المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قسوة القلب ( 1 )


الحوزويه الصغيره
29-04-2012, 09:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم


سأضع لكم بين الفينة والأخرى بعض الدروس الحوزوية , ومن بينها هذا الدرس من دروس الأخلاق التي القاها علينا سماحة الشيخ .. محمد الطيب
اترككم مع الجزء الاول من هذا الدرس , اتمنى لكم الفائدة ..

قسوة القلب ( 1 )

قوله تعالى:

(أفمن شرح صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين) الزمر 22.

من جملة الأمراض النفسية والذنوب القلبية التي يجب علاجها عقلا وشرعا (مرض قسوة القلب) الذي هو بالإضافة إلى كونه مرضا خطيرا، سبب في أمراض أخرى، كما أنه سبب في انحراف الإنسان عن صراط العبودية المستقيم في أقواله وأفعاله وهذه الآية الكريمة التي ذكرناها آنفا من جملة الآيات الدالة على ما نقول حيث دللت الآية على شدة هذا المرض وخطورة هذا الذنب النفسي ونتائجه الوخيمة.

من آثار قسوة القلب:

سبب للخروج عن الدين:

قال تعالى: ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) الحديد16.

يدل قوله تعالى: (كثير منهم فاسقون) على أن هؤلاء فسقوا..خرجوا من الدين لقسوة قلوبهم.

افتح قلبك للإيمان: ولدى التأمل في هذه الآية يعلم جيدا أن من الواجب على كل مسلم أن يعالج مرض قسوة قلبه ويعمل جاهدا ليكون قلبه لينا خاشعا، وأن لا يكتفي بالإسلام بحدود شهادة الشهادتين وما يترتب على ذلك من طهارة الظاهر وسائر الأحكام، بل يتعدى هذا إلى صياغة قلبه وباطنه على أساس هذا المعتقد.. أما إذا كان تأثير عقائد الإسلام وأحكامه مقتصرا على ظاهر الشخص، وكان قلبه خاليا من الله والآخرة لا يعرف قلبه الخوف من الله ولا رجاءه سبحانه، ولا الخوف من الآخرة، وليس في قلبه إلا حب الدنيا والتعلق بالأسباب وطلب الشهوات. شخص كهذا...لا يستفيد إلا من أحكام الإسلام الوضعية الظاهرية، كالزواج والإرث..وإذا مات على هذه الحال فلن يستفيد شيئا في عالم ما بعد الموت وهو في هلاك أبدي.

أولى علامات الإيمان

قال عليه السلام: "من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن" بحار الأنوار ج15 ، ميزان الحكمة 2/336.

وقد نقل عن ابن مسعود أن المدة بين إسلام المسلمين ونزول الآية السابقة(ألم يأن للذين آمنوا) هي أربع سنوات أي بعد قبول المسلمين الإسلام والعمل بتعاليمه أمرهم الله بوجوب أن تكون قلوبهم خاشعة لذكر الله...وليس فقط أجسادهم ...وأن يحذروا من مرض القسوة، ولكي لا ييأس المسلمون من علاج مرض القسوة، ويعلموا إن الله قادر على شفائهم من هذا المرض وإحياء قلوبهم، ويبدل القسوة بلين ورقة يقول في الآية التالية: (اعلموا أن الله يحيي الأرض (في فصل الربيع) بعد موتها (في فصل الشتاء).

ويحيي أرض القلوب الميتة بنور المعرفة، وكذلك يحيي الأرض التي ملئت ظلما وجورا وليس لأهلها حياة حقيقية-يحييها- بنور العدل بواسطة قائم آل محمد المهدي عجل الله فرجه.

وقد وردت في كتب التفسير قصص عن أشخاص خشعت قلوبهم لله وتابوا لدى سماع هذه الآية الكريمة.

توبة مالك بن دينار:

توبة مالك بن دينار



عن مالك بن دينار أنه سئل عن سبب توبته ، فقال : كنت شرطيا وكنت منهمكا على شرب الخمر، ثم إنني اشتريت جارية نفيسة ! ووقعت مني أحسن موقع ، فولدت لي بنتا . فشغفت بها



فلما دبت على الأرض ازدادت في قلبي حبا، وألفتني وألفتها. قال : فكنت إذا وضعت المسكر بين يدقي جاءت إلي وجاذبتني عليه وهرقته من ثوبي ، فلما تم لها سنتان ماتت !



فأكمدني حزنها. فلما كانت ليلة النصف من شعبان ، وكانت ليلة الجمعة، بت ثملا(2)من الخمر؟ ولم أصل فيها عشاء الآخرة. فرأيت فيما يرئ النائم كأن



القيامة قد قامت ، ونفخ في الصور، وبعثرت القبور، وحشر الخلائق ، وأنا معهم . فسمعت حسا من ورائي ، فالتفت ، فإذا أنا بتنين (3) أعظم مايكون أسود أزرق قد فتح فاه مسرعا نحوي . فمررت بين يديه هاربا فزعا مرعولا .



فمررت في طريقي بشيخ نقي الثوب طيب الرائحة فسلمت عليه فرد السلام فقلت . أيها الشيخ ! أجرني من هذا التنين أجارك الله ، فبكى الشيخ وقال لي : أنا ضعيف وهذا أقوئ مني وما أقدر عليه ! ولكن مر وأسرع فلعل الله



أن يتيح لك ماينجيك منه . فوليت هاربا على وجهي ، فصعدت على شرف من شرف القيامة، فأشرفت على طبقات النيران ، فنظرت إلى هولها، وكدت أهوي فيها من فزع التنين ! فصاح بي صائح :ارجع فلست من أهلها فاطمأنت إلى قوله ورجعت , ورجع التنين فلم تفعل فبكى الشيخ وقال إني ضعيف ولكن سر إلى هذا الجبل فان فيه ودائع المسلمين فإن كان لك فيه وديعة فستنصرك قال فنظرت إلى جبل مستدير من فضة وفيه كوى مخرمة وستور معلقة على كل كوه وخوخة مصراعان من الذهب الأحمر مفصلة بالياقوت مكوكبة بالدر على كل مصراع ستر من الحرير فلما نظرت الى الجبل وليت منه هربا والتنين من ورائي حتى إذا قربت منه صاح بعض الملائكة ارفعوا الستور وافتحوا المصاريع واشرفوا فلعل لهذا البائس فيكم وديعة تجيره من عدوه فإذا الستور قد رفعت والمصاريع قد فتحت فاشرف على تلك من الخرمات أطفال وجوه كالأقمار وقرب التنين مني فتحيرت في أمري فصاح بعض الأطفال ويحكم اشرفوا كلكم فقد قرب منه عدوه فاشرفوا فوجا بعد فوج وإذا أنا بابنتي التي ماتت قد أشرفت علي معهم فلما رأتني بكت وقالت : أبي والله !!ثم وثبت في كفة من نور كرمية السهم حتى مثلت بين يدي فمدت يدها الشمال الى يدي اليمنى فتعلقت بها ومدت يدها اليمنى الى التنين فولي هاربا .

ثم أجلستني وقعدت في حجري وضربت بيدها اليمنى الى لحيتي وقالت :يا أبت ( الم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ) فبكيت : وقلت يا بنية ! وانتم تعرفون القران ؟ فقالت : يا ابت نحن اعرف به منكم قلت : فأخبرني عن التنين الذي أراد أن يهلكني قالت ذلك عملك السوء قويته فأراد أن يغرقك في نار جهنم قلت : فأخبرني عن الشيخ الذي مررت به في طريقي قالت : يا ابت ! ذلك عملك الصالح أضعفته حتى لم يكن له طاقة بعملك السوء قالت يا بنية ! ذلك عملك الصالح أضعفته حتى لم يكن له طاقة بعملك السوء قلت يا بنية وما تصنعون في هذا الجبل ؟ قالت : نحن أطفال المسلمين اسكنا فيه الى أن تقوم الساعة ننتظركم تقدمون علينا فنشفع لكم.

قال مالك : فانتبهت فزعا وأصبحت فارقت المسكر وكسرت الآنية وتبت الى الله عز وجل وهذا كان سبب توبتي.

فوائد من هذه القصة:

تعلم من هذه القصة ثلاثة أمور تشهد الروايات القصص بصحتها:

الأول: أن النفوس البشرية، التي تغادر الدنيا تمتلك من المعلومات في البرزخ ما لا يقاس بمعلوماتها في الدنيا.. إلى حدّ أنهم (الموتى) يعرفون جميع اللغات ويفهمون القرآن بشكل أفضل، وكثير من الأمور التي هي سر بالنسبة لأهل الدنيا هي لهم علن (فبصرك اليوم حديد) ق22 أي ما لم تكن تراه في الدنيا وتعلمه هو اليوم ظاهر لك.

الثاني: مسألة تجسيم الأعمال أي أن أعمال الإنسان الحسنة القبيحة تحضر أمام الإنسان يوم القيامة وتتصل به وتكون في صورة مناسبة لتلك الإعمال (يوم تجد كل نفس ما علمت من خير محضرا وما عملت من سوء توّد لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد) آل عمران30.

ومن رأفته تعالى أنه يخبرنا ويحذرنا حتى لا نتلوث بالأعمال القبيحة ونعذب بسببها في النهاية.

الثالث: مسألة شفاعة الأطفال المسلمين الذين ماتوا في طفولتهم لآبائهم وأمهاتهم وفي كتاب لآلئ الأخبار روايات وبعض القصص حول ذلك فليراجع.

والحمد لله رب العالمين