المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فن الخطابة


حميد م
23-03-2012, 12:41 AM
انواع الخطب

يمكننا ان نقسم الخطب الى اقسام :

1- الخطبة الدينيّة

2- الخطبة السياسية

3- الخطبة الحماسية

4- الخطبة القضائية

5- الخطبة التأبينية

6- الخطبة الاجتماعية

7- الخطبة العلمية

8- الخطبة الترحيبية.


1) الخطابة الدينيّة:

موضوع هذه الخطابة كما يبدو من اسمها، هو المسائل الدينية و تتمحور حول ‏الدّين واصوله، وكيف نشأ الدين ، والمشاكل والمضاعفات التي تنجم عن غياب الدين عن المجتمعات.
الخطبة الدينية الناجحة هي التي تحرك المشاعر، وتأخذ بمجامع القلوب و تحرك العقول، و لذا فهي ترفع الرذائل من المجتمع، تنشر الفضائل فيه، و تجذبة الى حظيرة الايمان و الاخلاق الحسنة، فالخطبة الدينية تفترق عن سائر الخطب بالقداسة والمعنوية، محاطة من كل جوانبها بالنور خالصة من شوائب المادية ، تبدأ بحمداللّه‏ و تزرع الامل في قلوب السامعين وأحسن مثال لها خطب نهج البلاغة .
كان قوم عاد من الاقوام التي لم تطع نبيّها هود وآذوه كثيرا وانشغلوا ببناء القصور لذا خاطبهم قائلاً:
«...أَلا تَتَّقُون». « إِنّي لَكُم رَسُول أَمِين». «فَاتَّقوا اللَّهَ وأَطِيعُونِ». «وَ ما أَسئَلُكُم عَلَيه مِنْ أَجرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلى رَبِّ العالَمِين». «أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ تَعْبَثُونَ». «وَ تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَكُمْ لَعَلَّكُم تَخْلُدُونَ». «وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبّارِيْنَ». «فَأتَّقُوا اللّهَ وَ أَطِيعُونِ». «وَ اتَّقُوا الَّذِيآ أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ». « أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِيْنَ». « وَ جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ». «إِنّيِ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ»

عوامل عدم نجاح الخطبة الدينية:

1) تشتت الكلام : في كل كلمة تلقى يجب ان يختار المحاضر موضوعاً واحداً و يُشبع ذلك الموضوع بحثاً بحيث يصل السامع الى درجة الاقتناع و يجعل الاولوية في اختيار المواضيع حاجة المجتمع و امّا تعدد المواضيع و اختلافها في الخطبة الواحدة توجب تشتتاً لذهن السامع و عدم رغبته في الالتفات والاستماع و بالنتيجة لا تؤثر الكلمة اثرها في المستمع.
2) مخالفة القول للعمل: عدم التطابق والانسجام بين القول و العمل الناتج عن ضعف الايمان و غلبة الهوى قد نهانا اللّه‏ عنه مراراً و كراراً.
«أتَأمُرونَ النّاسَ بِالبِرِّ وَتَنسَونَ اَنفُسَكُم».
3) الاساليب القديمة: على الخطيب ان يختار الاساليب الحديثة لبيان ما يختلج في صدره و اما الاساليب المتكررة فهي تقلّل من رغبة السامع للاستماع بل قد توجب نفرته فالاسلوب المتّبع يجب ان يكون منسجماً مع الزمان و المكان و ان يستخدم الالفاظ المألوفة لدى مجتمعه و مستمعيه.
4) المطالبة بالاجر: على الخطيب الديني ان يكون متمتعاً بالاخلاق والفضائل الروحية وان يتنزه عن المطالبة بالاجر التي تقلل من التأثير المعنوي للكلمة والخطابة الاخلاقية الدينيّة.
5) عدم الاطلاع: على الخطيب الديني ان يكون مسلحاً بالعلم والاحاطة الكاملة بالمسائل الدينية فعدم اطلاعه الواسع يسفر عن تنفر السامع من الدين بدل ان يجذبه اليه.

2) الخطابة السياسية:

هذه الخطابة تلقى عادة في امور تخص الدولة والشعب في قضايا و مواضيع مختلفة، في الحرب والصلح، في الاقتصاد والزراعة، في التربية والتعليم، و يمكن ان تلقى في اماكن مختلفة كالبرلمانات والمجالس والمؤتمرات الدولية .

شرائط الخطيب السياسي:

1) الدّقة في اختيار الموضوع : القضايا السياسية كما نعلم على انواع مختلفة، فعليه ان لا يطرح كل مسألة سياسية في كل مكان و زمان، فلابدّ من ملاحظة الزمان والمكان في القائها و ايرادها فمثلاً عندما غصبت الخلافة من اميرالمؤمنين عليه‏السلام بما ان الرأى العام آنذاك لم يكن مستعداً لسماع كلام اميرالمؤمنين عليه‏السلام ، لزم السكوت، الاّ انّه عندما رأى ابا سفيان و غيره يريدوا الفتنه اورد خطبة تفقع عين الفتنة: «ايها الناس شقوا امواج الفتن بسفن النجاة و عرّجوا عن طريق المنافرة...» بعد ان لبّى النّبي دعوة ربّه وبعد انقضاء حادثة السقيفة أتى العبّاس بن عبد المطلب وابو سفيان الى امير المؤمنين وعرضا عليه البيعة .لعلم الامام بسوء نوايا ابي سفيان قال:
ايّها النّاس شقّوا امواج الفتن بسفن النجاة وعرّجوا عن طريق المنافرة وضعوا تيجان المفاخرة أفلح من نهض بجناح او استسلم فاراح .هذا ماء آجن ولقمة يغص بها آكلها ومجتني الثمرة لغير وقت ايناعها كالزرّاع بغير ارضه.
فان أقل يقولوا حرص على الملك وان اسكت يقولوا جزع من الموت هيهات بعد اللتيا والّتي واللّه لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي امّه بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الارشية في الطوى البعيدة
2) على الخطيب السياسي ان يكون خبيراً في اقناع السامع بحيث يسّد عليه طريق الاشكال والمحاجّة.
3) ان يكون حاضر الذهن، سريع الانتقال، مقتدراً على ارتجال الخطابة، مهيئاً لأجوبة الأسئلة المفاجئة التي تطرح في خلال كلامه و ان يكون دقيقاً في الجواب و ان يجيب بعدة اجوبة مقنعة.
4) ان يكون مؤمناً بكلامه بحيث لا يخلو كلامه من الحرارة العاطفية لكي ينفذ كلامه الى قلب السامع ويؤثر أثرا خاص.
5) ان يكون متمتعاً بالمنطق والاستدلال، لكي يجيب جازماً و ان يجتنب التهم للاحزاب والفرق السياسية.

شروط الخطبة السياسية

1 ـ الاعتماد على الخيال و المشاعر: بما ان الخطيب السياسي يحتاج الى تبرير الاعمال، اقناع الناس، او تهييج المشاعر، فلهذا يجب ان يكون متمتعاً بالخيال الواسع والشعور المرهف الجيّاش ليحرك مشاعر المخاطبين، ليحيي الامال و يسحر القلوب .
2 ـ التنوّع: الخطيب السياسي لابدّ له من ان يراعي مقتضى الحال والزمان والمكان. فلهذا يلزم عليه ان يستفيد من اساليب و اطوار مختلفة فتارة يتكلم بحرارة و حماس و اخرى بهدوء، كلامه في بعض الاحيان يكون صريحاً واضحاً و في حين اخر مبهماً و مجملا، تارة يتكلّم بجدّية و اخرى بمزاح و ضحك. والتنوع احسن طريقة يراعي فيها مشاعر خصومه لا يثير فيها غضبهم و نقمتهم و في نفس الحال يصل الى هدفه و غايته المرسومة.
3 ـ الاعتماد على القانون: اذا اعتمد الخطيب السياسي في خطبته على القانون و على عظماء الشعب كان كلامه مقبولاً لدى الشعب، فيجدر بالخطيب السياسي ان يعتمد بالاستدلال على المنطق و اراء العظماء من بلده و شعبه .
4 ـ الاعتماد على المقدّسات: كل مجتمع تنزه وتقدس فيه بعض الاشياء. فاذا لم يكن في المجتمع دين و ايمان، تكون هذه المقدسات ركيزه مهمّة لخلق الملاحم التأريخية الكبيرة ـ فمثلاً يستفيد الخطيب من الشعور الديني في المجتمع الديني و من الضمائر العفيفة الطاهرة في المجتمع اللاديني لينبّه الغافلين و ليسايره الملايين من الناس في مسيرته.
مثل خطبة الامام اميرالمؤمنين عليه‏السلام:«ذمّتي بما اقول رهينة و انابه زعيم. انّ من صرَّحت له العبر...».


3) الخطابة الحماسية:

و هي الخطابة التي تلقى في ترغيب المقاتلين والعسكريين لمزاولة الحرب والجهاد ضد العدوّ، فعلى المتكلم ان يرفع من معنويات السامعين و يزرع في قلوبهم حبّ الشهادة في سبيل اللّه‏، والاعتماد على النفس، والتهيّأ الجسمي والروحي لمزاولة القتال.
فالخطيب الحماسي يمكن ان يستخدم في ايام الصلح، الكلمات الطويلة والاستدلالية بينما عند الحرب و احتدام القتال يجب ان يختار الكلمات القصيرة والعاطفية فانّها اكثر تأثيراً على السامع.
خصائص الخطبة الحماسية: هي ان تحتوي على كلمات مهيّجة، مشجعة، تزرع الامل لكسب الفوز والانتصار، و يمكن ان نلخّص هذه الخصائص بما يلي:
1) مشجعة.
2) رافعة للمعنويات.
3) مجسمة و مصورة لاسباب الهزيمة والانتصار ـ بتشبيهات لازمة سريعة الفهم والانتقال.
4) بعبارات مختصرة حازمة مع اللحن الحماسي النضالي والكلمات المجلّلّة.

هذه الخصائص توجب ثبات قدم المقاتلين والشد في عزائمهم، وتلوح لهم بالنصر فتقوى عزيمتهم للوصول الى الهدف و يشتد سعيهم و يتضاعف.
لذا فان امير المؤمنين عليه‏السلام بعد ان انتهى من قتال الخوارج دعى الناس الى الذهاب الى الشام الاّ انهم ابوا و رجعوا الى الكوفة، فخطب فيهم في مسجد الكوفة قائلاً:
«افّ لكم لقد سئمت عتابكم، أرضيتم بالحياة الدنيا من الاخرة عوضا؟ و بالذّل من العزّ خلفا؟، اذا دعوتكم الى جهاد عدوّكم دارت اعينكم كانّكم من الموت في غمرة و من الذّهول في سكرة، يرتج عليكم حوارى فتعمهون، فكأن قلوبكم مألوسة، فانتم لاتعقلون.

4) الخطابة القضائية:

نعني بذلك المحاضرة التي يعدها و ينظمها القاضي والمحامي والمتهم في المحكمة، ولا نعني بالمحاكم، المحاكم الرسمية فقط. فهذه الخطب دورها واسع و يمكن ان تعد في الدفاع عن شعب كامل و تلبس حينذاك ثوب الخطابة السياسية، و بما انّها تدافع عن شعب مظلوم او شخص محق يمكن ان تكون في نفس الحال، خطابة قضائية ايضاً. فدورها اذن بيان الحق من الباطل و حماية الحق و صيانته و حراسة المجتمع من الوقوع في المهاوي والانحطاط، والاخذ بيده الى السؤدد و التعالي.
فينبغي اذن للخطيب ان يكون شجاعاً، صارماً، لا يعرف الخوف والذي ليس كذلك لا ينبغي له ان يدخل في هذه المجالات.
و هنا نذكر نموذجاً من احد خطب الامام علي عليه‏السلام بعد ان بايع طلحة والزبير الامام عليّا عليه‏السلام أخذا بالاعتراض عليه منتقدين إياه على عدم مشاركتهما واستشارتهما في الامور فاجاب الامام عليه‏السلام قائلاً:
الا تخبراني اي شى‏ء كان لكما فيه حقّ دفعتكم عنه. أم ايّ قسم استأثرت عليكما به ،أم ايّ حقّ رفعه أحد المسلمين ضعفت عنه أم جهلته ،أم أخطأت بابه.
واللّه ما كانت لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية اربة ولكنّكم دعوتموني اليها وحمّلتوني عليها ،فلمّا أفضت الىّ نظرت الى كتاب اللّه وما وضع لنا ،وأمرنا بالحكم به فاتبعته ،وما استنّ النّبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ،فاقتديته ،فلم احتج في ذلك الى رأيكما ولا رأي غيركما ولا وقع حكم جهلته فاستشيركما واخواني من المسلمين ،ولو كان ذلك لم أرغب عنكما ولا عن غيركما.
امّا ما ذكرتما من أمر الاسوة فانّ ذلك امرلم أحكم انا فيه برأيى ،ولا وليته هوى منّي ،بل وجّدت انا وانتما ما جاء به رسول اللّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قد فرغ منه ،فلم أحتج اليكما فيما قد فرغ اللّه من قسمه ،وأمضى فيه حكمه ،فليس لكما واللّه ،عندي ولا لغيركما في هذا عتبى . أخذ اللّه بقلوبنا وقلوبكم الى الحقّ والهمنا وايّاكم الصبر.رحم اللّه رجلاً رأى حقّا فاعان عليه ،او رأى جورا فردّه ،وكان عونا بالحقّ على صاحبه

امّا دور المدعي العام:

1) ان لا يتخذ موقفاً مضادّاً في قبال المتهم.
2) ان يبيّن حقيقة الجريمة بدون مبالغة و اغراق.
3) ان يكون فصيحاً و بليغاً.
4) ان يستخدم الفاظاً ترفع من عظمة القانون والعدالة والقضاء.
5) ان يكون تعبيره بيّناً و واضحاً، بدون اطناب ممل و لا ايجاز مخل.

دور المحامي: المحامي بامكانه تفصيل وشرح علل واسباب الوقوع في الجريمة ،لانّها قد تخفف من شدّة وطأة الحكم ،ولاجل تخفيف الحكم عليه ان يستخدم في الدفاع عن المجرم هذه الامور:
1) ان ينظم الدفاع عن المتّهم بشكل قانوني يتناسب مع المحكمة والقضاء.
2) ان يستند في دفاعه عن المتّهم الى القانون و يراعي مشاعر الحاضرين ويكون قوياً في دفاعه.
3) ان يدخر بعض الأدلّة القوية والمحكمة لكي يستخدمها عند اللزوم.
4) ان يفرض نفسه في مقام المتّهم، و ان يأتي بمقدمات مهيّجة لمشاعر و عواطف الحاضرين و ان يحترم المحكمة.

5) الخطابة التأبينيّة:

مجالس التأبين تبتدأ عادة بقراءة الايات القرانية، ثم ذكر دور المتوفى في حياته الاجتماعية بما يتناسب مع عمله و حرفته ثم تختم بالموعظة للحاضرين و طلب المغفرة للمتوفى و تسلية اخلاف ووراثه الميت و تصبيرهم على قضاء اللّه‏ و تقديره.
امّا بالنسبة للمعصومين الطاهرين عليهم‏السلام فيجب ان يكون مجلس العزاء مجللاً يبيّن فيه فداحة الخطب الذي اصيب به المعصوم عليه‏السلام و يشرح ادوار المعصوم عليه‏السلام المختلفة في شتّى المجالات.
نموذج الخطابة التأبينيّة:
قال النبى الاكرم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : اللّهم فصل على محمد امينك على و اخيك و نجيبك من خلقك و صفيّك من عبادك، امام الرحمة و قائد الخير و مفتاح البركة كما نصب لامرك نفسه و عرض فيك للمكروه بدنه و كاشف فى الدعاء حامّته و حارب فى رضاك اسرته وقطع فى احياء دينك رحمه... اللهم فارفعه بما كدح فيك الى الدرجة اللعليا من جنّتك حتى لايساوى فى منزلة و لايكافا فى مرتبة ولايوازيه لديك ملك مقرب و لانبىّ مرسل.
تأريخنا الاسلامي ملى‏ء بالوقائع التي هي بالحقيقة والواقع تعتبر عبرة لمن اراد ان يعتبر، تزيد من ايمان المؤمنين و تكسبهم عزيمة قوية على ان لايتزلزلوا عن طريق الحق والهداية مهما كلف الامر و تبدل حياتهم الى حياة خالدة و زاخرة بالفوائد.
من هذه الوقائع العظيمة التحليل الصحيح والنظرة الدقيقة لحياة اميرالمؤمنين عليه‏السلام و بيان مظلوميته او حادثة كربلاء او لحياة الامام السيّد الخميني قدس‏سره تصنع لنا الملاحم و تجعل المستقبل في اعيننا زاهراً، و تبيّن لنا ما هو الطريق الصحيح الذي يلزم علينا سلوكه،وهذا لا يمكن الاّ ان نعتبر من الوقائع والحوادث التي جرت في صدر الاسلام وفي زمن الائمة عليه السلام «فَاعْتَبِرُوا يا أُوْلِى الأَبْصارِ»

6) الخطابة الاجتماعية:

تطرح فيها المعضلات الاجتماعية، اضرار المشكلة الاجتماعية و سلبياتها الفردية والاجتماعية و تشرح كل مشكلة شرحاً وافياً و اعطاء الحلول لها، لكي يتسنى للسامع طريق المقابلة والوقوف في وجه المشاكل الاجتماعية.
القضايا الاجتماعية لو تطرح طرحاً صحيحاً و تبين للناس انواعها و اقسامها، منافعها و مضارها، هذا البيان سوف يرفع من ثقافة الناس و يجعل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سهلاً يتقبّله الناس بسهولة فيكون المجتمع مجتمعا سالماً و نزيها.
هذه المسئولية تقع ـ بالدرجة الاولى ـ على عاتق المبلّغين فلابدّ لهم ان يزيحوا هذا التصور الخاطى‏ء عن الاسلام بان الاسلام ليس له قدرة على ادارة المجتمع. فانّهم إن تقاعسوا عن هذه المهمة فلابدّ لهم ان يحضروا جواباً يوم يقوم الناس للحساب؛ لان ذنب المجتمع سوف يسجّل في صحيفتهم كما انّهم لو سعوا في هداية المجتمع يجعل ثواب هداية المجتمع لهم و يكتب في صحيفتهم.
أحد المشاكل التي تعانيها الجوامع البشريّة في يومنا هذا قطيعة الرحم وعدم التزاور.
خطب امير البيان امير المؤمنين النّاس بخطبة قال فيها:
ايّها النّاس !انّه لا يستغني الرجل (وان كان ذا مال)عن عترته (عشيرته) ودفاعهم عنه بايديهم وألسنتهم وهم أعظم النّاس حيطة من ورائه ،والمهم لشعثهم ،وأعطفهم عليه عند نازلة اذا نزلت به،ولسان صدق يجعله اللّه للمرء في النّاس خير له من المال يرثه غيره.
الا لايعدلنّ أحدكم عن القرابة يرى بها الخصاصة ان يسدّها بالذي لا يزيده ان أمسكه ولا ينقصه ان أهلكه ومن يقبض يده عن عشيرته ،فانّما تقبض منه عنهم يد واحدة، وتقبض منهم عنه أيد كثيرة ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودّة (المحبّة)

7) الخطابة العلمية:

العلم يتسع يوماً فيوم. في كل يوم نسمع عن انعقاد المؤتمرات العلمية في العالم ليبين العلماء فيها ثمرة جهودهم و آخر ما توصلوا اليه ليبطلوا فيها آراء الاخرين و نظرياتهم.
هذه الخطب تلقى في العلوم المختلفة كالطب، الفضاء، العلوم الطبيعية، الادب، و لابدّ ان يستدّل الخطيب لاثبات نظريته؛ لانها سوف تناقش من قبل الحاضرين و تثار حولها الشبهات. فعليه ان يجيب عليها فلذا تعتبر الخطبة العلمية من اصعب الخطب و لو تمكن الخطيب من بيان ما توصل اليه من نظريات جديده باسلوب سهل و واضح مجتنباً فيه الاصطلاحات العلمية لكان احسن وانفع للسامعين.

نموذج الخطابة العلمية:

القى الامام الصادق عليه‏السلام على احد أصحابه المسمّى بالمفضل درس التوحيد وقد جاء فيه:
اعلم انّ للانسان اربع قوى :الاولى الجاذبة والتي تقوم بجذب الطعام والغذاء.
الثانية: وهي الماسكة والتى تمسك الطعام وغيره في المعدة كي تعمل فيه قواها.
الثالثة: الهاضمة والتي يتم الهضم فيها ويصل الى سائر الاعضاء.
الرابعة: الدافعة والتي تقوم بدفع ما تبقّى من طعام بعد تأمين غذاء البدن

8) الخطابة الترحيبيّة:

هذه الخطب تلقى لمدح الاشخاص و لانتقادهم بعض الاحيان و لا تلقى عادة الاّ بالمجالس الرسميّة الاّ انّها لا تختصّ بناس دون ناس و لا بشريحة اجتماعية خاصّة. بل الكل يمكن ان يستعمل هذا النوع من الخطابة. و لابدّ من القول بان هذه الخطب تستعمل اغلب الاحيان لمدح الاشخاص و قلّ ما تستعمل للذم والانتقاص كما هوالمعروف و المتبادر من تسميتها.
المدح والقدح من الامور التي قد ركّز القرآن عليها كثيرا وقد كان أمير المؤمنين عليه‏السلام من الذين تعرّض الى مدح القرآن فقال عزّمن قائل:
«اِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ و يُطَهِّرَكُم تَطهِيرا» و «اِنَّما وَلِيُّكُم اللّهُ و رَسُولُهُ و الَّذِينَ ءَامَنُوا أَلَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ و يُؤتُونَ الزَّكاةَ و هُم راكِعُونَ.»
لذا بعد ان انتخبه الحقّ عزّوجلّ لأمرة المسلمين خاطب نبيّه "صلى‏الله‏عليه‏ و‏آله " قائلاً :
«يا أَيُّها الرَّسُولُ بَلِّغ مآ اُنزِلَ اِلَيكَ مَن رَبِّكَ و اِنْ لَّمْ تَفعَل فَما بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النّاسِ اِنَّ اللّهَ لايَهدِى القومَ الكافِرِينَ.»
(وقد صدع بهذا الامر المصطفى" صلى‏الله‏عليه‏و‏آله" في غدير خم حيث قال:
من كنت مولاه فعلي مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.
فتلتها الاية:
«اَلْيَومَ اَكْمَلْتُ لَكُم دِينَكُم و اَتْمَمْتُ عَلَيْكُم نِعْمَتِى و رَضِيتُ لَكمُ الإِسلامَ دِيناً»
لماذا؟! لعدم انفكاك علي عن الحقّ.وقد قال رسول اللّه "صلى‏الله‏عليه‏و‏آله" :
علي عليه‏السلام مع الحقّ والحقّ مع علي عليه‏السلام يدور معه حيثما دار
كما مدح الرسول الاعظم "صلى‏الله‏عليه‏و‏آله" الصديقة الطاهرة "عليهاالسلام " قائلاً:
من أحب ابنتي فاطمة عليهاالسلام فهو معي في الجنّة ومن أبغضها فهو في النار . حبّ فاطمة "عليهاالسلام " ينفع في مأة موطن ،أيسر تلك المواطن الموت والقبر والميزان والحشر والمحاسبة .
فمن رَضِيتْ عنه رضيتُ عنه ،ومن غَضِبتْ عليه غضبتُ عليه ومن غَضَبْتُ عليه غَضَبَ اللّهُ عليه ،وويل لمن ظلمها وذريّتها وشيعتها* *

الخطابة الحسينية (المأتم الحسيني)

احدى الخطب التي تتميز عن سائر الخطب الاخرى هي الخطبة الحسينيّة .ولدورها الفعّال في حفظ بيضة الاسلام وكيان التشيّع نذكرها هاهنا بشكل مستقل.
وتنتشر مثل هذه الخطبة في المناطق العربية و نشاهد اندفاع النّاس اليها يزداد يوما بعد يوم. ويمكن القول بانّ هذه الخطبة هي من أحسن الخطب التي قامت بشر التراث والثقافة الاسلاميّة والدفاع عن مذهب اهل البيت عليهم‏السلام . و قد يركّز في هذه الخطب على فاجعة الطف الدامية ويتم طرح بعض الابحاث فيها.
تتكون هذه الخطب من الحمدلة والثناء الالهي وابياتا من المدح والرثاء ثمّ ذكر البحث و ثمّ العروج الى ذكر المصاب .
وقد تبدأ غالبا هذه الخطب بهذه الصورة :
صلّى اللّه عليك يا سيّدى ومولاى يا رسول اللّه ،صلّى اللّه عليك وعلى أهل بيتك المظلومين ،ما خاب من تمسّك بكم وأمن واللّه من لجأ اليكم يا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزا عظيما.
أو: صلّى اللّه عليك يا سيدي ويا مولاي يا ابا عبد اللّه صلّى اللّه عليك يا ابن رسول اللّه، يا رحمة اللّه الواسعة ويا باب نجاة الامّة يا غريب يا مظلوم كربلا ،ما خاب من تمسك بكم وأمن من لجأ اليكم يا ليتنا كنّا معكم سادتي فنفوز فوزا عظيما .
أو: صلّى اللّه عليك يا رسول اللّه وعلى بضعتك فاطمة الزهراء..و..
وثمة انواع اخرى من الخطب أحجمنا عن نقلها مخافة الاطناب.
* * *
ثلاثون شرط حول فنّ الخطابة :

1 ـ تحدث بهدوء و تأنّي من دون عجلة و لا تسرع.
2 ـ لا ترتقي المنبر من دون مطالعةٍ مسبقة كافية.
3 ـ لا تتحدّث و انت في حالة حزن أو فرح أو اضطراب و قلق، و تجنّب الحديث ايضا مع الحاجة الى بيت الخلاء؛ فانّ هذه الحالات جميعها بما انّها غير طبيعية تنعكس على الخطيب و كلامه.
4 ـ حاول أن تهدأ من الضجيح و تعالي الاصوات في المجالس بتدبير و حكمة لابغضب و صياح.
5 ـ لا تغتر عند ما يتلقّى السامع حديثك بالقبول؛ لأنّه يفقدك الاخلاص، و لاتنخدع به، لقول أميرالمؤمنين عليه‏السلام : «كم من مفتونٍ بحسن القول فيه».
6 ـ تناول شيئا من الطعام قبل الحديث ان كنت تحسّ بالجوع و تجنّبه عند التخمة؛ لأنّ الجوع والتخمة يؤثّران على الحديث.
7 ـ اترك الحديث عند الاعياء والتعب و تحدّث بعد الاستراحة و تجمع القوى.
8 ـ اهتم بمظهرك الخارجي، ارتدي الملابس الجميلة التي تناسب محل الخطابة؛ لانّ الملابس الجميلة بل المظهر بصورة عامة لا يخلو من التأثير على السامع.
9 ـ الابتسامة حين التحدّث تحسّس السامع انّك فرح بلقائه و بمحاورته.
10 ـ حاول ان تجمع المستمعين في نقطة معيّنة من المجلس؛ لأنّ تفرقّهم يوجب تشتّت البال و عدم تمركز الحواس.
11 ـ المكان لابدّ ان يناسب الحضور، فالمكان الواسع للجمع الغفير، و امّا اذا كان عدّتهم قليلة فالاحسن أن يكونوا في مكان يناسب عدّتهم كالغرفة الصغيرة والاحسن للخطيب حينذاك أن يجلس على الارض و لا يرتقي المنبر و لا يستفيد من مكبّرة الصوت.
12 ـ الهواء داخل قاعة الخطابة لابدّ ان يكون نقياً، والضوء لابدّ أن يكون كافيا.
13 ـ حين الخطابة حاول ان لا تجلس احداً بازاءك و بالقرب منك ،لكي تتجه الانظار كلّها لك و تتمركز الحواس نحوك.
14 ـ تجنّب الحركات والحالات غير الطبيعية.
15 ـ اداء الكلمات بصورة فصيحة و القاء الكلام بقوة لا بالتأنّي الزائد و لا بالعجلة الزائدة.
16 ـ قبل ان تشرع في الخطابة، حاول ان تمر على ما تريد القاءه بذهنك لقول اميرالمؤمنين عليه‏السلام : «فكّر ثمّ تكلّم تسلم من الزلل».
17 ـ حاول الحفاظ على حيوية المجلس و نشاطه بالنظرات والحركات وبالاسئلة والاجوبة ان كانت مناسبة، أو حكاية قصّة لطرد النعاس والكسل من الحاضرين.
18 ـ لا تتحدّث اكثر من الوقت المعيّن و حاول ان تحضر في الساعة المعيّنة قال أمير المؤمنين: اللّه اللّه في نظم أمركم .
19 ـ حاول ان لا تستفيد من الاوراق والمذكّرات حال الخطابة إلاّ عند الضرورة كقراءة الايات والروايات.
20 ـ تنظيم الموضوع و حفظ التسلسل من البداية الى النهاية، والتجنّب من كثرة التفصيل لانّه ممل، و لا بأس من اخذ النتيجة في نهاية الخطابة والمرور السريع على مضامينها و نتائجها.
21 ـ لا تقلّد أحداً في كيفية الالقاء و طريقتك في الخطابة حاول أن تكون مبتكراً.
22 ـ اجتنب الاتكاء على الكرسي والمنبر واجتنب ايضا اللعب بالمسبحة و أزرار الثوب والعبث باللحية و كل شيء يوجب تشتّت حواس السامع.
23 ـ الاحسن ان يجلس الناس على هيئة بحيث لا يقع نظرهم على الداخلين الى المجلس حين الخطابة.
24 ـ الاحسن للخطيب قبل حضوره المجلس أن يعلم بعدد المشاركين و بمستواهم الثقافي و في كيفية تفكيرهم و باحتياجاتهم المعنوية والفكرية.
25 ـ بعد بيان النقاط المهمّة للحديث الاحسن أن يقطع الكلام وقتاً مّا، ليعطي للسامع فرصة التفكّر والتأمّل.
26 ـ التنفس العميق قبل شروع الخطابة و بعدها و في أثناءها يزيل التعب و يعيد الطاقة.
27 ـ اطلب من اصدقائك الخلّص ليبيّنوا لك نواقصَك في الخطابة، لتتمكّن في المستقبل من رفعها، لتبني نفسك و تعد منها خطيباً ماهراً.
28 ـ الخطابة وظيفة و تكليف و ليست عملاً و لا مهنة و لهذا تؤثر في القلوب.
29 ـ التكرار من دون هدف و لا غاية يوجب للسامع الملل.
30 ـ حاول ان توزّع نظراتك على السامعين بالسوية و لا تؤثر جمعا منهم على غيرهم.
منقول

نرجس*
24-03-2012, 12:41 AM
طرح راائع ومميز يسلموأخوي

بحب الله نحيا
24-03-2012, 01:48 AM
اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم

موضوع رائع وقيّم

أشكرك جزيلاً أخي

بارك الله بك ونفع بك الإسلام والمسلمين

رعاكم الله ’’

صادق العارضي
24-03-2012, 07:38 AM
معلومات جميلة بخصوص فن الخطابة شكرا لك

ربيبة البتول
24-03-2012, 08:55 AM
شكرا لك اخي المتواضع على هذا الموضوع المفيد

تحياتي لك
ربيبة البتول

تلميذة الحسين
25-03-2012, 03:00 PM
موضوع قيم بوركتم

حميد م
27-03-2012, 12:23 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهم
أولا أهنئكم بولادة السيدة العظيمة زينب الكبرى في الخامس من شهر جماد الأولى
وثانيا اشكركم على هذه الردود التي تنم عن ذوق مميز
تحياتي

ابو محمد الاسدي
28-03-2012, 06:16 PM
موضوع موفق ومبارك
لا ننسى ان الخطبة تبنى على المسلمات
ولا تحتاج الى اليقينيات او الضنيات
(بس وين خطبة الزواج )
تقبل مروري

حميد م
31-03-2012, 09:03 PM
شكرا جزيلا على مرورك الكريم