حيدر عراق
25-06-2012, 07:14 PM
صورة كينيث جاريك الممنوعة من النشر
حيدر محمد الوائلي
خير الكلام ما قلّ ودلّ...
وأكثر خيراً من الكلام وقليله ودلالته صورة معبرة لمصور بارع أبدع في التقاطها كما أبدع في وصفها وهو يدون من تحتها عبارة توقظ الضمير وتحيي النفوس وتصفع وجوهاً تمشي وهي منومة في سرير الحياة اليومية لا سبيل لها سوى النوم بعيون مفتوحة...
هذه الصفعة نالت مني مأخذها فصفعة الحقيقة موجعة، بل لو كانت صفعة (مادية) لا (وصفية) لأحمر لها خدي حيث الحقيقة المرة التي لا يراها الكثيرين من المنومين والنائمين حيث لا يريدون أن يروا غير ما يشتهوا أن يروا...
في يومٍ من أيام العراق الدموية...!!
وهل من يومٍ عراقٍ دون دماء...؟!
كان المصور الأمريكي (كينيث جاريك) (Kenneth Jarecke) يتجول مصطحباً كاميراته ليوثق حرباً لم يكن للشعب بها ولها ومنها لا ناقة ولا جمل حيث ورطته السياسة والظالمين بها فكان هو حطبها وحطيمها وممن إكتوى بنارها ولَسَعَه شرارها ولا زال...
في حرب الخليج الثانية، حيث حرب الخليج الأولى مع إيران في ثمان سنوات، وحرب الخليج الثانية لدى غزو نظام صدام لدولة الكويت في أشهرٍ، ليعقبها حصار ظالم ووحشي أشد ضراوة وألماً وضرراً من الحرب دام خمسة عشر سنة ضاق الشعب منها المر بينما عاش النظام وحاشيته في رغدٍ وهناء، فصمتت منظمات حقوق الأنسان والأمم المتحدة عنها يومها فكانت تلك السنوات كفيلة بتدمير الشعب معنوياً وإجتماعياً ونفسياً...
ولا زال لليوم أثار ذلك الحصار الجائر واضحاً ومؤثراً على طريقة تفكير الشعب وتصرفاته وطريقة تعامله مع الحياة والسياسة والدولة...
كما ولازالت اثار تلك الحروب على الشعب واضحة للعيان.
ومن ثم أتت حرب الخليج الثالثة وسقوط نظام ظلم صدام، ليعقبه مسلسل دموي قلّ نظيره من الإرهاب والقتل والدمار وبشاعة الجرائم التي لم تميز لا طفلاً في مهده ولا عجوزاً يتوكأ على عكازته ولا شاباً بعنفوان عطائه وحيويته وسط خذلان الناصر وخيانة الصديق ومكر الجار وكراهية أبن العم، فقضى من قضى نحبه مظلوماً مقتولاً محترقاً متفجراً متمزقاً من نار تفجيرات أبناء الجوار من عربٍ وأعاجم وبني الإسلام ورافعي شعار الله حيثما ولوا ولكن حيثما ولوا فليس ثم وجه الله...!!
كان من ورائهم سياسيات دول عظمى وأخرى مجاورة تدين لتلك العظمى بالولاء ووالسمع والطاعة، تجمعت كلها لتخريب العراق والعبث بالمنطقة بأسرها، لأجندات وغايات خبيثة وبشعة...
في حرب الخليج الثانية ألتقط (كينيث جاريك) الذي كان برفقة أحد ضباط الشؤون فصادف وجود أرتال عسكرية محترقة لسيارات الجيش العراقي العائد بقرار من نظام صدام بالأنسحاب حيث دخل بمغامرة فاشلة للكويت لم يكن أي داعي لها ليأمر بسحب الجيش العراقي سحباً مذلاً...
أرتال وجيش أُبيد عن بكرة أبيه بضربات طائرات الجيش الأمريكي التي لا ترحم، فطلب (كينيث) من الضابط الذي برفقته التوقف لدى رؤيته حافلة يجلس بأحد كراسيها جندي عراقي محترق ومتفحم ولا زال فيه رمقٍ من حياةِ...
كان الجندي مخرجاً رأسه من نافذة السيارة المحترقة وممسكاً بيديه المحترقتين طرفي النافذة المحترقة حيث نظرات الجندي المتفحم وهو مكشراً عن أسنان هي الأخرى محترقة ومباشرة صوب (كينيث) الذي لم ينتظر كثيراً ليوثق بعدسته أشهر صورة لمعركة دموية في التاريخ الحديث حيث كان الجندي العراقي المسكين متفحماً فاغراً فاه ولعله يصرخ من ألم النار التي دبت فيه...
كان محترقاً متفحماً ومكشراً عن أسنانٍ محترقة وغاضبة ومرعبة، لا يتمالك من ينظر لها إلا أن يرتعب ويشمئز من منظرها، لذلك كتب تحتها (كينيث) وصفاً لتبرير حجته بتلك الصورة وبشاعتها، فكتب يقول:
(إذا لم أصور هذا، فأناس مثل أمي سيعتقدون أن الحرب هو ما يشاهدوه على التلفاز...!!)
تم منع نشر هذه الصورة في الوكالة التي يعمل بها كينيث وهي الأسيوشيتد برس (Associated press) لبشاعتها، ولكن تم تسريبها ونشرها لاحقاً في صحيفة لندن اوبسيرفر (London Observer) في عددها الصادر في العاشر من آذار 1991، وقد أثارت جدلاً كبيراً وقتها.
كانت بالفعل صورة وحشية، ولكنها للأسف الحقيقة الوحشية والتي يشفق من وحشيتها حتى الحيوانات المتوحشة، فالحرب أبشع مما يتصوره البعض ممن يتابع الأخبار من على شاشات التلفاز، حيث تتلاعب القنوات التلفزيونية بالعقول والأفكار بألاعيبها وتوجهاتها، وخبث وتمويه وسائل الأعلام المختلفة والعبودية لمموليها، فالحرب لا يصح وصفها بأي وصف أخر غير الوحشية، مهما كانت مبرراتها...!!
حيدر محمد الوائلي
خير الكلام ما قلّ ودلّ...
وأكثر خيراً من الكلام وقليله ودلالته صورة معبرة لمصور بارع أبدع في التقاطها كما أبدع في وصفها وهو يدون من تحتها عبارة توقظ الضمير وتحيي النفوس وتصفع وجوهاً تمشي وهي منومة في سرير الحياة اليومية لا سبيل لها سوى النوم بعيون مفتوحة...
هذه الصفعة نالت مني مأخذها فصفعة الحقيقة موجعة، بل لو كانت صفعة (مادية) لا (وصفية) لأحمر لها خدي حيث الحقيقة المرة التي لا يراها الكثيرين من المنومين والنائمين حيث لا يريدون أن يروا غير ما يشتهوا أن يروا...
في يومٍ من أيام العراق الدموية...!!
وهل من يومٍ عراقٍ دون دماء...؟!
كان المصور الأمريكي (كينيث جاريك) (Kenneth Jarecke) يتجول مصطحباً كاميراته ليوثق حرباً لم يكن للشعب بها ولها ومنها لا ناقة ولا جمل حيث ورطته السياسة والظالمين بها فكان هو حطبها وحطيمها وممن إكتوى بنارها ولَسَعَه شرارها ولا زال...
في حرب الخليج الثانية، حيث حرب الخليج الأولى مع إيران في ثمان سنوات، وحرب الخليج الثانية لدى غزو نظام صدام لدولة الكويت في أشهرٍ، ليعقبها حصار ظالم ووحشي أشد ضراوة وألماً وضرراً من الحرب دام خمسة عشر سنة ضاق الشعب منها المر بينما عاش النظام وحاشيته في رغدٍ وهناء، فصمتت منظمات حقوق الأنسان والأمم المتحدة عنها يومها فكانت تلك السنوات كفيلة بتدمير الشعب معنوياً وإجتماعياً ونفسياً...
ولا زال لليوم أثار ذلك الحصار الجائر واضحاً ومؤثراً على طريقة تفكير الشعب وتصرفاته وطريقة تعامله مع الحياة والسياسة والدولة...
كما ولازالت اثار تلك الحروب على الشعب واضحة للعيان.
ومن ثم أتت حرب الخليج الثالثة وسقوط نظام ظلم صدام، ليعقبه مسلسل دموي قلّ نظيره من الإرهاب والقتل والدمار وبشاعة الجرائم التي لم تميز لا طفلاً في مهده ولا عجوزاً يتوكأ على عكازته ولا شاباً بعنفوان عطائه وحيويته وسط خذلان الناصر وخيانة الصديق ومكر الجار وكراهية أبن العم، فقضى من قضى نحبه مظلوماً مقتولاً محترقاً متفجراً متمزقاً من نار تفجيرات أبناء الجوار من عربٍ وأعاجم وبني الإسلام ورافعي شعار الله حيثما ولوا ولكن حيثما ولوا فليس ثم وجه الله...!!
كان من ورائهم سياسيات دول عظمى وأخرى مجاورة تدين لتلك العظمى بالولاء ووالسمع والطاعة، تجمعت كلها لتخريب العراق والعبث بالمنطقة بأسرها، لأجندات وغايات خبيثة وبشعة...
في حرب الخليج الثانية ألتقط (كينيث جاريك) الذي كان برفقة أحد ضباط الشؤون فصادف وجود أرتال عسكرية محترقة لسيارات الجيش العراقي العائد بقرار من نظام صدام بالأنسحاب حيث دخل بمغامرة فاشلة للكويت لم يكن أي داعي لها ليأمر بسحب الجيش العراقي سحباً مذلاً...
أرتال وجيش أُبيد عن بكرة أبيه بضربات طائرات الجيش الأمريكي التي لا ترحم، فطلب (كينيث) من الضابط الذي برفقته التوقف لدى رؤيته حافلة يجلس بأحد كراسيها جندي عراقي محترق ومتفحم ولا زال فيه رمقٍ من حياةِ...
كان الجندي مخرجاً رأسه من نافذة السيارة المحترقة وممسكاً بيديه المحترقتين طرفي النافذة المحترقة حيث نظرات الجندي المتفحم وهو مكشراً عن أسنان هي الأخرى محترقة ومباشرة صوب (كينيث) الذي لم ينتظر كثيراً ليوثق بعدسته أشهر صورة لمعركة دموية في التاريخ الحديث حيث كان الجندي العراقي المسكين متفحماً فاغراً فاه ولعله يصرخ من ألم النار التي دبت فيه...
كان محترقاً متفحماً ومكشراً عن أسنانٍ محترقة وغاضبة ومرعبة، لا يتمالك من ينظر لها إلا أن يرتعب ويشمئز من منظرها، لذلك كتب تحتها (كينيث) وصفاً لتبرير حجته بتلك الصورة وبشاعتها، فكتب يقول:
(إذا لم أصور هذا، فأناس مثل أمي سيعتقدون أن الحرب هو ما يشاهدوه على التلفاز...!!)
تم منع نشر هذه الصورة في الوكالة التي يعمل بها كينيث وهي الأسيوشيتد برس (Associated press) لبشاعتها، ولكن تم تسريبها ونشرها لاحقاً في صحيفة لندن اوبسيرفر (London Observer) في عددها الصادر في العاشر من آذار 1991، وقد أثارت جدلاً كبيراً وقتها.
كانت بالفعل صورة وحشية، ولكنها للأسف الحقيقة الوحشية والتي يشفق من وحشيتها حتى الحيوانات المتوحشة، فالحرب أبشع مما يتصوره البعض ممن يتابع الأخبار من على شاشات التلفاز، حيث تتلاعب القنوات التلفزيونية بالعقول والأفكار بألاعيبها وتوجهاتها، وخبث وتمويه وسائل الأعلام المختلفة والعبودية لمموليها، فالحرب لا يصح وصفها بأي وصف أخر غير الوحشية، مهما كانت مبرراتها...!!