المؤرخ
14-06-2012, 04:00 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى محمد بن الحسن (صاحب أبي حنيفة) عن أبي حنيفة أنه قال: أقلد من كان من القضاة المفتين من الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والعبادلة الثلاثة ولا أستجيز خلافهم برأيي إلا ثلاثة نفر (أنس بن مالك وأبو هريرة وسمرة بن جندب). فقيل له في ذلك، فقال: أما أنس فأختلط في آخر عمره وكان يستفتي فيفتي من عقله، وأنا لا أقلد عقله، وأما أبو هريرة فكان يروي كل ما سمع من غير أن يتأمل في المعنى ومن غير أن يعرف الناسخ والمنسوخ.{أضواء على السنة المحمدية لأبي رية ص 205، ينقله عن كتاب مختصر كتاب المؤمل لأبي شامة}
وروى أبو يوسف (وهو صاحب أبي حنيفة وتلميذه أيضاً): قال: قلت لأبي حنيفة: الخبر يجيئني عن رسول الله يخالف قياسنا: ما نصنع به؟ فقال: إذا جاءت به الرواة الثقات عملنا به وتركنا الرأي. فقلت: ما تقول في رواية أبي بكر وعمر؟ قال: ناهيك بهما، فقلت: وعلي وعثمان؟ قال: كذلك، فلما رآني أعد الصحابة، قال: والصحابة كلهم عدول ما عدا رجالاً. وعدَ منهم أبا هريرة وأنس بن مالك{المصدر السابق، وأيضاً رواها علامة المعتزلي أبن أبي الحديد في شرح النهج 4: 68}.
وأيضاً نقل أحمد أمين المصراة عن أبي حنيفة بانهم كانوا يتركون حديث أبي هريرة إذا عارض قياسهم، كما فعلوا في حديث عن المصراع (وهي البقرة أو الشاة أو الناقة يجمع اللبن في ضرعها ويحبس أياماً لا تحلب فيها لإيهام المشتري أنها غزيرة اللبن)، وقالوا: أبو هريرة غير فقيه وحديثه هذا مخالف للأقيسة بأسرها فإن حلب اللبن من التعدي، وضمان التعدي يكون بالمثل أو القيمة والصاع من التمر ليس واحداً منها.. إلى آخر كلامهم) {أنظر: فجر الإسلام: 26}.
ومن المعلوم أيضاً عن رأي أبي حنيفة وأصحابه كافة بطلان الصلاة بالكلام مطلقاً ولو عن نسيان أو جهل أو ظن المصلي بأنّه خرج من الصلاة، والفقه الحنفي صريح بهذا الرأي وعليه سفيان الثوري في أصح الرايتين عنه، وهذا مما يدل على أن لا قيمة عندهم لحديث أبي هريرة، الذي حّدث بأنَّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سها فسلم في الرباعية عن ركعتن، ثم قام من مصلاه ودخل حجرته ثم رجع فقيل له، أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: لم تقصر ولم أنس، فقالوا: بلى صليت بنا ركعتين. وبعد حوار كان بينه وبينهم أيقن مما يقولون فبنى على الركعتين وأتم الصلاة ثم سجد للسهو {أنظر: صحيح البخاري 1: 175، صحيح مسلم 2:86}.
وبهذا أخذ مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وغيرهم فأفتوا بأنَّ كلام الناس للصلاة والذي يظن أنّه ليس فيها لا يبطلها، ولكن أبا حنيفة حيث لم يأبه بحديث أبي هريرة، أفتى بالبطلان {أنظر شرح مسلم للنووي 5: 69}.
وقد ذكر الملا علي القاري أن من أصول أبي حنيفة في العمل بالسنة أن لا يعمل الراوي بخلاف خبره، وذكر حديث أبي هريرة في غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعاً، فإنه مخالف لفتيا أبي هريرة، قال القاري: فترك أبو حنيفة العمل به لتلك العلة {أنظر شرح مسند أبي حنيفة : 4 }.
وهكذا نجد بأننا لو تتبعنا الموارد التي أعرض فيها أبو حنيفة وأصحابه عن حديث أبي هريرة لوجدنا أنها لا تحصى كثرة، وليس الاستشكال في بعض الأحاديث كما هو المدّعى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى محمد بن الحسن (صاحب أبي حنيفة) عن أبي حنيفة أنه قال: أقلد من كان من القضاة المفتين من الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والعبادلة الثلاثة ولا أستجيز خلافهم برأيي إلا ثلاثة نفر (أنس بن مالك وأبو هريرة وسمرة بن جندب). فقيل له في ذلك، فقال: أما أنس فأختلط في آخر عمره وكان يستفتي فيفتي من عقله، وأنا لا أقلد عقله، وأما أبو هريرة فكان يروي كل ما سمع من غير أن يتأمل في المعنى ومن غير أن يعرف الناسخ والمنسوخ.{أضواء على السنة المحمدية لأبي رية ص 205، ينقله عن كتاب مختصر كتاب المؤمل لأبي شامة}
وروى أبو يوسف (وهو صاحب أبي حنيفة وتلميذه أيضاً): قال: قلت لأبي حنيفة: الخبر يجيئني عن رسول الله يخالف قياسنا: ما نصنع به؟ فقال: إذا جاءت به الرواة الثقات عملنا به وتركنا الرأي. فقلت: ما تقول في رواية أبي بكر وعمر؟ قال: ناهيك بهما، فقلت: وعلي وعثمان؟ قال: كذلك، فلما رآني أعد الصحابة، قال: والصحابة كلهم عدول ما عدا رجالاً. وعدَ منهم أبا هريرة وأنس بن مالك{المصدر السابق، وأيضاً رواها علامة المعتزلي أبن أبي الحديد في شرح النهج 4: 68}.
وأيضاً نقل أحمد أمين المصراة عن أبي حنيفة بانهم كانوا يتركون حديث أبي هريرة إذا عارض قياسهم، كما فعلوا في حديث عن المصراع (وهي البقرة أو الشاة أو الناقة يجمع اللبن في ضرعها ويحبس أياماً لا تحلب فيها لإيهام المشتري أنها غزيرة اللبن)، وقالوا: أبو هريرة غير فقيه وحديثه هذا مخالف للأقيسة بأسرها فإن حلب اللبن من التعدي، وضمان التعدي يكون بالمثل أو القيمة والصاع من التمر ليس واحداً منها.. إلى آخر كلامهم) {أنظر: فجر الإسلام: 26}.
ومن المعلوم أيضاً عن رأي أبي حنيفة وأصحابه كافة بطلان الصلاة بالكلام مطلقاً ولو عن نسيان أو جهل أو ظن المصلي بأنّه خرج من الصلاة، والفقه الحنفي صريح بهذا الرأي وعليه سفيان الثوري في أصح الرايتين عنه، وهذا مما يدل على أن لا قيمة عندهم لحديث أبي هريرة، الذي حّدث بأنَّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سها فسلم في الرباعية عن ركعتن، ثم قام من مصلاه ودخل حجرته ثم رجع فقيل له، أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: لم تقصر ولم أنس، فقالوا: بلى صليت بنا ركعتين. وبعد حوار كان بينه وبينهم أيقن مما يقولون فبنى على الركعتين وأتم الصلاة ثم سجد للسهو {أنظر: صحيح البخاري 1: 175، صحيح مسلم 2:86}.
وبهذا أخذ مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وغيرهم فأفتوا بأنَّ كلام الناس للصلاة والذي يظن أنّه ليس فيها لا يبطلها، ولكن أبا حنيفة حيث لم يأبه بحديث أبي هريرة، أفتى بالبطلان {أنظر شرح مسلم للنووي 5: 69}.
وقد ذكر الملا علي القاري أن من أصول أبي حنيفة في العمل بالسنة أن لا يعمل الراوي بخلاف خبره، وذكر حديث أبي هريرة في غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعاً، فإنه مخالف لفتيا أبي هريرة، قال القاري: فترك أبو حنيفة العمل به لتلك العلة {أنظر شرح مسند أبي حنيفة : 4 }.
وهكذا نجد بأننا لو تتبعنا الموارد التي أعرض فيها أبو حنيفة وأصحابه عن حديث أبي هريرة لوجدنا أنها لا تحصى كثرة، وليس الاستشكال في بعض الأحاديث كما هو المدّعى.