المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متبنيات المجلس الأعلى تجاه الوطن والمواطن.....


سما المجلسي
11-05-2012, 11:31 AM
قال الله في محكم كتابه العزيز من سورة هود الاية ( 88ــ89 )
بسم الله الرحمن الرحيم
(( قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) وَيَاقَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ .))))
الشراكة الوطنية
من متبنيات المجلس الأعلى تجاه الوطن والمواطن الشراكة الوطنية فالمجلس الأعلى يرى ان العراق بلد تعددي يقطنه أديان وقوميات ومذاهب مختلفة تشكل نسب سكانية متفاوتة ولا يمكن لهذا البلد ان يحكم من توجه سياسي او قومية او ديانة او مذهب فالشراكة الوطنية هي السبيل لحفظ الحقوق واستتباب الأمن والاستقرار.
وقد عمل المجلس الأعلى الإسلامي العراقي على ترسيخ هذا المفهوم في أدبياته منذ التأسيس والى يومنا هذا ففي بدأ سيرته الجهادية عام 1982 ضد النظام المقبور كان يدعوا الى الشراكة الوطنية وهو الكيان الوحيد الذي كان يضم في صفوفه أعضاء من طوائف وقوميات مختلفة حتى في جناحه المسلح ( فيلق بدر)
وبعد سقوط النظام المقبور كان المجلس الأعلى الإسلامي العراقي محور وأساس في بناء العملية السياسية وقد عمد الى أشراك الجميع بغض النظر عن توجهاتهم او قومياتهم او مذاهبهم او أديانهم ولعب السيد عبد العزيز الحكيم دورا مهما في توحيد مواقف العراقيين وجعل من مكتبه خيمة تجمعهم جميعا وتذلل الصعاب وتفكك شراك الأزمات فكان السنة قبل الشيعة يلجئون إليه في إيجاد مخرج لأزماتهم وكذلك الأكراد قبل العرب والمسيح قبل المسلمين .. لقد استطاع عبد العزيز الحكيم ان يحتوي السنة العرب والأكراد من اجل خدمة مشروعه الوطني منطلقا من مبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية التي هي أصل من أصول منهج شهيد المحراب المبارك .
ان قيادة السيد عزيز العراق للمرحلة الصعبة التي أعقبت سقوط النظام كانت مثالا للموقف الوطني المشرف والذي يؤمن بضرورة توزيع الأدوار وإشراك جميع مكونات الشعب العراقي في أدارة البلد السياسية والتنفيذية والتشريعية مهما يكن نسبة تمثيلهم النيابي مع مراعاة حجم الأغلبية التي تمتلك مساحة جماهيرية تعطيها الحق في الحصول على مواقع متقدمة عبر مشاركتها الديمقراطية في انتخابات حرة نزيهة.
والمعروف عن المجلس الأعلى الإسلامي العراقي علاقته المعتدلة ومواقفه المحايدة مع جميع مكونات الشعب العراقي وعدم وجود تقاطع مع احد حتى في اشد الأزمات مما أعطاه المساحة الواسعة لإيجاد مخارج لحل المشاكل التي واجهة عملية التغيير عام 2003 فهو يرى ان الوطن هو وطن الجميع وأرضه بيت لكل العراقيين دون تميز والمواطن له حق على الدولة يجب على كل من يتصدى لأدارتها ان يراه بدون تميز أيضا, وخيرات البلاد هي ملك للجميع وليس حكرا لأحد والشراكة تعني المواطنة وتعني الهوية المشتركة والشريان النابض الذي يغذي روح المحبة والأخوة والتوافق من اجل بناء العراق وإخراجه من دوامة الأزمات بعد ما مضى على خلاصة من الطاغوت أكثر من تسع سنوات جرب العراقيين بها كل السبل من اجل الخروج من الأزمة الأ أنهم لم يجدوا مخرجا أفضل وانسب من مخرج الشراكة الوطنية التي تضمن حقوق الجميع وهي من أهم مباني المجلس الأعلى في بناء الدولة العراقية التي تقدم الخدمة للمواطن والعراقي كعراقي لا على أساس انتمائه القومي والديني والمذهبي, فبالشراكة الوطنية أصبح العراق يمتلك دستوراً دائماً وأصبح تداول السطة سلمياً عبر صناديق الاقتراع .
تعميق سياسة الانفتاح
في الحلقة الثانية نتعرض بالشرح الى تبني المجلس الأعلى الإسلامي العراقي تعميق سياسة الانفتاح كواحدة من متبنياته تجاه الوطن والمواطن وهذا المبدأ يمهد له مبدأ الشراكة الوطنية فلا يمكن ان يكون انفتاح بدون تأصيل مبدأ الشراكة ولا يمكن ان تكون شراكة بدون انفتاح على شرائح المجتمع المختلفة بغض النظر عن دياناتهم او مذاهبهم او قومياتهم, فالانفتاح يعني ان يكون المواطن العراقي في دائرة الاهتمام وعنصر انتماء الى الحزب او الحركة او الكيان فالكيان الذي يمتلك قاعدة جماهيرية متعددة يمكنه ان يحصل على ثقة الناس في بناء الدولة لبلد تعددي لا يمكن ان تحكمه فئة او طائفة او دين او قومية .
ان الانفتاح في ثقافة منهج المجلس الأعلى الإسلامي العراقي يعني ان باب العضوية مفتوح أمام السني قبل الشيعي والكردي قبل العربي والمسيحي قبل المسلم المهم ان يكون العضو مؤمناً بالأهداف التي على أساسها يتحرك المجلس الأعلى ومن أهمها بناء دولة المواطن, ولم يكن مبدأ تعميق سياسة الانفتاح وليد الساعة او وليد ظروف ما بعد سقوط النظام ولكن هو أصل من الأصول التي نشأ وترعرع عليها المجلس الأعلى منذ التأسيس قبل تسعة وعشرين عاما, فقد سعى الى لم شمل المعارضة العراقية ودعي كل قواها السياسية في المهجر الى الانضواء تحت خيمة المجلس ولم يكتفي بذلك بل تعدى الى ما هو أوسع عندما عقد مؤتمر لندن ومؤتمر اربيل حيث شاركت فيه كل القوى الوطنية الرافضة للنظام المقبور, إما بعد سقوط الطاغوت فكانت حركة المجلس الأعلى التنظيمية تعتمد مبدأ المواطنة لا الفئوية ولا المذهبية ولا القومية وهو الكيان السياسي الوحيد الذي لديه أعضاء في جميع محافظات العراق الغربية والشمالية بالإضافة الى الجنوبية والفرات الأوسط وفي بغداد ودي الى ولا يوجد لدى المجلس الأعلى اي تحفظ على التحالف مع الأكراد او السنة العرب او مكونات الشعب العراقي الأخرى.
ان حالة الانفتاح التي تميز بها المجلس الأعلى الإسلامي العراقي كانت سببا في نجاح العملية الساسية والخروج من الأزمات التي عصفت بالبلد من جراء الضرب على الوتر الطائفي والقومي والعرقي من قبل أعداء العملية السياسية ولم تقتصر سياسة الانفتاح في حركة المجلس الأعلى على داخل العراق فقط فالمجلس الأعلى يتميز بوجود علاقات مع الدول الإقليمية والدول الغربية ودول الاتحاد الأوربي وتعدت هذه العلاقة مع كوريا والصين فلا يوجد خط احمر في بناء منظومة العلاقات على اي دولة إلا إسرائيل كونها اغتصبت حق المسلمين وارثهم الديني وأرضهم المقدسة وكذلك من يفكر في النيل من وحدة وسيادة العراق.
ان أمريكا وحلفاءها لم تخرج من العراق إلا بعد ان اقتنعت بأنه سوف لن يعود الى المربع الأول قبل عملية التغيير ويعود الفضل بذلك الى أيمان المجلس الأعلى بالشراكة الوطنية أولا وبتعميق سياسة الانفتاح ثانيا فقد أعطى المجلس الأعلى الإسلامي العراقي رسالة واضحة في قدرته على الدفاع عن المشروع الديمقراطي وأضفاء سمة الوطنية عليه على خلاف مبادئ الذين يدعون الى الطائفة والقومية والدينية .
ان استمرار قيادة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم في الانفتاح والتواصل مع أبناء الشعب العراقي بكافة الوانة سيؤصل روح الوطنية لدى جميع العراقيين وهي رسالة الى كل من يحاول قتل هذه الروح التي تضمن الحياة الحرة الكريمة ليجمع العراقيين .
التواصل مع الأمة
ومن متبنيات المجلس الأعلى الأسلامي العراقي التواصل مع الأمة وخصوصا شرائح المجتمع المختلفة التي تشكل النسيج العراقي الملون, ويعتبر مبدأ التواصل مع الأمة واحد من المبادئ التي لاقت اهتمام واسع من المرجع الكبير اية الله العظمى السيد محسن الحكيم ( قدس ) فقد كان المرجع الكبير يتميز عن بقية المراجع باهتمامه بالناس ومحاولة أيجاد قنوات تواصل معهم من خلال نشر وكلائه في كل بقاع ارض العراق وخصوصا المناطق الفقيرة وفتح مكتبات في كل أنحاءه , وورث هذا التوجه والمنهج منه أولاده عائلة ال الحكيم العلمائية فتأثيرهم على الناس وتعلق الناس بهم جعل النظام يشعر بالخطر مما دفعه على ارتكاب جريمة نكراء بحق هذه العائلة الكريمة واعدم عدد كبير من رجالاتها وهم ممن يعدون جهابذة العلم المعرفة , وكان شهيد المحراب الخالد السيد محمد باقر الحكيم في تواصل دائم مع الناس وقريب على همومهم ومشاكلهم وهو الذي ابتلى بتصديه للدفاع عن مظلومية الشعب العراقي وقد كان ينظم برامج لزيارة العراقيين في المهجر والتواصل معهم وشرح أبعاد مشروعه التغييري لإسقاط النظام ورفع الحيف عن الشعب العراقي المظلوم وكان له ملتقى ثقافي كل اربعاء يلتقي فيه شرائح مختلفة من الناس ويقدم لهم بحوثه القيمة في المجالات المختلفة المذهبية والأخلاقية والأجتماعية وقد ركز السيد محمد باقر الحكيم (قدس) في نظريته في بناء الجماعة الصالحة على التواصل مع الجماهير وحدد مهمة تنظيمات المجلس الأعلى الأسلامي العراقي في حيزين الأول تعبئة الأمة وهذا يعني التواصل معها والثاني امن الأمة لأنه كان يتوقع ان يتعرض العراق الى هجمة مضادة كردة فعل من قبل اعداء التغيير.
وقد واصل السيد عبد العزيز الحكيم طريق الأرتباط والتواصل مع الأمة وكان مكتبه ببغداد يعج بالوفود ذهابا وايابا على مدار اليوم وكان بين فترة وأخرى ينظم برامج لزيارة المحافظات العراقية والأطلاع على واقع الناس عن قرب رغم المخاطر الكبيرة التي كانت تواجه حركته وخصوصا في فترة الأنتخابات وبالأخص عامي ( 2005 - 2006 ) ولم تثنيه عن لقاء الجماهير هجمة الأرهاب الشرسة واعلانها استهدافه شخصياً للحد من حركته.. وبعد رحيل عبد العزيز الحكيم (رض) احيا سماحة السيد عمار الحكيم هذه السنة واعاد الحياة للملتقى الثقافي في كل اربعاء وهو المنبر الذي يعتبر من أفضل ادوات التواصل المباشر والغير مباشر وكذلك زياراته المتكررة الى محافظات العراق واقضيتها ونواحيها في شماله وجنوبه وغربه ووسطه , ان الصفة الأبرز في شخصية السيد عمار الحكيم هي المقبولية والمحبة في قلوب العراقيين على مختلف توجهاتهم وقومياتهم ومذاهبهم وبيانه وبلاغته العالية في التعبير عن مشاعر الناس وأحاسيسهم وهمومهم وقد جعل قضية الأهتمام بهموم المواطن اولى اولويات ومن أدبيات كوادر المجلس الأعلى وحثّهم للعمل على الانتشار في المناطق من اجل تقديم الخدمة للناس وكلا من موقعه وامكانيته وسمى كتلته النيابية كتلة المواطن وركز في مشروعه السياسي على الوطن والمواطن فاصبح التواصل قانون ثابت من قوانين متبنيات المجلس الأعلى الأسلامي العراقي.
ان مبدأ التواصل مع الأمة وتوعيتها على مواجهة التحديات والمشاركة الفعلية في ميادين السياسة وبالخصوص المشاركة الفاعلة في الأنتخابات والحفاظ على منجزات العملية السياسية من الصفات التي تميزت بها قيادة وتنظيمات المجلس الأعلى الأسلامي العراقي وهي أحدا أهم مبانيه تجاه الوطن والمواطن.
تجذير الوحدة الوطنية
من متبنيات المجلس الاعلى الاسلامي العراقي تجاه الوطن والمواطن مبدأ تجذير الوحدة الوطنية التي تضمن عدم انفراط عقد التعددية واختلاف القوميات والأديان والمذاهب التي يتميز بها العراق .. ان قيادة المجلس الاعلى الاسلامي العراقي ومنذ شروعها بالكفاح ضد النظام الدكتاتوري المستبد عمدت الى جعل الوحدة الوطنية الاطار العام لتحركها السياسي والاجتماعي والتنظيمي وهذا التوجه اسسه مرجع الطائفة السيد محسن الحكيم (قدس) فنعدما اصدر فتوته الشهيرة ( حرمة قتال الاكراد ) كان ينطلق من منطلق ايمانه بأن الاكراد هم جزء لايتجزأ من الوطن الكبير العراق وان الصراع الدائر في حينها لم يكن إلا صراع من اجل السلطة ودفاعه عن الشعب الكردي السني وهو المرجع الشيعي يعني تجذير لوحدة الوطن وحماية المواطن, ولم يتخطى هذا المنهج السيد محمد باقر الحكيم (قدس) بل عمل على تأصيله من خلال حركته للملمت الشمل العراقي للخلاص من الطاغوت ودعوته لجميع فصائل المعارضة للانضمام الى المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وكان يدعم الاجتماعات والمؤتمرات التي يجتمع بها العراقيين بباقة وردهم الملونة .
ولعل من ابرز قيادات تيار شهيد المحراب التي ساهمت في تجذير الوحدة الوطنية سماحة الفقيد عزيز العراق (رض) فلولا صبره وتحمله وحكمته وحفظه التوازن الوطني والوحدة الوطنية لما استطاعت القوى السياسية مقاومة الهجمة الشرسة التي استهدفت الوحدة الوطنية العراقية من خلال الضرب على الوتر القومي والمذهبي وكان خطابه السياسي موجه لكل العراقيين ولم يتحرك بإطار الحزب او الفئة او القومية او المذهب بل كانت حركته على اساس الوطنية التي يعتبرها صمام امان لمواجهة التحرك المشبوه من قبل شخصيات او جهات سياسية تدفعها اجندة خارجية تحركها المصالح والإطماع بخيرات ألعراق وقد سعى جاداً في تغيير المعادلة الظالمة وإنصاف المظلومين من دون النظر الى توجهاتهم ومعتقداتهم بل كان يؤكد على على ان العراق وطن واحد وخيره للجميع واستهدافه يعني استهداف الجميع ويعتبر الهوية الاساسية لكل العراقيين هي هوية الوطن لاهوية العرق او الدين والدليل عندما انتقل الى بارئه الاعلى شيعه الملايين وأقيمت له مجالس العزاء في كل انحاء الوطن كون محبته تجذرت في قلوب العراقيين كما افنى عمره في تجذير الوحدتهم الوطنية وسماحة السيد عمار الحكيم سار على خطى سلفه الصالح وأرسى دعائم منهجهم القويم ولم يحيد ولو بخطوة واحدة عن مبدأ تجذير الوحدة الوطنية بل عمل على تعميق العلاقة بينه وبين مكونات الشعب العراقي من خلال خطابه السياسي المتحضر الذي يؤمن بضرورة تصفير الخلافات وتجنب الازمات والانطلاق لبناء العراق من منطلق توزيع الادوار والمهام وإشراك الجميع وعدم اقصاء اي فئة من فئات الشعب العراقي مهما كان حجمها ولعلنا نلاحظ ان السيد عمار الحكيم حتى في زياراته المكوكية الى المحافظات وإطلاعه على احوال المواطنين وسماعه شكواهم وهمومهم عن قرب لم يستثني محافظة من المحافظات بل زارها جميعاً وفي احلك الظروف الامنية الغير مستقرة ونقل هموم واحتياجات المواطنين الى اعلى الجهات التنفيذية في البلد للبحث عن علاج ولم يفكر في هوية وقومية ومذهب من يطالب لهم بالحقوق بل كان ينظر الى عراقيتهم ووطنيتهم وحقهم بالعيش الرغيد على ارضهم وارض اجدادهم .
ان تجذير الروح الوطنية هي الاساس في الخروج من الازمات وحل الخلافات وتوزيع الادوار والمهام وهذا مالم تستطع القيادات العراقية ادراكه وبقي المجلس الفاعل الاسلامي متمسكاً بهذا المبدأ كمبنى اساس من متبنياته تجاه الوطن والمواطن .
التواون الاجتماعي في بناء الدولة
ومن متبنيات المجلس الأعلى التوازن الأجتماعي في بناء الدولة وهو موضوع يرتب ارتباط وثيق في المباني الأربعة التي شرحناها سلفا فعندما نريد ان نخلق توازن في بناء الدولة العراقية نحتاج الى مبدأ الشراكة الحقيقية وتعميق سياسة الانفتاح والتواصل مع الامة وتجذير الوحدة الوطنية لان التوازن في بناء الدولة يحتاج الى النظر بعين الأعتبار الى كون العراق بلد تعددي فيه قوميات واديان ومذاهب مختلفة ولو رجعنا الى الوراء لوجدنا ان النظام البائد اعتمد على فئة ومذهب معين في بناء الدولة وهمش وأقصى الآخرين وطاردهم وأذلهم وجعلهم أعداء له ولحكومته مما اخل بالتوازن الاجتماعي وبدل من ان يجعل من العراق ميدان للبناء والأعمار جعله جبهتين جبهة مترفة ومعززة لأنها تنقاد لرغباته وسياسته الرعناء وأخرى مظلومة ومضطهدة وتشعر بالتهميش والإقصاء مما دفعها الى المعارضة ومحاولة الخلاص من كابوس الحكم الشمولي الدكتاتوري .. أذن التوازن الأجتماعي في بناء الدولة اساسي في معالجة ما أفسده النظام السابق ويعيد للعراقيين ثقتهم بأنفسهم وارتباطهم بأرضهم وشعورهم بالمواطنة مما يجعلهم جميعا أجزاء متجانسة يتكون منها هذا الوطن الواحد.
ان احترام عادات وتقاليد وقوميات واديان ومذاهب العراقيين كلا حسب لونه وتوجهاته هو الكفيل ببناء دولة متكاملة متوازنة همها الوحيد تقديم الخدمات للمواطنين , وان الحفاظ على خصوصيات الشعب العراقي واعتماد مبدأ تبادل الأدوار وتوزيع الاستحقاقات حسب الأولوية دون النظر الى التقسيم الجغرافي او المذهبي او القومي كفيل في استقرار الأوضاع الأمنية وتقوية الأواصر الاجتماعية مما يجعل من فرصة نمو الخلايا الإرهابية ضعيف جدا وبالتالي ينمي الاقتصاد ويتيح فرص كبيرة للبناء والأعمار لأن التوازن الاجتماعي يقابله تقوية أواصر الوحدة الوطنية والشعور بالمسؤولية تجاه الوطن مما يساهم في بناء الدولة .
ان من أهم خصائص التوازن في بناء الدولة انه يجعل العراقيون يركزون على حماية بلدهم وأعماره والحفاظ على أمنه واستقراره والعكس يجعلهم يركزون على حماية أنفسهم والدفاع عن إثبات وجودهم القومي او المذهبي مما يحول دائرة الصراع الى داخل البلد وهذا الأمر يجعل عملية بناءه وأعماره وإعادته الى الصف الإقليمي والدولي علمية صعبة جدا ويجعله ضعيفا وغير قادر الى التصدي للأطماع والأجندة الخارجية .
ان المجلس الأعلى الإسلامي العراقي جعل من مبدأ التوازن الاجتماعي في بناء الدولة ركن أساسي من أركان مشروع بناء دولة المواطن ويسعى الى الوصول للسلطة لتحقيق ذلك الهدف الذي قدم من اجله قرابين وضحايا وشهداء إبرار عانقوا الحور العين وعيونهم تنظر الى العراق بحسرة وألم حيث لم يستطع السياسيين فهم هذا المبدأ او العمل به وتاهوا في غياهب الصراع السياسي من اجل السلطة لا من اجل بناء الدولة.
توسيع صلاحيات مجالس المحافظات
توسيع صلاحيات مجالس المحافظات متبنى آخر من متبنيات المجلس الأعلى الإسلامي العراقي تجاه الوطن والمواطن فهو يؤمن ان حصر مركز القرار بيد الحكومة الاتحادية يعرقل مسيرة الأعمار والبناء في المحافظات وبما ان ( أهل مكة أدرى بشعبها ) فان القيادة التنفيذية والتشريعية في المحافظة تستطيع تشخيص حاجة المحافظة للمشاريع الخدمية ومشاريع البني التحتية لذلك توسيع صلاحياتها يعطيها الفرصة الكافية لاستثمار خبرات المحافظة ومنابعها الطبيعية وما تحصل عليه من الحكومة الاتحادية لتنفقه دون قيود على أولويات مصالح المحافظة .
والمجلس الأعلى هو صاحب مشروع البترو خمسة دولار للمحافظات الغنية بالنفط والذي تحول الى بترو دولار واحد وعلى رغم قلة التخصيص من صادرات النفط للمحافظة فقد ساهمت هذه الخطوة في انجاز مشاريع حيوية وبني تحتية مهمة تصب في مصب خدمة أهاليها .
ان توسيع صلاحيات مجالس المحافظات هي البديل المثالي لمشروع الفدرالية الإدارية فكلما ابتعدنا عن المركزية كلما اقتربنا من التنمية والأعمار وفتح مجال أمام الإدارات المحلية لتنفيذ مشاريع حيوية وإستراتيجية تعود بالفائدة على أهالي محافظتهم .
ان أهمية مشروع توسيع صلاحيات مجالس المحافظات تكمن في دعم البرلمان المصغر في المحافظة والذي لديه اطلاع على واقع احتياجاتها وعدم تقييدها بروتين المركز المقيت الذي يعطل عجلة البناء والأعمار, ان توسيع صلاحيات مجالس المحافظات يرفع الثقل الكبير الذي تولده مطالب تلك المحافظات عن كاهل الحكومة المركزية ويعطيها دور الرقيب والموجه من دون التيه في تفاصيل الأمور مما يجعلها غير قادرة على السير بخطة سريعة في انجاز وتوفير تلك المطالب, ان عملية توسيع الصلاحيات تعطي فرصة لقيادة المحافظة لاختبار قدرتهم على إدارتها وتصنع قيادات مستقبلية ذات خبرة عملية تصلح لقيادة البلد وتوفر البدائل المناسبة لسد الفراغات القيادية التي يحتاجها العراق كلما سارت عجلة الأعمار والبناء الى الأمام .
دعم مسار الدولة
واحد من أهم متبنيات المجلس الأعلى الإسلامي العراقي تجاه الوطن والمواطن دعم مسار الدولة بغض النظر كون الدولة حكومتها بيده أم بيد غيره من المنافسين والشركاء .. او كان شريكا بها أم لم يكن المهم ان تحقق الدولة الهدف الذي ينشده المجلس الأعلى في مشاركته في العملية السياسية ونضاله ضد النظام البائد وهو خدمة المواطن العراقي وإخراجه من دوامة الأزمات والحروب وبناء البلد على أسس علمية صحيحة ومكافحة الفساد الإداري والمالي والحفاظ على امن واستقرار المواطنين وسلوك أفضل السبل من اجل رفاهية وسعادة العراقيين التي حرموا منها على مدى أكثر من قرن بسبب تعاقب الحكومات المتخلفة ذات الارتباط بالأجنبي.
ان المجلس الأعلى الإسلامي العراقي دأب ومنذ الشروع في مسيرة العلمية السياسية بعد (9/4/2003) على تأسيس نظام سياسي ديمقراطي يحفظ حقوق جميع العراقيين ويعطيهم الحرية الكاملة في التعبير عن الرأي واحترام جميع نتائج الانتخابات التي تمخض عنها تشكيل الحكومة ومعروف عنه انه قدم الكثير في التنازلات من اجل دفع عجلة العملية السياسية الى الأمام ومن أولى أولوياته دعم مسار الدولة شريطة ان يكون مسارها صحيحا يصب في مصلحة العراق ويساهم في البناء والأعمار وتوزيع الحقوق والاستحقاقات بشكل عادل يحافظ على وحدة شعب وارض العراق الحبيب .
ان قيادة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ورغم تحفظها على وصول قيادات لم تنجح تجربتها في إدارة البلد إلا أنها بقيت تدعم وبقوة كل الخطوات التي تخطوها الحكومة والتي فيها خدمة للمواطنين وتقف بقوة إمام كل الخروق والانتهاكات التي تقوم بها السلطة التنفيذية وكانت تسعى وبجدية الى حث جميع الكتل السياسية رغم اختلافاتها على دعم مسار الدولة مادامت الدولة تحفظ حق الجميع في مشاركته في البناء والأعمار والحصول على المكتسبات وفق ما يكفله القانون والدستور الدائم للعراق .
ان دعم مسار الدولة سمة تميز بها الخطاب السياسي لقيادة المجلس الأعلى وخط ثابت لم يتغير رغم كل الضغوطات السياسية التي تعرض لها ورغم سياسة الإقصاء والتهميش التي مورست ضده من قبل شركائه الذين وقف معهم مواقف مشرفة وساهم بشكل مباشر في وصولهم الى دفة الحكم والسلطة ولم يمنعه ذلك من ذكر محاسن أداء السلطة وبنفس الوقت الحث على إصلاح أخطائها التي أصبحت جسيمة قد تؤدي بالبلد الى الهاوية بعدما قدم العراقيين التضحيات الجسام للخروج من دوامة الحرب الطائفية وصراعه المرير خلال تسعة سنوات من عمر العملية السياسية ضد ا يتام النظام السابق وضد الأجندة الخارجية التي تريد للعراق ان يكون ضعيفا من اجل ان تتسع رقعة نفوذها في المنطقة لما يملكه العراق من موقع استراتيجي في المنطقة الإقليمية وفي منطقة الشرق الأوسط.
ان سياسة دعم مسار الدولة التي أنتجها المجلس الأعلى هي التي ساعدت على حفظ التوازن وعدم سقوط النظام السياسي وقطعت الطريق إمام من يتصيد بماء السياسة العكر وكذلك ساعدت على تخفيف الاحتقان الحاصل بين الكتل السياسية وصراعها على السلطة وتقريب وجهات نظرها للخروج من الأزمة ودفعتها الى التفكير بالمصلحة العامة قبل مصالحها الحزبية والفئوية والشخصية .
ورغم كل ما تعرض له المجلس الأعلى من محاولة إبعاده عن واجهه السياسة إلا انه بقي محافظا على دوره المحوري وساعدت رحلات قيادته المكوكية الى الدول العربية والإقليمية في دعم مسار الدولة والدفاع عن مكتسبات العملية السياسية سعياً منها لتحقيق الهدف.
انجاز السيادة والاستقلال
السيادة والاستقلال هدف سامي واساسي في منهج ومتبنيات المجلس الأعلى وقد سعى الى تحقيقه منذ شروع في علمية الكفاح المسلح ضد النظام المقبور ولم تكن مشاركته في العملية السياسية بعد سقوط النظام الا عن قناعة ووعي ان هذه العملية سوف تؤدي بالنتيجة الى انجاز السيادة والاستقلال وعندما سؤل شهيد المحراب الخالد عن سبب مشاركته في مشروع التغيير الأمريكي قال ( ان الأمريكان شريك واقعي وليس شرعي ) وهذا يعني ان السيد الحكيم كان يقدر مصلحة وجود الأمريكان كامر واقع لا بد منه وفي نفس الوقت كان يعمل على اقناع القاعدة الجماهيرية التي انهكتها سياسة النظام البائد وجعلتها ترضى بالحلول التي تخلصها من براثن نظام البعث المقبور حتى لو كان ذلك على حساب السيادة وكان يعمل على إقناعها بان الأمريكان شريك غير شرعي ويحتاج الى تظافر الجهود من اجل خروجه من العراق بالطرق الدبلوماسية التي تحقن دماء العراقيين ولو دخل السيد الحكيم وإتباعه في مواجهه الأمريكان في وقتها لأريقت دماء كثيرة من دون الوصول الى نتيجة لعدم تكافئ ميزان القوة بين العراق وأمريكا.. وعندما سؤل عزيز العراق (رض) عن تعريفه للوجود الأمريكي قال ( لو كان احد يمتلك القوة طلب ملك ان تعطيه غرفة في بتنك او تعطيه البيت كله ماذا كنت تصنع ؟ قطعا كنت تعطيه غرفة واحدة ومن ثم تتفاوض معه عليها إما تخرجه منه بطريقة سلمية او تستعيد قوتك وتخرجه من بيتك بالقوة ) وهذا ما حصل فعلا في موضوع الاحتلال الأمريكي فقد استطاع السيد عبد العزيز الحكيم بحكمته وكياسته ان يقطع جميع الطرق إمام من أراد ان يشعل فتيل أزمة بين الكتل السياسية والقوات الأمريكية وكان دائما يطالب بخروج الأمريكان بالطرق السلمية وكان يرفض رفض قاطع من يرفع شعار المقاومة المسلحة لأنه كان يعي جيدا أنها غير مجدية والتاريخ شاهد على ان من تبنى نظرية المقاومة المسلحة هوالذي ساعد على بقاء قوات الاحتلال فترة أطول والدليل ان جميع من كان يدعي المقاومة المسلحة هي الحل في خروج القوات الأمريكية من العراق عاد وصفق وهلل بعد خروج الأمريكان من العراق وفق اتفاقية دولية سلمية لم تكلف العراقيين سوى صبرهم وتحملهم بعد ان تحقق السيادة الكاملة من دون إراقة الدماء وبالطرق الدبلوماسية .. وانتصرت الدبلوماسية على أفواه المدافع التي كانت تضر بالمواطن العراقي أكثر من ضررها بقوات الاحتلال .
ان الاتفاقية الأمنية التي أبرمت بين العراق وأمريكا والتي على أثرها خرجت القوات الأمريكية من العراق كان لقيادة المجلس الأعلى المتمثلة بالسيد عبد العزيز الحكيم الدور الفاعل في انجازها وإقناع جميع الأطراف بضرورة الألتزام بها وعدم التعرض للقوات الأمريكية حتى يتم تطبيقها على ارض الواقع لكي لا نعطي للمحتل ذريعة وسبب للبقاء أطول فترة ممكنه وهناك حقيقة يجب ذكرها في هذا المقام وهي ان الذي ساعد على بقاء المحتل أطول فترة ممكنة هم الذين رفعوا شعار المقاومة الزائف وما ان توقفت العمليات التي تستهدف القوات الأمريكية أصبح الأمريكان إمام الأمرالواقع في ضرورة تطبيق الاتفاقية الأمنية والخروج من العراق بالوقت الذي حددته الاتفاقية .
ولا زال المجلس الأعلى يسعى الى انجاز السيادة والاستقلال الكامل وإقناع الدول الإقليمية والعالمية للمساعدة في خروج العراق من البند السابع الأممي لكي يعود العراق الى مصاف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وهو شامخ يشق طريقه الى البناء والأعمار والازدهار ورفاهية المواطن العراقي والذي يعتبر هو الأساس في المعادلة بناء الدولة , ان المتبنيات الثمانية التي ذكرناها في هذا البحث المقتضب عن مشروع المجلس الأعلى الإسلامي العراقي تجاه الوطن والمواطن هي كفيلة بخروج العراق من دوامة الأزمة الداخلية والتي تجعله قويا للوقوف بوجه الأعداء في الداخل والخارج والمجلس الأعلى يسعى الى تحقيقها من خلال بناء علاقات وطنية حميمة مع الجميع وكذلك بناء علاقات إقليمية ودولية وتوعية الشارع العراقي على اختيار الأصلح في الانتخابات البرلمانية, ان المجلس الأعلى الإسلامي العراقي يسعى من خلال تحقيق هذه المباني الى الحصول على أصوات اكبر عدد ممكن من الناخبين لكي يكون مؤهلا لقيادة القرار التشريعي ومن ثم قيادة القرار التنفيذي وهو السبيل الى تطبيقها على ارض الواقع والخيار يبقى أولا وأخرا بيد الناخب العراقي ....