير البرية أو أخير ، (3).
و روى بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سئل الإمام عن القائم (عليه السلام) فضرب بيده على أبي عبد الله (ع) فقال : هذا والله قائم آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال عَنْبَسَةُ: فلما قبض أبو جعفر (عليه السلام) دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته بذلك، فقال: صدق جابر. ثم قال: لعلكم ترون أن ليس كل إمام هو القائم بعد الإمام الذي كان قبله؟ ، (4).
• روى علي بن محمد الخزاز بإسناده عن أبي همام ابن نافع، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) لأصحابه يوماً، إذا افتقدتموني فاقتدوا بهذا فإنه الإمام بعدي وأشار إلى ابنه جعفر (5).
كرامات الإمام الصادق ( عليه السلام )
يتميّز الأئمّة ( عليهم السلام ) (http://www.tebyan.net/islamicfeatures/ahlalbait/articles/2004/5/9/28293.html) بارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب ، بسبَبِ مقامِ العصمة والإمامة ، ولَهُم - مثل الأنبياء - معاجزٌ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى ، وكونَهم أئمّة . وللإمام الصادق ( عليه السلام ) (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=40096) معاجزٌ وكراماتٌ كثيرةٌ ، سجَّلَتْها كتبُ التاريخ ، ونذكر هنا بعضاً منها :
- الكرامة الأولى :
عن المفضّل بن عمر ، قال : كنت أمشي مع أبي عبد الله جعفر ( عليه السلام ) بمكّة ، إذ مررنا بامرأة بين يديها بقرة ميّتة ، وهي مع صبية لها تبكيان ، فقال ( عليه السلام ) لها : ( ما شأنك ؟ ) .
قالت : كنت أنا وصبياني نعيش من هذه البقرة ، وقد ماتت ، لقد تحيّرت في أمري ، قال ( عليه السلام ) : ( أفتحبين أن يحييها الله لك ؟ ) قالت : أو تسخر منّي مع مصيبتي ؟
قال : ( كلا ، ما أردت ذلك ) ، ثمّ دعا بدعاء ، ثمّ ركضها برجله ، وصاح بها ، فقامت البقرة مسرعة سوية ، فقالت : عيسى ابن مريم وربّ الكعبة ، فدخل الصادق ( عليه السلام ) بين الناس ، فلم تعرفه المرأة .
- الكرامة الثانية :
قال صفوان بن يحيى : قال لي العبدي : قالت أهلي لي قد طال عهدنا بالصادق ( عليه السلام ) ، فلو حججنا وجدّدنا به العهد ، فقلت لها : والله ما عندي شيء أحج به ، فقالت : عندنا كسوة وحلي فبع ذلك ، وتجهّز به ، ففعلت ، فلمّا صرنا بقرب المدينة مرضت مرضاً شديداً حتّى أشرفت على الموت ، فلمّا دخلنا المدينة خرجت من عندها ، وأنا آيس منها ، فأتيت الصادق ( عليه السلام ) ، وعليه ثوبان ممصران ، فسلّمت عليه ، فأجابني وسألني عنها ، فعرّفته خبرها ، وقلت : إنّي خرجت وقد أيست منها ، فأطرق ملياً ، ثمّ قال : ( يا عبدي أنت حزين بسببها ؟ ) ، قلت : نعم .
قال : ( لا بأس عليها ، فقد دعوت الله لها بالعافية ، فارجع إليها ، فإنّك تجدها قد فاقت ، وهي قاعدة ، والخادمة تلقمها الطبرزد ) ، قال : فرجعت إليها مبادراً ، فوجدتها قد أفاقت ، وهي قاعدة ، والخادمة تلقمها الطبرزد ، فقلت : ما حالك ؟ قالت : قد صبّ الله عليّ العافية صبّاً ، وقد اشتهيت هذا السكّر ، فقلت : خرجت من عندك آيساً ، فسألني الصادق ( عليه السلام ) عنك ، فأخبرته بحالك ، فقال : ( لا بأس عليها ، ارجع إليها ، فهي تأكل السكّر ) .
قالت : خرجت من عندي وأنا أجود بنفسي ، فدخل عليّ رجل عليه ثوبان ممصران ، قال : ما لك ؟ قلت : أنا ميّتة ، وهذا ملك الموت قد جاء لقبض روحي ، فقال : ( يا ملك الموت ) ، قال : لبيك أيها الإمام ، قال : ( ألست أمرت بالسمع والطاعة لنا ؟ ) قال : بلى ، قال : ( فإنّي آمرك أن تؤخّر أمرها عشرين سنة ) ، قال : السمع والطاعة ، قالت : فخرج هو وملك الموت من عندي ، فأفقت من ساعتي .
- الكرامة الثالثة :
قال علي بن أبي حمزة : حججت مع الصادق ( عليه السلام ) ، فجلسنا في بعض الطريق تحت نخلة يابسة ، فحرّك شفتيه بدعاء لم أفهمه ، ثمّ قال : ( يا نخلة أطعمينا ممّا جعل الله فيك من رزق عباده ) ، قال : فنظرت إلى النخلة وقد تمايلت نحو الصادق ( عليه السلام ) ، وعليها أعذاقها وفيها الرطب .
قال : ( أدن ، فسم وكل ) ، فأكلنا منها رطباً أعذب رطب وأطيبه ، فإذا نحن بأعرابي يقول : ما رأيت كاليوم سحراً أعظم من هذا ؟ فقال الصادق ( عليه السلام ) : ( نحن ورثة الأنبياء ، ليس فينا ساحر ولا كاهن ، بل ندعو الله فيجيب ، وإن أحببت أن أدعو الله فيمسخك كلباً تهتدي إلى منزلك ، وتدخل عليهم وتبصبص لأهلك فعلت ) .
قال الأعرابي بجهله : بلى ، فدعا الله فصار كلباً في وقته ، ومضى على وجهه ، فقال لي الصادق ( عليه السلام ) : ( اتبعه ) ، فاتبعته حتّى صار إلى حيّه ، فدخل إلى منزله ، فجعل يبصبص لأهله وولده ، فأخذوا له العصا حتّى أخرجوه ، فانصرفت إلى الصادق ( عليه السلام ) فأخبرته بما كان منه ، فبينا نحن في حديثه إذ أقبل حتّى وقف بين يدي الصادق ( عليه السلام ) ، وجعلت دموعه تسيل على خديه ، وأقبل يتمرّغ في التراب ويعوي ، فرحمه فدعا الله له ، فعاد أعرابياً ، فقال له الصادق ( عليه السلام ) : ( هل آمنت يا أعرابي ؟ ) قال : نعم ألفاً وألفاً .
- الكرامة الرابعة :
قال يونس بن ظبيان : كنت عند الصادق ( عليه السلام ) مع جماعة ، فقلت : قول الله تعالى لإبراهيم : ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ ) ، أو كانت أربعة من أجناس مختلفة ؟ أو من جنس واحد ؟ فقال : ( أتحبّون أن أريكم مثله ؟ ) قلنا : بلى ، قال : ( يا طاووس ) ، فإذا طاووس طار إلى حضرته ، ثمّ قال : ( يا غراب ) ، فإذا غراب بين يديه ، ثمّ قال : ( يا بازي ) ، فإذا بازي بين يديه ، ثمّ قال : ( يا حمامة ) ، فإذا حمامة بين يديه .
ثمّ أمر بذبحها كلّها وتقطيعها ، ونتف ريشها ، وأن يخلط ذلك كلّه بعضه ببعض ، ثمّ أخذ برأس الطاووس فقال : ( يا طاووس ) ، فرأينا لحمه وعظامه وريشه يتميّز من غيره حتّى التزق ذلك كلّه برأسه ، وقام الطاووس بين يديه حيّاً ، ثمّ صاح بالغراب كذلك ، وبالبازي والحمامة مثل ذلك ، فقامت كلّها أحياء بين يديه .
- الكرامة الخامسة :
روى أبو الصلت الهروي عن الإمام الرضا ( عليه السلام (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=28525)) أنّه قال : ( قال لي أبي موسى ( عليه السلام ) : كنت جالساً عند أبي ( عليه السلام ) ، إذ دخل عليه بعض أوليائنا ) ، فقال : بالباب ركب كثير يريدون الدخول عليك ، فقال لي : ( أنظر من بالباب ؟ فنظرت إلى جمال كثيرة عليها صناديق ، ورجل راكب فرساً ، فقلت من الرجل ؟ ) .
فقال : رجل من السند والهند أردت الإمام جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، ( فأعلمت والدي بذلك ، فقال : لا تأذن للنجس الخائن ) ، فأقام بالباب مدّة مديدة ، فلا يؤذن له حتّى شفع يزيد بن سليمان ، ومحمّد بن سليمان ، فأذن له ، فدخل الهندي وجثا بين يديه ، فقال : أصلح الله الإمام أنا رجل من بلد الهند ، من قبل ملكها بعثني إليك بكتاب مختوم ، ولي بالباب حول لم تأذن لي فما ذنبي ؟ أهكذا يفعل الأنبياء ؟ قال : فطأطأ رأسه ، ثمّ قال : ( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) ، وليس مثلك من يطأ مجالس الأنبياء .
قال موسى ( عليه السلام ) : ( فأمرني أبي بأخذ الكتاب وفكّه ) ، فكان فيه : بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمّد الصادق الطاهر من كل نجس من ملك الهند ، أمّا بعد :
فقد هداني الله على يديك ، وإنّه أهدي إليّ جارية لم أر أحسن منها ، ولم أجد أحداً يستأهلها غيرك ، فبعثتها إليك مع شيء من الحلي والجواهر والطيب ، ثمّ جمعت وزرائي فاخترت منهم ألف رجل يصلحون للأمانة ، واخترت من الألف مائة ، واخترت من المائة عشرة ، واخترت من العشرة واحداً ، وهو ميزاب بن حباب ، لم أر أوثق منه ، فبعثت على يده هذه الجارية والهدية .
فقال جعفر ( عليه السلام ) : ( ارجع أيها الخائن ، ما كنت بالذي أقبلها ، لأنّك خائن فيما أؤتمنت عليه ) ، فحلف أنّه ما خان ، فقال ( عليه السلام ) : ( إن شهد عليك بعض ثيابك بما خنت تشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ) قال : أو تعفيني من ذلك ، قال : ( اكتب إلى صاحبك بما فعلت ) .
قال الهندي : إن علمت شيئاً فأكتب ، وكان عليه فروة ، فأمره بخلعها ، ثمّ قام الإمام ، فركع ركعتين ، ثمّ سجد ، قال موسى ( عليه السلام ) : ( فسمعته في سجوده يقول : اللهم إنّي أسألك بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ، أن تصلّي على محمّد عبدك ورسولك ، وأمينك في خلقك وآله ، وأن تأذن لفرو هذا الهندي أن يتكلّم بلسان عربي مبين يسمعه من في المجلس من أوليائنا ، ليكون ذلك عندهم آية من آيات أهل البيت ، فيزدادوا إيماناً مع إيمانهم ) .
ثمّ رفع رأسه ، فقال : ( أيّها الفرو تكلّم بما تعلم من هذا الهندي ) ، قال موسى ( عليه السلام ) : ( فانتفضت الفروة وصارت كالكبش ، وقالت : يا ابن رسول الله ائتمنه الملك على هذه الجارية وما معها ، وأوصاه بحفظها حتّى صرنا إلى بعض الصحاري أصابنا المطر ، وابتل جميع ما معنا ، ثمّ احتبس المطر وطلعت الشمس ، فنادى خادماً كان مع الجارية يخدمها ، يقال له : بشر ، وقال له : لو دخلت هذه المدينة فأتيتنا بما فيها من الطعام ، ودفع إليه دراهم ، ودخل الخادم المدينة ، فأمر الميزاب هذه الجارية أن تخرج من قبّتها إلى مضرب ، قد نصب لها في الشمس فخرجت ، وكشفت عن ساقيها ، إذ كان في الأرض وحل ، ونظر هذا الخائن إليها فراودها عن نفسها ، فأجابته وفجر بها وخانك ) .
فخرّ الهندي على الأرض ، فقال : ارحمني فقد أخطأت وأقرّ بذلك ، ثمّ صار فروة كما كانت ، وأمره أن يلبسها ، فلمّا لبسها انضمت في حلقه وخنقته حتّى أسود وجهه ، فقال الصادق ( عليه السلام ) : ( أيها الفرو خل عنه حتّى يرجع إلى صاحبه ، فيكون هو أولى به منّا ) ، فانحل الفرو ، وقال ( عليه السلام ) : ( خذ هديتك وارجع إلى صاحبك ) .
فقال الهندي : الله الله يا مولاي فيّ ، فإنّك إن رددت الهدية خشيت أن ينكر ذلك عليّ ، فإنّه شديد العقوبة ، فقال : ( أسلم أعطك الجارية ) ، فأبى ، فقبل الهدية وردّ الجارية ، فلمّا رجع إلى الملك ، رجع الجواب إلى أبي بعد أشهر فيه مكتوب : بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمّد الإمام ( عليه السلام ) من ملك الهند ، أمّا بعد :
فقد كنت أهديت إليك جارية ، فقبلت منّي ما لا قيمة له ، ورددت الجارية ، فأنكر ذلك قلبي ، وعلمت أنّ الأنبياء وأولاد الأنبياء معهم فراسة ، فنظرت إلى الرسول بعين الخيانة ، فاخترعت كتاباً وأعلمته أنّه جاءني منك بخيانة ، وحلفت أنّه لا ينجيه إلاّ الصدق ، فأقرّ بما فعل ، وأقرّت الجارية بمثل ذلك ، وأخبرت بما كان من أمر الفرو ، فتعجّبت من ذلك ، وضربت عنقها وعنقه ، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمّداً عبده ورسوله (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=44216)، واعلم أنّي واصل على أثر الكتاب ، فما أقام إلاّ مدّة يسيرة حتّى ترك ملك الهند وأسلم ، وحسن إسلامه .
- الكرامة السادسة :
عن هشام بن الحكم : أنّ رجلاً من الجبل أتى أبا عبد الله ( عليه السلام ) ، ومعه عشرة آلاف درهم ، وقال : اشتر لي بها داراً أنزلها إذا قدمت وعيالي معي ، ثمّ مضى إلى مكّة ، فلمّا حج وانصرف أنزله الصادق ( عليه السلام ) في داره ، وقال له : ( اشتريت لك داراً في الفردوس الأعلى ، حدّها الأوّل إلى دار رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والثاني إلى علي ( عليه السلام ) ، والثالث إلى الحسن ( عليه السلام ) (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=74415) ، والرابع إلى الحسين ( عليه السلام ) (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=28208) ، وكتبت لك هذا الصك به ) .
فقال الرجل لما سمع ذلك : رضيت ، ففرّق الصادق ( عليه السلام ) تلك الدراهم على أولاد الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، وانصرف الرجل ، فلمّا وصل إلى المنزل اعتل علّة الموت ، فلمّا حضرته الوفاة جمع أهل بيته وحلّفهم أن يجعلوا الصك معه في قبره ، ففعلوا ذلك ، فلمّا أصبح وغدوا إلى قبره ، وجدوا الصك على ظهر القبر ، وعلى ظهر الصك مكتوب : وفى لي ولي الله جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) بما وعدني .
- الكرامة السابعة :
إنّ حماد بن عيسى سأل الإمام الصادق ( عليه السلام ) : أن يدعو له ليرزقه الله ما يحج به كثيراً ، وأن يرزقه ضياعاً حسنة ، وداراً حسناً ، وزوجة من أهل البيوتات صالحة ، وأولاداً أبراراً ، فقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( اللهم ارزق حماد بن عيسى ما يحج به خمسين حجّة ، وارزقه ضياعاً حسنة ، وداراً حسناً ، وزوجة صالحة من قوم كرام ، وأولاداً أبراراً ) .
قال بعض من حضره : دخلت بعد سنين على حماد بن عيسى في داره بالبصرة ، فقال لي : أتذكر دعاء الصادق ( عليه السلام ) لي ؟ قلت : نعم ، قال : هذه داري ، وليس في البلد مثلها ، وضياعي أحسن الضياع ، وزوجتي من تعرفها من كرام الناس ، وأولادي هم من تعرفهم من الأبرار ، وقد حججت ثمانية وأربعين حجّة .
قال : فحجّ حماد حجّتين بعد ذلك ، فلمّا خرج في الحجّة الحادية والخمسين ، ووصل إلى الجحفة ، وأراد أن يحرم دخل وادياً ليغتسل ، فأخذه السيل ومر به ، فتبعه غلمانه فأخرجوه من الماء ميّتاً ، فسمّي حماد غريق الجحفة .
- الكرامة الثامنة :
عن أبي الصامت الحلاوني ، قال : قلت للصادق ( عليه السلام ) : أعطني شيئاً ينفي الشك عن قلبي ؟ قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( هات المفتاح الذي في كمّك ) ، فناولته ، فإذا المفتاح شبّه أسد فخفت ، قال : ( خذ ولا تخف ) ، فأخذته ، فعاد مفتاحاً كما كان .
----------------------------------------------------------------------
الهوامش
1 - إعلام الورى ص273 .
2 - أصول الكافي ج1 باب الإشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) ص243 رقم 1 .
3 - المصدر ص244 رقم 4 و7. وروى الأخير مختصراً الشيخ المفيد في الإرشاد ص245 .
4 - المصدر السابق .
5 - كفاية الأثر ص254 .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إِعلام الإمام الصادق ( عليه السلام ) عما في النفس
إِن نفس المؤمن إذا زكت من درن الرذائل عادت كالمرآة الصافية ، ينطبع فيها كل ما يكون أمامها ، ولذا قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=44216)(اتَّقوا فَراسَةِ المُؤمن ، فإنهُ ينظرُ بنورِ الله )، هذا شأن المؤمن فكيف بإمام المؤمنين ( عليه السلام ) ؟
وهذا الخضر ( عليه السلام ) أعاب السفينة ، وأقام الجدار ، وقتل الغلام ، وما كان ذلك منه إِلا علماً منحه به العليم سبحانه .
فلا عجب إِذن لو أعلم الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن أشياء تتلجلج في النفوس عند إِظهار الكرامة .
فقد دخل عمر بن يزيد على الإمام الصادق ( عليه السلام ) وهو وجع ، وقد ولاه ظهره ووجهه للحائط ، وقد قال عمر في نفسه : ما أدري ما يصيبه في مرضه لو سألته عن الإمام بعده .
فبينا يفكر في ذلك إِذ حوَّل ( عليه السلام ) إليه وجهه ، فقال : الأمر ليس كما تظنُّ ، ليس عليَّ من وجعي هذا بأس .
ودخل عليه الحسن بن موسى الحنَّاط ، وجميل بن دَرَّاج ، وعائذ الأحمسي ، وكان عائذ يقول : إِن لي حاجة أريد أن أسأله عنها
فلما سلّموا وجلسوا أقبل بوجهه على عائذ فقال ( عليه السلام ) : من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عما سوى ذلك .
فغمزهم فقاموا ، فلمّا خرجوا قالوا له : ما كانت حاجتك ؟
قال : الذي سمعتم ، لأني رجل لا أطيق القيام بالليل ، فخفت أن أكون مأخوذاً به فأهلك .
ودخل عليه شهاب بن عبد ربه وهو يريد أن يسأله عن الجنب يغرف الماء من الحِبِّ ؟
فلما صار عنده أنسي المسألة ، فنظر إليه ( عليه السلام ) فقال : يا شهاب ، لا بأس أن يغرف الجنب من الحِبِّ .
وكان جعفر بن هارون الزَيَّات يطوف بالكعبة ، والإمام ( عليه السلام ) في الطواف ، فنظر إليه الزَيَّات وحدَّثَتْهُ نفسه فقال : هذا حجة الله ، وهذا الذي لا يقبل الله شيئاً إِلا بمعرفته .
فبينا هو في هذا التفكير إِذ جاءه ( عليه السلام ) من خلفه ، فضرب بيده على منكبه ثم قال : ( أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتبَعُهُ إِنَّا إِذَن لَفِي ضَلالٍ وَسُعُر ) [ القمر : 24 ] ، ثم جازه .
ودخل عليه خالد بن نجيح الجواز وعنده ناس ، فقنع رأسه وجلس ناحية وقال في نفسه : ويحَكم ما أغفلكم عند مَن تتكلمون ، عند رب العالمين .
فناداه ( عليه السلام ) : ويحَك يا خالد ، إِني والله عبد مخلوق ولي رب أعبده ، إِن لم أعبده والله عذّبني بالنار .
فقال خالد : لا والله ، لا أقول فيك أبداً إِلا قولك في نفسك .
وهذا قليل من كثير مما روته الكتب الجليلة من الكرامات والمناقب للامام الصادق ( عليه السلام ) ، ولا غرابة لو ذكرت له الكتب أضعاف ما استطردناه بعد أن أوضحنا في صدر البحث أمر الكرامة .
أجل بعد أن فاتتنا المشاهدة فلا طريق لنا لإثبات الكرامة غير النقل ، وإِن المشاهدة لا تكون إِلا لأفراد من معاصري النبي ( صلى الله عليه وآله ) أو الإمام ( عليه السلام ) ، فكيف حال الناس مع الكرامة من أهل الأجيال المتأخرة .
هذا سوى الناس من أهل زمانه ممن لم يحضر الكرامة ، فهل طريق إِذن لإثباتها غير النقل .
فالنقل إِن صحَّ لاعتبار المؤلف والراوي فذلك المطلوب ، وإِلا فاعتباره إذا بلغ التواتر لقضية خاصة ، أو لقضايا يحصل من جميعها الاعتقاد بصدور الكرامة من النبي ( صلى الله عليه وآله ) أو الوصي ( عليه السلام ) ، وإِن لم يحصل الاعتقاد بواحدة منها خاصة .
النصوص الدالة على إمامة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق
إن الشيعة قد تواترت خلفاً عن سلف، إلى تواتر نقلهم بالباقر أنه نص على الصادق (عليه السلام) (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=28516) كما تواترت على أن أمير المؤمنين (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=43862) نص على الحسن (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=74415)، ونص على الحسين(عليهما السلام) (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=28208) ، و كذلك كل إمام على الإمام الذي يليه، ثم هكذا إلى أن ينتهي إلى صاحب الزمان (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=28472)(عجل الله فرجه الشريف)، وكل سؤال يسأل عن هذا الدليل، فالجواب عنه مذكور في تصحيح تواتر النص من رسول الله (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=44216)على أمير المؤمنين (عليه السلام) ، (1).
• روى الكليني بإسناده عن أبي الصباح الكناني قال: نظر أبو جعفر (ع) إلى أبي عبد الله (ع) يمشي فقال: ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عز وجل: (و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين ) ، (2).
• و روى بإسناده عن طاهر قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فأقبل جعفر، فقال أبو جعفر (عليه السلام): هذا خير البرية أو أخير ، (3).
و روى بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سئل الإمام عن القائم (عليه السلام) فضرب بيده على أبي عبد الله (ع) فقال : هذا والله قائم آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال عَنْبَسَةُ: فلما قبض أبو جعفر (عليه السلام) دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته بذلك، فقال: صدق جابر. ثم قال: لعلكم ترون أن ليس كل إمام هو القائم بعد الإمام الذي كان قبله؟ ، (4).
• روى علي بن محمد الخزاز بإسناده عن أبي همام ابن نافع، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) لأصحابه يوماً، إذا افتقدتموني فاقتدوا بهذا فإنه الإمام بعدي وأشار إلى ابنه جعفر (5).
كرامات الإمام الصادق ( عليه السلام )
يتميّز الأئمّة ( عليهم السلام ) (http://www.tebyan.net/islamicfeatures/ahlalbait/articles/2004/5/9/28293.html) بارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب ، بسبَبِ مقامِ العصمة والإمامة ، ولَهُم - مثل الأنبياء - معاجزٌ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى ، وكونَهم أئمّة . وللإمام الصادق ( عليه السلام ) (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=40096) معاجزٌ وكراماتٌ كثيرةٌ ، سجَّلَتْها كتبُ التاريخ ، ونذكر هنا بعضاً منها :
- الكرامة الأولى :
عن المفضّل بن عمر ، قال : كنت أمشي مع أبي عبد الله جعفر ( عليه السلام ) بمكّة ، إذ مررنا بامرأة بين يديها بقرة ميّتة ، وهي مع صبية لها تبكيان ، فقال ( عليه السلام ) لها : ( ما شأنك ؟ ) .
قالت : كنت أنا وصبياني نعيش من هذه البقرة ، وقد ماتت ، لقد تحيّرت في أمري ، قال ( عليه السلام ) : ( أفتحبين أن يحييها الله لك ؟ ) قالت : أو تسخر منّي مع مصيبتي ؟
قال : ( كلا ، ما أردت ذلك ) ، ثمّ دعا بدعاء ، ثمّ ركضها برجله ، وصاح بها ، فقامت البقرة مسرعة سوية ، فقالت : عيسى ابن مريم وربّ الكعبة ، فدخل الصادق ( عليه السلام ) بين الناس ، فلم تعرفه المرأة .
- الكرامة الثانية :
قال صفوان بن يحيى : قال لي العبدي : قالت أهلي لي قد طال عهدنا بالصادق ( عليه السلام ) ، فلو حججنا وجدّدنا به العهد ، فقلت لها : والله ما عندي شيء أحج به ، فقالت : عندنا كسوة وحلي فبع ذلك ، وتجهّز به ، ففعلت ، فلمّا صرنا بقرب المدينة مرضت مرضاً شديداً حتّى أشرفت على الموت ، فلمّا دخلنا المدينة خرجت من عندها ، وأنا آيس منها ، فأتيت الصادق ( عليه السلام ) ، وعليه ثوبان ممصران ، فسلّمت عليه ، فأجابني وسألني عنها ، فعرّفته خبرها ، وقلت : إنّي خرجت وقد أيست منها ، فأطرق ملياً ، ثمّ قال : ( يا عبدي أنت حزين بسببها ؟ ) ، قلت : نعم .
قال : ( لا بأس عليها ، فقد دعوت الله لها بالعافية ، فارجع إليها ، فإنّك تجدها قد فاقت ، وهي قاعدة ، والخادمة تلقمها الطبرزد ) ، قال : فرجعت إليها مبادراً ، فوجدتها قد أفاقت ، وهي قاعدة ، والخادمة تلقمها الطبرزد ، فقلت : ما حالك ؟ قالت : قد صبّ الله عليّ العافية صبّاً ، وقد اشتهيت هذا السكّر ، فقلت : خرجت من عندك آيساً ، فسألني الصادق ( عليه السلام ) عنك ، فأخبرته بحالك ، فقال : ( لا بأس عليها ، ارجع إليها ، فهي تأكل السكّر ) .
قالت : خرجت من عندي وأنا أجود بنفسي ، فدخل عليّ رجل عليه ثوبان ممصران ، قال : ما لك ؟ قلت : أنا ميّتة ، وهذا ملك الموت قد جاء لقبض روحي ، فقال : ( يا ملك الموت ) ، قال : لبيك أيها الإمام ، قال : ( ألست أمرت بالسمع والطاعة لنا ؟ ) قال : بلى ، قال : ( فإنّي آمرك أن تؤخّر أمرها عشرين سنة ) ، قال : السمع والطاعة ، قالت : فخرج هو وملك الموت من عندي ، فأفقت من ساعتي .
- الكرامة الثالثة :
قال علي بن أبي حمزة : حججت مع الصادق ( عليه السلام ) ، فجلسنا في بعض الطريق تحت نخلة يابسة ، فحرّك شفتيه بدعاء لم أفهمه ، ثمّ قال : ( يا نخلة أطعمينا ممّا جعل الله فيك من رزق عباده ) ، قال : فنظرت إلى النخلة وقد تمايلت نحو الصادق ( عليه السلام ) ، وعليها أعذاقها وفيها الرطب .
قال : ( أدن ، فسم وكل ) ، فأكلنا منها رطباً أعذب رطب وأطيبه ، فإذا نحن بأعرابي يقول : ما رأيت كاليوم سحراً أعظم من هذا ؟ فقال الصادق ( عليه السلام ) : ( نحن ورثة الأنبياء ، ليس فينا ساحر ولا كاهن ، بل ندعو الله فيجيب ، وإن أحببت أن أدعو الله فيمسخك كلباً تهتدي إلى منزلك ، وتدخل عليهم وتبصبص لأهلك فعلت ) .
قال الأعرابي بجهله : بلى ، فدعا الله فصار كلباً في وقته ، ومضى على وجهه ، فقال لي الصادق ( عليه السلام ) : ( اتبعه ) ، فاتبعته حتّى صار إلى حيّه ، فدخل إلى منزله ، فجعل يبصبص لأهله وولده ، فأخذوا له العصا حتّى أخرجوه ، فانصرفت إلى الصادق ( عليه السلام ) فأخبرته بما كان منه ، فبينا نحن في حديثه إذ أقبل حتّى وقف بين يدي الصادق ( عليه السلام ) ، وجعلت دموعه تسيل على خديه ، وأقبل يتمرّغ في التراب ويعوي ، فرحمه فدعا الله له ، فعاد أعرابياً ، فقال له الصادق ( عليه السلام ) : ( هل آمنت يا أعرابي ؟ ) قال : نعم ألفاً وألفاً .
- الكرامة الرابعة :
قال يونس بن ظبيان : كنت عند الصادق ( عليه السلام ) مع جماعة ، فقلت : قول الله تعالى لإبراهيم : ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ ) ، أو كانت أربعة من أجناس مختلفة ؟ أو من جنس واحد ؟ فقال : ( أتحبّون أن أريكم مثله ؟ ) قلنا : بلى ، قال : ( يا طاووس ) ، فإذا طاووس طار إلى حضرته ، ثمّ قال : ( يا غراب ) ، فإذا غراب بين يديه ، ثمّ قال : ( يا بازي ) ، فإذا بازي بين يديه ، ثمّ قال : ( يا حمامة ) ، فإذا حمامة بين يديه .
ثمّ أمر بذبحها كلّها وتقطيعها ، ونتف ريشها ، وأن يخلط ذلك كلّه بعضه ببعض ، ثمّ أخذ برأس الطاووس فقال : ( يا طاووس ) ، فرأينا لحمه وعظامه وريشه يتميّز من غيره حتّى التزق ذلك كلّه برأسه ، وقام الطاووس بين يديه حيّاً ، ثمّ صاح بالغراب كذلك ، وبالبازي والحمامة مثل ذلك ، فقامت كلّها أحياء بين يديه .
- الكرامة الخامسة :
روى أبو الصلت الهروي عن الإمام الرضا ( عليه السلام (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=28525)) أنّه قال : ( قال لي أبي موسى ( عليه السلام ) : كنت جالساً عند أبي ( عليه السلام ) ، إذ دخل عليه بعض أوليائنا ) ، فقال : بالباب ركب كثير يريدون الدخول عليك ، فقال لي : ( أنظر من بالباب ؟ فنظرت إلى جمال كثيرة عليها صناديق ، ورجل راكب فرساً ، فقلت من الرجل ؟ ) .
فقال : رجل من السند والهند أردت الإمام جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، ( فأعلمت والدي بذلك ، فقال : لا تأذن للنجس الخائن ) ، فأقام بالباب مدّة مديدة ، فلا يؤذن له حتّى شفع يزيد بن سليمان ، ومحمّد بن سليمان ، فأذن له ، فدخل الهندي وجثا بين يديه ، فقال : أصلح الله الإمام أنا رجل من بلد الهند ، من قبل ملكها بعثني إليك بكتاب مختوم ، ولي بالباب حول لم تأذن لي فما ذنبي ؟ أهكذا يفعل الأنبياء ؟ قال : فطأطأ رأسه ، ثمّ قال : ( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) ، وليس مثلك من يطأ مجالس الأنبياء .
قال موسى ( عليه السلام ) : ( فأمرني أبي بأخذ الكتاب وفكّه ) ، فكان فيه : بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمّد الصادق الطاهر من كل نجس من ملك الهند ، أمّا بعد :
فقد هداني الله على يديك ، وإنّه أهدي إليّ جارية لم أر أحسن منها ، ولم أجد أحداً يستأهلها غيرك ، فبعثتها إليك مع شيء من الحلي والجواهر والطيب ، ثمّ جمعت وزرائي فاخترت منهم ألف رجل يصلحون للأمانة ، واخترت من الألف مائة ، واخترت من المائة عشرة ، واخترت من العشرة واحداً ، وهو ميزاب بن حباب ، لم أر أوثق منه ، فبعثت على يده هذه الجارية والهدية .
فقال جعفر ( عليه السلام ) : ( ارجع أيها الخائن ، ما كنت بالذي أقبلها ، لأنّك خائن فيما أؤتمنت عليه ) ، فحلف أنّه ما خان ، فقال ( عليه السلام ) : ( إن شهد عليك بعض ثيابك بما خنت تشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ) قال : أو تعفيني من ذلك ، قال : ( اكتب إلى صاحبك بما فعلت ) .
قال الهندي : إن علمت شيئاً فأكتب ، وكان عليه فروة ، فأمره بخلعها ، ثمّ قام الإمام ، فركع ركعتين ، ثمّ سجد ، قال موسى ( عليه السلام ) : ( فسمعته في سجوده يقول : اللهم إنّي أسألك بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ، أن تصلّي على محمّد عبدك ورسولك ، وأمينك في خلقك وآله ، وأن تأذن لفرو هذا الهندي أن يتكلّم بلسان عربي مبين يسمعه من في المجلس من أوليائنا ، ليكون ذلك عندهم آية من آيات أهل البيت ، فيزدادوا إيماناً مع إيمانهم ) .
ثمّ رفع رأسه ، فقال : ( أيّها الفرو تكلّم بما تعلم من هذا الهندي ) ، قال موسى ( عليه السلام ) : ( فانتفضت الفروة وصارت كالكبش ، وقالت : يا ابن رسول الله ائتمنه الملك على هذه الجارية وما معها ، وأوصاه بحفظها حتّى صرنا إلى بعض الصحاري أصابنا المطر ، وابتل جميع ما معنا ، ثمّ احتبس المطر وطلعت الشمس ، فنادى خادماً كان مع الجارية يخدمها ، يقال له : بشر ، وقال له : لو دخلت هذه المدينة فأتيتنا بما فيها من الطعام ، ودفع إليه دراهم ، ودخل الخادم المدينة ، فأمر الميزاب هذه الجارية أن تخرج من قبّتها إلى مضرب ، قد نصب لها في الشمس فخرجت ، وكشفت عن ساقيها ، إذ كان في الأرض وحل ، ونظر هذا الخائن إليها فراودها عن نفسها ، فأجابته وفجر بها وخانك ) .
فخرّ الهندي على الأرض ، فقال : ارحمني فقد أخطأت وأقرّ بذلك ، ثمّ صار فروة كما كانت ، وأمره أن يلبسها ، فلمّا لبسها انضمت في حلقه وخنقته حتّى أسود وجهه ، فقال الصادق ( عليه السلام ) : ( أيها الفرو خل عنه حتّى يرجع إلى صاحبه ، فيكون هو أولى به منّا ) ، فانحل الفرو ، وقال ( عليه السلام ) : ( خذ هديتك وارجع إلى صاحبك ) .
فقال الهندي : الله الله يا مولاي فيّ ، فإنّك إن رددت الهدية خشيت أن ينكر ذلك عليّ ، فإنّه شديد العقوبة ، فقال : ( أسلم أعطك الجارية ) ، فأبى ، فقبل الهدية وردّ الجارية ، فلمّا رجع إلى الملك ، رجع الجواب إلى أبي بعد أشهر فيه مكتوب : بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمّد الإمام ( عليه السلام ) من ملك الهند ، أمّا بعد :
فقد كنت أهديت إليك جارية ، فقبلت منّي ما لا قيمة له ، ورددت الجارية ، فأنكر ذلك قلبي ، وعلمت أنّ الأنبياء وأولاد الأنبياء معهم فراسة ، فنظرت إلى الرسول بعين الخيانة ، فاخترعت كتاباً وأعلمته أنّه جاءني منك بخيانة ، وحلفت أنّه لا ينجيه إلاّ الصدق ، فأقرّ بما فعل ، وأقرّت الجارية بمثل ذلك ، وأخبرت بما كان من أمر الفرو ، فتعجّبت من ذلك ، وضربت عنقها وعنقه ، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمّداً عبده ورسوله (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=44216)، واعلم أنّي واصل على أثر الكتاب ، فما أقام إلاّ مدّة يسيرة حتّى ترك ملك الهند وأسلم ، وحسن إسلامه .
- الكرامة السادسة :
عن هشام بن الحكم : أنّ رجلاً من الجبل أتى أبا عبد الله ( عليه السلام ) ، ومعه عشرة آلاف درهم ، وقال : اشتر لي بها داراً أنزلها إذا قدمت وعيالي معي ، ثمّ مضى إلى مكّة ، فلمّا حج وانصرف أنزله الصادق ( عليه السلام ) في داره ، وقال له : ( اشتريت لك داراً في الفردوس الأعلى ، حدّها الأوّل إلى دار رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والثاني إلى علي ( عليه السلام ) ، والثالث إلى الحسن ( عليه السلام ) (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=74415) ، والرابع إلى الحسين ( عليه السلام ) (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=28208) ، وكتبت لك هذا الصك به ) .
فقال الرجل لما سمع ذلك : رضيت ، ففرّق الصادق ( عليه السلام ) تلك الدراهم على أولاد الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، وانصرف الرجل ، فلمّا وصل إلى المنزل اعتل علّة الموت ، فلمّا حضرته الوفاة جمع أهل بيته وحلّفهم أن يجعلوا الصك معه في قبره ، ففعلوا ذلك ، فلمّا أصبح وغدوا إلى قبره ، وجدوا الصك على ظهر القبر ، وعلى ظهر الصك مكتوب : وفى لي ولي الله جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) بما وعدني .
- الكرامة السابعة :
إنّ حماد بن عيسى سأل الإمام الصادق ( عليه السلام ) : أن يدعو له ليرزقه الله ما يحج به كثيراً ، وأن يرزقه ضياعاً حسنة ، وداراً حسناً ، وزوجة من أهل البيوتات صالحة ، وأولاداً أبراراً ، فقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( اللهم ارزق حماد بن عيسى ما يحج به خمسين حجّة ، وارزقه ضياعاً حسنة ، وداراً حسناً ، وزوجة صالحة من قوم كرام ، وأولاداً أبراراً ) .
قال بعض من حضره : دخلت بعد سنين على حماد بن عيسى في داره بالبصرة ، فقال لي : أتذكر دعاء الصادق ( عليه السلام ) لي ؟ قلت : نعم ، قال : هذه داري ، وليس في البلد مثلها ، وضياعي أحسن الضياع ، وزوجتي من تعرفها من كرام الناس ، وأولادي هم من تعرفهم من الأبرار ، وقد حججت ثمانية وأربعين حجّة .
قال : فحجّ حماد حجّتين بعد ذلك ، فلمّا خرج في الحجّة الحادية والخمسين ، ووصل إلى الجحفة ، وأراد أن يحرم دخل وادياً ليغتسل ، فأخذه السيل ومر به ، فتبعه غلمانه فأخرجوه من الماء ميّتاً ، فسمّي حماد غريق الجحفة .
- الكرامة الثامنة :
عن أبي الصامت الحلاوني ، قال : قلت للصادق ( عليه السلام ) : أعطني شيئاً ينفي الشك عن قلبي ؟ قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( هات المفتاح الذي في كمّك ) ، فناولته ، فإذا المفتاح شبّه أسد فخفت ، قال : ( خذ ولا تخف ) ، فأخذته ، فعاد مفتاحاً كما كان .
----------------------------------------------------------------------
الهوامش
1 - إعلام الورى ص273 .
2 - أصول الكافي ج1 باب الإشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) ص243 رقم 1 .
3 - المصدر ص244 رقم 4 و7. وروى الأخير مختصراً الشيخ المفيد في الإرشاد ص245 .
4 - المصدر السابق .
5 - كفاية الأثر ص254 .