المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير الاسماء الحسنى ... بقلم العلامة فاضل البديري


السيد الكربلائي
29-03-2012, 07:43 PM
http://a1.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/533784_281001055307659_100001932991004_645865_1517 875301_n.jpg
تفسير اسماء الله الحسنى
إستجابة لطلب كريم من بعض زملائنا في الحوزة العلمية وبعض المؤمنين في تفسير الأسماء الحسنى، فأقول على صورة الإستعجال والإختصار والإعتصار:
ورد في صحيحي البخاري ومسلم (ان لله تسعة وتسعين اسماً مئة الا واحداً من احصاها دخل الجنة) وليس فيهما أي في الصحيحين تلك الاسماء، لكن الترمذي والبيهقي عيّنها بما سنذكره بعد قليل، ولكن من الملاحظ ان في القرآن الكريم ما لم يذكره الترمذي والبيهقي مثل (المولى والنصير والقدير والغالب والقاهر والقريب والرب والناصر والاعلى والاكرم واحسن الخالقين وارحم الراحمين وذي الطول وذي المعارج) كما ورد في الحديث الشريف ما لم يذكراه مثل (الحنان المنان) وكذلك ورد في رواية ابن ماجة ما لم تذكره روايتهما المشهورة مثل (التام والقديم والوتر والشديد والكافي).
والمراد باحصائها في الحديث الشريف ليس هو مجرد الحفظ والتعداد بلقلقة اللسان، بل المراد ضبطها علماً وايماناً وتصديقاً وقياماً بحقوقها، فعليك باحصائها على هذا النحو، لتكون من اهل الجنة، ولنبدأ بها متوكلين على ربنا الكريم:

(الله) هو اسم خاص بذات الله المقدسة لا يطلق على غيره بتاتاً، وهو علم الذات المقدسة الواجبية له تعالى، وهذا هو الاصم عند اقطاب علماء الكلام والتفسير، وبه نجزم قاطعين وفاقا للغزالي، واما من زعم انه مشتق من ألّه بفتح اللام أي عبد فهو غير صحيح، وعلى فرض كونها كذلك أي مشتقة، فقد انقلبت علماً لأجل الاشتهار.

(الرحمن الرحيم) الرحمن بمعنى الرحمة العامة الشاملة لكل الموجودات على الاطلاق بلا أي استثناء، والرحيم بمعنى الرحمة الخاصة باهل الديانه والايمان من ابناء الانسان، فالرحمة الرحمانية عامة والرحمة الرحيمية خاصة.

(الملك) أي كل موجودات عالم الامكان مطويات بقدرته حاصلة بمشيته، ومرجع ذلك الى تمامية قدرته، ووجوب وجوده.

(القدوس) أي المنـزة عن المعايب والنقائص، وهو مشتق من القدس وهو الطهارة، ولهذا يقال: بيت المقدس أي المكان الذي يتطهر فيه من الذنوب، ويقال للجنة: حظيرة القدس، لطهارتها من افات الدنيا، ويقال لجبريل عليه السلام: روح القدس، لانه طاهر من الخيانة في التبليغ والوحي.

(السلام) والمراد منه ذو السلام، أي انه منـزه عن النقائص في افعاله، كما ان القدوس هو المنـزه عن النقائص في ذاته وفي صفاته، وهو السلام لانه تعالى منه وبه السلامة فهو المعطي للسلامة في المبدأ والمعاد.

(المؤمن) وهو المصدق لنفسه فيما اخبر به كالوحدانية مثلاً في قوله تعالى (شهد الله انه لا اله الا هو) والمصدق لرسله فيما اخبروا في تبليغهم عن الله، والتصديق اما بالقول نحو قوله تعالى (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل) او التصديق باظهار المعجزة على ايديهم مما يدل على صدق الرسل، وتصديق الوحدانية بخلق العالم على النظام الاتم المشاهد المحسوس وهو ما يدل على الوحدانية، فهو تصديق فعلي، وكذلك فان اسمه تعالى
(المؤمن) يعني انه المؤمّن لعباده المؤمنين من الفزع الاكبر، وذلك بفعله وايجاده الامن والطمأنينة فيهم، بل هو المؤمن لعباده المؤمنين في الدنيا فضلاً عن الاخرة .

(المهيمن) وهو اسم يعني العلم باحوال الاشياء من حيث الهيمنة الواجبية، فلولا العطية الواجبية لما ارتسم أي ممكن في لوح التحقق ودار الشهود، والهيمنة آتية من تمامية اقتداره وكونه مقتدراً على الاطلاق أي من حيث القدرة التامة الواجبية، والهيمنة ايضاً من حيث المواظبة على افاضة الوجود على الموجودات وايصالها الى ما هو الاصلح لها، فهذه الصفات الكمالية التي تعنيها الهيمنة لا تجتمع بالوجه الحق الا الله سبحانه وتعالى.

(العزيز) وهو الذي يقل وجوده وتشتد الحاجة اليه، ويصعب الوصول اليه، فما لم تجتمع هذه المعاني الثلاثة في شيء لا يطلق اسم العزيز عليه، فالناس يقولون (عز الطعام في البلد) اذا تعذر، والعزة هنا بمعنى ادق من قلة الوجود، فكم من شيء يقل وجوده ولكن لا يحتاج اليه، فلا يسمى عزيزاً، وقد يكون بحيث لا مثل له ويحتاج اليه جيداً، ولكن يسهل الوصول اليه كالشمس فلا يسمى عزيزاً، فالشمس لا توصف بالعزة بسبب انه لا يصعب الوصول الى نورها، فاذن العزة تعني قلة الوجود وشدة الحاجة اليه وصعوبة الوصول اليه، فمن دون اجتماع هذه المعاني الثلاثة لا يحصل وصف العزيز، وفي كل معنى من هذه الثلاثة كمال ونقصان، فالكمال في قلة الوجود ان يكون واحداً لا ثاني له، اذ لا أقل من الواحد، واكمل الواحد هو بحيث يستحيل وجود مثله، وهذا لا يكون الا في حق الله سبحانه وتعالى، فهو الواحد لا شريك له، فالشمس وان كانت واحدة في الوجود المحسوس، لكنها ليست واحدة في الامكان، لانه يمكن وجود مثلها، بلا اية استحالة، لكن الله تعالى فان وجوب وجوده يمنع من انقسامه الى كثيرين، والكمال في كونه منتفعاً به ويحتاج اليه، ان تكون كل المنافع والمصالح لا تحصل الا منه وبافاضته، وهذا يكون لله تعالى فقط، فهو الواهب والمعطي لكل ما يرتسم في صفحة الوجود ودار الشهود، والكمال في صعوبة الوصول اليه هو استحالة الاحاطة بكنهه وحقيقته، وهذا له تعالى فقط، فان الحقيقة الواجبية تقصر عنها اذهان الممكنات، كما هو بديهي عند اهل الالتفات، فالعزيز على الاطلاق هو الله تعالى فقط.

(الجبار) الجبار هو العالي المنيع الذي لا ينال، ومنه يقال نخلة جبارة اذا طالت وقصرت الايدي عن ان تنالها، ورجل جبار اذا كان متكبراً لا يتواضع ولا ينقاد لاحد، وفي حقه تعالى بممعنى انه بحيث لا تناله الافكار ولا تحيط به الابصار، وتقصر عن حقيقته عقول العقلاء وافهام الحكماء، ومن معاني الجبار ايضاً المصلح للامور، كما يقال جبرت الكسر اذا اصلحته، فالجبار الذي يكثر منه اصلاح الامور، ومن هو مثله تعالى في اصلاح امور الخلق بحسب حاجاتهم الجسدية والروحية، ومن معاني الجبار الجبر بمعنى الاكراه، فلا يتحقق شيء في الكون من دون مشيته تعالى وارادته فما شاءه كان ولم يشأه لم يكن، فلا يجري في سلطانه الا ما يريد، ولا يحصل في ملكه الا ما شاءه.

(المتكبر) من الكبرياء، وهو الذي يرى الكل حقيراً بالاضافة الى ذاته، ولا يرى العظمة والكبرياء الا نفسه وينظر الى غيره نظر الملوك الى العبيد، فاذا كان هذا صادقاً وكان التكبر حقاً، كان المتكبر محقاً، وهذا لا يتصور حقاً الا لله سبحانه وتعالى، فكل موجودات عالم الامكان مفتقرة اليه مستندة الى هبته وعطيته، اما مَن سواه، فلا يحق له ذلك، فاين الحقير الفقير من الكبرياء والعظمة، فتكبره يكون باطلاً مذموماً، وفي الحديث القدسي (الكبرياء ردائي والعظمة ازاري مَن نازعني واحداً منهما قذفته في النار) فالتكبر في حق الله تعالى صفة مدح وكمال، وفي حق من سواه صفة نقص واختلال

(الخالق الباري) معناها واحد أي المختص باختراع الاشياء، وهل يوجد مَن يهب الوجود لما عداه سواه؟؟

(المصور) المختص باحداث الصور المختلفة والتراكيب المتفاوتة، وهذه الصفات من الصفات الفعلية، وما قاله ابو حامد الغزالي صحيح جداً حيث قال: (قد يظن ان هذه الثلاثه مترادفة راجعة الى الخلق والاختراع، والاولى ان يقال: ما يخرج من العدم الى الوجود يحتاج اولاً الى التقدير، وثانياً الى الايجاد على وفق ذلك التقدير، وثالثاً التصوير والتنـزيين كالبناء بقدرة المهندس ثم يبنيه البناء ثم يزيّنه النقاش، فالله سبحانه خالق من حيث انه مقدّر، وباري من حيث انه موجد، ومصور من حيث ان يرتب صور المخترعات احسن ترتيب ويزيّنها اكمل تـزيين).

(الغفار) الكثير المغفرة وازالة العقوبة عن من يستحقها من عباده، واشتقاقه من الغفر بمعنى الستر.

(القهار) الغالب الذي لا يغلب، وكل الموجودات مقهورة بمشيته وكلمته التكوينية.

(الوهاب) كثير الهبة والعطاء بلا غرض، فما من شيء يكون في عالم الامكان الا بهبته وعطيته.

(الرزاق) كثير الرزق لمن يشاء من مخلوقاته والرزق هو ايصال كل ما ينتفعون به من مأكول ومشروب وملبوس وغيره مما ينفعهم، وهي من الصفات الفعلية.

(الفتاح) خالق الفتح والنصر وميسر العسير

(العليم) العالم بجميع المعلومات، كيف! وكل المخلوقات يكون انوجادها من جهة فيضه ومدده، فهو العالم المحيط بدقائقها.

(القابض) فهو يقبض ويسلب عطيته عمن لا يكون اهلاً لها.

(الباسط) وهو يختص بالتوسعة في العطية

(الخافض) من الخفض وهو الحط والوضع من منـزلة من يكون اهلاًَ بهذه المعاقبة.

(الرافع) المعطي للمنـزلة الرفيعة لمن يكون اهلاً لهذه المنـزلة.

(المعز) معطي العزة والقوة والممد باسباب العزة والمنفعة.

(الحكم) الحاكم القاضي بالحق لمحل حقانية علمه وقوله وفعله.

(العدل) لا يقبح منه ما يفعل، ففعله لا يكون الا حقاً وعدلاً.

(اللطيف) خالق اللطف يلطف بعباده من حيث لايحتسبون، وهو العالم بالخفيات، فمن حيث علمه بدقائق الامور وغوامضها، فانه يلطف بعباده ويوصلهم الى مصالحهم من حيث لا يشعرون، فال الامام الغزالي (هذا الاسم انما يستحقه من يعلم حقائق المصالح وغوامضها، ثم يسلك في ايصالها الى المستحقين سبيل الرفق دون العنف، فاذن اجتمع هذا العلم وهذا الفعل فقد تم معنى اللطيف، ثم انه لا يتصور كمال هذا العلم، وكمال هذا الفعل الا لله سبحانه، فاما علمه سبحانه بالدقائق، فلا اشكال فيه لان الجلي والخفى بالنسبة الى علمه سيان، واما رفقه في الافعال ولطفه فيها، فلا يدخل تحت الحصر).

(الخبير) هو العالم بالشيء على تفصيله وحقيقة كنهه، فالله تعالى خبير بصير بالاشياء من جهة ايجاده لها بكل تفاصيلها، ولا يراد بالخبير هاهنا من يعلم الاشياء بالاختيار والامتحان، فهذا معنى منـزه عنه الواجب تعالى، والخبير ايضاً بمعنى المخبر، كالسميع بمعنى المسمع والبديع بمعنى المبدع.

(الحليم) بمعنى انه تعالى لا يعجّل العقاب للعصاة قبل وقته المقدر.

(العظيم) ومعنى كونه عظيماً انه عظيم في كمال ذاته وصفاته وافعاله، ومن الجلي انه عظيم بذاته الواجبية التي تقصر العقول عن الاحاطة بكنهها، فهو تعالى اعظم من كل عظيم، والعظمة في صفاته من حيث كونه عليماً بالذات قديراً بالذات غنياً بالذات حياً بالذات قيوماً بالذات، عليماً على الاطلاق قديراً على الاطلاق غنياً على الاطلاق قيوماً على الاطلاق، وهو عظيم في افعاله، فكل ما في الوجود يفتقر في فعله اليه، ولا يفتقر تعالى الى احد، فهو مالك الملك، وافعاله لا تضاهى ولا تجاري.

(الغفور) كالغفار في المعنى أي كثير المغفرة لمن يستحق العقوبة.

(الشكور) المجازي على الشكر، فان جزاء الشيء يسمى باسمه، ومعناه انه يثيب على القليل من الطاعة بالكثير من النعمة.

(العلي الكبير) العلي مشتق من العلو وهو في مقابل السفل، ومن الجلي انه لا تفرض صفة كمال في الموجودات الا وهي لله سبحانه باعلى الدرجات، فيقال الموجود اما مؤثر واما اثر، والمؤثر اعلى درجة من الاثر، والله سبحانه هو المؤثر في الكل، فكان اعلى من الكل، وايضاً الموجود اما واجب او ممكن، والواجب اعلى درجة من الممكن، والله سبحانه هو الواجب فكان اعلى من الكل، وايضاً الموجود اما كامل مطلقاًَ واما ليس كذلك، والكامل المطلق اعلى مما ليس كذلك، والله سبحانه هو الكامل المطلق، فكان اعلى من كل الموجودات، وهكذا نقول في كمال العلم وكمال القدرة وكمال الحياة وكمال الدوام وكمال الرحمة، وكمال الغنى وهكذا، فيثبت انه سبحانه اعلى من جميع الموجودات في المراتب العقلية، وجل وتعالى عن ان يكون علوه بحسب المكان والجهة، واذا عرفت العلو بهذا المعنى فقد عرفت الفوقية في قوله تعالى (وهو القاهر فوق عباده) وكذلك قوله تعالى (يخافون ربهم من فوقهم) فاذن علوه تعالى بمعنى انه لا يساويه شيء في الشرف والمجد والعزة، وكذلك بمعنى انه قادر على الكل ومتصرف في الكل، والكبير بمعنى انه تعالى اكمل الموجودات واشرفها واجلها واعلاها، فيكون سبحانه كبيراً بالقياس الى كل ما سواه، وكل ما يغايره فهو صغير بالقياس اليه، وكذلك بمعنى انه تعالى كبير عن مشابهة المخلوقات، ومعنى الاكبر في (الله اكبر) انه اكبر من كل ما سواه من الموجودات، واذا عرفت هذا المعنى لم يتعلق خاطرك بشيء سوى الله تعالى، ولم يسكن قلبك غيره تعالى.
(الحفيظ) وهو صيغة مبالغة من الحافظ كالعليم مبالغة من العالم، وهو ضد النسيان والسهو ويرجع معناه الى العلم فهو تعالى حفيظ للاشياء من حيث كونه فاعلاً موجداً لها لجملتها وتفصيلها علماً تاماً لا يطرأ عليه السهو والنسيان، وهو سبحانه حافظ للسموات والارض ولكل الموجودات من حيث ترتيبها على الوجه الاحسن الاتم الاكمل، وحافظ للكتاب الالهي من التحريف، وهو تعالى حفيظ من حيث لا يشغله شيء عن شيء، فهو مدبر جميع الموجودات بلا استثناء وبلا تعب وبلا كلل وبلا ملل وبلا سهو او نسيان.

(والمقيت) خالق الاقوات التي بها قوام الحياة.
(الحسيب) المحاسب لعباده بما فعلوا من خير او شر، والحسيب ايضاً بمعنى الكافي يخلق ما يكفي العباد في مصالحها ومهماتهم.

(الجليل) هو بعينه (ذو الجلال) والجليل اسم لكمال الصفات من حيث التنـزه عن النقائص على الاطلاق، فهو تعالى منـزه عن الضد والند والشريك والمكان والزمان، فهو الموصوف بصفات الجلال، وهو الجليل الذي جل قدره في قلوب العارفين، وعظمت منـزلته عند العقلاء اجمعين.

(الكريم) فهو ذو الجود ومصدره، فما من خير يرتسم في عالم الوجود الا بافاضته وعظمته، فهو الكريم على الاطلاق.

(الرقيب) قال الامام الغزالي هو اخص من الحفيظ، لان الرقيب هو الذي يراعي الشيء بحيث لا يغفل عنه اصلاً، ويلاحظه ملاحظة دائمة لازمة لزوماً لو عرفه الممنوع من ذلك الشيء لما اقدم عليه، فكان يرجع الى العلم والحفظ، ولكن باعتبار اللزوم والاضافة الى ممنوع عنه محروس عن التناول.

(المجيب) فهو يجيب من دعاه ولا يخيب من رجاه.

(الواسع) فهو الذي وسع جوده وفضله جميع الكائنات، ففيضه عميم وعطائه هو الاتم الاعم.

(الحكيم) أي العليم ذو الحكمة فهو يعلم الاشياء على ما هي عليه من حيث انه موجدها وخالقها، وافعاله تصدر منه على ما ينبغي وعلى الوجه الاتم الاكمل الافضل، فافعاله محكمة في غاية الاحكام والاتقان احسن تقدير وتدبير.

(الودود) من الود وهو المحبة كالحلوب والركوب بمعنى المحلوب والمركوب.

(الشهيد) العالم بالغائب والحاضر والشاهد على حقائق جميع الاشياء من حيث انها مصنوعاته ومخلوقاته.

(الحق) الحق هو الموجود، والباطل هو المعدوم، واحق الاشياء باسم (الحق) هو الله سبحانه وتعالى (ثم ردوا الى الله مولاهم الحق) ضرورة انه تعالى واجب الوجود، ومن حيث وجوب وجوده كان اعتقاد وجوده والاقرار بوجوده مستحق التقرير والاثبات، فلا جرم يسمى هذا الاعتقاد، وهذا الاقرار حقاً، فواجب الوجود لذاته حق محض لذاته، والممكن من حيث هو هو يكون باطلاً وهالكاً، فكل ماسوى الحق تعالى هالك، ومن هنا فلا موجود في الحقيقة الى الله، ولا مؤثر في الحقيقة الا الله، فهو حق لذاته، واعتقاد وجوده واتصافه بصفات الكمال والجلال احق الاعتقادات، فهو تعالى الحق على الاطلاق في ذاته وصفاته وافعاله.

(القوي) من حيث انه قادر على الاشياء وهو المؤثر، ولا يتاثر بغيره البتة، فقوته قدرته التامة على التاثير في الاشياء وعدم تاثره بها.

(المتين) القادر بقدرة لا نهاية لها، والمتانة في حقه تعالى امتناع تاثره بغيره، وذلك لانه واجب الوجود لذاته في ذاته، في جميع صفاته، فواجب الوجود بالذات واجب من جميع الجهات، فامتنع تاثره عن الغير.

(الولي) المتولي للامر والقائم به والناصر لعباده الصالحين (الله ولي الذين امنوا).

(الحميد) المحمود.

(المحصي) العالم المنبئ عن عدد كل معدود.

(المبدى) المتفضل بابتداء النعم والعطايا.

(المعيد) يعيد الخلق بعد موتهم وهلاكهم.

(المحيي) خالق الحياة.

(المميت) خالق الموت.

(الحي) فهو حياة كله وجود كله.

(القيوم) قائم بذاته مقوم لغيره (ازمة الكون طراً بيده والكل مستمدة من مدده).

(الواجد) الغني الذي لا يفتقر، فهو الغني بالذات.

(الماجد) والمجيد كالعالم والعليم، والمجد هو الشرف التام الكامل، وله تعالى الشرف المجد والعلو والعظمة، والمجد ايضاً بمعنى السعة، فيقال رجل ماجد اذا كان سخياً مفضالاً كثير الخير، وفي حقه تعالى يكون (الماجد والمجيد) بمعنى كثرة احسانه وجوده وافضاله.

(الاحد) من حيث انه واجب الوجود لا يقبل التعدد والتكثر، مستحيل الشريك في ذاته وصفاته وافعاله، والاحد نعت يختص بالله سبحانه، ولهذا السبب لم يذكر لام التعريف في احد حيث قال تعالى (قل هو الله احد) لانه صار نعتاً لله تعالى على الخصوص، فصار معرفة فاستغنى عن التعريف.

(الصمد) قيل انه ماخوذ من صمده اذا قصده في الحوائج ومن الجلي ان الله تعالى هو المقصود في الحوائج كلها، والمعنى الاخر ان الصمد الذي لا جوف له، ويجب ان يحمل في حق الله تعالى على كونه منـزهاً عن التركيب والتاليف والانقسام.

(القادر المقتدر) والثاني ابلغ من الاول وهو تعالى قادر بالذات وقادر على الاطلاق فهو قدرة كله، وقدرته واجبية تليق بذته الواجبية، فهو الفاعل المتصرف في فعله كيف شاء واراد لا يعوقه عن ذلك عائق، وهكذا تعرف معنى القدير الذي هو مبالغة في القادر، وقد ورد في القرآن كثيراً، ولم يُذكر في قائمة التسعة والتسعين.

(المقدّم المؤخر) يقدم من يشاء ويؤخر من يشاء.

(الظاهر) المعلوم بالادلة القاطعة الفطرية الجلية.

(الباطن) المحتجب عن الحواس حيث تعجز عن ادراكه اصلاً، ولا تحيط العقول بكنهه البتة.

(البر) فاعل البر والاحسان ومصدر الخيرات قاطبة وعلى الاطلاق.

(التواب) كثير القبول للتوبة من عباده اذا تابوا اليه من المعاصي ورجعوا عنها رجوعاً ندمياً مع العزم على عدم العودة.

(المنتقم) المعاقب والمؤدب لمن عصاه خصوصاً اصحاب المعاصي النوعية الضارة بالامة وعموم الناس.

(العفو) الماحي للسيئات والمزيل لآثارها من صحائف الاعمال.

(الرؤوف) الكثير الرأفة بعباده، والكثير التخفيف عليهم والارفاق بهم.

(ذو الجلال والاكرام) هو معنى الجليل.

(المقسط) العادل من اقسط أي عدل، فهو العادل على الاطلاق، وتمام مظهرية عدله يوم القيامة، حيث الفصل الذي لا كمثله فصل بين الخصوم.

(الجامع) أي يجمع الناس يوم النشور بعد بعثرة القبور، حيث يحصّل ما في الصدور.

(الغني) فذاته هي عين الغنى وعدم الافتقار، كيف! وهو واجب الوجود، فكل الموجودات تستند في وجوديتها الى افاضته وعطيته، وهو موجود بالذات وموجود على الاطلاق، فقضية وجوب وجوده كونه غنياً بالذات ليس له من افتقار البتة، بل الكل مفتقر اليه.

(المغني) المحسن المعطي للخيرات، المانح والواهب لما يشاء من المنافع.
(الضار النافع) فهو مصدر النفع والخير للعباد، والاضرار لمن يستحق التاديب يكون منه ايضاً.

(النور) فهو ظاهر بنفسه من حيث وجوده الواجبي، ومظهر لغيره، فكل الممكنات لا ترى النور وتدخل دار الوجود وعالم الشهود الا بافاضته النورنية وهبته القيّومية.

(الهادي) فهو الذي يزيد الهدى في قلوب المؤمنين، ويسددهم في الخروج من الحيرة والريب.

(البديع) المبدع الذي ابدع الخلائق، بلا احتذاء مثال.

(الباقي) حيث انه لوجوب وجوده فلا آخر له.

(الوارث) حيث انه يبقى بعد فناء الخلق.

(الرشيد) المرشد الى سبيل الخيرات واجتناب السيئات.

(الصبور) بمعنى الحليم.

فهذه هي الاسماء الحسنى الواردة في الرواية المشهورة، ولكن هناك ما لم يذكر فيها وهو وارد في القرآن الكريم مثل (الاعلى وذي المعارج ورفيع الدرجات وذو العرش المجيد..الخ)، وقد ذكرنا تفسير الاسماء الحسنى الواردة في الرواية المشهورة على وجه الاختصار والتقريب، والا فلنا توسعة ليس هذا محلها ذكرناها في كتابنا في علم الكلام. والحمد لله رب العالمين (فاضل البديري)