مرتضى علي الحلي
22-03-2012, 11:39 AM
(( يا حُكّامَ الوقت قِفوا هُنَيئةً عند واقعيات الإمام علي:عليه السلام))
============================== =============
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
:الوقفةُ الأولى:
==========
(( فلا تُكلّموني بما تُكلَّمُ به الجبابرة))
هذه أخلاقية ليتها توفرت في شخصية الحاكم المسلم اليوم.
فعلي:عليه السلام:
حتى هنا يترك صياغاته وأدبياته في صورة تعاطي الأمة مع الحاكم
فممنوعٌ على الأمة في منهج عليٍ:ع:
أنْ تُخاطب حاكمها بنمطيّة الجبابرة
فتقول مثلا :
(جلالة الملك أو فخامة الرئيس وهلُمَّ جرا)
فهذه قشريات لاتُبدّل من واقع الحاكم شيئا
بقدر ما تجعله مغرورا مخدوعا
:الوقفةٌ الثانية:
==========
يقول:ع: أيضا
((ولا تتحفظوا منيّ بما يُتَحَفَظُ به عند أهل البادرة:
أهل الحدة والشدة في الحكم:ولا تُخالطوني بالمُصانعة ))
وهذه مقولة رائعة وقيِّمة من لدن الإمام علي:ع:
إذ أنها تُركّز على أهمية بناء شخصية ونفسية الفرد والأمة في تعاطيها مع الحاكم
فالخوف والتحفظ والتذبذب مرفوض في مواجهة الحاكم بإعتباره المسؤول عن السلطة
وربما يبطش بها
إذا ما تعرض للنقد أو التقييم والتقويم من قبل الأمة أو الأفراد النخبوية
بل المطلوب المكاشفة وقول الحق والصدق وبقوة عند الحاكم
فيجب ترك التصنع والتزلف والوصولية في حال التعامل مع الحاكم
:الوقفةٌ الثالثة:
===========
يقول:ع:
مؤسسّاً لمنهج النقد الذاتي والغيري
ومنهج التقييم والتقويم والذي له الدور الكبير في إصلاح الدولة وبقائها
((ولا تظنوا بيّ إستثقالا في حق قيل لي
ولا إلتماس إعظام لنفسي
فإنَّه مَنْ إستثقل الحق أن يُقال له أو العدل أن يُعرض عليه
كان العمل بهما أثقل عليه
فلا تكفّوا عن مقالةٍ بحق أو مشورة بعدل ))
نعم إنّ علياً:ع: كان بدرجة من الوعي الكبير جدا
بحيث يلتفتُ الى منهج النقد البنّاء والناضج الذي يحتاجه شخص الحاكم وشخصية دولته
فلا تجريم في نظر علي:ع: حينما يٌقال الحق في موضعه وعلى الحاكم أن لا يستثقل ذلك في تلقيه له علنا
لأنّ الإنسان بصورة عامة والحاكم بصورة خاصة
إذا كان يستثقل قبول قول الحق أو المشورة العادلة له فهو من باب أولى سيكون أثقل في عمله ومسؤوليته عن بسط الحق والعدل ميدانيا .
: الوقفةٌ الرابعة:
==========
وأخيرا يختم الإمامُ عليٌ :ع: خطابه في مواصفات الحاكم والأمة والدولة.
فيقول:ع:
(( فإنِّي لستُ في نفسي بفوق أنْ أُخطِىءَ ولا آمنُ ذلك من فِعلي
إلاّ أنْ يكفيَ الله من نفسي ما هو أملكُ به منيّ
فإنما أنا وأنتم عبيدٌ مملوكون لربٍّ لاربَّ غيرهُ يملك منّا ما لانملكه من أنفسنا ))
: نهج البلاغة: خطبة 335:ص216:
(كل النصوص أعلاه مأخوذة من هذه الخطبة)
ففي هذا النص الأخير من لدن الإمام علي:ع:
نجد الواقعيّة تتجلى في أعلى درجاتها في تشخيص حال الإنسان في صورة إبتعاده عن الله تعالى ومنهجه
وصورة عدم تأييد الله له تعالى فيما لو إعتمد على نفسه وهواه فحسب
فلهذا ضرب لنا الإمام علي:ع: مثلا في نفسه وحاشاه من ذلك وهو المعصوم ولكنه يقصد الآخرين المعنين بالأمر .
فإنَّه :عليه السلام:
قد نظر إلى نفسه الإنسانية بما لها من خصائص ومزايا ومواصفات اقتضتها الطبيعة البشرية، والتكوين الإنساني.
فهو بهذه التركيبة
وبغض النظر عن اللطف والرعاية والعصمة الإلهية ليس بفوق أن يُخطئ
لوتُرِكَ الحال الى النفس والهوى .
ولذا قال:ع:
((فإنني لستُ في نفسي بفوق))
فكلمة :في نفسي:
تشير إلى أنَّه يتحدث عن نفسه بغض النظر عن اللطف الإلهي والعصمة الربانية
فهو :عليه السلام: بشر كالنبي :صلى الله عليه وآله:
وكيوسف، وإبراهيم ونوح وغيرهم،
فلو أوكلهم الله إلى أنفسهم، وحجب عنهم رحمته وتسديده
وابتعدوا عن لطفه تعالى ورعايته وعصمته
فإنَّهم ليسوا بفوق أن يخطئوا
فما بالك بحال الأخرين الغير معصومين من أول الأمر كالحكام العاديين ؟
إنّ الذي تقدّم هوإطلالة معرفية إجمالية في هوية الحاكم والدولة والأمة في نظر علي:ع:
وإلاّ فالتوسع يتطلب الكثير من بسط الكلام والتنظير والتفريع وفق المُؤَسّس له في منهاج علي:ع:
ذلك المنهاج الناضج والواعي والذي لم يترك بُعدا وجوديا
إلاّ توفّرَ عليه وخاصة البعد الواقعي والنفسي والسياسي والتدبيري والأخلاقي والديني في هيكلية بناء الفرد والدولة والمجتمع
.
والذي تجلى جوهره في مقولتي الحق والعدل اللتين تسعى لهما النخب الصالحة إنسانيا على مرّ التأريخ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
============================== =============
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
:الوقفةُ الأولى:
==========
(( فلا تُكلّموني بما تُكلَّمُ به الجبابرة))
هذه أخلاقية ليتها توفرت في شخصية الحاكم المسلم اليوم.
فعلي:عليه السلام:
حتى هنا يترك صياغاته وأدبياته في صورة تعاطي الأمة مع الحاكم
فممنوعٌ على الأمة في منهج عليٍ:ع:
أنْ تُخاطب حاكمها بنمطيّة الجبابرة
فتقول مثلا :
(جلالة الملك أو فخامة الرئيس وهلُمَّ جرا)
فهذه قشريات لاتُبدّل من واقع الحاكم شيئا
بقدر ما تجعله مغرورا مخدوعا
:الوقفةٌ الثانية:
==========
يقول:ع: أيضا
((ولا تتحفظوا منيّ بما يُتَحَفَظُ به عند أهل البادرة:
أهل الحدة والشدة في الحكم:ولا تُخالطوني بالمُصانعة ))
وهذه مقولة رائعة وقيِّمة من لدن الإمام علي:ع:
إذ أنها تُركّز على أهمية بناء شخصية ونفسية الفرد والأمة في تعاطيها مع الحاكم
فالخوف والتحفظ والتذبذب مرفوض في مواجهة الحاكم بإعتباره المسؤول عن السلطة
وربما يبطش بها
إذا ما تعرض للنقد أو التقييم والتقويم من قبل الأمة أو الأفراد النخبوية
بل المطلوب المكاشفة وقول الحق والصدق وبقوة عند الحاكم
فيجب ترك التصنع والتزلف والوصولية في حال التعامل مع الحاكم
:الوقفةٌ الثالثة:
===========
يقول:ع:
مؤسسّاً لمنهج النقد الذاتي والغيري
ومنهج التقييم والتقويم والذي له الدور الكبير في إصلاح الدولة وبقائها
((ولا تظنوا بيّ إستثقالا في حق قيل لي
ولا إلتماس إعظام لنفسي
فإنَّه مَنْ إستثقل الحق أن يُقال له أو العدل أن يُعرض عليه
كان العمل بهما أثقل عليه
فلا تكفّوا عن مقالةٍ بحق أو مشورة بعدل ))
نعم إنّ علياً:ع: كان بدرجة من الوعي الكبير جدا
بحيث يلتفتُ الى منهج النقد البنّاء والناضج الذي يحتاجه شخص الحاكم وشخصية دولته
فلا تجريم في نظر علي:ع: حينما يٌقال الحق في موضعه وعلى الحاكم أن لا يستثقل ذلك في تلقيه له علنا
لأنّ الإنسان بصورة عامة والحاكم بصورة خاصة
إذا كان يستثقل قبول قول الحق أو المشورة العادلة له فهو من باب أولى سيكون أثقل في عمله ومسؤوليته عن بسط الحق والعدل ميدانيا .
: الوقفةٌ الرابعة:
==========
وأخيرا يختم الإمامُ عليٌ :ع: خطابه في مواصفات الحاكم والأمة والدولة.
فيقول:ع:
(( فإنِّي لستُ في نفسي بفوق أنْ أُخطِىءَ ولا آمنُ ذلك من فِعلي
إلاّ أنْ يكفيَ الله من نفسي ما هو أملكُ به منيّ
فإنما أنا وأنتم عبيدٌ مملوكون لربٍّ لاربَّ غيرهُ يملك منّا ما لانملكه من أنفسنا ))
: نهج البلاغة: خطبة 335:ص216:
(كل النصوص أعلاه مأخوذة من هذه الخطبة)
ففي هذا النص الأخير من لدن الإمام علي:ع:
نجد الواقعيّة تتجلى في أعلى درجاتها في تشخيص حال الإنسان في صورة إبتعاده عن الله تعالى ومنهجه
وصورة عدم تأييد الله له تعالى فيما لو إعتمد على نفسه وهواه فحسب
فلهذا ضرب لنا الإمام علي:ع: مثلا في نفسه وحاشاه من ذلك وهو المعصوم ولكنه يقصد الآخرين المعنين بالأمر .
فإنَّه :عليه السلام:
قد نظر إلى نفسه الإنسانية بما لها من خصائص ومزايا ومواصفات اقتضتها الطبيعة البشرية، والتكوين الإنساني.
فهو بهذه التركيبة
وبغض النظر عن اللطف والرعاية والعصمة الإلهية ليس بفوق أن يُخطئ
لوتُرِكَ الحال الى النفس والهوى .
ولذا قال:ع:
((فإنني لستُ في نفسي بفوق))
فكلمة :في نفسي:
تشير إلى أنَّه يتحدث عن نفسه بغض النظر عن اللطف الإلهي والعصمة الربانية
فهو :عليه السلام: بشر كالنبي :صلى الله عليه وآله:
وكيوسف، وإبراهيم ونوح وغيرهم،
فلو أوكلهم الله إلى أنفسهم، وحجب عنهم رحمته وتسديده
وابتعدوا عن لطفه تعالى ورعايته وعصمته
فإنَّهم ليسوا بفوق أن يخطئوا
فما بالك بحال الأخرين الغير معصومين من أول الأمر كالحكام العاديين ؟
إنّ الذي تقدّم هوإطلالة معرفية إجمالية في هوية الحاكم والدولة والأمة في نظر علي:ع:
وإلاّ فالتوسع يتطلب الكثير من بسط الكلام والتنظير والتفريع وفق المُؤَسّس له في منهاج علي:ع:
ذلك المنهاج الناضج والواعي والذي لم يترك بُعدا وجوديا
إلاّ توفّرَ عليه وخاصة البعد الواقعي والنفسي والسياسي والتدبيري والأخلاقي والديني في هيكلية بناء الفرد والدولة والمجتمع
.
والذي تجلى جوهره في مقولتي الحق والعدل اللتين تسعى لهما النخب الصالحة إنسانيا على مرّ التأريخ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :