مصـshiaaـر
01-05-2012, 09:09 PM
الجن في تعابير القرآن
الكاتب : سماحة العلامة الشيخ محمد هادي معرفة رحمه الله
الجن في تعابير القرآن[1]
من الغريب أن نرى بعض الكُتّاب الإسلاميّين يلهجون بما لاكه المستشرقون الأجانب من فرض التعابير الواردة في القرآن بشأن الجنّ ، تعابير مستعارة من العرب توافقاً معهم جَدَلاً كعامل تنفيذ في أوساطهم على سبيل المماشاة ، لا على سبيل الحقيقة المعترَف بها . إذ يبعد اعتراف القرآن بما لا يعترف العلم التجربي بوجوده أو سوف ينتهي إلى إنكاره رأساً . لكن ذلك لا يوهن شأن القرآن بعد أن كان تعبيره بذلك ظاهريّاً ومجاراةً مع القوم . و هكذا تعبيره عن السحر و إصابة العين تعبير ظاهري و ليس على حقيقته .
قالوا : و هذا نظير تأثّره ظاهراً بالنظام الفلكي البطلميوسي و الطبّ الجالينوسي القديمين ، و قد رفضهما العلم الحديث .
قلت : أمّا اعتراف القرآن بوجود الجنّ إلى جنب الإنس و اشتراكهما في الخلق و التكليف و في نهاية المطاف ، فممّا لا يعتريه شكّ ، و لا يسوغ لمسلم يرى من القرآن وحياً من السماء أن يرتاب في ذلك ، فإنّ هناك وراء عالم الشهود كائناتٍ ملكوتية أعلى تُسمّى بالملائكة ، و اُخرى أدنى تُسمّى بالجنّ . الأمر الّذي صرّح به القرآن الكريم بما لا يدع مجالاً للريب فيه أو احتمال التأويل . ﴿ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ ﴾ [2] . ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [3] . و يبدو أنّ خلق الجنّ كان قبل الإنس ، حيث أمر إبليس و كان من الجنّ [4] أن يسجد مع الملائكة لآدم ، بعد أن خلقه من طين فأبى و استكبر و كان من الكافرين [5] .
و أمّا العلم التجربي فلا متّسع له في هذا المجال ، بعد أن كان سلطانه مهيمناً على عالم الحسّ ، و محدوداً بآفاقه من غير أن يمكنه لمس ما وراء ستار الغيب فكيف يجوز له بالنسبة إلى أمرٍ خارجٍ عن سلطانه أن يحكم عليه بنفي أو إثبات أو يجعله موضع رفض أو قبول ؟!
نعم ، هناك لأصحاب المذاهب العقيلة من علماء المسلمين و غيرهم من المعتنقين بوحي السماء كلام عن مدى مقدرة هذا الكائن الغيبي ، و هل له سلطان على التدخّل في شؤون الإنس أو يمسّه بسوء ؟ الأمر الذي أنكروه أشدّ الإنكار ، على خلاف أصحاب التزمّت في الرأي ممّن ركضوا وراء أهل البداوة في التفكير ، و اتّبعوا خرافاتهم الأساطيرية البائدة .
فالاعتراف بوجود الجنّ شيء ، و رفض مقدرتهم على التدخّل في شؤون الإنس شيءٌ آخر ، و الرفض في هذا الأخير لا يستدعي رفضاً في أصل الوجود .
ذهب أصحاب القول بالعدل [6] إلى أنّه لا يجوز في حكمته تعالى أن يتسلّط كائن غيبي على كائن غيبي على كائن عيني فيتلاعب بنفسه و بمقدراته و هو لا يستطيع الذبّ عن نفسه حيث لا يراه . و كلّ ما قيل في مسّ جُنون و ما شابه ، فهو حديث خرافة ومن مزاعم باطلة تفنّده الحكمة الرشيدة . نعم سوى بعض الوساوس ( إيحاءات مُغرية ) يُلقيها شياطين الجنّ على شاكلتها من الإنس ﴿ ... يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ... ﴾ [7] . ﴿ ... وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ ... ﴾ [8] . و يقول الشيطان لمّا قُضي الأمر : ﴿ ... وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم ... ﴾ [9] .
و زعم الإمام الرازي أنّ ظاهر المنقول عن أكثر الفلاسفة إنكار وجود الجنّ ، استناداً إلى كلام الشيخ الرئيس ابن سينا في رسالته في حدود الأشياء ، حيث يقول : الجنّ حيوان هوائي متشكّل بأشكال مختلفة ، و يُعقبّه يقوله : و هذا شرح للاسم . قال الرازي : و هذا يدلّ على أنّ هذا الحدّ شرح للمراد من هذا اللفظ ، و ليس لهذه الحقيقة وجود في الخارج [10] .
و قد أخذت دائرة المعارف الإسلامية المترجمة إلى العربيّة هذا الاستظهار من الرازي مستنداً لتنسب إلى الشيخ الرئيس إنكاره الباتّ لحقيقة الجنّ . جاء فيها : و لكنّ ابن سينا عند تعريفه لكلمة { جنّ } أكّد في غير مؤاربة أنّه ليست هناك حقيقة واقعة وراء هذه الكلمة [11] .
غير أنّ الاستظهار من الرازي خطأ ، و كانت عبارة الشيخ الرئيس تعني : أنّ هذا التعريف للجنّ ليس حدّاً تامّاً ـ حسب مصطلحهم ـ و إنّما هو رسم ناقص لا يعدو شرح الاسم ، كما في قولهم : سعدانة نبت ، إذ ليس فيه ذكرٌ لذاتيّات المعرَّف ( الجنس القريب و الفصل القريب ) ، و من ثمّ فهو تعريف اللوازم و الآثار و ليس بالجنس و الفصل القريبين .
إذن ، فنسبة إنكار حقيقة الجنّ إلى مثل الشيخ الرئيس ـ كبير الفلاسفة الإسلاميّين و من ذوي العقول الراجحة المعتقدة بالإسلام و القرآن ـ جفاءٌ يُشبه الافتراء . و من الغريب أنّ الإمام الرازي يُعقّب ذلك ، بقوله : و أمّا جمهور أرباب الملل و المصدّقين للأنبياء فقد اعترفوا بوجود الجنّ : ياترى أليس شيخ الفلاسفة الإسلامييّن من المصدّقين للأنبياء و لا سيما نبيّ الإسلام و القرآن العظيم ؟!
و بعد ، فإذ لم يَعُد البحث عن حقيقة الجنّ إلى مسألة فلسفية بحتة و لا إلى فرضية علمية محضة ، و إنّما هو إخبار غيبي لا مصدر له سوى وحي السماء ، و قد أكّدت عليه جميع الكتب السماوية و اعتقدته أصحاب الملل ممّن صدّق برسالات الله في الأرض ، من غير خلافٍ بينهم في أصل وجوده ، إذن فلا مجال للتراجع تجاه إيهام أن سوف يرفضه العلم ، مع فرض أن لا متّسع للعلم في هكذا مجالات هي وراء ستار الغيوب!
و للشيخ محمّد عبده كلام تفصيلي حول الملائكة و الجنّ و الشياطين ، له وجهٌ وجيه لمن تدبّره بإمعان . و عبثاً حاول بعضهم الإنكار عليه و ربّما رميه بالخروج عن مظاهر الدين ، و ما هذه الهجمة إلاّ جفاء بشأن عالم مجاهد في سبيل الإسلام خبير [12] .
كلام عن مسّ الجنّ
و أمّا الكلام عن مسّ الجنّ و أنّ الجُنون داءٌ عارض من مسّه فيعالج باللجوء إلى الرُقي و التعويذات و دمدمة الكهنة و أصحاب التسخيرات و ما إلى ذلك من خرافات بائدة . فالذي يمكننا القول فيه : أن ليس في القرآن شيء من ذلك ، حتّى و لا إشارة إليه ، إذ لا شكّ أنّ الجنون داءٌ عصبيّ و له أنحاء . بعضها صالح للعلاج بأسباب عادية ذكرها الأطبّاء في كتبهم قديماً و حديثاً ، و هناك مراكز لمعالجة هذه الأمراض أو التخفيف من وطئتها بالأساليب العلاجية الطبيعية المتعارفة و ليست بالأساليب الغريبة .
و ليس في القرآن ما يبدو منه أنّ صاحب هذا الداء إنّما يُصاب على أثر مسّ الجنّ له . نعم سوى استعماله لهذه اللفظة ( المجنون ) في أحد عشر موضعاً [13] . و كذا التعبير بمن به جِنّة في خمسة مواضع [14] .
و هذا من باب المجاراة في الاستعمال[15] ـ كما نبّهنا ـ حيث كان التفاهم بلسان القوم . و ليس عن اعتراف بمنشأ هذه التسمية اللغوية . و لا يزال الأطبّاء المعالجون ـ قديماً و حديثا ًـ يعبّرون عن المصاب بهذا الداء بالمجنون و عن نفس الداء بالجنون ، مجاراةً مع لغة العامّة ، و لا يعني ذلك اعتقادهم بمسّ الجنّ إيّاه حتميّاً . و تلك دور المجانين معدّة لمعالجة المصابين بهذا الداء أو للحراسة عنهم مرسوم عليها نفس العنوان و ليس إلاّ لأجل التفاهم مع العرف الدارج لا غير .
و أمّا قوله تعالى : ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ... ﴾ [16] فالمراد من المساس هنا هو مسّ وساوسه الخبيثة المغرية ، و التي هي عبارة عن استحواذه على عقلية أهل المطامع ليتيه بهم الدرب و يجعلهم في السعي وراء مطامعهم يتخبّطون خبط عشواء و في غياهب غيّهم يعمهون . و هذا إنّما يعني استيلاء الشيطان على شراشر وجودهم فعموا و صمّوا ﴿ ... كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ ... ﴾ [17] . ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [18] .
قال تعالى ـ حكاية عن نبيّ الله أيّوب ( عليه السَّلام ) ـ : ﴿ ... إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾ [19] . أي مسّني ضرّ وساوسه دسائسه الخبيثة في سبيل إيقاع أولياء الله في النصب و مكابدة الآلام ، كما في قوله : ﴿ ... إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [20] . فمسُّ الشيطان هو مسّ ضرّه على أثر دسائسه الخبيثة ، لا الإضرار مباشرةً [21] .
التشبيه في رؤوس الشياطين
قال تعالى : ﴿ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴾ [22] .
و هذا أيضاً أخذوه على القرآن ، حيث التعبير برؤوس الشياطين جاء على ما توهّمته العرب أنّ للشياطين رؤوساً على غرار ما توهّموه في الغول . جاء في شعر امرئ القيس : { و مسنونة زرق كأنياب أغوال } .
غير أنّ الشيطان في اللغة من أوصاف المبالغة مأخوذ من شاط يشيط إذا اشتدّ غيظاً و غضباً . يقال : تشيّط إذا احترق غيظاً و اشتاط اشتياطاً عليه إذا التهب غضباً . و كذا قولهم : استشاط عليه أي احتدّ عليه غضباً . و استشاط الحَمامُ : نشط . و استشاط من الأمر : خفّ له . و استشاط فلان أي استقتل و عرّض نفسه للقتل . و أصله من شاط الشيء إذا احترق .
قال ابن فارس : الشيط من شاط الشيء إذا احترق . و منه استشاط الرجلُ إذا احتدّ غضباً . قال و من هذا الباب الشيطان [23] . و يطلق على كلّ متمرّدٍِ عاتٍ من الجنّ و الإنس و الدّوابّ ، فهو فعلان ، لتكون الألف و النون زائدتين ، كما في عطشان و غضبان و رحمان . أمّا القول . بأنّه من شطن ليكون على وزان فيعال فهو غريب ، إذ لم يُعهد مثلُ هذا الوزن في صيَغ المبالغة ، وإن قال به الخليل .
و هكذا الراغب رجّح كون النون أصليّة بدليل جمعه على شياطين ![24]
و على أيّ حالٍ فهو وصفٌ يُطلق على كلّ متمرّدٍ عاتٍ بالَغَ في شططه كالمستشيط غَضَباً أو الملتهب غيظاً . قال جرير :
أيّام يدعونني الشيطانَ من غَزَلي *** و هُنَّ يَهْوَيْنَني إذ كنتُ شيطاناً
و قال آخر : لو أنّ شيطان الذئاب العُسَّل . . . قال الراغب : جمع العاسل و هو الذي يضطرب في عدوه ، و اختصّ به عَسَلان الذئب . قال : و سمّي كل خُلُق ذميم للإنسان شيطاناً . فقال ( عليه السَّلام ) : " الحَسَد شيطان و الغَضَب شيطان " . فليس الشيطان اسماً لإبليس و لا خاصّاًَ بجنوده الأبالسة . و إنّما اُطلق عليه كإطلاقه على سائر ذوي الشرور . قال تعالى : ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ ... ﴾ [25] .
و الشيطان ـ أيضاً ـ اسم لحيّتة لها عُرْف ، و هي لحمة مستطيلة فوق رأسها شبه عُرْف الديك قال الزجّاج : تسمّي العرب بعض الحيّات شيطاناً . قيل : هو حيّة لها عُرف بقبيح المنظر [26] . و أنشد الرجل ( هو الراجز )[27] يذمّ امرأةً له كانت سليطة :
عَنْجَرِدٌ تحلف حين أحلف *** كمثل شيطانِ الحَماط أعرَفٌ[28]
و قال آخر يصف ناقته في المسير :
تُلاعبُ مثنى حَضْرميّ كأنَّه *** تَعَمُّجُ شيطانٍ بذي خِرْوَعٍ قفر [29]
و الشيطان في هذين البيتين هي الحيّة المهيبة يُتَنَفَّر منها ، لها عُرف كتاج الديك قبيح المنظر . فقد شبّه الشاعر في البيت الأوّل امرأته العجوز السليطة بشيطان الحماط القبيح المهيب . و هي الحيّة ذات عُرف يكثر وجودها تحت شجر الحماط في الصحراء القاحلة .
و في البيت شبّه الشاعر زمام ناقته في تلوّيه بسبب مشية الناقة بتلوّي حيّة قبيحة الهيئة تلتوي في بيداء قفر [30] .
و عليه ، فالتشبيه في الآية الكريمة وقع على الواقع المشهود ، هي رؤوس الحيّات القبيحة المنظر الهائلة على حدّ تعبير الزمخشري في الكشّاف . و وافقه اللغة و العُرف العامّ حسبما عرفت . و ليس مجّرد تخييل أو تقليد لما توهّمته العرب كما زعمه الزاعمون !
و هكذا جاء في ( تأويل مشكل القرآن ) لابن قتبية قال : و العرب تقول إذا رأت منظراً قبيحاً : كأنّه شيطان الحماط ، يريدون حيّة تأوي في الحماط ، كما تقول : أيمُ الضالّ ، و ذئب الغَضى ، و أرنبُ خُلّة ، و تيسُ حُلَّب ، و قنفذُ بُرقَة [31] .
قال الشيخ أبو الفتوح الرازي : و هذا كتشبيهه تعالى عصا موسى ( عليه السَّلام ) التي انقلبت حيّة تسعى بالجانّ ، و هو أيضاً اسم للحيّة السريعة التلوّي في حركتها [32] .
قال ابن منظور : و الجانّ ، ضرب من الحيّات أكحل العينين يضرب إلى الصُفرة لا يؤذي . و هو كثير في البيوت . قال سيبويه : و الجمع جِنّان ، و أنشد بيت الخطفي جدّ جرير يصف إبلاً :
أعناقَ جِنّانٍ و هاماً رُجَّفا *** و عَنَقاً بعد الرسيم خَيْطَفا
و في الحديث : أنّه نهى عن قتل الجِنّان . قال : هي الحيات تكون في البيوت ، واحدها جانّ ، و هو الدقيق الخفيف .
قال الأزهري في التهذيب في قوله تعالى : ﴿ ... تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ ... ﴾ [33] : الجانّ حيّة بيضاء . قال أبو عمرو : الجانّ حيّة ، و جمعه جوانّ .
قال الزجّاج : المعنى أنّ العصا صارت تتحرّك كما يتحرّك الجانّ حركة خفيفة . قال : و كانت في صورة ثُعبان ، و هو العظيم من الحيّات . و نحو ذلك قال أبو العباس المبّرد . قال : شبّهها في عظمها بالثُعبان و في خفّتها ( خفّة حركتها ) بالجانّ . و لذلك قال تعالى مرّةً ﴿ ... فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴾ [34] و مرّةً ﴿ ... كَأَنَّهَا جَانٌّ ... ﴾ [35] .[36]
قال الشيخ أبو الفتوح الرازي ـ في وجه التشبيه بالجانّ مرّة و بالثعبان اُخرى ـ : إنّ التشبيه الأوّل وقع في بدء بعثته ( عليه السَّلام ) عند الشجرة . قال تعالى في سورة النمل : ﴿ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴾ [37] و في سورة القصص : ﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ﴾ [38] .
أمّا التشبيه بالثعبان فكان عند لقاء فرعون و ملئه ، و قوله لهم : إنّي قد جئتكم ببيّنة ، قالوا : فائتِ بها إن كنت من الصادقين ﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴾ [39] .
و لعلّ عندما ألقى عصاه لأوّل مرّة عند الشجرة كان لَفَت نظره و أرهبه أنّ العصا ـ و هي عودة ـ تتحرّك و تهتزّ كما تسعى الحيّة ، فولّى مدبراً ولم يعقّب .
أمّا الذي أتى به معجزاً و بيّنة من ربّه فهو قلب العصا ثعباناً و هي حيّة عظيمة هائلة ، فاسترهبوه و حاولوا مقابلته بالمثل فجمعوا السحرة و جاؤوا بسحرٍ عظيم . فألقى موسى عصاه ﴿ ... فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ [40] ﴿ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [41].
فالتشبيه بالجانّ مرّة و بالثعبان أخرى كان باعتبارين و في موقفين مختلفين . قال الشيخ الرازي : لا يمتنع أن تنقلب العصا إلى صورتين مختلفتين باختلاف الموردين [42] .
***
و ختاماً ، فقد جاء في المعجم الزوولوجي الحديث تأليف الأستاذ محمّد كاظم الملكي النجفي : أنّ الشيطان أيضاً اسمٌ لنوع من السمك الضخم يبلغ وزنه نحو طنّين يوجد في المياه المحيطة في الشمال الغربي لاستراليا ، له وجهٌ كريه كأنّه صنم من الأصنام القديمة و على رأسه قرنان يزيدان في كراهة منظره [43] [44] .
[1] جاء التعبير بالجنّ في 22 موضعاً . و الجانّ ( جمع الجنّ ) في 7 مواضع . و الجِنّة في 5 مواضع .
[2] القران الكريم : سورة الرحمن ( 55 ) ، الآية : 15 ، الصفحة : 531 .
[3] القران الكريم : سورة الذاريات ( 51 ) ، الآية : 56 ، الصفحة : 523 .
[4] سورة الكهف ( 18 ) ، الآية : 50 .
[5] سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 34 .
[6] راجع في ذلك : التفسير الكبير : 7 / 88 .
[7] القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 112 ، الصفحة : 142 .
[8] القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 121 ، الصفحة : 143 .
[9] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 22 ، الصفحة : 258 .
[10] التفسير الكبير : 30 / 148 .
[11] دائرة المعارف الإسلامية : 7 / 113 .
[12] راجع ماكتبه الشأن في تفسير المنار : 1 / 267 ـ 273 ، و 3 / 96 . و راجع أيضاً : الميزان ، للسيد الطباطبائي : 2 / 433 ـ 439 .
[13] سورة الحجر ( 15 ) ، الآية : 6 ؛ سورة الشعراء ( 26 ) ، الآية : 27 ؛ سورة الصافات ( 37 ) ، الآية : 36 ؛ سورة الدخان ( 44 ) ، الآية : 14 ، سورة الذاريات ( 51 ) ، الآية : 39 ؛ سورة الطور ( 52 ) ، الآية : 29 ؛ سورة القمر ( 54 ) ، الآية : 9 ؛ سورة القلم ( 68 ) ، الآية : 2 و 51 ؛ سورة التكوير ( 81 ) ، الآية : 22 .
[14] سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 184؛ سورة المؤمنون ( 23 ) ، الآية : 25؛ سورة سبإ ( 34 ) ، الآية : 8 و 46 .
[15] أي تُسمّونه بهذا الإسم . أو تَسِمُونه بهذه السِمة في استعمالكم المتعارف عندكم .
[16] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 275 ، الصفحة : 47 .
[17] القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 71 ، الصفحة : 136 .
[18] القران الكريم : سورة المجادلة ( 58 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 544 .
[19] القران الكريم : سورة صاد ( 38 ) ، الآية : 41 ، الصفحة : 455 .
[20] القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 83 ، الصفحة : 329 .
[21] راجع : التفسير الكبير : 7 / 89 ؛ و الميزان : 2 / 436 .
[22] القران الكريم : سورة الصافات ( 37 ) ، الآيات : 62 - 66 ، الصفحة : 448 .
[23] معجم مقاييس اللغة : 3 / 234 ـ 235 و 185 .
[24] المفردات : 261 ؛ و لسان العرب : 13 / 238 .
[25] القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 112 ، الصفحة : 142 .
[26] قال الزمخشري : قيل : الشيطان ، حيّة عرفاء لها صورة قبيحة المنظر هائلة جدّاً . الكشاف : 4 / 46 .
[27] راجع : تفسير أبي الفتوح الرازي : 9 / 313 .
[28] العنجرد : المرأة السليطة الطويلة اللسان الصخّابه ، و جاء البيت في تأويل مشكل القرآن : 389 : { عُجيَّز } بدل { عنجرد } . و الحَماط ـ جمع حَماطة ـ شجر تنبت في البراري شبيهة التينة ، تكثر حولها الحيّات . و الأعرف : ذو العرف ، هي اللحمة شبه التاج تكون في أعلى رأس بعض الحيّات مثل تاج الديك ، و هي من أشدّ الحيّات تنفّراً .
[29] المثنى : زمام الناقة . و الحضرمي منسوب إلى حضرموت . و الخِرْوَع : شوك لا يُرعي لغلظته ينبت في الفوات القفر . راجع لسان العرب : 13 / 238 ـ 239؛ و راجع أيضاً : معاني القرآن للفرّاء : 2 / 387 .
[30] تفسير أبي الفتوح الرازي : 9 / 313 .
[31] تأويل مشكل القرآن : 389 . و الأيم ـ بسكون الياء و تشديدها ـ : الحيّة الأبيض اللطيف . و الضالّ : نوع من الشجر ينبت في السهول و الوعور له شوك ، و يقال : هو السد من شجر الشوك ، و ألفه منقلبة عن الياء . و الغَضى : نوع من الشجر يأوي إليه أخبث الذئاب . و الخُلّة : نبات فيه حلاوة . و الحُلَّب : بقلة جعدة غبراء في خضرة تنبسط على الأرض ، يسيل منها اللبن إذا قطع منها شيء . يقال : أسرع الظباء تيس حُلَّب ، لأنّه قد رعى الربيع . و البُرقة : أرض غليظة مختلطة بحجارة و رمل . و يقال : قنفذ برقة كما يقال : ضبّ كُدية ، و هي الأرض الصلبة الغليظة .
[32] تفسير أبي الفتوح الرازي : 9 / 313 .
[33] القران الكريم : سورة النمل ( 27 ) ، الآية : 10 ، الصفحة : 377 .
[34] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 107 ، الصفحة : 164 .
[35] القران الكريم : سورة النمل ( 27 ) ، الآية : 10 ، الصفحة : 377 .
[36] راجع : لسان العرب : 13 / 97 .
[37] القران الكريم : سورة النمل ( 27 ) ، الآية : 9 و 10 ، الصفحة : 377 .
[38] القران الكريم : سورة القصص ( 28 ) ، الآية : 30 و 31 ، الصفحة : 389 .
[39] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 107 ، الصفحة : 164 .
[40] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 117 ، الصفحة : 164 .
[41] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 118 ، الصفحة : 164 .
[42] تفسير أبي الفتوح الرازي : 8 / 378 .
[43] المعجم الزوولوجي : 4 / 71 ـ 73 .
[44] شبهات وردود حول القرآن الكريم : 187 ـ 195 ، تحقيق : مؤسسة التمهيد ، الطبعة الثانية / سنة : 1424 هـ 2003 م ، منشورات ذوي القربى ، قم المقدسة / الجمهورية الاسلامية الإيرانية .
الكاتب : سماحة العلامة الشيخ محمد هادي معرفة رحمه الله
الجن في تعابير القرآن[1]
من الغريب أن نرى بعض الكُتّاب الإسلاميّين يلهجون بما لاكه المستشرقون الأجانب من فرض التعابير الواردة في القرآن بشأن الجنّ ، تعابير مستعارة من العرب توافقاً معهم جَدَلاً كعامل تنفيذ في أوساطهم على سبيل المماشاة ، لا على سبيل الحقيقة المعترَف بها . إذ يبعد اعتراف القرآن بما لا يعترف العلم التجربي بوجوده أو سوف ينتهي إلى إنكاره رأساً . لكن ذلك لا يوهن شأن القرآن بعد أن كان تعبيره بذلك ظاهريّاً ومجاراةً مع القوم . و هكذا تعبيره عن السحر و إصابة العين تعبير ظاهري و ليس على حقيقته .
قالوا : و هذا نظير تأثّره ظاهراً بالنظام الفلكي البطلميوسي و الطبّ الجالينوسي القديمين ، و قد رفضهما العلم الحديث .
قلت : أمّا اعتراف القرآن بوجود الجنّ إلى جنب الإنس و اشتراكهما في الخلق و التكليف و في نهاية المطاف ، فممّا لا يعتريه شكّ ، و لا يسوغ لمسلم يرى من القرآن وحياً من السماء أن يرتاب في ذلك ، فإنّ هناك وراء عالم الشهود كائناتٍ ملكوتية أعلى تُسمّى بالملائكة ، و اُخرى أدنى تُسمّى بالجنّ . الأمر الّذي صرّح به القرآن الكريم بما لا يدع مجالاً للريب فيه أو احتمال التأويل . ﴿ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ ﴾ [2] . ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [3] . و يبدو أنّ خلق الجنّ كان قبل الإنس ، حيث أمر إبليس و كان من الجنّ [4] أن يسجد مع الملائكة لآدم ، بعد أن خلقه من طين فأبى و استكبر و كان من الكافرين [5] .
و أمّا العلم التجربي فلا متّسع له في هذا المجال ، بعد أن كان سلطانه مهيمناً على عالم الحسّ ، و محدوداً بآفاقه من غير أن يمكنه لمس ما وراء ستار الغيب فكيف يجوز له بالنسبة إلى أمرٍ خارجٍ عن سلطانه أن يحكم عليه بنفي أو إثبات أو يجعله موضع رفض أو قبول ؟!
نعم ، هناك لأصحاب المذاهب العقيلة من علماء المسلمين و غيرهم من المعتنقين بوحي السماء كلام عن مدى مقدرة هذا الكائن الغيبي ، و هل له سلطان على التدخّل في شؤون الإنس أو يمسّه بسوء ؟ الأمر الذي أنكروه أشدّ الإنكار ، على خلاف أصحاب التزمّت في الرأي ممّن ركضوا وراء أهل البداوة في التفكير ، و اتّبعوا خرافاتهم الأساطيرية البائدة .
فالاعتراف بوجود الجنّ شيء ، و رفض مقدرتهم على التدخّل في شؤون الإنس شيءٌ آخر ، و الرفض في هذا الأخير لا يستدعي رفضاً في أصل الوجود .
ذهب أصحاب القول بالعدل [6] إلى أنّه لا يجوز في حكمته تعالى أن يتسلّط كائن غيبي على كائن غيبي على كائن عيني فيتلاعب بنفسه و بمقدراته و هو لا يستطيع الذبّ عن نفسه حيث لا يراه . و كلّ ما قيل في مسّ جُنون و ما شابه ، فهو حديث خرافة ومن مزاعم باطلة تفنّده الحكمة الرشيدة . نعم سوى بعض الوساوس ( إيحاءات مُغرية ) يُلقيها شياطين الجنّ على شاكلتها من الإنس ﴿ ... يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ... ﴾ [7] . ﴿ ... وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ ... ﴾ [8] . و يقول الشيطان لمّا قُضي الأمر : ﴿ ... وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم ... ﴾ [9] .
و زعم الإمام الرازي أنّ ظاهر المنقول عن أكثر الفلاسفة إنكار وجود الجنّ ، استناداً إلى كلام الشيخ الرئيس ابن سينا في رسالته في حدود الأشياء ، حيث يقول : الجنّ حيوان هوائي متشكّل بأشكال مختلفة ، و يُعقبّه يقوله : و هذا شرح للاسم . قال الرازي : و هذا يدلّ على أنّ هذا الحدّ شرح للمراد من هذا اللفظ ، و ليس لهذه الحقيقة وجود في الخارج [10] .
و قد أخذت دائرة المعارف الإسلامية المترجمة إلى العربيّة هذا الاستظهار من الرازي مستنداً لتنسب إلى الشيخ الرئيس إنكاره الباتّ لحقيقة الجنّ . جاء فيها : و لكنّ ابن سينا عند تعريفه لكلمة { جنّ } أكّد في غير مؤاربة أنّه ليست هناك حقيقة واقعة وراء هذه الكلمة [11] .
غير أنّ الاستظهار من الرازي خطأ ، و كانت عبارة الشيخ الرئيس تعني : أنّ هذا التعريف للجنّ ليس حدّاً تامّاً ـ حسب مصطلحهم ـ و إنّما هو رسم ناقص لا يعدو شرح الاسم ، كما في قولهم : سعدانة نبت ، إذ ليس فيه ذكرٌ لذاتيّات المعرَّف ( الجنس القريب و الفصل القريب ) ، و من ثمّ فهو تعريف اللوازم و الآثار و ليس بالجنس و الفصل القريبين .
إذن ، فنسبة إنكار حقيقة الجنّ إلى مثل الشيخ الرئيس ـ كبير الفلاسفة الإسلاميّين و من ذوي العقول الراجحة المعتقدة بالإسلام و القرآن ـ جفاءٌ يُشبه الافتراء . و من الغريب أنّ الإمام الرازي يُعقّب ذلك ، بقوله : و أمّا جمهور أرباب الملل و المصدّقين للأنبياء فقد اعترفوا بوجود الجنّ : ياترى أليس شيخ الفلاسفة الإسلامييّن من المصدّقين للأنبياء و لا سيما نبيّ الإسلام و القرآن العظيم ؟!
و بعد ، فإذ لم يَعُد البحث عن حقيقة الجنّ إلى مسألة فلسفية بحتة و لا إلى فرضية علمية محضة ، و إنّما هو إخبار غيبي لا مصدر له سوى وحي السماء ، و قد أكّدت عليه جميع الكتب السماوية و اعتقدته أصحاب الملل ممّن صدّق برسالات الله في الأرض ، من غير خلافٍ بينهم في أصل وجوده ، إذن فلا مجال للتراجع تجاه إيهام أن سوف يرفضه العلم ، مع فرض أن لا متّسع للعلم في هكذا مجالات هي وراء ستار الغيوب!
و للشيخ محمّد عبده كلام تفصيلي حول الملائكة و الجنّ و الشياطين ، له وجهٌ وجيه لمن تدبّره بإمعان . و عبثاً حاول بعضهم الإنكار عليه و ربّما رميه بالخروج عن مظاهر الدين ، و ما هذه الهجمة إلاّ جفاء بشأن عالم مجاهد في سبيل الإسلام خبير [12] .
كلام عن مسّ الجنّ
و أمّا الكلام عن مسّ الجنّ و أنّ الجُنون داءٌ عارض من مسّه فيعالج باللجوء إلى الرُقي و التعويذات و دمدمة الكهنة و أصحاب التسخيرات و ما إلى ذلك من خرافات بائدة . فالذي يمكننا القول فيه : أن ليس في القرآن شيء من ذلك ، حتّى و لا إشارة إليه ، إذ لا شكّ أنّ الجنون داءٌ عصبيّ و له أنحاء . بعضها صالح للعلاج بأسباب عادية ذكرها الأطبّاء في كتبهم قديماً و حديثاً ، و هناك مراكز لمعالجة هذه الأمراض أو التخفيف من وطئتها بالأساليب العلاجية الطبيعية المتعارفة و ليست بالأساليب الغريبة .
و ليس في القرآن ما يبدو منه أنّ صاحب هذا الداء إنّما يُصاب على أثر مسّ الجنّ له . نعم سوى استعماله لهذه اللفظة ( المجنون ) في أحد عشر موضعاً [13] . و كذا التعبير بمن به جِنّة في خمسة مواضع [14] .
و هذا من باب المجاراة في الاستعمال[15] ـ كما نبّهنا ـ حيث كان التفاهم بلسان القوم . و ليس عن اعتراف بمنشأ هذه التسمية اللغوية . و لا يزال الأطبّاء المعالجون ـ قديماً و حديثا ًـ يعبّرون عن المصاب بهذا الداء بالمجنون و عن نفس الداء بالجنون ، مجاراةً مع لغة العامّة ، و لا يعني ذلك اعتقادهم بمسّ الجنّ إيّاه حتميّاً . و تلك دور المجانين معدّة لمعالجة المصابين بهذا الداء أو للحراسة عنهم مرسوم عليها نفس العنوان و ليس إلاّ لأجل التفاهم مع العرف الدارج لا غير .
و أمّا قوله تعالى : ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ... ﴾ [16] فالمراد من المساس هنا هو مسّ وساوسه الخبيثة المغرية ، و التي هي عبارة عن استحواذه على عقلية أهل المطامع ليتيه بهم الدرب و يجعلهم في السعي وراء مطامعهم يتخبّطون خبط عشواء و في غياهب غيّهم يعمهون . و هذا إنّما يعني استيلاء الشيطان على شراشر وجودهم فعموا و صمّوا ﴿ ... كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ ... ﴾ [17] . ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [18] .
قال تعالى ـ حكاية عن نبيّ الله أيّوب ( عليه السَّلام ) ـ : ﴿ ... إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾ [19] . أي مسّني ضرّ وساوسه دسائسه الخبيثة في سبيل إيقاع أولياء الله في النصب و مكابدة الآلام ، كما في قوله : ﴿ ... إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [20] . فمسُّ الشيطان هو مسّ ضرّه على أثر دسائسه الخبيثة ، لا الإضرار مباشرةً [21] .
التشبيه في رؤوس الشياطين
قال تعالى : ﴿ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴾ [22] .
و هذا أيضاً أخذوه على القرآن ، حيث التعبير برؤوس الشياطين جاء على ما توهّمته العرب أنّ للشياطين رؤوساً على غرار ما توهّموه في الغول . جاء في شعر امرئ القيس : { و مسنونة زرق كأنياب أغوال } .
غير أنّ الشيطان في اللغة من أوصاف المبالغة مأخوذ من شاط يشيط إذا اشتدّ غيظاً و غضباً . يقال : تشيّط إذا احترق غيظاً و اشتاط اشتياطاً عليه إذا التهب غضباً . و كذا قولهم : استشاط عليه أي احتدّ عليه غضباً . و استشاط الحَمامُ : نشط . و استشاط من الأمر : خفّ له . و استشاط فلان أي استقتل و عرّض نفسه للقتل . و أصله من شاط الشيء إذا احترق .
قال ابن فارس : الشيط من شاط الشيء إذا احترق . و منه استشاط الرجلُ إذا احتدّ غضباً . قال و من هذا الباب الشيطان [23] . و يطلق على كلّ متمرّدٍِ عاتٍ من الجنّ و الإنس و الدّوابّ ، فهو فعلان ، لتكون الألف و النون زائدتين ، كما في عطشان و غضبان و رحمان . أمّا القول . بأنّه من شطن ليكون على وزان فيعال فهو غريب ، إذ لم يُعهد مثلُ هذا الوزن في صيَغ المبالغة ، وإن قال به الخليل .
و هكذا الراغب رجّح كون النون أصليّة بدليل جمعه على شياطين ![24]
و على أيّ حالٍ فهو وصفٌ يُطلق على كلّ متمرّدٍ عاتٍ بالَغَ في شططه كالمستشيط غَضَباً أو الملتهب غيظاً . قال جرير :
أيّام يدعونني الشيطانَ من غَزَلي *** و هُنَّ يَهْوَيْنَني إذ كنتُ شيطاناً
و قال آخر : لو أنّ شيطان الذئاب العُسَّل . . . قال الراغب : جمع العاسل و هو الذي يضطرب في عدوه ، و اختصّ به عَسَلان الذئب . قال : و سمّي كل خُلُق ذميم للإنسان شيطاناً . فقال ( عليه السَّلام ) : " الحَسَد شيطان و الغَضَب شيطان " . فليس الشيطان اسماً لإبليس و لا خاصّاًَ بجنوده الأبالسة . و إنّما اُطلق عليه كإطلاقه على سائر ذوي الشرور . قال تعالى : ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ ... ﴾ [25] .
و الشيطان ـ أيضاً ـ اسم لحيّتة لها عُرْف ، و هي لحمة مستطيلة فوق رأسها شبه عُرْف الديك قال الزجّاج : تسمّي العرب بعض الحيّات شيطاناً . قيل : هو حيّة لها عُرف بقبيح المنظر [26] . و أنشد الرجل ( هو الراجز )[27] يذمّ امرأةً له كانت سليطة :
عَنْجَرِدٌ تحلف حين أحلف *** كمثل شيطانِ الحَماط أعرَفٌ[28]
و قال آخر يصف ناقته في المسير :
تُلاعبُ مثنى حَضْرميّ كأنَّه *** تَعَمُّجُ شيطانٍ بذي خِرْوَعٍ قفر [29]
و الشيطان في هذين البيتين هي الحيّة المهيبة يُتَنَفَّر منها ، لها عُرف كتاج الديك قبيح المنظر . فقد شبّه الشاعر في البيت الأوّل امرأته العجوز السليطة بشيطان الحماط القبيح المهيب . و هي الحيّة ذات عُرف يكثر وجودها تحت شجر الحماط في الصحراء القاحلة .
و في البيت شبّه الشاعر زمام ناقته في تلوّيه بسبب مشية الناقة بتلوّي حيّة قبيحة الهيئة تلتوي في بيداء قفر [30] .
و عليه ، فالتشبيه في الآية الكريمة وقع على الواقع المشهود ، هي رؤوس الحيّات القبيحة المنظر الهائلة على حدّ تعبير الزمخشري في الكشّاف . و وافقه اللغة و العُرف العامّ حسبما عرفت . و ليس مجّرد تخييل أو تقليد لما توهّمته العرب كما زعمه الزاعمون !
و هكذا جاء في ( تأويل مشكل القرآن ) لابن قتبية قال : و العرب تقول إذا رأت منظراً قبيحاً : كأنّه شيطان الحماط ، يريدون حيّة تأوي في الحماط ، كما تقول : أيمُ الضالّ ، و ذئب الغَضى ، و أرنبُ خُلّة ، و تيسُ حُلَّب ، و قنفذُ بُرقَة [31] .
قال الشيخ أبو الفتوح الرازي : و هذا كتشبيهه تعالى عصا موسى ( عليه السَّلام ) التي انقلبت حيّة تسعى بالجانّ ، و هو أيضاً اسم للحيّة السريعة التلوّي في حركتها [32] .
قال ابن منظور : و الجانّ ، ضرب من الحيّات أكحل العينين يضرب إلى الصُفرة لا يؤذي . و هو كثير في البيوت . قال سيبويه : و الجمع جِنّان ، و أنشد بيت الخطفي جدّ جرير يصف إبلاً :
أعناقَ جِنّانٍ و هاماً رُجَّفا *** و عَنَقاً بعد الرسيم خَيْطَفا
و في الحديث : أنّه نهى عن قتل الجِنّان . قال : هي الحيات تكون في البيوت ، واحدها جانّ ، و هو الدقيق الخفيف .
قال الأزهري في التهذيب في قوله تعالى : ﴿ ... تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ ... ﴾ [33] : الجانّ حيّة بيضاء . قال أبو عمرو : الجانّ حيّة ، و جمعه جوانّ .
قال الزجّاج : المعنى أنّ العصا صارت تتحرّك كما يتحرّك الجانّ حركة خفيفة . قال : و كانت في صورة ثُعبان ، و هو العظيم من الحيّات . و نحو ذلك قال أبو العباس المبّرد . قال : شبّهها في عظمها بالثُعبان و في خفّتها ( خفّة حركتها ) بالجانّ . و لذلك قال تعالى مرّةً ﴿ ... فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴾ [34] و مرّةً ﴿ ... كَأَنَّهَا جَانٌّ ... ﴾ [35] .[36]
قال الشيخ أبو الفتوح الرازي ـ في وجه التشبيه بالجانّ مرّة و بالثعبان اُخرى ـ : إنّ التشبيه الأوّل وقع في بدء بعثته ( عليه السَّلام ) عند الشجرة . قال تعالى في سورة النمل : ﴿ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴾ [37] و في سورة القصص : ﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ﴾ [38] .
أمّا التشبيه بالثعبان فكان عند لقاء فرعون و ملئه ، و قوله لهم : إنّي قد جئتكم ببيّنة ، قالوا : فائتِ بها إن كنت من الصادقين ﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴾ [39] .
و لعلّ عندما ألقى عصاه لأوّل مرّة عند الشجرة كان لَفَت نظره و أرهبه أنّ العصا ـ و هي عودة ـ تتحرّك و تهتزّ كما تسعى الحيّة ، فولّى مدبراً ولم يعقّب .
أمّا الذي أتى به معجزاً و بيّنة من ربّه فهو قلب العصا ثعباناً و هي حيّة عظيمة هائلة ، فاسترهبوه و حاولوا مقابلته بالمثل فجمعوا السحرة و جاؤوا بسحرٍ عظيم . فألقى موسى عصاه ﴿ ... فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ [40] ﴿ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [41].
فالتشبيه بالجانّ مرّة و بالثعبان أخرى كان باعتبارين و في موقفين مختلفين . قال الشيخ الرازي : لا يمتنع أن تنقلب العصا إلى صورتين مختلفتين باختلاف الموردين [42] .
***
و ختاماً ، فقد جاء في المعجم الزوولوجي الحديث تأليف الأستاذ محمّد كاظم الملكي النجفي : أنّ الشيطان أيضاً اسمٌ لنوع من السمك الضخم يبلغ وزنه نحو طنّين يوجد في المياه المحيطة في الشمال الغربي لاستراليا ، له وجهٌ كريه كأنّه صنم من الأصنام القديمة و على رأسه قرنان يزيدان في كراهة منظره [43] [44] .
[1] جاء التعبير بالجنّ في 22 موضعاً . و الجانّ ( جمع الجنّ ) في 7 مواضع . و الجِنّة في 5 مواضع .
[2] القران الكريم : سورة الرحمن ( 55 ) ، الآية : 15 ، الصفحة : 531 .
[3] القران الكريم : سورة الذاريات ( 51 ) ، الآية : 56 ، الصفحة : 523 .
[4] سورة الكهف ( 18 ) ، الآية : 50 .
[5] سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 34 .
[6] راجع في ذلك : التفسير الكبير : 7 / 88 .
[7] القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 112 ، الصفحة : 142 .
[8] القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 121 ، الصفحة : 143 .
[9] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 22 ، الصفحة : 258 .
[10] التفسير الكبير : 30 / 148 .
[11] دائرة المعارف الإسلامية : 7 / 113 .
[12] راجع ماكتبه الشأن في تفسير المنار : 1 / 267 ـ 273 ، و 3 / 96 . و راجع أيضاً : الميزان ، للسيد الطباطبائي : 2 / 433 ـ 439 .
[13] سورة الحجر ( 15 ) ، الآية : 6 ؛ سورة الشعراء ( 26 ) ، الآية : 27 ؛ سورة الصافات ( 37 ) ، الآية : 36 ؛ سورة الدخان ( 44 ) ، الآية : 14 ، سورة الذاريات ( 51 ) ، الآية : 39 ؛ سورة الطور ( 52 ) ، الآية : 29 ؛ سورة القمر ( 54 ) ، الآية : 9 ؛ سورة القلم ( 68 ) ، الآية : 2 و 51 ؛ سورة التكوير ( 81 ) ، الآية : 22 .
[14] سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 184؛ سورة المؤمنون ( 23 ) ، الآية : 25؛ سورة سبإ ( 34 ) ، الآية : 8 و 46 .
[15] أي تُسمّونه بهذا الإسم . أو تَسِمُونه بهذه السِمة في استعمالكم المتعارف عندكم .
[16] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 275 ، الصفحة : 47 .
[17] القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 71 ، الصفحة : 136 .
[18] القران الكريم : سورة المجادلة ( 58 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 544 .
[19] القران الكريم : سورة صاد ( 38 ) ، الآية : 41 ، الصفحة : 455 .
[20] القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 83 ، الصفحة : 329 .
[21] راجع : التفسير الكبير : 7 / 89 ؛ و الميزان : 2 / 436 .
[22] القران الكريم : سورة الصافات ( 37 ) ، الآيات : 62 - 66 ، الصفحة : 448 .
[23] معجم مقاييس اللغة : 3 / 234 ـ 235 و 185 .
[24] المفردات : 261 ؛ و لسان العرب : 13 / 238 .
[25] القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 112 ، الصفحة : 142 .
[26] قال الزمخشري : قيل : الشيطان ، حيّة عرفاء لها صورة قبيحة المنظر هائلة جدّاً . الكشاف : 4 / 46 .
[27] راجع : تفسير أبي الفتوح الرازي : 9 / 313 .
[28] العنجرد : المرأة السليطة الطويلة اللسان الصخّابه ، و جاء البيت في تأويل مشكل القرآن : 389 : { عُجيَّز } بدل { عنجرد } . و الحَماط ـ جمع حَماطة ـ شجر تنبت في البراري شبيهة التينة ، تكثر حولها الحيّات . و الأعرف : ذو العرف ، هي اللحمة شبه التاج تكون في أعلى رأس بعض الحيّات مثل تاج الديك ، و هي من أشدّ الحيّات تنفّراً .
[29] المثنى : زمام الناقة . و الحضرمي منسوب إلى حضرموت . و الخِرْوَع : شوك لا يُرعي لغلظته ينبت في الفوات القفر . راجع لسان العرب : 13 / 238 ـ 239؛ و راجع أيضاً : معاني القرآن للفرّاء : 2 / 387 .
[30] تفسير أبي الفتوح الرازي : 9 / 313 .
[31] تأويل مشكل القرآن : 389 . و الأيم ـ بسكون الياء و تشديدها ـ : الحيّة الأبيض اللطيف . و الضالّ : نوع من الشجر ينبت في السهول و الوعور له شوك ، و يقال : هو السد من شجر الشوك ، و ألفه منقلبة عن الياء . و الغَضى : نوع من الشجر يأوي إليه أخبث الذئاب . و الخُلّة : نبات فيه حلاوة . و الحُلَّب : بقلة جعدة غبراء في خضرة تنبسط على الأرض ، يسيل منها اللبن إذا قطع منها شيء . يقال : أسرع الظباء تيس حُلَّب ، لأنّه قد رعى الربيع . و البُرقة : أرض غليظة مختلطة بحجارة و رمل . و يقال : قنفذ برقة كما يقال : ضبّ كُدية ، و هي الأرض الصلبة الغليظة .
[32] تفسير أبي الفتوح الرازي : 9 / 313 .
[33] القران الكريم : سورة النمل ( 27 ) ، الآية : 10 ، الصفحة : 377 .
[34] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 107 ، الصفحة : 164 .
[35] القران الكريم : سورة النمل ( 27 ) ، الآية : 10 ، الصفحة : 377 .
[36] راجع : لسان العرب : 13 / 97 .
[37] القران الكريم : سورة النمل ( 27 ) ، الآية : 9 و 10 ، الصفحة : 377 .
[38] القران الكريم : سورة القصص ( 28 ) ، الآية : 30 و 31 ، الصفحة : 389 .
[39] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 107 ، الصفحة : 164 .
[40] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 117 ، الصفحة : 164 .
[41] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 118 ، الصفحة : 164 .
[42] تفسير أبي الفتوح الرازي : 8 / 378 .
[43] المعجم الزوولوجي : 4 / 71 ـ 73 .
[44] شبهات وردود حول القرآن الكريم : 187 ـ 195 ، تحقيق : مؤسسة التمهيد ، الطبعة الثانية / سنة : 1424 هـ 2003 م ، منشورات ذوي القربى ، قم المقدسة / الجمهورية الاسلامية الإيرانية .