مرتضى علي الحلي
27-06-2012, 08:29 PM
: زيارة الحُسَين :عليه السلام:في يوم ميلاد الإمام المهدي
:عجَّلَ اللهُ تعالى فرجه الشريف :
=================================== ====
: قراءةٌ في الظاهرة والخطاب :
==================================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
من المعلوم إنَّ الزيارة في مفهومها العام تُشكِّل سلوكاً عُقلائيا تعاهد عليه الناس بشريا .
ولا ينحصر ماتنتجه الزيارة من أهداف وغايات في بُعدٍ معين
لا بل يمتد إلى كلِّ بُعدٍ بُعد .
سواء على مستوى المجتمع أو الفرد ذاته أو على مستوى الدين أيضاً
من جانب تقوية الإرتباط بالشخص المُزار.
تقوية مفهومية وقيمية يُلحظ أثرها في السلوك والفكر والمنهج.
هذا من جهة عقلائية الزيارة مفهوما وسلوكا بصورة عامة.
أما من جهة شرعيَّة الزيارة في مفهومها وسلوكها عامة وخاصة
فهذا ما أمضاه المعصومون:عليهم السلام:بما فيهم النبي الأكرم محمد
:صلى الله عليه وآله وسلَّم:
فضلاً عن حثِّهم الأكيد والمتواصل عبر السلسلة من الأئمة المعصومين:ع:
عن الحسين بن علي بن ثوير بن أبي فاختة قال :
قال لي أبو عبد الله :الإمام الصادق:عليه السلام :
يا حسين من خرج من منزله
يريد زيارة الحسين ابن علي بن أبي طالب
: عليهما السلام:
إن كان ماشيا كتب الله له بكل خطوة حسنة ، وحطَّ بها عنه سيئة
وإن كان راكبا كتب الله له بكل حافر حسنة ، وحطَّ عنه بها سيئة
حتى إذا صار بالحائر كتبه الله من الصالحين
وإذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين
حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك
فقال : له :
أنا رسول الله : ربّك يقرئك السلام
ويقول لك : استأنف فقد غفر لك ما مضى.
:وسائل الشيعة:الحر العاملي:ج14:ص439.
كلُّ ذلك يكشف كشفاً إنيّاً وشرعياً عن حجيَّة ومشروعية الزيارة العامة والخاصة.
هذا إذا لحظنا الزيارة بوصفها سلوكا متشرعيّا كان معهوداً في زمن المعصومين:عليهم السلام:
وأما إذا لحظنا الزيارة بوصفها نصّاً شرعيا لفظيا
ً فهذا هو الآخر يكون الأقوى دلالةً في متنه وسنده وفقهه .
للمضي بالإمتثال والطاعة في أداء الزيارة.
لاشك أنَّ ليلة النصف من شعبان المبارك هي ليلة مُباركة مثّلتْ في تحققها التأريخي نقطة البداية الفعلية لمشروع الإمام المهدي:ع: حيثُ ولِدَ فيها .
وقد سُئِلَ الإمام الباقر: عليه السلام :عن فضل ليلة النصف من شعبان
فقال : هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر ، فيها يمنح الله العباد فضله ويغفر لهم بمنه فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها
فإنِّها ليلة آلى الله عز وجل على نفسه لا يرد سائلا فيها ما لم يسأل الله معصية
وإنَّها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينا
:صلى الله عليه وآله وسلّم:
فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله :
:مصباح المتهجد :الشيخ الطوسي :ص831.
وأبرز عمل أكَّدتْ عليه الروايات في هذه الليلة المباركة هي زيارة الإمام الحسين:ع:
دون غيره من الأئمة المعصومين :عليهم السلام:
والحال كان من المفروض أن تؤكِّد الروايات على زيارة قبر الإمام الحسن العسكري
: عليه السلام: ؟
بإعتباره والد الإمام المهدي:ع: وهو المُهنّأ الفعلي
لكن جاء الأمر الإرشادي بإتجاه زيارة الإمام الحسين:عليه السلام:
ولعلّه والله العالم إنَّما حصل ذلك
كون زيارة الإمام الحسين :ع:
تحوَّلت إلى ظاهرة قيميَّة تمتلك خطابا واعيا وأهدافا حكيمة
أكثر من زيارة أي معصوم آخر .
طبعاً مع إنحفاظ قيمة وقدسيَّة زيارة بقية المعصومين :عليهم السلام:
لذا نلحظ التحفيز المعنوي والحكمي حاضراً وبقوة في متن الروايات المُرشدة إلى زيارة الإمام الحسين:ع: في خصوص ليلة الخامس عشر من شعبان المبارك.
فعن أبي عبد الله الإمام جعفر الصادق: عليه السلام :
قال:
: مَن أحب أن يصافحه مئة ألف وعشرون ألف نبي
فليزر قبر الحسين :عليه السلام: في نصف شعبان
فإنَّ أرواح النبيين يستأذن الله تعالى في زيارته فيؤذن لهم :
:مصباح المتهجد :الشيخ الطوسي :ص830.
ومِن أبرز مايجب أن يتوفر عليه خطاب و ظاهرة زيارة الإمام الحسين:ع:
وفق ما جاء في متون زيارات المعصومين:ع:
هو ماتضمنته هذه الفقرات المؤسِّسة للزيارة الواعية والحكيمة ظاهرةً وخطابا.
: عارفاً بحقكم
: مُستَبصِراً بشأنكم
:مُعاديا لأعدائكم
: موالياً لأوليائكم :
:المقنعة: المفيد: ص475.
وهذه هي الرباعيّة المفهومية قيميّاً
والتي يُراد لها من قبل المعصومين :عليهم السلام: أن تأخذ طريقها إلى التطبيق واقعا ومصداقا.
كون معرفة حق أهل البيت الطاهرين:عليهم السلام: هو الخطوة الأولى في مناشط ظاهرة زيارة الإمام الحسين:ع: وبقية المعصومين.
فليس للإنسان أن يسير بإتجاه معين دون وجه حق ومعرفة به.
وبمعرفة حق المعصوم:عليه السلام:
تتحرك إرادة الإنسان المؤمن بوعي ودراية لما تطلبه طلبا صالحا ومُصلحا.
لذا قال الإمام علي الرضا :عليه السلام :
: إنًّ لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته
وإنَّ من تمام الوفاء بالعهد وحُسن الأداء
زيارة قبورهم
فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا
بما رغَّبوا فيه كان أئمته شفعاءه يوم القيامة :
:الكافي :الكليني:ج4:ص567.
وإذا عرف الإنسان حقَّ المعصومين :عليهم السلام: معرفة صحيحة وقويمة
فيقيناً ستأخذه هذه المعرفة إلى سبيل الإستبصار بشأن المعصومين:عليهم السلام:
وهذا هو مراد الفقرة:
: مُستَبصِراً بشأنكم
وتختزن هذه المقولة الوجيزة اللفظ عمقاً دلاليا ينفتح بترشحاته المفادية
على كل مفردة مفردة من صور التعاطي مع منهج المعصومين:عليهم السلام:
فالإستبصار هو طلب البصيرة إختياريا وإراديا وهذا لا يتسنى لأحدٍ إلاّ إذا أدرك شأن ومقام المعصومين:عليهم السلام:
في كل بُعد بعد بإعتبار أنَّ التعاطي ببصيرة مع المعصومين:ع: لم يك محددا بزمن ما
أو ببعدٍ معيَّن.
ذلك كون المعصوم:عليه السلام: يُمثِّل في وجوده الشخصاني والقيمي حجة إطلاقيَّة في سريانها حكماً وبيانا.
وهذا الإستبصار بالمعصوم يمكن إختزاله مفهوميا وتطبيقيّاً في
ضرورة الإنتماء الفكري الواعي والمُستَبصِر الى العقيدة منهجا وسلوكا
وإلى الشريعة في عباداتها ومعاملاتها خاصة وعامة :
فقال الله تعالى :
((قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) يوسف:108
إذن فملازمة أو زيارة المعصوم ميدانيا تتطلب الكون معه في صورة الإستبصار به
وهذا الإستبصار لا محالة سيتجلى فكرا ومنهجا في شخصية المُستَبصِر بالإمام المعصوم
:عليه السلام:
ثم تضع نصوص الزيارة للمعصومين:عليهم السلام: فقرتين متلازمتين مفهوما ومُنطبقا.
يجب توافرهما إتصافا في شخصية الزائر أوالإنسان المؤمن بصورة عامة.
وهما:
:مُعاديا لأعدائكم
: موالياً لأوليائكم :
فقرتان مُدغمتان بعضهما ببعض
فالتبري من أعداء الله ورسوله والأئمة المعصومين
يتطلب التولي للمعصومين ولمنهجهم القويم
وكذلك التولي لهم:عليهم السلام:
يتطلب أيضا التبري من أعدائهم أجمعين.
وللتبري والتولي مجالاتهما في الميدان كلٌّ بحسبه
لا سيما في وقتنا المعاصر الذي إزدحمتْ فيه المناهج وتزاوجت فيه الثقافات
وكثرت فيه الأباطيل و الفتن.
وهذان العنوانان لايمكن إسقاطهما في التوصيف للشخص على الظاهر
ما لم يكشفا عن وجه الباطن والقلب والسريرة.
فعن الإمام محمد الباقر:ع: أنه قال:
: أما لو أنَّ رجُلاً قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره
ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه
ما كان له على الله عز وجل حق في ثوابه
ولا كان من أهل الايمان ،
ثم قال:ع :
أولئك المُحسن منهم يدخله الله الجنة بفضل رحمته:
الكافي: الكليني: ج2: ص19.
وأخيراً ينبغي بالزائر الموالي للمعصومين:عليهم السلام: أن يدرك مفهوم التخصيص بزيارة الإمام الحسين:ع:
ولا سيما في ليلة النصف من شعبان ليلة ولادة الإمام المهدي:عليه السلام:
وأقلُّ ما يجب أن نفهمه هو عنصر الربط بين زيارة الإمام الحسين :ع:
وولادة الإمام المهدي:ع:
ذلك العنصر الذي يشي في إرتباطاته الواقعية موضوعيا في حياة المؤمنين .
إلى أنَّ ما تقصده ظاهرة الزيارة وخطابها هو التمهيد والتأهيل والتربية للإجيال الصالحة .
كي توفر في حال نضجها ونموها المعرفي والأخلاقي والمجتمعي وحتى التقني منه
الأرضيّة الصلبة التي يرتكز عليها مشروع ظهور وقيام الإمام المهدي:ع:
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
:عجَّلَ اللهُ تعالى فرجه الشريف :
=================================== ====
: قراءةٌ في الظاهرة والخطاب :
==================================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
من المعلوم إنَّ الزيارة في مفهومها العام تُشكِّل سلوكاً عُقلائيا تعاهد عليه الناس بشريا .
ولا ينحصر ماتنتجه الزيارة من أهداف وغايات في بُعدٍ معين
لا بل يمتد إلى كلِّ بُعدٍ بُعد .
سواء على مستوى المجتمع أو الفرد ذاته أو على مستوى الدين أيضاً
من جانب تقوية الإرتباط بالشخص المُزار.
تقوية مفهومية وقيمية يُلحظ أثرها في السلوك والفكر والمنهج.
هذا من جهة عقلائية الزيارة مفهوما وسلوكا بصورة عامة.
أما من جهة شرعيَّة الزيارة في مفهومها وسلوكها عامة وخاصة
فهذا ما أمضاه المعصومون:عليهم السلام:بما فيهم النبي الأكرم محمد
:صلى الله عليه وآله وسلَّم:
فضلاً عن حثِّهم الأكيد والمتواصل عبر السلسلة من الأئمة المعصومين:ع:
عن الحسين بن علي بن ثوير بن أبي فاختة قال :
قال لي أبو عبد الله :الإمام الصادق:عليه السلام :
يا حسين من خرج من منزله
يريد زيارة الحسين ابن علي بن أبي طالب
: عليهما السلام:
إن كان ماشيا كتب الله له بكل خطوة حسنة ، وحطَّ بها عنه سيئة
وإن كان راكبا كتب الله له بكل حافر حسنة ، وحطَّ عنه بها سيئة
حتى إذا صار بالحائر كتبه الله من الصالحين
وإذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين
حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك
فقال : له :
أنا رسول الله : ربّك يقرئك السلام
ويقول لك : استأنف فقد غفر لك ما مضى.
:وسائل الشيعة:الحر العاملي:ج14:ص439.
كلُّ ذلك يكشف كشفاً إنيّاً وشرعياً عن حجيَّة ومشروعية الزيارة العامة والخاصة.
هذا إذا لحظنا الزيارة بوصفها سلوكا متشرعيّا كان معهوداً في زمن المعصومين:عليهم السلام:
وأما إذا لحظنا الزيارة بوصفها نصّاً شرعيا لفظيا
ً فهذا هو الآخر يكون الأقوى دلالةً في متنه وسنده وفقهه .
للمضي بالإمتثال والطاعة في أداء الزيارة.
لاشك أنَّ ليلة النصف من شعبان المبارك هي ليلة مُباركة مثّلتْ في تحققها التأريخي نقطة البداية الفعلية لمشروع الإمام المهدي:ع: حيثُ ولِدَ فيها .
وقد سُئِلَ الإمام الباقر: عليه السلام :عن فضل ليلة النصف من شعبان
فقال : هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر ، فيها يمنح الله العباد فضله ويغفر لهم بمنه فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها
فإنِّها ليلة آلى الله عز وجل على نفسه لا يرد سائلا فيها ما لم يسأل الله معصية
وإنَّها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينا
:صلى الله عليه وآله وسلّم:
فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله :
:مصباح المتهجد :الشيخ الطوسي :ص831.
وأبرز عمل أكَّدتْ عليه الروايات في هذه الليلة المباركة هي زيارة الإمام الحسين:ع:
دون غيره من الأئمة المعصومين :عليهم السلام:
والحال كان من المفروض أن تؤكِّد الروايات على زيارة قبر الإمام الحسن العسكري
: عليه السلام: ؟
بإعتباره والد الإمام المهدي:ع: وهو المُهنّأ الفعلي
لكن جاء الأمر الإرشادي بإتجاه زيارة الإمام الحسين:عليه السلام:
ولعلّه والله العالم إنَّما حصل ذلك
كون زيارة الإمام الحسين :ع:
تحوَّلت إلى ظاهرة قيميَّة تمتلك خطابا واعيا وأهدافا حكيمة
أكثر من زيارة أي معصوم آخر .
طبعاً مع إنحفاظ قيمة وقدسيَّة زيارة بقية المعصومين :عليهم السلام:
لذا نلحظ التحفيز المعنوي والحكمي حاضراً وبقوة في متن الروايات المُرشدة إلى زيارة الإمام الحسين:ع: في خصوص ليلة الخامس عشر من شعبان المبارك.
فعن أبي عبد الله الإمام جعفر الصادق: عليه السلام :
قال:
: مَن أحب أن يصافحه مئة ألف وعشرون ألف نبي
فليزر قبر الحسين :عليه السلام: في نصف شعبان
فإنَّ أرواح النبيين يستأذن الله تعالى في زيارته فيؤذن لهم :
:مصباح المتهجد :الشيخ الطوسي :ص830.
ومِن أبرز مايجب أن يتوفر عليه خطاب و ظاهرة زيارة الإمام الحسين:ع:
وفق ما جاء في متون زيارات المعصومين:ع:
هو ماتضمنته هذه الفقرات المؤسِّسة للزيارة الواعية والحكيمة ظاهرةً وخطابا.
: عارفاً بحقكم
: مُستَبصِراً بشأنكم
:مُعاديا لأعدائكم
: موالياً لأوليائكم :
:المقنعة: المفيد: ص475.
وهذه هي الرباعيّة المفهومية قيميّاً
والتي يُراد لها من قبل المعصومين :عليهم السلام: أن تأخذ طريقها إلى التطبيق واقعا ومصداقا.
كون معرفة حق أهل البيت الطاهرين:عليهم السلام: هو الخطوة الأولى في مناشط ظاهرة زيارة الإمام الحسين:ع: وبقية المعصومين.
فليس للإنسان أن يسير بإتجاه معين دون وجه حق ومعرفة به.
وبمعرفة حق المعصوم:عليه السلام:
تتحرك إرادة الإنسان المؤمن بوعي ودراية لما تطلبه طلبا صالحا ومُصلحا.
لذا قال الإمام علي الرضا :عليه السلام :
: إنًّ لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته
وإنَّ من تمام الوفاء بالعهد وحُسن الأداء
زيارة قبورهم
فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا
بما رغَّبوا فيه كان أئمته شفعاءه يوم القيامة :
:الكافي :الكليني:ج4:ص567.
وإذا عرف الإنسان حقَّ المعصومين :عليهم السلام: معرفة صحيحة وقويمة
فيقيناً ستأخذه هذه المعرفة إلى سبيل الإستبصار بشأن المعصومين:عليهم السلام:
وهذا هو مراد الفقرة:
: مُستَبصِراً بشأنكم
وتختزن هذه المقولة الوجيزة اللفظ عمقاً دلاليا ينفتح بترشحاته المفادية
على كل مفردة مفردة من صور التعاطي مع منهج المعصومين:عليهم السلام:
فالإستبصار هو طلب البصيرة إختياريا وإراديا وهذا لا يتسنى لأحدٍ إلاّ إذا أدرك شأن ومقام المعصومين:عليهم السلام:
في كل بُعد بعد بإعتبار أنَّ التعاطي ببصيرة مع المعصومين:ع: لم يك محددا بزمن ما
أو ببعدٍ معيَّن.
ذلك كون المعصوم:عليه السلام: يُمثِّل في وجوده الشخصاني والقيمي حجة إطلاقيَّة في سريانها حكماً وبيانا.
وهذا الإستبصار بالمعصوم يمكن إختزاله مفهوميا وتطبيقيّاً في
ضرورة الإنتماء الفكري الواعي والمُستَبصِر الى العقيدة منهجا وسلوكا
وإلى الشريعة في عباداتها ومعاملاتها خاصة وعامة :
فقال الله تعالى :
((قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) يوسف:108
إذن فملازمة أو زيارة المعصوم ميدانيا تتطلب الكون معه في صورة الإستبصار به
وهذا الإستبصار لا محالة سيتجلى فكرا ومنهجا في شخصية المُستَبصِر بالإمام المعصوم
:عليه السلام:
ثم تضع نصوص الزيارة للمعصومين:عليهم السلام: فقرتين متلازمتين مفهوما ومُنطبقا.
يجب توافرهما إتصافا في شخصية الزائر أوالإنسان المؤمن بصورة عامة.
وهما:
:مُعاديا لأعدائكم
: موالياً لأوليائكم :
فقرتان مُدغمتان بعضهما ببعض
فالتبري من أعداء الله ورسوله والأئمة المعصومين
يتطلب التولي للمعصومين ولمنهجهم القويم
وكذلك التولي لهم:عليهم السلام:
يتطلب أيضا التبري من أعدائهم أجمعين.
وللتبري والتولي مجالاتهما في الميدان كلٌّ بحسبه
لا سيما في وقتنا المعاصر الذي إزدحمتْ فيه المناهج وتزاوجت فيه الثقافات
وكثرت فيه الأباطيل و الفتن.
وهذان العنوانان لايمكن إسقاطهما في التوصيف للشخص على الظاهر
ما لم يكشفا عن وجه الباطن والقلب والسريرة.
فعن الإمام محمد الباقر:ع: أنه قال:
: أما لو أنَّ رجُلاً قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره
ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه
ما كان له على الله عز وجل حق في ثوابه
ولا كان من أهل الايمان ،
ثم قال:ع :
أولئك المُحسن منهم يدخله الله الجنة بفضل رحمته:
الكافي: الكليني: ج2: ص19.
وأخيراً ينبغي بالزائر الموالي للمعصومين:عليهم السلام: أن يدرك مفهوم التخصيص بزيارة الإمام الحسين:ع:
ولا سيما في ليلة النصف من شعبان ليلة ولادة الإمام المهدي:عليه السلام:
وأقلُّ ما يجب أن نفهمه هو عنصر الربط بين زيارة الإمام الحسين :ع:
وولادة الإمام المهدي:ع:
ذلك العنصر الذي يشي في إرتباطاته الواقعية موضوعيا في حياة المؤمنين .
إلى أنَّ ما تقصده ظاهرة الزيارة وخطابها هو التمهيد والتأهيل والتربية للإجيال الصالحة .
كي توفر في حال نضجها ونموها المعرفي والأخلاقي والمجتمعي وحتى التقني منه
الأرضيّة الصلبة التي يرتكز عليها مشروع ظهور وقيام الإمام المهدي:ع:
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :