صادق العارضي
08-04-2012, 03:58 PM
جميلة هذه الحكاية
سجود الشاب لنعم الله تعالى
يُحكى أنّ عاصفةً قويةً ضَرَبت إحدى السفن المسافرة ، وأثارَت عليها أمواجَ البحر ، فتحطّمت بالقرب من إحدى الجُزر البعيدة ، ولم يَنجُ من المسافرين سوى امرأةٍ مع طفلها الرضيع .
فإنّها تَشبَّثت بعمودٍ من أعمِدةِ السفينة المُحطَّمة ، ودَفَعت بها الأمواجُ إلى تلك الجزيرةِ المُوحشةِ الخالية من السكّان .
وبينما كانت المرأةُ تبحثُ وسطَ الغابةِ عن مَأوى لتأوي إليه مع طفلها ، لَدَغَتها أفعى كبيرة ، فتُوفّيت متأثّرةً بالسم ، وبَقي الطفلُ يصرخ ويبكي .
وصادَف أن مرّت غزالةٌ فأشفَقَت على الطفل ، وحَمَلته إلى بيتها تُرضعه من حليبها ، وهناك عاشَ الطفلُ وكَبرَ وأصبحَ شاباً قوياً ، مَفتولَ العضلات ، لا يَهابُ الأُسود ، ولا يخاف النُمور .
واغترَّ الشابُّ بقوّتِه إلى درجةٍ أصبحَ بعدَها يَعتدي على الحيوانات الوديعة والضعيفة ، فكان يُطاردُ الحيوانات ، ويَنشرُ الخوفَ في رُبوع تلك الجزيرة .
وذاتَ يوم تسلّقَ جبلاً شاهِقاً ووقف على قمّتِه وهَتفَ بأعلى صوته : أنا الإنسان الجبّار ، أنا القوي ، أنا الذي أصرَعُ الأسَد وأقتل النمر ، أنا مَلِك الغابة وحاكمُ الجزيرة ، وسيّدُ الجميع .
وكانت الأصداء تُردّد صوتَ الشاب ، ولكنّه سمع صوتاً غريباً يناديه : أيها الإنسان ، فالتفَتَ إلى جهة الصوت ، فإذا الشمسُ هي التي تكلّمه .
فقالت الشمس : أيها المخلوقُ الضعيف ، فأجابَ الشاب : نعم ! نعم ! لا أستطيعُ النظر إليكِ لنوركِ الساطع .
وهنا تناولت الشمسُ غَيمةً صغيرة ناصعةَ البَياضِ وحجبت بها وجهها ، وبدأت تكلّمه : أيها الإنسان ، إنّك كائنٌ ضعيف ، فلماذا تَغترّ بقوّتك ، ولا تَشكرُ مَن مَنَحَك هذه القوة ؟ أتدري لو أنّني اقتَربتُ منك لأحرَقتُكَ بحرارتي المُلتهبة ، ولو ابتَعَدتُ عنك لَمِتَّ مِن شدّةِ البرد ؟!
وفي الأثناء سَمع الشابُّ صوتاً يُناديه من أسفلِ الجبل : أيها الإنسان ، التفَتَ الشابُّ فإذا هو النهر .
فقال النهر : لماذا تَغترُّ بقوّتكَ أيها المخلوقُ الضعيف ، ولا تَشكُر مَن مَنحَكَ نعمةَ الماء ، فهل تَستطيعُ أن تعيشَ دونَ ماء ؟ سوف تَموتُ مِن العطش والظمأ ؟
وهنا هَمسَ الهواءُ بأُذنه قائلاً : لا تَكُن مَغروراً بقوّتك ، لو لم أدخُل أنفَكَ لما استطعتَ أيها المخلوقُ الضعيفُ أن تعيشَ أكثرَ من لحظات ، فاشكُر مَن منَحك هذه النعمة .
فلم يَكد ينتهي الهواءُ من كلامهِ حتّى ثارت ثائرةُ البحر ، وتلاطَمت أمواجُه العالية ، وهَتَفت الأمواجُ قائلة : لقد سمعتُ كلامَك أيها المخلوقُ المَغرور ، أنا الذي حَمَلتُكَ على ظهري وألقيتُ بك إلى الساحل ، وإلاّ لأصبحتَ طَعاماً للحِيتان .
فأطرقَ الشابُّ برأسهِ مُفكّراً ، ثمّ رفعَ رأسَهُ قائلاً : نَعم ، إنّني مخلوقٌ ضعيف حقاً ، ولكن لماذا تُعطونني كلّ هذه النعم ؟!
فأجابت الشمسُ والأشجار ، وأجابَ النهرُ والهواءُ والبحر : أجابوا جميعُهم بصوتٍ واحد : إنّ الله الذي خَلَقنا هو الذي سَخَّرنا لخدمتِكَ أيها الإنسان ، فعلَيك أن تَشكُرَ اللهَ على نِعمهِ وآلائه .
وهنا هوى الشابُّ ساجداً لله الذي مَنَحه النِعم ، ووهَبَ له كلَّ شيء وأفاضَ عليهِ البركات ، فخاطبه الجميع : لقد أحسَنتَ صُنعاً أيها الإنسان
سجود الشاب لنعم الله تعالى
يُحكى أنّ عاصفةً قويةً ضَرَبت إحدى السفن المسافرة ، وأثارَت عليها أمواجَ البحر ، فتحطّمت بالقرب من إحدى الجُزر البعيدة ، ولم يَنجُ من المسافرين سوى امرأةٍ مع طفلها الرضيع .
فإنّها تَشبَّثت بعمودٍ من أعمِدةِ السفينة المُحطَّمة ، ودَفَعت بها الأمواجُ إلى تلك الجزيرةِ المُوحشةِ الخالية من السكّان .
وبينما كانت المرأةُ تبحثُ وسطَ الغابةِ عن مَأوى لتأوي إليه مع طفلها ، لَدَغَتها أفعى كبيرة ، فتُوفّيت متأثّرةً بالسم ، وبَقي الطفلُ يصرخ ويبكي .
وصادَف أن مرّت غزالةٌ فأشفَقَت على الطفل ، وحَمَلته إلى بيتها تُرضعه من حليبها ، وهناك عاشَ الطفلُ وكَبرَ وأصبحَ شاباً قوياً ، مَفتولَ العضلات ، لا يَهابُ الأُسود ، ولا يخاف النُمور .
واغترَّ الشابُّ بقوّتِه إلى درجةٍ أصبحَ بعدَها يَعتدي على الحيوانات الوديعة والضعيفة ، فكان يُطاردُ الحيوانات ، ويَنشرُ الخوفَ في رُبوع تلك الجزيرة .
وذاتَ يوم تسلّقَ جبلاً شاهِقاً ووقف على قمّتِه وهَتفَ بأعلى صوته : أنا الإنسان الجبّار ، أنا القوي ، أنا الذي أصرَعُ الأسَد وأقتل النمر ، أنا مَلِك الغابة وحاكمُ الجزيرة ، وسيّدُ الجميع .
وكانت الأصداء تُردّد صوتَ الشاب ، ولكنّه سمع صوتاً غريباً يناديه : أيها الإنسان ، فالتفَتَ إلى جهة الصوت ، فإذا الشمسُ هي التي تكلّمه .
فقالت الشمس : أيها المخلوقُ الضعيف ، فأجابَ الشاب : نعم ! نعم ! لا أستطيعُ النظر إليكِ لنوركِ الساطع .
وهنا تناولت الشمسُ غَيمةً صغيرة ناصعةَ البَياضِ وحجبت بها وجهها ، وبدأت تكلّمه : أيها الإنسان ، إنّك كائنٌ ضعيف ، فلماذا تَغترّ بقوّتك ، ولا تَشكرُ مَن مَنَحَك هذه القوة ؟ أتدري لو أنّني اقتَربتُ منك لأحرَقتُكَ بحرارتي المُلتهبة ، ولو ابتَعَدتُ عنك لَمِتَّ مِن شدّةِ البرد ؟!
وفي الأثناء سَمع الشابُّ صوتاً يُناديه من أسفلِ الجبل : أيها الإنسان ، التفَتَ الشابُّ فإذا هو النهر .
فقال النهر : لماذا تَغترُّ بقوّتكَ أيها المخلوقُ الضعيف ، ولا تَشكُر مَن مَنحَكَ نعمةَ الماء ، فهل تَستطيعُ أن تعيشَ دونَ ماء ؟ سوف تَموتُ مِن العطش والظمأ ؟
وهنا هَمسَ الهواءُ بأُذنه قائلاً : لا تَكُن مَغروراً بقوّتك ، لو لم أدخُل أنفَكَ لما استطعتَ أيها المخلوقُ الضعيفُ أن تعيشَ أكثرَ من لحظات ، فاشكُر مَن منَحك هذه النعمة .
فلم يَكد ينتهي الهواءُ من كلامهِ حتّى ثارت ثائرةُ البحر ، وتلاطَمت أمواجُه العالية ، وهَتَفت الأمواجُ قائلة : لقد سمعتُ كلامَك أيها المخلوقُ المَغرور ، أنا الذي حَمَلتُكَ على ظهري وألقيتُ بك إلى الساحل ، وإلاّ لأصبحتَ طَعاماً للحِيتان .
فأطرقَ الشابُّ برأسهِ مُفكّراً ، ثمّ رفعَ رأسَهُ قائلاً : نَعم ، إنّني مخلوقٌ ضعيف حقاً ، ولكن لماذا تُعطونني كلّ هذه النعم ؟!
فأجابت الشمسُ والأشجار ، وأجابَ النهرُ والهواءُ والبحر : أجابوا جميعُهم بصوتٍ واحد : إنّ الله الذي خَلَقنا هو الذي سَخَّرنا لخدمتِكَ أيها الإنسان ، فعلَيك أن تَشكُرَ اللهَ على نِعمهِ وآلائه .
وهنا هوى الشابُّ ساجداً لله الذي مَنَحه النِعم ، ووهَبَ له كلَّ شيء وأفاضَ عليهِ البركات ، فخاطبه الجميع : لقد أحسَنتَ صُنعاً أيها الإنسان