عاشق الزهراء
19-08-2007, 07:11 PM
أشارت التحقيقات الأولية في الهجمات التي استهدفت القوات الدولية في جنوب لبنان إلى تنظيمات أصولية مقربة من «القاعدة».
غير أن فرضية أطلقها أخيراً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله سلّطت الضوء على الموقف الإسرائيلي من هذه القوات، وتحديداً العلاقة المتوترة بين إسبانيا وإسرائيل على خلفية مصادرة سفينة أسلحة في ميناء إسباني قدمت من ميناء حيفا في تموز الماضي وكانت في طريقها إلى «بلد ما».
يوم قبلت جميع الأطراف بتعزيز القوات الدولية في جنوب لبنان، فهمت إسرائيل، ومن ورائها الإدارة الأميركية، أن هذه الخطوة هي نصر دبلوماسي و«أمني» يضع حزب الله في مواجهة 15 ألف جندي أممي. ولكن «خلافاً لما توقعه البعض، لا يأتي التهديد من عناصر حزب الله، بل يكمن الخطر في المقاتلين المتشددين من السُنّة الذين يستلهمون أساليبهم من تنظيم القاعدة»، بحسب الصحافي الأميركي نيكولاس بلانفورد في مقالة نشرتها صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الشهر الماضي تحت عنوان «هل يوفر حزب الله الحماية للقوات الدولية في لبنان؟».
بعد عام على حرب تموز 2006، «تتعاون وحدات في القوات الدولية مع حزب الله لضمان حماية جنودها من التنظيمات المتشددة»، وخاصة بعدما صدرت مواقف عدة للرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري يدعو فيها إلى استهداف «القوات الصليبية». وهكذا وجدت دول إيطاليا وإسبانيا وفرنسا نفسها مضطرة إلى طلب تعاون حزب الله، الأمر الذي نجم منه «قيام عناصر من الحزب بمصاحبة العربات المدرعة التابعة للقوات الأممية المعززة خلال دورياتها على الحدود مع إسرائيل»، وفقاً لبلانفورد.
لا تبدو تل أبيب راضية عن هذا التنسيق، وخاصة في ما يخص الدور الإسباني في جنوب لبنان، علماً بأن مسار العلاقات الاسبانية ـ الإسرائيلية يتخذ منحى متداعياً، حتى بات «الكره» يحكم العلاقات بينهما، بحسب التوصيف الإسرائيلي. وقد ظهرت ملامح «الجفاء السياسي» بين الطرفين، منذ حادثة مقتل ستة جنود تابعين للوحدة الاسبانية العاملة في جنوب لبنان، حين قررت الوحدة الاستعانة بحزب الله للكشف عن منفذي التفجير.
من وجهة نظر إسرائيلية، يُعدّ «التنسيق» الأمني مع حزب الله سبباً كافياً لتوتر العلاقة مع أي دولة، لكن مع إسبانيا بالتحديد، هناك أكثر من سبب.
في الرابع من تموز الماضي، ضبطت السلطات الاسبانية في ميناء محلي جنوب البلاد شحنة من الأسلحة قادمة من حيفا الإسرائيلية، وعثرت على متنها على ما يزيد على ألف قطعة سلاح، فضلاً عن خمسمائة بندقية تعمل بالهواء المضغوط. المثير في القضية أن طاقم السفينة زعم، قبل بدء التفتيش، أن الحمولة تتضمن خمسمائة بندقية فقط، وأن نيكاراغوا هي وجهتها النهائية، غير أن السفينة واصلت طريقها في اتجاه إيطاليا، بعدما كان مقرراً أن تفرغ حمولتها في سفينة ثانية في الميناء الإسباني لتتّجه بعدها إلى «بلد ما». لاذت السلطات الرسمية الإسرائيلية بالصمت إزاء القضية، مكتفية بإعلان فتح تحقيق لمعرفة كيف تسربت المعلومات إلى دولة أجنبية، مثل إسبانيا.
بيت القصيد في الحادثة يكمن في أن مدريد كانت على علم مسبق، من خلال تسريب إسرائيلي على خلفية تنافس بين تجار سلاح، بما تحمله السفينة. وما كان من السلطات الإسبانية إلا أن أمرت بنقلها إلى منشأة تفتيش أميركية موجودة في الميناء، الخطوة التي وضعها الإسرائيليون في إطار الإساءة إلى علاقتهم بالولايات المتحدة الأميركية، لكون الوثائق الرسمية التي قدمها طاقم السفينة تشير إلى أن وجهتها النهائية هي نيكاراغوا، موطن الرئيس دانيال أورتيغا «المعادي» لواشنطن، وحليف الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز.
وهكذا خرجت تل أبيب بخلاصة وحيدة من الحادثة: إسبانيا تكره دولة إسرائيل. شعور عززته تداعيات مقتل الجنود العاملين في الوحدة الاسبانية في جنوب لبنان قبل أيام من «السقطة» الإسرائيلية جنوب إسبانيا، فبدلاً من أن تتجه أصابع الاتهام، كما ترغب إسرائيل، نحو حزب الله، وجدت مدريد نفسها ملزمة، لظروف واقعية ومعطيات ميدانية، بالتنسيق مع الحزب. لم تكن إسرائيل لترضى عن هذا التنسيق، إلى حد أن أنباء تواترت من تل أبيب وصفت الخطوة الاسبانية بأنها «صفقة أمنية» تقضي بتعاون حزب الله في تقديم معلومات حول تحركات «مشبوهة» في منطقة عمليات الوحدة الاسبانية، في مقابل «تساهل» إسباني إزاء تحركات الحزب.
لم تعلق الدبلوماسية الإسبانية رسمياً على «الاتهام» الإسرائيلي المبطن، لكن مصادر في الخارجية في مدريد أكدت حصول لقاءات بين القبعات الزرق الإيطالية والفرنسية أيضاً مع حزب الله، مشددة على أن «إسبانيا ليس لديها مصلحة في حصار» الحزب.
وعلى الرغم من قلقه حيال «الصفقة الأمنية» المزعومة، فإن التعليق الإسرائيلي على التقارب بين مدريد والحزب يضعه في إطار حاجة القوات الاسبانية إلى «العمل ضمن بيئة صديقة»، كما هي حال جميع القوات الدولية، في مواجهة مسلسل الحوادث الأمنية في الجنوب، الذي بدأ مع إطلاق صاروخي الكاتيوشا، ولم ينته بمباركة الظواهري للعملية ضد القوات «الصليبية» في لبنان.
غير أن الأزمة «غير المعلنة» بين مدريد وتل أبيب تنذر بما هو أبعد من مجرد توتر مرحلي، إذ تشير تجارب سابقة إلى أن إسرائيل لا تتسامح مع من يعرقل مخططاتها، حتى لو كان طرفاً محايداً. ولا تزال أشلاء عناصر القوة الغانية في بلدة قانا الجنوبية شاهدة على «الكره» الذي تكنّه إسرائيل للشرعية الدولية.
منقول من موقع حزب الله
غير أن فرضية أطلقها أخيراً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله سلّطت الضوء على الموقف الإسرائيلي من هذه القوات، وتحديداً العلاقة المتوترة بين إسبانيا وإسرائيل على خلفية مصادرة سفينة أسلحة في ميناء إسباني قدمت من ميناء حيفا في تموز الماضي وكانت في طريقها إلى «بلد ما».
يوم قبلت جميع الأطراف بتعزيز القوات الدولية في جنوب لبنان، فهمت إسرائيل، ومن ورائها الإدارة الأميركية، أن هذه الخطوة هي نصر دبلوماسي و«أمني» يضع حزب الله في مواجهة 15 ألف جندي أممي. ولكن «خلافاً لما توقعه البعض، لا يأتي التهديد من عناصر حزب الله، بل يكمن الخطر في المقاتلين المتشددين من السُنّة الذين يستلهمون أساليبهم من تنظيم القاعدة»، بحسب الصحافي الأميركي نيكولاس بلانفورد في مقالة نشرتها صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الشهر الماضي تحت عنوان «هل يوفر حزب الله الحماية للقوات الدولية في لبنان؟».
بعد عام على حرب تموز 2006، «تتعاون وحدات في القوات الدولية مع حزب الله لضمان حماية جنودها من التنظيمات المتشددة»، وخاصة بعدما صدرت مواقف عدة للرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري يدعو فيها إلى استهداف «القوات الصليبية». وهكذا وجدت دول إيطاليا وإسبانيا وفرنسا نفسها مضطرة إلى طلب تعاون حزب الله، الأمر الذي نجم منه «قيام عناصر من الحزب بمصاحبة العربات المدرعة التابعة للقوات الأممية المعززة خلال دورياتها على الحدود مع إسرائيل»، وفقاً لبلانفورد.
لا تبدو تل أبيب راضية عن هذا التنسيق، وخاصة في ما يخص الدور الإسباني في جنوب لبنان، علماً بأن مسار العلاقات الاسبانية ـ الإسرائيلية يتخذ منحى متداعياً، حتى بات «الكره» يحكم العلاقات بينهما، بحسب التوصيف الإسرائيلي. وقد ظهرت ملامح «الجفاء السياسي» بين الطرفين، منذ حادثة مقتل ستة جنود تابعين للوحدة الاسبانية العاملة في جنوب لبنان، حين قررت الوحدة الاستعانة بحزب الله للكشف عن منفذي التفجير.
من وجهة نظر إسرائيلية، يُعدّ «التنسيق» الأمني مع حزب الله سبباً كافياً لتوتر العلاقة مع أي دولة، لكن مع إسبانيا بالتحديد، هناك أكثر من سبب.
في الرابع من تموز الماضي، ضبطت السلطات الاسبانية في ميناء محلي جنوب البلاد شحنة من الأسلحة قادمة من حيفا الإسرائيلية، وعثرت على متنها على ما يزيد على ألف قطعة سلاح، فضلاً عن خمسمائة بندقية تعمل بالهواء المضغوط. المثير في القضية أن طاقم السفينة زعم، قبل بدء التفتيش، أن الحمولة تتضمن خمسمائة بندقية فقط، وأن نيكاراغوا هي وجهتها النهائية، غير أن السفينة واصلت طريقها في اتجاه إيطاليا، بعدما كان مقرراً أن تفرغ حمولتها في سفينة ثانية في الميناء الإسباني لتتّجه بعدها إلى «بلد ما». لاذت السلطات الرسمية الإسرائيلية بالصمت إزاء القضية، مكتفية بإعلان فتح تحقيق لمعرفة كيف تسربت المعلومات إلى دولة أجنبية، مثل إسبانيا.
بيت القصيد في الحادثة يكمن في أن مدريد كانت على علم مسبق، من خلال تسريب إسرائيلي على خلفية تنافس بين تجار سلاح، بما تحمله السفينة. وما كان من السلطات الإسبانية إلا أن أمرت بنقلها إلى منشأة تفتيش أميركية موجودة في الميناء، الخطوة التي وضعها الإسرائيليون في إطار الإساءة إلى علاقتهم بالولايات المتحدة الأميركية، لكون الوثائق الرسمية التي قدمها طاقم السفينة تشير إلى أن وجهتها النهائية هي نيكاراغوا، موطن الرئيس دانيال أورتيغا «المعادي» لواشنطن، وحليف الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز.
وهكذا خرجت تل أبيب بخلاصة وحيدة من الحادثة: إسبانيا تكره دولة إسرائيل. شعور عززته تداعيات مقتل الجنود العاملين في الوحدة الاسبانية في جنوب لبنان قبل أيام من «السقطة» الإسرائيلية جنوب إسبانيا، فبدلاً من أن تتجه أصابع الاتهام، كما ترغب إسرائيل، نحو حزب الله، وجدت مدريد نفسها ملزمة، لظروف واقعية ومعطيات ميدانية، بالتنسيق مع الحزب. لم تكن إسرائيل لترضى عن هذا التنسيق، إلى حد أن أنباء تواترت من تل أبيب وصفت الخطوة الاسبانية بأنها «صفقة أمنية» تقضي بتعاون حزب الله في تقديم معلومات حول تحركات «مشبوهة» في منطقة عمليات الوحدة الاسبانية، في مقابل «تساهل» إسباني إزاء تحركات الحزب.
لم تعلق الدبلوماسية الإسبانية رسمياً على «الاتهام» الإسرائيلي المبطن، لكن مصادر في الخارجية في مدريد أكدت حصول لقاءات بين القبعات الزرق الإيطالية والفرنسية أيضاً مع حزب الله، مشددة على أن «إسبانيا ليس لديها مصلحة في حصار» الحزب.
وعلى الرغم من قلقه حيال «الصفقة الأمنية» المزعومة، فإن التعليق الإسرائيلي على التقارب بين مدريد والحزب يضعه في إطار حاجة القوات الاسبانية إلى «العمل ضمن بيئة صديقة»، كما هي حال جميع القوات الدولية، في مواجهة مسلسل الحوادث الأمنية في الجنوب، الذي بدأ مع إطلاق صاروخي الكاتيوشا، ولم ينته بمباركة الظواهري للعملية ضد القوات «الصليبية» في لبنان.
غير أن الأزمة «غير المعلنة» بين مدريد وتل أبيب تنذر بما هو أبعد من مجرد توتر مرحلي، إذ تشير تجارب سابقة إلى أن إسرائيل لا تتسامح مع من يعرقل مخططاتها، حتى لو كان طرفاً محايداً. ولا تزال أشلاء عناصر القوة الغانية في بلدة قانا الجنوبية شاهدة على «الكره» الذي تكنّه إسرائيل للشرعية الدولية.
منقول من موقع حزب الله