بلسم
03-04-2012, 02:42 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
وصل الله على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين
لقد ذكر القرآن الكريم النفس بعدة معاني فتارةً يتكلم عن النفس مشيراً الى ذات الانسان وتارة اخرى مشيراً الى من هو غير ذات الانسان ولاكنه يحقق ذاته كما في آية المباهلة (وانفسنا وانفسكم) في اشارة الى الامام امير المؤمنين (ع) بأنه نفس رسول الله (ص) يعني محققاً للذات الرسالية وتارة اخرى يعبر او يشير الى الزوجة او الزوج فيقول {ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجاً } وفي آية اخرى فسلموا على انفسكم وهنا مرتبة جديدة للزوج يقول السيد الطبطبائي في تفسير الميزان
قوله تعالى: «و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها» إلى آخر الآية، قال الراغب: يقال لكل واحد من القرينين من الذكر و الأنثى من الحيوانات المتزاوجة: زوج و لكل قرينين فيها و في غيرها: زوج، قال تعالى: «فجعل منه الزوجين الذكر و الأنثى» و قال: «و زوجك الجنة» و زوجة لغة رديئة و جمعها زوجات - إلى أن قال - و جمع الزوج أزواج.
انتهى.
فقوله: «أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها» أي خلق لأجلكم - أو لينفعكم - من جنسكم قرائن و ذلك أن كل واحد من الرجل و المرأة مجهز بجهاز التناسل تجهيزا يتم فعله بمقارنة الآخر و يتم بمجموعهما أمر التوالد و التناسل فكل واحد منهما ناقص في نفسه مفتقر إلى الآخر و يحصل من المجموع واحد تام له أن يلد و ينسل، و لهذا النقص و الافتقار يتحرك الواحد منهما إلى الآخر حتى إذا اتصل به سكن إليه لأن كل ناقص مشتاق إلى كماله و كل مفتقر مائل إلى ما يزيل فقره و هذا هو الشبق المودع في كل من هذين القرينين.
و قوله: «و جعل بينكم مودة و رحمة» المودة كأنها الحب الظاهر أثره في مقام العمل فنسبة المودة إلى الحب كنسبة الخضوع الظاهر أثره في مقام العمل إلى الخشوع الذي هو نوع تأثر نفساني عن العظمة و الكبرياء.
و الرحمة نوع تأثر نفساني عن مشاهدة حرمان المحروم عن الكمال و حاجته إلى رفع نقيصته يدعو الراحم إلى إنجائه من الحرمان و رفع نقصه.
و من أجل موارد المودة و الرحمة المجتمع المنزلي فإن الزوجين يتلازمان بالمودة و المحبة و هما معا و خاصة الزوجة يرحمان الصغار من الأولاد لما يريان ضعفهم و عجزهم عن القيام بواجب العمل لرفع الحوائج الحيوية فيقومان بواجب العمل في حفظهم و حراستهم و تغذيتهم و كسوتهم و إيوائهم و تربيتهم و لو لا هذه الرحمة لانقطع النسل و لم يعش النوع قط.
و نظير هذه المودة و الرحمة مشهود في المجتمع الكبير المدني بين أفراد المجتمع فالواحد منهم يأنس بغيره بالمودة و يرحم المساكين و العجزة و الضعفاء الذين لا يستطيعون القيام بواجبات الحياة.
و المراد بالمودة و الرحمة في الآية الأوليان على ما يعطيه مناسبة السياق أو الأخيرتان على ما يعطيه إطلاق الآية.
و قوله: «لآيات لقوم يتفكرون» لأنهم إذا تفكروا في الأصول التكوينية التي يبعث الإنسان إلى عقد المجتمع من الذكورة و الأنوثة الداعيتين إلى الاجتماع المنزلي و المودة و الرحمة الباعثتين على الاجتماع المدني ثم ما يترتب على هذا الاجتماع من بقاء النوع و استكمال الإنسان في حياتيه الدنيا و الأخرى عثروا من عجائب الآيات الإلهية في تدبير أمر هذا النوع على ما يبهر به عقولهم و تدهش به أحلامهم.
واقول :
ان هناك علاقة ومرتبة تتعلق بالزوجين الا وهي مرتبة الأنفس وهنا ثمة اشكال اذا كان الزوجين متنافرين في العقيدة او الخلق فهل يبلغون هذه المرتبة وخصوصاً ان الآية تتكلم عن قضية خلق (أن خلق لكم ) فهل المقصود ذلك في الدنيا التي تجمع المتضادات في بيت الزوجية ام انها في عالم آخر كالجنة مثلاً حيث يقول سبحانه هم وأزواجهم على الأرائك متكئون وقد عبر القرآن عن وجود هذا التنافر في قوله (يوم يفر المرء من امه وابيه وصاحبته .....الخ )
وهنا عبر عن الزوجة بالصاحبة ولم يعبر عنها بالنفس اذن ماذا نفهم من الآيه ,في ظاهر السياق يبدو ان الكلام في عالم سابق لعالم الدنيا وهو عالم الخلق وعالم الخلق اقدم من عالم الدنيا رتبة بدلالة قول النبي (ص) لجابر الأنصاري (اول شيء خلق الله هو نور نبيكم ) ولكن الحلقة المفقودة هنا في أي مرحلة خلق الله الزوجين ؟ فهل هي مرحلة ما قبل أنزال آدم الى الارض ؟ ام هي في مرحلة الجعل (اني جاعل في الارض خليفة ) وهذا مع الألماع الى ان الجعل شيء والخلق شيء آخر ونحن في غنى الان عن طرح موضوع الجعل فلو كان في مرحلة الجعل لقال الله (جعل من أنفسكم ازواجاً) ولكنه قال (أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً) لاكن الطبطبائي (قد) يفهم ذلك ان الامر في عالم الدنيا من خلال كلامه .
وعلى سبيل الأطروحة يمكن القول مع ذكر الأشكال الذي ذكرناه ان يكون الكلام خاص بالمؤمنين وبالتالي فأن المقصود من ذلك عالم الآخرة وخصوصاً ان الله سبحانه قال جعل بينهم مودة ورحمة والرحمة والمودة بعيدة عن الكافرين اذ لا توصف العلاقة بين الذين لا يؤمنون بالرحيم الودود بأنها علاقة مودة ورحمة ويمكن الوقوف على هذا الترتيب بأن اذا توافق المؤمن مع المؤمنة جعلت بينهم المودة والرحمة لان المودة والرحمة تكون بالجعل وليست بالخلق وأنزلت العلاقة في مرتبة الأنفس والرابط في ذلك هو السكن قوله تعالى( لتسكنوا اليها) ويعني بحصول السكن بين الزوجين كفيل بأن يجعل الله المودة والرحمة
هذا كان اطروحة قابلة للنقاش لان الآية فيها بعض الأسرار لقوله تعالى في ذيل الآية (أن في ذلك لأيات لقوم يتفكرون )
والحمد لله رب العالمين
والحمد لله رب العالمين
وصل الله على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين
لقد ذكر القرآن الكريم النفس بعدة معاني فتارةً يتكلم عن النفس مشيراً الى ذات الانسان وتارة اخرى مشيراً الى من هو غير ذات الانسان ولاكنه يحقق ذاته كما في آية المباهلة (وانفسنا وانفسكم) في اشارة الى الامام امير المؤمنين (ع) بأنه نفس رسول الله (ص) يعني محققاً للذات الرسالية وتارة اخرى يعبر او يشير الى الزوجة او الزوج فيقول {ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجاً } وفي آية اخرى فسلموا على انفسكم وهنا مرتبة جديدة للزوج يقول السيد الطبطبائي في تفسير الميزان
قوله تعالى: «و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها» إلى آخر الآية، قال الراغب: يقال لكل واحد من القرينين من الذكر و الأنثى من الحيوانات المتزاوجة: زوج و لكل قرينين فيها و في غيرها: زوج، قال تعالى: «فجعل منه الزوجين الذكر و الأنثى» و قال: «و زوجك الجنة» و زوجة لغة رديئة و جمعها زوجات - إلى أن قال - و جمع الزوج أزواج.
انتهى.
فقوله: «أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها» أي خلق لأجلكم - أو لينفعكم - من جنسكم قرائن و ذلك أن كل واحد من الرجل و المرأة مجهز بجهاز التناسل تجهيزا يتم فعله بمقارنة الآخر و يتم بمجموعهما أمر التوالد و التناسل فكل واحد منهما ناقص في نفسه مفتقر إلى الآخر و يحصل من المجموع واحد تام له أن يلد و ينسل، و لهذا النقص و الافتقار يتحرك الواحد منهما إلى الآخر حتى إذا اتصل به سكن إليه لأن كل ناقص مشتاق إلى كماله و كل مفتقر مائل إلى ما يزيل فقره و هذا هو الشبق المودع في كل من هذين القرينين.
و قوله: «و جعل بينكم مودة و رحمة» المودة كأنها الحب الظاهر أثره في مقام العمل فنسبة المودة إلى الحب كنسبة الخضوع الظاهر أثره في مقام العمل إلى الخشوع الذي هو نوع تأثر نفساني عن العظمة و الكبرياء.
و الرحمة نوع تأثر نفساني عن مشاهدة حرمان المحروم عن الكمال و حاجته إلى رفع نقيصته يدعو الراحم إلى إنجائه من الحرمان و رفع نقصه.
و من أجل موارد المودة و الرحمة المجتمع المنزلي فإن الزوجين يتلازمان بالمودة و المحبة و هما معا و خاصة الزوجة يرحمان الصغار من الأولاد لما يريان ضعفهم و عجزهم عن القيام بواجب العمل لرفع الحوائج الحيوية فيقومان بواجب العمل في حفظهم و حراستهم و تغذيتهم و كسوتهم و إيوائهم و تربيتهم و لو لا هذه الرحمة لانقطع النسل و لم يعش النوع قط.
و نظير هذه المودة و الرحمة مشهود في المجتمع الكبير المدني بين أفراد المجتمع فالواحد منهم يأنس بغيره بالمودة و يرحم المساكين و العجزة و الضعفاء الذين لا يستطيعون القيام بواجبات الحياة.
و المراد بالمودة و الرحمة في الآية الأوليان على ما يعطيه مناسبة السياق أو الأخيرتان على ما يعطيه إطلاق الآية.
و قوله: «لآيات لقوم يتفكرون» لأنهم إذا تفكروا في الأصول التكوينية التي يبعث الإنسان إلى عقد المجتمع من الذكورة و الأنوثة الداعيتين إلى الاجتماع المنزلي و المودة و الرحمة الباعثتين على الاجتماع المدني ثم ما يترتب على هذا الاجتماع من بقاء النوع و استكمال الإنسان في حياتيه الدنيا و الأخرى عثروا من عجائب الآيات الإلهية في تدبير أمر هذا النوع على ما يبهر به عقولهم و تدهش به أحلامهم.
واقول :
ان هناك علاقة ومرتبة تتعلق بالزوجين الا وهي مرتبة الأنفس وهنا ثمة اشكال اذا كان الزوجين متنافرين في العقيدة او الخلق فهل يبلغون هذه المرتبة وخصوصاً ان الآية تتكلم عن قضية خلق (أن خلق لكم ) فهل المقصود ذلك في الدنيا التي تجمع المتضادات في بيت الزوجية ام انها في عالم آخر كالجنة مثلاً حيث يقول سبحانه هم وأزواجهم على الأرائك متكئون وقد عبر القرآن عن وجود هذا التنافر في قوله (يوم يفر المرء من امه وابيه وصاحبته .....الخ )
وهنا عبر عن الزوجة بالصاحبة ولم يعبر عنها بالنفس اذن ماذا نفهم من الآيه ,في ظاهر السياق يبدو ان الكلام في عالم سابق لعالم الدنيا وهو عالم الخلق وعالم الخلق اقدم من عالم الدنيا رتبة بدلالة قول النبي (ص) لجابر الأنصاري (اول شيء خلق الله هو نور نبيكم ) ولكن الحلقة المفقودة هنا في أي مرحلة خلق الله الزوجين ؟ فهل هي مرحلة ما قبل أنزال آدم الى الارض ؟ ام هي في مرحلة الجعل (اني جاعل في الارض خليفة ) وهذا مع الألماع الى ان الجعل شيء والخلق شيء آخر ونحن في غنى الان عن طرح موضوع الجعل فلو كان في مرحلة الجعل لقال الله (جعل من أنفسكم ازواجاً) ولكنه قال (أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً) لاكن الطبطبائي (قد) يفهم ذلك ان الامر في عالم الدنيا من خلال كلامه .
وعلى سبيل الأطروحة يمكن القول مع ذكر الأشكال الذي ذكرناه ان يكون الكلام خاص بالمؤمنين وبالتالي فأن المقصود من ذلك عالم الآخرة وخصوصاً ان الله سبحانه قال جعل بينهم مودة ورحمة والرحمة والمودة بعيدة عن الكافرين اذ لا توصف العلاقة بين الذين لا يؤمنون بالرحيم الودود بأنها علاقة مودة ورحمة ويمكن الوقوف على هذا الترتيب بأن اذا توافق المؤمن مع المؤمنة جعلت بينهم المودة والرحمة لان المودة والرحمة تكون بالجعل وليست بالخلق وأنزلت العلاقة في مرتبة الأنفس والرابط في ذلك هو السكن قوله تعالى( لتسكنوا اليها) ويعني بحصول السكن بين الزوجين كفيل بأن يجعل الله المودة والرحمة
هذا كان اطروحة قابلة للنقاش لان الآية فيها بعض الأسرار لقوله تعالى في ذيل الآية (أن في ذلك لأيات لقوم يتفكرون )
والحمد لله رب العالمين