المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لن يتفرقا حتّى يردا عليَّ الحوض".


الروح الفاطمية
28-06-2012, 01:59 PM
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
وصلّى الله على علّة الوجود النبيّ الأعظم محمّد وعلى أهل بيته الطّاهرين ولعنة الله تعالى جاحدي إمامتهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم ومخالفيهم إلى قيام يوم الدّين


* قال النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله:
"عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لن يتفرقا حتّى يردا عليَّ الحوض".


مصادر الحديث الشريف
مصادر هذا الحديث الشّريف عند علماء المسلمين (رضي الله عنهم)؛ فيكفيك الرجوع إلى موسوعة "بحار الأنوار" الشّريفة لشيخ الإسلام العلّامة المجلسي (رضي الله عنه) في الجزء التاسع والثمانون في الباب الثامن تحت عنوان: "باب أنّ القرآن ظهرًا وبطنًا، وأنّ علم كلّ شيء في القرآن وأنّ علم ذلك كلّه للأئمّة عليهم السّلام، ولا يعلمه غيرهم إلّا بتعليمهم".

وأمّا مصادر هذا الحديث عند الطّائفة البكريّة؛ فهي:
1- الحاكم النيسابوري، المستدرك، 3/ 134، ح4628. [قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد وأبو سعيد التيمي هو عقيصاء ثقة مأمون ولم يخرجاه، وقال الذهبي: صحيح].
2- السّيوطي، الجامع الصغير، 2/ 177، ح5594. [قال السيوطي: حسن].
3- الموفّق الخوارزمي، المناقب، 176-177، ح214.
4- الطبراني، المعجم الصغير، 1/ 255.
5- الطبراني، المعجم الأوسط، 5/ 135.
6- المناوي، فيض القدير، 4/ 470، ح5594.
7- ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة، 175.
8- الصالحي الشامي، سُبل الرشاد، 11/ 297.
9- الجويني الشافعي، فرائد السمطين، 1/ 176، ح138.
10- القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة، 1/ 124، ح56.
11- المتّقي الهندي، كنز العمّال، 11/ 603، ح32912.
12- الشبلنجي، نور الأبصار، 122.
13- فتح الدّين الحنفي، فُلك النّجاة، 148.
14- أبي بكر ابن مردويه، مناقب عليّ بن أبي طالب، 117-118، ح143.

دلالة الحديث الشّريف
قال آية الله العظمى الشّيخ الوحيد الخرّاساني (دام ظلّه الشّريف) في كتابه رسالته العمليّة (منهاج الصّالحين) ما نصّه:
"(قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لن يتفرقا حتى يردا على الحوض). وقد اعترف بصحّة سنده كبار أئمة الحديث من العامة والخاصة.
ودلالة هذا الحديث كسابقه واضحة ، لأنه ليس في الكتب الإلهية أفضل من القرآن (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا)، (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)، وقد وصفه الله بأوصاف تنبئ عن عظمته التي جفّ القلم عن تحريرها وكلّ البيان عن تقريرها، كقوله تعالى: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيد * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظ)، (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيم * فِي كِتَابٍ مَّكْنُون)، (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيم)، (يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيم)، ووصف نفسه بأنه معلّم هذا الكتاب (الرَّحْمَن *عَلَّمَ الْقُرْآن)، وأشار إلى ما تجلّى من جبروته في هذا الكتاب بقوله تعالى: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)، وإلى ما تجلى من قدرته في الأسرار المكنونة في آياته، بقوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى)، وأن هذا الكتاب مظهر علمه وحكمته (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيم)، وقال: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً)، وحمد نفسه على إنزال هذا الكتاب (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا)، وهو الكتاب الذي قد روي عن رسول الله في التمسك به: (فَإِذَا الْتَبَسَتْ عَلَيْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فَعَلَيْكُمْ بِالقُرآنِ فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ وَمَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ وَهُوَ الدَّلِيلُ يَدُلُّ عَلَى خَيْرِ سَبِيلٍ وَهُوَ كِتَابٌ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَبَيَانٌ وَتَحْصِيلٌ وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ وَلَهُ ظَهْرٌ وَ بَطْنٌ فَظَاهِرُهُ حُكْمٌ وَبَاطِنُهُ عِلْمٌ ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ لَهُ نُجُومٌ وَعَلَى نُجُومِهِ نُجُومٌ لَا تُحْصَى عَجَائِبُهُ وَلَا تُبْلَى غَرَائِبُهُ فِيهِ مَصَابِيحُ الهُدَى وَمَنَارُ الحِكْمَةِ وَدَلِيلٌ عَلَى الْمَعْرِفَةِ لِمَنْ عَرَفَ الصِّفَةَ).
هذا هو الكتاب الذي قد تجلى الله لخلقه فيه، وقد عرفه من أنزله بما ذكر من الآيات، ومن أنزل عليه بهذه الكلمات، فما أجل قدر من وصفه النبيّ بمعية هذا الكتاب فهو الذي يكون مع ظاهر القرآن بحكمته، ومع باطن القرآن بعلمه، ومع عجائبه التي لا تحصى وغرائبه التي لا تبلى، وبهذه المعية، عنده ما أنزل الله على جميع أنبيائه من الكتاب والحكمة، وعلمه حملة علمه من عزائم أمره وغوامض أسراره.
إن الذي كان عنده علم من الكتاب استطاع أن يأتي بعرش بلقيس قبل أن يرتد طرف سليمان، فما أرفع مكان من هو مع الكتاب بكل ما فيه، وهو الأذن الواعية في قوله تعالى: (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَة)، على ما رواه أعلام التفسير والحديث، وهو الذي قال: (سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء إلّا أخبرتكم وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار). وما أعظم مقام من وصفه النبي بأن القرآن معه، ومع أن المعية قائمة بالطرفين لم يكتف بقوله صلى الله عليه وآله: (عليّ مع القرآن) وزاد في بيان عظمته بما لا يناله إلا أولو الألباب وهو قوله: (والقرآن مع عليّ). وفي الإبتداء بعلي والإختتام بالقرآن في الجملة الأولى، والإبتداء بالقرآن والإختتام بعلي في الجملة الثانية، وترتيب الكلام من أفصح من نطق بالضاد بحيث يكون البدء والختم بعليّ، لطائف لا يسعها المجال.
وخلاصة الكلام أنه ليس فيمن أرسله الله أفضل من الرسول الأمين، ولمّا كان عليّ منه وهو من علي، فعليّ تال تلو خير خلق الله، وليس فيما أنزل الله أعلى من القرآن المبين، ولمّا كان علي مع القرآن والقرآن معه فقلبه خزانة كل ما أنزل الله من الهدى والنور والكتاب والحكمة.
فهل يبقى ريب في أنه أولى بأن يكون خليفة للرسول الكريم ومفسرا للقرآن العظيم؟! وهل يبقى شك في أنه مولى كل من آمن بالله الذي قال: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ)، (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِين)؟!". [منهاج الصّالحين: 1/ 178-182].