المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المدينة الفاضلة


بغدادي
18-08-2007, 06:30 PM
معالم المدينة الفاضلة في عصر الظهور
قضت الارادة الالهية ان لا تنتهي اوراق سجل التاريخ الا بسطور العدالة. و جاء‌ التاكيد الالهي بانه لو لم يبق من عمر الدنيا الا يوما واحدا لطول الله ذلك اليوم حتي يتحقق الحلم الموعود و تنبت شجرة العدالة في ربوع المجتمع الانساني و تمتليء الارض قسطا و عدلا بعد ان ملئت ظلما و جورا. و البحث الآتي يستعرض جانبا من ملامح المدينة الاسلامية الفاضلة.

مدينة العدل
يدعي الغرب بأنه سخر لقد سخر الغرب امكاناته العلمية و التقنية لاستعادة الراحة العالمية للانسان الى ما كانت عليه في الماضي. بيد ان الانسان و رغم كل هذه الجهود، لم يحصل على راحته. فهو يرى العالم ضيقا و مظلما و باردا. و يشعر فيه بالتفاهة و الحقارة. و ان هذا لمسير لا يؤدي ـ باعتقاد المنتقدين من داخل هذا النظام ـ الا الى القضاء على الانسان. فلنقرا ما يكتبه احد الفرنسيين المنتقدين للنظام الغربي:
«ارادت الحضارة الحديثة، في خطواتها الاولية ان تكون انسانية، و قد اعطت الانسان اصالة بنحو اعتبرته مبدا و غاية كل شيء. بيد ان الحضارة التي رفعت نظرية تقديس الانسان، اضحت بمثابة نظام يحتقر الانسان و يخدعه و يسعي للقضاء عليه. احتقار الانسان بهذا المعنى و هو انها حولت الانسان الى آلة تؤدي سلسلة من الوظائف المادية و الكمية، و الى ماكينة منحصرة بالمنتج و المستهلك».
بيد ان هدف المدينة الاسلامية الفاضلة و بالصورة التي ذكرناها، لا تكتفي براحة البدن، و لا بوفرة الثروة و الرفاه المادي. بل هو ان الانسان في تصوير مهندسي هذه المدينة ليس جسدا فحسب، بل موجود ذات ابعاد مختلفة، و ان نموه و تكامله منوط بالنمو المتوازن لجميع هذه الابعاد. و ان تلك الجنة الارضية لن تتحقق ما لم تحل فيها بارقة السماء. ان تربية الناس و نموهم الروحي، و الالتفات الي الاخلاق والخصائص الروحيه، التي هي من اكثر معالم الظهور اهمية و اصاله، تجد معناها في هذا الجانب.
ان المدينة الفاضلة في ذات الوقت التي هي مدينة العداله، هي مدينة الرفاه و مدينة الامن ايضا و في ذات الوقت التي هي مدينة التربية،‌ هي مدينة السجايا و الفضائل الانسانية ايضا. ففي هذه الاجواء يتربي الافراد الصالحون ليبنوا مجتمعا صالحا و هادفا. و الي جنب حصول الناس علي ثرائهم المادي، ينهلوا من الثراء‌ الروحي و المعنوي. و الي جوار اتمام النعمة و وفور الثروه، يجدون الطريق الي تكامل الاخلاق و الفضائل الانسانيه. اذ تستاصل الاحقاد من القلوب، و ينتفي الكذب و التزوير و الدناءة من العلاقات الاجتماعية لتحل محلها الصراحة و الصدق و الاخلاق. ففي غير هذه النظرة الشاملة للانسان، و الي جنب ترتيب اجزائه الحقيقية في مقابل بعض، لا يستطيع الخوض في تعبير حلم الانسان الدائم في تحقيق اهداف المدينة الانسانية.

مدينة العلم
عصر الظهور هو عصر انتشار العلم و المعرفه. و المدينة الاسلامية الفاضله، هي مدينة العلم. و مع اطلالة المنجي الحقيقي يحل العلم و المعرفة و الحكمة محل الجهل و الاميه، و يمتليء العالم بنور العقل و المعرفه، مثلما يحل العدل و القسط محل الظلم و الجور، و النظم و الاستقرار محل اللاملائمات الاجتماعيه. فمثلما يعمل مجيئه (عج) علي امتلاء الارض بالقسط و العدل، كذلك يروي ظماها من العلم و الحكمة ايضا. يضفي علي طاقات الناس العقلانيه، و يوصل عقولهم و قدراتهم الي مرحلة الكمال. تظهر العلوم و المعارف التي بقيت كامنة وراء الحجب طوال العصور، و تنتشر، و تمتد حدود العلم و التعلم الي اعماق وجود كل شخص، بغض النظر عن كونه امراة او رجل.

مدينة العدالة:
ليست العدالة لفظا غريبا، كما انها ليست بالحقيقة القربية ايضا. قرون متمادية و الانسان يعيش هذا الحلم ليل نهار، بيد انه لم يجن غير الظلم و الاجحاف و الجور و الاختناق.
لقد قرانا و سمعنا مرارا ان اناسا كثيرين، علي مدي التاريخ، جعلوا من هذه الحقيقة امرا حيا خالدا، من خلال محاولاتهم في الكشف عن ابعاد هذا المفهوم و دعوة الناس لتجسيده. بيد ان المساعي العلمية لهؤلاء الخيرين علي طريق تحكيم العدالة باءت بالفشل غالبا او كانت عديمة الجدوي، و بقيت العدالة في مفهومها الحقيقي خيالا و حلما.
كم هو صعب تجسيد هذه الرؤيا الجميله، الرؤيا التي امتزجت بكيان الانسان علي مر التاريخ ... و لكننا نعلم ان هذا الحلم سيتحقق يوما مهما طال الانتظار. و تبقي اشراقة الامل هذه هاجس القلوب المتعطشة لاطلالة المنجي، مهما تعاقبت السنين و الاعوام. تبقي القلوب تنتظر بشوق من اسمه «العدل»: «السلام علي ... العدل المشتهر» .. كلامه عدل، و سبيله عدل، و حكومته حكومة العدل .. ليست في معالم حكومة الامام المهدي و نهضته، سمة و خصوصية اوضح و اظهر من «القسط و العدل». فالتاكيد الذي ورد في المرويات علي خصوصية انتشار عدالة الامام الحجة (عج)، لم يرد في أي خصوصية اخرى. و ان هذا بحد ذاته يشير الي عظمة العدالة و اهميتها في اجهزة المدينة الاسلامية الفاضلة في عصر الظهور. هناك عشرات بل مئات المرويات في كتب الحديث المختلفه، ‌خاصة كتاب «منتخب الاثر» و «كمال الدين» للشيخ الصدوق، تحدثت عن عمل الامام علي اشاعة العداله. و قد وصف هذا الامام الهمام في الكثير من هذه الروايات بانه مظهر العدل و تجلي العداله. و ان اطلاق اسم «العدل» علي الامام هو في الحقيقة ترجمة دقيقة لرسالته.
يكتب صاحب «مكيال المكارم» بهذا الشان فيقول: «العدل، هو من اوضح الصفات الطيبة لهذا الامام، و لذلك سمي ب«العدل» كما ورد في دعاء ‌ليالي رمضان: «اللهم و صل علي ولي امرك القائم المؤمل و العدل المنتظر» .. و في موضع آخر نجد هذا العنوان بنحو آخر: «اول العدل و آخره»، و «السلام علي القائم المنتظر و العدل المشتهر ...».
و في ظل هذه العدالة تزول القيود من الانسان، و يعود الي الناس حقهم المسلوب .. تزول قيود العبودية الظاهرة و الباطنة، و تتحرر رقاب الناس، و تزول ارضية استغلال الانسان لاخيه الانسان تماما. يقاد عمال الظلم و الجور الي التحقيق، و يعزل القضاة و الحكام الظلمة عن مناصبهم، و تطهر الارض من اي نوع من انواع الخيانة .. يسحق المستكبرون، و ينجح المحرومون و المستضعفون في استرجاع حقوقهم، و عندها لن تذرف دمعه و لا تتعالي آهه، و لن يبيت انسان جائعا، و لن يمضي اي محروم يومه مضطربا خائفا.

مدينة الرفاه
المدينة الاسلامية الفاضلة، مدينة الرفاه و الراحة و السعادة للجميع. الرفاه و النعيم بهذا المعني و هو انك لا تجد في المجتمع محتاجا، لان الموارد و الثروات توزع بصورة عادله. فطالما كانت حقوق الناس هي الهدف في مدينة العداله، فمن الطبيعي ان تجد الرفاه و النعيم و النعم الالهية في متناول الجميع.
ان ما تفيده روايات الظهور بهذا الخصوص، يشير الي ان احتياجات الانسان المادية و تطلعاته هي في طليعة اهداف المدينة الاسلاميه. فهي ليست فقط لم تنف، بل احتلت مكانا لها في الصداره. و ان الناس ليس فقط لن يلاموا علي اهتماماتهم الماديه، بل ان اهتماماتهم هذه تحظي بالتفاته الباريء عز و جل. و مما يروي عن الرسول الاكرم (ص) قوله: اذا ما قام المهدي في امتي، يرفل الناس بالنعيم بدرجه لم يشهدوا مثله من قبل. و ان هذا النعيم يشمل الجميع دون استثناء. و تغدق السماء عليهم مدرارا‌، و لن تبخل الارض عليهم ببركاتها .. و هناك احاديث اخري تتحدث عن وفور المال، و كثرة النعم، و زوال المعاناه، و الراحة في الحصول علي ما تطلبه، و اداء دين المدينين. و كذلك احاديث تتحدث عن غني الناس و انتفاء الحاجه، و عن عطاء ‌الامام للجميع بنحو يصبحون فيه في غني عن الآخرين. و توجد احاديث تتحدث ايضا عن اعمار الارض اذا ما قام الامام المهدي، و تفيض الارض بزرعها و كنوزها و مواردها، كل كذلك من اجل رفاه الناس و راحتهم.

مدينة الامن و السلام
باعتقاد علماء النفس ان الحاجة الي الامن هي في طليعة احتياجات الانسان الاساسيه. و بطبيعة الحال تتجلي هذه الحاجة في جوانب مختلفه، منها الامن الاخلاقي، و الامن الاقتصادي، و الامن الحقوقي، و الامن الاجتماعي و الاسري الي غير ذلك. و ان هناك عدداكبيرا من احاديث الظهور يفيد بان المدينة الاسلامية الفاضلة هي مدينة الامن و السلام. الامن بمعناه الواقعي و الحقيقي و بمختلف جوانبه. و مما يروي عن الامام الصادق (ع) قوله في تفسير الآية الشريفه: «وعد الله الذين آمنوا منكم .. ليستخلفنهم في الارض .. و ليبدلنهم من بعد خوفهم امنا، «انها نزلت في القائم و اصحابه»، و هذا يعني ان وعد الله مبني علي استبدال خوف المؤمنين و ذعرهم الي امن و سلام، و ان ذلك يتجلى معناه و مصداقه الكامل في عصر ظهور الامام المهدي (عج). و عليه فان المنحدرات و المطبات الخطيرة التي تظهر في حياة الانسان نتيجة للعلاقات غير السليمة السائدة في المجتمع، لا مكان لها في اجواء المدينة الاسلامية الفاضله. و هي ايضا سعادة ارضية في مدينة الهية هادفه.

مدينة التربية
من خصوصيات عصر الظهور المهمة جدا، هي ان القوي تحل الواحدة محل الاخري، و يحصل تغيير و تحول في بنيتها. فالحكومة في المدينة الفاضلة تكون بايد ابناء المجتمع من المحرومين و المستضعفين. هؤلاء الذين تحملوا قبل الظهور عبء الفقر و الحرمان و الاستبداد الثقيل. و الآن حيث يقفون علي اعتاب تطبيق العداله، ينبغي ان يتمتعوا بحقهم المسلم في الوراثة و الامامة.
و هكذا تجد الجنة الارضية طريقها الي الواقع الخارجي، بامتلاء الارض بالعدل و العداله، و تمتع الجميع بالرفاه و الراحة و الامن، و استرجاع الانسان جميع ابعاد وجوده في ظل التربية، و اتساع رقعة العلم و الحكمه، و مشاركة الجماهير المحرومة في اتخاذ القرار و تغيير البنية السياسية للمجتمع.

نووورا انا
11-09-2009, 03:41 PM
اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آبائِهِ في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ سّاعَةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً بِرَحَمَتِكَ يَاأَرحّمِ الَرَاحِمِينْ