فراس القافي
21-04-2012, 11:24 AM
نصيبُكَ منْ دُنيا الزوالِ تُرابُها
وحظُّكَ منْ ماءِ الحياةِ سرابُها
ملذّاتُها غمٌّ وآمالُها أسىً
وفرحتُها كرْبٌ وكِذْبٌ صوابُها
وذا محتِدُ الأفعى نعومةُ ملْمَسٍ
ولكنْ حوى السّمَّ الزُّعافَ لُعابُها
فلا تأمنِ الدُّنيا بحالٍ فإنَّها
تُريكَ اللُّحا تِبْراً ، وتُرْبٌ لُبابُها
وإنْ صَفْوةٌ في العيشِ كالبرْقِ أومَضتْ
مَضَتْ توقِدُ الذكرى فعزَّ إيابُها
تُخلِّفُ في كُلِّ الرُّبوعِ فجائعاً
وينعَبُ في كُلِّ الديارِ غُرابُها
أتعجَبُ ممّا كان منْها وإنَّما
عجيبٌ إذا لمْ تَبْدُ منْها عِجابُها
فدعْها ولا تطلبْ بها أيَّ مغْنمٍ
سَيُعيِيكَ مهما حُزْتَ جهداً طِلابُها
تشحُّ بأوهى الأُمنياتِ خطوبُها
وتنفذُ في أعتى الدُّروعِ نِشابُها
ولَمْ يتخاطأْ نبْلُها مَنْ ترومُهُ
طريداً ، ولا تخوي بيومٍ جِعابُها
وإنْ أعرضَ الإنسانُ عنْها فإنَّها
تذلُّ بعينِ الطامحينَ صِعابُها
بألسِنةِ الأبرارِ كُلُّ زنيمةٍ
سواها بتاتاً لا يحلُّ سبابُها
وفي رأيِ أهلِ الفقْهِ ليسَ بجائزٍ
ولكنْ وجوبٌ للحصيفِ اغتيابُها
تُرى بلْقعاً للمُستنيرِ قصورُها
يُرى شاهقاتٍ للضليلِ يبابُها
فما بالُ هذي النّفسِ ما كانَ سعْدُها
وأحزانُها طوْعَ الـمُنى واضطرابُها
فإنْ حازتِ الدُّنيا ففيمَ هناؤها
وإنْ حازتِ الأُخرى علامَ اكتئابُها
تليقُ اليدُ الطولى لمنْ كانَ يجتني
لِيُقْطَعَ مِنْ أعلى الكُرومِ حِطابُها
فلا تُغْريَنّي بالحياةِ فإنّني
تساوى بعيني مَسْخُها وكعابُها
ولَمْ تكُ ليلاها تُحرِّكُ ساكناً
ولَمْ تكُ تغويني بقَدٍّ ربابُها
إذا لَمْ يُبِحْ لي اللهُ رَشْفاً لثغرِها
فسيّانِ والأفعى يكون رِضابُها
معرّيّةٌ آراءُ مَنْ يفهمونَها
يعُدُّونَ فيها الإختلافَ تشابُها
إذا ما انتشى مَرْءٌ تكدَّرَ آخَرٌ
لتنْهَشَ من شبْعى الأماني سِغابُها
فما بكَ تستسقي الندى مِنْ غُصونِها
وقدْ جفَّ واديها ، وشحَّتْ كِرابُها
ويسألُ مَنْ لمْ يدرِ عنْ نائباتِها
على الطَّوْدِ أنّى تستطيلُ هضابُها
يُصانُ بها الأرذالُ مِنْ وابلِ البلا
ويُغْرَسُ في صدْرِ الأكارمِ نابُها
لأعداءِ خيرِ الخَلْقِ يُخفَضُ هامُها
وللآلِ والقُربى تُسلُّ حِرابُها
بها الأُسْدُ تُقْصى عنْ شَراها وطالما
تُؤَمَّرُ فَوْقَ الأُسْدِ دهراً كِلابُها
فإنْ خلَّفَ الرئبالُ بُقيى فريسةٍ
تهافتَ مسعوراً عليها ذُبابُها
وتلكَ قوانينُ السَّماءِ جليَّةٌ
إذا نطقتْ شَمْسٌ تلاشى ضَبابُها
ولو كانَ مَدُّ السُّحْبِ للشمْسِ حاجباً
وحَقِّكَ لَمْ يُخْلَقْ بتاتاً سِحابُها
وإنْْ جنَّ ليْلٌ فالخفافيشُ تنتضي
جناحاتِها لـمَّا ينامُ عُقابُها
فلا تصطرِخْ منْ هبَّ أو دبَّ فوقَها
هباءً فقد ضمَّ النقائضَ غابُها
فأُخْراكَ والدُّنيا نقيضانِ صُوِّرا
وإحداهُما للمرْءِ جازَ اصْطِحابُها
فذي تجمعُ الأقرانَ في جنَباتِها
وذي تجمعُ الأضدادَ طُرَّاً شِعابُها
وذي دارُ هَوْلٍ باللّذائذِ نَيْلُها
وذي دارُ أمْنٍ بالدماءِ اكْتِسابُها
فلا فتْحَ في سلمٍ إذا بتَّ كارهاً
لحالِكَ أو تنسى السيوفَ قِرابُها
فعنْدَ اصطكاكِ البيضِ في حومةِ الوغى
ضروعُ المنايا ليسَ يُخشى احْتلابُها
ومَنْ ذاقَ مُرَّ الحادثاتِ مُكابداً
تُساوِرْهُ في دارِ الخُلودِ عِذابُها
وإنْ قادَ أقضى الناسِ للناسِ أُمَّةً
تلينُ مع الأيّامِ طوعاً غِضابُها
وفي مَزْلقِ الإذعانِ لمْ ترَ موطئاً
لها ، ولذُلٍّ ليس تُثنى رِقابُها
وإنْ لمْ يقُدْها عادلٌ ومُنَزَّهٌ
ففي نيّةِ الإصلاحِ كانَ خرابُها
فإنْ سادَ فوقَ الأرضِ منْ ليسَ أهلَها
فقد أصبحتْ للشاةِ ترعى ذئابُها
أ كُلُّ مُساواةٍ إلى العدْلِ تنتمي
مِنَ الظُّلْمِ فيها أنْ تُساوى دوابُها
إذا تركتْ سِفْراً مِن المجْدِ أُمّةٌ
وغابتْ فقدْ ضاهى الـحُضورَ غيابُها
وإنْ خلّفتْ عاراً دفيناً ففي غدٍ
سيُكشَفُ للمُرْتابِ يوماً نِقابُها
ومِنْ خِسّةِ الدُّنيا الدنيّةِ أنَّها
تُحقَّرُ عِنْدَ الأكرمينَ رِغابُها
وهلْ تتوخّى الصَّفْوَ مِنْ فيْضِ نبعِها
ولَمْ يصْفُ حتّى للبتولِ شرابُها
فلا حقَّ فيها أو قِصاصٌ مُماثلٌ
وإنْ رُدَّ أو فيئتْ أموراً نِصابُها
وفي بَضْعةِ الـمُختارِ لي خيْرُ شاهدٍ
إذا اقتُصَّ في ماذا يُساوى شبابُها
لقد جحدوها رغْمَ إقرارِهمْ ولو
درى قدْرَها الشَّيْطانُ كانَ يهابُها
لَما روَّعُوها بلْ رَعَوْها لوَ انَّها
لغيرِ رسولِ اللهِ كان انتسابُها
وواللهِ ما عاثوا خراباً لوانّهُ
لهمْ قالَ في الأخرى العِقابُ ثوابُها
كأنَّ جزاءَ الصالحينَ جهنَّمٌ
كأنَّ الخطايا لا يُباحُ اجتنابُها
فيا أُمّةً آذتْ ضنى المُصطفى وما
لغيرِ أبيها في الحسابِ مآبُها
بماذا ستلقاهُ غداً يوْمَ حشْرِها
ومِنْ أيِّ تبريرٍ يُحاكُ جوابُها
ولولا اقتدارُ اللهِ بالعدلِ في القضا
لقالَ النُّهى أنّى يكونُ عِقابُها
ولا خيرَ في نفْسٍ تتوبُ لعِلَّة
إذا كانَ موبوءَ النوايا متابُها
أ ليسَ الذي قدْ شاهدَ المُصْطفى لهُ
حصانتُهُ والصِّيْدُ تُرعى صِحابُها
وذا أضعفُ الإيمانِ في حقِّ فاطمٍ
وما ضرُّهم لو مثلُ ذاك احتسابُها
بموْطِنِها تلكَ الرسالةُ عُطِّلتْ
غداً لرسولِ اللهِ يُشكى اغترابُها
وما ظنُّهم بالمُصْطفى حينَ آلُهُ
تُلاقيهِ في الأُخرى دِماها خِضابُها
لقدْ أقصوِا القُربى ليزدلفوا إلى
مواقفَ في الأُخرى يطولُ حِسابُها
وقدْ أوْسعوا آلَ النبيِّ جرائماً
بأعدائهِ لا يُستساغُ ارتكابُها
فعِترةُ هاديهمْ أُبيدتْ وأُقْصِيَتْ
وعُطِّلَ ما بينَ الدُّعاةِ كتابُها
كما سُلِبتْ كُلُّ الحقوقِ لفاطمٍ
حقوقُ بنيها قد أُبيحَ استلابُها
فقدْ كانَ حرْقُ الدَّارِ أوَّلَ جمْرةٍ
تناهى لخيْماتِ الحُسيْنِ التهابُها
وذي فدكٌ لَمّا أُبيحتْ و أُقطِعَتْ
رحالُ ابنِها غيلتْ وجاز انتهابُها
وما مصرعُ الزَّهراءِ غيرُ انعكاسةٍ
تُريكَ على الأعقابِ كيفَ انقلابُها
إذا آمنتْ بالمُصطفى فهْيَ أُمُّهُ
وكوثرُهُ الأنقى ففيمَ ارتيابُها
أمِنْ شرِّ خَلْقِ اللهِ تولَجُ دارُها
ومِنْ خيرِ خَلقِ اللهِ يُقْرَعُ بابُها
وأيّانَ لم يُحْجَبْ حِماها عن الورى
وقد ضمَّ نورَ الفرقديْنِ حِجابُها
أ يُهْتَكُ سِتْرُ الدار وهْيَ لطالما
حوتْ عِطْرَ جبريل الأمينِ رِحابُها
أ تحتجُّ بالقرآنِ فاطمُ وهْيَ لمْ
يُجانبْ كتابَ الله حرْفاً خِطابُها
ولو كان في جمْعِ الصِّحابِ خُزيْمةٌ
لما آلَ للتحكيمِ فيها انتدابُها
لقدْ صدَّقوا منْ قيلَ منتخبٌ لهمْ
وقدْ كذَّبوا من في السَّماءِ انتخابُها
وحينَ على المبعوثِ حُرِّمَ دمْعُها
ونِحْلتُها حين اسْتُبيحَ اغتصابُها
دعاها لكي لا تدعوَ اللهَ بعْلُها
ومَنْ غيرُهُ دونَ الأنامِ مُجابُها
دعاها لأعداءٍ لها وانتجى بِها
لِعِلمٍ لهُ مِنْ أينَ كانَ انتجابُها
أ ليسَ هو الغَوّاصَ في لُجَجِ الوغى
إذا اشتدَّ في أعتى الخطوبِ ضِرابُها
فكيفَ ارعوى عنْ صوتِ نادبةٍ لهُ
إذا حشَّمَ الأمواتَ يُرْجى انتصابُها
ولكنَّها تدري لماذا اصطبارُهُ
لذا لَمْ يطُلْ عندَ الوصيِّ عِتابُها
فصَمْتُ عليٍّ كان أنمى منَ التي
بألسِنةٍ جوْفاءَ كانَ غِلابُها
يُرى الدُّرُّ في قاعِ البحارِ مُخبّأً
بصمْتٍ حواهُ قعْرُها لا عُبابُها
ولولا افتداحُ الخطْبِ لمْ يكُ فاطمٌ
لقبرِ أبيها بالشكاوى ذهابُها
يُطاوِلُ أعنانَ السَّماءِ نشيجُها
وينسفُ أركانَ الجِبالِ انتحابُها
أيطربُ في تلكَ الليالي خصومُها
وقدْ أثكلَ الكونينِ طُرَّاً مُصابُها
لقدْ غارَ مِنْ دارِ الفناءِ بريقُها
لِيُزْهِرَ في دارِ البقاءِ شِهابُها
وحينَ لعينِ الخَلْقِ في الحشْرِ أُظهِرَتْ
لظى نارِ حرْقِ الدارِ هيلَ عذابُها
زبانيةُ النارِ الضَّروسِ تساءلوا
أ منْ شجرِ الزقُّومِ كان احتطابُها
نمى عندَ ذكرِ الطُّهْرِ في النَّفْسِ أمْنُها
وللمُفْرداتِ الحائراتِ ارتعابُها
أرى الطُّهْرَ إنْ سيمتْ بهِ مُتبختراً
وأذعنَ لَمّا قُلْتُ طُهْرٌ ثيابُها
أرى الحرْفَ منحوراً على عَتباتِها
فتلكَ حمىً يُرجى ويُخشى اقترابُها
ولكنْ على أفوافِ زهرِ جنائنٍ
دموعُ الندى الوسْنانِ يحلو انسكابُها
فيا هِبةَ الوهّابِ للمُصطفى لذا
لهُ كانَ عَجْلانَ المسيرِ اجتذابُها
ولَمْ يحْوِها قبْرٌ ولَمْ تعْلُ قُبّةٌ
لأنَّ السماواتِ الطِّباقَ قبابُها
ويا حجّةَ المولى على حُجَجٍ لهُ
عليْنا وشمساً يستحيلُ احتجابُها
فضائلُها كالنورِ للشَّمْسِ كُلَّما
تزوَّدْتَ لمْ يُمكِنْكَ منها اقتضابُها
أيا عاصِباً غضبى الجِراحِ بنا كفى
فتلكَ جراحٌ ما براها عِصابُها
ستبقى دموعُ النادبين قوافلاً
تسيرُ إلى قبرِ النبيِّ رِكابُها
ويُكْتَبُ ( يا زهراءُ ) فوقَ بيارقٍ
تُرى لابنِها الموعودِ طال ارتقابُها
فراس القافي 2012
وحظُّكَ منْ ماءِ الحياةِ سرابُها
ملذّاتُها غمٌّ وآمالُها أسىً
وفرحتُها كرْبٌ وكِذْبٌ صوابُها
وذا محتِدُ الأفعى نعومةُ ملْمَسٍ
ولكنْ حوى السّمَّ الزُّعافَ لُعابُها
فلا تأمنِ الدُّنيا بحالٍ فإنَّها
تُريكَ اللُّحا تِبْراً ، وتُرْبٌ لُبابُها
وإنْ صَفْوةٌ في العيشِ كالبرْقِ أومَضتْ
مَضَتْ توقِدُ الذكرى فعزَّ إيابُها
تُخلِّفُ في كُلِّ الرُّبوعِ فجائعاً
وينعَبُ في كُلِّ الديارِ غُرابُها
أتعجَبُ ممّا كان منْها وإنَّما
عجيبٌ إذا لمْ تَبْدُ منْها عِجابُها
فدعْها ولا تطلبْ بها أيَّ مغْنمٍ
سَيُعيِيكَ مهما حُزْتَ جهداً طِلابُها
تشحُّ بأوهى الأُمنياتِ خطوبُها
وتنفذُ في أعتى الدُّروعِ نِشابُها
ولَمْ يتخاطأْ نبْلُها مَنْ ترومُهُ
طريداً ، ولا تخوي بيومٍ جِعابُها
وإنْ أعرضَ الإنسانُ عنْها فإنَّها
تذلُّ بعينِ الطامحينَ صِعابُها
بألسِنةِ الأبرارِ كُلُّ زنيمةٍ
سواها بتاتاً لا يحلُّ سبابُها
وفي رأيِ أهلِ الفقْهِ ليسَ بجائزٍ
ولكنْ وجوبٌ للحصيفِ اغتيابُها
تُرى بلْقعاً للمُستنيرِ قصورُها
يُرى شاهقاتٍ للضليلِ يبابُها
فما بالُ هذي النّفسِ ما كانَ سعْدُها
وأحزانُها طوْعَ الـمُنى واضطرابُها
فإنْ حازتِ الدُّنيا ففيمَ هناؤها
وإنْ حازتِ الأُخرى علامَ اكتئابُها
تليقُ اليدُ الطولى لمنْ كانَ يجتني
لِيُقْطَعَ مِنْ أعلى الكُرومِ حِطابُها
فلا تُغْريَنّي بالحياةِ فإنّني
تساوى بعيني مَسْخُها وكعابُها
ولَمْ تكُ ليلاها تُحرِّكُ ساكناً
ولَمْ تكُ تغويني بقَدٍّ ربابُها
إذا لَمْ يُبِحْ لي اللهُ رَشْفاً لثغرِها
فسيّانِ والأفعى يكون رِضابُها
معرّيّةٌ آراءُ مَنْ يفهمونَها
يعُدُّونَ فيها الإختلافَ تشابُها
إذا ما انتشى مَرْءٌ تكدَّرَ آخَرٌ
لتنْهَشَ من شبْعى الأماني سِغابُها
فما بكَ تستسقي الندى مِنْ غُصونِها
وقدْ جفَّ واديها ، وشحَّتْ كِرابُها
ويسألُ مَنْ لمْ يدرِ عنْ نائباتِها
على الطَّوْدِ أنّى تستطيلُ هضابُها
يُصانُ بها الأرذالُ مِنْ وابلِ البلا
ويُغْرَسُ في صدْرِ الأكارمِ نابُها
لأعداءِ خيرِ الخَلْقِ يُخفَضُ هامُها
وللآلِ والقُربى تُسلُّ حِرابُها
بها الأُسْدُ تُقْصى عنْ شَراها وطالما
تُؤَمَّرُ فَوْقَ الأُسْدِ دهراً كِلابُها
فإنْ خلَّفَ الرئبالُ بُقيى فريسةٍ
تهافتَ مسعوراً عليها ذُبابُها
وتلكَ قوانينُ السَّماءِ جليَّةٌ
إذا نطقتْ شَمْسٌ تلاشى ضَبابُها
ولو كانَ مَدُّ السُّحْبِ للشمْسِ حاجباً
وحَقِّكَ لَمْ يُخْلَقْ بتاتاً سِحابُها
وإنْْ جنَّ ليْلٌ فالخفافيشُ تنتضي
جناحاتِها لـمَّا ينامُ عُقابُها
فلا تصطرِخْ منْ هبَّ أو دبَّ فوقَها
هباءً فقد ضمَّ النقائضَ غابُها
فأُخْراكَ والدُّنيا نقيضانِ صُوِّرا
وإحداهُما للمرْءِ جازَ اصْطِحابُها
فذي تجمعُ الأقرانَ في جنَباتِها
وذي تجمعُ الأضدادَ طُرَّاً شِعابُها
وذي دارُ هَوْلٍ باللّذائذِ نَيْلُها
وذي دارُ أمْنٍ بالدماءِ اكْتِسابُها
فلا فتْحَ في سلمٍ إذا بتَّ كارهاً
لحالِكَ أو تنسى السيوفَ قِرابُها
فعنْدَ اصطكاكِ البيضِ في حومةِ الوغى
ضروعُ المنايا ليسَ يُخشى احْتلابُها
ومَنْ ذاقَ مُرَّ الحادثاتِ مُكابداً
تُساوِرْهُ في دارِ الخُلودِ عِذابُها
وإنْ قادَ أقضى الناسِ للناسِ أُمَّةً
تلينُ مع الأيّامِ طوعاً غِضابُها
وفي مَزْلقِ الإذعانِ لمْ ترَ موطئاً
لها ، ولذُلٍّ ليس تُثنى رِقابُها
وإنْ لمْ يقُدْها عادلٌ ومُنَزَّهٌ
ففي نيّةِ الإصلاحِ كانَ خرابُها
فإنْ سادَ فوقَ الأرضِ منْ ليسَ أهلَها
فقد أصبحتْ للشاةِ ترعى ذئابُها
أ كُلُّ مُساواةٍ إلى العدْلِ تنتمي
مِنَ الظُّلْمِ فيها أنْ تُساوى دوابُها
إذا تركتْ سِفْراً مِن المجْدِ أُمّةٌ
وغابتْ فقدْ ضاهى الـحُضورَ غيابُها
وإنْ خلّفتْ عاراً دفيناً ففي غدٍ
سيُكشَفُ للمُرْتابِ يوماً نِقابُها
ومِنْ خِسّةِ الدُّنيا الدنيّةِ أنَّها
تُحقَّرُ عِنْدَ الأكرمينَ رِغابُها
وهلْ تتوخّى الصَّفْوَ مِنْ فيْضِ نبعِها
ولَمْ يصْفُ حتّى للبتولِ شرابُها
فلا حقَّ فيها أو قِصاصٌ مُماثلٌ
وإنْ رُدَّ أو فيئتْ أموراً نِصابُها
وفي بَضْعةِ الـمُختارِ لي خيْرُ شاهدٍ
إذا اقتُصَّ في ماذا يُساوى شبابُها
لقد جحدوها رغْمَ إقرارِهمْ ولو
درى قدْرَها الشَّيْطانُ كانَ يهابُها
لَما روَّعُوها بلْ رَعَوْها لوَ انَّها
لغيرِ رسولِ اللهِ كان انتسابُها
وواللهِ ما عاثوا خراباً لوانّهُ
لهمْ قالَ في الأخرى العِقابُ ثوابُها
كأنَّ جزاءَ الصالحينَ جهنَّمٌ
كأنَّ الخطايا لا يُباحُ اجتنابُها
فيا أُمّةً آذتْ ضنى المُصطفى وما
لغيرِ أبيها في الحسابِ مآبُها
بماذا ستلقاهُ غداً يوْمَ حشْرِها
ومِنْ أيِّ تبريرٍ يُحاكُ جوابُها
ولولا اقتدارُ اللهِ بالعدلِ في القضا
لقالَ النُّهى أنّى يكونُ عِقابُها
ولا خيرَ في نفْسٍ تتوبُ لعِلَّة
إذا كانَ موبوءَ النوايا متابُها
أ ليسَ الذي قدْ شاهدَ المُصْطفى لهُ
حصانتُهُ والصِّيْدُ تُرعى صِحابُها
وذا أضعفُ الإيمانِ في حقِّ فاطمٍ
وما ضرُّهم لو مثلُ ذاك احتسابُها
بموْطِنِها تلكَ الرسالةُ عُطِّلتْ
غداً لرسولِ اللهِ يُشكى اغترابُها
وما ظنُّهم بالمُصْطفى حينَ آلُهُ
تُلاقيهِ في الأُخرى دِماها خِضابُها
لقدْ أقصوِا القُربى ليزدلفوا إلى
مواقفَ في الأُخرى يطولُ حِسابُها
وقدْ أوْسعوا آلَ النبيِّ جرائماً
بأعدائهِ لا يُستساغُ ارتكابُها
فعِترةُ هاديهمْ أُبيدتْ وأُقْصِيَتْ
وعُطِّلَ ما بينَ الدُّعاةِ كتابُها
كما سُلِبتْ كُلُّ الحقوقِ لفاطمٍ
حقوقُ بنيها قد أُبيحَ استلابُها
فقدْ كانَ حرْقُ الدَّارِ أوَّلَ جمْرةٍ
تناهى لخيْماتِ الحُسيْنِ التهابُها
وذي فدكٌ لَمّا أُبيحتْ و أُقطِعَتْ
رحالُ ابنِها غيلتْ وجاز انتهابُها
وما مصرعُ الزَّهراءِ غيرُ انعكاسةٍ
تُريكَ على الأعقابِ كيفَ انقلابُها
إذا آمنتْ بالمُصطفى فهْيَ أُمُّهُ
وكوثرُهُ الأنقى ففيمَ ارتيابُها
أمِنْ شرِّ خَلْقِ اللهِ تولَجُ دارُها
ومِنْ خيرِ خَلقِ اللهِ يُقْرَعُ بابُها
وأيّانَ لم يُحْجَبْ حِماها عن الورى
وقد ضمَّ نورَ الفرقديْنِ حِجابُها
أ يُهْتَكُ سِتْرُ الدار وهْيَ لطالما
حوتْ عِطْرَ جبريل الأمينِ رِحابُها
أ تحتجُّ بالقرآنِ فاطمُ وهْيَ لمْ
يُجانبْ كتابَ الله حرْفاً خِطابُها
ولو كان في جمْعِ الصِّحابِ خُزيْمةٌ
لما آلَ للتحكيمِ فيها انتدابُها
لقدْ صدَّقوا منْ قيلَ منتخبٌ لهمْ
وقدْ كذَّبوا من في السَّماءِ انتخابُها
وحينَ على المبعوثِ حُرِّمَ دمْعُها
ونِحْلتُها حين اسْتُبيحَ اغتصابُها
دعاها لكي لا تدعوَ اللهَ بعْلُها
ومَنْ غيرُهُ دونَ الأنامِ مُجابُها
دعاها لأعداءٍ لها وانتجى بِها
لِعِلمٍ لهُ مِنْ أينَ كانَ انتجابُها
أ ليسَ هو الغَوّاصَ في لُجَجِ الوغى
إذا اشتدَّ في أعتى الخطوبِ ضِرابُها
فكيفَ ارعوى عنْ صوتِ نادبةٍ لهُ
إذا حشَّمَ الأمواتَ يُرْجى انتصابُها
ولكنَّها تدري لماذا اصطبارُهُ
لذا لَمْ يطُلْ عندَ الوصيِّ عِتابُها
فصَمْتُ عليٍّ كان أنمى منَ التي
بألسِنةٍ جوْفاءَ كانَ غِلابُها
يُرى الدُّرُّ في قاعِ البحارِ مُخبّأً
بصمْتٍ حواهُ قعْرُها لا عُبابُها
ولولا افتداحُ الخطْبِ لمْ يكُ فاطمٌ
لقبرِ أبيها بالشكاوى ذهابُها
يُطاوِلُ أعنانَ السَّماءِ نشيجُها
وينسفُ أركانَ الجِبالِ انتحابُها
أيطربُ في تلكَ الليالي خصومُها
وقدْ أثكلَ الكونينِ طُرَّاً مُصابُها
لقدْ غارَ مِنْ دارِ الفناءِ بريقُها
لِيُزْهِرَ في دارِ البقاءِ شِهابُها
وحينَ لعينِ الخَلْقِ في الحشْرِ أُظهِرَتْ
لظى نارِ حرْقِ الدارِ هيلَ عذابُها
زبانيةُ النارِ الضَّروسِ تساءلوا
أ منْ شجرِ الزقُّومِ كان احتطابُها
نمى عندَ ذكرِ الطُّهْرِ في النَّفْسِ أمْنُها
وللمُفْرداتِ الحائراتِ ارتعابُها
أرى الطُّهْرَ إنْ سيمتْ بهِ مُتبختراً
وأذعنَ لَمّا قُلْتُ طُهْرٌ ثيابُها
أرى الحرْفَ منحوراً على عَتباتِها
فتلكَ حمىً يُرجى ويُخشى اقترابُها
ولكنْ على أفوافِ زهرِ جنائنٍ
دموعُ الندى الوسْنانِ يحلو انسكابُها
فيا هِبةَ الوهّابِ للمُصطفى لذا
لهُ كانَ عَجْلانَ المسيرِ اجتذابُها
ولَمْ يحْوِها قبْرٌ ولَمْ تعْلُ قُبّةٌ
لأنَّ السماواتِ الطِّباقَ قبابُها
ويا حجّةَ المولى على حُجَجٍ لهُ
عليْنا وشمساً يستحيلُ احتجابُها
فضائلُها كالنورِ للشَّمْسِ كُلَّما
تزوَّدْتَ لمْ يُمكِنْكَ منها اقتضابُها
أيا عاصِباً غضبى الجِراحِ بنا كفى
فتلكَ جراحٌ ما براها عِصابُها
ستبقى دموعُ النادبين قوافلاً
تسيرُ إلى قبرِ النبيِّ رِكابُها
ويُكْتَبُ ( يا زهراءُ ) فوقَ بيارقٍ
تُرى لابنِها الموعودِ طال ارتقابُها
فراس القافي 2012