العمامة السوداء
29-05-2012, 03:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد ، وعجل فرجهم ، العن عدوهم يا كريم ؛ وبعد ...
إن عدالة الصحابة من المسائل التى طال النقاش فيها بين علماء الإمامية – أنار الله برهانهم – وأهل السنة ، ونظراً لأن نقاش تلك المسألة يستلزم منا الإحاطة بجميع جوانبها ، وهو ماليس محل الكلام عنه ههنا إذ أن محل الكلام هنا واقع حول هذه النظرية وما أحدثته من تناقضات !!!
جاء في [ الإصابة في تميير الصحابة : ج1 ص164 ] ما نصه : " فمن ذلك ما قرأت في كتاب «أخبار الخوارج» تأليف محمد بن قدامة المروزي بخط بعض من سمعه منه في سنة سبع وأربعين ومائتين، قال: حدثنا علي بن الجعد، حدثنا زهير- هو الجعفي- عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي، قال: كنت عند أبي سعيد الخدريّ، وقرأت على أبي الحسن علي بن أحمد المرادي بدمشق ، عن زينب بنت الكمال سماعا، عن يحيى بن القميرة، إجازة، عن شهدة الكاتبة سماعا. قالت:
أخبرنا الحسين بن أحمد بن طلحة، أخبرنا أبو عمر بن مهدي، حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب، حدثنا جدي يعقوب بن شيبة. حدثنا محمد بن سعيد القزويني أبو سعيد، حدثنا أبو خيثمة زهير بن معاوية الجعفي، عن الأسود- يعني ابن قيس- عن نبيح- يعني العنزي- عن أبي سعيد الخدريّ، قال: كنا عنده وهو متّكئ، فذكرنا عليا ومعاوية، فتناول رجل معاوية، فاستوى أبو سعيد الخدريّ جالسا، ثم قال: كنا ننزل رفاقا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فكنّا في رفقة فيها أبو بكر، فنزلنا على أهل أبيات، وفيهم امرأة حبلى، ومعنا رجل من أهل البادية، فقال للمرأة الحامل: أيسرّك أن تلدي غلاما؟ قالت: نعم. قال: إن أعطيتني شاة ولدت غلاما.
فأعطته. فسجع لها أسجاعا، ثم عمد إلى الشاة فذبحها وطبخها، وجلسنا نأكل منها، ومعنا أبو بكر، فلما علم بالقصة قام فتقيّأ كل شيء أكل. قال: ثم رأيت ذلك البدويّ أتي به عمر بن الخطاب وقد هجا الأنصار، فقال لهم عمر: لولا أن له صحبة من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ما أدري ما نال فيها [ لكفيتكموه ] ولكن له صحبة من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم.]
قلتُ : علّق الحافظ ! ابن حجر العسقلاني قائلاً : " لفظ عليّ بن الجعد: ورجال هذا الحديث ثقات، وقد توقف عمر رضي اللَّه عنه عن معاتبته فضلا عن معاقبته. لكونه علم أنه لقي النبي صلّى اللَّه عليه وسلم.وفي ذلك أبين شاهد على أنهم كانوا يعتقدون أنّ شأن الصحبة لا يعدله شيء.كما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدريّ من قوله صلّى اللَّه عليه وسلم: «والّذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه ..... إلخ "
والحاصل : مما تقدم نستخلص أنّ :
1- عمر لم يعاقب ذلك البدوي لعلمه بأنّه من أصحاب رسول الله ، وهذا كفيل بإسقاط العقاب عنه.
2- إذا نال صحابي من آخر يشاركه في مرتبة الصحبة فلا يستحق أي أحد منهما العقاب لتحقق الصحبة فيهما ، وأما غير الصحابي فلو إستنقص أحداً من الصحابة فهو كافر زنيق – كما يصرح أبو زرعة الرازي – .
ونكمل مع الحافظ !! في كتابه إلى أن نصل إلى [ الإصابة : ج4 ص252 ] حيث جاء : " وقال العلائيّ، عن مصعب: كان عبد الرحمن شاعرا هجاء، فبلغ عثمان أنه هجاه بالأبيات التي يقول فيها:
أحلف باللَّه ربّ العباد ... ما خلق اللَّه شيئا سدى «1»
[المتقارب] وفي رواية: جهد اليمين، بدل رب العباد.
ولكن خلقت لنا فتنة ... لكي نبتلى بك أو تبتلى
دعوت الطّريد فأدنيته ... خلافا لما سنّه المصطفى
ومالا أتاك به الأشعريّ ... من الفيء أعطيته من دنا
وإنّ الأمينين قد بيّنا ... منار الطّريق عليه الهدى «2»
[المتقارب] فأمر به فحبس بخيبر.
وأنشد المرزباني في معجم الشعراء أنه قال، وهو في السجن:
إلى اللَّه أشكو لا إلى النّاس ما عدا ... أبا حسن غلّا شديدا أكابده
بخيبر في قعر الغموض كأنّها ... جوانب قبر أعمق اللّحد لاحده
أإن قلت حقّا أو نشدت أمانة ... قتلت! فمن للحقّ إن مات ناشده «3»
[الطويل] وقيل: إن عليا كلّم عثمان فيه فأطلقه، وشهد هو الجمل مع عليّ ثم صفّين فقتل بها."
قلتُ : الظاهر أنّ الحافظ ! ابن حجر العسقلاني لم يوفق في مقالته التى تضمنت أنّ عمر لم يعاتب البدوي فضلاً عن عقابه لأنه قد علم أنه كان صحابي !!
والآن سؤال بديهي يطرحه العقل ؛ هل إلتزم الخليفة ! عثمان بالقاعدة التى قال بها ابن حجر والتى استخلصها من قصة عمر بن الخطاب ؟!
إن كان الجواب : نعم ، فالمجيب كاذب لما تقدم من بيان المفارقة !
وإن كان الجواب لا ، فنقول : أين تلك العدالة المزعومة ، أم لأن الرجل من أصحاب علي – عليه السلام – فلا كرامة له حتى وإن كان صحابي ؟!
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد ، وعجل فرجهم ، العن عدوهم يا كريم ؛ وبعد ...
إن عدالة الصحابة من المسائل التى طال النقاش فيها بين علماء الإمامية – أنار الله برهانهم – وأهل السنة ، ونظراً لأن نقاش تلك المسألة يستلزم منا الإحاطة بجميع جوانبها ، وهو ماليس محل الكلام عنه ههنا إذ أن محل الكلام هنا واقع حول هذه النظرية وما أحدثته من تناقضات !!!
جاء في [ الإصابة في تميير الصحابة : ج1 ص164 ] ما نصه : " فمن ذلك ما قرأت في كتاب «أخبار الخوارج» تأليف محمد بن قدامة المروزي بخط بعض من سمعه منه في سنة سبع وأربعين ومائتين، قال: حدثنا علي بن الجعد، حدثنا زهير- هو الجعفي- عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي، قال: كنت عند أبي سعيد الخدريّ، وقرأت على أبي الحسن علي بن أحمد المرادي بدمشق ، عن زينب بنت الكمال سماعا، عن يحيى بن القميرة، إجازة، عن شهدة الكاتبة سماعا. قالت:
أخبرنا الحسين بن أحمد بن طلحة، أخبرنا أبو عمر بن مهدي، حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب، حدثنا جدي يعقوب بن شيبة. حدثنا محمد بن سعيد القزويني أبو سعيد، حدثنا أبو خيثمة زهير بن معاوية الجعفي، عن الأسود- يعني ابن قيس- عن نبيح- يعني العنزي- عن أبي سعيد الخدريّ، قال: كنا عنده وهو متّكئ، فذكرنا عليا ومعاوية، فتناول رجل معاوية، فاستوى أبو سعيد الخدريّ جالسا، ثم قال: كنا ننزل رفاقا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فكنّا في رفقة فيها أبو بكر، فنزلنا على أهل أبيات، وفيهم امرأة حبلى، ومعنا رجل من أهل البادية، فقال للمرأة الحامل: أيسرّك أن تلدي غلاما؟ قالت: نعم. قال: إن أعطيتني شاة ولدت غلاما.
فأعطته. فسجع لها أسجاعا، ثم عمد إلى الشاة فذبحها وطبخها، وجلسنا نأكل منها، ومعنا أبو بكر، فلما علم بالقصة قام فتقيّأ كل شيء أكل. قال: ثم رأيت ذلك البدويّ أتي به عمر بن الخطاب وقد هجا الأنصار، فقال لهم عمر: لولا أن له صحبة من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ما أدري ما نال فيها [ لكفيتكموه ] ولكن له صحبة من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم.]
قلتُ : علّق الحافظ ! ابن حجر العسقلاني قائلاً : " لفظ عليّ بن الجعد: ورجال هذا الحديث ثقات، وقد توقف عمر رضي اللَّه عنه عن معاتبته فضلا عن معاقبته. لكونه علم أنه لقي النبي صلّى اللَّه عليه وسلم.وفي ذلك أبين شاهد على أنهم كانوا يعتقدون أنّ شأن الصحبة لا يعدله شيء.كما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدريّ من قوله صلّى اللَّه عليه وسلم: «والّذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه ..... إلخ "
والحاصل : مما تقدم نستخلص أنّ :
1- عمر لم يعاقب ذلك البدوي لعلمه بأنّه من أصحاب رسول الله ، وهذا كفيل بإسقاط العقاب عنه.
2- إذا نال صحابي من آخر يشاركه في مرتبة الصحبة فلا يستحق أي أحد منهما العقاب لتحقق الصحبة فيهما ، وأما غير الصحابي فلو إستنقص أحداً من الصحابة فهو كافر زنيق – كما يصرح أبو زرعة الرازي – .
ونكمل مع الحافظ !! في كتابه إلى أن نصل إلى [ الإصابة : ج4 ص252 ] حيث جاء : " وقال العلائيّ، عن مصعب: كان عبد الرحمن شاعرا هجاء، فبلغ عثمان أنه هجاه بالأبيات التي يقول فيها:
أحلف باللَّه ربّ العباد ... ما خلق اللَّه شيئا سدى «1»
[المتقارب] وفي رواية: جهد اليمين، بدل رب العباد.
ولكن خلقت لنا فتنة ... لكي نبتلى بك أو تبتلى
دعوت الطّريد فأدنيته ... خلافا لما سنّه المصطفى
ومالا أتاك به الأشعريّ ... من الفيء أعطيته من دنا
وإنّ الأمينين قد بيّنا ... منار الطّريق عليه الهدى «2»
[المتقارب] فأمر به فحبس بخيبر.
وأنشد المرزباني في معجم الشعراء أنه قال، وهو في السجن:
إلى اللَّه أشكو لا إلى النّاس ما عدا ... أبا حسن غلّا شديدا أكابده
بخيبر في قعر الغموض كأنّها ... جوانب قبر أعمق اللّحد لاحده
أإن قلت حقّا أو نشدت أمانة ... قتلت! فمن للحقّ إن مات ناشده «3»
[الطويل] وقيل: إن عليا كلّم عثمان فيه فأطلقه، وشهد هو الجمل مع عليّ ثم صفّين فقتل بها."
قلتُ : الظاهر أنّ الحافظ ! ابن حجر العسقلاني لم يوفق في مقالته التى تضمنت أنّ عمر لم يعاتب البدوي فضلاً عن عقابه لأنه قد علم أنه كان صحابي !!
والآن سؤال بديهي يطرحه العقل ؛ هل إلتزم الخليفة ! عثمان بالقاعدة التى قال بها ابن حجر والتى استخلصها من قصة عمر بن الخطاب ؟!
إن كان الجواب : نعم ، فالمجيب كاذب لما تقدم من بيان المفارقة !
وإن كان الجواب لا ، فنقول : أين تلك العدالة المزعومة ، أم لأن الرجل من أصحاب علي – عليه السلام – فلا كرامة له حتى وإن كان صحابي ؟!