المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوسل خلاف ما يري الصوفية والسلفية


فارس اللواء
08-04-2012, 11:18 PM
بقلم/ فارس اللواء


التوسل خلاف ما يري الصوفية والسلفية

رحم الله أبي القاسم الشابي الذي قال بأن الحياة صراع فبدّلها البعض إلي صراع الحياه..وسواءا كانت هذه أو تلك فثبوت الصراع في الدنيا بدهي، بل تكاد أن لا تجد مجالا أو منطقة أو مجموعة من البشر إلا وكان الصراع فيهم حاضرا –بطبقاته-كنتيجة حتمية لسنة التدافع...تظهر أنواع الصراعات تلك فتأخذ أشكالا أقرب إلي صورة الشخص المُخيلة إليه ، فيري نفسه طرفا أصيلا حاملا للحق في مواجهة الباطل، وبغرور الإنسان وتناظره وحِرصه علي الإنتصار يبعد عن النجعة وتزداد الهَوّة..

بعيدا عن مؤلفات الصوفية والسلفية حول التوسل والتي لا تكاد تخلو من التبرير والأدلجة..أري أن قضية التوسل بحاجة للتوضيح من مجال آخر أكثر خصوصية للإنسان في عقله وثقافته وعُمق استقراءه..وكأن المسألة لدي ليست بحاجة إلي علم أكثر ما هي بحاجة حقيقية إلي عقل..فالعِلم غالبا ما يرتبط بالمعلومة كمغذي أولي، أما لو تحالف العلم مع العقل حينها سيُفنّد المعلومة ويطرحها للتساؤل وهذه أولي مراتب العلم الحقيقية...السؤال ..وعدم التسليم للموروث دون محاججته وإخضاعه للشك.. هذا فيما دون الأمر فيه بالتسليم...

قد يقول قائل بأن قضية التوسل تمس أصول الدين وتجرح التوحيد ولا ينبغي التهاون فيها..وهذا معه حق إذا أكّد الإحتمال...وقائل آخر يقول بأن التوسل جائز وهو قول جمهور أهل السلف والخلف ولكن يفعله المتوسلون بشروط تحفظ دينهم وحبهم لأولياء الله الصالحين وهذا أيضا معه حق..فقد قرأت بحثا قويا في موقع ملتقي الإخوان المسلمين يُثبت فيه أن التوسل جائز وهو قول الجمهور...إذا نحن أمام طرفين..الأول يفعل والثاني يُنكر..ولكن لم يسأل أحد منا من قبل ماذا لو لم يلتزم كل فريق بضوابط الفعل والإنكار؟..هذا ما أود الإِشارة إليه كمُدخل لفهم تلك القضية التي تسببت في شقاق بين المسلمين وتشيعهم لفرق متناحرة تقاتل بعضها علي التافه والعظيم..

إن الطرف المُدافع عن التوسل يدافع عنه لاعتقاده بأنه لازم من لوازم حب الولي الصالح..ومنهم من يري في التوسل وسيلة فطرية تدفعه رغباته الإيمانية بالاستزادة من سيرة المتوسل فيه..وكأنه يري القدوة العملية في ذهنه حاضرة وبحاجة لإخراجها من حيّز الصورة إلي حيّز الفعل..أغلبهم يعلمون ضوابط الفِعل ولا ينساقون وراء أهوائهم التي أحيانا تخرج بهم عنه المألوف فيرتكبون جُرما عظيما..لكن وفي الغالب يقع هذا الطرف أسيرا للعُزلة..فيعبد الله بحواسه قبيل عقله وينساق وراء عاطفته الجياشة -التي يتميز بها عن الآخرين..فتُسقطه عبادته في براثن العُزلة والجهل بالتركيبة المجتمعية والسياسية والثقافية المحيطة به..فيري مصطحات العصر-المتداولة-شذوذا عن العقائد ويُخضع الأحدث لمعتقده ، ولن يقع في ذلك المأزق كل متفتح من ذلك الطرف يعلم معني الحب والإيثار أشمل مما درسه وتلقاه علي أيدي مشايخه فيسع صدره وعِلمه الآخرين.

أما الطرف المحارب للتوسل فحاله أشبه بحال المدافع وقد يفوقه سوءا..وكأن قضية التوسل ليست بحاجة إلي هجوم أو دفاع أكثر من حاجتها للعقل الذي يضع لها معايير خارج الفهم الموروثي المُقيّد بمظروفية الزمان والمكان..فحال الهجوم لن يخلو من الأخطاء ولو لم يراجع ذلك الطرف أخطائه فستُهدم شخصيته لأنه لا حقيقة كاملة دون الخطأ والإعتبار منه..وحال ذلك الطرف علي خطر عظيم..فالهجوم الدائم قد يقلب الإنسان إلي وحش كما أشار "فريدريك نيتشة" بضرورة أخذ الحذر عند مقاتلة الوحوش لئلا يُصبح المقاتل وحشا...هذا هو الإنسان ضعيف المَلكة، تدفعه حواسه للحُكم والفِعل دون وضع حواجز تحول بينه وبين الغلو.. وبإمكاننا أن نري تلك الوحوش الإفتراضية في مجتمعاتنا بوضوح...

ستري أن أكثر المحاربين للتوسل قلوبهم غُلف ولا تتقدس لديهم القدوة إلا بخضوعها لهوي المحارب ورأيه، فهم يرون التوسل فِعلا جارحا للعقيدة وهؤلاء أرجح أنهم مقصرون في واجب التربية الإيمانية أوالتثقيفية التي تجعل مقاصد الإسلام وروح شريعته نبراسا أمام أعينهم ،وأكثر هؤلاء صناع للفِتن فتَحكّمِهِم في أنفسهم بسيط مع وجود حافزهم أقوي..ولو أعملوا عقولهم لوقفوا علي أن التوسل هو فكرة قبل أن يكون فِعلا..ولن يُجابه الفكرة سوي الفكرة المضادة الخالية من الإقصاء أو التهميش الذي قد يضع الهدف المقصي في خانة الضعف مما سيجلب لها الأنصار..أما الفكرة المضادة الصحيحة هي قيام الفرد علي ذاته بالتثقيف والإحتكاك والحضّ عليه، وأن يهَب نفسه للحُبّ والإيثار..وأن لا يَعجل بزوال المُنكر -وإلا لم يكن منكرا..وأن يقوم علي إِشغال فراغه وفراغ الناس ، وأن يعمل كحلقة مجتمعية لقتل الجهل بالتحريض علي معرفة أوجه الخِلاف وتدارسها ببيّنة عقلانية وروحية شرعية..


بينما ستري أكثر المدافعين عن التوسل يُفرغونه من مضمونه الداعي إلي حبّ الولي والإقتداء بسيرته وتقليده في عبادته..فينقلون التوسل من مجال العبادة والتطهير إلي مجال التعصب للفكرة..فالمحارب يترصدهم ولو لم يدافعوا ستُمحى هويتهم وهوية الأولياء...ولو أعملوا عقولهم سيجدوا أن لا حاكم عليهم سوي أنفسهم..سواءا بقي القبرأم ذهب أو ضعفت فكرة التوسل أو قويت فالتوسل في مكنونهم دافع للعبادة أكثر منه شرطا أو وسيلة..فهم الذين يصنعون ويحملون التوسل..وبإمكانهم زرعه كفكرة في قلوب الأجيال دون التعرض للدافع أصلا ، هذا الدافع الذي ومن كثرة الدفاع عنه وإبرازه كفكرة مقدسة أو جائزة مُدافع عنها ستوضع في قفص الإتهام وسيُشار إليها كمُنكر لدى العامّة..

من تلك الظواهر وقفت علي رأيا وسطا أسيقه كالتالي:

1-أن قوله تعالي"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان"..هو قول كاف لاختصار طريق الدعاء وعدم التكلف.

2-ضرورة الحضّ علي حُبّ الأولياء وتدارس سيَرهم لزرع القدوة أمام الأبناء..خاصة أننا شعوب بحاجة ماسّة إلي إظهار قدوات تتسم باللين والزُهد والحبّ والمقامات الربّانية والعِرفان.

3-يتميز الصوفيون بإنكار ذواتهم وتنمية اجتماعياتهم..فالتصوف –كفكرة- تغرس لديهم الإيثار والزُهد..وهاتين القيمتين كافيتان لبناء مجتمع ناجح مترابط.

4-يتميز السلفيون بغيرتهم علي العقيدة..ولكن من الغيرة ما قتل والتكلف يودي إلي المهالك.

5-أري أن علي الطرف المحارب للتوسل عليه بناء ذاته وإنسانيته بعيدا عن فكرة الوصاية علي الآخر التي تستحوذ علي عقله، إضافة إلي إظهارها للاقتداء بها ظهورا لا رياء فيه ومُفعم بالإخلاص والربانية..

6-ضرورة الحِفاظ علي الآثار الإسلامية ومن بينها قبور الأولياء ومقاماتهم..فأي أمة تفرّط في آثارها ينقطع الحبل بينها وبين ماضيها..

-أخيرا لا أري في قضية التوسل حاجة للزهد عن الخوض فيها..وكأنها قضية تراث إسلامي مختلف عليها بين الفقهاء..وإلا لن نُراوح أمكنتنا وسنظل في دائرة الخلاف تتسع وتضيق حسب مستوي العِلم وجُهد العلماء..من الضروري بل من الواجب النظر إليها برؤية أكثر عصرية مما قُرئ عنها في الكُتب...

المصدر/ مدونتي ميدان الحرية والعدالة (http://ascooor.maktoobblog.com/1593927/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%B3%D9%84-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81-%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%A9/)

فارس اللواء
16-04-2012, 04:50 PM
التوسل خِلاف ما يري الصوفية والسلفية

مرضاة الله بيت القصيد(1-2)

إذا كان الجميع يسعي –بطريقته- لتحصيل مرضاة الله إذا فحين اختلافهم حول الأشياء فخلافهم ينبع من تصورهم لها..وبالتالي لا صورة واحدة يجتمع عليها الفُرقاء وإلا سينتفي تعدد المصاديق،حينها وجب بحثهم عن أصول الخِلاف –لتوحيد الصورة- ومحاولة حلّه طمعا في نيل الحقيقة المُطلقة..فالعائق الذي يمنع البحث عن أصول الخِلاف هو نفسه من اعتقد في رأيه وفِعلهِ الحق، والإنسان بفِطرته باحث عن الحقيقة ومع ذلك ليس هو الحقيقة..فلا من حارب التوسل مُحقا ولا من دافع عنه كان ناجيا..

أحاول أن أستجمع تلك الصورة للرجل الذي يقف متمسحا بالمشهد داعيا بجاه الولي وقد يستغيث بذات الولي، فالصورة المُنطبعة في ذهنه لرجل صالح له مقام عظيم عند الله، فكان تصرفه وكأنه يعتقد بالواسطة بينه وبين الله أن اشفع لي يامولانا عند ربي ، إنني مأزوم ومهموم إنني مخطئ عاصي ،هذا الرجل مِسكين ضل طريق الله من أوسع أبوابه"أن ادعوني فإني قريب".. يبحث عن السعادة ولكن قلة علمه بطريق السعادة حالت بينه وبين تحصيلها بطريق آخر غير هذا الطريق..فهو يعتقد أن السعيد غير مُحتاج وأن الأثرياء هم السعداء، وبحسب منطقه لن نري ثريا يفعل ما يفعله المتوسلون بتلك المشاهد..

صورة أخري لرجل يقف بذات المشهد ويفعل ما فعله الأول..ولكنه يدعو دعوات عِرفانية كي يري الله بقلبه بعدما عجز عن رؤيته بحواسه، فهو يهيم شوقا في حب الله متأسيا بالرجل الصالح صاحب المشهد، يدعو من خير الدنيا والآخرة فهو علي عِلم بما يقول وصورة الرجل الصالح لا تفارق خياله..يري أن ذلك كان مسلكا للسلف وللخلف فلا يشك بما يفعل..هذا رجل صالح ولو اختصر دعائه دون الرجل الصالح لما خسر شيئا ولم يكن لينتقص من صاحب المشهد ولو مثقال ذرّة..فقد تكلّف بدعائه بدليل أنه سعي لمعرفة الله بقلبه ثم تحول الواسطة بينه وبين ربه فكيف يتصل الحبل العِرفاني وبينهما وسيط.

فارس اللواء
16-04-2012, 04:56 PM
التوسل خِلاف ما يري الصوفية والسلفية

مرضاة الله بيت القصيد(2-2)

وعلي النقيض من رواد ذلك المشهد أري رجلين أحدهما غار علي دين الله عِلما بعدما عَلم أن هذا السلوك كان فِعل الأولين من الكَفرة والمشركين ولكن عدم تمكنهم من أنفسهم وضبطهم لعلومهم انداحت لهم -وورثتهم -المسألة باعتقاد النفع والضرر من دون الله، فلا يجلس في المكان إلا وأنكر علي من فَعل..فكان تصرفه شهوة ساعة وكأنها غايته في الدنيا –أن يمنع- ومن أجل ذلك وُجد،فيُهمل نفسه بجهله للولاية وأصحابها الأتقياء الأنقياء الذين وصفهم ربهم بأنهم لاتتجافي جنوبهم عن المضاجع ويدعون ربهم خوفا وطمعا، ولو فعل لعَرف معني المنع الذي قام، أن لا منع إلا بعِرفان وأن شهوته قد تحول بينه وبين إصلاح ما ظن أنه فاسد..

القضية لديه بحاجة إلي ضبط نفسي وعقلي يقيمان الدين في النفس قبل البحث عنه في ذوات وأفعال الآخرين، وتلك هي الحكمة أن أصلح نفسك قبل أن تصلح الآخرين وإلا شاب فِعلك فسادا من حيث أردت الإصلاح، وتُصبح وحشا من كثرة مقاتلتك للوحوش..وما عِبته عليهم بعدم الضبط والتمكن وقعت فيه يامسكين، فرأوك جافيا مجافيا..غليظا فجا فانعقدت لديهم الآمال في غيرك وصِرت شر من يُمثل قضية وأتاها من حيث لا يعلم..

بينما الآخر كان لديه المنع.."نزعويا"..فهو جاهل بسلوك السلف والخلف..ولديه رأي واحد أن هذا شِرك عظيم وأصحابه ليسوا بشرا خطائين ولكنهم فاعلين متعمدين..رافضا للحوار مُقلدا عظيما لسلفه الأولين الذي ظن بجهله أنهم سلف الأمة المختارين..فقادته نزعته إلي التقوّل علي الولي الصالح بعلم أو بدون فوقع في الإثم العظيم أن انتقص من أولياء الله وقام علي هدم القدوة في أذهان من رجاها وسعي إليها..هؤلاء في الأًصل ليسوا مخلصين فعبادتهم لله -يسعون إليها- رهبة وخوفا دون الطمع والرغبة وإلا انعكس ذلك علي سلوكهم وصاروا كمثل الأول الذي قام بالمنع علما وفهما للقضية وللموضوع ، أن نواجههم في مهدهم قبل أن نراهم مشركين..

الفارق بين الأول والثاني هو نفسه الفارق بين البناء والهدم..فالثاني أقرب إلي الهدم منه إلي البناء، ولكن الأول ليس ببعيدعن الهدم فقد يهدم نفسه دون أن يدري، والإثنان علي قاعدة معرفية ليست متينة..فعبادتهم لربهم تجاوزت المعرفة بالله بأن عبدوا ربهم-بظنهم- خوفا وطمعا دون سلوك الحُبّ أن يُحبّوا الله فهو الواحد الذي يستحق العبادة والأهلية، فيُحبونه ومن فرط حبهم ينسون الخوف والطمع ولو أنهم في قرارة أنفسهم راجين خائفين،فيتوجهون بقلوبهم في رحابه ويضعون عن أنفسهم الوهم وهوى النفس ولا يقعون أسرى لتلبيس الشيطان عليهم.. فيعرفون معني العبادة ، وأن تنعكس عبادتهم علي سلوكهم فتتهذب ملكاتهم، وتخفق قلوبهم لمن يُحب الله ولو بطريق ليس كطريقهم..

محاور سني1980
17-04-2012, 01:02 AM
هل انت شيعي

وجدي الجاف
17-04-2012, 07:31 AM
هل انت شيعي

رد علمي
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

فارس اللواء
22-04-2012, 12:28 AM
التوسل خلاف ما يرى الصوفية والسلفية

قُرب الله من العبد لا ينفي بعد العبد عن ربه

الكثير ممن يعتدون بالتوسل كسلوك يقرأون قولة تعالي"إني قريب"..بحقيقة بُعد العبد عن ربه وبذلك فلا تعارض بين الآية وحقيقة التوسل الذي يُفترض فيه بأن تلك العلاقة لن تقوى إلا بوسيط..وفي هذا نُظُر..فحقيقة العبادة لله في الأمر الصريح"أعبدوا الله"..ولم يُشرك رب العزة هذا الأمر بمخلوق حتى يبدو أنه كوسيط..فهو أمر مباشر وقد تكرر في عديد الآيات التي نفت الوسيط بين العبد وربّه..

لماذا أقول هذا الكلام....لأن المتوسل في الغالب ينطلق من قاعدة العصيان أو البُعد ليسلك مسلك التوسل كي يكون أكثر قُربا لخالقه..وهذا الفِعل وإن بدا نزيها إلا أنه قد يجلب بعضا من التواكل والكسل فيظن العبد أن العلاقة بينه وبين ربّه متعلقة بفلان أو عِلان، وكأن باب الله لن يُفتح إلا في أوقات معينة ،وبهذا جعل العبد عبادته لربه من جانب دون جانب.. حقيقة لست من هواة التعقيد ولا أحسب نفسي إلا طارحا لأفكاري بسلاسة ويُسر، وتلك العبادة من ذلك الجانب قد تتعارض حقيقة مع هدى الله لعباده التي ربطها الله في أكثر مواضع القرآن بالتقوى وبالتالي فلا حاجة للعبد إلى وسيط..

يقول تعالي"ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين"..فالقرآن هداية ولكن لمن؟..هو هداية للمتقين..والتقوى محلها القلب، وللمتقين صفات في القرآن خصَها الله لعباده الصالحين كالإيمان بالغيب وهو أشمل ومنه تأتي سائر العبادات..، فيكفي العبد تدارس ملكاته وتهذيبها عن المعاصي وإقامته لدين الله –كما فهمه-في نفسه كي يكون ممن هدى الله ، ولا تقوى حقيقة إلا بإرادة السلوك..ومنه يأتي الربط بين هدى الله وإرادة العبد....فمن يجعل فكرة الوسيط واجبة كمن قطع العلاقة بين الهُدى والتقى واشترط علي نفسه- بتكلف-طرفا ثالثا قد يحرمه من التدبر الذي لا يحتاج إلى متخصصين..تكفي الفطرة.

فارس اللواء
29-04-2012, 12:13 AM
التوسل خلاف ما يرى الصوفية والسلفية

الإصلاح بالبناء وليس بالهدم"فكرة اجتماعية"

استكمالا للفكرة الإصلاحية التهذيبية أود العروج على قضية هدم الأضرحة، ولكن كالعادة سننظر إليها بإيجاز بعيدا عن حُكمها الشرعي الذي وكما ساغ الخلاف في أمر التوسل فمن الطبيعي أن يسوغ في هذه القضية الخِلاف بين علماء المسلمين ، إذا فالخوض في غُمار هذا الحكم من الناحيتين الفقهية والعقدية سيودي بنا إلى ظلمات التكلف والتعسير حتما..أما الإسلام فهو سهل وبسيط وتلخص فكرته الإصلاحية –التوفيقية- في البناء لا الهدم..في إيجاد البدائل قبل التفكر في مآلات المشاهد..وكأننا ننظر للمسألة بطريقة تصور مختلفة تنتقل رحابها من إنسان لإنسان يرى في تلك المشاهد ظُلمة ونورا..جهلا وعلما..تقوى وضلال..جنة ونار.

لذا كانت الحاجة لنا للنظر للمسألة من زاوية أخرى أكثر رحابة وواقعية..ولم أجد أكثر من الناحيتين الثقافية والإجتماعية..فلننظر إلى الحالة الإجتماعية أولا وربما نعرج للحالة الثقافية في وقت آخر..تعيين الحالة الإجتماعية لقضية هدم الأضرحة لابد وأن تكون استثنائية كي تخضع لجميع معايير الحالة الإجتماعية للظرف الإستثنائي، وبما أن هذا الظرف سيُنتج حِراكا قد يؤدي إلى صدام بين فئتين فجاز لنا القول بأن هذا الظرف الإستثنائي قابل للدحض كفكرة وحال مخالف للواقع الإفتراضي- الغير صدامي..

من زاوية أخرى فإنه ليس كل صدام سيؤدي إلى التنوير كما يزعم بعض فلاسفة الفكر الديالكتيكيين...فالصدام في بعض الحالات يُورث ضغائن وأحقاد تتوارثها الأجيال..هذه الموروثات لن تُزال بغير التوعية ونشر العلم..لذا كان من الأصلح في هذه الحالة أن تُستبدل الفكرة إلى حالة توعوية تؤدي إلى التنوير الحقيقي الخالي من نزعات الصدام ذات الخلفيات الدينية..فالتنوير هنا له أصل روحي يُميّز بين علاقة الله والإنسان وبين علاقة الإنسان بنفسه، فالعلاقة الأولى قِيَمية أخلاقية لوجود غاية عظمى يسعى لها الإنسان لتحصيل الأجر..والعلاقة الثانية منفعية بحتة..مادية لو خَلَت من أي فكرة إلهية فهي خالية من الأخلاق بالتبعية.

لذا كان كل من يجور على العلاقة الأولى لصالح الثانية فهو مفسد لا محالة، ويتساوى في ذلك كل من اتبع شخصا دون غيره في ذات المسألة وبين من جعل نفس الشخص إلها..فالتنوع واجب وقصد العلم من تتبع الخِلاف وليس الجزم بعدميته، ولكن ليس معنى وجود الضرر أو المفسدة أن يكون عدم منفعة..هنا كانت الحالة أشبه بالحالة الإفتراضية الأولى-الغير صدامية- التي خالفها الظرف الإستثنائي القابل للدحض..خُلاصته في فساد التحرك الأول الذي صنع الظرف الإستثنائي المعروف لدينا بهدم الأضرحة..وهذا إثبات واضح من ناحية عقلانية واجتماعية موجزة..بأن القائم على الفكرة وتنفيذها هو مُفسد في الأرض ومخالف لشريعة الله الإصلاحية بين بني البشر.

فارس اللواء
04-05-2012, 06:05 PM
التوسل خلاف ما يرى الصوفية والسلفية

الإصلاح بالبناء وليس بالهدم"فكرة ثقافية"

يقول رب العزة تبارك وتعالى.."ياأيها الذين أمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا"..وكما أوضحنا العلاقة بين الهُدى والتُقى في معرض العلاقة بين العبد وربه..يبدو لنا تلازماً من وجهٍ آخر بين التُقى والقُدرة على التفريق بين الحق والباطل، وكما أثبتنا في الفكرة الإجتماعية أن القائم على هدم الأضرحة حكمُهُ حُكم المعتدي فيتبين لنا عدم صفاء قلبه بدلالة تَلبّس المسألة عليه وعدم قدرته على التفريق ..وبالتالي وقوعهِ في الآثام.

فالفكرة الثقافية المتعلقة بالبناء نابعة من الحالة الثقافية للمجتمع الحاضن لهذا الفعل، والوقوف على ماهية المجتمع صعب في هذا الزمان، ذلك لأن الحدود بين الدول والشعوب أصبحت كالسراب وبالتالي سقطت فكرة.."أهل مكة أدرى بشعابها"..ربما يكون لنا عودة مع هذه المقولة.... وكما أن الثقافة في أصلها معارف وعلوم فالإنسان المثقف لن يكون مثقفا إلا باطلاعه على كل خِلاف دار حول أي مسألة ومن ضمنها مسألة هدم الأضرحة..فلا يتعين على الفاعل القيام بما يريد إلا بتجاوز الخلافات وخاصة الفكرية منها، وإلا لن يكون مثقفا.

إذاً فالتفريق بين الحق والباطل مشروط بالمعرفة- شرط الثقافة-والثقافة كما أنها علوم ومعارف وبما أن العلوم والمعارف لا ينضب معينها ، إذاً فالثقافة أصلها الإحاطة بجميع أوجه الخِلاف وتجاوز كافة الشُبهات، وأنه لا حق إلا بإجماع متحقق ومُعتبر وبدليل صحيح وصريح لا يقبل التأويل..ولو ساغ فيه الخِلاف وكان التأويل فيه على أوجه ، حينها خرجت المسألة من سياق اليقينيات إلى سياق الظنون وبالتالى أصبحت شُبهة ومن اتقى الشُبهات فقد استبرأ لدينهِِ وعِرضِه.

أبواسد البغدادي
05-05-2012, 12:12 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد
حتى لا ابخس مجهودك اخي فاني قرات الموضوع كله وبتاني
ومن الضروري ان يطلع على هذا الطرح والمجهود المخاطب به اساسا وهم (الصوفية والسلفية )
صحيح نحن الامامية من دعاة التوسل والمدافعين عن هذا الاعتقاد كماسميته (اعتقاد في طرحك الا اننا نختلف حتى مع الصوفية في خصوصية التوسل؟ وليست المسالة فقط خروج هذا العمل العقدي من حيز القوة الى اطلاق الفعل بل تتعدى الجانب الاخر وهي؟ الى المسالة الروحية والعرفانية فلا منافاة بين الصورتين
واما مايخص رايك الوسطي بين الظاهرتين ففيه فقرة ان السلفية يمتازون بالغيرة على العقيدة فهذا كلام عجيب من رجل واعي ومن هم السلفية حتى يكونو غيورين ومحامين عن العقيدة وما هذا الاجحاف والاقصاء بالمسلمين وبالمذاهب جمة
واخيرا يرجى التوضيح للقارئ رايك الوسطي ومطلبك الاساسي بشكل اوضح كونه راي شخصي اولا واخيرا
ونعتذر على الاطالة والازعاج
ممنون

الروح
05-05-2012, 12:33 AM
[


أحاول أن أستجمع تلك الصورة للرجل الذي يقف متمسحا بالمشهد داعيا بجاه الولي وقد يستغيث بذات الولي، فالصورة المُنطبعة في ذهنه لرجل صالح له مقام عظيم عند الله، فكان تصرفه وكأنه يعتقد بالواسطة بينه وبين الله أن اشفع لي يامولانا عند ربي ، إنني مأزوم ومهموم إنني مخطئ عاصي ،هذا الرجل مِسكين ضل طريق الله من أوسع أبوابه"أن ادعوني فإني قريب".. يبحث عن السعادة ولكن قلة علمه بطريق السعادة حالت بينه وبين تحصيلها بطريق آخر غير هذا الطريق..فهو يعتقد أن السعيد غير مُحتاج وأن الأثرياء هم السعداء، وبحسب منطقه لن نري ثريا يفعل ما يفعله المتوسلون بتلك المشاهد..



صورة أخري لرجل يقف بذات المشهد ويفعل ما فعله الأول..ولكنه يدعو دعوات عِرفانية كي يري الله بقلبه بعدما عجز عن رؤيته بحواسه، فهو يهيم شوقا في حب الله متأسيا بالرجل الصالح صاحب المشهد، يدعو من خير الدنيا والآخرة فهو علي عِلم بما يقول وصورة الرجل الصالح لا تفارق خياله..يري أن ذلك كان مسلكا للسلف وللخلف فلا يشك بما يفعل..هذا رجل صالح ولو اختصر دعائه دون الرجل الصالح لما خسر شيئا ولم يكن لينتقص من صاحب المشهد ولو مثقال ذرّة..فقد تكلّف بدعائه بدليل أنه سعي لمعرفة الله بقلبه ثم تحول الواسطة بينه وبين ربه فكيف يتصل الحبل العِرفاني وبينهما وسيط

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اولاً حياك الله معنا
الموضوع شيق جداً وعلى ما يبدو أنك من مصر فمرحبا بك
لي التفاته للآن وصلت بقراءة موضوعك الى الأقتباسين أعلاه

سؤال : أوليس الله عز وجل يقول وابتغوا الي الوسيلة ..!؟
فما تعني الوسيلة حسب وجهة نظرك ايها الفاضل ..!؟

الروح
05-05-2012, 12:45 AM
التوسل خِلاف ما يري الصوفية والسلفية

مرضاة الله بيت القصيد(2-2)

وعلي النقيض من رواد ذلك المشهد أري رجلين أحدهما غار علي دين الله عِلما بعدما عَلم أن هذا السلوك كان فِعل الأولين من الكَفرة والمشركين ولكن عدم تمكنهم من أنفسهم وضبطهم لعلومهم انداحت لهم -وورثتهم -المسألة باعتقاد النفع والضرر من دون الله، فلا يجلس في المكان إلا وأنكر علي من فَعل..فكان تصرفه شهوة ساعة وكأنها غايته في الدنيا –أن يمنع- ومن أجل ذلك وُجد،فيُهمل نفسه بجهله للولاية وأصحابها الأتقياء الأنقياء الذين وصفهم ربهم بأنهم لاتتجافي جنوبهم عن المضاجع ويدعون ربهم خوفا وطمعا، ولو فعل لعَرف معني المنع الذي قام، أن لا منع إلا بعِرفان وأن شهوته قد تحول بينه وبين إصلاح ما ظن أنه فاسد..

القضية لديه بحاجة إلي ضبط نفسي وعقلي يقيمان الدين في النفس قبل البحث عنه في ذوات وأفعال الآخرين، وتلك هي الحكمة أن أصلح نفسك قبل أن تصلح الآخرين وإلا شاب فِعلك فسادا من حيث أردت الإصلاح، وتُصبح وحشا من كثرة مقاتلتك للوحوش..وما عِبته عليهم بعدم الضبط والتمكن وقعت فيه يامسكين، فرأوك جافيا مجافيا..غليظا فجا فانعقدت لديهم الآمال في غيرك وصِرت شر من يُمثل قضية وأتاها من حيث لا يعلم..

بينما الآخر كان لديه المنع.."نزعويا"..فهو جاهل بسلوك السلف والخلف..ولديه رأي واحد أن هذا شِرك عظيم وأصحابه ليسوا بشرا خطائين ولكنهم فاعلين متعمدين..رافضا للحوار مُقلدا عظيما لسلفه الأولين الذي ظن بجهله أنهم سلف الأمة المختارين..فقادته نزعته إلي التقوّل علي الولي الصالح بعلم أو بدون فوقع في الإثم العظيم أن انتقص من أولياء الله وقام علي هدم القدوة في أذهان من رجاها وسعي إليها..هؤلاء في الأًصل ليسوا مخلصين فعبادتهم لله -يسعون إليها- رهبة وخوفا دون الطمع والرغبة وإلا انعكس ذلك علي سلوكهم وصاروا كمثل الأول الذي قام بالمنع علما وفهما للقضية وللموضوع ، أن نواجههم في مهدهم قبل أن نراهم مشركين..

الفارق بين الأول والثاني هو نفسه الفارق بين البناء والهدم..فالثاني أقرب إلي الهدم منه إلي البناء، ولكن الأول ليس ببعيدعن الهدم فقد يهدم نفسه دون أن يدري، والإثنان علي قاعدة معرفية ليست متينة..فعبادتهم لربهم تجاوزت المعرفة بالله بأن عبدوا ربهم-بظنهم- خوفا وطمعا دون سلوك الحُبّ أن يُحبّوا الله فهو الواحد الذي يستحق العبادة والأهلية، فيُحبونه ومن فرط حبهم ينسون الخوف والطمع ولو أنهم في قرارة أنفسهم راجين خائفين،فيتوجهون بقلوبهم في رحابه ويضعون عن أنفسهم الوهم وهوى النفس ولا يقعون أسرى لتلبيس الشيطان عليهم.. فيعرفون معني العبادة ، وأن تنعكس عبادتهم علي سلوكهم فتتهذب ملكاتهم، وتخفق قلوبهم لمن يُحب الله ولو بطريق ليس كطريقهم..

تصور الوهابية أنّ بعض الآيات القرآنيّة تمنع من التوسل
وتعتبره شركاً ومن جملتها هذه الآية حيث قوله سبحانه: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)
التي تحكي لسان حال مشركي الجاهلية حول ما يعبدون
مثل الملائكة وغيرها والقرآن يعتبر هذا الكلام شركاً
وفي آية أخرى يقول عزّ وجلّ: (فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)
ويقول سبحانه في آية أخرى: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْء)
توهم الوهابية وتصوروا أنّ هذه الآيات تنفي التوسل بأولياء الله
وإضافة إلى هذا لديهم بحث آخر وهو أنه على فرض أنّ التوسل بالرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)
حال حياته جائز وفقاً لبعض الروايات لكن لا دليل على جوازه بعد مماته هذا خلاصة ما يدّعونه
ببساطة ..
سأكمل القراءة

فارس اللواء
06-05-2012, 05:42 PM
التوسل خلاف ما يرى الصوفية والسلفية

الإصلاح بالبناء وليس بالهدم"فكرة أخلاقية"

عندما يتجرأ الإنسان على الإقدام على فِعلٍ فهو إما عالم به وبعواقبه وحينها سيتحرز قدر إمكانه، أو يجهل الفعل وعواقبه وحينها سيُقدم على التبرير له بقصد قطع الطُرق لإدانته..-ربما يكون لنا عودة بإذن الله مع التبرير-فهو في هذه الحالة يرى في خصمه ذلك الكيان العاصي الشرير الذي يجب نحره فكريا حتى يطمس لديه أصل معاصيه وشروره ، يفعل ذلك الإنسان ما فعل في تصرفٍ شائع بين الناس تحت مسمى "الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر".

لكن فكرة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر لابد لها من ممارسات مفيدة ،ولو أدت هذه الفكرة إلى ضرر فلا فائدة منها وينبغي إعادة فهمها من جديد، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه المُعضلة عند البعض بقوله تعالى.."وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"..ولا بر ولا تقوى في وجود الضرر، ولا إثم وعدوان مع منفعة..هكذا يُفهم الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر بسهولة ويُسر،أن التعاون على البر والتقوى سمة الجماعات الصالحة وأن التشرذم والتفكك الناتج عن الإثم والعدوان هو سمة الجماعات الضالة.


حقيقة المخالف في الإسلام أن له قُدسية يلمسها العارفون، تتضمن هذه القدسية في وجوب العدل معه وإنصافه مصداقاً لقوله تعالى في مواضع عِدّة.. "اعدلوا هو أقرب للتقوى".."وأمرت لأعدل بينكم".."واقسطوا إن الله يحب المقسطين".."قل أمر ربي بالقسط".."وإذا قلتم فاعدلوا"..فالمخالف في الإسلام مُحصّناً تحصيناً مانعاً لأي اعتداءٍ على كرامته وخصوصياته وأملاكه فضلا عن اعتقاده وحرياته....أيضا فالإنسان المخالف أيا كان منهجه او اعتقاده لا ينبغي التفريط فيه بحال، فهو كالثروة القومية التي لا ينضب معينها عند العُقلاء، بمعنى أن وجود المُخالف في حد ذاته يخلق دافعاً للإنجاز والمنافسة على المستوي العملي ودافعا للتطوير والتجديد على المستوى النظري والفكري، ومن يظن في مخالفه أنه شر من الشرور الكثيرة في هذا العالم فقد قدم أولى استمارات نهايته ونهاية مشروعه في هذا العالم.

إذاً فالفكرة الأخلاقية تبدأ من قبول الآخر قبولاً وجوديا على أقل تقدير، وأن العمل على قهر هذا المخالف هو إيذانٌ بنهاية أخلاقية مأساوية على جميع المستويات الفردية منها والجماعية-عدا المعتدي..، وقديما قال شوقي.." انما الأمم الأخلاق ما بقيت فان هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا"...فالأخلاق عِماد الأمم وبدونها تفنى .

فارس اللواء
06-05-2012, 05:47 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
حتى لا ابخس مجهودك اخي فاني قرات الموضوع كله وبتاني
ومن الضروري ان يطلع على هذا الطرح والمجهود المخاطب به اساسا وهم (الصوفية والسلفية )
صحيح نحن الامامية من دعاة التوسل والمدافعين عن هذا الاعتقاد كماسميته (اعتقاد في طرحك الا اننا نختلف حتى مع الصوفية في خصوصية التوسل؟ وليست المسالة فقط خروج هذا العمل العقدي من حيز القوة الى اطلاق الفعل بل تتعدى الجانب الاخر وهي؟ الى المسالة الروحية والعرفانية فلا منافاة بين الصورتين
واما مايخص رايك الوسطي بين الظاهرتين ففيه فقرة ان السلفية يمتازون بالغيرة على العقيدة فهذا كلام عجيب من رجل واعي ومن هم السلفية حتى يكونو غيورين ومحامين عن العقيدة وما هذا الاجحاف والاقصاء بالمسلمين وبالمذاهب جمة
واخيرا يرجى التوضيح للقارئ رايك الوسطي ومطلبك الاساسي بشكل اوضح كونه راي شخصي اولا واخيرا
ونعتذر على الاطالة والازعاج
ممنون

أهلا وسهلا أبا أسد

قصدت الغيرة كشعور..ولكن لم أنفي عن "المقصود"الجهل والعدوان..وكلامي مترابط ويُكمل بعضه بعضاً

فارس اللواء
06-05-2012, 05:50 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اولاً حياك الله معنا
الموضوع شيق جداً وعلى ما يبدو أنك من مصر فمرحبا بك
لي التفاته للآن وصلت بقراءة موضوعك الى الأقتباسين أعلاه

سؤال : أوليس الله عز وجل يقول وابتغوا الي الوسيلة ..!؟
فما تعني الوسيلة حسب وجهة نظرك ايها الفاضل ..!؟



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلا وسهلا أختنا الفاضلة الروح..

لم أتعمق بعد في المعنى ، وربما أبحث فيها بشكل أكثر من جانبي التخصص والعِرفان ،ولكن تصوري طرحته في الموضوع على شكل شذرات قابلة للتجميع كأفكار مترابطة..ولكن مبدأيا لست ضد التوسل ولكن أيضا لست معه ولي فكرة شخصية عنه أحاول صياغتها وطرحها قدر استطاعتي.

فارس اللواء
06-05-2012, 05:51 PM
التوسل خلاف ما يرى الصوفية والسلفية

الإصلاح بالبناء وليس بالهدم"فكرة تنمية بشرية"

الإنسان ليس في حاجة إلى تبرير ما يفعله إلا لو كان مُحيطا قديرا بالمسألة من كافة جوانبها، فالتبرير هو سقوط أخلاقي مرير يقع في أسره عادة طُلّاب الهوى وسائر الضعفاء أمام نزواتهم وشهواتهم..وفي الغالب ما يقع التبرير في أمرين اثنين هما السياسة والعلم وبالذات العلم الشرعي، ذلك أن النفس بحبها للظهور ولرفضها للهزيمة تميل إلى إظهار دوافع هي ليست الدوافع الحقيقية لأفعالها، ومع التكرار ينكشف أمر المُبرّر، ومع توالي الهزائم والنكبات ينكشف أكثر، أن أسبابه التي ساقها قديما ليست هي الحقيقية وأنه كان يكذب.

أيضا ما يسوق إلى التبرير ذلك من يقوم على الهدم بتفكير مُجرد يُطلع الآخر على تفاصيل المسألة مُتجنبا مضمونها الإنساني وفكرتها الرئيسة، كمثال من يُقدم على هدم الضريح فيُشرع على الفور في إظهار تفاصيل عمله وأن ما فعله لتجنب الشرك بالله ولمحاربة الجهل والخُرافات وما إلى ذلك من أسباب قلنا أنها تبدو مقنعة للناس، ولكن دافعه الأصلي وهو ضيقه من الآخر قام بكتمانه، وأنه وفور انتهائه من التخلص من هذا الامر سينتقل إلى ما بعده في سلسلة هدم لن تتوقف، فبتفكيره المُجرّد وتبريره لم يقف على لُبّ المسألة، وبجهله وكِبرِهِ خاض في التفاصيل ، فالجانب الإنساني لديه من القضية صعب الخوض فيه لأنه سيكشفه كإنسان عدواني ينزع إلى الفساد أكثر من الإصلاح.

وقد يكون الفاعل هنا لديه مشاكل اجتماعية وروحية ،وبدلا من مواجهتها بما يناسبها فيشرع على الفور في تحويل مشاعره الغاضبة من هذه المشاكل إلى مشكلة أخرى عبر ما يُعرف في علم النفس بالإزاحة، ومعناها أن يُزيح الفرد عنه أي مشكلة بافتعال مشكلة أخرى، وبالتالي يخرج من حيز مشكلته القديمة إلى فضاء اكثر قبولا لديه ولأهوائه التي تملكته في تلك اللحظات، وهو وإن كان شخصا عنيفا في ذاته فسيلجأ في الغالب إلى هذا السلوك، أما لو كان ممن لديهم خيالا خِصباً أو مشاعراً فِضفاضة أو سلوكاً مُهذّباً فمن الصعب عليه أن يسير في هذا الطريق دون أن يجد لديه الوازع لكسر أهوائه العدوانية التي اكتسبها في أوقات ضعف فكري وخللٍ تربويّ.

أبواسد البغدادي
06-05-2012, 10:44 PM
التوسل خلاف ما يرى الصوفية والسلفية

الإصلاح بالبناء وليس بالهدم"فكرة أخلاقية"

عندما يتجرأ الإنسان على الإقدام على فِعلٍ فهو إما عالم به وبعواقبه وحينها سيتحرز قدر إمكانه، أو يجهل الفعل وعواقبه وحينها سيُقدم على التبرير له بقصد قطع الطُرق لإدانته..-ربما يكون لنا عودة بإذن الله مع التبرير-فهو في هذه الحالة يرى في خصمه ذلك الكيان العاصي الشرير الذي يجب نحره فكريا حتى يطمس لديه أصل معاصيه وشروره ، يفعل ذلك الإنسان ما فعل في تصرفٍ شائع بين الناس تحت مسمى "الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر".



.

اللهم صل على محمد وآل محمد
اخي الطيب ... فارس اللواء
اجدت في كلامك .. لكن بعدت في مرماك .. وما هكذا تورد الابل يا اخي!!
ان كان في كلامك اطلاق فيمن يقوم بمسالة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فقولكمقبول مع تحفظنا كونه يوجب التفصيل
وهذا يحتاج الى بحث بحد ذته ؟
اما ان كان مقصودك من طائفة اوجهة معينة تدعي انها هي المسؤلة عن الدين والحامية له (شرطة الامر والنهي ! ) فوصفك مردودحبيب قلبي ؟
لان هذه الشرذمة الخارجة عن اي فكر اسلامي والدخيلة على النهج المحمدي لاتنحر مخالفيها فكريا بل تنحره من الوريد الى الوريد وتصفيه جسديا ؟!

واما باقي كلامك يا اخي بارك الله فيك ..
فكلام معقول وخصوصا عبارتك (("..ولا بر ولا تقوى في وجود الضرر، ولا إثم وعدوان مع منفعة..هكذا يُفهم الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر بسهولة ويُسر،))
وهو واضح جدا مدى تبنيك لفكرة البناء في فضاء الاصلاح... ومدى هجرك للهدم المقيت في دعوى الاصلاح المؤمول ..
وايضا باقي الفقرات كانت موفقة وتلامس الحس والواقع الوجداني مما يحدو بكل عاقل الالتفات اليه
جزيتم خيرا .... وشكرا لكم
ممنون

أبواسد البغدادي
06-05-2012, 11:05 PM
التوسل خلاف ما يرى الصوفية والسلفية

الإصلاح بالبناء وليس بالهدم"فكرة تنمية بشرية"

الإنسان ليس في حاجة إلى تبرير ما يفعله إلا لو كان مُحيطا قديرا بالمسألة من كافة جوانبها، فالتبرير هو سقوط أخلاقي مرير يقع في أسره عادة طُلّاب الهوى وسائر الضعفاء أمام نزواتهم وشهواتهم..


أيضا ما يسوق إلى التبرير ذلك من يقوم على الهدم بتفكير مُجرد يُطلع الآخر على تفاصيل المسألة مُتجنبا مضمونها الإنساني وفكرتها الرئيسة، كمثال من يُقدم على هدم الضريح فيُشرع على الفور في إظهار تفاصيل عمله وأن ما فعله لتجنب الشرك بالله ولمحاربة الجهل والخُرافات وما إلى ذلك من أسباب قلنا أنها تبدو مقنعة للناس، ولكن دافعه الأصلي وهو ضيقه من الآخر قام بكتمانه،


وقد يكون الفاعل هنا لديه مشاكل اجتماعية وروحية ،وبدلا من مواجهتها بما يناسبها فيشرع على الفور في تحويل مشاعره الغاضبة من هذه المشاكل إلى مشكلة أخرى عبر ما يُعرف في علم النفس بالإزاحة، .

اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم اخي فارس
اولا اود القول ان معالم فكرتك بدءت تتضح شيئا فشيئاً ...
واما بالنسبة للتقسيم الذي تفضلت به والتي اسميها( مقدمات الهدم ) والتي تعوق تلك التنمية البشرية المنشودة من قبل جميع العقلاء والمثقفين والباحثين
فان التقسيمات جاءت مترابطة وواضحة الفكرة والتي اذا رافقت تلك النفس الامارة بالسوء والغير متزنة فكريا وقلبيا وعقليا فتكون النتيجة كما تفضلت يا اخي الهدم بطبيعة الحال ؟
وانما اود الاشارة ان هنالك تقسيم حب المال والدنيا والسلطان وقدتدرجه يا اخي في تقسيمك (( طلاب الهوى وسائرالضعفاء امام الشهوات ؟؟))
ولكن نقول ان حب المال والدنيا بالخصوص دافع خطير وقد يتظاهر هذا الجاهل (مهندس الهدم ) بانه متدين ومبرره كما اصطلحت اخي ( العلم الشرعي ) ؟ لكنه في الحقيقة مشوف الظهر
ومسكين لانه كانعامة التي تدخل راسها في الارض .. وعليه فن الاساس من الهدم والاقصاء واجحاف حقوق الغير هو الدافع المالي والدنيوي .. واساسا هؤلاءلايملكون روح حقيقة مؤمنة
حتى يعانونمن مشاكل روحية ؟؟؟ اذ القضية سااااااااااااااالبة بانتفااااااء الموضوع ..
وعذرا على الاطالة .. اخي الطيب
جزيتم عن الاسلام خيرا
ممنون

فارس اللواء
10-05-2012, 06:46 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
اخي الطيب ... فارس اللواء
اجدت في كلامك .. لكن بعدت في مرماك .. وما هكذا تورد الابل يا اخي!!
ان كان في كلامك اطلاق فيمن يقوم بمسالة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فقولكمقبول مع تحفظنا كونه يوجب التفصيل
وهذا يحتاج الى بحث بحد ذته ؟
اما ان كان مقصودك من طائفة اوجهة معينة تدعي انها هي المسؤلة عن الدين والحامية له (شرطة الامر والنهي ! ) فوصفك مردودحبيب قلبي ؟
لان هذه الشرذمة الخارجة عن اي فكر اسلامي والدخيلة على النهج المحمدي لاتنحر مخالفيها فكريا بل تنحره من الوريد الى الوريد وتصفيه جسديا ؟!

هذا تصوير لكيفية تفكير هؤلاء ياأبا أسد..ولم أتبنى أي كيفية صدامية للمواجهة..ومنهجي واضح وأظنك قرأته في مشاركتك تلك

واما باقي كلامك يا اخي بارك الله فيك ..
فكلام معقول وخصوصا عبارتك (("..ولا بر ولا تقوى في وجود الضرر، ولا إثم وعدوان مع منفعة..هكذا يُفهم الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر بسهولة ويُسر،))
وهو واضح جدا مدى تبنيك لفكرة البناء في فضاء الاصلاح... ومدى هجرك للهدم المقيت في دعوى الاصلاح المؤمول ..
وايضا باقي الفقرات كانت موفقة وتلامس الحس والواقع الوجداني مما يحدو بكل عاقل الالتفات اليه
جزيتم خيرا .... وشكرا لكم

جزاكم الله خيرا على التفاعل ..شرفت ونورت..
ممنون

فارس اللواء
10-05-2012, 06:48 PM
وانما اود الاشارة ان هنالك تقسيم حب المال والدنيا والسلطان وقدتدرجه يا اخي في تقسيمك (( طلاب الهوى وسائرالضعفاء امام الشهوات ؟؟))

جزاكم الله خيرا..فكرة جيدة بحاجة للدراسة

فارس اللواء
10-05-2012, 06:48 PM
التوسل خلاف ما يرى الصوفية والسلفية

الإصلاح بالبناء وليس بالهدم "فكرة سياسية"

أكثر الأزمات التي يُقابلها السياسيون هي اهتزاز صورتهم أمام الشعوب، وعليه كان من أبجديات العمل السياسي أن يتعلم الدارسون كيف يتحكّمون بعواطفهم بعيداً عن الإنفعال أو الخروج عن المعتاد، هناك بالتأكيد صورة تنطبع في أذهان الناس يملؤها الهيبة والوقار عن العاملين في السلك الدبلوماسي عامة، هذه الصورة تظل موافقة للإسم المُراد حتى أقرب الأجلين سواءاً ترك الوظيفة أو الوفاه، حتى أنها تظل بعد الوفاه لا تفارق هذه الصورة أذهان الناس، وكثيرا ما أصبحت هذه الصورة محلّ أعمال المبدعين في إخراج أعمال كوميدية لتصوير هذه الأسماء بخلاف ما اعتاد عليه الناس، النتيجة هي صورة جديدة كاسرة للعادة تجلب البهجة والضحك في القلوب.

كذلك لابد للسياسي أن يتجنب كل ما يُثير كراهية الناس واحتقارهم، فخطابه التوحدي هو أسلم طريق للخروج من مُعضلة السياسي المُهدد بفشل مشروعه أو إقصاء جهته–أياً كانت-لذلك كان العمل السياسي التوافقي هو أنجح صنوف العمل السياسي تأثيراً وانتشاراً، قد يحدث تقصيراً فيما يخص عدم مواجهة الإشاعات ونبض الشارع كما ينبغي..لذلك كان السياسي الأقرب إلى الشارع ونبض الناس هو الأعلم بكافة خيوط اللعبة السياسية وأنجحها، كذلك على السياسي أن لايكتفي بالعمل حسب ظروف مجتمعه الثقافية والسياسية والدينية، بل عليه أن يُراقب مُحيطه الجُغرافي من كافة زواياه العِرقية والدينية والثقافية، ذلك لأن الإعلام هو سيد العصر بلا منازع، هذه السلطة الإعلامية تقريبا نجحت في إزالة الكثير من الفوارق بين الشعوب وهدمت أغلب ما تعارفت عليه المجتمعات حصريا بنقلها لشعوب دول الجوار.

طبيعي وفي ظل هذا الوضع أن تُخلق بيئة شعوبية لا تترك صغيرا إلا وحاز على اهتمامها وكيفية دراستها..ومن هذه القضايا هي رؤية سلوك السياسي البناءة التي تهتم بالعمل والإنتاج أكثر من اهتمامها بالوعود، تهتم بمواجهة ظواهر الرجعية والانحطاط أكثر من اهتمامها بكيفية تطبيق أيدلوجياتها..وكل ذلك هو مقدمة لنجاح مشروعه السياسي فيما لو أحسن الرصد ثم المواجهة....أما قضية البناء فهي لا تُعطي فقط سُمعة للسياسي بل أيضا تبني له حائط صد أمام أي غزو سياسي أو فكري يتعرض له، أما ثقافة الهدم وكما تحدثنا عنها في السابق فلها جانبا سياسياً لا يقل أهمية ، حيث وتِبعاً للانشقاق المُجتمعي واستنكار ما تعارف عليه الناس فهي تهدم صورة السياسي هدماً مُعرّضاً للتعاظم إذا لم يواجه ما حدث بوضوح..وأن لا يظهر بصورة المُتلوِّن أو التافه الضعيف الذي يخرّ أمام أولى الضغوط عليه..حينها سيشيع بين الناس ضعفه وتُهدم صورته بلا رجعة.

أبواسد البغدادي
10-05-2012, 07:15 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
اهلا بالاخ الفارس ..
اليوم انا في شغل ..بل قل في اجازة زمنية من بحثك 8_8 ؟؟
كون كلامكم اليوم يا اخي تناول الجانب السياسي .. وانا ياحسرة لا احب السياسة ولا اتكلم فيها ؟؟
لان السياسة وعلمها واي شيئ يمت لها بصلة اتحاشها ؟كونها ليست من الثوابت في شيئ ؟ ولاتلتزم بالثوابت على خلاف العلوم الدينية السماوية .. قضلا بالعاملين عليها 8_8
قتقبل اجازتي اليوم ...
عموما قرات طرحك وكان معقولا ففيه نفس من الوعي والثقافة ..
جزيتم خيرا وفي ميزان اعمالكم
ممنون

فارس اللواء
11-05-2012, 01:04 PM
بارك الله فيكم أخي أبا اسد..متابعة موفقة بإذن الله

فارس اللواء
12-05-2012, 09:12 PM
التوسل خلاف ما يرى الصوفية والسلفية

الإصلاح بالبناء وليس بالهدم "فكرة فلسفية"

إذا كان البناء له أوجه ضارّة فلا يمكن تعيين الإصلاح بإطلاقية في البناء، فقد يبني الإنسان بناءاً في ذهنه غير صحيح فيبني عليه مقدمات ونتائج غير صحيحة، وقد يبني بناءاً في الواقع الخارجي يقتل به المخلوقات أو يخرق به قوانين الطبيعة فيُفسد التوازن البيئي، كذلك الهدم فقد يهدم الإنسان في ذهنه فكرة خاطئة أو خُرافة فتخلق لديه رؤية أكثر عقلانية وواقعية، وقد يهدم بناءاً في الواقع الخارجي فيُحقق به العدالة، لذلك كان تعيين الإصلاح للبناء وللهدم في عَرَضهما أحق من تعيينهما في الجوهر..كالمسلم الذي يذبح البقرة والذبح لديه بناءا لتغذيته، بينما الذبح لدى الهندوسي هدم لا يجوز ..

الفكرة الفلسفية في البناء تأتي من تحقيق العدالة وهي عند أفلاطون تحقيق الإنسجام والتكافل بين كافة أفراد المجتمع، ولدى أرسطو تصرفات وِفق تشريعات تُحقق المساواه وتواجه الظُلم، وقضايا الهدم التي تُنتج صراعاً دينيا أو فكريا صِداميا -له تأويل سائغ- في الدين لا تُصنّف وِفق قضايا الهدم الإصلاحية، وبما أن القائم على الهدم تجاوز العدالة باعتماده على قوته حيث طغت عليه الأنانية فعمله خارج دائرة العدالة بدلالة خرقه لتشريعات المجتمع..هذا الخرق سينعكس على الأخلاق ويؤدي إلى كسر الفضائل..فالإنسان في ذاته كائن اجتماعي يملك وعياً وإرادة ولا يمكن أن يبقى معزولا عن الناس بمجرد إيمانه بمُقدس لديه، وكأن هذا الكائن كما هو مسئول قانونيا فهو أيضاً مسئول أخلاقياً، وكأن هناك تلازم بين القانون والأخلاق.

لشرح النقطة عاليه من وجهٍ آخر ..فقد تأملت في فلسفة الكوجيتو لديكارت التي تؤمن بالتفكير كشرط للشعور بالوجود فوجدته يؤمن بأن الآخر كائن افتراضي وأن الذات لديه كائن مستقل ومنغلق على نفسه..وفي رأيي أن هذه الطريقة في التفكير هي مُدخل خطير للشعور بالأنانية أو الدونية، وقد يتبعها القائم على الهدم دون معرفتها..والحل الأسلم لذلك هو الإعتبار بأن الذات هي جزء من وجود مجتمعي يضم الذات والآخر..وأنه لا وجود للذات إلا بتعيين الآخر له..في المحصلة أنا آخر عند الآخر..وأنا ذات عند نفسي..ولا أعيش في هذا الكون وحدي..وأن المنظومة التشريعية تفرض علىّ وعلى الآخر التمسك بالقانون كشرط لعدم التجاوز في حقوق الآخرين، وأن الإلتزام بهذه المنظومة هو في المُحصّلة ارتقاءٌ بالأخلاق.

أبواسد البغدادي
12-05-2012, 11:03 PM
وفي رأيي أن هذه الطريقة في التفكير هي مُدخل خطير للشعور بالأنانية أو الدونية، وقد يتبعها القائم على الهدم دون معرفتها..والحل الأسلم لذلك هو الإعتبار بأن الذات هي جزء من وجود مجتمعي يضم الذات والآخر..وأنه لا وجود للذات إلا بتعيين الآخر له..في المحصلة أنا آخر عند الآخر..وأنا ذات عند نفسي..ولا أعيش في هذا الكون وحدي..وأن المنظومة التشريعية تفرض علىّ وعلى الآخر التمسك بالقانون كشرط لعدم التجاوز في حقوق الآخرين، وأن الإلتزام بهذه المنظومة هو في المُحصّلة ارتقاءٌ بالأخلاق.

اللهم صل على محمد وآل محمد
بما ان البحث ههنا اليوم فيه رائحة الفلسفة التي احبها ..
اولا في بداية قولك حول الهدم والبناء جاءت الفكرة واضحة المعالم وخصوصا في الجانب الاخلاقي
واما رايك الذي اقتبسته ؟؟
فاقول ان رايكم اخي والذي اقتبسته ؟ كان موفقا وعقلائيا كونه يحمل نفس واعي في التعامل مع النفس والاخر ..

ويذكرني قولك بقول الامام الباقر عليه السلام ..
قال الإمام الباقر(ع): ((ان لله عباداً ميامين مياسير يعيشون ويعيش الناس في أكنافهم وهم في عباده مثل القطر، ولله عباداً ملاعين مناكيد لا يعيشون ولا يعيش الناس في أكنافهم وهم في عباده بمنزلة الجراد لا يقعون على شيء إلا أتوا عليه)).
وليس المراد بعيش الناس هنا أن الغني يتصدق على الجياع والعراة وكفى، بل المراد أن الميامين عند الله هم الذين يجاهدون ويعملون لحياة أعظم لكل الناس في كل زمان ومكان، والدليل على إرادة هذا المعنى قول الإمام: (هو مثل القطر) الذي به يحيا جميع العباد وكل البلاد، وينبت الزرع ويدر الضرع، وتحمل الأشجار وترخص الأسعار، أما أعداء الله والإنسانية الذين لا يطيب لهم العيش إلا من دماء خلق الله وأقوات أهل الأرض، فهم تماماً كالجراد الذي يأتي على الأخضر واليابس، لا يبقي شيئاً من هذا، ولا يذر لذاك أي أثر.

ولم يسعفني الوقت لعرض راي الفيلسوف الملا صدرا صاحب فلسفة (الحكمة المتعالية) رحمه الله تعالى

جزيتم خيرا .. وموفقين باذن الله تعالى
ممنون

فارس اللواء
15-05-2012, 02:17 AM
بارك الله فيكم أخي أبا أسد

فارس اللواء
15-05-2012, 02:18 AM
التوسل خلاف ما يرى الصوفية والسلفية

إثبات الذات تبرماً من النقص

الإنسان كي يسعى لإثبات ذاته وبنائها بناءاً علمياً عملياً لابد له من شروط أهمها التخلي عن أي مطلب دنيوي كتحصيل المال مثلا، فطلب المال وطلب العلم لإثبات الذات لا يجتمعان، كالذي حرص على الدعوة بوظيفة تقوم أولاً وأخيرا على تحصيل المال أما الدعوة فهي عمل لديه مُعتاد وأحيانا بحُجة فراغ الأتباع وانتظارهم للداعي، في هذه الحالة أصبحت مقاومة النفس الأمّارة بالسوء في غاية الصعوبة، هذا لو أراد المواجهة أو خُلق لديه الدافع أصلاً، فالنفس تميل دوماً لحب الظهور وسد الحاجة، وغايتها أمام الناس تختلف عن غايتها الحقيقية باختلاف التبرير وشرح المقاصد العامة للفعل، لذلك فإن العالم الداعي الذي يسعي لتحصيل المال قلما ينتفع من علمه، وفي الغالب تنطبع لديه دعوة روتينية لا بحث فيها ولا نظر، فإبداعه مُقيد بقيد الرغبة في العلم.

هذه مقدمة خفيفة لفكرة أن اللاجئ لفِعل التوسل أحياناً ما يقع أسيراً لدعواتٍ تقليدية جامدة لا بحث فيها ولا نظر، فما عُرف عن السلف كافي للتعيين دون النظر، وهذا وحده كفيل بقتل الرغبة الإصلاحية لدى المتوسل وتستبدلها بأفكاراً جامدة كثيراً ما يتسبب تهويل الإنسان لها إلى جرائم عقدية ليست من الإسلام، هنا قد يكون للعِرفان دورٌ نهضوي، يجب التركيز فيه على احترام العلماء وتوقير العارفين والتأسي بما عُرف عنهم،والعِرفان ذوالدعوة العملية هو الأكثر تأثيراً في صلاح بني البشر عامة، وهو عين الحكمة ومسلك كافة فقهاء الدنيا وفلاسفتهم، فالطفل منذ الصِغر وبتقليده للكِبار لا يعرف إلا الدعوة العملية، وبصلاح الكبير يَصلُح الصغير، وقد تأتي مرحلة عُمرية للطفل يفترق فيها عن أفكار وأعمال المُعلّم يأتي منها الإختلاف.

سواءاً بقي البشر أو فنيوا من هذا العالم لن يضر الله شئيا،وإثبات الإنسان لذاته يأتي لتقويم سلوكه وعدالة أفكاره لنفسه كي ينتفع بها في هذا العالم، وأن يصنع لديه الإرادة لفِعل الخير، كل هذا يفعله الإنسان تبرّماً من النقص الذي لا يتسق مع فطرة الإنسان..فلا يوجد إنسان على وجه الأرض يرضى بالنقص،قد يرضى حينها بالعجز لضعف قدراته، أما أن تُتاح له الفرصة لسد النقص –بعد رصده-فلا أعتقد ان هناك إنساناً سيُفرّط في هذه الفرصة، وبناء الإنسان لنفسه سيخلقه عزيزاً عند الناس، أو كما قيل بأن تبني نفسك وتبخل عن ما في أيدي الناس عامة فتُصبِحَ عزيزاَ.

لماذا أقول هذا الكلام؟..لأن فاعل التوسل عادةً ما يعتقد في ذاته النقص ولا يتبرم منه ويرضاه، يفعل ذلك بحُجة أن هؤلاء ساداتنا ومهما فعلنا فلن نصل لمنازلهم عند الله ، هذه فكرة فاسدة بالطبع وفسادها في جلبها للتواكل وللكسل، وأظن أن أكثر هؤلاء كُسالى لا يخدمون مجتمعاتهم أكثر من خدمتهم لأنفسهم، وهم معزولون داخل دائرة ضيقة لا تكاد تتسع إلا إلى من يوافقهم وأفعالهم، ليس الكل إنما لكل قاعدةٍ شواذ..إنما هذا التيار في الغالب لا يستمع للنصائح مقلداً، والسبب كما قلنا في السابق قد يجوز لفساد فكرة المواجهة من أناسٍ عملوا على تحطيم هذه القدوات لديهم، أو أنهم أنفسهم مِثالاً للفساد أكثر من الإصلاح، ومن يفهم هذا التيار جيداً يعرف كيف يتعامل معه.