مرتضى علي الحلي
19-04-2012, 06:53 AM
:: التَنميَّةُ القرآنية للإنسان ::
====================
: وقفةٌ مع المنهاج :
=================================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
إنَّ من أبرز ما تحددَ به منهاج القرآن في تربية
الأفراد هو التركيزعلى مبدأ حفظ الذات الإنسانية وتكريمها وإستقلاليتها
وتقوية هذا الشعورالنفسي عندهم وإشعارهم بحقيقة شخصياتهم الوجودية
وتجنب وسائل الإهانة اللفظية والفعلية
لأنها تولّد الشعور بالإحتقار والنقص
وبالتالي تخلِق ظاهرة العنف الفكري والسلوكي عند الفرد الذي يواجه بهذه الوسائل الغير تربوية
وهذا ما نص عليه القرآن الكريم في تأسيساته القيمية بقوله تعالى ::
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }الإسراء70
هذا في مجال تكريم وتفضيل الأفراد بمامنحم الله تعالى من قيمة الكرامة الإنسانية وحرمتها
وهذه القيمة يجب أن تُؤخَذ بعين الإعتبار في تنمية شخصية الفرد إنسانيا
لأنه متى ما شعر بقيمة ذاته أحس وأدرك بقيمة الأخرين وكرامتهم البشرية وتجنب العنف تجاههم .
وأيضا يجب أن نهتم بمكمِّل الشخصية الإنسانية لدى الأفراد
وهو تجنب إهانتهم لفظيا وسلوكيا
وهذه الآلية هي الأخرى إتفقت عليها الشرايع السماوية والمذاهب التربوية الوضعية
ونحن نفتخرقيميا بسبقنا للجميع في ذلك
فهذا القرآن الكريم يُعلن عن لائحة حقوق الإنسان الصالحة والرائعة بقوله تعالى::
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }الحجرات11
بمعنى:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله محمد:صلى الله عليه وآله وسلَّم:
وعملوا بشريعته لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين
عسى أن يكون المهزوء به منهم خيرًا من الهازئين
ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات
عسى أن يكون المهزوء به منهنَّ خيرًا من الهازئات
ولا يَعِبْ بعضكم بعضًا
ولا يَدْعُ بعضكم بعضًا بما يكره من الألقاب
بئس الصفة والاسم الفسوق
وهو السخرية واللمز والتنابز بالألقاب
بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه
ومن لم يتب من هذه السخرية واللمز والتنابز والفسوق
فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم بارتكاب هذه المناهي.
فيتضح من ذلك المنهاج القرآني القويم أنَّ العمل على تركيز القيم الأخلاقية والإجتماعية السليمة في ذهنيّة وشخصية الأفراد كآليّة تعليمية وتربوية
تضمن لنا الإستقرار النفسي لدى الأفراد ذاتهم فضلاعن تحقيقها الإستقرار في مؤسساتهم الأسرية والمجتمعية عامة.
وذلك يتحقق من خلال منهج تعليمي متزن في طرحه للفضائل الإنسانية والدينية كسبيل لتثقيف الأفراد فكريا وأخلاقيا .
وأيضا إنَّ من جملة ما أكّدَ عليه منهاج القرآن هو ضرورة توعية الأفراد توعية كيفيةً وكميَّة
بضرورة التعاطي في حياتهم مع الآخرين بمنهج العقلانية و الشرعية المعتدلة والأبتعاد عن السلوكيات الإنفعالية
وهذا الوعي إنّما يتأتى من إشعارهم بأنّ العقلانية والأعتدال هي السبيل الوحيد لحل الإشكاليات أيّا كانت .
وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في قوله تعالى:
{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر18
وتربية الأفراد على ممارسة التفكير السليم والحكيم عمليا ونظريا
تمثِّل قوةً أساسيةً في السيطرة على سلوكيات الفرد والمجتمع
فلذا قال الرسول الأكرم محمد :ص:
((إذاهممتَ بأمرٍ فتدبر عاقبته ))
:بحار الأنوار: المجلسي: ج71:ص339:
وقال الإمام جعفر الصادق:عليه السلام :
(( تفكر ساعة خير من عبادة سنة ))
وقرأ بعد هذا الحديث قوله تعالى
((إنما يتذكر أولوا الألباب))
:مستدرك الوسائل:الميرزا النوري:ج11:ص183.
وتتجلى ممارسة التفكير هذه في صورة مراجعة الفرد لذاته بشكل دائم وإخضاع سلوكياته للتقييم المعياري السليم
أو تقييم المؤسسة التعليمية له بشكل دوري ضبطاً لسلوكياته
وترشيدا لها من تنبيهه على ضرورة المطالعة والقراءة والإنتخاب الواعي للفكر والثقافة
بما ينسجم وخلفياته الدينية والأخلاقية
ورصد الظواهر المرفوضة ومعالجتها كي لايتأثر بها حياتيا .
وأخيرا يمكن القول إنَّ تفعيل منهاج القرآن للإنسان في تنميته البشرية عمليا
يجعلنا في حال تعليمي وتربوي للإفراد بصورة أفضل
مما لو تُرك الإمر عفويا من دون منهج مدروس ومقبول علميا
وسرعان ما تثمُر معطياته التريوية والتعليمية إذا ما إلتزمنا بها واقعا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف.
====================
: وقفةٌ مع المنهاج :
=================================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
إنَّ من أبرز ما تحددَ به منهاج القرآن في تربية
الأفراد هو التركيزعلى مبدأ حفظ الذات الإنسانية وتكريمها وإستقلاليتها
وتقوية هذا الشعورالنفسي عندهم وإشعارهم بحقيقة شخصياتهم الوجودية
وتجنب وسائل الإهانة اللفظية والفعلية
لأنها تولّد الشعور بالإحتقار والنقص
وبالتالي تخلِق ظاهرة العنف الفكري والسلوكي عند الفرد الذي يواجه بهذه الوسائل الغير تربوية
وهذا ما نص عليه القرآن الكريم في تأسيساته القيمية بقوله تعالى ::
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }الإسراء70
هذا في مجال تكريم وتفضيل الأفراد بمامنحم الله تعالى من قيمة الكرامة الإنسانية وحرمتها
وهذه القيمة يجب أن تُؤخَذ بعين الإعتبار في تنمية شخصية الفرد إنسانيا
لأنه متى ما شعر بقيمة ذاته أحس وأدرك بقيمة الأخرين وكرامتهم البشرية وتجنب العنف تجاههم .
وأيضا يجب أن نهتم بمكمِّل الشخصية الإنسانية لدى الأفراد
وهو تجنب إهانتهم لفظيا وسلوكيا
وهذه الآلية هي الأخرى إتفقت عليها الشرايع السماوية والمذاهب التربوية الوضعية
ونحن نفتخرقيميا بسبقنا للجميع في ذلك
فهذا القرآن الكريم يُعلن عن لائحة حقوق الإنسان الصالحة والرائعة بقوله تعالى::
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }الحجرات11
بمعنى:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله محمد:صلى الله عليه وآله وسلَّم:
وعملوا بشريعته لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين
عسى أن يكون المهزوء به منهم خيرًا من الهازئين
ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات
عسى أن يكون المهزوء به منهنَّ خيرًا من الهازئات
ولا يَعِبْ بعضكم بعضًا
ولا يَدْعُ بعضكم بعضًا بما يكره من الألقاب
بئس الصفة والاسم الفسوق
وهو السخرية واللمز والتنابز بالألقاب
بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه
ومن لم يتب من هذه السخرية واللمز والتنابز والفسوق
فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم بارتكاب هذه المناهي.
فيتضح من ذلك المنهاج القرآني القويم أنَّ العمل على تركيز القيم الأخلاقية والإجتماعية السليمة في ذهنيّة وشخصية الأفراد كآليّة تعليمية وتربوية
تضمن لنا الإستقرار النفسي لدى الأفراد ذاتهم فضلاعن تحقيقها الإستقرار في مؤسساتهم الأسرية والمجتمعية عامة.
وذلك يتحقق من خلال منهج تعليمي متزن في طرحه للفضائل الإنسانية والدينية كسبيل لتثقيف الأفراد فكريا وأخلاقيا .
وأيضا إنَّ من جملة ما أكّدَ عليه منهاج القرآن هو ضرورة توعية الأفراد توعية كيفيةً وكميَّة
بضرورة التعاطي في حياتهم مع الآخرين بمنهج العقلانية و الشرعية المعتدلة والأبتعاد عن السلوكيات الإنفعالية
وهذا الوعي إنّما يتأتى من إشعارهم بأنّ العقلانية والأعتدال هي السبيل الوحيد لحل الإشكاليات أيّا كانت .
وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في قوله تعالى:
{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر18
وتربية الأفراد على ممارسة التفكير السليم والحكيم عمليا ونظريا
تمثِّل قوةً أساسيةً في السيطرة على سلوكيات الفرد والمجتمع
فلذا قال الرسول الأكرم محمد :ص:
((إذاهممتَ بأمرٍ فتدبر عاقبته ))
:بحار الأنوار: المجلسي: ج71:ص339:
وقال الإمام جعفر الصادق:عليه السلام :
(( تفكر ساعة خير من عبادة سنة ))
وقرأ بعد هذا الحديث قوله تعالى
((إنما يتذكر أولوا الألباب))
:مستدرك الوسائل:الميرزا النوري:ج11:ص183.
وتتجلى ممارسة التفكير هذه في صورة مراجعة الفرد لذاته بشكل دائم وإخضاع سلوكياته للتقييم المعياري السليم
أو تقييم المؤسسة التعليمية له بشكل دوري ضبطاً لسلوكياته
وترشيدا لها من تنبيهه على ضرورة المطالعة والقراءة والإنتخاب الواعي للفكر والثقافة
بما ينسجم وخلفياته الدينية والأخلاقية
ورصد الظواهر المرفوضة ومعالجتها كي لايتأثر بها حياتيا .
وأخيرا يمكن القول إنَّ تفعيل منهاج القرآن للإنسان في تنميته البشرية عمليا
يجعلنا في حال تعليمي وتربوي للإفراد بصورة أفضل
مما لو تُرك الإمر عفويا من دون منهج مدروس ومقبول علميا
وسرعان ما تثمُر معطياته التريوية والتعليمية إذا ما إلتزمنا بها واقعا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف.