المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جانب من فلسفة الغيبة


المؤرخ
08-07-2012, 05:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن فلسفة الغيبة فلسفة متكاملة وعميقة على مستوى النظرية والتطبيق معاً، ولا يفهم هذه الفلسفة حق فهمها إلا المؤمنون السائرون على نهج أهل البيت(عليهم السلام) في سلوكهم وفي فكرهم على حد سواء ، ومن أهم مفاصل هذه الفلسفة هو التمحيص وتحدث العملية التمحيصية باستعمال غربال خاص أشير إليه في روايات أهل البيت (ع): عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي يقول: ((والله لتمحصن، والله لتغربلن كما يغربل الزؤان من القمح)) ومعنى الزؤان في اللغة نبات يكون غالباً في حقول الحنطه له حب يشبه حب الحنطة إلا أنه أصغر حجماً، ولذلك فإن الحنطة إذا غربلت سقط هذا الزؤان عن الغربال، وهكذا شأن الناس في الغيبة فكلما طال أمد الغيبة أو أمتد زمانها كلما وقع من الغربال الزؤان من الناس، حتى يحصل الامتياز التام بين الخبيث والطيب قال تعالى (( حَتَّىَ يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ )) (آل عمران:179). ومثل الغربال في الغيبة هو الفتن، وهي امتحانات من الله تعالى للناس، إن المراحل التي تمر بها عملية الغربلة عبر العصور لابد أن تتمخض عن جماعة صالحة من المؤمنين الذين هم الحصيلة التاريخية التي تفرزها جولة الباطل في الدنيا ليكونوا قادة دولة الحق إلى قيام الساعة. وهنا نلحظ مفصل آخر من مفاصل فلسفة الغيبة إلا وهو انتظار الفرج، لأن انتظار الفرج هو من أبرز مقومات النجاح في التمحيص.
ويدور أمر انتظار الفرج على محورين :
الأول: الصبر والثبات عند حصول البلاء والشدائد، وهذا جانب عملي من فلسفة الغيبة وهو عنصر تربوي عظيم يساعد على بناء أجيال من المؤمنين يشكلون القاعدة الجماهيرية للإمام المهدي(ع).
والثاني: إحياء أمر آل محمد وتوعية المجتمع بعمق الفكر الذي تتضمنة كلماهم، وهذا ما أشار إليه الإمام الرضا(ع) ((رحم الله عبداً أحيا أمرنا، فقيل له: وكيف يجي أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا)).
أما ماهية انتظار الفرج ، فقد أشار إليها الإمام الباقر(ع) في تفسير قوله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا )) (آل عمران:200)، فقال(ع) ((اصبروا على أداء الفرائض وصابروا على أذية عدوكم ورابطوا إمامكم المهدي)، وعن الإمام علي بن الحسين(ع) :((تمتد الغيبة بولى الله الثاني عشر من أصياء رسول الله (ص) والأئمة من بعده، إن أهل زمان غيبته القائلون بإمامته المنتظرون لظهوره أفضل أهل كل زمان، لأن الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك حقاً الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (ص) بالسيف ، اولئك المخلصون والدعاة إلى دين الله سراً وجهراً).
فهذا شيء قليل جداً أن فلسفة الغيبة، نرجو أن تستفيد منها.

ونسألكم الدعاء