صادق العارضي
08-04-2012, 03:59 PM
خيال الجَدّة أبدع من التلفزيون
لم يَعرِف الصغارُ ما هو أجمَلُ من حكاياتِ جَدّتِهم العجوز ، ولا أبهَجَ منها ، فكانوا يَجلِسونَ أمامَ الجَدّةِ وهي تَقُصُّ عليهم حكاياتِها ، ومِلءُ عُيونِهمُ الدَهشةُ والفَرَح ، أمّا هي فقد كانت في غايةِ السعادة ، وكلّما مَرَّت الأيّام ، ازدادُ أحفادُها عدداً ، وتَكبُرُ أعمارُهم ، حتّى إذا سافَرَ بعضُهم إلى المدينةِ ليعملوا هناك ، وأرادوا أن يَعودوا إلى قريَتِهم ويَزوروا جَدّتَهُمُ العزيزة ، ففَكّروا أن يَحمِلوا مَعهم هديةً إليها تَفرَحُ بها .
فقالَ أحدُهُم : أعتقِدُ أن التلفزيونَ الملوّنَ سوف يُسلِّيها ويُدخِلُ على قلبِها السرور .
فرَدَّ الآخرَون : فكرةٌ رائعة ، سنَحمِلُ معنا للجدّةِ الوسيلةَ التي تجعلُها تُشاهدُ بعينِها حكاياتِها التي كانت تَقُصُّها علَينا .
ولمّا وصَلوا إلى القريةِ أسرَعوا إلى الجدَة يَحمِلونَ لها مُفاجأتَهُم ، استَقبلَتهُم الجدّةُ بشَوقٍ ومحبّة ، ثمّ قالت لهم : تعالَوا الآن لأقُصَّ عليكُم مِن حكاياتي .
فضَحِكَ الأحفادُ وقالوا : لا ، بل نحنُ الذينَ سَنُريكِ تلك الحكايات ، وأسرَعوا بإخراجِ التلفزيون مِن الصُندوق ، ووَصَلوه بأسلاك الكهرباء ، وضَغَطوا على الزِر الصغيرِ في طَرَفهِ .
فإذا ببطلِ حكاياتِ الجدّة ( السند باد ) يُطِلُّ عليهم مِن الشاشةِ الصغيرة ، فَرِحَ الجميعُ وكذلكَ الجَدّة ، وأخَذوا يُتابِعونَهُ بشَوق وهم يَضحكونَ مرّةً ، ويُصَفّقون أخرى .
وفجأةً انتبهَ أحدُ الأحفاد إلى أنّ جَدّتَهُ لم تَعُد تَضحَك ، وقد ظَهَر على مَلامحِ وجهيها شيءٌ من الحزن ، فأسرَعَ يقول : ما بالُكِ يا جَدّتي ؟! ألم تُعجِبكِ الحكاية ؟! لقد تَعَوّدنا أن نَسمَعَها منكِ ، ولكنّنا الآنَ نراها بالعَين ، أليسَ هذا رائعاً ؟!
فصَمَتَتِ الجدّةُ قليلاً ، ثمّ قالت : نَعم ، إنّهُ رائعٌ حقّاً ، ولكنّي أعرِفُ ما هو أكثرُ رَوعَةً وأكثرُ جاذبيّة
فهَتفَ الجميعُ بصوتٍ واحد : وما هو الأروعُ منهُ يا جدَّتَنا ؟!
فأجابَت : إنّه يا أعزّائي الخَيالُ الذي زَوّدَ اللهُ بهِ الإنسان ، إنّه يتَلألأُ في ذِهني كالنُورِ الباهر .
والحكايةُ التي تَعيشُ في مُخيّلتِنا تَظَلُّ أبهَجَ ألواناً ، وأكثرَ إشراقاً مِن الصورةِ التي نراها .
فسَكتَ الأحفادُ جميعاً ، وقد فَطَنوا إلى معنىً جديدٍ في كلام الجدّة ما كان يَخطُرُ على بالِهم .
وعند ذلكَ أسرَعَ حفيدُها إلى التلفزيون الملوّن فأغلَقَه ، وعاد لِيجلسَ بجانبها ، ثمّ قال : عُودِي يا جَدّتي واحكِ لنا حكاياتِكِ الجميلةَ الرائعة ، صِفي لنا ثُلوجاً أنصَعَ بَياضاً ، وسُهولاً أكثرَ اخضِراراً ، وبِحاراً أشدَّ زُرقَةً وصَفاءً ، وارسِمي لنا شُموساً وأقماراً كما يُبدِعُها فَنُّ خيالِك .
لم يَعرِف الصغارُ ما هو أجمَلُ من حكاياتِ جَدّتِهم العجوز ، ولا أبهَجَ منها ، فكانوا يَجلِسونَ أمامَ الجَدّةِ وهي تَقُصُّ عليهم حكاياتِها ، ومِلءُ عُيونِهمُ الدَهشةُ والفَرَح ، أمّا هي فقد كانت في غايةِ السعادة ، وكلّما مَرَّت الأيّام ، ازدادُ أحفادُها عدداً ، وتَكبُرُ أعمارُهم ، حتّى إذا سافَرَ بعضُهم إلى المدينةِ ليعملوا هناك ، وأرادوا أن يَعودوا إلى قريَتِهم ويَزوروا جَدّتَهُمُ العزيزة ، ففَكّروا أن يَحمِلوا مَعهم هديةً إليها تَفرَحُ بها .
فقالَ أحدُهُم : أعتقِدُ أن التلفزيونَ الملوّنَ سوف يُسلِّيها ويُدخِلُ على قلبِها السرور .
فرَدَّ الآخرَون : فكرةٌ رائعة ، سنَحمِلُ معنا للجدّةِ الوسيلةَ التي تجعلُها تُشاهدُ بعينِها حكاياتِها التي كانت تَقُصُّها علَينا .
ولمّا وصَلوا إلى القريةِ أسرَعوا إلى الجدَة يَحمِلونَ لها مُفاجأتَهُم ، استَقبلَتهُم الجدّةُ بشَوقٍ ومحبّة ، ثمّ قالت لهم : تعالَوا الآن لأقُصَّ عليكُم مِن حكاياتي .
فضَحِكَ الأحفادُ وقالوا : لا ، بل نحنُ الذينَ سَنُريكِ تلك الحكايات ، وأسرَعوا بإخراجِ التلفزيون مِن الصُندوق ، ووَصَلوه بأسلاك الكهرباء ، وضَغَطوا على الزِر الصغيرِ في طَرَفهِ .
فإذا ببطلِ حكاياتِ الجدّة ( السند باد ) يُطِلُّ عليهم مِن الشاشةِ الصغيرة ، فَرِحَ الجميعُ وكذلكَ الجَدّة ، وأخَذوا يُتابِعونَهُ بشَوق وهم يَضحكونَ مرّةً ، ويُصَفّقون أخرى .
وفجأةً انتبهَ أحدُ الأحفاد إلى أنّ جَدّتَهُ لم تَعُد تَضحَك ، وقد ظَهَر على مَلامحِ وجهيها شيءٌ من الحزن ، فأسرَعَ يقول : ما بالُكِ يا جَدّتي ؟! ألم تُعجِبكِ الحكاية ؟! لقد تَعَوّدنا أن نَسمَعَها منكِ ، ولكنّنا الآنَ نراها بالعَين ، أليسَ هذا رائعاً ؟!
فصَمَتَتِ الجدّةُ قليلاً ، ثمّ قالت : نَعم ، إنّهُ رائعٌ حقّاً ، ولكنّي أعرِفُ ما هو أكثرُ رَوعَةً وأكثرُ جاذبيّة
فهَتفَ الجميعُ بصوتٍ واحد : وما هو الأروعُ منهُ يا جدَّتَنا ؟!
فأجابَت : إنّه يا أعزّائي الخَيالُ الذي زَوّدَ اللهُ بهِ الإنسان ، إنّه يتَلألأُ في ذِهني كالنُورِ الباهر .
والحكايةُ التي تَعيشُ في مُخيّلتِنا تَظَلُّ أبهَجَ ألواناً ، وأكثرَ إشراقاً مِن الصورةِ التي نراها .
فسَكتَ الأحفادُ جميعاً ، وقد فَطَنوا إلى معنىً جديدٍ في كلام الجدّة ما كان يَخطُرُ على بالِهم .
وعند ذلكَ أسرَعَ حفيدُها إلى التلفزيون الملوّن فأغلَقَه ، وعاد لِيجلسَ بجانبها ، ثمّ قال : عُودِي يا جَدّتي واحكِ لنا حكاياتِكِ الجميلةَ الرائعة ، صِفي لنا ثُلوجاً أنصَعَ بَياضاً ، وسُهولاً أكثرَ اخضِراراً ، وبِحاراً أشدَّ زُرقَةً وصَفاءً ، وارسِمي لنا شُموساً وأقماراً كما يُبدِعُها فَنُّ خيالِك .