مشاهدة النسخة كاملة : المصطلحات الفقهية في الرسائل العملية
مولى أبي تراب
12-06-2012, 06:36 AM
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ ... وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِيْنَ
------------------
قبل الدخول في صلب الموضوع والخوض في بيان بعض المصطلحات الواردة في الرسائل العملية للفقهاء الكرام أعلى الله تعالى شأنهم ، لا بأس ببيان أهمية الرسائل العملية في حياتنا فأقول :
خلقنا الله تعالى وألقى في عهدتنا مجموعة من التكاليف وأوجب علينا واجبات وحرّم علينا محرّمات وألزمنا بلزوم التقيّد بها وامتثالها ، واقتضت حكمتُه تعالى أن يبلّغنا بهذه التكاليف ويطلعنا عليها بإرسال الرسل ، فأرسل لنا رسلاً جعلهم واسطة بينه وبين عباده ليخبر عباده عن طريقهم بما يريد وما لا يريد وما أوجب وما حرّم وكان آخرهم سيد الأولين والآخرين من الخلق أجمعين رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) ( آل عمران 164 ) . ثم بعد رحيل النبي الأعظم صلى الله عليه وآله اقتضت الحكمة أن يخلف من بعده أوصياء كما هي سيرة كل الأنبياء ليكملوا التبليغ الإلهي فكان الأمر كذلك اذ لا بد للناس من إمام وهادٍ في كل زمان فأوصى من بعده الى اثني عشر خليفة وهم الأئمة المعصومون عليهم أفضل الصلوات وأزكى السلام والبركات ( إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ) وسائل الشيعة ج 18 - ص 19 ، و عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ( لا يزال أمر الناس ماضيا ما وَلِيَهم اثنا عشر رجلاً ، ثم تكلم النبي بكلمة خفيت علي ، فسألت أبي ماذا قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فقال : كلهم من قريش ) صحيح مسلم ج 12 ص 202 ، مسند أحمد ج 5 ص 98 .
ثم لما اقتضت الحكمة غيبة الإمام الثاني عشر أوصوا عليهم السلام بالأمر في غيبته الى العلماء الفقهاء العدول الأمناء لإكمال المسيرة والرسالة التبليغية حتى الظهور المبارك فعن مولانا العسكري عليه السلام ( فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه مخالفا على هواه ، مطيعا لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلدوه ) وسائل الشيعة ج 18 - ص 95
ومن هنا نعرف أهمية الفقهاء فهم يقومون بدور الأوصياء عليهم السلام الذي هو دور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو عبارة عن الوساطة بين الله تعالى وعباده في إيصال أحكام الله تعالى اليهم وتعريفهم بحلاله وحرامه مع فارق الآلية والمصدر فرسول الله يخبر عن الوحي ، والأوصياء بالإلهام وتعليم رسول الله ، والعلماء بالاجتهاد والاستنباط .
ثم إنه جرت العادة على أن تكون وسيلة التواصل بين الفقهاء والمكلفين عبر ما يعرف بالرسالة العملية التي تمثل الأحكام الشرعية الإسلامية بنظر الفقيه ، ومن هنا تبرز أهمية هذه الرسائل العملية لفقهائنا فهي وسيلتنا الى عبادة الله تعالى ومعرفة حلاله من حرامه وما يريد وما لا يريد وأنه من خلالها نستطيع الخروج من عهدة التكاليف الإلهية ، وهي تمثل جانباً من جوانب رسول الله والأوصياء بيننا وتقوم بدورهم في تبليغ الأحكام ...
وإذا كان للرسائل العملية كل هذه الأهمية والقدسية فحري بنا أن نوليها الاهتمام اللائق بها ، ومن جملة ذلك أن نتدارسها ونفهم ما فيها من تعابير ومصطلحات ، ولأجل ذلك جاءت هذه المحاولة لتسليط الضوء على أهم المصطلحات المتداولة في الرسائل العملية ، بطريقة نحاول فيها الخروج عن المألوف في بيان المصطلحات الفقهية الى ما هو أكثر نفعاً وفائدة مع الحفاظ على وضوح البيان إن شاء الله تعالى ، والله الموفق .
ملاحظة / المقصود هنا هو شرح المصطلحات الواردة في الرسائل العملية الا أننا قد نلجأ الى شيء من التوسعة ونتعرض الى شرح بعض المصطلحات الفقهية مما لم يرد في الرسائل العملية وربما الى بعض المصطلحات الأصولية حيث ما يوجد داعٍ الى ذلك كما لو توقف إيضاح بعض ما ورد في الرسائل العملية على ذلك او من باب اكتمال الصورة والفكرة وقد يكون لمجرد الاستطراد وإتمام الفائدة ، وأيضاً قد نلجأ الى ذكر بعض الفوائد والتنبيهات لعين ما ذكر من دواعٍ وفوائد .
أسأل الله تعالى لي ولإخواني المؤمنين السداد وأن يفقهنا في دينه ويعيننا على ما كلفنا به وأن نكون من عبادنا الصالحين المخلصين
الكلام أولاً سيكون في مصطلح ( الحكم الشرعي ) وتقسيماته
يأتي إن شاء الله تعالى
الحوزويه الصغيره
14-06-2012, 01:19 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم
عوداً حميداً
أخي مولى أبي تراب
واشُكرك على هذا الطرح المُبارك والمُفيد ..
وسأكونُ حتماً من المُتابعين لحلقاته
بارك الله في عطاؤكم وجزاكم كل خير
تحيتي
الروح
14-06-2012, 05:51 PM
بوركتم للطرح الموفق
جزاكم الله خيرا
سنكون متابعين اخي الفاضل
ودي وتقديري
مولى أبي تراب
15-06-2012, 02:41 AM
اللهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد
الحوزوية الصغيرة ، الروح
بارك الله بكم وجزاكم خيراً وقضى حوائجكم
شاكرٌ لكم هذا التواجد المبارك
أتشرف بمتابعتكم
أسأل الله أن كون عند حسن الظن
ورجائي أن لا تنسوني من دعائكم بالتوفيق
فقهنا الله وإياكم في دينه وعرفنا أحكام شريعته
وجعلنا ممن ينتصر بهم لدينه ولم يستبدل بنا غيرنا
آمين رب العالمين
مولى أبي تراب
15-06-2012, 02:54 AM
1. الحكم الشرعي
الحكم الشرعي : هو التشريع والقانون الصادر من الله تعالى ، او قل : هو ما جعله المولى سبحانه من تشريعات إما بالاستقلال او بالانتزاع (1) وهو على قسمين تكليفي ووضعي (2)
الحكم التكليفي : وهو الحكم الشرعي المتعلق بأفعال الإنسان من حيث الأمر ببعضها إلزاماً او دونه والنهي عن البعض الآخر كذلك أي إلزاماً او دونه او من حيث التخيير في بعضٍ ثالث .
لذا فهو خمسة أنواع ، قال المحقّق النراقي (قده) : « إنّ الأحكام الشرعية خمسة : الإيجاب وهو عبارة عن طلب الفعل حتماً ، والندب وهو عبارة عن طلبه من غير حتم ، والتحريم وهو عبارة عن طلب الترك حتماً ، والكراهة وهي عبارة عن طلب الترك لا على سبيل الحتم ، والإباحة وهي عبارة عن جعل الطرفين متساويين أي الحكم بتساويهما » عوائد الأيّام : 370 ، ولا بد من تقييد قوله ( الأحكام الشرعية ) بالتكليفية والا كانت مع الوضعية أكثر من خمسة .
ولبيان هذه الأحكام الخمسة وشرح مصطلحاتها نقول :
الوجوب : وهو الحكم الشرعي الدال على طلب المولى للفعل مع عدم الترخيص في تركه ، او قل هو الحكم الشرعي المتضمن بعث المولى لعبده نحو الفعل على نحو الإلزام . كوجوب الصلاة فمعناه أن المولى طلب فعل الصلاة ولم يرخص في الترك ، او قل هو حكم شرعي يتضمن بعث المولى لعبده نحو فعل الصلاة وتحريكه إياه نحوها على نحو الإلزام بها وعدم الرضا بتركها وتجاهل هذا البعث والتحريك .
الاستحباب : وهو الحكم الشرعي الدال على طلب المولى للفعل مع الترخيص في تركه ، او قل هو الحكم الشرعي المتضمن بعث المولى لعبده نحو الفعل لا على نحو الإلزام . كاستحباب الصدقة فمعناه أن المولى طلب التصدق ولكنه رخص في الترك او قل هو حكم شرعي تضمن بعث المولى لعبده نحو التصدق وتحريكه إياه نحوها لا على نحو الإلزام بها بل على نحو الرجحان والمحبوبية بحيث يرضى بترك هذا الطلب وتجاهل هذا البعث والتحريك .
الحرمة : وهي الحكم الشرعي الدال على زجر المولى عبده عن الفعل مع عدم الترخيص في فعله ، او قل هو الحكم الشرعي المتضمن زجر المولى عبده عن الفعل على نحو الإلزام بحيث لا يرضى بتجاهل هذا الزجر وفعل ما زجر عنه . كحرمة شرب الخمر فمعناه أن المولى زجر عبده عن شرب الخمر ولم يرخص له في فعله زجراً ملزماً لا يرضى بتجاهله .
الكراهة : وهي الحكم الشرعي الدال على زجر المولى عبده عن الفعل مع الترخيص في فعله ، او قل هي الحكم الشرعي المتضمن زجر المولى عبده عن الفعل لا على نحو الإلزام بحيث يرضى بتجاهل هذا الزجر وفعل ما زجر عنه . ككراهة الأكل على جنابة فمعناه أن المولى زجر عبده عن الأكل على جنابة ولكنه رخّص له في فعله فهو زجر غير ملزم يرضى بتجاهله .
الإباحة (3) : وهي عبارة عن تخيير المولى عبده بين الفعل والترك فلا بعث ولا زجر من قبل المولى تجاه عبده . وذلك كالنوم والأكل والشرب والمشي ووو في الحالات الاعتيادية والعناوين الأولية فان هذه الأمور ليست محكومة بوجوب لعدم البعث الملزم نحوها ولا استحباب لعدم البعث غير الملزم نحوها ولا محكومة بحرمة لعدم الزجر الملزم نحوها ولا كراهة لعدم الزجر غير الملزم نحوها بل حكمها الإباحة لأن المولى خيّر عبده فيها بين الفعل والترك .
نعم قد يكون لها أحكام ثانوية تقتضي الوجوب او الحرمة او الاستحباب او الكراهة وذلك عندما تطرأ عليها عناوين ثانوية ، كالأكل على الشبع فإن حكمه الكراهة وللتّقوي على العبادة فان حكمه الاستحباب ولإنقاذ النفس من الهلكة فان حكمه الوجوب وبأكل ما يحرم أكله فحكمه الحرمة ولكن هذا لأجل العناوين الأخرى للأكل الطارئة عليه وليس لذات الأكل فإن حكمه الإباحة .
الحكم الوضعي : وهو كل حكم شرعي كان الغرض من جعله من قبل الشارع تشريع وضعٍ معين يكون له تأثير غير مباشر على سلوك الإنسان ( لاحظ دروس في علم الأصول ح 1 )
او قل : هو الحكم الشرعي الذي لا يتعلق بأفعال الإنسان كما هو الحال في الحكم الشرعي التكليفي بل هو الحكم الشرعي الذي جُعِل لتشريع بعض العلاقات والوضعيات وحالات معينة ككون شيء سبباً لشيء آخر او شرطاً له او جزءً منه او مانعاً عنه او كونه صحيحاً او فاسداً ، طاهراً او نجساً وهكذا ، من قبيل حكم الشارع بالملكية والغصبية والزوجية والبينونة والجزئية والمانعية والشرطية والرقية والحرية والطهارة والنجاسة وهكذا حكمه بالأبوة والبنوة والأخوة والأمومة ونحوها من الأحكام
فإذا تم البيع بين طرفين بشرائطه حكم الشارع بملكية البائع للثمن وملكية المشتري للمثمن ويسمى حكمه هذا بالملكية حكماً وضعياً فإذا قال مثلاً إذا تم البيع فالبائع مالك للثمن والمشتري مالك للمثمن فهذا الحكم بملكية أحدهما للثمن وملكية الآخر للمثمن حكم شرعي وضعي .
وإذا تم عقد النكاح بين طرفين حكم الشارع بالزوجية بينهما وهذا حكم وضعي ، واذا طلّق الرجل امرأته طلاقاً صحيحاً حكم الشارع بالبينونة والانفصال بينهما وارتفاع الزوجية وهو حكم وضعي ، وإذا توضأ الإنسان وضوءاً صحيحاً حكم الشارع بطهارته الحكمية وهذا الحكم وضعي ، وإذا سقطت نجاسة على الثوب او البدن حكم الشارع بالنجاسة وتنجُّس ذلك الشيء وهذا حكم وضعي ، وهكذا الحكم بصحة الشيء او فساده شرعاً فهو حكم وضعي يقتضي كون الشيء صحيحاً او فاسداً ، وحكم الشارع بشرطية الاستطاعة في وجوب الحج ، وحكمه بسببية السرقة لقطع اليد وزنا المحصن للرجم ، وحكمه بمانعية القتل والكفر عن الإرث كلها أحكام وضعية الى ما شاء الله تعالى من الأحكام الوضعية الكثيرة في الشريعة .
وبشكل عام الحكم الوضعي كل حكم للشارع لم يكن أحد الأحكام التكليفية الخمسة ، فالحكم الوضعي هو الحكم بصحة الأشياء او فسادها أو شرطيتها او مانعيتها او سببيتها او جزئيتها ونحو ذلك ، لا بوجوبها أو حرمتها او بإستحبابها أو كراهتها او بإباحتها .
والعلاقة وطيدة بين الحكم التكليفي والوضعي فمتى ما حكم الشارع بحكم وضعي ترتب عليه حكمه بجملة من الأحكام التكليفية وغالباً ما يكون الحكم الوضعي موضوعاً للحكم التكليفي ، فعندما يحكم بملكية البائع للثمن يحكم بحرمة التعدي على ذلك المال وغصبه وحرمة التصرف فيه من دون اذن ووجوب تخميسه لو فاض عن المؤونة واستحباب التصدّق به وحرمة التبذير به واستحباب إقراضه وإباحة إهدائه الى غير ذلك من الأحكام وكلها تكليفية ، وعندما يحكم بالزوجية بين شخصين يحكم بوجوب النفقة على الزوج ووجوب التمكين على الزوجة وحرمة خروجها من غير إذن وغير ذلك من الأحكام التكليفية .
.
هذا وللكلام تتمة تأتي إن شاء الله تعالى
.
.
.
.
--------------
(1) تعددت التعاريف للحكم الشرعي فالمنسوب الى المشهور أنه « خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين » الأحكام للآمدي 1 : 95 ، وعُرّف بأنه « التشريع الصادر من الله لتنظيم حياة الأنسان » دروس في علم الأصول 1 : 52 ، وعُرّف أيضاً بأنه « الاعتبار الشرعي المتعلق بأفعال العباد تعلقا مباشرا أو غير مباشر » الأصول العامة للفقه المقارن / 55 وعُرّف بغير ذلك . أقول وبقطع النظر عما يلاحظ على كل تعريف وعن كونها تعاريف حقيقية فإنها تشترك جميعاً في المعنى الإجمالي للحكم الشرعي وهو عبارة عن القانون والتشريع الإلهي .
(2) هناك اتجاه شاذ ينكر كون الحكم الوضعي قسماً للحكم الشرعي حيث خص أصحابُه الحكم الشرعي بالتكليفي لأنه عبارة عما تعلق بأفعال المكلفين مباشرة وما كان كذلك هو الحكم التكليفي فقط دون الوضعي فإن تعلقه بأفعال المكلفين غير مباشر وأن إطلاق لفظ الحكم على الوضعي مجاز ، وردّ بأن التجوز خلاف الأصل ولا قرينة ولا موجب لحصر الحكم الشرعي بما تعلق بأفعال المكلفين مباشرة بل الحكم الشرعي كل ما كان صادراً عن الله تعالى من تشريعات أياً كان متعلقها .
(3) هناك اتجاه ينكر كون الإباحة حكماً تكليفياً ويحصر الحكم التكليفي بالأربعة أي الوجوب والاستحباب والحرمة والكراهة بل وليست حكماً شرعياً أصلاً ولذا عرف أصحاب هذا الاتجاه الحكم الشرعي بأنه ( خطاب الله المتعلّق بأفعال المكلّفين من حيث الاقتضاء او الوضع ) وعنوا بالاقتضاء الأحكام التكليفية الأربعة وبالوضع الحكم الوضعي ولم يشملوا الإباحة في تعريفهم ، ووجه هذا الاتجاه أن الحكم الشرعي هو الجعل والتشريع والإباحة ليست جعلاً ولا تشريعاً بل هي عدم جعل فإنها عبارة عن عدم طلب الفعل وعدم طلب الترك او بعبارة أدق هي عبارة عن عدم الجعل لا بعثاً ولا زجراً ، فالحكم الشرعي أمر وجودي والإباحة أمر عدمي ، وبعبارة أخرى الأحكام التكليفية مأخوذ فيها الكلفة والمشقة على المكلف والإباحة لا كلفة فيها بل هي مبنية على التوسعة على المكلف فهي ليست حكماً تكليفياً وهذا وجه عدم كونها حكماً تكليفياً والسابق وجه عدم كونها حكماً شرعياً أصلاً . وجوابه / أن الإباحة جعل لكنها جعل لتساوي طرفي الفعل والترك او قل هي جعل للتخيير في مقام العمل ، فهي ليست عدم جعل حتى يقال أنها أمر عدمي بل هي جعل للعدم أي عدم واحد من الأحكام التكليفية الأربعة الأخرى وبعبارة واضحة الإباحة هي جعل للتخيير والتوسعة على المكلف ، ونسب الى بعض العامة عدّ الإباحة من الحكم الوضعي .
سعودي شرقاوي
15-06-2012, 11:33 PM
موضوع قيم
بارك الله في جهودكم
الحوزويه الصغيره
16-06-2012, 05:03 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
تحيتي لك استاذي الفاضل ..
وجزاك الله خير الجزاء على هذا الشرح
وددت الأستفسار عن هذه النقطه ..
الحكم الشرعي : هو التشريع والقانون الصادر من الله تعالى ، او قل : هو ما جعله المولى سبحانه من تشريعات إما بالاستقلال او بالانتزاع
ممكن توضيح أكثر لهذه العبارة ؟
وهذه النقطة أيضا ..
(3) ونسب الى بعض العامة عدّ الإباحة من الحكم الوضعي .
ما هو رأي علمائنا في هذا القول , هل اتفقوا أم اختلفوا معهم ؟
اشكرك مجددا على هذا الطرح
واسأل الباري ان يوفقكم لإتمامه ويرزقكم ثواب طرحه .
تحيتي
مولى أبي تراب
16-06-2012, 06:13 PM
موضوع قيم
بارك الله في جهودكم
حياكَ الله أخي الفاضل سعودي شرقاوي
السلام عليكم ومرحباً بك
شكراً للإشادة سرني تواجدك ههنا
مولى أبي تراب
16-06-2012, 11:14 PM
[QUOTE]
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
تحيتي لك استاذي الفاضل ..
وجزاك الله خير الجزاء على هذا الشرح
الفاضلة المباركة / الحوزوية الصغيرة
السلام عليكم ومرحباً بكم
كثيرٌ عليّ وصف الأستاذ فضلاً عن أن أكون أستاذاً لكم
إنما أنا متعلم على سبيل نجاة أسأل الله تعالى لي ولكم وسائر طلبة العلم التوفيق والسداد والرشاد والزيادة في العلم والفهم ...
وددت الأستفسار عن هذه النقطه ..
الحكم الشرعي : هو التشريع والقانون الصادر من الله تعالى ، او قل : هو ما جعله المولى سبحانه من تشريعات إما بالاستقلال او بالانتزاع
ممكن توضيح أكثر لهذه العبارة ؟
لما قلنا أن الحكم الشرعي هو التشريع المجعول او ما جعله المولى من تشريعات ذكروا أن الجعل على نحوين :
1. الجعل الاستقلالي / وهو عبارة عن جعل الحكم الشرعي ابتداء وبالاستقلال بلا توسط جعل آخر نظير جعل الوجوب للصلاة وكأن المولى قال جعلت الوجوب للصلاة . قال ذلك ابتداء وبالاستقلال وليس بتوسط شيء آخر او نتيجة لجعل آخر .
2. الجعل الانتزاعي او التبعي / وهو عبارة عن جعل الحكم الشرعي ليس ابتداء ولا بالاستقلال بل بتوسط جعل آخر ونتيجة لجعل حكم شرعي آخر ، بأن يجعل المولى حكماً شرعياً بالاستقلال ونحن ننتزع من هذا الجعل الاستقلالي جعلاً آخر لحكم شرعي آخر ، مثل جزئية الركوع للصلاة فهي حكم شرعي لأنه تشريع صادر من الله بأن جعل الركوع جزءاً للصلاة وهي حكم وضعي إذ ليست الجزئية أحد الأحكام التكليفية الخمسة ، الا أنه لم يجعل هذا الحكم الشرعي الوضعي - الجزئية - بشكل مباشر فلم يقل جعلت جزئية الركوع للصلاة او جعلت الركوع جزءاً حتى يكون جعلاً ابتداء واستقلالياً ، وإنما قال جعلت الوجوب للصلاة التي تتكون من أحد عشر جزءاً هي التكبيرة والفاتحة والسورة والركوع .... ، ونحن انتزعنا جزئية الركوع للصلاة من هذا الجعل للوجوب بأزاء المركب الصلاتي ولسان حالنا أنه ما دام المولى جعل الوجوب للمركب والمركب من أجزائه الركوع أذن المولى جعل الجزئية للركوع ، مع أن المولى لم يصرح بذلك
وبعبارة مختصرة الجعل الاستقلالي هو الجعل المباشر للحكم الشرعي بلا توسط جعل آخر كجعل الوجوب للصلاة ، والجعل الانتزاعي هو الجعل غير المباشر للحكم الشرعي بل بتوسط جعل آخر لحكم شرعي آخر كجعل الجزئية للركوع المنتزع من جعل الوجوب للمركب الصلاتي المشتمل على الركوع ، لذا وبدقة هو ليس جعلاً وإنما مجرد انتزاع ، ويسمى بالجعل التبعي لأنه تَبَعُ جعلٍ آخر وليس مستقلاً .
هذا ولا خلاف في أن الأحكام التكليفية الخمسة مجعولة او يمكن أن تكون مجعولة بالجعل الاستقلالي ، وإنما الكلام في الأحكام الوضعية والآراء فيها ثلاثة :
الرأي الأول / أنها كلها كالتكليفية يمكن أن تكون مجعولة بالجعل الاستقلالي .
الرأي الثاني / أنها كلها خلاف التكليفية لا يمكن أن تكون مجعولة بالجعل الاستقلالي بل جعلها انتزاعي .
الرأي الثالث / التفصيل بينها فبعضها مجعولة بالجعل الاستقلالي وبعضها مجعولة بالجعل الانتزاعي . ثم إن أصحاب هذا القول أيضاً اختلفوا فيما هي الأحكام الوضعية المجعولة بالجعل الاستقلالي وما هي المنتزعة . مثلاً اختلفوا في الزوجية فبعضهم قال هي منتزعة من الأحكام التكليفية المتعلقة بالزوجين فمن وجوب النفقة على الزوجة وجواز الاستمتاع بها انتزعنا الزوجية ، وبعضهم قال بل هي مجعولة ابتداء ثم ترتبت عليها بعض الأحكام التكليفية فالمولى حكم بالزوجية اذا تم عقد النكاح ثم صارت موضوعاً لجملة من الأحكام التكليفية كوجوب النفقة لا أنها منتزعة منها ، وهكذا الملكية فقيل هي منتزعة من جواز التصرف ونحوها من الأحكام التكليفية وقيل بل هي مجعولة ابتداء فاذا تم عقد البيع حصلت الملكية شرعاً ثم يترتب عليها بعض الأحكام التكليفية كجواز التصرف في العين المملوكة فالملكية مجعولة ابتداء للمولى على تقدير تمامية عقد البيع مثلاً او بالحيازة مثلاً كما في مثل من حاز فقد ملك فهو جعل للمكلية ثم بعد تحققها تترتب عليها بعض الأحكام التكليفية وتصير موضوعاً لتلك الأحكام لا أنها منتزعة من تلك الأحكام .
وعلى أي حال فمتى ما ذكروا أن الحكم الوضعي منتزع يقصدون أنه منتزع من الحكم التكليفي كانتزاع جزئية الركوع من وجوب الصلاة بالركوع الذي هو - الوجوب - حكم تكليفي ، وانتزاع شرطية دخول الوقت من وجوب الصلاة اذا دخل الوقت الذي هو - الوجوب - حكم تكليفي فالمولى جعل حكماً تكليفياً بالاستقلال وهو وجوب الصلاة عند دخول وقتها ومن هذا الحكم التكليفي نحن انتزعنا شرطية دخول الوقت لوجوب الصلاة ، لا أن المولى جعل الشرطية ابتداء وأنه قال جعلت دخول الوقت شرطاً لوجوب الصلاة .
وهذه النقطة أيضا ..
(3) ونسب الى بعض العامة عدّ الإباحة من الحكم الوضعي .
ما هو رأي علمائنا في هذا القول , هل اتفقوا أم اختلفوا معهم ؟
المشهور والمعروف بين العلماء أن الإباحة من الأحكام التكليفية لذا التقسيم المشهور للأحكام التكليفية أنها خمسة أحدها الإباحة
وبالمقابل يوجد رأي أن الإباحة ليست من الأحكام التكليفية وقد ذكروا له وجهين :
الوجه الأول / أن الأحكام التكليفية أحكام مجعولة والإباحة ليست جعلاً بل هي عبارة عن عدم جعل الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة .
وقد يجاب / بأنها جعل ولكن جعل للتخيير وربما في عبارة المحقق النراقي الآنفة إشارة الى ذلك ، قال : ( والإباحة وهي عبارة عن جعل الطرفين متساويين أي الحكم بتساويهما )
الوجه الثاني / أن الأحكام التكليفية مأخوذ فيها الكلفة والمشقة والتضييق على العباد ، وهذه الضابطة غير متحققة في الإباحة فإنها توسعة على المكلف ، قال السيد محمد تقي الحكيم في الأصول العامة للفقه المقارن ص 57 : ( ... اعتبار الإباحة ( التخيير ) قسماً من الحكم التكليفي وهو وان كان قد ورد على السنة أكثرهم إلا أن ذلك لا يعرف له وجه لمجافاته لطبيعة التعبير بالتكليف ، لان التكليف ما كان فيه كلفة على العباد والإباحة لا كلفة فيها فلا وجه لعدها من أقسامه ) وفي وسيلة الوصول الى حقائق الأصول / تقرير بحث الأصفهاني للسبزواري ص 470 قال : ( ... كما أنّ من جعل الإباحة خارجة عن التكليف إذ لا كلفة فيها وجعل الحكم الشرعي منحصراً بما فيه كلفة كالأحكام الأربعة الباقية لابدّ من تعريفه - الحكم الشرعي - بما لا يعمّ الإباحة أيضاً بأن يقال : إنّ الحكم الشرعي هو خطاب الله المتعلّق بأفعال المكلّفين من حيث الاقتضاء )
وقد يجاب هذا بما في كلام الشيخ المشكيني في اصطلاحات الأصول ص 120 قال : ( وتسميته بالتكليفي لان فيه بحسب غالب مصاديقه كلفة ومشقة على المأمور ) فالكلفة ليست ضابطة للأحكام التكليفية حتى يقال هي غير متحققة في الإباحة بل مجرد تسمية باعتبار غالب الأقسام ، وإنما ضابطة الحكم التكليفي هي تعلقه بأفعال العباد مباشرة وهي متحققة في الإباحة فتكون حكماً شرعياً .
ثم بناء على أن الإباحة ليست حكماً تكليفياً فهل هي حكم وضعي كما هو رأي بعض العامة وربما جمهورهم ؟
معرفة ذلك يتوقف على معرفة أمرين : الأول / أن الإباحة إن لم تكن حكماً تكليفياً هل هي حكم شرعي أصلاً او لا ، فقد يقال أنها ليست حكماً شرعياً أصلاً كما توحي به عبارة أن الإباحة عدم جعل فحينئذِ لا تكون حكماً وضعياً لأنها ليست حكماً أصلاً ، بخلاف ما إذا قلنا أنها وإن لم تكن حكماً تكليفياً الا أنها حكم شرعي فحينئذٍ يمكن أن تندرج تحت الحكم الوضعي .
الثاني / أنه ما تفسيرنا للحكم الوضعي فإذا قلنا مثلاً أنها كل ما عدا الحكم التكليفي وقلنا أن الإباحة حكم ليس تكليفي فحينئذٍ يمكن أن تكون حكماً وضعياً .
إذن حتى تكون الإباحة حكماً وضعياً - بناء على القول أنها ليست حكماً تكليفياً - لابد أن نثبت أولاً أنها حكم ثم لابد أن تنطبق عليها الضابطة التي نرتئيها للحكم الوضعي .
والمسألة ليست مبحوثة في كلامهم بهذه التفاصيل ولا واضحة بهذه التوسعة ربما لأن القول المشهور هو أن الإباحة حكم تكليفي .
قال في منتقى الأصول ضمن كلام له : ( ... اما ان يلتزم بان الإباحة ليست من الاحكام المجعولة شرعا ، بل هي منتزعة عن عدم طلب الفعل والترك ..... واما ان يلتزم بتعلق الجعل بها كالوجوب والحرمة ، كما هو المشهور المتداول على الألسنة من كون الأحكام التكليفية خمسة ) منتقى الأصول تقرير بحث السيد محمد الروحاني لعبد الصاحب الحكيم 6/89
اشكرك مجددا على هذا الطرح
واسأل الباري ان يوفقكم لإتمامه ويرزقكم ثواب طرحه .
الشكر موصولٌ لجنابكم للمداخلة المباركة والتفاعل الطيب
وفقكم الله تعالى
الحوزويه الصغيره
19-06-2012, 02:51 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
إنما أنا متعلم على سبيل نجاة أسأل الله تعالى لي ولكم وسائر طلبة العلم التوفيق والسداد والرشاد والزيادة في العلم والفهم ...
وفقنا الله وإياكم للعلم النافع .. وأسأله أن ينير قلبك و يزيدك علما وبيانا ..
بوركتم استاذنا الفاضل .. وجزاكم الله خيراً على هذا التوضيح ..
وفقكم الله وسدد على الخير خطاكم ..
من المتابعين ان شاء الله
تحيتي
مولى أبي تراب
19-06-2012, 08:27 PM
فائدة /
الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي
يمكن التفريق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي بعدة فوارق يمكن استفادتها او تصيّدها من كلمات العلماء :
1. إن الحكم التكليفي يرتبط بأفعال الإنسان مباشرة فهذا الفعل واجب وذاك حرام وثالث مستحب او مكروه او مباح ، أما الحكم الوضعي فارتباطه بأفعال المكلفين غير مباشر كحكم الشارع بالزوجية فإنه مرتبط بالعلاقة بين شخصين لا بأفعالهما الا أن هذه العلاقة سيكون لها تأثير على أفعالهما وسيترتب عليها جملة من الأحكام تتعلق بأفعالهما من قبيل وجوب النفقة على الزوج ووجوب التمكين على الزوجة وحرمة خروجها من دون إذنه ، ولولا الحكم الوضعي بالزوجية لما وجدت هذه الأحكام المتعلقة بأفعال الزوجين .
2. إن متعلق الحكم التكليفي هو أفعال العباد كتعلق الوجوب بالصلاة والحرمة بشرب الخمر وكلاهما - الصلاة وشرب الخمر - من أفعال العباد ، أما متعلق الحكم الوضعي فليس أفعال العباد بل ذواتهم وعلاقاتهم ونحو ذلك فالحكم بالزوجية متعلقه العلاقة بين اثنين او ذاتهما بأن تعتبر أحدهما زوجاً للآخر ، وهذا الفارق تعبير آخر عن سابقه .
3. إن الحكم التكليفي مشتمل على البعث أو الزجر او التخيير أو قل هو مشتمل على الاقتضاء او التخيير ، أما الحكم الوضعي فهو غير مشتمل على بعث ولا زجر ولا تخيير بل هو إيجاد علاقة ووضع معين ، وهذا الفارق هو نتيجة للفارق الأول فلما كان الحكم التكليفي مرتبطاً بأفعال الإنسان مباشرة كان عبارة عن البعث الى تلك الأفعال او الزجر عنها او التخيير فيها ، أما الحكم الوضعي فلما لم يكن كذلك فهو ليس كذلك .
4. إن موضوع الحكم التكليفي كثيراً ما يكون هو الحكم الوضعي كالأحكام المتعلقة بالملكية والزوجية والطهارة والنجاسة ، أما الحكم الوضعي فموضوعه ما يرتبط بذوات الناس وعلاقاتهم .
5. إن الأحكام التكليفية بغالبها يترتب عليها الثواب والعقاب لذاتها وليس كذلك الأحكام الوضعية .
6. إن الأحكام التكليفية عدا الإباحة مأخوذ فيها الكلفة والمشقة بإعتبار تعلقها بأفعال الناس وما تشتمل عليه من بعث وزجر وما كان كذلك فهو متضمن للكلفة عادة ، وليس كذلك الأحكام الوضعية .
7. إن الأحكام التكليفية يعتبر فيها القدرة لأنها مرتبطة بالأفعال وما ليس بمقدور للمكلف ليس مكلفاً به وليس كذلك الأحكام الوضعية فقد يتحقق الحكم الوضعي ولو مع عدم القدرة عليه .
8. إن الأحكام التكليفية عدا الإباحة تحتاج الى الامتثال لما تشتمل عليه من بعث وزجر وليس كذلك الأحكام الوضعية .
9. الأحكام التكليفية لا خلاف في أنها مجعولة بالجعل الاستقلالي أما الأحكام الوضعية ففي كونها كذلك مطلقاً او على النقيض مطلقاً او يقال بالتفصيل بين مصاديقها خلاف تقدمت الإشارة اليه ، وأن الأقوال فيها ثلاثة : فقيل هي مجعولة كالتكليفية ، وقيل بل منتزعة ، وقيل بعضها مجعولة وبعضها منتزعة وزاد المشكيني في اصطلاحات اصوله بعضاً ثالثاً وهي الأحكام التي لا مجعولة ولا منتزعة .
10. إن موضوع الحكم التكليفي هو المكلف او قل لما كانت الأحكام التكليفية مشتملة على البعث والزجر فالمخاطب بها هو المكلف وهي خارجة عن عهدة غير المكلف كغير البالغ ، أما الأحكام الوضعية فلا تختص بالمكلفين بل تشمل غير المكلفين فالحكم بالزوجية والملكية والرقية والحرية صادق ومنطبق على غير المكلفين فغير المكلف يمكن أن يكون زوجاً ومالكاً ونحو ذلك .
11. الحكم التكليفي بما أنه زجر وبعث مختص بأفعال الإنسان ، أما الحكم الوضعي فيمكن أن يكون من موارده أفعال الحيوان كالحكم بالضمان على صاحب الدابة في مورد جنايتها .
12. الحكم التكليفي مختص بالمسلمين بناء على عدم تكليف الكفار بالفروع اما الحكم الوضعي فيشمل غيرهم فالملكية والطهارة والنجاسة والحرية والرقيّة والضمان وغيرها لا تختص بالمسلمين .
13. إن الأحكام التكليفية تسقط بالاضطرار فهي مشمولة بحديث الرفع من هذه الجهة فيسقط التكليف حال الاضطرار ، وليس كذلك الأحكام الوضعية فهي غير مرفوعة بالاضطرار فالمعاملات مثلاً صحيحة وممضاة من قبل الشارع وإن وقعت عن اضطرار .
الحوزويه الصغيره
21-06-2012, 07:46 AM
اللهم صل على محمد وال محمد
بوركت جهودك
اثابك الله وانار طريقك ..
تحيتي لشخصكمـ الكريمـ
مولى أبي تراب
25-06-2012, 08:39 PM
بارك الله بكم وأحسن اليكم فاضلتنا الحوزوية الصغيرة
مولى أبي تراب
25-06-2012, 08:40 PM
فائدة 2 /
الحكم الشرعي قد يكون بمعنى الجعل وقد يكون بمعنى المجعول
إذا ما سُئلنا عن حكم الحج في الإسلام فسوف نجيب بلا تردد أن حكمه الوجوب من دون أن نفرق بين كوننا مستطيعين او لا اي تحققت الاستطاعة في الخارج او لا ، وفي نفس الوقت نقول لشخص غير مستطيع أن الحج غير واجب عليك حتى تستطيع فنفرق له بين حالتي الاستطاعة وعدمها !
والملاحظ وجود التهافت بين الأمرين فمن جهة الحج من الواجبات في الشريعة الإسلامية مع قطع النظر عن الاستطاعة ومن جهة نقيّد وجوب الحج بتحقق الاستطاعة .
وهكذا وجوب الصلاة مثلاً فإذا ما سُئلنا عن حكم صلاة الظهر مثلاً في الإسلام فسوف نجيب بلا تردد أن حكمها الوجوب من دون أن نلحظ أي قيد آخر كالوقت مثلاً فنقول صلاة الظهر واجبة في الشريعة
وفي نفس الوقت نقيد وجوبها بحصول الزوال ونقول قبل الزوال لا تجب صلاة الظهر ، أليس ذلك تهافتاً ؟
وباختصار لا إشكال في وجوب الحج بعد الاستطاعة أما قبل الاستطاعة فيصح أن نقول الحج واجب في الشريعة كما يصح أن نقول لا يجب الحج على غير المستطيع فكيف نوفق بين التعبيرين ؟
وهكذا صلاة الظهر فلو سُئلنا في الصباح عن حكم صلاة الظهر في الإسلام لكان الجواب أن حكمها الوجوب ولا نستطيع أن نقول أنها حرام او مباحة او غير ذلك ، لكن في نفس الوقت - أي صباحاً - إذا قام شخص يصلي صلاة الظهر نقول له لم تجب صلاة الظهر بعدُ فانتظر دخول الزوال ! فكيف نوفق بين وجوبها وعدم وجوبها قبل الزوال ؟
الجواب /
إن الحكم تارة يكون بمعنى الجعل وأخرى يكون بمعنى المجعول ، فقولنا الحج واجب في الشريعة ولو قبل تحقق الاستطاعة نعني به ( الوجوب بمعنى الجعل ) ، وقولنا الحج غير واجب قبل الاستطاعة نعني به ( الوجوب بمعنى المجعول )
فالحديث عن معنيين من الوجوب أحدهما ثابت قبل الاستطاعة او الزوال والأخر منفي فما أثبتناه غير ما نفيناه فلم يقع النفي والإثبات على معنى واحد للحكم حتى يكون في الكلام تهافت .
بيان ذلك :
الحكم بمعنى الجعل / إن الحكم بمعنى الجعل هو نفس الاعتبار والتشريع الصادر من المولى على تقدير حصول شروط معينة وقبل تحققها ، فالمولى جعل الوجوب للحج أي اعتبر وشرّع وجوب الحج في الشريعة ضمن قيود وشروط وخصوصيات معينة كالاستطاعة والحكم بوجوب الحج على تقدير حصول الاستطاعة وقبل تحققها هو حكم بمعنى الجعل .
او قل إن الجعل هو نفس إنشاء المولى للحكم الشرعي ضمن ضوابط معينة كقوله تعالى : ( فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) فالمولى هنا بصدد إنشاء وجوب صوم شهر رمضان على تقدير شهود الشهر وهو معنى الجعل أي بصدد جعل الوجوب لصوم شهر رمضان لمن شهد الشهر ، وهكذا قوله ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) فهو بصدد جعل وإنشاء وتشريع واعتبار الوجوب للحج على تقدير حصول الاستطاعة خارجاً فالوجوب المذكور يقال له وجوب بمعنى الجعل ، وهكذا قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) فالمولى بصدد إنشاء وجوب الوضوء على تقدير القيام الى الصلاة وهو وجوب بمعنى الجعل .
الحكم بمعنى المجعول / إذا كان الحكم بمعنى الجعل عبارة عن الحكم قبل تحقق القيود او الذي أخذت فيه القيود مفروضة الحصول فالحكم بمعنى المجعول هو الحكم بعد تحقق القيود والذي تحققت فيه القيود خارجاً وفعلاً
فالحكم بمعنى المجعول هو الحكم الشرعي بعد تحقق موضوعه وسائر القيود والخصوصيات المأخوذة فيه في مرحلة الجعل خارجاً ، او قل هو الحكم الفعلي المنجز بحق المكلف وذلك لتحقق موضوعه وشروطه خارجاً .
وعلى هذا فأصل تشريع الحج في الإسلام تشريعاً مشروطاً بالاستطاعة وغيرها من الشروط نسميه الجعل إن لم تتحقق تلك الشروط فعلاً ، وبعد تحقق الشروط بأن يستطيع المكلف نسمي وجوب الحج بالمجعول وبذلك يرتفع التهافت المتوهم فقولنا يجب الحج من دون لحاظ تحقق الاستطاعة نعني به الجعل ، وقولنا لغير المستطيع لا يجب عليك الحج نعني به المجعول لأن المجعول متوقف على حصول الاستطاعة فعلاً .
وهكذا مثلاً أصل تشريع حرمة العصير العنبي على تقدير الغليان فهذا جعل للحرمة فإذا ما تحقق الغليان فعلاً في الخارج صارت الحرمة بمعنى المجعول .
وبعبارة واضحة / المولى في مقام تشريع الحج يلحظ تقيّد الحج بالاستطاعة فيقول جعلت الوجوب للحج على تقدير حصول الاستطاعة فهذا جعل ، فإذا ما استطاع أحد المكلفين فعلاً فالوجوب المتوجه له يسمى بالمجعول .
ثم إن هذا المعنى من تنويع الحكم الشرعي الى معنيين الجعل والمجعول لا يختص بالحكم التكليفي بل يشمل الحكم الوضعي أيضاً فحكم الشارع بالزوجية يكون بمعنى الجعل بمعنى أنه شرّع علاقة الزوجية على تقدير تحقق عقد النكاح بين اثنين ، ويكون بمعنى المجعول عند تحقق العقد بين اثنين خارجاً فعلاً .
الفرق بين الحكم بمعنى الجعل والحكم بمعنى المجعول
من خلال ما تقدم وغيره يمكن ذكر أكثر من فرق بين الجعل والمجعول :
1. إن الحكم بمعنى الجعل يكون على نحو القضية الحقيقية وهي التي يؤخذ فيها الموضوع على نحو الفرض والتقدير ولا تتوقف على تحققه خارجاً بل تكون بمعنى القضية الشرطية مثل أكرم الفقراء أي إذا وجد فقير فأكرمه ووجوب الإكرام بمعنى الجعل غير ملحوظ فيه وجود فقير خارجاً فعلاً ، والحكم بمعنى المجعول يكون على نحو القضية الخارجية لأنه مشروط بتحقق الموضوع والقيود خارجاً ، فإذا قيل الحكم على نحو القضية الحقيقة فالمقصود الجعل وإذا قيل الحكم على نحو القضية الخارجية فالمقصود المجعول .
2. الجعل والمجعول مرحلتان ومرتبتان للحكم الشرعي الا أن مرتبة الجعل متقدمة على مرتبة المجعول .
3. إن الحكم بمعنى الجعل لا يتوقف على تحقق الموضوع والخصوصيات والقيود المأخوذة في الحكم بل هي مأخوذة فيه مأخذ الفرض والتقدير فهو متوقف على تصورها حال الجعل ، بخلاف المجعول فهو متوقف على تحققها خارجاً فعلاً .
4. إن الحكم بمعنى الجعل سابق على تحقق الموضوع والقيود فمن الواضح أن جعل الوجوب للحج في الشريعة سابق على حصول الاستطاعة ، أما بمعنى المجعول فهو لاحق أو مقارن لتحققه فمتى ما تحققت استطاعة المكلف يصير وجوب الحج فعلياً مجعولاً .
5. إن الحكم بمعنى الجعل لا يستلزم انبعاثاً ولا تحريكاً ولا تكليفاً لعدم تحقق موضوعه وقيوده بعد او قل لعدم تحقق شرطه بعد لأن الجعل وإن كان على نحو القضية الحقيقية الا أنه في قوة القضية الشرطية كما تقدم فقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) في قوة « إذا استطاع المكلّف يجب عليه الحجّ » وما دام الشرط وهو الاستطاعة لم يتحقق فالحكم وهو الجزاء ( يجب عليه الحج ) الذي هو بمعنى الجعل حينئذٍ لا يستلزم انبعاثاً وليس فعلياً ، وهذا بخلاف الحكم بمعنى المجعول فلما كان هو الحكم بعد تحقق الموضوع والشروط فإنه يستلزم التحريك والانبعاث او الزجر والانزجار ويستلزم التكليف ، وبعبارة واضحة إن الحكم بمعنى الجعل لا يستدعي امتثالاً بخلافه بمعنى المجعول فيستدعي الامتثال إذا كان تكليفياً .
6. إن القيود والخصوصيات المأخوذة في الحكم هي بمثابة العلة له إذا كان بمعنى المجعول لتوقفه على تحققها خارجاً وليس كذلك بمعنى الجعل فهو موجود قبل تحققها خارجاً نعم هو موقوف على تصورها وافتراضها وتقديرها لا على تحققها خارجاً لأن المولى من دون تصور تلك القيود لا يمكنه الجعل ما دامت قد فرضت قيوداً للحكم ، فما دام قد افترض الزوال قيداً لوجوب صلاة الظهر فلا يمكن إنشاء وجوبها دون لحاظ هذا القيد فلو أنشأه دون لحاظه فهذا خلف كونه قيداً .
7. ان الحكم بمعنى الجعل لا يتوقّف على شيء غير إرادة الجاعل وتصوّر القيود والخصوصيات ذهناً وبالتالي لا يمكن أن يكون الجعل مشروطاً ، بخلاف المجعول فهو مشروط بتحقق تلك القيود والخصوصيات وتحقق الموضوع . وعليه إن قاعدة انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع وأنه لا بد لكل حكم من موضوع وعدم تحقق الحكم قبل تحقق الموضوع يراد بها الحكم بمعنى المجعول لا الجعل .
8. إن أخذ العلم قيداً في الحكم وبالتالي اختصاص الحكم بالعالم دون الجاهل بناء على تمامية هذا المبنى إنما هو الحكم بمعنى المجعول لا بمعنى الجعل . بمعنى أن الحكم لا يصير مجعولاً وفعلياً ويدخل في عهدة المكلف ما لم يعلم بتحقق موضوعه وقيوده ، أما بمعنى الجعل فهو شامل للجميع بمعنى أن المولى بجعله وجوب الحج قصد كل مكلف على تقدير استطاعته سواء كان عالماً بهذا الجعل او لا ، لكن هذا الجعل لا يصير مجعولاً وفعلياً ومكلفاً به الا لمن علم بالاستطاعة فعلاً دون الجاهل على الأقل بالنسبة الى القاصر .
9. إن الجعل لا يتفاوت بين المكلفين فالكل مشمولٌ به كما هو واضح في قوله : ( ولله على الناس ... ) فالناس جميعاً مشمولون بتشريع الحج ، أما المجعول فهو يختلف ويتفاوت من شخص الى آخر لأنه يتوقف على تحقق الموضوع فقد يتحقق عند شخص دون آخر .
10. إن التنافي بين الحكمين في مرحلة الجعل يكون من التعارض ، أما في مرحلة المجعول فهو ورودٌ لا تعارض ، فإذا قال يجب الوضوء على واجد الماء ، ويجب التيمم على فاقد الماء فلا تعارض لعدم التنافي في مرحلة الجعل فإنه من الممكن أن يجعل المولى الوجوب للوضوء على تقدير وجدان الماء ويجعل الوجوب للتيمم على تقدير فقدان الماء ، لكن بينهما تنافٍ في مرحلة المجعول أي لا يمكن أن يكون كل منهما فعلياً في حق المكلف فقد تقدم أن المجعول معناه الفعلية والتكليف فلا يمكن التكليف بوجوب الوضوء وبوجوب التيمم في آن واحد وأن يكون كل منهما فعلياً ، لأن المكلف إما واجد للماء فهو مكلف بوجوب الوضوء أو فاقد له فهو مكلف بوجوب التيمم ، فلا تعارض بين الجعلين لكن بينهما تنافٍ في مرحلة المجعول أي لا يمكن الحكم بفعليتهما معاً وهذا ما يسمى بالورود أي أن موضوع أحد الحكمين مزيل للحكم الآخر فكونه واجداً للماء الذي هو موضوع وجوب الوضوء مزيل لفعلية التكليف بالتيمم لأن موضوعه فاقد الماء .
الى غير ذلك من التفريقات التي يمكن أن تذكر
ثمرة التقسيم
إن قلت / ما الثمرة من تقسيم الحكم الى مرتبتين : الجعل والمجعول ؟
كان الجواب / لذلك ثمرات عديدة تظهر في المباحث الأصولية فكثيراً ما يختلف الأمر بين الحكم بمعنى الجعل عن الحكم في مرحلة المجعول في كثير من القواعد والمسائل الأصولية ، وفيما تقدم من فروق إشارة الى بعضها .
لكن يكفي الالتفات كثمرة فقهية الى أن مجرد الجعل والتشريع الإلهي لا يقتضي التكليف ولا يستدعي الامتثال ما لم تتحقق القيود المأخوذة في ذلك الجعل .
الحوزويه الصغيره
29-06-2012, 08:56 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرج قائم آل محمد الأشراف ياكريم
احسنتم شيخنا .. شرح وافي
يسلم مدادك الطيب لما جاد به من ثراء نافع
بانتظار الدرس القادم
دمت في رعاية الله وحفظه
مولى أبي تراب
06-07-2012, 02:44 PM
اللهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد
أحسن الله إليكم وأكرمكم بالعلم النافع والعمل به
شاكر لجنابكم دوام المتابعة
وفقكم الله تعالى
مولى أبي تراب
06-07-2012, 02:46 PM
تتمة /
الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح
تكلمنا عن الحكم الشرعي التكليفي وأنه يقع على خمسة أنواع :
( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة )
والآن نتكلم عن الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح وما هو فرقها عن الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ، فإنه ثمة فرق بينها فالواجبات غير الوجوبات ، والحرام او المحرّم غير الحرمة وهكذا .
توضيح ذلك / أنه تقدم أن الحكم التكليفي هو الحكم الشرعي المتعلق بأفعال الإنسان ، وكان ذلك أحد الفوارق بين الحكم التكليفي والوضعي فالحكم التكليفي هو ما تعلق بأفعال الإنسان بشكل مباشر ، بخلاف الحكم الوضعي الذي يكون تعلقه بأفعال الإنسان غير مباشر .
ولما كان الحكم التكليفي هو الحكم الشرعي المتعلق بأفعال الإنسان ، وأنه ينقسم الى الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة
إذن كل واحد من هذه الخمسة هو عبارة عن حكم شرعي متعلق بفعل من أفعال الإنسان ، لأن كل واحد من هذه الخمسة حكم تكليفي والحكم التكليفي هو الحكم الشرعي المتعلق بأفعال الإنسان إذن كل واحد من هذه الخمسة هو كذلك ، ضرورة أن المقسم ليس الا عبارة عن الأقسام فحقيقته هي حقيقة تلك الأقسام .
إذن هذه الخمسة يجمعها أنها عبارة عن الحكم الشرعي التكليفي المتعلق بأفعال الإنسان
فالوجوب هو الحكم الشرعي المتعلق بفعل من أفعال الإنسان على نحو البعث الملزم اليه كالحكم الشرعي التكليفي للصلاة فهو الوجوب وهو متعلق بفعل من أفعال الإنسان وهو الصلاة .
والحرمة هي الحكم الشرعي المتعلق بفعل من أفعال الإنسان على نحو الزجر الملزم عنه كالحكم الشرعي التكليفي المتعلق بالكذب فهو الحرمة وهو متعلق بفعل من أفعال الإنسان وهو الكذب .
والاستحباب هو الحكم الشرعي المتعلق بفعل من أفعال الإنسان على نحو البعث غير الملزم اليه كالحكم الشرعي التكليفي للنوافل فهو الاستحباب وهو متعلق بفعل من أفعال الإنسان وهو الصلاة النافلة .
والكراهة هي الحكم الشرعي المتعلق بفعل من أفعال الإنسان على نحو الزجر غير الملزم اليه كالحكم الشرعي التكليفي للاستدانة مع عدم الحاجة فهو الكراهة وهو متعلق بفعل من أفعال الإنسان وهو الاستدانة .
والإباحة هو الحكم الشرعي المتعلق بفعل من أفعال الإنسان على نحو التخيير كالحكم الشرعي التكليفي للأكل والشرب والنوم فهو الإباحة وهو متعلق بفعل من أفعال الإنسان وهو الأكل مثلاً .
وفي الجملة الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة هي الأحكام الشرعية التكليفية المتعلقة بأفعال الإنسان .
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح هي نفس الأفعال التي تعلقت بها تلك الأحكام الشرعية أعني الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة
فأفعال الأنسان التي صارت متعلقاً للأحكام التكليفية الخمسة هي التي تسمى الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح
وعليه :
فالواجب : هو فعل الإنسان الذي تعلق به الوجوب ، كالصلاة فهي واجب لأنها فعل الإنسان الذي بعث اليه الشارع بعثاً ملزماً او قل تعلق به الوجوب .
والحرام : هو فعل الإنسان الذي تعلقت به الحرمة ، كالكذب فهو حرام لأنه فعل من أفعال الإنسان زجر عنه الشارع زجراً ملزماً او قل تعلقت به الحرمة .
والمستحب : هو فعل الإنسان الذي تعلق به الاستحباب ، كصلاة الليل فهي مستحبة لأنها فعل الإنسان الذي بعث اليه الشارع بعثاً غير ملزم او قل تعلق بها الاستحباب .
والمكروه : هو فعل الإنسان الذي تعلقت به الكراهة ، كالذباحة ليلاً فهي مكروهة لأنها فعل من أفعال الإنسان زجر عنه الشارع زجراً غير ملزم او قل تعلقت بها الكراهة .
والمباح : هو فعل الإنسان الذي تعلقت به الإباحة ، كالأكل فهو مباح لأنه فعل من أفعال الإنسان تعلقت به الإباحة أي تخيير الشارع .
وعلى أساس ذلك يمكن التفريق بين ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) وبين ( الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ) بأكثر من تفريق او أكثر من صياغة :
1. إن ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) هي نفس الحكم الشرعي التكليفي ، أما ( الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ) فهي متعلق الحكم الشرعي التكليفي لا نفسه .
2. إن ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) هي التكليف ، أما ( الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ) فهو متعلق التكليف .
3. إن ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) هي نفس البعث او الزجر او التخيير ، أما ( الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ) فهي المبعوث اليه او المزجور عنه او المخيّر فيه ، او قل هي متعلق البعث او الزجر او التخيير .
4. إن ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) هي فعل الشارع لأنه هو الذي يجعلها ويشرعها ويعتبرها ، أما ( الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ) فهي أفعال الإنسان .
5. إن ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) هي الجعل الشرعي التكليفي ، أما ( الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ) فهي متعلق الجعل او قل المجعول له ، فوجوب الصلاة هو الجعل ، أما الصلاة التي هي فعل الإنسان فهي متعلق هذا الجعل او قل المجعول له الوجوب ، وليست المجعول بل المجعول له لأن المجعول هو نفس الحكم أيضاً فكما يسمى جعلاً يسمى مجعولاً كما تقدمت الإشارة اليه وأن الحكم قد يكون بمعنى الجعل وقد يكون بمعنى المجعول ، فالوجوب هو جعل شرعي وهو مجعول شرعي ، أما الصلاة فهي مجعول له .
الى غير ذلك مما يمكن أن يذكر في التفريق بينهما
والحمد لله أولاً وآخرا
وصلى الله على محمد وعترته الطاهرة
الحوزويه الصغيره
07-07-2012, 07:08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
بيان رائع للمصطلحات الفقهيه ..
احسنتمـ شيخنا الكريمـ وبارك الله بجهودكمـ ووفقكمـ للعلم النافع والعمل الصالح
تحيتي
مولى أبي تراب
13-07-2012, 02:56 PM
اللهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد
أحسن الله إليكم وأكرمكم بالعلم النافع والعمل به
شاكر لجنابكم دوام المتابعة
وفقكم الله تعالى
مولى أبي تراب
13-07-2012, 02:58 PM
الحكم الأولي والحكم الثانوي
كثيراً ما يقول الفقهاء أن هذا الشيء او ذاك حرام بعنوان ثانوي او يجوز بعنوان ثانوي
او أن الحكم الأولي كذا الا أنه بعناون ثانوي يكون كذا ونحو ذلك من التعبيرات
والسؤال / ما المقصود من الحكم الأولي والحكم الثانوي
جواب ذلك / أنه تقدم أن الحكم الشرعي هو عبارة عن التشريع الإلهي ، وأن لكل حكم شرعي متعلَّق يتعلق به
من قبيل وجوب الصلاة فالوجوب حكم شرعي يمثل تشريعاً إلهياً ومتعلقه الصلاة
وحينئذ يقال إن الحكم الشرعي الذي هو عبارة عن التشريع الإلهي والذي لا بد له من متعلق على نوعين :
الأول / الحكم الشرعي الأولي : وهو عبارة عن الحكم الشرعي الثابت للشيء أي لمتعلقه بما هو هو من دون ملاحظة أي شيء آخر مما يمكن أن يطرأ على المتعلق من عوارض وحالات ، كوجوب الصلاة فهو ثابت للصلاة بما هي صلاة ، أي لو لحظنا الصلاة بما هي فعل من أفعال الإنسان فقط من دون أي لحاظ آخر من الخصائص والمميزات التي تعرض عليها فحكمها الوجوب وحينئذٍ الوجوب الثابت للصلاة يسمى حكماً أولياً لأنه ثابت لذات الصلاة بما هي الصلاة وبما هي فعل من الأفعال مع قطع النظر عن أي خصوصية أخرى .
وهكذا وجوب الحج والصوم وحرمة الربا وشرب الخمر وإباحة شرب الماء فكل ذلك أحكام أولية لأنها ثابتة لمتعلقاتها بما هي متعلقات بلا لحاظ أي خصوصية أخرى .
الثاني / الحكم الشرعي الثانوي : وهو عبارة عن الحكم الشرعي الثابت للشيء أي لمتعلقه بعد عروض ما يطرأ عليه من حالات وخصوصيات خارجية تقتضي تغيير حكمه الأولي ، أو قل هو الحكم الثابت للمتعلق بعد تعنّون المتعلق بعنوان آخر خارجي مضافاً الى عنوانه الأصلي
مثال ذلك : أكل الميتة فلو قصرنا النظر على أكل الميتة بما هو أكل من دون لحاظ أي عنوان آخر فهو حرام وهذا حكمه الشرعي الأولي ، ولكن إذا تعنّون الأكل واتصف بعنوان آخر غير عنوان أكل الميتة كعنوان الاضطرار الى أكل الميتة بحيث يكون اللحاظ على كلا العنوانين الأكل والاضطرار اليه فسوف يتبدل الحكم الأولي لأكل الميتة وهو الحرمة الى حكم آخر وهو الحلية والجواز بل قد يكون الوجوب كما إذا توقف حفظ النفس على الأكل ، وهذا الحكم الآخر يسمى بالحكم الثانوي ، كما قال تعالى ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) البقرة / 173
فالميتة والدم ولحم الخنزير بلحاظ ذواتها وعناوينها الأصلية محرمة لكن بلحاظ الاضطرار اليها فلا إثم في تناولها فتبدل الحكم الأولي بالحرمة الى حكم ثانوي بالجواز لمّا طرأ عليها عنوان خارجي غير العناوين الأصلية لمتعلقات الحرمة وهو عنوان الاضطرار .
فكأنما تبدل المتعلق فمتعلق الحرمة وهي الحكم الأولي أكل الميتة بما هو هو ، ومتعلق الحلية وهي الحكم الثانوي أكل الميتة بما هو مضطَرٌ إليه
وإن كان المتعلق واحداً حقيقة وهو أكل الميتة لكن له حالتان عدم الاضطرار والاضطرار اليه ففي إحداهما له حكم وهي الملحوظة للمولى في أصل الجعل ، وفي الأخرى له حكم مغاير
وإنما سمي ثانوياً لأنه يثبت للمتعلَّق في حالته الثانوية غير الأصلية او قل لأنه يثبت في حالة عرضية لا الحالة الطبيعية الاختيارية
أسباب الحكم الثانوي
هذا والعناوين الطارئة التي تكون سبباً للحكم الثانوي عديدة :
منها الاضطرار والضرورة / فالاضطرار سبب لتغير كثير من الأحكام الأولية حتى اشتهر ( الضرورات تبيح المحظورات ) أي هي سبب لتبدل الحظر والحرمة الى الإباحة فيكون للشيء المحظور والمحرم حكم ثانوي وهو الإباحة ، ولذا ورد ذكره في حديث الرفع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول : ( رفع عن أمتي ... وما اضطروا اليه ) أي رفع عنهم التكليف بالحرمة عند الاضطرار .
وأمثلته كثيرة منها ما تقدم ومنها جواز إسقاط الجنين مع الضرورة كما إذا توقف حفظ حياة الأم على ذلك مع أن الحكم الأولي هو حرمة الإجهاض ، وكجواز الإدماء او الحلق للمُحرِم للضرورة مع أن هذه الأمور من محرمات الإحرام .
ومنها الإكراه / فالإكراه عنوان طارئ يكون سبباً لتبدل الحكم الأولي الى حكم ثانوي وهو وارد في حديث الرفع أيضاً ، كما إذا أُكره على الإفطار في شهر رمضان فيجوز الإفطار وهذا الجواز هو حكم ثانوي للإفطار غير حكمه الأولي وهو الحرمة ثابت له عند عروض الإكراه ، ومثل من أكره على المكث في المكان المغصوب كالمحبوس فيجوز له التصرف في ذلك المكان والصلاة فيه والتيمم بترابه مع أن كل ذلك حرام لولا الإكراه .
ومنها النذر والعهد واليمين / فهي أسباب أيضاً للأحكام الثانوية فالشيء الجائز بالعنوان الأولي إذا وقع مورد النذر اوالعهد اوالقسم صاراً واجباً او حراماً كما إذا نذر التصدق او عاهد الله او أقسم به أن لا يفعل بعض المباحات وهكذا .
ومنها الضرر / فهو من أوضح أسباب تبدل الأحكام من الأولية الى الثانوية فكل واجب مع الضرر في فعله يصير جائزاً وربما حراماً إذا كان الضرر بالغاً ، وكل حرام مع الضرر في اجتنابه تسقط حرمته ويصير جائزاً وربما واجباً فصوم شهر رمضان واجب ولكن مع الضرر يجوز الإفطار واذا كان ضرراً بالغاً يصير حراماً ، والكذب والغيبة حكمهما الأولي الحرمة ولكن لدفع الضرر هما جائزان وربما وجبا كما إذا توقف عليهما حفظ مؤمن من الهلاك مثلاً .
ومنها العسر والحرج / فكل شيء حكمه الأولي الوجوب إذا كان في امتثاله يلزم العسر والحرج سقط وجوبه وتبدل حكمه الى حكم ثانوي هو الجواز ، وكذا كل شيء حكمه الأولي الحرمة إذا كان في امتثاله واجتنابه يلزم العسر والحرج سقطت حرمته وتبدل حكمه الأولي الى حكم ثانوي هو الجواز دفعاً للعسر والحرج ، كسقوط الطهارة المائية عند لزوم العسر والحرج وتبدل حكم الطهارة الى الترابية وكسقوط بعض أحكام الحج على النساء والضعفاء عند لزوم العسر والحرج وتغير أحكامها الأولية الى الثانوية كوجوب مباشرة الرمي وتبدله الى الاستنابة اذا كان في المباشرة عسر وحرج ، ومثل حرمة حلق اللحية فاذا استوجب امتثال الحرمة العسر والحرج جاز الحلق وهكذا .
ومنها التقية / فالوجوب والحرمة يسقطان مع التقية ويصير حكم متعلقهما الجواز وهو حكم ثانوي ثبت للمتعلق عند طرو عنوان خارجي وهو التقية ، كجواز السجود على ما لا يصح السجود عليه فهو حكم ثانوي ولولا التقية فالحكم الأولي عدم الجواز ووجوب السجود على ما يصح السجود عليه ، وقد يتحول الوجوب الى الحرمة او العكس بسبب التقية فالكذب حرام ولكن مع التقية يصير واجباً أحياناً كما إذا توقف حفظ نفس مؤمن عليه ، وإفطار آخر يوم من رمضان حرام ولكن مع التقية كما إذا أعلن الحاكم الجائر أنه الأول من شوال يصير جائزاً وربما واجباً إذا كان صيام ذلك اليوم مورداً للتقية .
ومنها العجز / فمع العجز تتغير بعض الأحكام الأولية الى أحكام ثانوية فكل واجب مع العجز يسقط وكذا المحرمات إذا عجز المكلف عن تركها أو عن ترك جزء منها جاز فعلها لاستحالة تكليف العاجز بالنهي ، والعجز عنوان ثانوي طارئ يكون سبباً لتغير الحكم الأولي الى حكم ثانوي ، فكفارة الظهار عتق رقبة ومع العجز تصير صيام شهرين متتابعين ومع العجز تكون إطعام ستين مسكيناً لأنها مرتبة ، ومباشرة الطواف والسعي واجب ولكن مع العجز يسقط الوجوب وتجب الاستعانة بالغير او الاستنابة .
ومنها المرض / كما قال تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة / 185 ، فالمرض سبب لسقوط حكم الصوم في شهر رمضان وهو الوجوب وتعلق حكم ثانوي وهو جواز الإفطار ، ومثل سقوط الطهارة المائية مع المرض ووجوب التيمم وهكذا .
ومنها السفر / كما في الآية السابقة حيث هو كالمرض من حيث وجوب الصوم ، فالسفر سبب لتبدل بعض الأحكام الأولية كالصوم والإتمام في الصلاة .
ومنها الانحصار / فهو سبب لتبدل الجواز الى الوجوب او بعض الأحكام الكفائية الى تعيينية كما إذا انحصرت الصناعات او المهن المهمة والضرورية في شخص .
ومنها عنوان المقدمية / فإنه عنوان طارئ موجب لتغير الحكم الأولي بالجواز الى الوجوب للشيء الذي يتوقف عليه الواجب او قل للشيء الذي يصير مقدمة لواجب ، بناء على الوجوب الشرعي لمقدمة الواجب .
ومنها التزاحم / فإنه موجب لتغير حكم المهم من الوجوب الى عدم الوجوب مراعاة للأهم فالواجب اذا زاحم واجباً أهم سقط وجوب المهم وتبدل الى عدم الوجوب بل الى الحرمة كوجوب الحج إذا زاحم ما هو أهم منه كالوجوب الأهم او الحرمة الأهم فحينئذٍ يتبدل حكم الحج الى الحرمة لأن فعله موجب لتفويت الأهم وإن كان لو عصى وحج فحجه صحيح .
ومنها الشرط / كما إذا اشترط فعل شيء او عدم فعله ضمن عقد فيجب الشيء المشروط فعله ويحرم الشيء المشروط تركه وهما حكما ثانويان لذلك الشيء بعد أن كان حكمه الأولي الإباحة فيجب الوفاء بالشرط لأن المؤمنين عند شروطهم .
ومنها الوصية / فقد يجب الشيء المباح بالوصية وهذا الوجوب حكم ثانوي تعلق بالموصى به عند طرو عنوان ثانوي عليه وهو الوصية او كونه موصى به كما اذا أوصى بالحج عنه من البلد .
ومنها الاستئجار والاستنابة / فهما سببان لوجوب ما لم يجب بالحكم الأولي كوجوب قضاء العبادات عن الميت لطرو عنوان ثانوي وهو الاستئجار عن الميت .
الى غير ذلك من موجبات تغير الأحكام الأولية وتبدل التكاليف الأساسية .
الفرق بين الحكم الأولي والحكم الثانوي
1. عرّف الحكم الأولي بأنه الحكم الشرعي المجعول للشيء أولاً وبالذات وبلحاظ عنوانه الذاتي لا بلحاظ ما يطرأ عليه من العناوين الثانوية والعوارض الأُخرى ، أما الحكم الثانوي فهو الحكم الشرعي المجعول للشيء بلحاظ ما يطرأ عليه من عناوين خارجية تقتضي تغيير حكمه الأولي .
2. إن الحكم الأولي ثابت لجميع المكلفين المخاطبين به أما الحكم الثانوي فثابت لخصوص من عرضت عنده العناوين الثانوية فحرمة أكل الميتة ثابتة لجميع المكلفين أما جوازه فثابت لخصوص من اضطر إليه ، هكذا سقوط بعض التكاليف فهو مختص بخصوص من كان في مورد التقية او من يلزمه العسر والحرج او يتحقق عنده الضرر وهكذا .
3. إن ملاك الحكم الأولي يكون في نفسه متعلقه فالمصالح والمفاسد وراء الأحكام الأولية لازمة لنفس متعلقاتها ، أما ملاك الحكم الثانوي فهو في العناوين الطارئة فملاكات الأحكام الثانوية تكون في نفس التقية والاضطرار والضرر والعسر والحرج ، او قل تكون في المتعلق لكن لا بما هو ولذاته بل بما هو متعنون بالعنوان الطارئ .
4. إن الأحكام الثانوية حيث أنها منوطة بالعناوين الثانوية ففعليتها منوطة بالمكلف فهو الذي يشخص ما إذا كان مضطراً او في تقية او عسر او حرج ، أما فعلية الأحكام الأولية فتتبع تحقق موضوعاتها وشرائطها وتحدديها منوط بالفقيه فهو الذي يحدد ما هو موضوع هذا الحكم الشرعي الأولي او ذاك نعم تشخيصها الخارجي أيضاً منوط بالمكلف ففعلية الحكم الأولي للحج وهو الوجوب منوطة بتحقق الاستطاعة وتحديد ذلك من وظيفة الفقيه الا أن تشخيص تحقق الاستطاعة خارجة من وظيفة المكلف .
الى غير ذلك مما يمكن أن يذكر من فوارق
مولى أبي تراب
19-07-2012, 02:53 PM
الحكم بمعنى القضاء
تقدم معنى الحكم أنه عبارة عن التشريع والجعل الإلهي ، وهو المسمى بالحكم الشرعي
نسبة الى الشرع والشارع لأنه هو المُنشأ والجاعل لذلك الحكم
تمييزاً له عن غيره من الأحكام المجعولة من قبل غير الشارع أي الإنسان
وهناك اصطلاح آخر للحكم يذكره الفقهاء ويقصدون به معنى آخر غير الجعل والتشريع الإلهي الذي هو معنى الحكم الشرعي
وإنما يقصدون به الحكم بمعنى القضاء فما يقضي به القاضي يسمى بالحكم ويسمون القاضي حاكماً ، لأنه يُصدر الحكم ويحكم بين الناس أي يقضي بينهم
وقد عرّفه الفقهاء بأنه ( إنشاء إنفاذ حكم الله من الحاكم وضعياً كان أو تكليفياً ، أو موضوع أحدهما )
أي أن الحاكم أي القاضي ينشأ تنفيذ وتطبيق حكم الله ، أي يحكم ويقضي بتطبيق حكم الله الذي هو عبارة عن الحكم الشرعي
سواء كان الحكم الشرعي وضعياً كحكمه بالملكية كما إذا قضى بين اثنين في دار فحكم بملكية أحدهما لها ، فملكيته لها حكم الله الوضعي لأن الله حكم بملكية المحكوم له للدار بالشراء او الإرث ونحوهما من أسباب الملكية والحاكم ينشأ تنفيذ حكم الله هذا أي يحكم ويقضي بتفعيل هذا الحكم الشرعي وإذا عُبّر عنه بأن الحاكم حكم بالملكية فهو تسامح فهو لا يحكم بالمكلية بل الحكم بالمكلية حكم الله تعالى وأما القاضي فينشأ تنفيذ هذا الحكم الإلهي وفق ما توفر لديه من أدلة للحكم كالبينة او اليمين او الإقرار او اليد ونحو ذلك
ومثل حكمه بالزوجية بين اثنين فهو إنشاء إنفاذ حكم الله الوضعي كما إذا أدعت امرأة الزوجية وأنكر الرجل او العكس فقضى للمدعي بالزوجية ، أو كحكمه بالفرقة وموت الزوج الغائب فهو إنشاء إنفاذ حكم الله الوضعي ، أو كحكمه بالضمان
وأما الحكم التكليفي فكما اذا أوجب شيئاً على شخص كالنفقة مثلاً
أما الموضوع فكحكمه بثبوت الهلال مثلاً بناء على ثبوته بحكم الحاكم فهو موضوع لوجوب الصوم المتعلق بصوم شهر رمضان ولحرمة الصوم المتعلق بالأول من شوال وهكذا
وكالحكم بمسجديّة مكان ، وكحكمه بالولاية او الوصاية لشخص على غيره وهكذا
ويأتي إن شاء الله مزيد بيان لهذا المصطلح عندما نتعرض لمصطلح الفتوى
الى هنا ننهي الكلام في المصطلح الأول وهو ( الحكم الشرعي ) وقد تعرضنا في ضمناً لعدة مصطلحات وهي : الحكم التكليفي ، الحكم الوضعي ، الوجوب ، الحرمة ، الاستحباب ، الكراهة ، الإباحة ، الواجب ، الحرام ، المستحب ، المكروه ، المباح ، الحكم بمعنى الجعل ، الحكم بمعنى المجعول ، الحكم الأولي ، الحكم الثانوي ، وأخيراً الحكم بمعنى القضاء
فمضافاً الى مصطلح الحكم الشرعي نكون قد تعرضنا الى ثمانية عشر مصطلحاً لكن أدرجنا الجميع تحت عنوان واحد هو مصطلح ( الحكم الشرعي )
ثم الكلام في المصطلح الثاني وهو ( الفتوى ) يأتي إن شاء الله تعالى
الحوزويه الصغيره
20-07-2012, 08:11 AM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم
بوركت اخي مولى أبي تراب على طرحك النوراني الهادف
يعطيك العافيه وجعله ربي بميزان اعمالك الصالحة
موفق لكل خير
طاووس اهل الجنة
29-07-2012, 07:26 AM
اللهم صل على محمد وال محمد
وعجل فرجهم
والعن اعداءهم وظالميهم
من الاولين والاخرين
الى يوم الدين
مولى أبي تراب
27-12-2012, 10:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
أسأل الله أن يبارك بكم ويقضي حوائجكم
وفقكم الله تعالى
مولى أبي تراب
27-12-2012, 10:36 PM
2. الفتوى
من المصطلحات الفقهية مصطلح : الفتوى
وعُرّف بأن الفتوى : إخبار الفقيه عن اللَّه سبحانه بحكم شرعي كلي متعلق بموضوع كلي حسب رأيه وما أدى إليه نظره .
أو قل هي رأي الفقيه في مقام استكشاف حكم الله عز وجل الشرعي الكلي
وقد تقدم تعريف الحكم الشرعي وما يشتمل عليه من أقسام وعرِفنا أنه : التشريع الصادر من الله تعالى
فالفقيه وفق وسائل وأدلة الاستنباط يحاول التعرف على هذا التشريع الإلهي في هذه المسألة أو تلك فيُخبر بما يؤدي
اليه نظره في تلك الأدلة على أنه حكم الله تعالى ومجعوله الشرعي في تلك المسألة
فالفتوى هي نتيجة الاجتهاد والاستنباط الفقهي ونتيجة النظر في الأدلة ، مثلاً إذا أراد الفقيه معرفة رأي الشريعة في
غسل الجمعة أنه واجب أو مستحب ، أو في حكم صلاة الجمعة في عصر الغيبة ، أو غير ذلك فإنه حينئذٍ سينظر في
الأدلة الشرعية وما يصلح استفادة الحكم الشرعي منه من الكتاب والسنة وغيرهما فما توصّل اليه نظره واستنباطه
واستنتاجه من تلك الأدلة يسمى بالفتوى ، فقوله غسل الجمعة مستحب يسمى فتوى وقوله صلاة الجمعة واجبة فهذه
فتوى ، ويعبر عنها الفقيه بتعبيرات مختلفة مثل : يجب ، يستحب ، يحرم ، يكره ، يجوز ، يبطل ، يثبت ، يصح ،
يشترط ، .... الى غير ذلك من ألفاظ .
ملاحظة / إذا أراد الفقيه معرفة رأي الشريعة في مسألة فإنه سيبحث عن الدليل عليه في ما يصلح أن يكون دليلاً
على الفتوى ومرجعاً لاستنباطها فإن وجد الدليل كآية أو رواية وأفتى على أساسه سمي ذلك ( فتوى ) ويسمى ذلك
الدليل بالدليل الاجتهادي ، وإن لم يجد الدليل فإنه سيلجأ الى وسيلة أخرى لمعرفة الحكم الشرعي في تلك المسألة
وهي بالاعتماد على بعض القواعد التي تسمى بالأصول العملية لكن حينئذ الرأي الناتج عنها لا يسمى ( فتوى )
إذن الفتوى هي رأي الفقيه المستند الى الدليل الاجتهادي في بيان الحكم الشرعي
مثلاً يقول الفقيه :
( كل من اشترى حيواناً - إنساناً كان أو غيره - ثبت له الخيار ثلاثة أيام ) لاحظ مثلاً منهاج الصالحين - السيد الخوئي ج2 ص29
وقد استفاد هذا الحكم الشرعي وهو ثبوت خيار الفسخ لعقد البيع لمن اشترى حيواناً لمدة ثلاثة أيام من عدة روايات
منها ما رواه الشيخ الطوسي رضوان الله عليه عن الحسن بن علي بن فضال قال : ( سمعت يا أبا الحسن علي بن
موسى الرضا عليه السلام يقول : صاحب الحيوان المشتري بالخيار بثلاثة أيام ) وسائل الشيعة ج 12 ص 349
فالحكم بثبوت خيار الفسخ يسمى فتوى والرواية التي استفيد منها هذا الحكم تسمى بالدليل الاجتهادي .
ثم إن قيد الكلي المأخوذ في التعريف يراد به الاحتراز عن الإخبار بحكم جزئي المصطلح عليه ( الحكم ) بمعنى
القضاء ، فالفتوى حكم شرعي كلي ، والحكم بمعنى القضاء حكم شرعي جزئي ، والمراد من كون الفتوى حكماً شرعياً
كلياً كونه قاعدة عامة يذكرها الفقيه لا تختص بمورد معين أو حالة معينة ولا يكون الملحوظ فيها موضوع خارجي ،
فقول الفقيه ( الخمر حرام ) حكم شرعي كلي لأنه يتحدث عن الخمر بشكل عام وكقاعدة كلية تنطبق على جزئيات
خارجية أي تشمل كل خمر يوجد في الخارج ولا يختص الحكم بالحرمة بخمر معين دون غيره ، وهذا بخلاف الحكم
بمعنى القضاء الذي يكون موضوعه قضية خارجية .
وعليه فقولنا هذا الخمر حرام في إشارة الى خمر خارجي هو في الحقيقة ليس فتوى وإنما تطبيق للفتوى لأنه ليس
حكماً كلياً حينئذٍ لأن الحديث ليس عن كل خمر أو قل عن طبيعة الخمر بل عن خمر مشخّص موجود في الخارجي
فالمقصود أن هذا المائع الخارجي هو أحد تطبيقات تلك القاعدة الفقهية والحكم الكلي التي يدل عليها قول الفقيه
( الخمر حرام ) ، وتسمية ذلك بالفتوى من باب التوسع في الإطلاق وليس حقيقة .
الحوزويه الصغيره
07-01-2013, 01:12 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
شكرًا لكم شيخنا الفاضل على هذه الإفادة ..
دمت ودام قلمك
فلاح حسن بيعي
08-01-2013, 05:16 AM
رحم الله والديك
تبيان واضح وشرح كاف
مولى أبي تراب
19-01-2013, 11:55 PM
اللهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد
أحسن الله إليكم وأكرمكم بالعلم النافع والعمل به
شاكر لجنابكم دوام المتابعة
وفقكم الله تعالى
مولى أبي تراب
20-01-2013, 12:00 AM
فائدة
فرقوا بين الفتوى والحكم بمعنى القضاء بأمور :
الأول / الفتوى من الأخباريات والحكم من الإنشائيات ، فإن الفتوى إخبار عن الله تعالى بحكم كلي ، أما الحكم فهو إنشاء الحاكم إنفاذ حكم الله تعالى أي أن الحاكم أي القاضي ينشأ تنفيذ وتطبيق حكم الله الشرعي الجزئي كما تقدم .
الثاني / الفتوى بيان الحكم الكلي للموضوع الكلي فقول الفقيه ( الخمر حرام ) هو فتوى لأنه في مقام بيان الحكم الكلي وهو الحرمة لموضوع كلي وهو الخمر بما هو خمر لا خمراً معيناً ، والحكم تطبيق الكلي على الموارد الجزئية فالحاكم يطبق بحكمه القواعد الكلية على القضايا الجزئية كحكمه بملكية زيد للدار لأنها تحت يده تطبيقاً لقاعدة أمارية اليد فيكون قد استند الى هذه الكبرى الكلية وطبقها على قضية جزئية وهي الملكية الخارجية للدار .
أو قل : الفتوى بيان للحكم الشرعي الكلي مثل الخمر حرام ، والحكم بيان الحكم الشرعي الجزئي مثل هذه الدار ملك لزيد .
الثالث / الفتوى حجة للعامي الذي يقلَّد المجتهد فيها بخلاف الحكم فإنه حجة في حق العامي والمجتهد ويجب على الكل إنفاذه .
الرابع / الفتوى حجة للمقلد الذي يقلَّد المجتهد فيها والحكم حجة في حق مطلق العامي سواء كان مقلداً أو لا .
الخامس / الفتوى تنقض بالحكم دون العكس ، ( والمراد بنقض الفتوى بالحكم إبطال الحكم الكلي في خصوص الجزئي ، الذي يكون مورد الحكم بالنسبة إلى كل أحد ، من غير فرق بين الحاكم ومقلديه وغيرهم من الحكام المخالفين له ومقلديهم ، فيبطل حكم الاجتهاد والتقليد في خصوص ذلك الجزئي ، بلا فرق في ذلك بين العقود والإيقاعات ، والأحكام التكليفية والوضعية ، حتى الطهارة والنجاسة ، فلو تنازع شخصان في بيع شيء من المايعات لاقى عرق الجنب من الحرام ، عند حاكم يرى طهارته ، فحكم بالطهارة ، كان طاهرا مملوكا للمحكوم عليه ، ويترتب أثر الطهارة ولو كان مجتهدا يرى النجاسة أو مقلد المجتهد كذلك ، وكذا في نظائر المسألة ، وذلك كله لإطلاق ما تقدم من الأخبار من أن حكمه حكمهم عليهم السلام ، والرد عليه رد على الإمام عليه السلام ) مهذب الأحكام للسيد السبزواري ج27 ص34
وحاصل كلامه زيد في علو مقامه أن حكم الحاكم مقدم على فتوى الفقيه وناقض لها ، مثلاً بين الفقهاء خلاف في حكم عرق الجنب من الحرام من حيث الطهارة والنجاسة فلو كان الحاكم يرى طهارته والمحكوم عليه يرى نجاسته أو مقلداً لمن يرى نجاسته كان حكم الحاكم مقدماً عنده في مورد الحكم كما إذا باع شخص مائعاً لاقى عرق الجنب من الحرام وعلم المشتري بذلك بعد ذلك فتنازعا في صحة البيع فالبائع يقول أنا أملكه والبيع صحيح والمشتري يقول البيع باطل لأن مذهبه نجاسة عرق الجنب من الحرام اجتهاداً أو تقليداً ، فإذا احتكما الى الحاكم وتنازعا عنده أن المائع الذي لاقى عرق الجنب من الحرام طاهر فيكون مملوكاً ويجوز بيعه أم نجس فلا يكون قابلاً للتملك فلا يصح بيعه ؟ فإذا حكم الحاكم بقابليته للتملك وبالتالي صحة بيعه لأنه يرى طهارته كان حكمه نافذاً على المشتري وإن كان يرى نجاسته اجتهاداً أو تقليداً ، نعم تقديم الحكم على الفتوى عند المشتري ونفوذ الحكم بالطهارة في حقه وإن كان يرى النجاسة اجتهاداً أو تقليداً يختص بذلك المورد المتنازع فيه وتلك الواقعة لا مطلقاً ففي غير ذلك المورد يعمل على مقتضى مذهبه من النجاسة لعدم وجود حكم ينقض الفتوى في غير ذلك المورد فتبقى نافذة وحجة ، قال السيد اليزدي في العروة الوثقى ( وأمّا الفتوى فيجوز نقضها بالفتوى وبالحكم أمّا الأوّل ..... وأمّا الثاني فكما إذا كان مذهبه اجتهاداً أو تقليداً نجاسة الغسالة أو عرق الجنب من الحرام مثلا واشترى مائعاً فتبيّن أنّه كان ملاقياً للغسالة أو عرق الجنب من الحرام فتنازع مع البائع في صحّة البيع وعدمها وترافعا إلى مجتهد كان مذهبه عدم النجاسة وصحّة البيع فحكم بصحّته ، فإنّ اللازم على المشتري العمل به وجواز التصرّف في ذلك المائع . ففي خصوص هذا المورد يعمل بمقتضى الطهارة ويبني عليها وينقض الفتوى بالنسبة إليه بذلك الحكم ، وأمّا بالنسبة إلى سائر الموارد فعلى مذهبه من النجاسة حتّى أنّه إذا لاقى ذلك المائع بعد الحكم بطهارة الغسالة أو عرق الجنب يبقى على تقليده الأوّل فيبني على نجاسته ، وهكذا في سائر المسائل الظنّيّة في غير الصورتين المذكورتين ) .
الحوزويه الصغيره
30-01-2013, 04:59 PM
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
اخي الكريم/ مولى أبي تراب
دمتم بهذا الع ـطآء المستمـر
يسع ـدني الـرد على مـواضيعكـم
والاستفادة بمـا قرأت
تـقبل خ ـالص احترامي
لارواح ـكم الجمـيله
vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
Jannat Alhusain Network © 2024