مرتضى علي الحلي
08-07-2012, 10:19 PM
: بَيِّنَاتٌ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ :
=========================
: بحوثٌ قرآنيَّة مَعرِفيَّة :
==============================
: القسم الأول :
==========
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمد وآله المعصومين
قال اللهُ تعالى في مُحكم كتابه العزيز
(( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) البقرة185
: معرفة القرآن الكريم ضرورة حياتيَّة :
=======================
: التمهيد :
========
إنَّ التعرُّف على القرآن الكريم يُشكِّل في حد ذاته ضرورةً حياتية يحتاجها الإنسان المسلم بغض النظر عن الزمان والمكان .
ذلك كون القرآن الكريم هو الأصلُ الأول للدين الإسلامي عقيدة وشريعةً.
ولأنَّ القرآن الكريم قد منح الإنسان المسلم في وجوده قيمة وحرمة ومعنى.
فضلاً عن كونه كتابا مُقدّساً أنزله الله تعالى على نبيه الأكرم محمد:صلى الله عليه وآله وسلّم:
لهداية الناس أجمعين.
ونحن نعتقد أنَّ القرآن الكريم بما حمل من أصول دينية ومجتمعية ومنطقية وعقلانية وأخلاقية وإقتصادية وحتى سياسية ممكن الأخذ بها حياتيا .
فهو بهذه الأصالة الإطلاقية القيميَّة أصبح مقياسا وميزانا للفرق بين الصحيح وغير الصحيح
والحق والباطل والصدق والكذب
لذا جائت توصيّة نبينا محمد:ص: وأهل بيته المعصومين:عليهم السلام:
في ضرورة عرض ما يأتي عنهم على القرآن الكريم
بمعنى ضرورة مطابقته مفهومياً وقصديا لنصوص القرآن
فإن وافقها نأخذ به وإن لم يوافقها نرفضه قطعا.
فعن أبي عبد الله الإمام الصادق: عليه السلام:
:قال
:وسلّم قال رسول الله : صلى الله عليه وآله :
: إنََّ على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا
فما وافق كتاب الله فخذوه
وما خالف كتاب الله فدعوه:
: الكافي: الكليني :ج1 :ص 69 .
طبعا وهذا العرض المُطالَبون بمطابقته مع القرآن الكريم لا ينحصر بما جاء عن المعصومين:عليهم السلام: فحسب.
بل ينفتح في مدياته على كل جديد جديد في هذه الحياة المُحكومة بقانون التبدل والتغيير.
بمعنى إنَّ ما يظهر من مستجدات ومُبتدعات في المفاهيم والثقافات والسلوكيات وكل ما يتصل بالحياة المعاصرة.
يجب أن نلتمس له أصلاً في القرآن الكريم
وإن لم نجد له أساساً
فنطابقه مع روح وقصد وحكمة القرآن الكريم في عموماتها وإطلاقاتها النصيّة.
فإن لم يتوافق الجديد مع حكمة وأصول القرآن الكريم
فنذهب حينها إلى السنّة الشريفة الصحيحة متنا وسندا
وإلاَّ فالعقل والسيرة العقلائية هما الفيصل الأخير في التشريع والتنظير والإقرار أو الرفض
للظاهرة المفاهيميَّة أو الأخلاقية أو الثقافية الجديدة.
: صور تعاطي الإنسان مع القرآن معرفيّا :
======================
:1:
:صورة التعاطي المعرفي التحليلي:
وتحكي هذه الصورة المعرفية التحليلية في متنها عن الإستفهامات التي تطرأ على ذهن القارىء للقرآن الكريم
كأن يستفهم الإنسان عن ماهيّة الحكمة من نزول القرآن الكريم ؟
أو يستفهم عن هدف القرآن فيما يخص خلق الإنسان ومصيره الوجودي؟
أو يستفهم الإنسان عن نظرية القرآن الكريم في هوية المجتمع الإنساني وآليات تنشئته وإصلاحه ؟
أو يُحاول الإنسان الذي يتعاطى مع القرآن الكريم تحليلياً أن يكتشف المنهج المنطقي والعقلاني والإنساني وحتى الوجداني والنفسي
في صياغات النصوص القرآنية .
والإنسان الواعي والفاحص بدقة في حال تعاطيه مع نصوص السور القرآنية
يستطيع أن يكشف المبدأ والمنتهى في المنظومة المعرفية القرآنية
ذلك كون القرآن الكريم قد تمتْ صياغته إلهيّا وبحكمة
لا تختلف ولا تتخلف في مرادها الوجودي .
بمعنى أنَّ وراء النص القرآني مُتكلِّم حكيم عليم
كما بيَّن هو ذاته في نصوصه الشريفة
فقال :
((وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ )) النمل6
إذاً كلَّ ما يستفهم عنه الإنسان معرفيّاً فسيجد جوابه في متن القرآن الكريم.
إما بصورة حكاية عن واقعة وقعت تأريخياً أو بصورة إرشاد لما يُحتمل وقوعه وإن لم يقع.
وهذه الصورة الأولى تحتاج إلى أدوات بيانية ولغوية وأدبيّة ومنطقية وحتى فلسفية
إذ لا يمكن للإنسان أن يخوض غمار التحليل المعرفي دونما أن يكون عنده أدوات بحثيّة تخصصية تمكنه من ذلك ولو بالحد الأدنى الممكن والمقدور.
ذلك لأنَّ الأدوات المعرفية البحثية تجعل القارىء للقرآن يتقبّل معارفه وأهدافه بسرعة وبشدة.
مما تُزيد في إهتمامه بحفظ النص ومحاولة فهمه وتطبيقه في التنظير تأسيساً وتفريعا.
فضلاً عن تحقق الزيادة في الهدى والتقوى للإنسان المُتعاطي مع القرآن.
قال تعالى:
(( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ )) محمد17
(( وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً )) مريم76
وهذه الحقيقة المُتحصلة معرفيا ونفسيا وذهنيا
قد أشار إليها الإمام علي:عليه السلام:
حين
قال:
: واعلموا أنَّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش
والهادي الذي لا يضل
والمُحدِّث الذي لا يَكذب
وما جالس هذا القرآن أحدٌ إلاَّ قام عنه بزيادة أو نقصان زيادة في هدى ، أو نقصان من عمى :
:نهج البلاغة :ج2:ص91.
ويتبع القسم الثاني إن شاء الله تعالى .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
=========================
: بحوثٌ قرآنيَّة مَعرِفيَّة :
==============================
: القسم الأول :
==========
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمد وآله المعصومين
قال اللهُ تعالى في مُحكم كتابه العزيز
(( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) البقرة185
: معرفة القرآن الكريم ضرورة حياتيَّة :
=======================
: التمهيد :
========
إنَّ التعرُّف على القرآن الكريم يُشكِّل في حد ذاته ضرورةً حياتية يحتاجها الإنسان المسلم بغض النظر عن الزمان والمكان .
ذلك كون القرآن الكريم هو الأصلُ الأول للدين الإسلامي عقيدة وشريعةً.
ولأنَّ القرآن الكريم قد منح الإنسان المسلم في وجوده قيمة وحرمة ومعنى.
فضلاً عن كونه كتابا مُقدّساً أنزله الله تعالى على نبيه الأكرم محمد:صلى الله عليه وآله وسلّم:
لهداية الناس أجمعين.
ونحن نعتقد أنَّ القرآن الكريم بما حمل من أصول دينية ومجتمعية ومنطقية وعقلانية وأخلاقية وإقتصادية وحتى سياسية ممكن الأخذ بها حياتيا .
فهو بهذه الأصالة الإطلاقية القيميَّة أصبح مقياسا وميزانا للفرق بين الصحيح وغير الصحيح
والحق والباطل والصدق والكذب
لذا جائت توصيّة نبينا محمد:ص: وأهل بيته المعصومين:عليهم السلام:
في ضرورة عرض ما يأتي عنهم على القرآن الكريم
بمعنى ضرورة مطابقته مفهومياً وقصديا لنصوص القرآن
فإن وافقها نأخذ به وإن لم يوافقها نرفضه قطعا.
فعن أبي عبد الله الإمام الصادق: عليه السلام:
:قال
:وسلّم قال رسول الله : صلى الله عليه وآله :
: إنََّ على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا
فما وافق كتاب الله فخذوه
وما خالف كتاب الله فدعوه:
: الكافي: الكليني :ج1 :ص 69 .
طبعا وهذا العرض المُطالَبون بمطابقته مع القرآن الكريم لا ينحصر بما جاء عن المعصومين:عليهم السلام: فحسب.
بل ينفتح في مدياته على كل جديد جديد في هذه الحياة المُحكومة بقانون التبدل والتغيير.
بمعنى إنَّ ما يظهر من مستجدات ومُبتدعات في المفاهيم والثقافات والسلوكيات وكل ما يتصل بالحياة المعاصرة.
يجب أن نلتمس له أصلاً في القرآن الكريم
وإن لم نجد له أساساً
فنطابقه مع روح وقصد وحكمة القرآن الكريم في عموماتها وإطلاقاتها النصيّة.
فإن لم يتوافق الجديد مع حكمة وأصول القرآن الكريم
فنذهب حينها إلى السنّة الشريفة الصحيحة متنا وسندا
وإلاَّ فالعقل والسيرة العقلائية هما الفيصل الأخير في التشريع والتنظير والإقرار أو الرفض
للظاهرة المفاهيميَّة أو الأخلاقية أو الثقافية الجديدة.
: صور تعاطي الإنسان مع القرآن معرفيّا :
======================
:1:
:صورة التعاطي المعرفي التحليلي:
وتحكي هذه الصورة المعرفية التحليلية في متنها عن الإستفهامات التي تطرأ على ذهن القارىء للقرآن الكريم
كأن يستفهم الإنسان عن ماهيّة الحكمة من نزول القرآن الكريم ؟
أو يستفهم عن هدف القرآن فيما يخص خلق الإنسان ومصيره الوجودي؟
أو يستفهم الإنسان عن نظرية القرآن الكريم في هوية المجتمع الإنساني وآليات تنشئته وإصلاحه ؟
أو يُحاول الإنسان الذي يتعاطى مع القرآن الكريم تحليلياً أن يكتشف المنهج المنطقي والعقلاني والإنساني وحتى الوجداني والنفسي
في صياغات النصوص القرآنية .
والإنسان الواعي والفاحص بدقة في حال تعاطيه مع نصوص السور القرآنية
يستطيع أن يكشف المبدأ والمنتهى في المنظومة المعرفية القرآنية
ذلك كون القرآن الكريم قد تمتْ صياغته إلهيّا وبحكمة
لا تختلف ولا تتخلف في مرادها الوجودي .
بمعنى أنَّ وراء النص القرآني مُتكلِّم حكيم عليم
كما بيَّن هو ذاته في نصوصه الشريفة
فقال :
((وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ )) النمل6
إذاً كلَّ ما يستفهم عنه الإنسان معرفيّاً فسيجد جوابه في متن القرآن الكريم.
إما بصورة حكاية عن واقعة وقعت تأريخياً أو بصورة إرشاد لما يُحتمل وقوعه وإن لم يقع.
وهذه الصورة الأولى تحتاج إلى أدوات بيانية ولغوية وأدبيّة ومنطقية وحتى فلسفية
إذ لا يمكن للإنسان أن يخوض غمار التحليل المعرفي دونما أن يكون عنده أدوات بحثيّة تخصصية تمكنه من ذلك ولو بالحد الأدنى الممكن والمقدور.
ذلك لأنَّ الأدوات المعرفية البحثية تجعل القارىء للقرآن يتقبّل معارفه وأهدافه بسرعة وبشدة.
مما تُزيد في إهتمامه بحفظ النص ومحاولة فهمه وتطبيقه في التنظير تأسيساً وتفريعا.
فضلاً عن تحقق الزيادة في الهدى والتقوى للإنسان المُتعاطي مع القرآن.
قال تعالى:
(( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ )) محمد17
(( وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً )) مريم76
وهذه الحقيقة المُتحصلة معرفيا ونفسيا وذهنيا
قد أشار إليها الإمام علي:عليه السلام:
حين
قال:
: واعلموا أنَّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش
والهادي الذي لا يضل
والمُحدِّث الذي لا يَكذب
وما جالس هذا القرآن أحدٌ إلاَّ قام عنه بزيادة أو نقصان زيادة في هدى ، أو نقصان من عمى :
:نهج البلاغة :ج2:ص91.
ويتبع القسم الثاني إن شاء الله تعالى .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :