محمد عباس التميمي
09-07-2012, 04:59 PM
علي بن ابي طالب (عليه السلام)
كتابة وتأليف : محمد عباس خلف لامي التميمي
طالب في المرحلة الاعدادية .. من مواليد 1996
تمت الكتابة عام 1432
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
ان الله تعالى لا يخص اي عبد من عباده لحمل مسؤولية كبيرة ،وان الله عز اسمه لن يجعل اي زمان يخلوا من حجته في الارض ان الامام علي (عليه السلام) هو سيد الاوصياء وسيد الاولين والاخرين وهو من قال النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)بحقه الكثير من الاقوال والاحاديث التي بينت انه حجة الله وهو يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله وذكر الرسول الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) حديث المنزلة المعروف عند جميع المسلمين ولا اظن ان احد المسلمين يجهل او لا يعرف حديث المنزلة او لا يعرف ان هذا الحديث بحق امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام) والعديد من الاحاديث والاقوال الاخرى التي سيرد ذكرها في فصل من فصول هذا البحث وان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) لم يكتفي بالتحدث عن امير المؤمنين ومنزلته من رسول الله ومن الله عز وجل فقد اورد العديد من الاحاديث الاخرى بحق ريحانتا رسول الله وبين من خلال تلك الاحاديث حبه لهما وتعلقه بهما وهذا شرف للإمام علي (عليه السلام) حيث انه قام بتربية هذين الامامين اضافة الى انهما قد تعلما الاخلاق الفاضلة من الرسول الكريم وامير المؤمنين وسيدة نساء العالمين ولكن رغم كل تلك الاقوال والاحاديث واجه الائمة التصدي من قِبل اعداء الإسلام والمسلمين وحدث لهم ما سيطول بنا الحديث ان قمنا بالتكلم عنها فأنك اذا امعنت النظر في وفيات ائمة الهدى تجد انهم قُتلوا جميعا فأن الامام علي (عليه السلام) قد قتل وان الامام الحسن(عليه السلام) قد دُس له السم وتوفي وان الامام الحسين(عليه السلام) قُتل مذبوحا في كربلاء على يد من يسميه البعض امير المؤمنين وخليفة رسول الله وان باقي الائمة قُتل معظمهم من خلال السم وهذا دليل على انهم كانوا يواجهون عداءا كبيرا من قِبل الحكام حيث انهم كانوا يعرفون ان الائمة(عليهم السلام) يشكلون التهديد الاول والاخير لهم ولدولتهم وقد شوه هؤلاء اسم خليفة رسول الله بما كانوا يفعلونه من المنكرات وما يقومون به من خلال قتل كل من يحب ويوالي امير المؤمنين وهو من شيعته وكانوا يسبون ويلعنون امير المؤمنين على المنابر فهل يستحق اشخاص مثل هؤلاء ان يناديهم الناس امير المؤمنين او خليفة رسول الله وان خلافتهم كانت خلافة بمعنى الحكم وليس انهم يمثلون الامتداد لرسول الله فأن رسول الله والاسلام بريء من مثل هكذا نماذج والجانب الاخر كان الائمة مؤهلين للخلافة ولان يكونوا امتدادا لرسول الله وان يحملوا لقب امير المؤمنين او خليفة رسول الله ولكن اغلب الناس الذين كانوا يعيشون في تلك العصور كانوا يتمنون التقرب الى السلطات الحاكمة فلم يتركوا امرا يحبه الحكام إلا فعلوه ليتقربوا الى الحكام وبعد هذا الحديث نعود الى الامام علي(عليه السلام) واقول ان الامام علي (عليه السلام)قد تحمل وصبر في كثير من الاحيان، فقد تحمل ما حدث له ممن يسمون نفسهم بأصحاب رسول الله واولها موت رسول الله وذهاب القوم عند السقيفة وبايعوا ابا بكرا وجعلوه خليفة وجعلوا من اوصى النبي ان يكون اول خليفة من بعده رابع الخلفاء وما حصل لسيدة نساء العالمين من كسر ضلعها الى اسقاط جنينها الى اغتصاب ارض فدك منها كما انه تأثر عند وفاة سيدة نساء العالمين ولن يحتمل اي شخص هذا، الا من خصه الله تعالى بالصبر الكبير ان هذا الامام هو موضع اهتمام العالم اجمع لما يملكه من شجاعة وفصاحة لسان وقوة بدنية ربانية وزهد وحلم وسيطول بنا الحديث ان اردنا ان نتحدث عن صفات امير المؤمنين ولان امير المؤمنين يملك من الصفات ما لا يملكها اي من عباد الله لذا فاني احببت ان اتحدث في هذا البحث عن الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) وعن نواحٍ عدة من حيث شجاعته وفصاحة لسانه وما جمع من الاخطب والاقوال والاحاديث عنه(عليه السلام) وانا اتمنى ان نُوفق لخدمته النبي الكريم و اهل بيته وان يتقبل الله اعمالنا بأحسن القبول والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبينا محمد وال بيته الطيبين الطاهرين.
{الباب الاول : ذكر نسبه ()}
وهو علي بن ابي طالب بن عبد المطلب بن عبد مناف ويكنى بـ(ابا الحسن) وامه فاطمة بنت اسد بن هشام بن عبد مناف ويعد(عليه السلام)اول هاشمي يولد من هاشمية وزوجته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وهي ابنة رسول الهدى والرحمة النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم) وان الامام علي(عليه السلام) هو اخ النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم) في المؤاخاة وصهره، ويعد (عليه السلام) من الشجعان بل انه اشجع الشجعان وازهد الزهاد واشرف الشرفاء واعلم العلماء وهو امير المؤمنين وسيد الوصيين واعلم العلماء الربانيين وقد علمه رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)تفسير القرآن وتأويله(اي معناه الخفي)وهو اول من اسلم من الرجال ولم يسجد(عليه السلام)لصنم قط وهو والد السبطين و سيدا شباب اهل الجنة وهما الحسن والحسين وقد كان النبي محمد يحبهما حباً جماً وقد كان يقول(عليه السلام)علمني رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)الف باب من العلم يفتح لي من كل باب الف باب وكان النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)يقول :انا مدينة العلم وعلي بابها، ولم يتوانى النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)في الحديث عن هذا الامام وقد تحدث في مناسبات واماكن عديدة ومختلفة عنه(عليه السلام) وزوجه من ابنته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وقد مَنَ عليه الله سبحانه وتعالى بذرية طاهرة وهما سيدا شباب اهل الجنة والتسعة المعصومين من ولد الحسين وقد تربيا في كنف رسول الله والامام علي وفاطمة الزهراء(صلوات الله عليهم اجمعين)وان من يتربى في ظل مثل هذه الانوار لن يخرج الا وهو نور على نور لذا فأن الامام علي(عليه السلام)يزداد شرفاً بأن يكون صهرا واخا للنبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم) وزوجا لابنته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ووالدا لذرية طاهرة وهما الحسن والحسين(عليهما السلام)وقد كان (عليه السلام)فصيح اللسان ذا شجاعة فائقة وشارك في جميع الغزوات والحروب التي خاضها النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)الا غزوة تبوك حيث خلفه رسول الله في النساء والصبيان كما انه قالع باب خيبر وداحر الكفر فيها حيث قيل ان تلك الباب كان فتحها يتطلب اثنان وعشرون رجلا ولكن الامام علي(عليه السلام)قلعها من مكانها وجعلها درعا له وجعلها جسراً يعبر عليه المسلمون اثناء المعركة ان هذه القوة ليست قوة عضلية انما قوة ربانية اضافها الله عز وجل الى القوة التي يتمتع بها الامام علي(عليه السلام) وان هذه القوة لا يمنحها الله تعالى لاي كان بل يمنحها لمن يحبه ويحب نبيه حيث ان الامام علي (عليه السلام)يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كما قال النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)ذلك قبل يوم من تسليم الراية في معركة خيبر فلعن الله كل من كان يؤذي النبي محمد واله الطاهرين ويبغض الامام علي(عليه السلام) ولقد كان امير المؤمنين(عليه السلام)بطلا في طهارة وجدانه وصفاء سريرته وهو بطل بكل معنى الكلمة وان الامام علي(عليه السلام)لم يهرب او لم يتراجع ويترك المسلمين يقاتلون وهو يذهب الى بيته كما فعل شخص يسمي نفسه او يسميه الناس بخليفة رسول الله وصحابي جليل الا ان الامام علي (عليه السلام)لم يترك اي غزوة او حرب فصنع حجة وذهب بل نجد ان له اثرا في كل حرب وغزوة ولقد كان امير المؤمنين يتحلى بالأخلاق الفاضلة والنبيلة وقد نصر الحق في كل موضع وفي كل مكان وفي اي وضع كان وان الحق دائما مع امير المؤمنين(عليه السلام)والامام علي(عليه السلام)مع الحق ايضاً وقد قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(رحم الله علياً، اللهم ادر الحق معه حيث دار)وهذا دليل على ان الامام(عليه السلام)مع الحق وان الحق مع امير المؤمنين (عليه السلام)وقد قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(من اتخذ عليا اماما لدينه ،فقد استمسك بالعروة الوثقى)وهذا دليل اخر على ان من تبع امير المؤمنين (عليه السلام)فهو على هدى ولا شك في ذلك وهناك اسماء عديدة لأمير المؤمنين في مواضع ومناسبات عديدة وذلك لأنه شخصية مذهلة تذهل منها الاذهان فجعلنا الله من اتباع الامام علي ومن الذين يكونون تحت لوائه يوم المحشر.
**********
{الباب الثاني : ولادته ()}
لقد انفرد الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)من حيث ولادته حيث لم يكن لها مثيل ولم تحدث لأي نبي او رسول او وصي غير امير المؤمنين ولم تحدث لاحد من بعده ولن تحدث ابدا وان من بين الخصال والصفات التي تميز بها امير المؤمنين عن غيره هي ولادته(عليه السلام)وان امير المؤمنين لم يختلف عن باقي المسلمين بهذه الصفة فقط بل اختلف عنهم وتميز عنهم بكثير من الصفات والخصال والفضائل الشريفة فمنها انه لم يسجد لصنم قط وهذا ما لم يستطع احد ان يجاريه (عليه السلام)في هذه الصفة آنذاك وكانت ولادته من تلك الفضائل التي امتاز بها الامام(عليه السلام) فقد ولد الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) في الكعبة الشريفة ،فلا اعتقد ان احدا يستطيع ان ينكر انها صفة او خصلة تَميز بها امير المؤمنين عن باقي الناس والان سنذكر رواية اكدت ولادة امير المؤمنين(عليه السلام)في الكعبة المشرفة وابطلت ادعاءات البعض بأن شخصاً اخر هو وليد الكعبة:
( عن احد المصادر ذُكر ان ابن الغزالي قد ذكر رواية في مناقبه ، كما ذكره الفقيه المالكي، وعن بشائر المصطفى ، عن يزيد بن قعنب ،قال : كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب ،وفريق من بني عبد العزى ،بإزاء بيت الله الحرام ،اذ اقبلت فاطمة بنت اسد، وكانت حاملا لتسعة اشهر، وقد اخذها الطلق، فقالت:(يا رب اني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب ،واني مصدقة بكلام جدي ابراهيم الخليل ،وانه بنى البيت الحرام فبحق البيت ومن بناه، والمولود الذي في بطني الا ما يسرت علي ولادتي)،قال يزيد من قعنب :فرأينا البيت قد انشق عن ظهره ،ودخلت فاطمة فيه وغابت عن ابصارنا وعاد الى حاله، فأملنا ان يفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ،فعلمنا ان ذلك من امر الله تعالى ،وبعد اربعة ايام خرجت فاطمة وعلى يدها امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام)ثم قالت:(اني فضلت على من تقدمني من النساء، لأن اسيا بنت مزاحم عبدت الله سرا في موضع لا يحب الله ان يعبد فيه الا اضطرارا ،وان مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى اكلت منها رطبا جنيا، واني دخلت بيت الله الحرام ،فأكلت من ثمار الجنة وارزاقها، فلما اردت ان اخرج هتف بي هاتف:(يا فاطمة سميه عليا ،فهو علي، والله هو العلي الاعلى، يقول قد شققت اسمه من اسمي وادبته بأدبي، واوقفته على غامض علمي ،وهو الذي يكسر الاصنام في بيتي).
ان هذه الرواية خير دليل على عظمة امير المؤمنين وعلى ان ولادته في الكعبة الشريفة هي حكمة ربانية اراد بها ان تكون اجلالا للإمام علي(عليه السلام) ولكي يعرف الناس منزلته وان امير المؤمنين يعتبر بمثابة رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)حيث انه نور ارسله الله تعالى من نوره(عز وجل) ليهدي من ظل طريقه في الظلمات ويعتبر مكملا للإسلام فهو الوصي والخليفة من بعد رسول الله كما اوصى بذلك النبي الكريم ولكن لم يلتزم بوصية رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)من يحسب نفسه من اصحاب رسول الله ولكن سيطول بنا الحديث ان تحدثنا عن هذا الامر وان هذه الولادة المباركة اسعدت من في الارض ومن في السماء فقد وُلد سيد الوصيين وان شيعة امير المؤمنين يحتفلون في كل عام بذكرى ولادة امير المؤمنين (عليه السلام)وهذا شيء جيد حيث يوجد من يحتفل بولادة النور ولكن هناك من لا يعجبه هذا الامر ويعتبره بدعة على حد قوله الا ان كل من يعارض هذا الامر تجده مدعٍ للعلم ولكنه لا يحمل شيئاً من العلم ولا يعرف معنى العلم فتجده يُهرج ويثرثر بما لا يفقه وهذا ما يسمى بالعلم المركب حيث انه اردى وادنى فروع العلم حيث ان الشخص يعتبر نفسه عالما في امر ما ولكنه في الحقيقة لا يفقه شيئاً وتجده يتحدث بدون الوثائق والدلائل ولكنك اذا لاحظت علماء الشيعة فتجد اغلبهم يتحدث بالوثائق والدلائل والمصادر وان كان هناك من لا يتحدث بالمصادر فأن طلب منه احد اثبات الامر الذي كان يتحدث عنه فأنه يحضره فعلماء اهل الشيعة لا يتحدثون بحسب ما يشتهون وبحسب ما تمليه عليه نفسه كما يفعل البعض من مُدعي العلم وقد قال الحميري مر ظفي صدد ولادة امير المؤمنين بعض الابيات:
ولادتــــــــه فــــــي حــــــــرم الالــــــه وامنــــــه
والبيـــــت حــــــيـث فنـــــاؤه والمــــــــسجد
بيــــــضاء طــــــاهرة الثـــــــــياب كريـــــــــــمة
طـــــــابت وطــــــاب ولــــــيدها والمـــــولد
فـــي لـــــيلة غــــــابت نــــــحوس نجــــــــومها
وبـــــدا مـــــــع القــــمر المــــنير الاســــعد
مــــا لـــــف فـــي خـــــرق القــــــوابل مــــــثله
الا ابــــــن امــــــــنة النــــــــبي مــــــــحمد
وبهذه الابيات ننهي حديثنا عن ولادة امير المؤمنين (عليه السلام)ونقول بأن الامام علي(عليه السلام) هو وليد الكعبة المشرفة بلا شك وريب وان القوم اراد ان يسرق كل ما يملكه امير المؤمنين وذلك من خلال وضعه اخر الخلفاء وثانيا بسرقة القابه والتي ثبت انها لأمير المؤمنين ولكن فلينظر الناظر الى مرقد امير المؤمنين(عليه السلام)ويقارن بينه وبين مراقد هؤلاء القوم الذين حاربوا امير المؤمنين فتجدها خاوية وعندما تذهب الى مراقد ائمة الهدى تجدها زاهرة بأنصار الائمة ومحبيهم فجعلنا الله ممن يرضى عنهم بشفاعة رسول الله واهل بيته الاطهار.
{الباب الثالث : اسلامه ()}
ان هذا الموضوع من المواضيع المهمة التي تنازع حولها الكثير من العلماء واختلفوا في اول من اسلم فأن هذا الموضوع من المواضيع ذات الاهمية الكبيرة فيجب ان لا نستهين بهذا الامر ونضعه تحت دائرة الاختبار لنعرف الحقيقة ونعرف من هو اول من آمن برسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)فان هذا الامر موضع اهتمام علماء المسلمين سواء كان من علماء الشيعة ام من اهل السنة فأن علماء الشيعة يقولون ان اول من اسلم هو الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) ولكن اهل السنة يذهبون ويقولون ان ابا بكرا هو اول من اسلم ولكن هناك دليل عند اهل الشيعة علما ان اهل السنة لم يعتمدوا في اغلب كلامهم على المصدر والدليل بل يعتمدون على كلامهم فقط ونظراً لاختلاف العلماء في ذلك سنتكلم عن هذا الامر ولوا بشيء مختصر:
ان الشيعة يعتقدون ان امير المؤمنين (عليه السلام)هو اول من اسلم من الرجال وانه معصوم ومنزه من الخطأ وانه لم يشرك بالله شيئاً وهو سائر على نهج الرسول الكريم حيث كان تابعا لرسول الله في اقواله وافعاله حتى كبر الامام علي(عليه السلام)واصبح بالغاً ولكن اهل السنة لا يتفقون مع الشيعة في هذا الامر حيث انهم لا يعتقدون بعصمة الرسول الكريم والائمة وفاطمة الزهراء(صلوات الله عليهم اجمعين)ولا يعتقدون ان الامام علي(عليه السلام)هو اول من اسلم وان دليل اهل الشيعة على انه اول من اسلم هو قوله تعالى:{وانذر عشيرتك الاقربين} ان هذه الآية هي الدليل الذي يملكه الشيعة في ان اول من اسلم من الرجال هو الامام علي(عليه السلام)حيث ان هذه الآية الكريمة اشارت الى الرسول الكريم الى ان يعرض دينه في البداية على اهله والمقربين منه وان خديجة بنت خويلد هي اول من اسلم من النساء حيث انها زوجة رسول الله وهذا دليل على ان رسول الله لم يعرض دينه الا على المقربين منه وان امير المؤمنين كما يعرف الجميع هو الذي تربى في كنف رسول الله وليس ابو بكر هو من عاش في ظل رعاية رسول الله وان ابا بكرا لا يلتقي مع الرسول الكريم في نسبه اي انه لا صلة له برسول الله علما ان الامام علي(عليه السلام)هو ابن عم رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وهذا دليل قاطع حيث عرض رسول الله دينه في بادئ الامر على خديجة الكبرى من النساء وعلى ابن عمه امير المؤمنين(عليه السلام)من الرجال وبعد ذلك اسلم من اسلم من الرجال والنساء وهذا ليس موضوعنا وعن كتاب (مروج الذهب)قال :وسيجد القارئ المزيد من الشرح والايضاح في كتابنا المترجم بـ(كتاب الصفوة في الامامة) وفي كتاب (الاستبصار) وفي كتاب (الزاهي) وغيره من الكتب .
بمعنى ان الشيعة ليسوا الوحيدين الذين يعتقدون بأن الامام علي(عليه السلام)هو اول من اسلم من الرجال فهذا(المسعودي)قد اورد الشرح الذي ذكرناه حول الآية ومن ثم يقول ان هناك المزيد من الشرح والايضاح فأنه قد اعترف بأن الامام علي(عليه السلام)هو اول من اسلم من الرجال وتعتبر هذه حجة ضد اهل السنة فأن المؤرخ المسعودي قال :ان اول من اسلم هو امير المؤمنين علما ان المسعودي هو من اهل السنة وليس من علماء الشيعة فهو من علمائهم وهم يعتمدون عليه كما يعتمدون على الصحاح وغيرها من الكتب التي تعتبر المصدر الاساس للأحكام والتشريعات التي يعتمد عليها اهل السنة لتكون هذه الاحكام هي اساسا لإسلامهم وهم يعتمدون على الروايات التي تنقلها الصحاح واغلبها عن طريق واسناد ابي هريرة والذي قال عليه بعض العلماء انه يحرف الاقوال والاحاديث اضافة الى زائدة واخرين ومن الذي لاحظته ان اهل السنة عندما يقرأون احد الصحاح فأنهم يقرأون الذي يروق لهم ويتركون ما هو مهم ويتحدث حول اهل البيت (عليهم السلام) فمثلاً الاحاديث في فضل الامام علي(عليه السلام)والتي يفهم منها اي عاقل ان الامام علي هو الحق وان من يعاديه فهو على خطأ وان من عاداه فقد عادا رسول الله ومن عادا رسول الله فقد عادا الله فيذهبون الى احاديث بفضل ابو بكر وعمر وعثمان وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهم من الذين اظهروا بغضهم للإمام علي(عليه السلام) من خلال ما فعلوه من افعال تسيء الى الاسلام والمسلمين ومن الجدير بالذكر انه لا بأس بان يذكر البعض فضائل هؤلاء فهو اعتقاد ولكل شخص الحق في ان يطرح فكرته ولكن يجب ان تكون هذه الافكار بحدود العقل فلا تذهب لتذكر فضائل من تحب وتترك امير المؤمنين وابناه الحسن والحسين وما جاء في حقهم من قِبل رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)وتترك التسعة المعصومين من ولد الحسين وتُكذب الشيعة بشأن الامام المهدي(عجل الله فرجه الشريف)وتترك كل تلك الاحاديث والاقوال التي وردت من الرسول الكريم بحق الامام المهدي(عليه السلام)فأنك في هذه الحالة تُكذب رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)ولا اعتقد ان من يُكذب رسول الله سيحظى بحسن العاقبة لذا فيجب ان لا تقرأ كتابا حسب ما تشتهيه نفسك وحسب ما ترغب انت لأنك يجب اما ان تؤمن بكل البخاري او غيره من الصحاح او لا تؤمن به ابدا وان كنت قد امنت به ام لم تؤمن فهذا لا يهمنا لأنك تستمد دينك وتشريعاتك من هذه الصحاح وستعتبر هذه حجة عليكم فنتمنا لهم الهداية والسير على طريق الرسول الكريم واهل بيته (صلوات الله عليهم اجمعين) والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبينا محمد واله الطاهرين.
{الباب الرابع : الظلم الذي تعرض له () جراء عدم التزام الكثير بكلام رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)}
ان الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)لم يحظى بالحياة الهادئة بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)ولم يلتفت البعض الى كلام رسول الله عن امير المؤمنين وكل تلك الاقوال والفضائل لم يهتم لها احد ولم يعطي الناس حق امير المؤمنين(عليه السلام)في كثير من الاوقات والاحيان والمواقف ان هذا الامام الشجاع صبر على ما حصل له من الظلم بوصية من رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)وان هذا الامام الجليل ظُلم اشد الظلم من قِبل مَن يسمونهم الناس اصحاب رسول الله في ذلك الوقت كما ان الوقت الحاضر لا يخلوا ممن يعتقدون بأن احدا ممن كان مع رسول الله يضاهي امير المؤمنين منزلة عند رسول الله او عند الخالق عز وجل ولم يستطع احد ان يحظى ببعض المدح من رسول الله كما حضي به الامام(عليه السلام)و سنذكر في باب قادم ان شاء الله بعض الاقوال والاحاديث التي قالها رسول الله بحق الامام علي(عليه السلام)و بالإضافة الى الاقوال التي قالها النبي الكريم(صلى الله عليه واله وسلم)فأن الامام قد نال الاهتمام الرباني منذ ولادته فأن ولادته في الكعبة المشرفة فضيلة خص الله بها الامام علي(عليه السلام)ليكون اول من يولد في الكعبة الشريفة وآخر من يولد هناك وقد ذكرنا الرواية عن العباس حيث ان الكعبة انشقت لفاطمة بنت اسد(رضي الله عنها)ولا اعتقد ان شخصا يقول ان هذه الولادة لا تعتبر فضيلة تَميز بها الامام (عليه السلام) عن بقية الناس ولن يستطيع اي شخص ان يقول ان وليد الكعبة هو شخص آخر غير امير المؤمنين وبعد ان دخلت فاطمة بنت اسد خرجت بعد عدة ايام وهي تحمل وليدا وهو امير المؤمنين ،وقد حضي (عليه السلام)بفضيلة اخرى وهي انه لم يسجد لصنم قط وان هذا الامر مُتفق عليه من قبل الجميع وهو شيء مؤكد وان هذا الامر لم يسبق ان حققه شخص من اصحاب رسول الله في ذلك الوقت وفصاحة لسانه التي لم ينلها احد من اصحاب رسول الله فهو ابلغ اصحاب رسول الله وان كتاب(نهج البلاغة)هو خير دليل على ذلك فأن من ينظر الى هذا الكتاب ويقرأ كلام امير المؤمنين يعجب من كلامه لأنه يجد فيه بعض الكلمات التي لم يرى لها مثيلا ولن يستطيع ان يعرف معناها الا بشرح من الكتاب وان كلام امير المؤمنين ليس بالكلام الطويل فأنه يعبر عن ما يريد ان يقوله بكلام قصير يكون شافيا ووافيا وان افضل الكلام ما قل ودل وان هناك بعض الاقوال له(عليه السلام)القصيرة والتي تحتاج الى كلام كثير وطويل ان اراد احد ان يفسر او يبين معنى كلام امير المؤمنين وما ينوي التحدث عنه وان النبي الامين وامير المؤمنين مرتبط احدهما بالآخر بمثابة الروح من الجسد ولقد عاشا في محيط واحد وجمعتهما وحدة المنشأ وقد تخلق امير المؤمنين بأخلاق رسول الله وعلم رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)امير المؤمنين الكثير من العلم وان من الفضائل التي حضي بها امير المؤمنين انه تزوج من ابنة رسول الله وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(عليها السلام)ولكن امير المؤمنين رغم منزلته من رسول الله (صلى الله عليه و اله وسلم)الا ان القوم اضطهدوا امير المؤمنين ولم يترددوا في عدائه ومحاولة القضاء عليه وان الظلم الذي لقاه امير المؤمنين(عليه السلام)كبير جداً فأن اول ما قام به هؤلاء هو ترك امير المؤمنين وبني هاشم لدفن رسول الله وذهبوا هم تحت السقيفة ليُعَيِنوا خليفة بعد رسول الله علما بأن رسول الله(صلى الله عليه و اله وسلم)قد اوصى بأن اول خليفة بعده هو الامام علي(عليه السلام)وعندما دفن الامام علي وبنو هاشم وبعض اصحاب رسول الله في الليل وجدوا ان القوم قد عينوا خليفة لهم غير الامام علي(عليه السلام)وتجاهلوا ما جاء من وصية الرسول الكريم بحق الامام علي(عليه السلام)فجعلوا امير المؤمنين رابع الخلفاء علما ان رسول الله اوصى ان يكون هو الخليفة من بعده وان امير المؤمنين خرج على ابا بكرا وقال له:(افسدت علينا الامر ،ولم تستشر، ولم ترع لنا حقا) ولم يكتفي القوم في جعله رابع الخلفاء فقط بل انهم احرقوا بيته (عليه السلام) وكسروا ضلع فاطمة الزهراء(عليها السلام)واسقطوا جنينها وان ما دعا امير المؤمنين للصبر هو وصية من رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وان هذا الامر من الامور التي ندم ابو بكر عليها وهو على فراش الموت وندم على سقيفة بني ساعدة وهذا ما قاله نقلا عن كتاب(مروج الذهب )للمسعودي:(لما احتضر قال :ما آسى على شيء الا على ثلاث فعلتها وودت اني لم تركتها، وثلاث تركتها وددت اني فعلتها، وثلاث وددت اني سألت رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)عنها ،فأما الثلاث التي فعلتها و وددت اني تركتها :فوددت اني لم اكن فتشت بيت فاطمة وذكر في ذلك كلاما كثيرا ،و وددت اني لم اكن حرقت الفجاءة واطلقته نجيحا او قتلته صريحا ،و وددت اني يوم سقيفة بني ساعدة قذفت الامر في عنق احد الرجلين فكان اميرا وكنت وزيرا....الى اخر كلامه).
ان هذا لدليل واضح وصريح على ما فعله القوم بالإمام علي(عليه السلام)فأن من الذي ذكره انه تمنى لو لم يدخل بيت فاطمة الزهراء(عليها السلام)و الشيء الثاني الذي ذكره هو انه ندم وتمنى انه لم يكن هو اول الخلفاء لأنه يعلم انه ليس هو الاحق بل ان الامام علي(عليه السلام)هو الاحق بها وتمنى لو انه القى الامر على عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان لكي يتحمل الرجلان الذنب بدلا منه لأنه يعلم ان الله عز وجل لن يُفوت له العقاب على هذ الامر والكثير من الاحداث الاخرى وان الامام علي(عليه السلام)لم يحظى بالراحة بعد ان اصبح خليفة على المسلمين فأن العداء قد استمر على الامام علي(عليه السلام)فكان (عليه السلام)يحل مشكلة فتظهر له اخرى وينتهي من حرب فتبدأ حرب اخرى ومن تلك المعارك والحروب والمشاكل معركة صفين ومعركة النهروان ويوم الجمل اضافة الى ما لاقاه من الغدر وتردد اصحابه وابتعادهم عنه(عليه السلام) وردتهم ومن ثم مقتله(عليه السلام)لذا فأن امير المؤمنين لم يحظى بالراحة من قِبل القوم وان حال اهل البيت(عليهم السلام)ليست افضل من حال امير المؤمنين(عليه السلام)فقد عانوا من اضطهاد الحكام لهم وهذا حديث آخر، واعتقد ان ما دفع هؤلاء الى معاداة الامام علي(عليه السلام)امران:
1- بغضا وكرها وحسدا لأمير المؤمنين اضافة الى انهم كانوا يغارون منه لأنه (عليه السلام)قد لقي اهتماما كبيرا من رسول الله(صلى الله عليه و اله وسلم)ومن الله سبحانه وتعالى ولم يحظى اي منهم بهذه المنزلة العظيمة ولما تَميز به امير المؤمنين من الصفات الجليلة والفضائل وان من يعادي امير المؤمنين فأنه يعادي رسول الله ومن يبغض الامام علي(عليه السلام)فأنه يبغض رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وان من عادى امير المؤمنين فقد عادى الحق لأن امير المؤمنين مع الحق والحق معه وقد قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)لعمار بن ياسر:(يا عمار لو سلك الناس كلهم واديا وسلك علي واديا فأسلك وادي علي....ما تكلمت فرضا او عبثا يا رسول الله فأنت تعلم ان الامة من بعدك ستجتمع على ظلم هذا الرجل) ان هذه الرواية دليل على امران الاول ان الامام علي(عليه السلام)هو طريق الهدى والحق والثاني ان الامام علي قد لاقى هذا الظلم وان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)كان يعلم بذلك ولهذا دعا رسول الله الامام(عليه السلام) الى الصبر.
2- وان هناك احتمالا اخر وهو ان كل ما فعله هؤلاء هو طلبا للمال والمنصب والجاه والتسلط على الناس و الحكم بينهم فأن جميع الناس سواء في الماضي ام في الوقت الحاضر يتمنون ان يكونوا حكاما وقادة ولا يعلمون ما هي المسؤوليات التي يتحملونها وما رموا نفسهم فيه فأن اي تصرف خاطئ من قِبل الحكام سيكلف الكثير عند الله تعالى فليس امرا سهل ان تحكم بين الناس بالعدل ولكن هذا الامر لا يصعب على ائمة الهدى لأنهم مُعدين اساسا للحكم بين الناس وتحقيق العدل والمساواة وهي قدرة منحهم الله اياها وان آخر ائمة الهدى والحق هو الذي سينشر هذا الدين في كل بقاع العالم ويحكم العالم ويكون العالم وما فيه تحت سيطرته(عليه السلام)وهو الامام المهدي(عليه السلام).
ان كل ما لاقاه الامام علي(عليه السلام)من الظلم والاضطهاد لم يشوش عقله ولم يعقه اي شيء من حوله في العمل وفق ما جاء به النبي الكريم(صلى الله عليه واله وسلم)ولم يمنعه من الحكم بالعدل والمساواة بين الناس وكذلك من تبعه من ائمة الهدى من ذرية ابنه الامام الحسين(عليهم السلام)وتبين لنا ظلم الناس لأمير المؤمنين(عليه السلام)وقد ذكرت بعض الروايات ان فاطمة الزهراء(عليها السلام)لم تكلم الرجلين اي ابا بكر وعمر حتى توفيت (عليها السلام) وقد اكدت الروايات ان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)قد ذكر اقوالا في حق فاطمة الزهراء(عليها السلام)واكد ان من آذاها فقد آذى رسول الله ومن آذى رسول الله فقد اذى الله سبحانه وتعالى وان الروايات لم تؤكد هذا فقط بل اكدت ان من ابغض امير المؤمنين فقد ابغض رسول الله ومن ابغض رسول الله فقد ابغض الله عز وجل وان القوم لم يكتفوا بإيذاء الامام علي(عليه السلام)وحده بل آذوا فاطمة الزهراء(عليها السلام) وحصلوا بذلك على ذنب مضاعف فنتمنى ان يجعلنا الله من الذين تتضاعف حسناتهم وتنقص سيئاتهم.
{الباب الخامس : فاطمة الزهراء (عليها السلام)}
ان الامام علي (عليه السلام)قد تزوج فاطمة الزهراء(عليها السلام) وذلك بأمر رباني حيث قام الكثير من الاشخاص بالتقدم لخطبة فاطمة الزهراء(عليها السلام)ولكن سيدة نساء العالمين لم تقبل بأي منهم ولكنها قبلت بالإمام علي (عليه السلام) ان الرسول الكريم لم يتوقف على التحدث عن الامام علي(عليه السلام)وعن الامام الحسن والحسين(عليهما السلام)بل تحدث عن فاطمة الزهراء(عليها السلام)ايضاً وقال الكثير من الكلام بحق سيدة نساء العالمين وقال (صلى الله عليه واله وسلم)ان فاطمة الزهراء بضعة منه حيث قال انها بضعة منه من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله وان قوله هذا يدل على ان فاطمة الزهراء(عليها السلام)إن رضيت عن احد ما فأن رسول الله يرضى عنه ايضاً وبذلك يرضى الله تعالى لرضاهما وان من يبغض فاطمة الزهراء(عليها السلام) فأنه يبغض رسول الله ومن بعد ذلك فلينسى الرحمة من الله سبحانه تعالى وان هناك من قد آذى فاطمة الزهراء بشكل غير مُنصف فقد ظلموها اضافة الى الظلم الذي لاقاه زوجها الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) من قِبل الظُلام ان حياة فاطمة الزهراء(عليها السلام)كانت حافلة بالمشاكل والاحداث التي ارهقتها وابيها رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)وان لهذه السيدة الجليلة صفات وفضائل كثيرة لقد مرت يكل ما مر به الرسول الكريم(صلى الله عليه واله وسلم)وقبل ولادتها(عليها السلام)كانت السيدة خديجة تتحدث الى فاطمة الزهراء وهي جنين في بطنها وعندما كبرت ماتت امها السيدة خديجة الكبرى وبقيت وحيدة من دون ام ،لقد تحملت فاطمة الزهراء كل ما جرى على رسول الله وعليها فأن رسول الله عندما بدأ بنشر دينه على الناس بدأ الناس يستهزئون به ويرمونه بالحجارة وفعلوا ما استطاعوا في سبيل ايذاء رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)لقد كانت فاطمة الزهراء هي التي ترعى ابيها وهي التي تستقبله عندما يدخل البيت وقد ملأت الدماء قميصه ولكنها كانت تشجع رسول الله رغم ما تلقاه من الم وحزن ولكنها لم تشجعه يوما على ان يكف من دعوة الناس الى الاسلام بل بالعكس فقد كانت فاطمة الزهراء هي المؤنس الوحيد لرسول الله في بيته لقد كانت فاطمة الزهراء تمارس دور الام والابنة في وقت واحد حيث انها لُقبت بأم ابيها لأنها هي من اعتنت به وشجعته وفي نفس الوقت هي ابنته وابنة خديجة الكبرى ولقد حظيت فاطمة الزهراء بالعديد من الاسماء والالقاب في مواضع ومناسبات مختلفة فمن تلك الالقاب والاسماء( ام ابيها، والمرضية، والرضية ،والبتول ,وفاطمة الزهراء)لقد سميت فاطمة الزهراء بأسماء عديدة وذلك لعظمتها وان لكل اسم معنى يدل عليه ،لقد عانت فاطمة الزهراء كثيراً في الاحداث التي حدثت لرسول الله ولاقت ما لاقاه رسول الله والمسلمون من العذاب والخوف والتهديد من قِبل المشركين الذين وجودوا ان رسول الله ومن معه يشكلون تهديدا على قريش ونفوذها بين الشعوب والقبائل وبعد ان هدأ الوضع ودخل العديد من الناس الى الاسلام بدأت المعارك بين جيش المسلمين وجيوش المشركين فبدأت المعارك والحروب والغزوات وقد تزوجت فاطمة الزهراء الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) فعاشت مع الامام علي بقية حياتها وبعد ان توفي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)تحقق قوله تعالى:{وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفأن مات او قُتل انقلبتم على اعقابكم}وبدأ المنافقون عدائهم للإمام علي(عليه السلام)وفاطمة الزهراء(عليها السلام)ومن الصعوبات التي واجهتها الزهراء(عليها السلام)هي كسر ضلعها واسقاط جنينها المسمى بـ(المحسن)ان هذا الحدث اثر كثيرا في فاطمة الزهراء وخاصة انهم منعوها من البكاء لكي لا يتعاطف الناس معها ومن ثم اغتصابهم لأرض فدك التي وهبها رسول الله لفاطمة الزهراء حيث اشارت بعض الروايات الى ان ارض فدك ليست ميراثاً انما هي من ما غنمه المسلمين اثناء الحروب فوهبها رسول الله ارض فدك بعد ان كانت له(صلى الله عليه واله وسلم)ولكن ابن ابي قحافة ابى وقال ان الانبياء لا يورثون رغم انها ليس ميراثا انما هِبة ومن العجيب ان احدا من اصحاب رسول الله لم يسمع النبي الكريم يقول مثل هذا القول والعديد من الاحداث الاخرى التي آذت ابنة رسول الله وقد ذكرنا انها (عليها السلام)لم تكن راضية عن الرجلان اي ابو بكر وعمر وانها لم تكلمهما حتى توفيت (عليها السلام) وكيف تستطيع ان ترضى عليهما وفعلا ما استطاعا مع من معهما في سبيل ايذاء امير المؤمنين وسيدة نساء العالمين وبعد كل هذه الاحداث توفيت فاطمة الزهراء(عليها السلام)وقام الامام علي(عليه السلام)بدفنها ليلا وبعيدا عن انضار الناس وكان يزورها كل ليلة ليقرأ القرآن عند قبرها(عليها السلام) وسنذكر ما انشد امير المؤمنين(عليه السلام) بعد وفاة فاطمة الزهراء (عليها السلام):
الا هـــــــل الـــــى طـــــــول الحــــــياة سبــــــيـل
وأنــــــــى وهـــــــذا المـــــــوت لـيـــــس يحول
وإنــــــي وإن اصبـــــحت بالمــــــوت موقـــــــنا
فلـــــــي امـــــــــل مــــــن دون ذاك طـــــــويل
وللـــــــدهر الـــــــوان تـــــــــروح وتــــــغتــــدي
وإن نفـــــــــــوسا بيــــــــــــنهن تـــــــــــــــسيل
ومــــنزل حـــــــــــــــــق لا معــــــرج دونـــــــه
لــــــــكل امـــــــــرئ منـــــــها الــــــيه سبــــيل
قطـــــــــعت بأيــــــــام التــــــــعزز ذكـــــــــــره
وكـــــــل عزيـــــــز مــــــا هنـــــــاك ذلـــــــيل
ارى عــــــــلل الدنــــــيا علـــــــــي كثــــــــــيرة
وصاحـــــــبها حــــــــتى الممـــــــــات علــــيل
وإنـــــي لمشــــــــتاق الــــــــى مـــــــن احـــــبه
فـــــهل لــــي الـــــى مـــــن هويـــــت سبـــــيل
وإنـــــي وإن شطـــــت بـــــــي الـــــدار نـازحا
وقــــد مـــــات قبـــــلي بالفـــــــراق جمــــــــيل
فـــقد قــــال فـــي الامـثال فــــي الــبين قــــائل
أضـــــــر بـــــــه يـــــوم الفـــــــراق رحيــــــل
لكـــــــل اجتـــــــماع مــــن خليــــلين فـــــرقـة
وكــــــــل الـــــــذي دون الفــــــــراق قلــــــــيل
وإن افتـــــــقادي فاطـــــــــما بـــــــعد احمــــــد
دلـــــــيل علـــــــى ان لا يـــــــدوم خلــــــــــيل
وكــــــيف هنــــاك العيــش مــن بـــعد فقــــدهم
لعــــــــمرك شـــــــيء مــــــا إلـــــــيه سبــــيل
سيعـــــرض عـــن ذكــــري وتنــــسى مــودتي
ويظــــــــــهر بعـــــــدي للخــــــــليل عديــــــل
وليـــــــس خلـــــيلي بـــــــــالملول ولا الــــــذي
اذا غــــــــــبت يرضـــــــاه ســــــواي بـــــديل
ولكــــن خليـــــلي مــــــن يــــــدوم وصـــــــاله
ويحـــــــفظ ســــــــــري قـــــــــلبه ودخـــــــيل
إذا انقطــــــــعت يومــــا مـــن العــــيش مــدتي
فــــــــــان بكــــــــــاء الباكــــــــيات قلـــــــــيل
يريـــــــد الفــــــتى ان لا يمــــــــوت حبـــــيبه
ولـــــــــيس الـــــــــى مـــــــا يبـــــتغيه سبـــيل
وليــــــس جليـــــــلا رزء مـــــــال وفـــــــقده
ولكـــــــن رزء الاكـــــــــرميــــــن جـــــــــليل
لـــذلـــــك جنــــــبي لا يؤاتــــــــيه مضــــــجع
وفــــــي القـــــلب مــــن حـــر الفـــراق غلــيل
سلام الله عليك يا فاطمة الزهراء وجعلنا الله من السائرين على النهج والطريق الصحيح والذي نتقرب فيه من الله تعالى ورسوله واهل البيت(صلوات الله عليهم اجمعين والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبينا محمد واله الطاهرين.
{الباب السابع : بعض الاحاديث والخطب والكتب له ()}
لقد كان الامام علي (عليه السلام) فصيح اللسان و عندما كان يتكلم العربية الفصحى لا يفهم كلامه الكثير من الناس لفصاحة لسانه ولا يفهمه الا اصحابه(عليه السلام) وان امير المؤمنين كما قال رسول الله فأن الامام(عليه السلام)هو اقضى واعلم اهل المدينة ولا عجب من ذلك فهو امير المؤمنين وسيد الوصيين وان هذا متوقع من هذه الشخصية العظيمة وكان (عليه السلام)يخطب العديد من الخطب في مواقع مختلفة ويروي الكثير من الاقوال والاحاديث في امور الحياة المختلفة وله العديد من الكتب الى امراء الجيش والى اعدائه كإرساله الكتب الى معاوية بن ابي سفيان(لعنة الله عليه) وقد جمع العديد من هذه الكتب والاحاديث والاقوال في كتب عديدة وكثيرة ومنها ما جمعه الشريف الرضي في كتاب اسماه (نهج البلاغة)(1) واورد فيه 786 حديث او قول تقسمت الى ثلاثة اقسام وهي الخطب حيث بلغ عددها 239 والكتب والتي يبلغ عددها 79 كتاب وكذلك فصل المواعظ والحكم والكلام الموجز والقصير حيث بلغ عددها 468 حديث وان هذه الاحاديث يضاف اليها ما نقل عنه(عليه السلام)في كتب اخرى مثل كتاب اصول الكافي للكليني وقد شملت هذه الخطب والكتب والاحاديث العديد من الامور الحساسة والمهمة وفي كلامه(عليه السلام)العديد من المواعظ والحكم وقد يعبر عن مواضيع ذات اهمية كبيرة بكلام قصير وفصيح ودال على معنى فأن خير الكلام ما قل ودل كحديثه عن القناعة فقال (عليه السلام):(القناعة مال لا ينفد) ان هذه الكلمات الثلاث او الاربع تحتاج الى العديد والكثير من الكلمات لفهم ما يرمي اليه الامام علي(عليه السلام)وان ما جمعه الشريف الرضي من احاديث وكتب وخطب كانت من مصادر عديدة وكتب عديدة وقد ذكر هذه المصادر التي استمد منها هذه الاقوال والاحاديث والخطب فوصلت الى 31 مصدراً توزعت على العديد من العلماء وان هذا الكتاب من الكتب العظيمة حيث جمع فيه كلام شخص ذي منزلة رفيعة عند الله عز وجل حيث انه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لقد حمل هذا الامام من الفضائل والخصال ما يتمنى كل مؤمن ان يحظى ببعض منها حيث انها كثيرة جدا وانك اذا ذكرت عددا تعتقد انه كثير فقد اخطأت ونسيت شيئا لأن هذا الامام ومنزلته وفضائله اعظم من يذكرها شخص ما فلا احد يستطيع معرفة امير المؤمنين الا رسول الله كما ذكر(صلى الله عليه واله وسلم)حيث اثبت في ذلك الحديث ان من اراد ان يعرف امير المؤمنين او صفاته فأنه لا يستطيع لأنه لا يعرفه كما يعرفه رسول الله(صلى الله عليه و اله وسلم) حيث انه ابن عمه واخوه في المؤاخاة ولعل هذا ليس السبب الحقيقي لأن امير المؤمنين ليس بالشخصية العادية فلذا لن يهمه اي كان بل سيفهمه من يمتلك مثل شخصيته ليجاريه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):وهو ما جمعه الشريف الرضي من خطب ووصايا وكتب وكلام امير المؤمنين وبشرح الشيخ(محمد عبده) طبعة بيروت لبنان سنة (1426,2005).
ويشاركه في التفكير فل تستطيع ان تجمع بين عالم وجاهل حيث لن يحتمل احدهما الاخر لانهما متضادان من جميع النواحي والجوانب فطريقة تفكير كل منهما تختلف
عن الاخر فتجد الجاهل لا يفكر في اي شيء وحتى لو فكر في شيء فسيكون هذا الشيء تافها يناسب من فكر به وتجد ان كلام الجاهل غير موزون ولا يعرف كيف ينتقي كلماته ليعبر بها عن شيء بداخله ولكنك عندما تشاهد شخصا عالما فستجد الفرق بينهما حيث ان تفكير العالم قد يكون اكبر من حجمه وسنه ومثال ذلك الائمة (عليهم السلام)يتميزون منذ صغرهم بأنهم يملكون عقولا لا يملكها من هو اكبر منهم سنا لذا فأن الامام علي(عليه السلام)لا يفهمه الا من يشبهه قولا وفعلا وهم رسول الله والائمة المعصومين (صلوات الله عليهم اجمعين)لذا فان هذه الشخصية العظيمة خارجة عن حدود البشر واستطاعتهم فلن يستطيع احد ان يملك شيئا قليلا من الفضائل التي حضي بها امير المؤمنين (عليه السلام) ويجب على كل من يحسب نفسه من انصار وشيعة الامام علي (عليه السلام)ان ينفذ ويطبق اوامر النبي الكريم(صلى الله عليه واله وسلم) والائمة المعصومين وذلك لانهم حجج الله في ارضه ويلتزم بكلام القرآن الناطق الا وهو الامام علي(عليه السلام) فجعلنا الله من السائرين على درب رسول الله والائمة المعصومين من بعده وان يوفقنا الله للسير على وفق منهج اهل البيت (عليهم السلام).
{الباب الثامن: ولداه الحسنان ومن تبعهما من ذريتهما}
لقد حظي الامام علي (عليه السلام) بذرية صالحة فمن سيكون ذا حظ ليكون له ذرية صالحة مثل الائمة المعصومين (صلوات الله عليهم اجمعين) واولهم الامام الحسن واخوه الحسين والتسعة من ولد الحسين وان الحسنان هما ريحانتا رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وقد عاشا في ظل رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)والامام علي (عليه السلام) وفاطمة الزهراء(عليها السلام) وان من يعيش في مثل هذا المحيط من الاشخاص وفوق كل هذا قد حظيا بذرية صالحة واخر هذه الذرية هو قائم ال محمد وهو الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وان الائمة المعصومين قد اخذ كل منهم خصلة من الامام علي او النبي محمد او فاطمة الزهراء(صلوات الله عليهم) وان الائمة امتازوا بحسن الخلق وكل امام يكون اقضى الناس في عصره ولن يستطيع احد سواء كان في عصرهم ام في غير عصرهم ان يبلغ الدرجة العالية من الفصاحة والبلاغة والقدرة على حل المشاكل والقضاء بين الناس والحكم بينهم بالعدل والاحسان وان جميع الائمة(عليهم السلام)كانوا قد رووا الحديث ونقلوه عن امير المؤمنين او عن النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)ولكن عدد هذه الاقوال والاحاديث يختلف من امام الى اخر وذلك بسبب اختلاف الظروف التي يعيشها كل امام فأن بعض الائمة(عليهم السلام)عاشوا في ظل حكم ظالم مثل الامام الكاظم(عليه السلام)فقد قضى سنوات عديدة من حياته في السجون ولكن ذلك لم يمنع الامام عن رواية الحديث ولكنها قليلة وان هناك بعض الائمة(عليهم السلام)عاشوا تحت ظروف سمحت لهم بنقل ورواية الحديث مثل الامام الصادق (عليه السلام) فأن اغلب الاحاديث والاقوال التي يعتمد عليها شيعة امير المؤمنين هي عن الامام الصادق او عن النبي او امير المؤمنين علي بن ابي طالب(صلوات الله عليهم) وان الامام الصادق(عليه السلام) هو مؤسس المذهب الجعفري كما ان ائمة المذاهب الاربعة قد تخرجوا من مدرسة الامام جعفر الصادق(عليه السلام) ومن طلاب هذه المدرسة العظيمة (ابو حنيفة النعمان) حيث انه قال:(لولا السنتان لهلك النعمان) وان هذا لفخر كبير للإمام علي(عليه السلام) ولرسول الله ولفاطمة الزهراء (صلوات الله عليهم) بأن تكون لهم مثل هذه الذرية الصالحة والتي سيكون مخلص البشرية وهاديها الى الصراط المستقيم منهم وهو الامام المهدي (عليه السلام) وقد ذكر النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)احاديث واقوال في حقهما يبين فيه حبه لهما ولقد عاشا في بيت تكثر فيه مكارم الاخلاق وتعلما على الفضيلة وترك الرذيلة والاخلاق الفاضلة وقد روي ان رجلاً مؤمنا قد توفي فهنأته بالجنة فقال لها احد الائمة لا تجزمي يا ام فلان فأنه قد كان سيء الخلق مع اهل بيته و سنذكر بعض الاحاديث عن النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم) في حقهما(عليهما السلام):
1- عن كتاب تاريخ الخلفاء(1) للسيوطي عن ابي سعيد الخدري قال :قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة).(2) وهناك رواية تقول ان الناس يبعثون شبابا ويشمل ذلك الانبياء ايضا وهذا يعني ان الامامان الحسن و الحسين هما سيدا اهل الجنة.
2- وعن كتاب تاريخ الخلفاء عن السيوطي واخرجه الترمذي ايضاً عن اسامة بن زيد قال: رأيت رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) والحسن والحسين على وركه فقال:(هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم اني احبهما فأحبهما واحب من يحبهما).
3- وعن السيوطي ايضا قال اخرج الشيخان عن البراء قال :رأيت رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)والحسن بن علي على عاتقه وهو يقول:(اللهم اني احبه فأحبه) (3)
4- عن تاريخ الخلفاء قال السيوطي اخرج الحاكم عن ابن عباس قال :اقبل النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)وقد حمل الحسن غلى رقبته ,فلقيه رجل فقال :نعم المركب ركبت يا غلام, فقال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(ونعم الراكب هو).
5- وعن تاريخ الخلفاء قال اخرج عن انس قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)اي اهل بيتك احب اليك؟ قال:(الحسن والحسين).
هذا كل ما تيسر لنا من احاديث النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)ورغم هذه الاحاديث التي رواها النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم) فأن الامة اساءت الى ذرية رسول الله واذت هذه الذرية واهدرت نعمة لا مثيل لها وان من اساء اليهم (عليهم السلام) او اساء الى امهم او ابيهم هم ممن يعتبرهم الناس من الصحابة وقد ذكرنا هذين الامامين لانهما يمثلان فخرا للإمام علي(عليه السلام) وذلك لأنه احسن تربيتهما فنال منزلة ارفع عندما حظي بمثل هذه الذرية المباركة ونتمنى ان نكون من الذين سيشفع لهم الاربعة عشر المعصومين ويجعلنا في ظلهم وتحت لوائهم والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1):طبعة القاهرة في صفحة 214 ذكرها في الحديث عن الامام الحسن(عليه السلام) وخلافته في موضوع اسماه(نسبه وفضله وحب الرسول اياه).
(2):وقد قال اخرجه الترمذي برقم(3768) وقال انه حسن صحيح ورواه الحاكم ايضا.
(3):رواه البخاري برقم(3749) ومسلم برقم(2422).
{الباب التاسع :الاحاديث الواردة في فضله}
ان الامام علي(عليه السلام)حظي باهتمام من النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)وان هذا الاهتمام لم يكن مبالغا به بل كان الامام علي(عليه السلام)يستحق الكثير من الاهتمام فحظي بهذا الاهتمام من النبي (صلى الله عليه واله وسلم)ولكن لم يعرف المجتمع آنذاك منزلة الامام علي(عليه السلام) عند الله(عز وجل)وعند نبيه فحاربه من يسميه البعض امير المؤمنين ويعتبرونه من الصحابة لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)و لكن الحقيقة هي ان الله ورسوله والاسلام بريء من هؤلاء الاشخاص وهم لا يمدون للإسلام بصلة ولكن محبيهم والسائرين على نهجهم يعظمونهم ويتركون من قال عنه النبي ما قال وسنثبت في هذا الباب ان من حارب الامام علي (عليه السلام)هو من الذين يحاربون الله ورسوله ومن الذين يبغضهم الله ورسوله وقد اورد السيوطي في كتابه(تاريخ الخلفاء)عددا من هذه الاحاديث وقد قال المسعودي في كتابه(مروج الذهب): بعد ان تكلم بعض الكلام قال: ان الامام علي (عليه السلام)له النصيب الاوفر والحظ الاكبر الى ما ينفرد به من قول رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)[لم يذكر لفظة واله] حين آخى بين اصحابه:(انت اخي) وهو (صلى الله عليه واله وسلم)لا ضد له ولا ند وقوله(صلى الله عليه واله وسلم):(انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي)وقوله(من كنت مولاه فعلي مولاه الله وال من والاه وعاد من عاداه )ثم دعاؤه(صلى الله عليه واله وسلم)وقد قدم اليه انس الطائر:(الله ادخل الي احب خلقك يأكل معي من هذا الطائر)فدخل عليه الامام علي(عليه السلام) الى اخر كلامه).
وان الاحاديث التي رواها المسعودي اخرجها السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء لذا سنذكر ما تم ذكره من احاديث النبي بحق الامام علي(عليه السلام) :
1- اخرج الشيخان عن سعد بن ابي وقاص قال ان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)خلف علي بن ابي طالب(عليه السلام) في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان فقال(صلى الله عليه واله وسلم):(اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي)(1)
2- اخرج البراز والطبراني في(الاوسط)عن جابر بن عبد الله واخرج الترمذي والحاكم عن الامام علي(عليه السلام)قال :قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(انا مدينة العلم وعلي بابها).
3- عن سهل بن سعد قال ان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)قال يوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):قال السيوطي: رواه البخاري في كتاب المغازى ،باب (غزوة تبوك) ورواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة باب(من فضائل علي بن ابي طالب).
خـــــيبر:(لأعطين الراية غدا رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله) فبات الناس يدوكون(1) ليلتهم ايهم اعطاها؟ فلما اصبح الناس غدوا على رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)كلهم يرجوا ان يعطاها فقال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(اين علي بن ابي طالب)؟ فقيل هو يشتكي من عينيه ،قال:(فأرسلوا اليه) فأتي به فبصق رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)في عينيه، ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية.
4- اخرج مسلم عن سعد بن ابي وقاص قال: لما نزلت هذه الآية{ندع ابنائنا وابنائكم}(2) دعا رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)عليا ،وفاطمة، والحسن، والحسين فقال:(اللهم هؤلاء اهلي)(3) اقول: وان هذا لرد كبير على من يقول ان آية التطهير نزلت بحق زوجات النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم).
5- اخرج الترمذي عن ابي سريحة ،او زيد بن الارقم ،عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم)قال:(من كنت مولاه فعلي مولاه)(4).
وعن بعض من نقلوا هذا الحديث ان في اكثرها زيادة:(اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).
اقول: ان احد الائمة (عليهم السلام)قال :بني الاسلام على خمس وقال ان الولاية هي ركن من هذه الاركان
ان من يقول ان معاوية بن ابي سفيان صحابي جليل فكيف لصحابي جليل ان يحارب من قال النبي هذا الحديث في حقه من هذا نعرف ان الله عز وجل قد عادا معاوية ابن ابي سفيان(لعنة الله عليهما) وهذا رد لمن يقول انه شجار بين صحابيين قد يكون الشجار حاصلا بالأيدي او حتى بالكلام وليس استخدام شتى انواع الاسلحة ولا اعتقد ان من يقول ان ما حدث بين الامام علي(عليه السلام)ومعاوية(لعنه الله) شجار فهو غير عاقل واتمنى ان يهدي الله مثل هذه النماذج رغم انهم لا يحبون الفهم وانما يحبون التهريج .
6- وعن احمد بن حنبل عن ابي الطفيل قال:(جمع علي الناس سنة خمس وثلاثين ثم قال لهم انشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)يقول يوم غدير خم ما قال لما قام، فقام اليه ثلاثون من الناس فشهدوا ان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)قال:(من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):يخوضون و يتحدثون .
(2):سورة ال عمران الاية:61
(3):رواه مسلم والترمذي
(4):رواه الترمذي وقال انه حسن صحيح
7- اخرج الترمذي وصححه الحـــاكم عن بريدة قـــال: قال رسول الله (صلى الله عليه
واله وسلم):(ان الله امرني بحب اربعة ،واخبرني انه يحبهم)قيل يا رسول سمهم لنا قال:(علي منهم والثلاثة هم: ابو ذر وسلمان والمقداد).
8- اخرج الترمذي والنسائي ،وابن ماجه،عن حبشي بن جنادة قال: قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(علي مني وانا من علي).
9- اخرج الترمذي عن ابن عمر قال :آخى رسول الله محمد(صلى الله عليه واله وسلم) بين اصحابه فجاء علي(عليه السلام) تدمع عيناه، فقال: يا رسول الله آخيت بين اصحابك ولم تُآخ بيني وبين احد ،فقال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(انت اخي في الدنيا والاخرة).
10- اخرج مسلم عن الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)قال:(والذي فلق الحبة وبرأ النسمة انه لعهد النبي الامي الي انه لا يحبني الا مؤمن، ولا يبغضني الا منافق).
11- اخرج الترمذي عن ابي سعيد الخدري قال:(كنا نعرف المنافقين ببغضهم لعلي).
12- اخرج الحاكم عن ابن مسعود قال:(كنا نتحدث ان اقضى اهل المدينة علي(عليه السلام)).
كما اخرج ابن عساكر ،عن ابن مسعود قال:(افرض اهل المدينة و اقضاها علي بن ابي طالب(عليه السلام).
13- اخرج الطبراني ،وابن ابي حاتم عن ابن عباس قال :ما انزل الله :{يا ايها الذين امنوا} الا وعلي اميرها وشريفها ،ولقد عاتب الله اصحاب محمد(صلى الله عليه واله وسلم) في غير مكان وما ذكر علياً(عليه السلام)الا بخير}.
14- اخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال:(ما نزل في احد من كتاب الله تعالى ما نزل في علي(عليه السلام)).
وقد قال السيوطي اقوالا اخرى ولكن لم يتم ذكرها لعدم اتساع هذا البحث لها اضافة الى ان هناك اقوالا عن الائمة بحق الامام علي (عليه السلام)في كتاب(اصول الكافي)للكليني ولا اعتقد ان كل هذه الاقوال والاحاديث فيها شيء لا يفهم فجميعها وردت باللغة العربية وليست مذكورة بلغة اخرى ومن اراد التحقق فليراجع كتاب(تاريخ الخلفاء)للسيوطي صفحة(195) باب(الاحاديث الواردة في فضله) وايضا كتاب(مروج الذهب)للمسعودي رغم انه لم يذكر سوى القليل منها في الجزء الثاني صفحة(447)باب(فضائله ـ رضي الله عنه ـ).
{الباب العاشر :نبذ من كلماته الوجيزة والقليل من اشعاره}
{الفصل الاول: بعض كلماته الوجيزة}
سنذكر القليل من بعض كلماته القصيرة التي اوردها المسعودي والسيوطي ولكن لا نستطيع ذكر ما اورده الشريف الرضي ابدا:
1- اخرج السيوطي في كتاب(تاريخ الخلفاء)ان الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) قال:(الحزم سوء الظن).
2- اخرج المسعودي في كتابه(مروج الذهب) ان الامام علي(عليه السلام)قد سئل عن خيار العباد فقيل له: من خيار العباد ؟قال:(الذين اذا استحسنوا استبشروا واذا اساؤوا استغفروا واذا اعطو شكروا واذا ابتلوا صبروا واذا اغضبوا غفروا).
3- عن السيوطي في كتاب(تاريخ الخلفاء) قال: قال الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام):(الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله ولم يؤمنهم من عذاب الله ولم يدع القرآن رغبة عنه الى غيره لأنه لا خير في عبادة لا علم فيها ولا علم لا فهم فيه ولا قراءة لا تدبر فيها).
4- عن السيوطي ايضا قال : قال الامام علي(عليه السلام):(يأتي على الناس زمان المؤمن في اذل من الامة).
5- وفي كتاب (نهج البلاغة) للشريف الرضي بشرح الشيخ محمد عبده قال ان الامام علي(عليه السلام)قال:(القناعة مال لا ينفد).
6- وفي كتاب اصول الكافي للكليني ان امير المؤمنين(عليه السلام) سئل: هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون اليه؟ فقال(عليه السلام):(لا).
7- وعن كتاب نهج البلاغة ايضا قال: ان امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام) قال:(الحلم والاناة توأمان ينتجهما علو الهمة).
8- وعن كتاب اصول الكافي ايضا روى حديثا بسند :ابي اسحاق السبيعي عمن حدثه قال: سمعت امير المؤمنين(عليه السلام)يقول:(ايها الناس اعلموا ان كمال الدين طلب العلم والعمل به الا وان طلب العلم اوجب عليكم من طلب المال ان المال مقسوم مضمون لكم ،قد قسمه عادل بينكم، وضمنه سيفي لكم ،والعلم مخزون عند اهله وقد امرتم بطلبه من اهله فأطلبوه).
9- وفي كتاب نهج البلاغة رُوي ان امير المؤمنين (عليه السلام)قال:(لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
10- وفي كتاب نهج البلاغة ايضا عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال:(لا يعاب المرء بتأخير حقه انما يعاب من اخذ ما ليس له).
11- وفي كتاب اصول الكافي للكليني ذكر حديثا لأمير المؤمنين(عليه السلام) بسند: علي بن ابراهيم ،عن ابيه ،عن علي بن اسباط ،عن عمه يعقوب بن سالم ،عن ابي الحسن العبدي ،عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة قال: قال امير المؤمنين(عليه السلام)ذات يوم وهو يخطب على المنبر بالكوفة:(لولا كراهية الغدر كنت من ادهى الناس الا ان لكل غدرة فجرة ولكل فجرة كفرة، الا وان الغدر والفجور والخيانة في النار).
12- وعن اصول الكافي ايضا روى حديثا لأمير المؤمنين (عليه السلام) عن احمد بن ابي عبد الله عن ابيه ،عن القاسم بن عروة ،عن عبد الحميد الطائي، عن الاصبغ بن نباتة قال :قال امير المؤمنين(عليه السلام):(لا يجد عبد طعم الايمان حتى يترك الكذب هزله وجده).
13- وفي كتاب نهج البلاغة روي قول لأمير المؤمنين(عليه السلام)فقال: قال (عليه السلام):(من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها).
14- وفي كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي ذكر قولا للإمام علي بن ابي طالب(عليه السلام)فقال :قال علي(عليه السلام):(القريب من قربته المودة وان بعد نسبه، والبعيد من باعدته العداوة وان قرب نسبه ،ولا شيء اقرب من يد الى جسد وان اليد اذا فسدت قطعت، واذا قطعت حسمت). وقال: اخرجه ابو نعيم.
15- وعن كتاب تاريخ الخلفاء ايضا قال :قال الامام علي(عليه السلام):(خمس خذوهن عني :لا يخافن احد منكم الا ذنبه ولا يرجوا الا ربه، ولا يستحي من لا يعلم ان يتعلم، ولا يستحي من لا يعلم اذا سئل عما لا يعلم ان يقول: الله اعلم، وان الصبر ذهب من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد :اذا ذهب الصبر ذهب الايمان ،واذا ذهب الرأس ذهب الجسد).قال: اخرجه سعيد بن منصور في سننه.
16- وعن كتاب نهج البلاغة ذكر قولا لأمير المؤمنين فقال :قال (عليه السلام):(ان لبني امية موردا يرجون فيه، ولو قد اختلفوا فيما بينهم ثم كادتهم الضباع لغلبتهم).
17- وفي كتاب اصول الكافي ذكر قولا لأمير المؤمنين(عليه السلام)بسند :عمرو بن عثمان ،عن محمد بن سالم، رفعه قال :قال امير المؤمنين(عليه السلام):(ينبغي للرجل المسلم ان يجتنب مؤاخاة الكذاب ،فأنه يكذب حتى يجيء بالصدق فلا يصدق).
18- وفي كتاب نهج البلاغة قال امير المؤمنين(عليه السلام):(ان الدنيا والاخرة عدوان متفاوتان، وسبيلان مختلفان فمن احب الدنيا وتولاها ابغض الاخرة وعاداها ،وهما بمنزلة المشرق من المغرب وماش بينهما، كلما قرب من واحد بعد من الاخرة، وهما بعد ضرتان).
19- وعن كتاب نهج البلاغة ايضا قال امير المؤمنين(عليه السلام):(لا يترك الناس شيئا من امر دينهم لاستصلاح دنياهم الا فتح الله عليهم ما هو اضر منه).
20- وفي كتاب اصول الكافي ذكر حديثا بسند :محمد بن يحيى ،عن احمد بن محمد بن عيسى ،عن علي بن الحكم ،عن بعض اصحابه عن ابن العباس البقباق قال: قال ابو عبد الله(عليه السلام):قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام):(ترك الخطيئة ايسر من طلب التوبة وكم من شهوة ساعة اورثت حزنا طويلا ،والموت فضح الدنيا ،فلم يترك لذي لب فرحا).
هذا فقط كل ما نيسر لنا من الاحاديث والكلام القصير من كتاب نهج البلاغة للشريف الرضي والذي جمع فيه الخطب والاقوال والاحاديث لأمير المؤمنين(عليه السلام) وكتاب اصول الكافي للشيخ الكليني والذي ورد فيه الكثير من الاقوال والاحاديث للأربعة عشر المعصومين وغيرهم وكتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي وكتاب مروج الذهب للمسعودي وان اقوال وكلام امير المؤمنين كثير جدا لكن هذا كل ما تيسر لنا منها .
{الفصل الثاني : القليل من اشعاره}
سنذكر في هذا الفصل القليل من اشعاره التي وردت في كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي وكتاب مروج الذهب للمسعودي وهي كثيرة ولكننا وسنذكر شيئا قليلا منها:
1- عن نبيط الاشجعي قال: قال علي بن ابي طالب(عليه السلام):
اذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق به، ما الصدر الرحيب
واوطئت المكــــاره واطمــــأنت وارسلت، في اماكنها القلوب
ولم ير لانــكشاف الضر وجـــه ولا اغنـــى بحيــلته الاريــــب
اتاك عــــلى قنوط منــــك غوث يجيء بـه القريب المستجيب
وكــل الحــــادثات اذا تنــــاهت فموصول بها الفـــرج القريب
2- واخرج عن الشعبي قال :قال علي بن ابي طالب(عليه السلام)لرجل كره له صحبة رجل:
فلا تصـــــحب اخــــا الجــــــهل وايـــــــــــــــاك وايـــــــــــــــاه
فكــــــــــم من جـــــــاهل اردى حلــــــــــيما حيــــــن اخــــــاه
يقــــاس المــــــرء بالمــــــرء اذ مـــــــــا هــــو مــــــــــاشاه
قيــــــــــاس النعــــل بالنعــــل اذا مــــــــا هــــــــو حـــــــاذاه
وللقـــــلب عـــــــلى القــــــلب دلـــــــــــيل حيــــــــن يلقــــــاه
3- اخرج عن المبرد قال :كان مكتوبا على سيف علي بن ابي طالب(عليه السلام):
للناس حرص على الدنيا بتدبير وصفوها لـــــك ممزوج بتكدير
لم يرزقوها بعقل بعد ما قسمت لكنـــهم رزقوها بالمقــــــــادير
كم من لبيب اديــــب لا تساعده واحمق نـــال دنيـــاه بتقصــير
لو كــان عن قوة او عن مغالبة طـــار البزاة بأرزاق العصافير
4- عن حمزة بن حبيب الزيات قال: كان علي بن ابي طالب (عليه السلام)يقول:
ولا تـــــفش ســــرك الا اليـــك فأن لـــــكل نصـــيح نصيـــحا
فأنـــــي رأيت غــواة الرجـــــال لا يدعون اديمــــــــا صحيحا
5- في كتاب مروج الذهب للمسعودي قال :كان علي(عليه السلام)كثيرا ما يتمثل:
تلـــكم قريش تمناني لتقتـــلني فلا وربك ما بروا وما ظفروا
فـــأن هلـــكت فرهن ذمتي لهم بذات ودقين لا يـعفوا لها اثر
وكان يكثر من ذكر هذين البيتين:
اشدد حيــــازيمك للـــــــــموت فـــــــــأن المـــــوت لاقيــــك
ولا تجـــــزع مـــــن المـــــوت اذا حـــــــــل بواديـــــــــــــك
هذه الابيات شيء قليل جدا ولكن هذا كل ما تيسر لنا منها وان معنى كلمة حيازيمك هو الصدور فحيزوم هو مفر حيازيم ومعنى الحيزوم هو الصدر واريد الاشارة الى اننا من وضع (عليه السلام) ولكنها قد رودت رضي الله عنه من المصدر .
{الباب الحادي عشر :وصفه ()عند معاوية}
1- دخل عبد الله بن العباس على معاوية وعنده وجوه قريش فلما سلم وجلس قال له معاوية: اني اريد ان اسألك عن مسائل؟ قال: سل عما بدا لك، فقال معاوية: صف لي الخلفاء الراشدين فوصفهم حتى وصل الى امير المؤمنين فقال ابن عباس:
( رضي الله عن ابي الحسن كان والله علم الهدى ،وكهف التقى، ومحل الحجا وبحر الندى، وطود النهى وكهف العلى للورى، داعيا الى المحجة العظمى، متمسكا بالعروة الوثقى ،خير من امن واتقى ،وافضل من تقمص وارتدى، وابر من انتعل وسعى، وافصح من تنفس وقرأ واكثر من شهد النجوى ،سوى الانبياء والنبي المصطفى، صاحب القبلتين فهل يوازيه احد؟ وهو ابو السبطين فهل يقارنه بشر؟ وزوج خير الناس فهل يفوقه قاطن بلد؟ للأسود قتال وفي الحروب ختال، لم تر عيني مثله ولن ترى، فعلى من انتقصه لعنة الله و العباد الى يوم التناد).
وبعد ان اكمل عبد الله بن العباس وصفه للإمام علي (عليه السلام) قال له معاوية :ايها يا ابن عباس لقد اكثرت في ابن عمك.
2- طلب معاوية من ضرار بن ضمرة وصف الامام علي(عليه السلام)فقال له:
يا ضرار صف لي عليا (عليه السلام)،قال: اعفني يا امير المؤمنين ،قال لتصفنه ، قال:
(اما اذا لا بد من وصفه فكان والله بعيد المدى ،شديد القوى ،يقول فصلا، ويحكم عدلا ،يتفجر العلم من جوانبه ،وتنطق الحكمة من نواحيه ،يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل ووحشته ،وكان والله شديد العبرة ،طويل الفكرة ،يقلب كفه ويخاطب نفسه ،يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن ،كان فينا كأحدنا يجيبنا اذا سألناه وينبئنا اذا استنبأناه ونحن مع تقريبه ايانا وقربه منا لا نكاد نكلمه لهيبته و لا نبتدئه لعظمته ،يعظم اهل الدين، ويحب المساكين ،ولا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، واشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد ارخى الليل سدوله ،وغارت نجومه ،وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول:
يا دنيا غري غيري أ الي تعرضت ام الي تشوقت، هيهات هيهات! قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها فعمرك قصير وخطرك حقير، اه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق).
فبكى معاوية وقال: رحم الله ابو الحسن فقد كان كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال :حزن من ذبح واحدها في حجرها.
وعن كتاب مروج الذهب قال: قال معاوية بعد ذلك :زدني شيئا من كلامه، فقال ضرار:
كان يقول:(اعجب ما في الانسان قلبه، وله مواد من الحكمة ،واضداد من خلافها ،فأن سنح له الرجاء اماله الطمع ،وان مال به الطمع اهلكه الحرص ،وان ملكه القنوط قتله الاسف، وان عرض له الغضب اشتد به الغيظ ،وان اسعده الرضا نسي التحفظ وان ناله الخوف فضحه الجزع، وان افاد مالا اطغاه الغنى وان غضته فاقة فضحه الفقر وان اجهده الجوع اقعده الضعف ،وان افرط به الشبع كظته البطنة ،فكل تقصير به مضر ،وكل افراط له مفسد).
فقال له معاوية :زدني كل ما وعيته من كلامه، قال: هيهات ان آتي على جميع ما سمعته منه ،ثم قال: سمعته يوصي كميل بن زياد ذات يوم فقال له:(يا كميل ذب عن المؤمن فأن ظهره حمى الله ،ونفسه كريمة على الله ،وظالمه خصم الله ،واحذركم من ليس له ناصر الا الله).
قال: وسمعته يقول ذات يوم:(ان هذه الدنيا اذا اقبلت على قوم اعارتهم محاسن غيرهم ،واذا ادبرت عنهم سلبتهم محاسن انفسهم).
قال :وسمعته يقول :(بطر الغنى يمنع من عز الصبر).
قال: وسمعته يقول:(ينبغي للمؤمن ان يكون نظره عبرة، وسكوته فكرة ،وكلامه حكمة).
{الباب الثاني عشر :رثاء في الامام علي()}
سنذكر رثاء لابي الاسود الدؤلي بحق امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) :
20- وهو ما ذكره السيوطي لابي الاسود الدؤلي يرثي عليا(عليه السلام):
الا يا عــــين ويحـــك اسعديـــنا الا تبـــــكي امـــــير المــــؤمنينا
وتبـــــكي ام كـــــلثوم علــــــيه بعبرتـــــــها وقــد رأت اليــــقينا
الا قل للخـــــوارج حيــث كانوا فلا قــــــرت عيـــــون الحاسدينا
أفي شهر الصيام فجـمعتمونا؟ بخــــير النـــاس طــرا اجمــعينا
قتلتم خـــير من ركــب المطايا وذللــــها، ومـــن ركــب السفـينا
ومن لبس النعال ومــن حذاها ومـــن قـــرأ المثــاني والمـــبينا
وكـــل منــاقب الخــيرات فيــه وحــب رســول رب العالــــــمينا
لقد علمت قريش حيث كــانت بأنك خـــيرهم حســــبا وديــــنا
اذا استقبلت وجه ابــي حسين رأيــت الـــبدر فــوق النــاظرينا
وكنـــا قـــبل مقــــتله بخيـــــر نــرى مــــولى رســول الله فـينا
يقـــيم الحــــق لا يرتاب فيــه ويعــــدل فـي العـدى والاقــربينا
وليـــس بكـاتــم علــما لـــديـه ولـــم يخـــلق مــن المتكــــبرينا
كــــأن النــاس اذ فقدوا عــليا نـــــعام حـــار فـي بلــد سنـــينـا
فلا تشمت معاوية بن صــخر فأن بقــــــــية الخـــــلفاء فـينـــا
2- وهو ما ذكره المسعودي لابي الاسود الدؤلي يرثي الامام علي(عليه السلام) في مقتله وهو جزء من سابقه:
الا ابلع معـــاوية بن حـــرب فـــلا قــــرت عــــيون الشامــتينا
افي شهر الصيام فجمعتمونا بخـــــير النـــاس طــرا اجمــعينا
قتلتم حير من ركب المطــايا وذللــــها ومــن ركـــب السفـــينا
ومن لبس النعال ومن حذاها ومـــن قــرأ المثـــاني والمبـــينا
اذا استقبلت وجه ابي حسين رأيــت النـــور فـــوق الناظـرينا
لقد علمت قريش حيث كانت بأنـــك خيـــرهم حســـبا وديــــنا
وقد قال المسعودي ان العديد من الناس قد رثوا امير المؤمنين (عليه السلام)ولكن هذا ما تيسر لنا.
{الباب الثالث عشر :بعض الخطب والاقوال والحكم له()}
سنذكر في هذا الباب قليلا من ما ورد في كتاب نهج البلاغة من الخطب والحكم والاقوال للإمام علي(عليه السلام) :
1- وهي الخطبة التي ذكر فيها فضائل اهل البيت (عليه السلام)
(وناظر قلب اللبيب به يبصر امده(1)ويعرف غوره ونجده داع دعا، وراع رعى، فاستجيبوا للداعي واتبعوا الراعي.
قد خاضوا بحار الفتن، واخذوا بالبدع دون السنن ،وارز المؤمنون ونطق الضالون المكذبون .نحن الشعار و الاصحاب ،والخزنة والابواب ،ولا تؤتى البيوت الا من ابوابها فمن اتاها من غير ابوابها سمي سارقا.
فيهم كرائم القرآن وهم كنوز الرحمن ،ان نطقوا صدقوا، وان صمتوا لم يسبقوا ،فليصدق رائد اهله، وليحضر عقله ،وليكن من ابناء الاخرة ،فأنه منها قدم واليها نقلب، فالناظر بالقلب العامل بالبصر يكون مبتدأ عمله ان يعلم أعمله عليه ام له ،فأن كان له مضى فيه، وان كان عليه وقف عنه، فأن العامل بغير علم كالسائر على غير طريق ،فلا يزيده بعده عن الطريق الا بعدا من حاجته ،والعامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح، فلينظر ناظر أسائر هو ام راجع.
واعلم ان لكل ظاهر باطنا على مثاله ،فما طاب ظاهره طاب باطنه ،وما خبث ظاهره خبث باطنه ،وقد قال الرسول الصادق(صلى الله عليه واله):((ان الله يحب العبد ويبغض عمله ،ويحب العمل ويبغض بدنه)) واعلم ان لكل عمل نباتا ،وكل نبات لا غنى به عن الماء والمياه مختلفة ،فما طاب سقيه طاب غرسه ،وحلت ثمرته ،وما خبث سقيه خبث غرسه وأمرت ثمرته).
2- وهو الكتاب الذي ارسله الى ابن عباس وهو عامله على البصرة فقال له:
(علم ان البصرة مهبط ابليس ومغرس الفتن ،فحادث اهلها بالإحسان اليهم ،واحلل عقدة الخوف عن قلوبهم. وقد بلغني تنمرك لبني تميم، وغلظتك عليهم وان بني تميم لم يغب لهم نجم الا طلع لهم اخر وانهم لم يسبقوا بوغم في جاهلية، ولا اسلام، وان لهم بنا رحما ماسةً وقرابة خاصة، نحن مأجورون على صلتها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- ناظر القلب ،استعارة من ناظر العين: وهو النقطة السوداء منها، والمراد بصير القلب بها يدرك اللبيب امده اي غايته ومنتهاه والغور :ما انخفض من الارض والنجد :ما ارتفع منها، اي يدرك باطن امره وظاهره.
،ومأزورون على قطيعتها، فأربع ابا العباس رحمك الله فيما جرى على لسانك ويدك ،من خير وشر، فأنا شريكان في ذلك، وكن عند صالح ظني بك ،ولا يفيلن رأيي فيك .والسلام).
3- وهي خطبة له(عليه السلام) في بعض ايام صفين:
(وقد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم ،تحوزكم الجفاة الطغام ،واعراب اهل الشام، وانتم لهاميم العرب(1)ويآفيخ الشرف(2)والانف المقدم، والسنام الاعظم ،ولقد شفى وحاوح صدري(3)،ان رأيتكم بأخرة تحوزونهم كما حازوكم وتزيلونهم من مواقفهم كما ازالوكم ،حسا بالنضال وشجرا بالرماح ،تركب اولاهم اخراهم ،كالابل الهيم المطرودة ،ترمى عن حياضها وتذاذ عن مواردها).
4- ومن كلام له (عليه السلام)في ذم اهل البصرة:
(كنتم جند المرأة ،واتباع البهيمة ،رغا فأجبتم، وعقر فهربتم، اخلاقكم دقاق(4)،وعهدكم شقاق ،ودينكم نفاق وماؤكم زعاق(5)،والمقيم بين اظهركم مرتهن بذنبه، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه ،كأني بمسجدكم كجؤجؤ سفينة قد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها وغرق من في ضمنها.(وفي رواية):وايم الله لتغرقن بلدتكم حتى كأني انظر الى مسجدها كأنه جؤجؤ سفينة، او نعامة جاثمة.(وفي رواية):كجؤجؤ طير في لجة بحر،(وفي رواية):بلادكم انتن بلاد الله تربة ،اقربها من الماء وابعدها من السماء ،وبها تسعة اعشار الشر، المحتبس فيها بذنبه والخارج بعفو الله ،كأني انظر الى قريتكم هذه قد طبقها الماء حتى ما يرى منها الا شرف المسجد كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر).
5- ومن خطبة له (عليه السلام) عند خروجه لقتال اهل البصرة:
قال عبد الله بن العباس:(دخلت على امير المؤمنين (عليه السلام)بذي قار، وهو يخصف نعله ،فقال لي :ما قيمة هذا النعل؟ فقلت :لا قيمة لها ،فقال(عليه السلام):والله لهي احب الي من امرتكم ،الا ان اقيم حقا او ادفع باطلا. ثم خرج (عليه السلام) فخطب الناس فقال:
(ان الله بعث محمدا(صلى الله عليه واله)وليس احد من العرب يقرأ كتابا ولا يدعي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لهاميم: جمع لهميم بالكسر وهو السابق الحواد من الخيل والناس.
2- يآفيخ جمع يأفوخ: هو من الرأس حيث يلتقي عظم مقدمه مع مؤخره.
3- الوحاوح جمع وحوحة :صوت معه بح يصدر من المتألم، والمراد حرقة الغيظ.
4- دقة الاخلاق دناءتها.
5- مالح.
نبوة ،فساق الناس حتى بوأهم محلتهم ،وبلغهم منجاتهم فاستقامت قناتهم ،واطمأنت صفاتهم، اما والله ان كنت لفي ساقتها حتى تولت بحذافيرها، ما ضعفت ولا جبنت، وان مسيري هذا لمثلها، فلأنقبن الباطل حتى يخرج الحـــــق من جبنه ،مالي و قريش! والله لقد قاتلتهم كافرين ،ولأقاتلنهم مفتونين ،واني لصاحبكم بالأمس كما انا صاحبهم اليوم (والله ما تنقم منا قريش الا ان الله اختارنا عليهم فأدخلناهم في حيزنا فكانوا كما قال الاول(1)):
ادمت لعمري شربك المحض صاحبا واكــلك بالزبــد المقشــرة البــحــرا
ونــحن وهبـــناك العــــلاء ولـم تـكن عليا وحطنا حولك الجـرد والسمرا
6- خطبة له(عليه السلام)في تخويف اهل النهروان:
(فأنا النذير لكم لتصبحوا صرعى بإثناء هذا النهر، وبأهضام هذا الغائظ ،على غير بينة من ربكم ،ولا سلكان مبين معكم ،قد طوحت بكم الدار، ولاحت بكم المقدار، وقد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة، فأبيتم علي اباء المخالفين المنابذين ،حتى صرفت رأيي الى هواكم، وانت معاشر إخفاء الهام ،سفهاء الاحلام ولم آت لا اب لكم بجرا ولا اردت لكم ضرا).
7- ومن كلام له في صفات الربوبية والعل الالهي:
(الحمد لله الذي بطن خلفيات الامور ،ودلت علي اعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من اثبته يبصره، سبق في العلو فلا شيء اعلى منه ،وقرب في الدنو فلا شيء اقرب منه ،فلا استعلاؤه باعده عن شيء ممن خَلقه ،ولا قربهم ساواهم في المكان به ،لم يطلع العقول على تحديد صفته، ولم يحجبها عن واجب معرفته، فهو الذي تشهد له اعلام الوجود ،على اقرار قلب ذي الجحود ،تعالى الله عما يقول المشتبهون به والجاحدون له علوا كبيرا).
8- ومن خطبة له في ذم اهل العراق وفيها يوبخهم على ترك القتال والنصر يكاد يتم، ثم تكذيبهم له:
(اما بعد يا اهل العراق !فإنما انتم كالمرأة الحامل ،حملت فما اتمت املصت، ومات قيمها ،وطال تأثيمها ،وورثها ابعدها، اما والله ما اتيتكم اختيارا، ولكن جئت اليكم سوقا، ولقد بلغني انكم تقولون: علي يكذب!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- ما بين القوسين زيادة وجدت في بعض النسخ.
قاتلكم الله !فعلى من اكذب؟ أعلى الله؟ فأنا اول من امن به، فأنا اول من صدقه كلا والله ولكنها لهجة غبتم عنها، ولم تكونوا من اهلها ،ويلمه كيلاً بغير ثمن ،لو كان له وعاء، ولتعلمن بيأه بعد حين).
9- ومن خطبة له في التوحيد وتجمع هذه الخطبة من اصول العلم ما لا تجمعه خطبة:
(ما وحده من كيفه، ولا حقيقته اصاب من مثله، ولا ايه عنى من شبهه ،ولا صمده من اشار اليه و توهمه، كل معروف بنفسه مصنوع ،وكل قائم في سواه معلول ،فاعل لا باضطراب آلة، مقدر لا بجول فكرة ،غني لا باستفادة ،لا تصحبه الاوقات ،ولا ترفده الادوات ،سبق الاوقات كونه، والعدم وجوده ،والابتداء ازله ،بتشعير المشاعر عرف ان لا مشعر له ،وبمضادته بين الامور عرف ان لا ضد له ،و بمقارنته بين الاشياء عرف ان لا قرين له ضاد النور بالظلمة ،والوضوح بالبهمة والجمود بالبلل، والحرور بالصرد مؤلف بين متعادياتها ،مقارن بين متبايناتها مقرب بين متباعداتها ،مفرق بين متدانياتها لا يشمل بحد، ولا يحسب بعد، وانما تحد الادوات انفسها وتشير الالة الى نظائرها، منعتها منذ القدمية، وحمتها قد الازلية ،وجنبتها لولا التكملة، بها تجلى صانعها للعقول ،وبها امتنع عن نظر العيون، لا يجري عليه السكون والحركة ،وكيف يجري عليه ما هو اجراه، ويعود فيه ما هو ابداه ويحدث فيه ما هو احدثه اذا لتفاوتت ذاته ولتجزأ كنهه ،ولا ممتنع من الازل معناه ،ولكان له وراء اذ وجد له امام، ولألتمس التمام اذ بزمه النقصان، واذا لقامت آية المصنوع فيه ،ولتحول دليلا بعد ان كان مدلولا عليه ،وخرج بسلطان الامتناع من ان يؤثر فيه ما يؤثر في غيره ،الذي لا يحول ولا يزول ،ولا يجوز عليه الافول، لم يلد فيكون مولودا ،ولم يولد فيصير محدودا جل عن اتخاذ الابناء ،وطهر عن ملامسة النساء ،لا تناله الاوهام فتقدره ،ولا تتوهمه الفطن فتصوره ،ولا تدركه الحواس فتحسه ،ولا تلمسه الايدي فتمسه ،لا يتغير بحال ،ولا يتبدل بالأحوال ،ولا تبليه الليالي والايام، ولا يغيره الضياء والظلام، ولا يوصف بشيء من الاجزاء ،ولا بالجوارح والاعضاء، ولا بعرض من الاعراض، ولا بالغيرية والابعاض ،ولا يقال له حد ولا نهاية ،ولا انقطاع ولا غاية، ولا ا عنها بخارج ،ولا ان الاشياء تحويه، فتقله او تهويه، او ان شيئا يحمله فيميله او يعدله، ليسج، ارسى اوتادها، وارسى اسدادها في الاشياء بوالج ،ولا عنها بخارج، يخبر لا بلسان ولهوات، ويسمع لا بخروق وادوات، يقول ولا يلفظ ،ويحفظ ولا يتحفظ، ويريد ولا يضمر، يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة ،يقول لمن اراد كونه كن فيكون ،لا بصوت يقرع ولا بنداء يسمع ،وانما كلامه سبحانه فعل منه انشأه، ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا ،ولو كان قديما لكان الها ثانيا.
لا يقال كان بعد ان لم يكن فتجري عليه الصفات المحدثات ،ولا يكون بينها وبينه فصل ،ولا له عليه فضل، فيستوي الصانع والمصنوع ،ويتكافأ المبتدئ والبديع، خلق الخالق على غير مثال خلا من غيره ،ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه، وانشأ الارض فأمسكها من غير اشتغال ،وارساها على غير قرار، واقامها بغير قوائم، ورفعها بغير دعائم، وحصنها من الاود والاعوجاج، ومنعها من التهافت والنفر ارسى اوتادها، وضرب اسدادها وأستفاض عيونها، وخد اوديتها ،فلم يهن ما بناه ،ولا ضعف ما قواه، هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته ،وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته ،والعالي على كل شيء منها بجلاله وعزته ،لا يعجز شيء منها طلبه ،ولا يمتنع عليه فيغلبه ،ولا يفوته السريع منها فيسبقه، ولا يحتاج الى ذي مال فيرزقه ،خضعت الاشياء له ،وذلت مستكينة لعظمته ،لا تستطيع الهرب من سلطانه الى غيره، فتمتنع من نفعه وضره ،ولا كُفؤ له فيكافئه، ولا نظير له فيساويه ،هو المفني لها بعد وجودها حتى يصير موجودها كمفقودها.
وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها بأعجب من انشائها وابتداعها، وكيف لو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها ،وما كان من مراحها وسائمها واصناف اسناخها واجناسها، متبدلة اممها واكياسها على احداث بعوضة ما قدرت على احداثها، ولا عرفت كيف السبيل الى ايجادها، و لتحيرت عقولها في علم ذلك وتاهت، وعجزت قواها وتناهت ،ورجعت خاسئة حسيرة ،عارفة بأنها مقهورة ،مقرة بالعجز عن انشائها، مذعنة بالضعف عن افنائها.
وان الله سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه ،كما كان قبل ابتدائها، كذلك يكون بعد فنائها، بلا وقت ولا مكان ،ولا حين ولا زمان، عدمت عند ذلك الآجال والاوقات ،وزالت السنون والساعات ،فلا شيء الا الواحد القهار الذي اليه مصير جميع الامور ،بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ،وبغير امتناع منها كان فناؤها ولو قدرت على الامتناع دام بقاؤها.
لم يتكاءده صنع شيء منها اذ صنعه ولم يؤد منها خلق ما خلقه وبرأه، ولم يكونها لتشديد سلطان، ولا لخوف من زوال ونقصان ،ولا للاستعانة بها على ند مكاثر ولا للاحتزاز بها من ضد مأثور ،ولا للازدياد بها في ملكه ،ولا لمكاثرة شريك في شركه، ولا لوحشة كانت منه فأراد ان يستأنس اليها، ثم هو يفنيها بعد تكوينها لا لسأم دخل عليه في تصريفها وتدبيرها ،ولا لراحة واصلة اليه، ولا لثقل شيء منها عليه ،لم يمله طول بقائها، فيدعوه الى سرعة افنائها ،لكنه سبحانها دبرها بلطفه ،وامسكها بأمره ،واتقنها بقدرته، قم يعيدها بعد الفناء، من غير حاجة منه اليها ،ولا استعانة بشيء منها عليها، ولا لانصراف من حال وحشة الى حال استئناس ،ولا من حال جهل وعمى الى حال علم والتماس ،ولا من فقر وحاجة، الى غنى وكثر ة ،ولا من ذل وضعة ،الى عز وقدرة).
10- ومن كلام له (عليه السلام)في ذم قوم هموا باللحاق بالخوارج:
وقد ارسل رجلا من اصحابه يعلم له علم احوال قوم من جند الكوفة قد هموا باللحاق بالخوارج ،وكانوا على خوف منه(عليه السلام)فلما عاد اليه الرجل قال له:(أأمنوا فقطنوا ام جبنوا فظنعوا؟) فقال الرجل :بل ظعنوا يا امير المؤمنين فقال(عليه السلام):
(بعدا لهم كما بعدت ثمود، اما لو اشرعت الاسنة اليهم ،وصبت السيوف على هاماتهم ،لقد ندموا على ما كان منهم، ان الشيطان اليوم قد استفلهم ،وهو غدا متبرأ منهم ومتخل عنهم ،فحسبهم بخروجهم من الهدى
،وارتكاسهم في الضلال والعمى، وصدهم عن الحق ،وجماحهم في التيه).
11- ومن كتاب له (عليه السلام) الى شريح بن الحارث قاضيه:
روي ان شريح بن الحارث قاضي امير المؤمنين(عليه السلام)اشترى على عهده دارا بثمانين دينارا ،فبلغه ذلك، فاستدعاه وقال له: بلغني انك ابتعت دارا بثمانين دينارا، وكتبت لها كتابا، واشهدت فيه شهودا، فقال له شريح :قد كان ذلك يا امير المؤمنين ،قال: فنظر اليه نظر مغضب ثم قال له:
(يا شريح اما انه سيأتيك من لا ينظر في كتابك، ولا يسألك عن بينتك حتى يخرجك منها شاخصا، ويسلمك الى قبرك خالصا ،فأنظر يا شريح لا تكون ابتعت هذه الدار م غير مالك ،او نقدت الثمن من غير حلالك، فإذا انت قد خسرت دار الدنيا ودار الاخرة ،اما انك لو اتيتني عند شرائك ما اشتريت ،لكتبت لك كتابا على هذه النسخة ،فلم ترغب في شراء هذه الدار بدرهم فما فوق والنسخة هذه:
(هذا ما اشترى عبد ذليل من عبد قد ازعج للرحيل، اشترى منه دارا من دار الغرور من جانب الفانين، وخطة الهالكين، ويجمع هذه الدار حدود اربعة :الحد الاول ينتهي الى دواعي الآفات، والحد الثاني ينتهي الى دواعي المصيبات، والحد الثالث ينتهي الى الهوى المردي، والحد الرابع ينتهي الى الشيطان المغوي ،وفيه يشرع باب هذا الدار.
اشترى هذا المغتر بالأمل ،من هذا المزعج بالأجل ،هذه الدار بالخروج من عز القناعة، والدخول في ذل الطلب والضراعة ،فما ادرك هذا المشتري فيما اشترى منه من درك ،فعلى مبلبل اجسام الملوك ،وسالب نفوس الجبابرة ،ومزيل ملك الفراعنة ،مثل كسرى وقيصر ،وتبع وحمير ،ومن جمع المال على المال فأكثر ،وبنى وشيد وزخرف ،ونجد وادخر، واعتقد ونظر بزعمه للولد اشخاصهم جميعا ،الى موقف العرض والحساب، وموضع الثواب والعقاب، اذا وقع الامر بفضل القضاء{وخسر هنالك المبطلون}.
شهد على ذلك العقل اذا خرج من اسر الهوى ،وسلم من علائق الدنيا).
12- ومن كتاب له(عليه السلام)كتبه الى اهل الامصار يقص فيها ما جرى بينه وبين اهل صفين:
(وكان بدء الامر انا التقينا والقوم من اهل الشام ،والظاهر ان ربنا واحد، ونبينا واحد، ودعوتنا في الاسلام واحدة ،لا نستزيدهم في الايمان بالله، والتصديق برسوله(صلى الله عليه واله)،ولا يستزيدوننا ،الامر واحد الا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء، فقلنا تعالوا نداو ما لا يدرك اليوم بإطفاء النائرة، وتسكين العامة ،حتى يشتد الامر ويستجمع، فنقوى على وضع الحق مواضعه ،فقالوا بل نداويه بالمكابرة، فأبوا حتى جنحت الحرب، وركدت ووقدت نيرانها، وحمست، فلما ضرستنا واياهم ،ووضعت مخالبها فينا وفيهم ،احابوا عند ذلك الى الذي دعونا اليه ،فأجبناهم الى ما دعوا، وسارعناهم الى ما طلبوا حتى استبانت عليهم الحجة، وانقطعت منهم المعذرة ،فمن تم على ذلك منهم فهو الذي انقذه الله من الهلكة ،ومن لج وتمادى فهو الراكس ،الذي ران الله على قلبه ،وصارت دائرة السوء على رأسه).
13- ومن كتاب له(عليه السلام)الى عمرو بن العاص:
وان ما جاء في كتاب نهج البلاغة قبل ذكر هذه الخطبة هذا الكلام: من مآسي الزمن ومهازله في الوقت نفسه ان(عمرو بن العاص)هو الذي ارسلته قريش الى نجاشي الحبشة ليطالب بتسليم(جعفر بن ابي طالب)ومن معه من المهاجرين ،وردهم الى مكة لتتحكم بهم قريش ،وان عمرو بن العاص نفسه هو الذي قام يقاتل علي بن ابي طالب في صفين، فبنفس الروح التي قاتل بها ابن ابي طالب الاول، قاتل بها ابن ابي طالب الثاني، وهكذا كانت محنة الاسلام في ان الذين قاتلوه لدى ظهوره، عادوا يقاتلونه بعد انتصاره ،متلبسين بلباس الاسلام نفسه.
وقد كان لعمرو بن العاص ما اراد من ان تكون له (مصر)طعمة حاصلة، و لنر صورة من صور حكم ابن العاص لمصر:
قال المقريزي في الجزء الاول، الصفحة(301)،خلف عمروا بن العاص سبعين بهارا دنانير، والبهار :حلد ثور، ومبلغه اردبان بالمصري.
وهذا ما انتهى اليه امر الاسلام: سبعون بهارا دنانير، منهوبة من اقوات الشعب وارزاقه، يخلفها وال واحد.
(فأنك جعلت دينك تبعا لدنيا امرئ ظاهر غيه، مهتوك ستره ،يشين الكريم بمجلسه ،ويسفه الحليم بخلطته، فأتبعت اثره، وطلبت فضله اتباع الكلب للضرغام ،يلوذ الى مخالبه، وينتظر الى ما يلقى اليه من فضل فريسته ،فأذهبت دنياك واخرتك ،ولو بالحق اخذت، ادركت ما طلبت، فأن يمكنني الله منك ومن ابن ابي سفيان اجزكما بما قدمتما، وان تعجزا وتبقيا فما امامكما شر لكما).
14- ومن خطبة له(عليه السلام)في ذكر محمد وال محمد(صلوات الله عليهم اجمعين):
(الحمد لله الناشر في الخلق فضله ،والباسط فيهم بالجود يده، نحمده في جميع اموره، و نستعينه على رعاية حقوقه، ونشهد ان لا اله غيره ،وان محمدا عبده ورسوله، ارسله بأمره صادعا ،وبذكره ناطقا، فأدى امينا ،ومضى رشيدا ،وخلف فينا راية الحق ،من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها زهق، ومن لزمها لحق، دليلها مكيث الكلام ،بطيء القيام، سريع اذا اقام ،فإذا انتم النتم له رقابكم، واشرتم اليه بأصابعكم ،جاءه الموت فذهب به ،فلبثتم بعده ما شاء الله ،حتى يطلع الله لكم من يجمعكم ويضم نشركم ،فلا تطمعوا في غير مقبل ،ولا تيأسوا من مدبر ،فأن المدبر عسى ان تزل به احدى قائمتيه، وتثبت الاخرى فترجعا حتى تثبتا جميعا ،الا ان مثل ال محمد(صلى الله عليه واله)كمثل نجوم السماء ،اذا خوى نجم طلع نجم ،فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع ،واراكم ما كنتم تأملون).
15- ومن خطبة له(عليه السلام)في بعثة النبي وفي الوصية بالتقوى والتحذير من الدنيا:
(بعثه حيث لا علم قائم ،ولا منار ساطع، ولا منهج واضح، اوصيكم عباد الله بتقوى الله، واحذركم الدنيا فأنها دار شخوص، ومحلة تنغيص، ساكنها ظاعن، وقاطنها بائن ،تميد بأهلها ميدان السفينة ،تقصفها العواصف في لجج البحار ،فمنهم الغرق الوبق، ومنهم الناجي على بطون الامواج، تحفزه الرياح بأذيالها، وتحمله على اهوالها ،فما غرق منها فليس بمستدرك، وما نجا منها فإلى مهلك.
عباد الله! الان فأعلموا والالسن مطلقة ،والابدان صحيحة، والاعضاء لدنة ،والمنقلب فسيح، والمجال عريض ،قبل ارهاق الفوت، وحلول الموت ،فحققوا عليكم نزوله ،ولا تنتظروا قدومه).
16- ومن كلام له(عليه السلام) يشير فيه الى ظلم بني امية وذكر احوال الناس في دولتهم:
(والله لا يزالون حتى يدعوا لله محرما الا استحلوه ،ولا عقدا الا حلوه، وحتى لا يبقى بيت مدر، ولا وبر ،الا دخله ظلمهم، ونبا به سوء رعيهم ،وحتى يقوم الباكيان يبكيان ،باك يبكي لدينه ،وباك يبكي لدنياه ،وحتى تكون نصرة احدكم من احدهم كنصرة العبد من سيده،:اذا شهد اطاعه، و اذا غاب اغتابه، وحتى يكون اعظمكم فيها غناء احسنكم بالله ظنا ،فأن اتاكم الله بعافية فأقبلوه، وان ابتليتم فأصبروا ،فأن العاقبة للمتقين).
17- ومن خطبة له(عليه السلام)في ذكر الاسباب التي تهلك الناس:
(اما بعد، فأن الله لم يقصم جباري دهر قط ،الا بعد تمهيل ورخاء ،ولم يجبر عظم احد من الامم ،الا بعد ازل وبلاء، وفي دون ما استقبلتم من عتب ،وما استدبرتم من خطب معتبر وما كل ذي قلب بلبيب، ولا كل ذي سمع سميع، ولا كل ناظر بصير ،فيا عجبا! ومالي لا اعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ،لا يقتصون اثر نبي، ولا يقتدون بعمل وصي، ولا يؤمنون بغيب، ولا يعفون عن عيب، يعملون في الشبهات ويسيرون في الشهوات، المعروف فيهم عندهم ما عرفوا، والمنكر عندهم ما انكروا، مفزعهم في المعضلات الى انفسهم ،وتعويلهم في المبهمات على آرائهم ،كأن كل امرئ منهم امام نفسه ،قد اخذ منها فيما يرى بعرى ثقات ،واسباب محكمات).
18- ومن خطبة له في لزوم الاستعداد للموت:
(فاتقوا الله عباد الله، وبادروا آجالكم بأعمالكم ،وابتاعوا ما يبقى لكم بما يزول عنكم، وترحلوا فقد جد بكم ،واستعدوا للموت فقد اظلكم ،وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا وعلموا ان الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا ،فأن الله سبحانه لم يخلقكم عبثا، لم يترككم سدا ،وما بين احدكم وبين الجنة او النار الا الموت ان ينزل به.
وان غاية تنقصها اللحظة و تهدمها الساعة ،لجديرة بقصر لمدة ،وان غائبا يحدوه الجديدان:- الليل والنهار- لحري بسرعة الاوبة ،وان قادما يقدم بالفوز او الشقوة لمستحق لأفضل عدة.
فتزودوا في الدنيا من الدنيا ما تحرزون به انفسكم غدا ،فأتقى عبد ربه ،نصح نفسه، وقدم توبته ،وغلب شهوته ،فأن اجله مستور عنه، وامله خادع له، والشيطان موكل به يزين له المعصية ليركبها، ويمنيه التوبة ليسوفها ،حتى اذا هجمت منيته ،عليه اغفل ما يكون عنها.
فيالها حسرة على ذي غفلة ان يكون عمره عليه حجة ،وان تؤديه ايامه الى الشقوة، نسأل الله سبحانه ان يجعلنا واياكم ممن لا تبطره نعمة، ولا تقصر به عن طاعة ربه غاية، ولا تحل به بعد الموت ندامة ولا كآبة).
19- ومن خطبة له(عليه السلام)في ذم المتقاعدين عن القتال:
(منيت بمن لا يطيع اذا امرت، ولا يجيب اذا دعوت، لا ابا لكم ما تنتظرون بنصركم ربكم؟ اما دين يجمعكم ،ولا حمية تحمشكم! اقوم فيكم مستصرخا ،واناديكم متغوثا ،فلا تسمعون لي قولا، ولا تطيعون لي امرا ،حتى تكشف الامور عن عواقب المساءة ،فما يدرك بكم ثأر، ولا يبلغ بكم مرام ،دعوتكم الى نصر اخوانكم ،فجرجرتم جرجرة الجمل الاسر، وتثاقلتم تثاقل النضو الادبر ،ثم خرج الي منكم جنيد، متذائب، ضعيف، كأنما يساقون الى الموت وهم ينظرون).
20- ومن خطبة له(عليه السلام) فيمن اتهموه بقتل عثمان:
(الا وان الشيطان قد ذمر حزبه، واستجلب جلبه ،ليعود الجور الى اوطانه ،ويرجع الباطل الى نصابه ،والله ما انكروا علي منكرا ،ولا جعلوا بيني وبينهم نصفا، وانهم ليطلبون حقا هم تركوه ،ودما هم سفكوه ،فلئن كنت شريكهم فيه فأن لهم لنصيبهم منه ،ولئن كانوا ولوه دوني فما التبعة الا عندهم ،وان اعظم حجتهم لعلى انفسهم ،يرتضعون اماً قد فطمت، ويحيون بدعة قد اميتت ،يا خيبة الداعي، من دعا وإلام اجيب! واني لراض بحجة الله عليهم، وعلمه فيهم ،فأن ابوا اعطيتهم حد السيف ،وكفى به شافياً من الباطل وناصرا للحق ،ومن العجب بعثهم الي ابرز للطعان ،وان اصبر للجلاد، هبلتهم الهبول! لقد كنت ،وما اهدد بالحرب ولا ارهب بالضرب، واني لعلى يقين من ربي ،وغير شبهة من ديني).
هذا شيء قليل جدا من خطب و كلام امير المؤمنين فأن عددها كثير جدا ولن نستطيع ان نذكرها في هذا البحث الصغير ومن الجدير بالذكر ان خطب وكلام الامام علي(عليه السلام)لم تُخصص الى موضوع محدد بل انها متخصصة في عدة مواضيع مهمة ويستطيع المؤمن ان يستفيد منها من خلال التطبع بها والعمل على وفق ما تشير اليه علما ان امير المؤمنين هو القرآن الناطق ولم يُبق امير المؤمنين موضوعا مهما لم يتحدث عنه اضافة الى ما استقبل من كتب سواء كانت من اصحابه وقادة الجيش ام من قِبل اعدائه والرد عليها اضافة الى ما كتبه(عليه السلام)لقادة الجيش وامراء البلدان والى اصحابه وتحدث عن كثير من المواضيع التي ستطيل الحديث علينا وان ما ذكرناه في هذا الباب كان من مصدر واحد وهو كتاب(نهج البلاغة)علما ان هناك كتاب(اصول الكافي)الذي ذكر عدة احاديث واقوال عن الاربع عشر المعصومين والامام علي(عليه السلام)له قسم كبير من تلك الاحاديث والاقوال وفي مواضع ومناسبات مختلفة وفي امور مهمة وحساسة ولم يترك موضوعاً لم يتحدث بشأنه وان للإمام علي (عليه السلام) احاديث واقوال كثيرة جدا وذلك لما تميز به من الفصاحة والبلاغة ولكن لم يستفد من عاش في عصره من هذا العلم كثيراً فنتمنى ان نحصل على شيء قليل من ذلك العلم.
{الباب الرابع عشر :نبذ من اخباره وقضاياه وحُكمه بين الناس}
سنذكر في هذا الباب ما يتيسر لنا من بعض المواقف وبعض ما اخبر به وحدث هذا الشيء وبعض الحكم :
1- نزل الامام علي(عليه السلام)بذي قار لأخذ البيعة، فأخبر اصحابه قائلا:(يأتيكم من قبل الكوفة الف رجل ،لا يزيدون ولا ينقصون رجلا، يبايعوني على الموت)،يقول ابن عباس: كنت على وجل ان ينقص القوم عن ذلك او يزيدون ،فما الذي دعا عليا الى هذا القول؟ فأخذت احصي القوم فردا فردا حتى احصيت تسعمائة وتسعة وتسعون ،وقد انقطع مجيء القوم فدخلني الشك، فبينما انا افكر اذ اقبل شخص وهو راجل، وعليه قباء صوف، وبيده سيفه مع ترس ،فقال للإمام علي(عليه السلام):امدد يدك لأبايعك ،فقال له: على ما تبايعني؟ قال: على السمع والطاعة والقتال بين يديك او يفتح الله على يديك ،قال :ما اسمك؟ قال: اويس القرني.
فقال الامام علي(عليه السلام):(الله اكبر اخبرني حبيبي رسول الله(صلى الله عليه واله)،اني ادرك رجلا من امتي، يقال له اويس القرني يكون مع حزب الله ،يموت على الشهادة ،يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر).
2- وعن كتاب(تاريخ الخلفاء)للسيوطي قال اخرج عبد الرزاق عن حجر المدري قال: قال لي علي بن ابي طالب(عليه السلام)كيف بك اذا امرت ان تلعنني؟
قلت: وكائن ذلك؟ قال :نعم ،قلت :فكيف اصنع؟ قال: العني ولا تبر أمني، قال: فأمرني محمد بن يوسف اخو الحجاج - وكان اميرا على اليمن – ان العن عليا ،فقلت :ان الامير امرني ان اخرج و العن عليا فالعنوه ،لعنه الله، فما فطن الا رجل.
3- كان الامام علي(عليه السلام)يخطب على المنبر في المدائن ،وقد مضى عمرو بن حريث، وهو رأس من رؤوس المنافقين ،الى الخورنق للتنزه، ومعه سبعة من المنافقين، فاصطادوا ضبا خلال سياحتهم ،فأخذ عمرو بيد الضب، وقال: بايعوا هذا امير المؤمنين ولا نبايع عليا على جمعة ولا جماعة ،فلما رجعوا وجلسوا عند الامام علي(عليه السلام).
فلما نظر اليهم عرج قائلا:(يا ايها الناس ،ان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)اسر الي الف حديث ،واني سمعت الله تعالى يقول:{يوم ندعوا كل امام بإمامهم}،واني اقسم لكم بالله ،ليبعثن يوم القيامة ثمانية نفر وامامهم الضب، ولو شئت ان اسميهم لفعلت ،فقام الثمانية من مجلس الامام(عليه السلام)وقد عرتهم الدهشة وارتعدت فرائصهم).
4- جلس رجلان يتغديان مع احدهما خمسة ارغفة ومع الاخر ثلاثة ارغفة فلما وضعا الغداء بين ايديهما مر بهما رجل فسلم، فقالا اجلس للغداء فجلس واكل معهما واستوفوا في اكلهم الارغفة فقام الرجل وطرح اليهم ثمانية دراهم وقال خذا هذا عوضا مما اكلته ونلته من طعامكما ،فتنازعا وقال صاحب الخمسة ارغفة: لي خمسة دراهم ولك ثلاثة فقال صاحب الثلاثة ارغفة :لا ارضى الا ان تكون الدراهم بيننا نصفين وارتفعا الى امير المؤمنين علي بن ابي طالب فقصا عليه قصتهما فقال لصاحب الثلاثة ارغفة قد عرض عليك صاحبك ما عرض وخبزه اكثر من خبزك فأرض بالثلاثة فقال: لا والله ما رضيت منه الا بمر الحق ،فقال الامام علي(عليه السلام):ليس لك في مر الحق الا درهم واحد وله سبعة فقال الرجل سبحان الله يا امير المؤمنين هو يعرض علي ثلاثة فلم ارض واشرت علي بأخذها فلم ارض وتقول لي الان انه لا يجب لي في مر الحق الا درهم واحد؟ فقال له(عليه السلام):عرض عليك صاحبك ان تأخذ ثلاثة صلحا فقلت لم ارض الا بمر الحق ولا يحق لك بمر الحق الا واحد فقال الرجل: فعرفني بالوجه في مر الحق حتى اقبله فقال علي(عليه السلام):اليس للثمانية ارغفة اربعة وعشرون ثلثا اكلتموها انتم ثلاثة انفس ولا يعلم الاكثر منكم اكلا ولا الاقل فتحملون في اكلكم على السواء؟ قال :بلى، قال (عليه السلام):فأكلت انت ثمانية اثلاث وانما لك ستة اثلاث واكل صاحبك ثمانية اثلاث وله خمسة عشر ثلثا اكل منها ثمانية ويبقى له سبعة واكل لك واحدا من تسعة فلك واحد بواحدك وله سبعة بسبعته فقال له الرجل :رضيت الان.
5- اخبر امير المؤمنين(عليه السلام)بملك الحجاج ،وما يلقى اهل الكوفة منه من الظلم والجور والفظائع ،ولا اعتقد ان هناك خلافا بين الكتاب والمسلمين وفي جور الحجاج وظلمه ،وما ذاقت الكوفة منه من ويلات ومرارات ،فقد قال عنه الامام علي(عليه السلام):(ام والله ليسلطن عليكم غلام ثقيف الذيال الميال – اشارة الى طول قامته وخيلائه وتبختره في مشيه – إيه ابا وذبحة)كان ذلك اشارة الى الخنفساء وما لقيه من حتفه بسببها ،حيث كانت تدب على الارض ،فوصلت الى مصلاه، فأبعدها فعادت، فأمسكها بيده، فلسعته فتورمت يد واخذته الحمى حتى ات بأوهن مخلوقات الله تعالى.
6- اخرج عن المدائني قال :لما دخل علي الكوفة دخل عليه رجل من حكماء العرب، فقال: والله يا امير المؤمنين لقد زنت الخلافة وما زانتك ،ورفعتها وما رفعتك ،وهي كانت احوج اليك منك اليها.
7- كان امير المؤمنين (عليه السلام) قد اخبر بملك معاوية ،ونوه عما تلقى الامة من ظلمه وجوره ،اما من حضر مجلسه، وسمع منه خطابا فقال:(سيظهر عليكم من بعدي رجل رحب البلعوم ،مندحق البطن - اشارة الى ضخامة بطنه – يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فأقتلوه - ولن تقتلوه- الا والله سيأمركم بسبي والبراءة مني ،فأما السب فسبوني، واما البراءة فلا تتبرؤوا مني فأني لدت على الفطرة ،وسبقت الى الايمان و الهجرة).
8- وقد اخبر (عليه السلام)ان معاوية لا يموت الا والصليب في عنقه فقال:(لا يموت ابن هند حتى يعلق الصليب في عنقه) وقد اشارات روايات المؤرخين الى ان معاوية اشتدت عليه العلة، وكان له طبيبا نصرانيا فشكا اليه علته وشدة الالم وطلب وسيلة للتخلص منها ،فقال :عندنا صليب ما علقه مريض الا خفف عنه ،فجيء لمعاوية بالصليب فعلقه في عنقه ،حتى توفي والصليب في عنقه.
9- لقد كان الامام علي(عليه السلام)على منبر الكوفة وهو يتنبأ بأحداث قبل وقوعها ،فيصوغ حولها بيانات ويعطي عنها لوائح صادقة، فكان يقول:(يخرج من ديلمان بنو الصياد، ثم يستشري امرهم ،حتى يملكوا الزوراء، ويخلعوا الخلفاء)فقام: اليه رجل وقال له: سيدي وكم مدتهم؟ فقال(عليه السلام):(مئة او تطول قليلا).
فلم يعرف المؤرخون سر هذا القول ،حتى مرت العصور وتعاقبت الازمنة واذا بالديالمة (عضد الدولة واخوته)يملكون بغداد ويخلعون الخلفاء ،فكانت مدتهم مئة وزادت قليلا.
10- جيء بمروان بن الحكم اسيرا يوم الجمل ،فأستشفع بالحسنين(عليهما السلام)الى الامام علي(عليه السلام)ليخلي سبيله، فقالا: يا امير المؤمنين ادعه للبيعة لك ،فقال:(عليه السلام):(او لم يبايعني قبل قتل عثمان؟ لا حاجة لي ببيعته انها كف يهودية ،لو بايعني بكفه لنقض بسبته ،اما ان له خلافة كلعقة الكلب انفه وهو ابو الاكباش الاربعة، وستلقى الامة منه ومن ولده يوما احمراً).
هذ هو ما تيسر لنا من بعض الاحداث والاخبار بما هو قادم فأنه (عليه السلام)قد تميز بمعرفة الاحداث المهمة فهو امير المؤمنين وسيد الوصيين ولا يعتبر هذا الامر شيئاً غريبا بالنسبة لشخص بعظمة الامام علي(عليه السلام).
{الباب الخامس عشر :توصياته لعماله بالالتزام بأوامره لانهم يمثلونه ()}
ان امير المؤمنين(عليه السلام)لم يكتف بأن يكون ذا اخلاق رفيعة وفاضلة والتي تَعَوَدَ عليها بل انه لا يحب ان يكون اصحابه ذوي اخلاق وطباع غير لائقة او غير صحيحة فأنهم في بادئ الامر مسلمون فيجب عليهم ان يمثلوا الاسلام بشكل صحيح وبصورة تليق بالإسلام بحيث لا تسيء تصرفاتهم الى صورة الاسلام عند الاقوام غير المسلمة فكيف سيهتدي هؤلاء ان وجودا سوء الاخلاق للمسلمين اضافة الى الإساءة للمسلمين وفي الامر الثاني هم يمثلون الامام علي(عليه السلام)فأن فعلوا امرا خاطئا فسيعتبر الناس هذا خطأ الامام علي(عليه السلام)وان حسن الاخلاق ليست الشيء الوحيد والاهم الذي اوصى به الامام اصحابه بل ان هناك صفات حسنة اوصى الامام علي(عليه السلام)بها كالحكم بالعدل وتحقيق المساواة بين الناس فأن العدل والمساواة صفات جيدة ويجب على كل مسلم ان يتحلى بهما ان كان مسؤولا عن عدد من الاشخاص مهما كان عددهم فأن تحمل المسؤولية ليس بالأمر السهل والبسيط فأن من يتحمل المسؤولية يجب ان يكون مسؤولا عن كل فعل من افعاله سواء كان هذا الفعل شيئا صغيرا ام كبيراً ويجب ان يعرف كيفية الحكم بين الناس كما ان هناك صفات سيئة يجب على المسلم ان يتخلى عنها ولا يفعلها ان امير المؤمنين(عليه السلام) حريص على ان يحكم بالعدل وعلى وفق القرآن الكريم والنبي الامين وان امير المؤمنين لم يدع امرا صغيرا ولا كبيرا لم يعلم اصحابه فيه على التصرف وكان يلوم من يعمل بغير الصواب كما فعل مع قاضيه وقد تم ذكر الكلام الذي ورد عنه (عليه السلام)الى قاضيه شريح عندما اشترى بيتا بثمانين درهما فبلغ هذا الامر لأمير المؤمنين فتكلم الى شريح عن هذا الموضوع فأن امير المؤمنين لا يرضى ان يسير احد اصحابه على منهج خاطئ اضافة الى ارساله الكتب الى امراء جيشه والقادة حيث يرشدهم الى ما عليهم فعله وان لا يفعلوا شيئا اخر وان تكون معاملتهم جيدة ،ان هذا الامام لا يحتمل ان يكون احد اصحابه او قواد جيشه من الذين اخطأوا في التعرف على الطريق الصحيح او انهم اخطأوا في بعض المسائل وانه لا يتردد في تعليمهم النهج الصحيح والحكم الصحيح وكانوا ذوي اخلاق رفيعة يحكمون بين الناس كما لو الامام علي(عليه السلام)هو الذي يحكم بينهم فأنهم قد تعلموا من الامام (عليه السلام)وان كانوا قد جهلوا امرا ارسلوا الى امير المؤمنين(عليه السلام)مشكلتهم ليرشدهم الامام الى الحل وليكونوا عادلين وكي لا يحكموا في بعض الامور من تلقاء انفسهم وهم لا يفقهون شيئا في هذا الامر فأن امير المؤمنين(عليه السلام)قد قال في احدى اقواله انه لا يستحي عندما لا يعلم ان يقول الله اعلم لذا فأن ليس من حق اي شخص كان ان يتكلم ويعلم شخصا شيئا لا يفقه فيه فيحاسب على ذلك ويودي بالسائل الى هلاكه لذا فقد كان امير المؤمنين(عليه السلام)يحذر اصحابه من ان يعمل اي منهم بحسب ما تشتهي نفسه ومن دون ان يكون عالما بهذا الامر وهذا هو منهج الائمة المعصومين وان داحر الظلم والجور في العالم يسير على وفق هذا المنهج حيث يقول لأصحابه انتم ممثلين عني فأحكموا بالعدل وبما امرتكم به فليس من حق اي احد من اصحاب امير المؤمنين ان يتصرف بما يشاء وكانت اخلاقهم رفيعة حيث انهم تخلقوا بخُلق امير المؤمنين لأنهم من اصحابه فكانوا يقابلون الإساءة بالإحسان فأن هناك رواية تقول ان مالك بن الاشتر النخعي وهو احد اصحاب الامام علي(عليه السلام)كان يسير في احدى الشوارع فقام بقال برمي الطماطم عليه فأستمر مالك بسيره وذهب الى المسجد ،فذهب شخص الى البقال فقال: هل تعرف ما فعلت؟ فقال: نعم ،فقال له الرجل: هل تعرف على من رميت حبة الطماطم؟ فقال البقال :لا اعرفه فمن هو؟ فقال الرجل: هو مالك بن الاشتر وهو قائد جيش امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام)،فأسرع البقال الى المسجد فوجد مالك الاشتر يصلي فلما فرغ من صلاته ذهب البقال اليه واعتذر منه وقال له انه لم يعرفه فأجابه مالك :اني والله اتيت للمسجد لأصلي ركعتين استغفارا لك عسى ان يغفر الله لك ،ان هذه الاخلاق ليست غريبة من قِبل اصحاب الامام علي(عليه السلام)فأنهم كانوا يتحلون بأخلاق عالية ولو كان اي منا مكان مالك لفعلنا ما فعلنا في هذا الرجل ولقمنا بعمل مشكلة طويلة وعريضة لا نهاية لها ولكن ما فعله مالك الاشتر يجب ان يكون درساً لنا فأن من يعتبر نفسه من شيعة امير المؤمنين ولم يفعل الشيء الذي يرضي امير المؤمنين فأنه سيُنتج صورة سيئة عن الشيعة وعن الامام علي(عليه السلام) فجعلنا الله ممن يسيرون على نهج الامام علي(عليه السلام)ويكونون مثالا جيداً لشيعة امير المؤمنين(عليه السلام).
{الباب الثالث عشر:الحــروب والغزوات والمعارك التي خاضها()}
لقد خاض الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)الكثير من الحروب و الغزوات مع رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)اضافة الى الحروب التي خاضها بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)وان للإمام علي(عليه السلام)العديد من المشاهد البطولية في كل الحروب والغزوات وان امير المؤمنين شارك في جميع الحروب والغزوات مع رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)الا غزوة تبوك حيث خَلف رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) الامام علي(عليه السلام)في النساء والصبيان وكما قلنا فأن جميع الحروب والغزوات شهدت على مواقف امير المؤمنين البطولية وبرهن فيها الامام علي(عليه السلام)على شجاعته وان كل هذه الحروب والغزوات التي خاضها امير المؤمنين(عليه السلام) مع رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)كانت من اجل الدفاع عن الاسلام والمسلمين وبذل امير المؤمنين الكثير من التضحيات في سبيل اعلاء كلمة الحق ان امير المؤمنين هو اشجع الشجعان وان المعارك التي خاضها اكدت هذا الامر وان الصفات التي تميز بها امير المؤمنين ضمت الشجاعة جزءا منها وان الشجاعة من الامور المهمة التي يجب ان يتحلى بها الرجل المؤمن فلا يخيفه شيء ولا يخاف من احد الا من ربه حيث قال احد الاربعة عشر المعصومين من خاف الله اخاف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله اخافه الله من كل شيء ولكن هناك من يخاف من بعض الامور الحتمية والتي ستحدث له مهما فعل وهو الموت حيث ان لا احد سيبقى حياً الى الابد انما سيموت كل البشر سواء كانوا انبياءا ام اولياءا فهم لا يستطيعون ان يتجنبوا الموت وان امير المؤمنين لم يخف من الموت وبالأخص في سبيل الله تعالى وعندما بات(عليه السلام)في فراش النبي الاكرم(صلى الله عليه واله وسلم) لم يتردد ابدا في سبيل تخليص رسول الله من المشركين فأنه يعلم ان على النبي الكريم ان يبلغ رسالة الاسلام الى جميع الامم والشعوب وادرك ان واجبه ان يحمي رسول الله ليستطيع ضمان نشر رسول الله رسالة الاسلام الى الناس وهذا ما فعله في الحروب و المعارك التي خاضها ان جميع هذه المعارك خاضها امير المؤمنين (عليه السلام) للدفاع عن الاسلام والمسلمين اي انه لا يرغب في خوض الحروب ولكن الظروف اوجبت عليه خوض الحروب فقد قال (عليه السلام) ان الحرب خدعة ولكن هو مرغم على خوضها ففي زمن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) كانت قريش ومن معها هي من تبدأ هذه الحروب والمعارك وبعد ذلك بدأ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)بالرد عليها حيث قام بالتعرض لقوافل المشركين وان ما فعله الرسول الكريم(صلى الله عليه واله وسلم)كان بعد ما واجهه من ظلم واضطهاد مع اصحابه حيث بذلت قريش ما في وسعها في سبيل قتل رسول الله ومن معه من المسلمين لانهم وجودوا في الاسلام ما يهدد مكانتهم بين القبائل فقاموا بقتل العديد من المسلمين وحاولوا ان يجعلوا رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) يتنازل عن نشر الاسلام ولكن رسول الله ابى ذلك ،ان امير المؤمنين كان مع رسول الله في كل هذه الاحداث لقد كان امير المؤمنين معروفا عند الناس بشجاعته و قد كان لأمير المؤمنين سيف يسمى بـ(ذو الفقار)، وعندما توفي الرسول الكريم بدأت حقبة جديدة حيث لاقى امير المؤمنين ظلما كبيرا، وبعد تسلم امير المؤمنين الخلافة بدأت الحروب من جديد وبدأت المشاكل حيث اتُهم الامام علي(عليه السلام) بقتل عثمان وتوالت المشاكل والحروب وبدأت المعارك فلم يحظى امير المؤمنين بالراحة من الحروب والمشاكل ومن المؤكد ان منصب الخلافة والحكم بين الناس بالعدل والمساواة ليس بالأمر السهل ولكن القصد بالراحة هنا هي الراحة من المعارك والحروب والنزاعات والمشاكل ان الحروب التي خاضها امير المؤمنين سواء كانت مع رسول الله وفي زمانه ام بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)، وقد قال المسعودي في كتاب(مروج الذهب ومعادن الجوهر)ان عدد غزوات النبي الكريم من الامور التي حدث تنازع حولها فقال ان البعض قال انها ست وعشرين غزوة والبعض الاخر قال انها سبع وعشرين غزوة وقد رتب المسعودي غزواته(صلى الله عليه واله وسلم)وهذا ليس موضوعنا ،عندما توفي رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)بدأ الظلم لأمير المؤمنين ولفاطمة الزهراء(عليهما السلام) وبعد تسلم امير المؤمنين للخلافة بدأت الحروب والنزاعات والعداء للإمام علي بن ابي طالب(عليه السلام)واولها المطالبة بدم عثمان حيث قيل للإمام علي(عليه السلام)انه المسؤول عن قتل عثمان علما ان امير المؤمنين قد ارسل الامام الحسن واخيه الحسين(عليهما السلام) للدفاع عن عثمان حيث نشأ عنها خروج عائشة وطلحة والزبير على الامام علي(عليه السلام)وحدوث معركة كبيرة قُتل فيها الالاف من المقاتلين سواء كانوا من طرف امير المؤمنين ام من طرف عائشة وطلحة والزبير وثم صفين والنهروان وقد واجه امير المؤمنين مشكلة مع اصحابه في كثير من المعارك حيث انهم يرتدون ويتفرقون كما ان معاوية بن ابي سفيان هذا الفاسق الفاجر لم يتردد في محاربة امير المؤمنين (عليه السلام) ان هناك زمرة من الناس يسمون معاوية بن ابي سفيان بـ(امير المؤمنين وخليفة رسول الله)ويدعون بأنه من الصحابة الاجلاء ويدافعون عنه علما بأنه فعل ما فعل وخالف رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)في اقواله وافعاله وحارب امير المؤمنين وسيد الوصيين الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)وتبعه ابنه يزيد(لعنه الله)ليستمر بالعداء لاهل بيت النبي ولكن اتباعهم في هذا العصر لا يعترفون بأن يزيد ين معاوية فعل ما باستطاعته في سبيل عداء الامام الحسين(عليه السلام)حيث امر بقتل الامام الحسين والامام العباس (عليهما السلام) واصحابهما وقام بسبي النساء وهناك بعض اهل الجهل ويدعون انهم من اهل العلم يقولون ان يزيد بن معاوية امر بأن ينزل اهل البيت في احسن مكان في الشام ،ومن المؤكد ان لهؤلاء العلماء اتباعا حيث يتبعهم من يشبههم فلن يتبع هؤلاء اي شخص عاقل وعالم او متعلم فهم يستغلون جهل بعض الناس ليظلوهم عن طريق الصواب ويبقى السؤال المطروح هو ما سبب حبهم لأبي سفيان ومعاوية بن ابي سفيان ويزيد بن معاوية(لعنة الله عليهم اجمعين) وهل يعتقد هؤلاء حقاً ان هؤلاء هم صحابة اجلاء ام انهم يلعبون بعقول الناس، وسواء كانوا على الطريق الاول ام الطريق الثاني فهم على خطأ وهم يمثلون الباطل فأن الحق مع الامام علي(عليه السلام) كما ان الحق معه وكل من يعادي امير المؤمنين فهو على باطل ان الطريق الذي سار عليه معاوية بن ابي سفيان وتصرفاته التي كان يتصرف بها يتبرأ منها الاسلام والمسلمين وخالف رسول الله في جميع الامور والمسائل فجعلنا الله من السائرين على نهج امير المؤمنين وسيد الوصيين وهدانا الى صراطه المستقيم واتمنا ان يهدي الله الذين أضاعوا طريق الحق والصواب والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبينا محمد واله الطيبين الطاهرين.
{الباب السادس عشر :مقتله(عليه السلام)}
لقد كان امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام) اكثر الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)علما وشجاعة ومخافة من الله تعالى لقد استشهد امير المؤمنين وعمره الشريف(63)سنة وقد قال المسعودي ما ذكرنا وقال حدث نزاع في عمر امير المؤمنين فأن هناك من يقول ان عمره اقل من هذا ولكن ثَبُت ان عمره هو ما ذكرنا وقد قتله عبد الرحمن بن ملجم وكان الامام علي(عليه السلام) يصلي في المحراب صلاة الصبح في مسجد الكوفة في سنة اربعين للهجرة وقد قال المسعودي في مقتل امير المؤمنين ان الخوارج قد اجتمعوا سنة اربعين للهجرة في مكة فتعاهد ثلاثة منهم على قتل الامام علي(عليه السلام)ومعاوية وعمرو بن العاص وتواعدوا واتفقوا على ان لا يرجع رجل منهم عن صاحبه حتى يقتله او يُقتل دونه وهم عبد الرحمن بن ملجم الذي قتل الامام علي(عليه السلام)،وحجاج بن عبد الله الصريمي والذي لقب بالبرك, ومولى بن عنبر، واتعدوا على ان يكون ذلك ليلة سبع عشر من شهر رمضان وقيل ليلة احدى وعشرين.
وقال السيوطي في كتاب تاريخ الخلفاء اجتمع ثلاثة نفر من الخوارج وهم(عبد الرحمن بن ملجم ,والبرك بن عبد الله التميمي ،وعمرو بن بكير)على قتل امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام) ومعاوية وعمرو بن العاص ،وقد قال ان امير المؤمنين (عليه السلام)استيقظ سحرا ....... فدخل ابن الذباح المؤذن على علي ,فقال :الصلاة، فخرج علي من الباب ينادي :ايها الناس ،الصلاة الصلاةً، فأعترضه ابن ملجم فضربه بالسيف واقام الامام علي(عليه السلام)الجمعة والسبت، وتوفي ليلة الاحد ،وغسله الحسن والحسين ،وعبد الله بن جعفر وصلى عليه الامام الحسن(عليه السلام) ودفن (عليه السلام)بالكوفة ليلاً .
وقد تنوزع في موضع دفنه فقال البعض انه دُفن (عليه السلام)بجانب قبر فاطمة الزهراء(عليها السلام)وقال البعض انه قد سقط في وادي طيء ولكن ثبت انه دفن في النجف الاشرف.
اذن فقد استشهد امير المؤمنين(عليه السلام) على يد الخارجي عبد الرحمن بن ملجم وهو ابن ثلاث وستين سنة و في سنة اربعين للهجرة ودُفن (عليه السلام) في النجف الاشرف فسلام عليه يوم وُلد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا وجعلنا الله من شيعته وممن يشفع امير المؤمنين (عليه السلام) لهم يوم القيامة والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبينا محمد واله الطيبين الطاهرين.
{الخاتمة}
لقد وفقنا الله تعالى على اكمال هذا البحث الصغير والشيء القليل الذي تناولنا فيه الحديث عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام)فهو ابن عم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)ووصيه وزوج ابنته وهي سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(عليها السلام)ووالد السبطين وسيدا شباب اهل الجنة وقد تربى في كنف رسول الله وتخلق بأخلاق رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)لذا اردت ان اتحدث حول هذه الشخصية ولكننا لا نستطيع ان نتعمق في الحديث عن هذا الامام فانه(عليه السلام) كما قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)لا احد يعرف امير المؤمنين إلا الله ورسول الله ولا يعرف الله الا الرسول الكريم وامير المؤمنين ولا يعرف النبي الا الله والامام علي(عليه السلام)وان فضائله عديدة وكثيرة وان التحدث عن فضائله تحتاج الى كتاب يخصص لفضائله(عليه السلام) واريد ان اشكر كل من ساعدني وساهم في نجاح هذا البحث الصغير حول امير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن ابي طالب(عليه السلام) واوجه الشكر الجزيل الى والدي العزيز الذي وفر لي الظروف الملائمة ووفر لي احتياجاتي وهيأ لي الطقس المناسب وشجعني على مثل هذه الاعمال فهو مصدر ثقتي بنفسي واريد الاعتذار ان حدث خطأ وسهو في نقل قول او حديث وفي نهاية حديثي اجدد الشكر لكل من ساهم في اكمال هذا البحث واعتذر من اي خطأ في نقل الاقوال والاحاديث من المصدر واتمنى ان يوفقنا الله تعالى لخدمة النبي الامين والائمة المعصومين وبذلك نتقرب منه سبحانه وتعالى والحمد لله رب العالمين وصل الله م على نبينا محمد وال بيته الطيبين الطاهرين.
مصادر البحث
1- كتاب نهج البلاغة للشريف الرضي وبشرح الشيخ محمد عبده طبعة بيرت – لبنان 2005م – 1426هـ .
2- كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي طبعة بيروت – لبنان 2007م – 1428هـ .
3- كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي طبعة القاهرة 2004 م – 1425هـ .
4- كتاب اصول الكافي للشيخ الكليني طبعة بيروت – لبنان 2005م – 1426هـ .
اضافة الى بعض المصادر الاخرى.
كتابة وتأليف : محمد عباس خلف لامي التميمي
طالب في المرحلة الاعدادية .. من مواليد 1996
تمت الكتابة عام 1432
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
ان الله تعالى لا يخص اي عبد من عباده لحمل مسؤولية كبيرة ،وان الله عز اسمه لن يجعل اي زمان يخلوا من حجته في الارض ان الامام علي (عليه السلام) هو سيد الاوصياء وسيد الاولين والاخرين وهو من قال النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)بحقه الكثير من الاقوال والاحاديث التي بينت انه حجة الله وهو يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله وذكر الرسول الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) حديث المنزلة المعروف عند جميع المسلمين ولا اظن ان احد المسلمين يجهل او لا يعرف حديث المنزلة او لا يعرف ان هذا الحديث بحق امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام) والعديد من الاحاديث والاقوال الاخرى التي سيرد ذكرها في فصل من فصول هذا البحث وان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) لم يكتفي بالتحدث عن امير المؤمنين ومنزلته من رسول الله ومن الله عز وجل فقد اورد العديد من الاحاديث الاخرى بحق ريحانتا رسول الله وبين من خلال تلك الاحاديث حبه لهما وتعلقه بهما وهذا شرف للإمام علي (عليه السلام) حيث انه قام بتربية هذين الامامين اضافة الى انهما قد تعلما الاخلاق الفاضلة من الرسول الكريم وامير المؤمنين وسيدة نساء العالمين ولكن رغم كل تلك الاقوال والاحاديث واجه الائمة التصدي من قِبل اعداء الإسلام والمسلمين وحدث لهم ما سيطول بنا الحديث ان قمنا بالتكلم عنها فأنك اذا امعنت النظر في وفيات ائمة الهدى تجد انهم قُتلوا جميعا فأن الامام علي (عليه السلام) قد قتل وان الامام الحسن(عليه السلام) قد دُس له السم وتوفي وان الامام الحسين(عليه السلام) قُتل مذبوحا في كربلاء على يد من يسميه البعض امير المؤمنين وخليفة رسول الله وان باقي الائمة قُتل معظمهم من خلال السم وهذا دليل على انهم كانوا يواجهون عداءا كبيرا من قِبل الحكام حيث انهم كانوا يعرفون ان الائمة(عليهم السلام) يشكلون التهديد الاول والاخير لهم ولدولتهم وقد شوه هؤلاء اسم خليفة رسول الله بما كانوا يفعلونه من المنكرات وما يقومون به من خلال قتل كل من يحب ويوالي امير المؤمنين وهو من شيعته وكانوا يسبون ويلعنون امير المؤمنين على المنابر فهل يستحق اشخاص مثل هؤلاء ان يناديهم الناس امير المؤمنين او خليفة رسول الله وان خلافتهم كانت خلافة بمعنى الحكم وليس انهم يمثلون الامتداد لرسول الله فأن رسول الله والاسلام بريء من مثل هكذا نماذج والجانب الاخر كان الائمة مؤهلين للخلافة ولان يكونوا امتدادا لرسول الله وان يحملوا لقب امير المؤمنين او خليفة رسول الله ولكن اغلب الناس الذين كانوا يعيشون في تلك العصور كانوا يتمنون التقرب الى السلطات الحاكمة فلم يتركوا امرا يحبه الحكام إلا فعلوه ليتقربوا الى الحكام وبعد هذا الحديث نعود الى الامام علي(عليه السلام) واقول ان الامام علي (عليه السلام)قد تحمل وصبر في كثير من الاحيان، فقد تحمل ما حدث له ممن يسمون نفسهم بأصحاب رسول الله واولها موت رسول الله وذهاب القوم عند السقيفة وبايعوا ابا بكرا وجعلوه خليفة وجعلوا من اوصى النبي ان يكون اول خليفة من بعده رابع الخلفاء وما حصل لسيدة نساء العالمين من كسر ضلعها الى اسقاط جنينها الى اغتصاب ارض فدك منها كما انه تأثر عند وفاة سيدة نساء العالمين ولن يحتمل اي شخص هذا، الا من خصه الله تعالى بالصبر الكبير ان هذا الامام هو موضع اهتمام العالم اجمع لما يملكه من شجاعة وفصاحة لسان وقوة بدنية ربانية وزهد وحلم وسيطول بنا الحديث ان اردنا ان نتحدث عن صفات امير المؤمنين ولان امير المؤمنين يملك من الصفات ما لا يملكها اي من عباد الله لذا فاني احببت ان اتحدث في هذا البحث عن الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) وعن نواحٍ عدة من حيث شجاعته وفصاحة لسانه وما جمع من الاخطب والاقوال والاحاديث عنه(عليه السلام) وانا اتمنى ان نُوفق لخدمته النبي الكريم و اهل بيته وان يتقبل الله اعمالنا بأحسن القبول والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبينا محمد وال بيته الطيبين الطاهرين.
{الباب الاول : ذكر نسبه ()}
وهو علي بن ابي طالب بن عبد المطلب بن عبد مناف ويكنى بـ(ابا الحسن) وامه فاطمة بنت اسد بن هشام بن عبد مناف ويعد(عليه السلام)اول هاشمي يولد من هاشمية وزوجته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وهي ابنة رسول الهدى والرحمة النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم) وان الامام علي(عليه السلام) هو اخ النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم) في المؤاخاة وصهره، ويعد (عليه السلام) من الشجعان بل انه اشجع الشجعان وازهد الزهاد واشرف الشرفاء واعلم العلماء وهو امير المؤمنين وسيد الوصيين واعلم العلماء الربانيين وقد علمه رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)تفسير القرآن وتأويله(اي معناه الخفي)وهو اول من اسلم من الرجال ولم يسجد(عليه السلام)لصنم قط وهو والد السبطين و سيدا شباب اهل الجنة وهما الحسن والحسين وقد كان النبي محمد يحبهما حباً جماً وقد كان يقول(عليه السلام)علمني رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)الف باب من العلم يفتح لي من كل باب الف باب وكان النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)يقول :انا مدينة العلم وعلي بابها، ولم يتوانى النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)في الحديث عن هذا الامام وقد تحدث في مناسبات واماكن عديدة ومختلفة عنه(عليه السلام) وزوجه من ابنته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وقد مَنَ عليه الله سبحانه وتعالى بذرية طاهرة وهما سيدا شباب اهل الجنة والتسعة المعصومين من ولد الحسين وقد تربيا في كنف رسول الله والامام علي وفاطمة الزهراء(صلوات الله عليهم اجمعين)وان من يتربى في ظل مثل هذه الانوار لن يخرج الا وهو نور على نور لذا فأن الامام علي(عليه السلام)يزداد شرفاً بأن يكون صهرا واخا للنبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم) وزوجا لابنته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ووالدا لذرية طاهرة وهما الحسن والحسين(عليهما السلام)وقد كان (عليه السلام)فصيح اللسان ذا شجاعة فائقة وشارك في جميع الغزوات والحروب التي خاضها النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)الا غزوة تبوك حيث خلفه رسول الله في النساء والصبيان كما انه قالع باب خيبر وداحر الكفر فيها حيث قيل ان تلك الباب كان فتحها يتطلب اثنان وعشرون رجلا ولكن الامام علي(عليه السلام)قلعها من مكانها وجعلها درعا له وجعلها جسراً يعبر عليه المسلمون اثناء المعركة ان هذه القوة ليست قوة عضلية انما قوة ربانية اضافها الله عز وجل الى القوة التي يتمتع بها الامام علي(عليه السلام) وان هذه القوة لا يمنحها الله تعالى لاي كان بل يمنحها لمن يحبه ويحب نبيه حيث ان الامام علي (عليه السلام)يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كما قال النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)ذلك قبل يوم من تسليم الراية في معركة خيبر فلعن الله كل من كان يؤذي النبي محمد واله الطاهرين ويبغض الامام علي(عليه السلام) ولقد كان امير المؤمنين(عليه السلام)بطلا في طهارة وجدانه وصفاء سريرته وهو بطل بكل معنى الكلمة وان الامام علي(عليه السلام)لم يهرب او لم يتراجع ويترك المسلمين يقاتلون وهو يذهب الى بيته كما فعل شخص يسمي نفسه او يسميه الناس بخليفة رسول الله وصحابي جليل الا ان الامام علي (عليه السلام)لم يترك اي غزوة او حرب فصنع حجة وذهب بل نجد ان له اثرا في كل حرب وغزوة ولقد كان امير المؤمنين يتحلى بالأخلاق الفاضلة والنبيلة وقد نصر الحق في كل موضع وفي كل مكان وفي اي وضع كان وان الحق دائما مع امير المؤمنين(عليه السلام)والامام علي(عليه السلام)مع الحق ايضاً وقد قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(رحم الله علياً، اللهم ادر الحق معه حيث دار)وهذا دليل على ان الامام(عليه السلام)مع الحق وان الحق مع امير المؤمنين (عليه السلام)وقد قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(من اتخذ عليا اماما لدينه ،فقد استمسك بالعروة الوثقى)وهذا دليل اخر على ان من تبع امير المؤمنين (عليه السلام)فهو على هدى ولا شك في ذلك وهناك اسماء عديدة لأمير المؤمنين في مواضع ومناسبات عديدة وذلك لأنه شخصية مذهلة تذهل منها الاذهان فجعلنا الله من اتباع الامام علي ومن الذين يكونون تحت لوائه يوم المحشر.
**********
{الباب الثاني : ولادته ()}
لقد انفرد الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)من حيث ولادته حيث لم يكن لها مثيل ولم تحدث لأي نبي او رسول او وصي غير امير المؤمنين ولم تحدث لاحد من بعده ولن تحدث ابدا وان من بين الخصال والصفات التي تميز بها امير المؤمنين عن غيره هي ولادته(عليه السلام)وان امير المؤمنين لم يختلف عن باقي المسلمين بهذه الصفة فقط بل اختلف عنهم وتميز عنهم بكثير من الصفات والخصال والفضائل الشريفة فمنها انه لم يسجد لصنم قط وهذا ما لم يستطع احد ان يجاريه (عليه السلام)في هذه الصفة آنذاك وكانت ولادته من تلك الفضائل التي امتاز بها الامام(عليه السلام) فقد ولد الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) في الكعبة الشريفة ،فلا اعتقد ان احدا يستطيع ان ينكر انها صفة او خصلة تَميز بها امير المؤمنين عن باقي الناس والان سنذكر رواية اكدت ولادة امير المؤمنين(عليه السلام)في الكعبة المشرفة وابطلت ادعاءات البعض بأن شخصاً اخر هو وليد الكعبة:
( عن احد المصادر ذُكر ان ابن الغزالي قد ذكر رواية في مناقبه ، كما ذكره الفقيه المالكي، وعن بشائر المصطفى ، عن يزيد بن قعنب ،قال : كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب ،وفريق من بني عبد العزى ،بإزاء بيت الله الحرام ،اذ اقبلت فاطمة بنت اسد، وكانت حاملا لتسعة اشهر، وقد اخذها الطلق، فقالت:(يا رب اني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب ،واني مصدقة بكلام جدي ابراهيم الخليل ،وانه بنى البيت الحرام فبحق البيت ومن بناه، والمولود الذي في بطني الا ما يسرت علي ولادتي)،قال يزيد من قعنب :فرأينا البيت قد انشق عن ظهره ،ودخلت فاطمة فيه وغابت عن ابصارنا وعاد الى حاله، فأملنا ان يفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ،فعلمنا ان ذلك من امر الله تعالى ،وبعد اربعة ايام خرجت فاطمة وعلى يدها امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام)ثم قالت:(اني فضلت على من تقدمني من النساء، لأن اسيا بنت مزاحم عبدت الله سرا في موضع لا يحب الله ان يعبد فيه الا اضطرارا ،وان مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى اكلت منها رطبا جنيا، واني دخلت بيت الله الحرام ،فأكلت من ثمار الجنة وارزاقها، فلما اردت ان اخرج هتف بي هاتف:(يا فاطمة سميه عليا ،فهو علي، والله هو العلي الاعلى، يقول قد شققت اسمه من اسمي وادبته بأدبي، واوقفته على غامض علمي ،وهو الذي يكسر الاصنام في بيتي).
ان هذه الرواية خير دليل على عظمة امير المؤمنين وعلى ان ولادته في الكعبة الشريفة هي حكمة ربانية اراد بها ان تكون اجلالا للإمام علي(عليه السلام) ولكي يعرف الناس منزلته وان امير المؤمنين يعتبر بمثابة رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)حيث انه نور ارسله الله تعالى من نوره(عز وجل) ليهدي من ظل طريقه في الظلمات ويعتبر مكملا للإسلام فهو الوصي والخليفة من بعد رسول الله كما اوصى بذلك النبي الكريم ولكن لم يلتزم بوصية رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)من يحسب نفسه من اصحاب رسول الله ولكن سيطول بنا الحديث ان تحدثنا عن هذا الامر وان هذه الولادة المباركة اسعدت من في الارض ومن في السماء فقد وُلد سيد الوصيين وان شيعة امير المؤمنين يحتفلون في كل عام بذكرى ولادة امير المؤمنين (عليه السلام)وهذا شيء جيد حيث يوجد من يحتفل بولادة النور ولكن هناك من لا يعجبه هذا الامر ويعتبره بدعة على حد قوله الا ان كل من يعارض هذا الامر تجده مدعٍ للعلم ولكنه لا يحمل شيئاً من العلم ولا يعرف معنى العلم فتجده يُهرج ويثرثر بما لا يفقه وهذا ما يسمى بالعلم المركب حيث انه اردى وادنى فروع العلم حيث ان الشخص يعتبر نفسه عالما في امر ما ولكنه في الحقيقة لا يفقه شيئاً وتجده يتحدث بدون الوثائق والدلائل ولكنك اذا لاحظت علماء الشيعة فتجد اغلبهم يتحدث بالوثائق والدلائل والمصادر وان كان هناك من لا يتحدث بالمصادر فأن طلب منه احد اثبات الامر الذي كان يتحدث عنه فأنه يحضره فعلماء اهل الشيعة لا يتحدثون بحسب ما يشتهون وبحسب ما تمليه عليه نفسه كما يفعل البعض من مُدعي العلم وقد قال الحميري مر ظفي صدد ولادة امير المؤمنين بعض الابيات:
ولادتــــــــه فــــــي حــــــــرم الالــــــه وامنــــــه
والبيـــــت حــــــيـث فنـــــاؤه والمــــــــسجد
بيــــــضاء طــــــاهرة الثـــــــــياب كريـــــــــــمة
طـــــــابت وطــــــاب ولــــــيدها والمـــــولد
فـــي لـــــيلة غــــــابت نــــــحوس نجــــــــومها
وبـــــدا مـــــــع القــــمر المــــنير الاســــعد
مــــا لـــــف فـــي خـــــرق القــــــوابل مــــــثله
الا ابــــــن امــــــــنة النــــــــبي مــــــــحمد
وبهذه الابيات ننهي حديثنا عن ولادة امير المؤمنين (عليه السلام)ونقول بأن الامام علي(عليه السلام) هو وليد الكعبة المشرفة بلا شك وريب وان القوم اراد ان يسرق كل ما يملكه امير المؤمنين وذلك من خلال وضعه اخر الخلفاء وثانيا بسرقة القابه والتي ثبت انها لأمير المؤمنين ولكن فلينظر الناظر الى مرقد امير المؤمنين(عليه السلام)ويقارن بينه وبين مراقد هؤلاء القوم الذين حاربوا امير المؤمنين فتجدها خاوية وعندما تذهب الى مراقد ائمة الهدى تجدها زاهرة بأنصار الائمة ومحبيهم فجعلنا الله ممن يرضى عنهم بشفاعة رسول الله واهل بيته الاطهار.
{الباب الثالث : اسلامه ()}
ان هذا الموضوع من المواضيع المهمة التي تنازع حولها الكثير من العلماء واختلفوا في اول من اسلم فأن هذا الموضوع من المواضيع ذات الاهمية الكبيرة فيجب ان لا نستهين بهذا الامر ونضعه تحت دائرة الاختبار لنعرف الحقيقة ونعرف من هو اول من آمن برسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)فان هذا الامر موضع اهتمام علماء المسلمين سواء كان من علماء الشيعة ام من اهل السنة فأن علماء الشيعة يقولون ان اول من اسلم هو الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) ولكن اهل السنة يذهبون ويقولون ان ابا بكرا هو اول من اسلم ولكن هناك دليل عند اهل الشيعة علما ان اهل السنة لم يعتمدوا في اغلب كلامهم على المصدر والدليل بل يعتمدون على كلامهم فقط ونظراً لاختلاف العلماء في ذلك سنتكلم عن هذا الامر ولوا بشيء مختصر:
ان الشيعة يعتقدون ان امير المؤمنين (عليه السلام)هو اول من اسلم من الرجال وانه معصوم ومنزه من الخطأ وانه لم يشرك بالله شيئاً وهو سائر على نهج الرسول الكريم حيث كان تابعا لرسول الله في اقواله وافعاله حتى كبر الامام علي(عليه السلام)واصبح بالغاً ولكن اهل السنة لا يتفقون مع الشيعة في هذا الامر حيث انهم لا يعتقدون بعصمة الرسول الكريم والائمة وفاطمة الزهراء(صلوات الله عليهم اجمعين)ولا يعتقدون ان الامام علي(عليه السلام)هو اول من اسلم وان دليل اهل الشيعة على انه اول من اسلم هو قوله تعالى:{وانذر عشيرتك الاقربين} ان هذه الآية هي الدليل الذي يملكه الشيعة في ان اول من اسلم من الرجال هو الامام علي(عليه السلام)حيث ان هذه الآية الكريمة اشارت الى الرسول الكريم الى ان يعرض دينه في البداية على اهله والمقربين منه وان خديجة بنت خويلد هي اول من اسلم من النساء حيث انها زوجة رسول الله وهذا دليل على ان رسول الله لم يعرض دينه الا على المقربين منه وان امير المؤمنين كما يعرف الجميع هو الذي تربى في كنف رسول الله وليس ابو بكر هو من عاش في ظل رعاية رسول الله وان ابا بكرا لا يلتقي مع الرسول الكريم في نسبه اي انه لا صلة له برسول الله علما ان الامام علي(عليه السلام)هو ابن عم رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وهذا دليل قاطع حيث عرض رسول الله دينه في بادئ الامر على خديجة الكبرى من النساء وعلى ابن عمه امير المؤمنين(عليه السلام)من الرجال وبعد ذلك اسلم من اسلم من الرجال والنساء وهذا ليس موضوعنا وعن كتاب (مروج الذهب)قال :وسيجد القارئ المزيد من الشرح والايضاح في كتابنا المترجم بـ(كتاب الصفوة في الامامة) وفي كتاب (الاستبصار) وفي كتاب (الزاهي) وغيره من الكتب .
بمعنى ان الشيعة ليسوا الوحيدين الذين يعتقدون بأن الامام علي(عليه السلام)هو اول من اسلم من الرجال فهذا(المسعودي)قد اورد الشرح الذي ذكرناه حول الآية ومن ثم يقول ان هناك المزيد من الشرح والايضاح فأنه قد اعترف بأن الامام علي(عليه السلام)هو اول من اسلم من الرجال وتعتبر هذه حجة ضد اهل السنة فأن المؤرخ المسعودي قال :ان اول من اسلم هو امير المؤمنين علما ان المسعودي هو من اهل السنة وليس من علماء الشيعة فهو من علمائهم وهم يعتمدون عليه كما يعتمدون على الصحاح وغيرها من الكتب التي تعتبر المصدر الاساس للأحكام والتشريعات التي يعتمد عليها اهل السنة لتكون هذه الاحكام هي اساسا لإسلامهم وهم يعتمدون على الروايات التي تنقلها الصحاح واغلبها عن طريق واسناد ابي هريرة والذي قال عليه بعض العلماء انه يحرف الاقوال والاحاديث اضافة الى زائدة واخرين ومن الذي لاحظته ان اهل السنة عندما يقرأون احد الصحاح فأنهم يقرأون الذي يروق لهم ويتركون ما هو مهم ويتحدث حول اهل البيت (عليهم السلام) فمثلاً الاحاديث في فضل الامام علي(عليه السلام)والتي يفهم منها اي عاقل ان الامام علي هو الحق وان من يعاديه فهو على خطأ وان من عاداه فقد عادا رسول الله ومن عادا رسول الله فقد عادا الله فيذهبون الى احاديث بفضل ابو بكر وعمر وعثمان وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهم من الذين اظهروا بغضهم للإمام علي(عليه السلام) من خلال ما فعلوه من افعال تسيء الى الاسلام والمسلمين ومن الجدير بالذكر انه لا بأس بان يذكر البعض فضائل هؤلاء فهو اعتقاد ولكل شخص الحق في ان يطرح فكرته ولكن يجب ان تكون هذه الافكار بحدود العقل فلا تذهب لتذكر فضائل من تحب وتترك امير المؤمنين وابناه الحسن والحسين وما جاء في حقهم من قِبل رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)وتترك التسعة المعصومين من ولد الحسين وتُكذب الشيعة بشأن الامام المهدي(عجل الله فرجه الشريف)وتترك كل تلك الاحاديث والاقوال التي وردت من الرسول الكريم بحق الامام المهدي(عليه السلام)فأنك في هذه الحالة تُكذب رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)ولا اعتقد ان من يُكذب رسول الله سيحظى بحسن العاقبة لذا فيجب ان لا تقرأ كتابا حسب ما تشتهيه نفسك وحسب ما ترغب انت لأنك يجب اما ان تؤمن بكل البخاري او غيره من الصحاح او لا تؤمن به ابدا وان كنت قد امنت به ام لم تؤمن فهذا لا يهمنا لأنك تستمد دينك وتشريعاتك من هذه الصحاح وستعتبر هذه حجة عليكم فنتمنا لهم الهداية والسير على طريق الرسول الكريم واهل بيته (صلوات الله عليهم اجمعين) والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبينا محمد واله الطاهرين.
{الباب الرابع : الظلم الذي تعرض له () جراء عدم التزام الكثير بكلام رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)}
ان الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)لم يحظى بالحياة الهادئة بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)ولم يلتفت البعض الى كلام رسول الله عن امير المؤمنين وكل تلك الاقوال والفضائل لم يهتم لها احد ولم يعطي الناس حق امير المؤمنين(عليه السلام)في كثير من الاوقات والاحيان والمواقف ان هذا الامام الشجاع صبر على ما حصل له من الظلم بوصية من رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)وان هذا الامام الجليل ظُلم اشد الظلم من قِبل مَن يسمونهم الناس اصحاب رسول الله في ذلك الوقت كما ان الوقت الحاضر لا يخلوا ممن يعتقدون بأن احدا ممن كان مع رسول الله يضاهي امير المؤمنين منزلة عند رسول الله او عند الخالق عز وجل ولم يستطع احد ان يحظى ببعض المدح من رسول الله كما حضي به الامام(عليه السلام)و سنذكر في باب قادم ان شاء الله بعض الاقوال والاحاديث التي قالها رسول الله بحق الامام علي(عليه السلام)و بالإضافة الى الاقوال التي قالها النبي الكريم(صلى الله عليه واله وسلم)فأن الامام قد نال الاهتمام الرباني منذ ولادته فأن ولادته في الكعبة المشرفة فضيلة خص الله بها الامام علي(عليه السلام)ليكون اول من يولد في الكعبة الشريفة وآخر من يولد هناك وقد ذكرنا الرواية عن العباس حيث ان الكعبة انشقت لفاطمة بنت اسد(رضي الله عنها)ولا اعتقد ان شخصا يقول ان هذه الولادة لا تعتبر فضيلة تَميز بها الامام (عليه السلام) عن بقية الناس ولن يستطيع اي شخص ان يقول ان وليد الكعبة هو شخص آخر غير امير المؤمنين وبعد ان دخلت فاطمة بنت اسد خرجت بعد عدة ايام وهي تحمل وليدا وهو امير المؤمنين ،وقد حضي (عليه السلام)بفضيلة اخرى وهي انه لم يسجد لصنم قط وان هذا الامر مُتفق عليه من قبل الجميع وهو شيء مؤكد وان هذا الامر لم يسبق ان حققه شخص من اصحاب رسول الله في ذلك الوقت وفصاحة لسانه التي لم ينلها احد من اصحاب رسول الله فهو ابلغ اصحاب رسول الله وان كتاب(نهج البلاغة)هو خير دليل على ذلك فأن من ينظر الى هذا الكتاب ويقرأ كلام امير المؤمنين يعجب من كلامه لأنه يجد فيه بعض الكلمات التي لم يرى لها مثيلا ولن يستطيع ان يعرف معناها الا بشرح من الكتاب وان كلام امير المؤمنين ليس بالكلام الطويل فأنه يعبر عن ما يريد ان يقوله بكلام قصير يكون شافيا ووافيا وان افضل الكلام ما قل ودل وان هناك بعض الاقوال له(عليه السلام)القصيرة والتي تحتاج الى كلام كثير وطويل ان اراد احد ان يفسر او يبين معنى كلام امير المؤمنين وما ينوي التحدث عنه وان النبي الامين وامير المؤمنين مرتبط احدهما بالآخر بمثابة الروح من الجسد ولقد عاشا في محيط واحد وجمعتهما وحدة المنشأ وقد تخلق امير المؤمنين بأخلاق رسول الله وعلم رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)امير المؤمنين الكثير من العلم وان من الفضائل التي حضي بها امير المؤمنين انه تزوج من ابنة رسول الله وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(عليها السلام)ولكن امير المؤمنين رغم منزلته من رسول الله (صلى الله عليه و اله وسلم)الا ان القوم اضطهدوا امير المؤمنين ولم يترددوا في عدائه ومحاولة القضاء عليه وان الظلم الذي لقاه امير المؤمنين(عليه السلام)كبير جداً فأن اول ما قام به هؤلاء هو ترك امير المؤمنين وبني هاشم لدفن رسول الله وذهبوا هم تحت السقيفة ليُعَيِنوا خليفة بعد رسول الله علما بأن رسول الله(صلى الله عليه و اله وسلم)قد اوصى بأن اول خليفة بعده هو الامام علي(عليه السلام)وعندما دفن الامام علي وبنو هاشم وبعض اصحاب رسول الله في الليل وجدوا ان القوم قد عينوا خليفة لهم غير الامام علي(عليه السلام)وتجاهلوا ما جاء من وصية الرسول الكريم بحق الامام علي(عليه السلام)فجعلوا امير المؤمنين رابع الخلفاء علما ان رسول الله اوصى ان يكون هو الخليفة من بعده وان امير المؤمنين خرج على ابا بكرا وقال له:(افسدت علينا الامر ،ولم تستشر، ولم ترع لنا حقا) ولم يكتفي القوم في جعله رابع الخلفاء فقط بل انهم احرقوا بيته (عليه السلام) وكسروا ضلع فاطمة الزهراء(عليها السلام)واسقطوا جنينها وان ما دعا امير المؤمنين للصبر هو وصية من رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وان هذا الامر من الامور التي ندم ابو بكر عليها وهو على فراش الموت وندم على سقيفة بني ساعدة وهذا ما قاله نقلا عن كتاب(مروج الذهب )للمسعودي:(لما احتضر قال :ما آسى على شيء الا على ثلاث فعلتها وودت اني لم تركتها، وثلاث تركتها وددت اني فعلتها، وثلاث وددت اني سألت رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)عنها ،فأما الثلاث التي فعلتها و وددت اني تركتها :فوددت اني لم اكن فتشت بيت فاطمة وذكر في ذلك كلاما كثيرا ،و وددت اني لم اكن حرقت الفجاءة واطلقته نجيحا او قتلته صريحا ،و وددت اني يوم سقيفة بني ساعدة قذفت الامر في عنق احد الرجلين فكان اميرا وكنت وزيرا....الى اخر كلامه).
ان هذا لدليل واضح وصريح على ما فعله القوم بالإمام علي(عليه السلام)فأن من الذي ذكره انه تمنى لو لم يدخل بيت فاطمة الزهراء(عليها السلام)و الشيء الثاني الذي ذكره هو انه ندم وتمنى انه لم يكن هو اول الخلفاء لأنه يعلم انه ليس هو الاحق بل ان الامام علي(عليه السلام)هو الاحق بها وتمنى لو انه القى الامر على عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان لكي يتحمل الرجلان الذنب بدلا منه لأنه يعلم ان الله عز وجل لن يُفوت له العقاب على هذ الامر والكثير من الاحداث الاخرى وان الامام علي(عليه السلام)لم يحظى بالراحة بعد ان اصبح خليفة على المسلمين فأن العداء قد استمر على الامام علي(عليه السلام)فكان (عليه السلام)يحل مشكلة فتظهر له اخرى وينتهي من حرب فتبدأ حرب اخرى ومن تلك المعارك والحروب والمشاكل معركة صفين ومعركة النهروان ويوم الجمل اضافة الى ما لاقاه من الغدر وتردد اصحابه وابتعادهم عنه(عليه السلام) وردتهم ومن ثم مقتله(عليه السلام)لذا فأن امير المؤمنين لم يحظى بالراحة من قِبل القوم وان حال اهل البيت(عليهم السلام)ليست افضل من حال امير المؤمنين(عليه السلام)فقد عانوا من اضطهاد الحكام لهم وهذا حديث آخر، واعتقد ان ما دفع هؤلاء الى معاداة الامام علي(عليه السلام)امران:
1- بغضا وكرها وحسدا لأمير المؤمنين اضافة الى انهم كانوا يغارون منه لأنه (عليه السلام)قد لقي اهتماما كبيرا من رسول الله(صلى الله عليه و اله وسلم)ومن الله سبحانه وتعالى ولم يحظى اي منهم بهذه المنزلة العظيمة ولما تَميز به امير المؤمنين من الصفات الجليلة والفضائل وان من يعادي امير المؤمنين فأنه يعادي رسول الله ومن يبغض الامام علي(عليه السلام)فأنه يبغض رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وان من عادى امير المؤمنين فقد عادى الحق لأن امير المؤمنين مع الحق والحق معه وقد قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)لعمار بن ياسر:(يا عمار لو سلك الناس كلهم واديا وسلك علي واديا فأسلك وادي علي....ما تكلمت فرضا او عبثا يا رسول الله فأنت تعلم ان الامة من بعدك ستجتمع على ظلم هذا الرجل) ان هذه الرواية دليل على امران الاول ان الامام علي(عليه السلام)هو طريق الهدى والحق والثاني ان الامام علي قد لاقى هذا الظلم وان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)كان يعلم بذلك ولهذا دعا رسول الله الامام(عليه السلام) الى الصبر.
2- وان هناك احتمالا اخر وهو ان كل ما فعله هؤلاء هو طلبا للمال والمنصب والجاه والتسلط على الناس و الحكم بينهم فأن جميع الناس سواء في الماضي ام في الوقت الحاضر يتمنون ان يكونوا حكاما وقادة ولا يعلمون ما هي المسؤوليات التي يتحملونها وما رموا نفسهم فيه فأن اي تصرف خاطئ من قِبل الحكام سيكلف الكثير عند الله تعالى فليس امرا سهل ان تحكم بين الناس بالعدل ولكن هذا الامر لا يصعب على ائمة الهدى لأنهم مُعدين اساسا للحكم بين الناس وتحقيق العدل والمساواة وهي قدرة منحهم الله اياها وان آخر ائمة الهدى والحق هو الذي سينشر هذا الدين في كل بقاع العالم ويحكم العالم ويكون العالم وما فيه تحت سيطرته(عليه السلام)وهو الامام المهدي(عليه السلام).
ان كل ما لاقاه الامام علي(عليه السلام)من الظلم والاضطهاد لم يشوش عقله ولم يعقه اي شيء من حوله في العمل وفق ما جاء به النبي الكريم(صلى الله عليه واله وسلم)ولم يمنعه من الحكم بالعدل والمساواة بين الناس وكذلك من تبعه من ائمة الهدى من ذرية ابنه الامام الحسين(عليهم السلام)وتبين لنا ظلم الناس لأمير المؤمنين(عليه السلام)وقد ذكرت بعض الروايات ان فاطمة الزهراء(عليها السلام)لم تكلم الرجلين اي ابا بكر وعمر حتى توفيت (عليها السلام) وقد اكدت الروايات ان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)قد ذكر اقوالا في حق فاطمة الزهراء(عليها السلام)واكد ان من آذاها فقد آذى رسول الله ومن آذى رسول الله فقد اذى الله سبحانه وتعالى وان الروايات لم تؤكد هذا فقط بل اكدت ان من ابغض امير المؤمنين فقد ابغض رسول الله ومن ابغض رسول الله فقد ابغض الله عز وجل وان القوم لم يكتفوا بإيذاء الامام علي(عليه السلام)وحده بل آذوا فاطمة الزهراء(عليها السلام) وحصلوا بذلك على ذنب مضاعف فنتمنى ان يجعلنا الله من الذين تتضاعف حسناتهم وتنقص سيئاتهم.
{الباب الخامس : فاطمة الزهراء (عليها السلام)}
ان الامام علي (عليه السلام)قد تزوج فاطمة الزهراء(عليها السلام) وذلك بأمر رباني حيث قام الكثير من الاشخاص بالتقدم لخطبة فاطمة الزهراء(عليها السلام)ولكن سيدة نساء العالمين لم تقبل بأي منهم ولكنها قبلت بالإمام علي (عليه السلام) ان الرسول الكريم لم يتوقف على التحدث عن الامام علي(عليه السلام)وعن الامام الحسن والحسين(عليهما السلام)بل تحدث عن فاطمة الزهراء(عليها السلام)ايضاً وقال الكثير من الكلام بحق سيدة نساء العالمين وقال (صلى الله عليه واله وسلم)ان فاطمة الزهراء بضعة منه حيث قال انها بضعة منه من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله وان قوله هذا يدل على ان فاطمة الزهراء(عليها السلام)إن رضيت عن احد ما فأن رسول الله يرضى عنه ايضاً وبذلك يرضى الله تعالى لرضاهما وان من يبغض فاطمة الزهراء(عليها السلام) فأنه يبغض رسول الله ومن بعد ذلك فلينسى الرحمة من الله سبحانه تعالى وان هناك من قد آذى فاطمة الزهراء بشكل غير مُنصف فقد ظلموها اضافة الى الظلم الذي لاقاه زوجها الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) من قِبل الظُلام ان حياة فاطمة الزهراء(عليها السلام)كانت حافلة بالمشاكل والاحداث التي ارهقتها وابيها رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)وان لهذه السيدة الجليلة صفات وفضائل كثيرة لقد مرت يكل ما مر به الرسول الكريم(صلى الله عليه واله وسلم)وقبل ولادتها(عليها السلام)كانت السيدة خديجة تتحدث الى فاطمة الزهراء وهي جنين في بطنها وعندما كبرت ماتت امها السيدة خديجة الكبرى وبقيت وحيدة من دون ام ،لقد تحملت فاطمة الزهراء كل ما جرى على رسول الله وعليها فأن رسول الله عندما بدأ بنشر دينه على الناس بدأ الناس يستهزئون به ويرمونه بالحجارة وفعلوا ما استطاعوا في سبيل ايذاء رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)لقد كانت فاطمة الزهراء هي التي ترعى ابيها وهي التي تستقبله عندما يدخل البيت وقد ملأت الدماء قميصه ولكنها كانت تشجع رسول الله رغم ما تلقاه من الم وحزن ولكنها لم تشجعه يوما على ان يكف من دعوة الناس الى الاسلام بل بالعكس فقد كانت فاطمة الزهراء هي المؤنس الوحيد لرسول الله في بيته لقد كانت فاطمة الزهراء تمارس دور الام والابنة في وقت واحد حيث انها لُقبت بأم ابيها لأنها هي من اعتنت به وشجعته وفي نفس الوقت هي ابنته وابنة خديجة الكبرى ولقد حظيت فاطمة الزهراء بالعديد من الاسماء والالقاب في مواضع ومناسبات مختلفة فمن تلك الالقاب والاسماء( ام ابيها، والمرضية، والرضية ،والبتول ,وفاطمة الزهراء)لقد سميت فاطمة الزهراء بأسماء عديدة وذلك لعظمتها وان لكل اسم معنى يدل عليه ،لقد عانت فاطمة الزهراء كثيراً في الاحداث التي حدثت لرسول الله ولاقت ما لاقاه رسول الله والمسلمون من العذاب والخوف والتهديد من قِبل المشركين الذين وجودوا ان رسول الله ومن معه يشكلون تهديدا على قريش ونفوذها بين الشعوب والقبائل وبعد ان هدأ الوضع ودخل العديد من الناس الى الاسلام بدأت المعارك بين جيش المسلمين وجيوش المشركين فبدأت المعارك والحروب والغزوات وقد تزوجت فاطمة الزهراء الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) فعاشت مع الامام علي بقية حياتها وبعد ان توفي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)تحقق قوله تعالى:{وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفأن مات او قُتل انقلبتم على اعقابكم}وبدأ المنافقون عدائهم للإمام علي(عليه السلام)وفاطمة الزهراء(عليها السلام)ومن الصعوبات التي واجهتها الزهراء(عليها السلام)هي كسر ضلعها واسقاط جنينها المسمى بـ(المحسن)ان هذا الحدث اثر كثيرا في فاطمة الزهراء وخاصة انهم منعوها من البكاء لكي لا يتعاطف الناس معها ومن ثم اغتصابهم لأرض فدك التي وهبها رسول الله لفاطمة الزهراء حيث اشارت بعض الروايات الى ان ارض فدك ليست ميراثاً انما هي من ما غنمه المسلمين اثناء الحروب فوهبها رسول الله ارض فدك بعد ان كانت له(صلى الله عليه واله وسلم)ولكن ابن ابي قحافة ابى وقال ان الانبياء لا يورثون رغم انها ليس ميراثا انما هِبة ومن العجيب ان احدا من اصحاب رسول الله لم يسمع النبي الكريم يقول مثل هذا القول والعديد من الاحداث الاخرى التي آذت ابنة رسول الله وقد ذكرنا انها (عليها السلام)لم تكن راضية عن الرجلان اي ابو بكر وعمر وانها لم تكلمهما حتى توفيت (عليها السلام) وكيف تستطيع ان ترضى عليهما وفعلا ما استطاعا مع من معهما في سبيل ايذاء امير المؤمنين وسيدة نساء العالمين وبعد كل هذه الاحداث توفيت فاطمة الزهراء(عليها السلام)وقام الامام علي(عليه السلام)بدفنها ليلا وبعيدا عن انضار الناس وكان يزورها كل ليلة ليقرأ القرآن عند قبرها(عليها السلام) وسنذكر ما انشد امير المؤمنين(عليه السلام) بعد وفاة فاطمة الزهراء (عليها السلام):
الا هـــــــل الـــــى طـــــــول الحــــــياة سبــــــيـل
وأنــــــــى وهـــــــذا المـــــــوت لـيـــــس يحول
وإنــــــي وإن اصبـــــحت بالمــــــوت موقـــــــنا
فلـــــــي امـــــــــل مــــــن دون ذاك طـــــــويل
وللـــــــدهر الـــــــوان تـــــــــروح وتــــــغتــــدي
وإن نفـــــــــــوسا بيــــــــــــنهن تـــــــــــــــسيل
ومــــنزل حـــــــــــــــــق لا معــــــرج دونـــــــه
لــــــــكل امـــــــــرئ منـــــــها الــــــيه سبــــيل
قطـــــــــعت بأيــــــــام التــــــــعزز ذكـــــــــــره
وكـــــــل عزيـــــــز مــــــا هنـــــــاك ذلـــــــيل
ارى عــــــــلل الدنــــــيا علـــــــــي كثــــــــــيرة
وصاحـــــــبها حــــــــتى الممـــــــــات علــــيل
وإنـــــي لمشــــــــتاق الــــــــى مـــــــن احـــــبه
فـــــهل لــــي الـــــى مـــــن هويـــــت سبـــــيل
وإنـــــي وإن شطـــــت بـــــــي الـــــدار نـازحا
وقــــد مـــــات قبـــــلي بالفـــــــراق جمــــــــيل
فـــقد قــــال فـــي الامـثال فــــي الــبين قــــائل
أضـــــــر بـــــــه يـــــوم الفـــــــراق رحيــــــل
لكـــــــل اجتـــــــماع مــــن خليــــلين فـــــرقـة
وكــــــــل الـــــــذي دون الفــــــــراق قلــــــــيل
وإن افتـــــــقادي فاطـــــــــما بـــــــعد احمــــــد
دلـــــــيل علـــــــى ان لا يـــــــدوم خلــــــــــيل
وكــــــيف هنــــاك العيــش مــن بـــعد فقــــدهم
لعــــــــمرك شـــــــيء مــــــا إلـــــــيه سبــــيل
سيعـــــرض عـــن ذكــــري وتنــــسى مــودتي
ويظــــــــــهر بعـــــــدي للخــــــــليل عديــــــل
وليـــــــس خلـــــيلي بـــــــــالملول ولا الــــــذي
اذا غــــــــــبت يرضـــــــاه ســــــواي بـــــديل
ولكــــن خليـــــلي مــــــن يــــــدوم وصـــــــاله
ويحـــــــفظ ســــــــــري قـــــــــلبه ودخـــــــيل
إذا انقطــــــــعت يومــــا مـــن العــــيش مــدتي
فــــــــــان بكــــــــــاء الباكــــــــيات قلـــــــــيل
يريـــــــد الفــــــتى ان لا يمــــــــوت حبـــــيبه
ولـــــــــيس الـــــــــى مـــــــا يبـــــتغيه سبـــيل
وليــــــس جليـــــــلا رزء مـــــــال وفـــــــقده
ولكـــــــن رزء الاكـــــــــرميــــــن جـــــــــليل
لـــذلـــــك جنــــــبي لا يؤاتــــــــيه مضــــــجع
وفــــــي القـــــلب مــــن حـــر الفـــراق غلــيل
سلام الله عليك يا فاطمة الزهراء وجعلنا الله من السائرين على النهج والطريق الصحيح والذي نتقرب فيه من الله تعالى ورسوله واهل البيت(صلوات الله عليهم اجمعين والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبينا محمد واله الطاهرين.
{الباب السابع : بعض الاحاديث والخطب والكتب له ()}
لقد كان الامام علي (عليه السلام) فصيح اللسان و عندما كان يتكلم العربية الفصحى لا يفهم كلامه الكثير من الناس لفصاحة لسانه ولا يفهمه الا اصحابه(عليه السلام) وان امير المؤمنين كما قال رسول الله فأن الامام(عليه السلام)هو اقضى واعلم اهل المدينة ولا عجب من ذلك فهو امير المؤمنين وسيد الوصيين وان هذا متوقع من هذه الشخصية العظيمة وكان (عليه السلام)يخطب العديد من الخطب في مواقع مختلفة ويروي الكثير من الاقوال والاحاديث في امور الحياة المختلفة وله العديد من الكتب الى امراء الجيش والى اعدائه كإرساله الكتب الى معاوية بن ابي سفيان(لعنة الله عليه) وقد جمع العديد من هذه الكتب والاحاديث والاقوال في كتب عديدة وكثيرة ومنها ما جمعه الشريف الرضي في كتاب اسماه (نهج البلاغة)(1) واورد فيه 786 حديث او قول تقسمت الى ثلاثة اقسام وهي الخطب حيث بلغ عددها 239 والكتب والتي يبلغ عددها 79 كتاب وكذلك فصل المواعظ والحكم والكلام الموجز والقصير حيث بلغ عددها 468 حديث وان هذه الاحاديث يضاف اليها ما نقل عنه(عليه السلام)في كتب اخرى مثل كتاب اصول الكافي للكليني وقد شملت هذه الخطب والكتب والاحاديث العديد من الامور الحساسة والمهمة وفي كلامه(عليه السلام)العديد من المواعظ والحكم وقد يعبر عن مواضيع ذات اهمية كبيرة بكلام قصير وفصيح ودال على معنى فأن خير الكلام ما قل ودل كحديثه عن القناعة فقال (عليه السلام):(القناعة مال لا ينفد) ان هذه الكلمات الثلاث او الاربع تحتاج الى العديد والكثير من الكلمات لفهم ما يرمي اليه الامام علي(عليه السلام)وان ما جمعه الشريف الرضي من احاديث وكتب وخطب كانت من مصادر عديدة وكتب عديدة وقد ذكر هذه المصادر التي استمد منها هذه الاقوال والاحاديث والخطب فوصلت الى 31 مصدراً توزعت على العديد من العلماء وان هذا الكتاب من الكتب العظيمة حيث جمع فيه كلام شخص ذي منزلة رفيعة عند الله عز وجل حيث انه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لقد حمل هذا الامام من الفضائل والخصال ما يتمنى كل مؤمن ان يحظى ببعض منها حيث انها كثيرة جدا وانك اذا ذكرت عددا تعتقد انه كثير فقد اخطأت ونسيت شيئا لأن هذا الامام ومنزلته وفضائله اعظم من يذكرها شخص ما فلا احد يستطيع معرفة امير المؤمنين الا رسول الله كما ذكر(صلى الله عليه واله وسلم)حيث اثبت في ذلك الحديث ان من اراد ان يعرف امير المؤمنين او صفاته فأنه لا يستطيع لأنه لا يعرفه كما يعرفه رسول الله(صلى الله عليه و اله وسلم) حيث انه ابن عمه واخوه في المؤاخاة ولعل هذا ليس السبب الحقيقي لأن امير المؤمنين ليس بالشخصية العادية فلذا لن يهمه اي كان بل سيفهمه من يمتلك مثل شخصيته ليجاريه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):وهو ما جمعه الشريف الرضي من خطب ووصايا وكتب وكلام امير المؤمنين وبشرح الشيخ(محمد عبده) طبعة بيروت لبنان سنة (1426,2005).
ويشاركه في التفكير فل تستطيع ان تجمع بين عالم وجاهل حيث لن يحتمل احدهما الاخر لانهما متضادان من جميع النواحي والجوانب فطريقة تفكير كل منهما تختلف
عن الاخر فتجد الجاهل لا يفكر في اي شيء وحتى لو فكر في شيء فسيكون هذا الشيء تافها يناسب من فكر به وتجد ان كلام الجاهل غير موزون ولا يعرف كيف ينتقي كلماته ليعبر بها عن شيء بداخله ولكنك عندما تشاهد شخصا عالما فستجد الفرق بينهما حيث ان تفكير العالم قد يكون اكبر من حجمه وسنه ومثال ذلك الائمة (عليهم السلام)يتميزون منذ صغرهم بأنهم يملكون عقولا لا يملكها من هو اكبر منهم سنا لذا فأن الامام علي(عليه السلام)لا يفهمه الا من يشبهه قولا وفعلا وهم رسول الله والائمة المعصومين (صلوات الله عليهم اجمعين)لذا فان هذه الشخصية العظيمة خارجة عن حدود البشر واستطاعتهم فلن يستطيع احد ان يملك شيئا قليلا من الفضائل التي حضي بها امير المؤمنين (عليه السلام) ويجب على كل من يحسب نفسه من انصار وشيعة الامام علي (عليه السلام)ان ينفذ ويطبق اوامر النبي الكريم(صلى الله عليه واله وسلم) والائمة المعصومين وذلك لانهم حجج الله في ارضه ويلتزم بكلام القرآن الناطق الا وهو الامام علي(عليه السلام) فجعلنا الله من السائرين على درب رسول الله والائمة المعصومين من بعده وان يوفقنا الله للسير على وفق منهج اهل البيت (عليهم السلام).
{الباب الثامن: ولداه الحسنان ومن تبعهما من ذريتهما}
لقد حظي الامام علي (عليه السلام) بذرية صالحة فمن سيكون ذا حظ ليكون له ذرية صالحة مثل الائمة المعصومين (صلوات الله عليهم اجمعين) واولهم الامام الحسن واخوه الحسين والتسعة من ولد الحسين وان الحسنان هما ريحانتا رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وقد عاشا في ظل رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)والامام علي (عليه السلام) وفاطمة الزهراء(عليها السلام) وان من يعيش في مثل هذا المحيط من الاشخاص وفوق كل هذا قد حظيا بذرية صالحة واخر هذه الذرية هو قائم ال محمد وهو الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وان الائمة المعصومين قد اخذ كل منهم خصلة من الامام علي او النبي محمد او فاطمة الزهراء(صلوات الله عليهم) وان الائمة امتازوا بحسن الخلق وكل امام يكون اقضى الناس في عصره ولن يستطيع احد سواء كان في عصرهم ام في غير عصرهم ان يبلغ الدرجة العالية من الفصاحة والبلاغة والقدرة على حل المشاكل والقضاء بين الناس والحكم بينهم بالعدل والاحسان وان جميع الائمة(عليهم السلام)كانوا قد رووا الحديث ونقلوه عن امير المؤمنين او عن النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)ولكن عدد هذه الاقوال والاحاديث يختلف من امام الى اخر وذلك بسبب اختلاف الظروف التي يعيشها كل امام فأن بعض الائمة(عليهم السلام)عاشوا في ظل حكم ظالم مثل الامام الكاظم(عليه السلام)فقد قضى سنوات عديدة من حياته في السجون ولكن ذلك لم يمنع الامام عن رواية الحديث ولكنها قليلة وان هناك بعض الائمة(عليهم السلام)عاشوا تحت ظروف سمحت لهم بنقل ورواية الحديث مثل الامام الصادق (عليه السلام) فأن اغلب الاحاديث والاقوال التي يعتمد عليها شيعة امير المؤمنين هي عن الامام الصادق او عن النبي او امير المؤمنين علي بن ابي طالب(صلوات الله عليهم) وان الامام الصادق(عليه السلام) هو مؤسس المذهب الجعفري كما ان ائمة المذاهب الاربعة قد تخرجوا من مدرسة الامام جعفر الصادق(عليه السلام) ومن طلاب هذه المدرسة العظيمة (ابو حنيفة النعمان) حيث انه قال:(لولا السنتان لهلك النعمان) وان هذا لفخر كبير للإمام علي(عليه السلام) ولرسول الله ولفاطمة الزهراء (صلوات الله عليهم) بأن تكون لهم مثل هذه الذرية الصالحة والتي سيكون مخلص البشرية وهاديها الى الصراط المستقيم منهم وهو الامام المهدي (عليه السلام) وقد ذكر النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)احاديث واقوال في حقهما يبين فيه حبه لهما ولقد عاشا في بيت تكثر فيه مكارم الاخلاق وتعلما على الفضيلة وترك الرذيلة والاخلاق الفاضلة وقد روي ان رجلاً مؤمنا قد توفي فهنأته بالجنة فقال لها احد الائمة لا تجزمي يا ام فلان فأنه قد كان سيء الخلق مع اهل بيته و سنذكر بعض الاحاديث عن النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم) في حقهما(عليهما السلام):
1- عن كتاب تاريخ الخلفاء(1) للسيوطي عن ابي سعيد الخدري قال :قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة).(2) وهناك رواية تقول ان الناس يبعثون شبابا ويشمل ذلك الانبياء ايضا وهذا يعني ان الامامان الحسن و الحسين هما سيدا اهل الجنة.
2- وعن كتاب تاريخ الخلفاء عن السيوطي واخرجه الترمذي ايضاً عن اسامة بن زيد قال: رأيت رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) والحسن والحسين على وركه فقال:(هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم اني احبهما فأحبهما واحب من يحبهما).
3- وعن السيوطي ايضا قال اخرج الشيخان عن البراء قال :رأيت رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)والحسن بن علي على عاتقه وهو يقول:(اللهم اني احبه فأحبه) (3)
4- عن تاريخ الخلفاء قال السيوطي اخرج الحاكم عن ابن عباس قال :اقبل النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)وقد حمل الحسن غلى رقبته ,فلقيه رجل فقال :نعم المركب ركبت يا غلام, فقال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(ونعم الراكب هو).
5- وعن تاريخ الخلفاء قال اخرج عن انس قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)اي اهل بيتك احب اليك؟ قال:(الحسن والحسين).
هذا كل ما تيسر لنا من احاديث النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)ورغم هذه الاحاديث التي رواها النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم) فأن الامة اساءت الى ذرية رسول الله واذت هذه الذرية واهدرت نعمة لا مثيل لها وان من اساء اليهم (عليهم السلام) او اساء الى امهم او ابيهم هم ممن يعتبرهم الناس من الصحابة وقد ذكرنا هذين الامامين لانهما يمثلان فخرا للإمام علي(عليه السلام) وذلك لأنه احسن تربيتهما فنال منزلة ارفع عندما حظي بمثل هذه الذرية المباركة ونتمنى ان نكون من الذين سيشفع لهم الاربعة عشر المعصومين ويجعلنا في ظلهم وتحت لوائهم والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1):طبعة القاهرة في صفحة 214 ذكرها في الحديث عن الامام الحسن(عليه السلام) وخلافته في موضوع اسماه(نسبه وفضله وحب الرسول اياه).
(2):وقد قال اخرجه الترمذي برقم(3768) وقال انه حسن صحيح ورواه الحاكم ايضا.
(3):رواه البخاري برقم(3749) ومسلم برقم(2422).
{الباب التاسع :الاحاديث الواردة في فضله}
ان الامام علي(عليه السلام)حظي باهتمام من النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم)وان هذا الاهتمام لم يكن مبالغا به بل كان الامام علي(عليه السلام)يستحق الكثير من الاهتمام فحظي بهذا الاهتمام من النبي (صلى الله عليه واله وسلم)ولكن لم يعرف المجتمع آنذاك منزلة الامام علي(عليه السلام) عند الله(عز وجل)وعند نبيه فحاربه من يسميه البعض امير المؤمنين ويعتبرونه من الصحابة لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)و لكن الحقيقة هي ان الله ورسوله والاسلام بريء من هؤلاء الاشخاص وهم لا يمدون للإسلام بصلة ولكن محبيهم والسائرين على نهجهم يعظمونهم ويتركون من قال عنه النبي ما قال وسنثبت في هذا الباب ان من حارب الامام علي (عليه السلام)هو من الذين يحاربون الله ورسوله ومن الذين يبغضهم الله ورسوله وقد اورد السيوطي في كتابه(تاريخ الخلفاء)عددا من هذه الاحاديث وقد قال المسعودي في كتابه(مروج الذهب): بعد ان تكلم بعض الكلام قال: ان الامام علي (عليه السلام)له النصيب الاوفر والحظ الاكبر الى ما ينفرد به من قول رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)[لم يذكر لفظة واله] حين آخى بين اصحابه:(انت اخي) وهو (صلى الله عليه واله وسلم)لا ضد له ولا ند وقوله(صلى الله عليه واله وسلم):(انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي)وقوله(من كنت مولاه فعلي مولاه الله وال من والاه وعاد من عاداه )ثم دعاؤه(صلى الله عليه واله وسلم)وقد قدم اليه انس الطائر:(الله ادخل الي احب خلقك يأكل معي من هذا الطائر)فدخل عليه الامام علي(عليه السلام) الى اخر كلامه).
وان الاحاديث التي رواها المسعودي اخرجها السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء لذا سنذكر ما تم ذكره من احاديث النبي بحق الامام علي(عليه السلام) :
1- اخرج الشيخان عن سعد بن ابي وقاص قال ان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)خلف علي بن ابي طالب(عليه السلام) في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان فقال(صلى الله عليه واله وسلم):(اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي)(1)
2- اخرج البراز والطبراني في(الاوسط)عن جابر بن عبد الله واخرج الترمذي والحاكم عن الامام علي(عليه السلام)قال :قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(انا مدينة العلم وعلي بابها).
3- عن سهل بن سعد قال ان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)قال يوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):قال السيوطي: رواه البخاري في كتاب المغازى ،باب (غزوة تبوك) ورواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة باب(من فضائل علي بن ابي طالب).
خـــــيبر:(لأعطين الراية غدا رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله) فبات الناس يدوكون(1) ليلتهم ايهم اعطاها؟ فلما اصبح الناس غدوا على رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)كلهم يرجوا ان يعطاها فقال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(اين علي بن ابي طالب)؟ فقيل هو يشتكي من عينيه ،قال:(فأرسلوا اليه) فأتي به فبصق رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)في عينيه، ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية.
4- اخرج مسلم عن سعد بن ابي وقاص قال: لما نزلت هذه الآية{ندع ابنائنا وابنائكم}(2) دعا رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)عليا ،وفاطمة، والحسن، والحسين فقال:(اللهم هؤلاء اهلي)(3) اقول: وان هذا لرد كبير على من يقول ان آية التطهير نزلت بحق زوجات النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم).
5- اخرج الترمذي عن ابي سريحة ،او زيد بن الارقم ،عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم)قال:(من كنت مولاه فعلي مولاه)(4).
وعن بعض من نقلوا هذا الحديث ان في اكثرها زيادة:(اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).
اقول: ان احد الائمة (عليهم السلام)قال :بني الاسلام على خمس وقال ان الولاية هي ركن من هذه الاركان
ان من يقول ان معاوية بن ابي سفيان صحابي جليل فكيف لصحابي جليل ان يحارب من قال النبي هذا الحديث في حقه من هذا نعرف ان الله عز وجل قد عادا معاوية ابن ابي سفيان(لعنة الله عليهما) وهذا رد لمن يقول انه شجار بين صحابيين قد يكون الشجار حاصلا بالأيدي او حتى بالكلام وليس استخدام شتى انواع الاسلحة ولا اعتقد ان من يقول ان ما حدث بين الامام علي(عليه السلام)ومعاوية(لعنه الله) شجار فهو غير عاقل واتمنى ان يهدي الله مثل هذه النماذج رغم انهم لا يحبون الفهم وانما يحبون التهريج .
6- وعن احمد بن حنبل عن ابي الطفيل قال:(جمع علي الناس سنة خمس وثلاثين ثم قال لهم انشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)يقول يوم غدير خم ما قال لما قام، فقام اليه ثلاثون من الناس فشهدوا ان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)قال:(من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):يخوضون و يتحدثون .
(2):سورة ال عمران الاية:61
(3):رواه مسلم والترمذي
(4):رواه الترمذي وقال انه حسن صحيح
7- اخرج الترمذي وصححه الحـــاكم عن بريدة قـــال: قال رسول الله (صلى الله عليه
واله وسلم):(ان الله امرني بحب اربعة ،واخبرني انه يحبهم)قيل يا رسول سمهم لنا قال:(علي منهم والثلاثة هم: ابو ذر وسلمان والمقداد).
8- اخرج الترمذي والنسائي ،وابن ماجه،عن حبشي بن جنادة قال: قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(علي مني وانا من علي).
9- اخرج الترمذي عن ابن عمر قال :آخى رسول الله محمد(صلى الله عليه واله وسلم) بين اصحابه فجاء علي(عليه السلام) تدمع عيناه، فقال: يا رسول الله آخيت بين اصحابك ولم تُآخ بيني وبين احد ،فقال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(انت اخي في الدنيا والاخرة).
10- اخرج مسلم عن الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)قال:(والذي فلق الحبة وبرأ النسمة انه لعهد النبي الامي الي انه لا يحبني الا مؤمن، ولا يبغضني الا منافق).
11- اخرج الترمذي عن ابي سعيد الخدري قال:(كنا نعرف المنافقين ببغضهم لعلي).
12- اخرج الحاكم عن ابن مسعود قال:(كنا نتحدث ان اقضى اهل المدينة علي(عليه السلام)).
كما اخرج ابن عساكر ،عن ابن مسعود قال:(افرض اهل المدينة و اقضاها علي بن ابي طالب(عليه السلام).
13- اخرج الطبراني ،وابن ابي حاتم عن ابن عباس قال :ما انزل الله :{يا ايها الذين امنوا} الا وعلي اميرها وشريفها ،ولقد عاتب الله اصحاب محمد(صلى الله عليه واله وسلم) في غير مكان وما ذكر علياً(عليه السلام)الا بخير}.
14- اخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال:(ما نزل في احد من كتاب الله تعالى ما نزل في علي(عليه السلام)).
وقد قال السيوطي اقوالا اخرى ولكن لم يتم ذكرها لعدم اتساع هذا البحث لها اضافة الى ان هناك اقوالا عن الائمة بحق الامام علي (عليه السلام)في كتاب(اصول الكافي)للكليني ولا اعتقد ان كل هذه الاقوال والاحاديث فيها شيء لا يفهم فجميعها وردت باللغة العربية وليست مذكورة بلغة اخرى ومن اراد التحقق فليراجع كتاب(تاريخ الخلفاء)للسيوطي صفحة(195) باب(الاحاديث الواردة في فضله) وايضا كتاب(مروج الذهب)للمسعودي رغم انه لم يذكر سوى القليل منها في الجزء الثاني صفحة(447)باب(فضائله ـ رضي الله عنه ـ).
{الباب العاشر :نبذ من كلماته الوجيزة والقليل من اشعاره}
{الفصل الاول: بعض كلماته الوجيزة}
سنذكر القليل من بعض كلماته القصيرة التي اوردها المسعودي والسيوطي ولكن لا نستطيع ذكر ما اورده الشريف الرضي ابدا:
1- اخرج السيوطي في كتاب(تاريخ الخلفاء)ان الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) قال:(الحزم سوء الظن).
2- اخرج المسعودي في كتابه(مروج الذهب) ان الامام علي(عليه السلام)قد سئل عن خيار العباد فقيل له: من خيار العباد ؟قال:(الذين اذا استحسنوا استبشروا واذا اساؤوا استغفروا واذا اعطو شكروا واذا ابتلوا صبروا واذا اغضبوا غفروا).
3- عن السيوطي في كتاب(تاريخ الخلفاء) قال: قال الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام):(الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله ولم يؤمنهم من عذاب الله ولم يدع القرآن رغبة عنه الى غيره لأنه لا خير في عبادة لا علم فيها ولا علم لا فهم فيه ولا قراءة لا تدبر فيها).
4- عن السيوطي ايضا قال : قال الامام علي(عليه السلام):(يأتي على الناس زمان المؤمن في اذل من الامة).
5- وفي كتاب (نهج البلاغة) للشريف الرضي بشرح الشيخ محمد عبده قال ان الامام علي(عليه السلام)قال:(القناعة مال لا ينفد).
6- وفي كتاب اصول الكافي للكليني ان امير المؤمنين(عليه السلام) سئل: هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون اليه؟ فقال(عليه السلام):(لا).
7- وعن كتاب نهج البلاغة ايضا قال: ان امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام) قال:(الحلم والاناة توأمان ينتجهما علو الهمة).
8- وعن كتاب اصول الكافي ايضا روى حديثا بسند :ابي اسحاق السبيعي عمن حدثه قال: سمعت امير المؤمنين(عليه السلام)يقول:(ايها الناس اعلموا ان كمال الدين طلب العلم والعمل به الا وان طلب العلم اوجب عليكم من طلب المال ان المال مقسوم مضمون لكم ،قد قسمه عادل بينكم، وضمنه سيفي لكم ،والعلم مخزون عند اهله وقد امرتم بطلبه من اهله فأطلبوه).
9- وفي كتاب نهج البلاغة رُوي ان امير المؤمنين (عليه السلام)قال:(لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
10- وفي كتاب نهج البلاغة ايضا عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال:(لا يعاب المرء بتأخير حقه انما يعاب من اخذ ما ليس له).
11- وفي كتاب اصول الكافي للكليني ذكر حديثا لأمير المؤمنين(عليه السلام) بسند: علي بن ابراهيم ،عن ابيه ،عن علي بن اسباط ،عن عمه يعقوب بن سالم ،عن ابي الحسن العبدي ،عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة قال: قال امير المؤمنين(عليه السلام)ذات يوم وهو يخطب على المنبر بالكوفة:(لولا كراهية الغدر كنت من ادهى الناس الا ان لكل غدرة فجرة ولكل فجرة كفرة، الا وان الغدر والفجور والخيانة في النار).
12- وعن اصول الكافي ايضا روى حديثا لأمير المؤمنين (عليه السلام) عن احمد بن ابي عبد الله عن ابيه ،عن القاسم بن عروة ،عن عبد الحميد الطائي، عن الاصبغ بن نباتة قال :قال امير المؤمنين(عليه السلام):(لا يجد عبد طعم الايمان حتى يترك الكذب هزله وجده).
13- وفي كتاب نهج البلاغة روي قول لأمير المؤمنين(عليه السلام)فقال: قال (عليه السلام):(من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها).
14- وفي كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي ذكر قولا للإمام علي بن ابي طالب(عليه السلام)فقال :قال علي(عليه السلام):(القريب من قربته المودة وان بعد نسبه، والبعيد من باعدته العداوة وان قرب نسبه ،ولا شيء اقرب من يد الى جسد وان اليد اذا فسدت قطعت، واذا قطعت حسمت). وقال: اخرجه ابو نعيم.
15- وعن كتاب تاريخ الخلفاء ايضا قال :قال الامام علي(عليه السلام):(خمس خذوهن عني :لا يخافن احد منكم الا ذنبه ولا يرجوا الا ربه، ولا يستحي من لا يعلم ان يتعلم، ولا يستحي من لا يعلم اذا سئل عما لا يعلم ان يقول: الله اعلم، وان الصبر ذهب من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد :اذا ذهب الصبر ذهب الايمان ،واذا ذهب الرأس ذهب الجسد).قال: اخرجه سعيد بن منصور في سننه.
16- وعن كتاب نهج البلاغة ذكر قولا لأمير المؤمنين فقال :قال (عليه السلام):(ان لبني امية موردا يرجون فيه، ولو قد اختلفوا فيما بينهم ثم كادتهم الضباع لغلبتهم).
17- وفي كتاب اصول الكافي ذكر قولا لأمير المؤمنين(عليه السلام)بسند :عمرو بن عثمان ،عن محمد بن سالم، رفعه قال :قال امير المؤمنين(عليه السلام):(ينبغي للرجل المسلم ان يجتنب مؤاخاة الكذاب ،فأنه يكذب حتى يجيء بالصدق فلا يصدق).
18- وفي كتاب نهج البلاغة قال امير المؤمنين(عليه السلام):(ان الدنيا والاخرة عدوان متفاوتان، وسبيلان مختلفان فمن احب الدنيا وتولاها ابغض الاخرة وعاداها ،وهما بمنزلة المشرق من المغرب وماش بينهما، كلما قرب من واحد بعد من الاخرة، وهما بعد ضرتان).
19- وعن كتاب نهج البلاغة ايضا قال امير المؤمنين(عليه السلام):(لا يترك الناس شيئا من امر دينهم لاستصلاح دنياهم الا فتح الله عليهم ما هو اضر منه).
20- وفي كتاب اصول الكافي ذكر حديثا بسند :محمد بن يحيى ،عن احمد بن محمد بن عيسى ،عن علي بن الحكم ،عن بعض اصحابه عن ابن العباس البقباق قال: قال ابو عبد الله(عليه السلام):قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام):(ترك الخطيئة ايسر من طلب التوبة وكم من شهوة ساعة اورثت حزنا طويلا ،والموت فضح الدنيا ،فلم يترك لذي لب فرحا).
هذا فقط كل ما نيسر لنا من الاحاديث والكلام القصير من كتاب نهج البلاغة للشريف الرضي والذي جمع فيه الخطب والاقوال والاحاديث لأمير المؤمنين(عليه السلام) وكتاب اصول الكافي للشيخ الكليني والذي ورد فيه الكثير من الاقوال والاحاديث للأربعة عشر المعصومين وغيرهم وكتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي وكتاب مروج الذهب للمسعودي وان اقوال وكلام امير المؤمنين كثير جدا لكن هذا كل ما تيسر لنا منها .
{الفصل الثاني : القليل من اشعاره}
سنذكر في هذا الفصل القليل من اشعاره التي وردت في كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي وكتاب مروج الذهب للمسعودي وهي كثيرة ولكننا وسنذكر شيئا قليلا منها:
1- عن نبيط الاشجعي قال: قال علي بن ابي طالب(عليه السلام):
اذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق به، ما الصدر الرحيب
واوطئت المكــــاره واطمــــأنت وارسلت، في اماكنها القلوب
ولم ير لانــكشاف الضر وجـــه ولا اغنـــى بحيــلته الاريــــب
اتاك عــــلى قنوط منــــك غوث يجيء بـه القريب المستجيب
وكــل الحــــادثات اذا تنــــاهت فموصول بها الفـــرج القريب
2- واخرج عن الشعبي قال :قال علي بن ابي طالب(عليه السلام)لرجل كره له صحبة رجل:
فلا تصـــــحب اخــــا الجــــــهل وايـــــــــــــــاك وايـــــــــــــــاه
فكــــــــــم من جـــــــاهل اردى حلــــــــــيما حيــــــن اخــــــاه
يقــــاس المــــــرء بالمــــــرء اذ مـــــــــا هــــو مــــــــــاشاه
قيــــــــــاس النعــــل بالنعــــل اذا مــــــــا هــــــــو حـــــــاذاه
وللقـــــلب عـــــــلى القــــــلب دلـــــــــــيل حيــــــــن يلقــــــاه
3- اخرج عن المبرد قال :كان مكتوبا على سيف علي بن ابي طالب(عليه السلام):
للناس حرص على الدنيا بتدبير وصفوها لـــــك ممزوج بتكدير
لم يرزقوها بعقل بعد ما قسمت لكنـــهم رزقوها بالمقــــــــادير
كم من لبيب اديــــب لا تساعده واحمق نـــال دنيـــاه بتقصــير
لو كــان عن قوة او عن مغالبة طـــار البزاة بأرزاق العصافير
4- عن حمزة بن حبيب الزيات قال: كان علي بن ابي طالب (عليه السلام)يقول:
ولا تـــــفش ســــرك الا اليـــك فأن لـــــكل نصـــيح نصيـــحا
فأنـــــي رأيت غــواة الرجـــــال لا يدعون اديمــــــــا صحيحا
5- في كتاب مروج الذهب للمسعودي قال :كان علي(عليه السلام)كثيرا ما يتمثل:
تلـــكم قريش تمناني لتقتـــلني فلا وربك ما بروا وما ظفروا
فـــأن هلـــكت فرهن ذمتي لهم بذات ودقين لا يـعفوا لها اثر
وكان يكثر من ذكر هذين البيتين:
اشدد حيــــازيمك للـــــــــموت فـــــــــأن المـــــوت لاقيــــك
ولا تجـــــزع مـــــن المـــــوت اذا حـــــــــل بواديـــــــــــــك
هذه الابيات شيء قليل جدا ولكن هذا كل ما تيسر لنا منها وان معنى كلمة حيازيمك هو الصدور فحيزوم هو مفر حيازيم ومعنى الحيزوم هو الصدر واريد الاشارة الى اننا من وضع (عليه السلام) ولكنها قد رودت رضي الله عنه من المصدر .
{الباب الحادي عشر :وصفه ()عند معاوية}
1- دخل عبد الله بن العباس على معاوية وعنده وجوه قريش فلما سلم وجلس قال له معاوية: اني اريد ان اسألك عن مسائل؟ قال: سل عما بدا لك، فقال معاوية: صف لي الخلفاء الراشدين فوصفهم حتى وصل الى امير المؤمنين فقال ابن عباس:
( رضي الله عن ابي الحسن كان والله علم الهدى ،وكهف التقى، ومحل الحجا وبحر الندى، وطود النهى وكهف العلى للورى، داعيا الى المحجة العظمى، متمسكا بالعروة الوثقى ،خير من امن واتقى ،وافضل من تقمص وارتدى، وابر من انتعل وسعى، وافصح من تنفس وقرأ واكثر من شهد النجوى ،سوى الانبياء والنبي المصطفى، صاحب القبلتين فهل يوازيه احد؟ وهو ابو السبطين فهل يقارنه بشر؟ وزوج خير الناس فهل يفوقه قاطن بلد؟ للأسود قتال وفي الحروب ختال، لم تر عيني مثله ولن ترى، فعلى من انتقصه لعنة الله و العباد الى يوم التناد).
وبعد ان اكمل عبد الله بن العباس وصفه للإمام علي (عليه السلام) قال له معاوية :ايها يا ابن عباس لقد اكثرت في ابن عمك.
2- طلب معاوية من ضرار بن ضمرة وصف الامام علي(عليه السلام)فقال له:
يا ضرار صف لي عليا (عليه السلام)،قال: اعفني يا امير المؤمنين ،قال لتصفنه ، قال:
(اما اذا لا بد من وصفه فكان والله بعيد المدى ،شديد القوى ،يقول فصلا، ويحكم عدلا ،يتفجر العلم من جوانبه ،وتنطق الحكمة من نواحيه ،يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل ووحشته ،وكان والله شديد العبرة ،طويل الفكرة ،يقلب كفه ويخاطب نفسه ،يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن ،كان فينا كأحدنا يجيبنا اذا سألناه وينبئنا اذا استنبأناه ونحن مع تقريبه ايانا وقربه منا لا نكاد نكلمه لهيبته و لا نبتدئه لعظمته ،يعظم اهل الدين، ويحب المساكين ،ولا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، واشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد ارخى الليل سدوله ،وغارت نجومه ،وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول:
يا دنيا غري غيري أ الي تعرضت ام الي تشوقت، هيهات هيهات! قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها فعمرك قصير وخطرك حقير، اه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق).
فبكى معاوية وقال: رحم الله ابو الحسن فقد كان كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال :حزن من ذبح واحدها في حجرها.
وعن كتاب مروج الذهب قال: قال معاوية بعد ذلك :زدني شيئا من كلامه، فقال ضرار:
كان يقول:(اعجب ما في الانسان قلبه، وله مواد من الحكمة ،واضداد من خلافها ،فأن سنح له الرجاء اماله الطمع ،وان مال به الطمع اهلكه الحرص ،وان ملكه القنوط قتله الاسف، وان عرض له الغضب اشتد به الغيظ ،وان اسعده الرضا نسي التحفظ وان ناله الخوف فضحه الجزع، وان افاد مالا اطغاه الغنى وان غضته فاقة فضحه الفقر وان اجهده الجوع اقعده الضعف ،وان افرط به الشبع كظته البطنة ،فكل تقصير به مضر ،وكل افراط له مفسد).
فقال له معاوية :زدني كل ما وعيته من كلامه، قال: هيهات ان آتي على جميع ما سمعته منه ،ثم قال: سمعته يوصي كميل بن زياد ذات يوم فقال له:(يا كميل ذب عن المؤمن فأن ظهره حمى الله ،ونفسه كريمة على الله ،وظالمه خصم الله ،واحذركم من ليس له ناصر الا الله).
قال: وسمعته يقول ذات يوم:(ان هذه الدنيا اذا اقبلت على قوم اعارتهم محاسن غيرهم ،واذا ادبرت عنهم سلبتهم محاسن انفسهم).
قال :وسمعته يقول :(بطر الغنى يمنع من عز الصبر).
قال: وسمعته يقول:(ينبغي للمؤمن ان يكون نظره عبرة، وسكوته فكرة ،وكلامه حكمة).
{الباب الثاني عشر :رثاء في الامام علي()}
سنذكر رثاء لابي الاسود الدؤلي بحق امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) :
20- وهو ما ذكره السيوطي لابي الاسود الدؤلي يرثي عليا(عليه السلام):
الا يا عــــين ويحـــك اسعديـــنا الا تبـــــكي امـــــير المــــؤمنينا
وتبـــــكي ام كـــــلثوم علــــــيه بعبرتـــــــها وقــد رأت اليــــقينا
الا قل للخـــــوارج حيــث كانوا فلا قــــــرت عيـــــون الحاسدينا
أفي شهر الصيام فجـمعتمونا؟ بخــــير النـــاس طــرا اجمــعينا
قتلتم خـــير من ركــب المطايا وذللــــها، ومـــن ركــب السفـينا
ومن لبس النعال ومــن حذاها ومـــن قـــرأ المثــاني والمـــبينا
وكـــل منــاقب الخــيرات فيــه وحــب رســول رب العالــــــمينا
لقد علمت قريش حيث كــانت بأنك خـــيرهم حســــبا وديــــنا
اذا استقبلت وجه ابــي حسين رأيــت الـــبدر فــوق النــاظرينا
وكنـــا قـــبل مقــــتله بخيـــــر نــرى مــــولى رســول الله فـينا
يقـــيم الحــــق لا يرتاب فيــه ويعــــدل فـي العـدى والاقــربينا
وليـــس بكـاتــم علــما لـــديـه ولـــم يخـــلق مــن المتكــــبرينا
كــــأن النــاس اذ فقدوا عــليا نـــــعام حـــار فـي بلــد سنـــينـا
فلا تشمت معاوية بن صــخر فأن بقــــــــية الخـــــلفاء فـينـــا
2- وهو ما ذكره المسعودي لابي الاسود الدؤلي يرثي الامام علي(عليه السلام) في مقتله وهو جزء من سابقه:
الا ابلع معـــاوية بن حـــرب فـــلا قــــرت عــــيون الشامــتينا
افي شهر الصيام فجمعتمونا بخـــــير النـــاس طــرا اجمــعينا
قتلتم حير من ركب المطــايا وذللــــها ومــن ركـــب السفـــينا
ومن لبس النعال ومن حذاها ومـــن قــرأ المثـــاني والمبـــينا
اذا استقبلت وجه ابي حسين رأيــت النـــور فـــوق الناظـرينا
لقد علمت قريش حيث كانت بأنـــك خيـــرهم حســـبا وديــــنا
وقد قال المسعودي ان العديد من الناس قد رثوا امير المؤمنين (عليه السلام)ولكن هذا ما تيسر لنا.
{الباب الثالث عشر :بعض الخطب والاقوال والحكم له()}
سنذكر في هذا الباب قليلا من ما ورد في كتاب نهج البلاغة من الخطب والحكم والاقوال للإمام علي(عليه السلام) :
1- وهي الخطبة التي ذكر فيها فضائل اهل البيت (عليه السلام)
(وناظر قلب اللبيب به يبصر امده(1)ويعرف غوره ونجده داع دعا، وراع رعى، فاستجيبوا للداعي واتبعوا الراعي.
قد خاضوا بحار الفتن، واخذوا بالبدع دون السنن ،وارز المؤمنون ونطق الضالون المكذبون .نحن الشعار و الاصحاب ،والخزنة والابواب ،ولا تؤتى البيوت الا من ابوابها فمن اتاها من غير ابوابها سمي سارقا.
فيهم كرائم القرآن وهم كنوز الرحمن ،ان نطقوا صدقوا، وان صمتوا لم يسبقوا ،فليصدق رائد اهله، وليحضر عقله ،وليكن من ابناء الاخرة ،فأنه منها قدم واليها نقلب، فالناظر بالقلب العامل بالبصر يكون مبتدأ عمله ان يعلم أعمله عليه ام له ،فأن كان له مضى فيه، وان كان عليه وقف عنه، فأن العامل بغير علم كالسائر على غير طريق ،فلا يزيده بعده عن الطريق الا بعدا من حاجته ،والعامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح، فلينظر ناظر أسائر هو ام راجع.
واعلم ان لكل ظاهر باطنا على مثاله ،فما طاب ظاهره طاب باطنه ،وما خبث ظاهره خبث باطنه ،وقد قال الرسول الصادق(صلى الله عليه واله):((ان الله يحب العبد ويبغض عمله ،ويحب العمل ويبغض بدنه)) واعلم ان لكل عمل نباتا ،وكل نبات لا غنى به عن الماء والمياه مختلفة ،فما طاب سقيه طاب غرسه ،وحلت ثمرته ،وما خبث سقيه خبث غرسه وأمرت ثمرته).
2- وهو الكتاب الذي ارسله الى ابن عباس وهو عامله على البصرة فقال له:
(علم ان البصرة مهبط ابليس ومغرس الفتن ،فحادث اهلها بالإحسان اليهم ،واحلل عقدة الخوف عن قلوبهم. وقد بلغني تنمرك لبني تميم، وغلظتك عليهم وان بني تميم لم يغب لهم نجم الا طلع لهم اخر وانهم لم يسبقوا بوغم في جاهلية، ولا اسلام، وان لهم بنا رحما ماسةً وقرابة خاصة، نحن مأجورون على صلتها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- ناظر القلب ،استعارة من ناظر العين: وهو النقطة السوداء منها، والمراد بصير القلب بها يدرك اللبيب امده اي غايته ومنتهاه والغور :ما انخفض من الارض والنجد :ما ارتفع منها، اي يدرك باطن امره وظاهره.
،ومأزورون على قطيعتها، فأربع ابا العباس رحمك الله فيما جرى على لسانك ويدك ،من خير وشر، فأنا شريكان في ذلك، وكن عند صالح ظني بك ،ولا يفيلن رأيي فيك .والسلام).
3- وهي خطبة له(عليه السلام) في بعض ايام صفين:
(وقد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم ،تحوزكم الجفاة الطغام ،واعراب اهل الشام، وانتم لهاميم العرب(1)ويآفيخ الشرف(2)والانف المقدم، والسنام الاعظم ،ولقد شفى وحاوح صدري(3)،ان رأيتكم بأخرة تحوزونهم كما حازوكم وتزيلونهم من مواقفهم كما ازالوكم ،حسا بالنضال وشجرا بالرماح ،تركب اولاهم اخراهم ،كالابل الهيم المطرودة ،ترمى عن حياضها وتذاذ عن مواردها).
4- ومن كلام له (عليه السلام)في ذم اهل البصرة:
(كنتم جند المرأة ،واتباع البهيمة ،رغا فأجبتم، وعقر فهربتم، اخلاقكم دقاق(4)،وعهدكم شقاق ،ودينكم نفاق وماؤكم زعاق(5)،والمقيم بين اظهركم مرتهن بذنبه، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه ،كأني بمسجدكم كجؤجؤ سفينة قد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها وغرق من في ضمنها.(وفي رواية):وايم الله لتغرقن بلدتكم حتى كأني انظر الى مسجدها كأنه جؤجؤ سفينة، او نعامة جاثمة.(وفي رواية):كجؤجؤ طير في لجة بحر،(وفي رواية):بلادكم انتن بلاد الله تربة ،اقربها من الماء وابعدها من السماء ،وبها تسعة اعشار الشر، المحتبس فيها بذنبه والخارج بعفو الله ،كأني انظر الى قريتكم هذه قد طبقها الماء حتى ما يرى منها الا شرف المسجد كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر).
5- ومن خطبة له (عليه السلام) عند خروجه لقتال اهل البصرة:
قال عبد الله بن العباس:(دخلت على امير المؤمنين (عليه السلام)بذي قار، وهو يخصف نعله ،فقال لي :ما قيمة هذا النعل؟ فقلت :لا قيمة لها ،فقال(عليه السلام):والله لهي احب الي من امرتكم ،الا ان اقيم حقا او ادفع باطلا. ثم خرج (عليه السلام) فخطب الناس فقال:
(ان الله بعث محمدا(صلى الله عليه واله)وليس احد من العرب يقرأ كتابا ولا يدعي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لهاميم: جمع لهميم بالكسر وهو السابق الحواد من الخيل والناس.
2- يآفيخ جمع يأفوخ: هو من الرأس حيث يلتقي عظم مقدمه مع مؤخره.
3- الوحاوح جمع وحوحة :صوت معه بح يصدر من المتألم، والمراد حرقة الغيظ.
4- دقة الاخلاق دناءتها.
5- مالح.
نبوة ،فساق الناس حتى بوأهم محلتهم ،وبلغهم منجاتهم فاستقامت قناتهم ،واطمأنت صفاتهم، اما والله ان كنت لفي ساقتها حتى تولت بحذافيرها، ما ضعفت ولا جبنت، وان مسيري هذا لمثلها، فلأنقبن الباطل حتى يخرج الحـــــق من جبنه ،مالي و قريش! والله لقد قاتلتهم كافرين ،ولأقاتلنهم مفتونين ،واني لصاحبكم بالأمس كما انا صاحبهم اليوم (والله ما تنقم منا قريش الا ان الله اختارنا عليهم فأدخلناهم في حيزنا فكانوا كما قال الاول(1)):
ادمت لعمري شربك المحض صاحبا واكــلك بالزبــد المقشــرة البــحــرا
ونــحن وهبـــناك العــــلاء ولـم تـكن عليا وحطنا حولك الجـرد والسمرا
6- خطبة له(عليه السلام)في تخويف اهل النهروان:
(فأنا النذير لكم لتصبحوا صرعى بإثناء هذا النهر، وبأهضام هذا الغائظ ،على غير بينة من ربكم ،ولا سلكان مبين معكم ،قد طوحت بكم الدار، ولاحت بكم المقدار، وقد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة، فأبيتم علي اباء المخالفين المنابذين ،حتى صرفت رأيي الى هواكم، وانت معاشر إخفاء الهام ،سفهاء الاحلام ولم آت لا اب لكم بجرا ولا اردت لكم ضرا).
7- ومن كلام له في صفات الربوبية والعل الالهي:
(الحمد لله الذي بطن خلفيات الامور ،ودلت علي اعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من اثبته يبصره، سبق في العلو فلا شيء اعلى منه ،وقرب في الدنو فلا شيء اقرب منه ،فلا استعلاؤه باعده عن شيء ممن خَلقه ،ولا قربهم ساواهم في المكان به ،لم يطلع العقول على تحديد صفته، ولم يحجبها عن واجب معرفته، فهو الذي تشهد له اعلام الوجود ،على اقرار قلب ذي الجحود ،تعالى الله عما يقول المشتبهون به والجاحدون له علوا كبيرا).
8- ومن خطبة له في ذم اهل العراق وفيها يوبخهم على ترك القتال والنصر يكاد يتم، ثم تكذيبهم له:
(اما بعد يا اهل العراق !فإنما انتم كالمرأة الحامل ،حملت فما اتمت املصت، ومات قيمها ،وطال تأثيمها ،وورثها ابعدها، اما والله ما اتيتكم اختيارا، ولكن جئت اليكم سوقا، ولقد بلغني انكم تقولون: علي يكذب!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- ما بين القوسين زيادة وجدت في بعض النسخ.
قاتلكم الله !فعلى من اكذب؟ أعلى الله؟ فأنا اول من امن به، فأنا اول من صدقه كلا والله ولكنها لهجة غبتم عنها، ولم تكونوا من اهلها ،ويلمه كيلاً بغير ثمن ،لو كان له وعاء، ولتعلمن بيأه بعد حين).
9- ومن خطبة له في التوحيد وتجمع هذه الخطبة من اصول العلم ما لا تجمعه خطبة:
(ما وحده من كيفه، ولا حقيقته اصاب من مثله، ولا ايه عنى من شبهه ،ولا صمده من اشار اليه و توهمه، كل معروف بنفسه مصنوع ،وكل قائم في سواه معلول ،فاعل لا باضطراب آلة، مقدر لا بجول فكرة ،غني لا باستفادة ،لا تصحبه الاوقات ،ولا ترفده الادوات ،سبق الاوقات كونه، والعدم وجوده ،والابتداء ازله ،بتشعير المشاعر عرف ان لا مشعر له ،وبمضادته بين الامور عرف ان لا ضد له ،و بمقارنته بين الاشياء عرف ان لا قرين له ضاد النور بالظلمة ،والوضوح بالبهمة والجمود بالبلل، والحرور بالصرد مؤلف بين متعادياتها ،مقارن بين متبايناتها مقرب بين متباعداتها ،مفرق بين متدانياتها لا يشمل بحد، ولا يحسب بعد، وانما تحد الادوات انفسها وتشير الالة الى نظائرها، منعتها منذ القدمية، وحمتها قد الازلية ،وجنبتها لولا التكملة، بها تجلى صانعها للعقول ،وبها امتنع عن نظر العيون، لا يجري عليه السكون والحركة ،وكيف يجري عليه ما هو اجراه، ويعود فيه ما هو ابداه ويحدث فيه ما هو احدثه اذا لتفاوتت ذاته ولتجزأ كنهه ،ولا ممتنع من الازل معناه ،ولكان له وراء اذ وجد له امام، ولألتمس التمام اذ بزمه النقصان، واذا لقامت آية المصنوع فيه ،ولتحول دليلا بعد ان كان مدلولا عليه ،وخرج بسلطان الامتناع من ان يؤثر فيه ما يؤثر في غيره ،الذي لا يحول ولا يزول ،ولا يجوز عليه الافول، لم يلد فيكون مولودا ،ولم يولد فيصير محدودا جل عن اتخاذ الابناء ،وطهر عن ملامسة النساء ،لا تناله الاوهام فتقدره ،ولا تتوهمه الفطن فتصوره ،ولا تدركه الحواس فتحسه ،ولا تلمسه الايدي فتمسه ،لا يتغير بحال ،ولا يتبدل بالأحوال ،ولا تبليه الليالي والايام، ولا يغيره الضياء والظلام، ولا يوصف بشيء من الاجزاء ،ولا بالجوارح والاعضاء، ولا بعرض من الاعراض، ولا بالغيرية والابعاض ،ولا يقال له حد ولا نهاية ،ولا انقطاع ولا غاية، ولا ا عنها بخارج ،ولا ان الاشياء تحويه، فتقله او تهويه، او ان شيئا يحمله فيميله او يعدله، ليسج، ارسى اوتادها، وارسى اسدادها في الاشياء بوالج ،ولا عنها بخارج، يخبر لا بلسان ولهوات، ويسمع لا بخروق وادوات، يقول ولا يلفظ ،ويحفظ ولا يتحفظ، ويريد ولا يضمر، يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة ،يقول لمن اراد كونه كن فيكون ،لا بصوت يقرع ولا بنداء يسمع ،وانما كلامه سبحانه فعل منه انشأه، ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا ،ولو كان قديما لكان الها ثانيا.
لا يقال كان بعد ان لم يكن فتجري عليه الصفات المحدثات ،ولا يكون بينها وبينه فصل ،ولا له عليه فضل، فيستوي الصانع والمصنوع ،ويتكافأ المبتدئ والبديع، خلق الخالق على غير مثال خلا من غيره ،ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه، وانشأ الارض فأمسكها من غير اشتغال ،وارساها على غير قرار، واقامها بغير قوائم، ورفعها بغير دعائم، وحصنها من الاود والاعوجاج، ومنعها من التهافت والنفر ارسى اوتادها، وضرب اسدادها وأستفاض عيونها، وخد اوديتها ،فلم يهن ما بناه ،ولا ضعف ما قواه، هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته ،وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته ،والعالي على كل شيء منها بجلاله وعزته ،لا يعجز شيء منها طلبه ،ولا يمتنع عليه فيغلبه ،ولا يفوته السريع منها فيسبقه، ولا يحتاج الى ذي مال فيرزقه ،خضعت الاشياء له ،وذلت مستكينة لعظمته ،لا تستطيع الهرب من سلطانه الى غيره، فتمتنع من نفعه وضره ،ولا كُفؤ له فيكافئه، ولا نظير له فيساويه ،هو المفني لها بعد وجودها حتى يصير موجودها كمفقودها.
وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها بأعجب من انشائها وابتداعها، وكيف لو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها ،وما كان من مراحها وسائمها واصناف اسناخها واجناسها، متبدلة اممها واكياسها على احداث بعوضة ما قدرت على احداثها، ولا عرفت كيف السبيل الى ايجادها، و لتحيرت عقولها في علم ذلك وتاهت، وعجزت قواها وتناهت ،ورجعت خاسئة حسيرة ،عارفة بأنها مقهورة ،مقرة بالعجز عن انشائها، مذعنة بالضعف عن افنائها.
وان الله سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه ،كما كان قبل ابتدائها، كذلك يكون بعد فنائها، بلا وقت ولا مكان ،ولا حين ولا زمان، عدمت عند ذلك الآجال والاوقات ،وزالت السنون والساعات ،فلا شيء الا الواحد القهار الذي اليه مصير جميع الامور ،بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ،وبغير امتناع منها كان فناؤها ولو قدرت على الامتناع دام بقاؤها.
لم يتكاءده صنع شيء منها اذ صنعه ولم يؤد منها خلق ما خلقه وبرأه، ولم يكونها لتشديد سلطان، ولا لخوف من زوال ونقصان ،ولا للاستعانة بها على ند مكاثر ولا للاحتزاز بها من ضد مأثور ،ولا للازدياد بها في ملكه ،ولا لمكاثرة شريك في شركه، ولا لوحشة كانت منه فأراد ان يستأنس اليها، ثم هو يفنيها بعد تكوينها لا لسأم دخل عليه في تصريفها وتدبيرها ،ولا لراحة واصلة اليه، ولا لثقل شيء منها عليه ،لم يمله طول بقائها، فيدعوه الى سرعة افنائها ،لكنه سبحانها دبرها بلطفه ،وامسكها بأمره ،واتقنها بقدرته، قم يعيدها بعد الفناء، من غير حاجة منه اليها ،ولا استعانة بشيء منها عليها، ولا لانصراف من حال وحشة الى حال استئناس ،ولا من حال جهل وعمى الى حال علم والتماس ،ولا من فقر وحاجة، الى غنى وكثر ة ،ولا من ذل وضعة ،الى عز وقدرة).
10- ومن كلام له (عليه السلام)في ذم قوم هموا باللحاق بالخوارج:
وقد ارسل رجلا من اصحابه يعلم له علم احوال قوم من جند الكوفة قد هموا باللحاق بالخوارج ،وكانوا على خوف منه(عليه السلام)فلما عاد اليه الرجل قال له:(أأمنوا فقطنوا ام جبنوا فظنعوا؟) فقال الرجل :بل ظعنوا يا امير المؤمنين فقال(عليه السلام):
(بعدا لهم كما بعدت ثمود، اما لو اشرعت الاسنة اليهم ،وصبت السيوف على هاماتهم ،لقد ندموا على ما كان منهم، ان الشيطان اليوم قد استفلهم ،وهو غدا متبرأ منهم ومتخل عنهم ،فحسبهم بخروجهم من الهدى
،وارتكاسهم في الضلال والعمى، وصدهم عن الحق ،وجماحهم في التيه).
11- ومن كتاب له (عليه السلام) الى شريح بن الحارث قاضيه:
روي ان شريح بن الحارث قاضي امير المؤمنين(عليه السلام)اشترى على عهده دارا بثمانين دينارا ،فبلغه ذلك، فاستدعاه وقال له: بلغني انك ابتعت دارا بثمانين دينارا، وكتبت لها كتابا، واشهدت فيه شهودا، فقال له شريح :قد كان ذلك يا امير المؤمنين ،قال: فنظر اليه نظر مغضب ثم قال له:
(يا شريح اما انه سيأتيك من لا ينظر في كتابك، ولا يسألك عن بينتك حتى يخرجك منها شاخصا، ويسلمك الى قبرك خالصا ،فأنظر يا شريح لا تكون ابتعت هذه الدار م غير مالك ،او نقدت الثمن من غير حلالك، فإذا انت قد خسرت دار الدنيا ودار الاخرة ،اما انك لو اتيتني عند شرائك ما اشتريت ،لكتبت لك كتابا على هذه النسخة ،فلم ترغب في شراء هذه الدار بدرهم فما فوق والنسخة هذه:
(هذا ما اشترى عبد ذليل من عبد قد ازعج للرحيل، اشترى منه دارا من دار الغرور من جانب الفانين، وخطة الهالكين، ويجمع هذه الدار حدود اربعة :الحد الاول ينتهي الى دواعي الآفات، والحد الثاني ينتهي الى دواعي المصيبات، والحد الثالث ينتهي الى الهوى المردي، والحد الرابع ينتهي الى الشيطان المغوي ،وفيه يشرع باب هذا الدار.
اشترى هذا المغتر بالأمل ،من هذا المزعج بالأجل ،هذه الدار بالخروج من عز القناعة، والدخول في ذل الطلب والضراعة ،فما ادرك هذا المشتري فيما اشترى منه من درك ،فعلى مبلبل اجسام الملوك ،وسالب نفوس الجبابرة ،ومزيل ملك الفراعنة ،مثل كسرى وقيصر ،وتبع وحمير ،ومن جمع المال على المال فأكثر ،وبنى وشيد وزخرف ،ونجد وادخر، واعتقد ونظر بزعمه للولد اشخاصهم جميعا ،الى موقف العرض والحساب، وموضع الثواب والعقاب، اذا وقع الامر بفضل القضاء{وخسر هنالك المبطلون}.
شهد على ذلك العقل اذا خرج من اسر الهوى ،وسلم من علائق الدنيا).
12- ومن كتاب له(عليه السلام)كتبه الى اهل الامصار يقص فيها ما جرى بينه وبين اهل صفين:
(وكان بدء الامر انا التقينا والقوم من اهل الشام ،والظاهر ان ربنا واحد، ونبينا واحد، ودعوتنا في الاسلام واحدة ،لا نستزيدهم في الايمان بالله، والتصديق برسوله(صلى الله عليه واله)،ولا يستزيدوننا ،الامر واحد الا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء، فقلنا تعالوا نداو ما لا يدرك اليوم بإطفاء النائرة، وتسكين العامة ،حتى يشتد الامر ويستجمع، فنقوى على وضع الحق مواضعه ،فقالوا بل نداويه بالمكابرة، فأبوا حتى جنحت الحرب، وركدت ووقدت نيرانها، وحمست، فلما ضرستنا واياهم ،ووضعت مخالبها فينا وفيهم ،احابوا عند ذلك الى الذي دعونا اليه ،فأجبناهم الى ما دعوا، وسارعناهم الى ما طلبوا حتى استبانت عليهم الحجة، وانقطعت منهم المعذرة ،فمن تم على ذلك منهم فهو الذي انقذه الله من الهلكة ،ومن لج وتمادى فهو الراكس ،الذي ران الله على قلبه ،وصارت دائرة السوء على رأسه).
13- ومن كتاب له(عليه السلام)الى عمرو بن العاص:
وان ما جاء في كتاب نهج البلاغة قبل ذكر هذه الخطبة هذا الكلام: من مآسي الزمن ومهازله في الوقت نفسه ان(عمرو بن العاص)هو الذي ارسلته قريش الى نجاشي الحبشة ليطالب بتسليم(جعفر بن ابي طالب)ومن معه من المهاجرين ،وردهم الى مكة لتتحكم بهم قريش ،وان عمرو بن العاص نفسه هو الذي قام يقاتل علي بن ابي طالب في صفين، فبنفس الروح التي قاتل بها ابن ابي طالب الاول، قاتل بها ابن ابي طالب الثاني، وهكذا كانت محنة الاسلام في ان الذين قاتلوه لدى ظهوره، عادوا يقاتلونه بعد انتصاره ،متلبسين بلباس الاسلام نفسه.
وقد كان لعمرو بن العاص ما اراد من ان تكون له (مصر)طعمة حاصلة، و لنر صورة من صور حكم ابن العاص لمصر:
قال المقريزي في الجزء الاول، الصفحة(301)،خلف عمروا بن العاص سبعين بهارا دنانير، والبهار :حلد ثور، ومبلغه اردبان بالمصري.
وهذا ما انتهى اليه امر الاسلام: سبعون بهارا دنانير، منهوبة من اقوات الشعب وارزاقه، يخلفها وال واحد.
(فأنك جعلت دينك تبعا لدنيا امرئ ظاهر غيه، مهتوك ستره ،يشين الكريم بمجلسه ،ويسفه الحليم بخلطته، فأتبعت اثره، وطلبت فضله اتباع الكلب للضرغام ،يلوذ الى مخالبه، وينتظر الى ما يلقى اليه من فضل فريسته ،فأذهبت دنياك واخرتك ،ولو بالحق اخذت، ادركت ما طلبت، فأن يمكنني الله منك ومن ابن ابي سفيان اجزكما بما قدمتما، وان تعجزا وتبقيا فما امامكما شر لكما).
14- ومن خطبة له(عليه السلام)في ذكر محمد وال محمد(صلوات الله عليهم اجمعين):
(الحمد لله الناشر في الخلق فضله ،والباسط فيهم بالجود يده، نحمده في جميع اموره، و نستعينه على رعاية حقوقه، ونشهد ان لا اله غيره ،وان محمدا عبده ورسوله، ارسله بأمره صادعا ،وبذكره ناطقا، فأدى امينا ،ومضى رشيدا ،وخلف فينا راية الحق ،من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها زهق، ومن لزمها لحق، دليلها مكيث الكلام ،بطيء القيام، سريع اذا اقام ،فإذا انتم النتم له رقابكم، واشرتم اليه بأصابعكم ،جاءه الموت فذهب به ،فلبثتم بعده ما شاء الله ،حتى يطلع الله لكم من يجمعكم ويضم نشركم ،فلا تطمعوا في غير مقبل ،ولا تيأسوا من مدبر ،فأن المدبر عسى ان تزل به احدى قائمتيه، وتثبت الاخرى فترجعا حتى تثبتا جميعا ،الا ان مثل ال محمد(صلى الله عليه واله)كمثل نجوم السماء ،اذا خوى نجم طلع نجم ،فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع ،واراكم ما كنتم تأملون).
15- ومن خطبة له(عليه السلام)في بعثة النبي وفي الوصية بالتقوى والتحذير من الدنيا:
(بعثه حيث لا علم قائم ،ولا منار ساطع، ولا منهج واضح، اوصيكم عباد الله بتقوى الله، واحذركم الدنيا فأنها دار شخوص، ومحلة تنغيص، ساكنها ظاعن، وقاطنها بائن ،تميد بأهلها ميدان السفينة ،تقصفها العواصف في لجج البحار ،فمنهم الغرق الوبق، ومنهم الناجي على بطون الامواج، تحفزه الرياح بأذيالها، وتحمله على اهوالها ،فما غرق منها فليس بمستدرك، وما نجا منها فإلى مهلك.
عباد الله! الان فأعلموا والالسن مطلقة ،والابدان صحيحة، والاعضاء لدنة ،والمنقلب فسيح، والمجال عريض ،قبل ارهاق الفوت، وحلول الموت ،فحققوا عليكم نزوله ،ولا تنتظروا قدومه).
16- ومن كلام له(عليه السلام) يشير فيه الى ظلم بني امية وذكر احوال الناس في دولتهم:
(والله لا يزالون حتى يدعوا لله محرما الا استحلوه ،ولا عقدا الا حلوه، وحتى لا يبقى بيت مدر، ولا وبر ،الا دخله ظلمهم، ونبا به سوء رعيهم ،وحتى يقوم الباكيان يبكيان ،باك يبكي لدينه ،وباك يبكي لدنياه ،وحتى تكون نصرة احدكم من احدهم كنصرة العبد من سيده،:اذا شهد اطاعه، و اذا غاب اغتابه، وحتى يكون اعظمكم فيها غناء احسنكم بالله ظنا ،فأن اتاكم الله بعافية فأقبلوه، وان ابتليتم فأصبروا ،فأن العاقبة للمتقين).
17- ومن خطبة له(عليه السلام)في ذكر الاسباب التي تهلك الناس:
(اما بعد، فأن الله لم يقصم جباري دهر قط ،الا بعد تمهيل ورخاء ،ولم يجبر عظم احد من الامم ،الا بعد ازل وبلاء، وفي دون ما استقبلتم من عتب ،وما استدبرتم من خطب معتبر وما كل ذي قلب بلبيب، ولا كل ذي سمع سميع، ولا كل ناظر بصير ،فيا عجبا! ومالي لا اعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ،لا يقتصون اثر نبي، ولا يقتدون بعمل وصي، ولا يؤمنون بغيب، ولا يعفون عن عيب، يعملون في الشبهات ويسيرون في الشهوات، المعروف فيهم عندهم ما عرفوا، والمنكر عندهم ما انكروا، مفزعهم في المعضلات الى انفسهم ،وتعويلهم في المبهمات على آرائهم ،كأن كل امرئ منهم امام نفسه ،قد اخذ منها فيما يرى بعرى ثقات ،واسباب محكمات).
18- ومن خطبة له في لزوم الاستعداد للموت:
(فاتقوا الله عباد الله، وبادروا آجالكم بأعمالكم ،وابتاعوا ما يبقى لكم بما يزول عنكم، وترحلوا فقد جد بكم ،واستعدوا للموت فقد اظلكم ،وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا وعلموا ان الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا ،فأن الله سبحانه لم يخلقكم عبثا، لم يترككم سدا ،وما بين احدكم وبين الجنة او النار الا الموت ان ينزل به.
وان غاية تنقصها اللحظة و تهدمها الساعة ،لجديرة بقصر لمدة ،وان غائبا يحدوه الجديدان:- الليل والنهار- لحري بسرعة الاوبة ،وان قادما يقدم بالفوز او الشقوة لمستحق لأفضل عدة.
فتزودوا في الدنيا من الدنيا ما تحرزون به انفسكم غدا ،فأتقى عبد ربه ،نصح نفسه، وقدم توبته ،وغلب شهوته ،فأن اجله مستور عنه، وامله خادع له، والشيطان موكل به يزين له المعصية ليركبها، ويمنيه التوبة ليسوفها ،حتى اذا هجمت منيته ،عليه اغفل ما يكون عنها.
فيالها حسرة على ذي غفلة ان يكون عمره عليه حجة ،وان تؤديه ايامه الى الشقوة، نسأل الله سبحانه ان يجعلنا واياكم ممن لا تبطره نعمة، ولا تقصر به عن طاعة ربه غاية، ولا تحل به بعد الموت ندامة ولا كآبة).
19- ومن خطبة له(عليه السلام)في ذم المتقاعدين عن القتال:
(منيت بمن لا يطيع اذا امرت، ولا يجيب اذا دعوت، لا ابا لكم ما تنتظرون بنصركم ربكم؟ اما دين يجمعكم ،ولا حمية تحمشكم! اقوم فيكم مستصرخا ،واناديكم متغوثا ،فلا تسمعون لي قولا، ولا تطيعون لي امرا ،حتى تكشف الامور عن عواقب المساءة ،فما يدرك بكم ثأر، ولا يبلغ بكم مرام ،دعوتكم الى نصر اخوانكم ،فجرجرتم جرجرة الجمل الاسر، وتثاقلتم تثاقل النضو الادبر ،ثم خرج الي منكم جنيد، متذائب، ضعيف، كأنما يساقون الى الموت وهم ينظرون).
20- ومن خطبة له(عليه السلام) فيمن اتهموه بقتل عثمان:
(الا وان الشيطان قد ذمر حزبه، واستجلب جلبه ،ليعود الجور الى اوطانه ،ويرجع الباطل الى نصابه ،والله ما انكروا علي منكرا ،ولا جعلوا بيني وبينهم نصفا، وانهم ليطلبون حقا هم تركوه ،ودما هم سفكوه ،فلئن كنت شريكهم فيه فأن لهم لنصيبهم منه ،ولئن كانوا ولوه دوني فما التبعة الا عندهم ،وان اعظم حجتهم لعلى انفسهم ،يرتضعون اماً قد فطمت، ويحيون بدعة قد اميتت ،يا خيبة الداعي، من دعا وإلام اجيب! واني لراض بحجة الله عليهم، وعلمه فيهم ،فأن ابوا اعطيتهم حد السيف ،وكفى به شافياً من الباطل وناصرا للحق ،ومن العجب بعثهم الي ابرز للطعان ،وان اصبر للجلاد، هبلتهم الهبول! لقد كنت ،وما اهدد بالحرب ولا ارهب بالضرب، واني لعلى يقين من ربي ،وغير شبهة من ديني).
هذا شيء قليل جدا من خطب و كلام امير المؤمنين فأن عددها كثير جدا ولن نستطيع ان نذكرها في هذا البحث الصغير ومن الجدير بالذكر ان خطب وكلام الامام علي(عليه السلام)لم تُخصص الى موضوع محدد بل انها متخصصة في عدة مواضيع مهمة ويستطيع المؤمن ان يستفيد منها من خلال التطبع بها والعمل على وفق ما تشير اليه علما ان امير المؤمنين هو القرآن الناطق ولم يُبق امير المؤمنين موضوعا مهما لم يتحدث عنه اضافة الى ما استقبل من كتب سواء كانت من اصحابه وقادة الجيش ام من قِبل اعدائه والرد عليها اضافة الى ما كتبه(عليه السلام)لقادة الجيش وامراء البلدان والى اصحابه وتحدث عن كثير من المواضيع التي ستطيل الحديث علينا وان ما ذكرناه في هذا الباب كان من مصدر واحد وهو كتاب(نهج البلاغة)علما ان هناك كتاب(اصول الكافي)الذي ذكر عدة احاديث واقوال عن الاربع عشر المعصومين والامام علي(عليه السلام)له قسم كبير من تلك الاحاديث والاقوال وفي مواضع ومناسبات مختلفة وفي امور مهمة وحساسة ولم يترك موضوعاً لم يتحدث بشأنه وان للإمام علي (عليه السلام) احاديث واقوال كثيرة جدا وذلك لما تميز به من الفصاحة والبلاغة ولكن لم يستفد من عاش في عصره من هذا العلم كثيراً فنتمنى ان نحصل على شيء قليل من ذلك العلم.
{الباب الرابع عشر :نبذ من اخباره وقضاياه وحُكمه بين الناس}
سنذكر في هذا الباب ما يتيسر لنا من بعض المواقف وبعض ما اخبر به وحدث هذا الشيء وبعض الحكم :
1- نزل الامام علي(عليه السلام)بذي قار لأخذ البيعة، فأخبر اصحابه قائلا:(يأتيكم من قبل الكوفة الف رجل ،لا يزيدون ولا ينقصون رجلا، يبايعوني على الموت)،يقول ابن عباس: كنت على وجل ان ينقص القوم عن ذلك او يزيدون ،فما الذي دعا عليا الى هذا القول؟ فأخذت احصي القوم فردا فردا حتى احصيت تسعمائة وتسعة وتسعون ،وقد انقطع مجيء القوم فدخلني الشك، فبينما انا افكر اذ اقبل شخص وهو راجل، وعليه قباء صوف، وبيده سيفه مع ترس ،فقال للإمام علي(عليه السلام):امدد يدك لأبايعك ،فقال له: على ما تبايعني؟ قال: على السمع والطاعة والقتال بين يديك او يفتح الله على يديك ،قال :ما اسمك؟ قال: اويس القرني.
فقال الامام علي(عليه السلام):(الله اكبر اخبرني حبيبي رسول الله(صلى الله عليه واله)،اني ادرك رجلا من امتي، يقال له اويس القرني يكون مع حزب الله ،يموت على الشهادة ،يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر).
2- وعن كتاب(تاريخ الخلفاء)للسيوطي قال اخرج عبد الرزاق عن حجر المدري قال: قال لي علي بن ابي طالب(عليه السلام)كيف بك اذا امرت ان تلعنني؟
قلت: وكائن ذلك؟ قال :نعم ،قلت :فكيف اصنع؟ قال: العني ولا تبر أمني، قال: فأمرني محمد بن يوسف اخو الحجاج - وكان اميرا على اليمن – ان العن عليا ،فقلت :ان الامير امرني ان اخرج و العن عليا فالعنوه ،لعنه الله، فما فطن الا رجل.
3- كان الامام علي(عليه السلام)يخطب على المنبر في المدائن ،وقد مضى عمرو بن حريث، وهو رأس من رؤوس المنافقين ،الى الخورنق للتنزه، ومعه سبعة من المنافقين، فاصطادوا ضبا خلال سياحتهم ،فأخذ عمرو بيد الضب، وقال: بايعوا هذا امير المؤمنين ولا نبايع عليا على جمعة ولا جماعة ،فلما رجعوا وجلسوا عند الامام علي(عليه السلام).
فلما نظر اليهم عرج قائلا:(يا ايها الناس ،ان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)اسر الي الف حديث ،واني سمعت الله تعالى يقول:{يوم ندعوا كل امام بإمامهم}،واني اقسم لكم بالله ،ليبعثن يوم القيامة ثمانية نفر وامامهم الضب، ولو شئت ان اسميهم لفعلت ،فقام الثمانية من مجلس الامام(عليه السلام)وقد عرتهم الدهشة وارتعدت فرائصهم).
4- جلس رجلان يتغديان مع احدهما خمسة ارغفة ومع الاخر ثلاثة ارغفة فلما وضعا الغداء بين ايديهما مر بهما رجل فسلم، فقالا اجلس للغداء فجلس واكل معهما واستوفوا في اكلهم الارغفة فقام الرجل وطرح اليهم ثمانية دراهم وقال خذا هذا عوضا مما اكلته ونلته من طعامكما ،فتنازعا وقال صاحب الخمسة ارغفة: لي خمسة دراهم ولك ثلاثة فقال صاحب الثلاثة ارغفة :لا ارضى الا ان تكون الدراهم بيننا نصفين وارتفعا الى امير المؤمنين علي بن ابي طالب فقصا عليه قصتهما فقال لصاحب الثلاثة ارغفة قد عرض عليك صاحبك ما عرض وخبزه اكثر من خبزك فأرض بالثلاثة فقال: لا والله ما رضيت منه الا بمر الحق ،فقال الامام علي(عليه السلام):ليس لك في مر الحق الا درهم واحد وله سبعة فقال الرجل سبحان الله يا امير المؤمنين هو يعرض علي ثلاثة فلم ارض واشرت علي بأخذها فلم ارض وتقول لي الان انه لا يجب لي في مر الحق الا درهم واحد؟ فقال له(عليه السلام):عرض عليك صاحبك ان تأخذ ثلاثة صلحا فقلت لم ارض الا بمر الحق ولا يحق لك بمر الحق الا واحد فقال الرجل: فعرفني بالوجه في مر الحق حتى اقبله فقال علي(عليه السلام):اليس للثمانية ارغفة اربعة وعشرون ثلثا اكلتموها انتم ثلاثة انفس ولا يعلم الاكثر منكم اكلا ولا الاقل فتحملون في اكلكم على السواء؟ قال :بلى، قال (عليه السلام):فأكلت انت ثمانية اثلاث وانما لك ستة اثلاث واكل صاحبك ثمانية اثلاث وله خمسة عشر ثلثا اكل منها ثمانية ويبقى له سبعة واكل لك واحدا من تسعة فلك واحد بواحدك وله سبعة بسبعته فقال له الرجل :رضيت الان.
5- اخبر امير المؤمنين(عليه السلام)بملك الحجاج ،وما يلقى اهل الكوفة منه من الظلم والجور والفظائع ،ولا اعتقد ان هناك خلافا بين الكتاب والمسلمين وفي جور الحجاج وظلمه ،وما ذاقت الكوفة منه من ويلات ومرارات ،فقد قال عنه الامام علي(عليه السلام):(ام والله ليسلطن عليكم غلام ثقيف الذيال الميال – اشارة الى طول قامته وخيلائه وتبختره في مشيه – إيه ابا وذبحة)كان ذلك اشارة الى الخنفساء وما لقيه من حتفه بسببها ،حيث كانت تدب على الارض ،فوصلت الى مصلاه، فأبعدها فعادت، فأمسكها بيده، فلسعته فتورمت يد واخذته الحمى حتى ات بأوهن مخلوقات الله تعالى.
6- اخرج عن المدائني قال :لما دخل علي الكوفة دخل عليه رجل من حكماء العرب، فقال: والله يا امير المؤمنين لقد زنت الخلافة وما زانتك ،ورفعتها وما رفعتك ،وهي كانت احوج اليك منك اليها.
7- كان امير المؤمنين (عليه السلام) قد اخبر بملك معاوية ،ونوه عما تلقى الامة من ظلمه وجوره ،اما من حضر مجلسه، وسمع منه خطابا فقال:(سيظهر عليكم من بعدي رجل رحب البلعوم ،مندحق البطن - اشارة الى ضخامة بطنه – يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فأقتلوه - ولن تقتلوه- الا والله سيأمركم بسبي والبراءة مني ،فأما السب فسبوني، واما البراءة فلا تتبرؤوا مني فأني لدت على الفطرة ،وسبقت الى الايمان و الهجرة).
8- وقد اخبر (عليه السلام)ان معاوية لا يموت الا والصليب في عنقه فقال:(لا يموت ابن هند حتى يعلق الصليب في عنقه) وقد اشارات روايات المؤرخين الى ان معاوية اشتدت عليه العلة، وكان له طبيبا نصرانيا فشكا اليه علته وشدة الالم وطلب وسيلة للتخلص منها ،فقال :عندنا صليب ما علقه مريض الا خفف عنه ،فجيء لمعاوية بالصليب فعلقه في عنقه ،حتى توفي والصليب في عنقه.
9- لقد كان الامام علي(عليه السلام)على منبر الكوفة وهو يتنبأ بأحداث قبل وقوعها ،فيصوغ حولها بيانات ويعطي عنها لوائح صادقة، فكان يقول:(يخرج من ديلمان بنو الصياد، ثم يستشري امرهم ،حتى يملكوا الزوراء، ويخلعوا الخلفاء)فقام: اليه رجل وقال له: سيدي وكم مدتهم؟ فقال(عليه السلام):(مئة او تطول قليلا).
فلم يعرف المؤرخون سر هذا القول ،حتى مرت العصور وتعاقبت الازمنة واذا بالديالمة (عضد الدولة واخوته)يملكون بغداد ويخلعون الخلفاء ،فكانت مدتهم مئة وزادت قليلا.
10- جيء بمروان بن الحكم اسيرا يوم الجمل ،فأستشفع بالحسنين(عليهما السلام)الى الامام علي(عليه السلام)ليخلي سبيله، فقالا: يا امير المؤمنين ادعه للبيعة لك ،فقال:(عليه السلام):(او لم يبايعني قبل قتل عثمان؟ لا حاجة لي ببيعته انها كف يهودية ،لو بايعني بكفه لنقض بسبته ،اما ان له خلافة كلعقة الكلب انفه وهو ابو الاكباش الاربعة، وستلقى الامة منه ومن ولده يوما احمراً).
هذ هو ما تيسر لنا من بعض الاحداث والاخبار بما هو قادم فأنه (عليه السلام)قد تميز بمعرفة الاحداث المهمة فهو امير المؤمنين وسيد الوصيين ولا يعتبر هذا الامر شيئاً غريبا بالنسبة لشخص بعظمة الامام علي(عليه السلام).
{الباب الخامس عشر :توصياته لعماله بالالتزام بأوامره لانهم يمثلونه ()}
ان امير المؤمنين(عليه السلام)لم يكتف بأن يكون ذا اخلاق رفيعة وفاضلة والتي تَعَوَدَ عليها بل انه لا يحب ان يكون اصحابه ذوي اخلاق وطباع غير لائقة او غير صحيحة فأنهم في بادئ الامر مسلمون فيجب عليهم ان يمثلوا الاسلام بشكل صحيح وبصورة تليق بالإسلام بحيث لا تسيء تصرفاتهم الى صورة الاسلام عند الاقوام غير المسلمة فكيف سيهتدي هؤلاء ان وجودا سوء الاخلاق للمسلمين اضافة الى الإساءة للمسلمين وفي الامر الثاني هم يمثلون الامام علي(عليه السلام)فأن فعلوا امرا خاطئا فسيعتبر الناس هذا خطأ الامام علي(عليه السلام)وان حسن الاخلاق ليست الشيء الوحيد والاهم الذي اوصى به الامام اصحابه بل ان هناك صفات حسنة اوصى الامام علي(عليه السلام)بها كالحكم بالعدل وتحقيق المساواة بين الناس فأن العدل والمساواة صفات جيدة ويجب على كل مسلم ان يتحلى بهما ان كان مسؤولا عن عدد من الاشخاص مهما كان عددهم فأن تحمل المسؤولية ليس بالأمر السهل والبسيط فأن من يتحمل المسؤولية يجب ان يكون مسؤولا عن كل فعل من افعاله سواء كان هذا الفعل شيئا صغيرا ام كبيراً ويجب ان يعرف كيفية الحكم بين الناس كما ان هناك صفات سيئة يجب على المسلم ان يتخلى عنها ولا يفعلها ان امير المؤمنين(عليه السلام) حريص على ان يحكم بالعدل وعلى وفق القرآن الكريم والنبي الامين وان امير المؤمنين لم يدع امرا صغيرا ولا كبيرا لم يعلم اصحابه فيه على التصرف وكان يلوم من يعمل بغير الصواب كما فعل مع قاضيه وقد تم ذكر الكلام الذي ورد عنه (عليه السلام)الى قاضيه شريح عندما اشترى بيتا بثمانين درهما فبلغ هذا الامر لأمير المؤمنين فتكلم الى شريح عن هذا الموضوع فأن امير المؤمنين لا يرضى ان يسير احد اصحابه على منهج خاطئ اضافة الى ارساله الكتب الى امراء جيشه والقادة حيث يرشدهم الى ما عليهم فعله وان لا يفعلوا شيئا اخر وان تكون معاملتهم جيدة ،ان هذا الامام لا يحتمل ان يكون احد اصحابه او قواد جيشه من الذين اخطأوا في التعرف على الطريق الصحيح او انهم اخطأوا في بعض المسائل وانه لا يتردد في تعليمهم النهج الصحيح والحكم الصحيح وكانوا ذوي اخلاق رفيعة يحكمون بين الناس كما لو الامام علي(عليه السلام)هو الذي يحكم بينهم فأنهم قد تعلموا من الامام (عليه السلام)وان كانوا قد جهلوا امرا ارسلوا الى امير المؤمنين(عليه السلام)مشكلتهم ليرشدهم الامام الى الحل وليكونوا عادلين وكي لا يحكموا في بعض الامور من تلقاء انفسهم وهم لا يفقهون شيئا في هذا الامر فأن امير المؤمنين(عليه السلام)قد قال في احدى اقواله انه لا يستحي عندما لا يعلم ان يقول الله اعلم لذا فأن ليس من حق اي شخص كان ان يتكلم ويعلم شخصا شيئا لا يفقه فيه فيحاسب على ذلك ويودي بالسائل الى هلاكه لذا فقد كان امير المؤمنين(عليه السلام)يحذر اصحابه من ان يعمل اي منهم بحسب ما تشتهي نفسه ومن دون ان يكون عالما بهذا الامر وهذا هو منهج الائمة المعصومين وان داحر الظلم والجور في العالم يسير على وفق هذا المنهج حيث يقول لأصحابه انتم ممثلين عني فأحكموا بالعدل وبما امرتكم به فليس من حق اي احد من اصحاب امير المؤمنين ان يتصرف بما يشاء وكانت اخلاقهم رفيعة حيث انهم تخلقوا بخُلق امير المؤمنين لأنهم من اصحابه فكانوا يقابلون الإساءة بالإحسان فأن هناك رواية تقول ان مالك بن الاشتر النخعي وهو احد اصحاب الامام علي(عليه السلام)كان يسير في احدى الشوارع فقام بقال برمي الطماطم عليه فأستمر مالك بسيره وذهب الى المسجد ،فذهب شخص الى البقال فقال: هل تعرف ما فعلت؟ فقال: نعم ،فقال له الرجل: هل تعرف على من رميت حبة الطماطم؟ فقال البقال :لا اعرفه فمن هو؟ فقال الرجل: هو مالك بن الاشتر وهو قائد جيش امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام)،فأسرع البقال الى المسجد فوجد مالك الاشتر يصلي فلما فرغ من صلاته ذهب البقال اليه واعتذر منه وقال له انه لم يعرفه فأجابه مالك :اني والله اتيت للمسجد لأصلي ركعتين استغفارا لك عسى ان يغفر الله لك ،ان هذه الاخلاق ليست غريبة من قِبل اصحاب الامام علي(عليه السلام)فأنهم كانوا يتحلون بأخلاق عالية ولو كان اي منا مكان مالك لفعلنا ما فعلنا في هذا الرجل ولقمنا بعمل مشكلة طويلة وعريضة لا نهاية لها ولكن ما فعله مالك الاشتر يجب ان يكون درساً لنا فأن من يعتبر نفسه من شيعة امير المؤمنين ولم يفعل الشيء الذي يرضي امير المؤمنين فأنه سيُنتج صورة سيئة عن الشيعة وعن الامام علي(عليه السلام) فجعلنا الله ممن يسيرون على نهج الامام علي(عليه السلام)ويكونون مثالا جيداً لشيعة امير المؤمنين(عليه السلام).
{الباب الثالث عشر:الحــروب والغزوات والمعارك التي خاضها()}
لقد خاض الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)الكثير من الحروب و الغزوات مع رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)اضافة الى الحروب التي خاضها بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)وان للإمام علي(عليه السلام)العديد من المشاهد البطولية في كل الحروب والغزوات وان امير المؤمنين شارك في جميع الحروب والغزوات مع رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)الا غزوة تبوك حيث خَلف رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) الامام علي(عليه السلام)في النساء والصبيان وكما قلنا فأن جميع الحروب والغزوات شهدت على مواقف امير المؤمنين البطولية وبرهن فيها الامام علي(عليه السلام)على شجاعته وان كل هذه الحروب والغزوات التي خاضها امير المؤمنين(عليه السلام) مع رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)كانت من اجل الدفاع عن الاسلام والمسلمين وبذل امير المؤمنين الكثير من التضحيات في سبيل اعلاء كلمة الحق ان امير المؤمنين هو اشجع الشجعان وان المعارك التي خاضها اكدت هذا الامر وان الصفات التي تميز بها امير المؤمنين ضمت الشجاعة جزءا منها وان الشجاعة من الامور المهمة التي يجب ان يتحلى بها الرجل المؤمن فلا يخيفه شيء ولا يخاف من احد الا من ربه حيث قال احد الاربعة عشر المعصومين من خاف الله اخاف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله اخافه الله من كل شيء ولكن هناك من يخاف من بعض الامور الحتمية والتي ستحدث له مهما فعل وهو الموت حيث ان لا احد سيبقى حياً الى الابد انما سيموت كل البشر سواء كانوا انبياءا ام اولياءا فهم لا يستطيعون ان يتجنبوا الموت وان امير المؤمنين لم يخف من الموت وبالأخص في سبيل الله تعالى وعندما بات(عليه السلام)في فراش النبي الاكرم(صلى الله عليه واله وسلم) لم يتردد ابدا في سبيل تخليص رسول الله من المشركين فأنه يعلم ان على النبي الكريم ان يبلغ رسالة الاسلام الى جميع الامم والشعوب وادرك ان واجبه ان يحمي رسول الله ليستطيع ضمان نشر رسول الله رسالة الاسلام الى الناس وهذا ما فعله في الحروب و المعارك التي خاضها ان جميع هذه المعارك خاضها امير المؤمنين (عليه السلام) للدفاع عن الاسلام والمسلمين اي انه لا يرغب في خوض الحروب ولكن الظروف اوجبت عليه خوض الحروب فقد قال (عليه السلام) ان الحرب خدعة ولكن هو مرغم على خوضها ففي زمن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) كانت قريش ومن معها هي من تبدأ هذه الحروب والمعارك وبعد ذلك بدأ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)بالرد عليها حيث قام بالتعرض لقوافل المشركين وان ما فعله الرسول الكريم(صلى الله عليه واله وسلم)كان بعد ما واجهه من ظلم واضطهاد مع اصحابه حيث بذلت قريش ما في وسعها في سبيل قتل رسول الله ومن معه من المسلمين لانهم وجودوا في الاسلام ما يهدد مكانتهم بين القبائل فقاموا بقتل العديد من المسلمين وحاولوا ان يجعلوا رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) يتنازل عن نشر الاسلام ولكن رسول الله ابى ذلك ،ان امير المؤمنين كان مع رسول الله في كل هذه الاحداث لقد كان امير المؤمنين معروفا عند الناس بشجاعته و قد كان لأمير المؤمنين سيف يسمى بـ(ذو الفقار)، وعندما توفي الرسول الكريم بدأت حقبة جديدة حيث لاقى امير المؤمنين ظلما كبيرا، وبعد تسلم امير المؤمنين الخلافة بدأت الحروب من جديد وبدأت المشاكل حيث اتُهم الامام علي(عليه السلام) بقتل عثمان وتوالت المشاكل والحروب وبدأت المعارك فلم يحظى امير المؤمنين بالراحة من الحروب والمشاكل ومن المؤكد ان منصب الخلافة والحكم بين الناس بالعدل والمساواة ليس بالأمر السهل ولكن القصد بالراحة هنا هي الراحة من المعارك والحروب والنزاعات والمشاكل ان الحروب التي خاضها امير المؤمنين سواء كانت مع رسول الله وفي زمانه ام بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)، وقد قال المسعودي في كتاب(مروج الذهب ومعادن الجوهر)ان عدد غزوات النبي الكريم من الامور التي حدث تنازع حولها فقال ان البعض قال انها ست وعشرين غزوة والبعض الاخر قال انها سبع وعشرين غزوة وقد رتب المسعودي غزواته(صلى الله عليه واله وسلم)وهذا ليس موضوعنا ،عندما توفي رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)بدأ الظلم لأمير المؤمنين ولفاطمة الزهراء(عليهما السلام) وبعد تسلم امير المؤمنين للخلافة بدأت الحروب والنزاعات والعداء للإمام علي بن ابي طالب(عليه السلام)واولها المطالبة بدم عثمان حيث قيل للإمام علي(عليه السلام)انه المسؤول عن قتل عثمان علما ان امير المؤمنين قد ارسل الامام الحسن واخيه الحسين(عليهما السلام) للدفاع عن عثمان حيث نشأ عنها خروج عائشة وطلحة والزبير على الامام علي(عليه السلام)وحدوث معركة كبيرة قُتل فيها الالاف من المقاتلين سواء كانوا من طرف امير المؤمنين ام من طرف عائشة وطلحة والزبير وثم صفين والنهروان وقد واجه امير المؤمنين مشكلة مع اصحابه في كثير من المعارك حيث انهم يرتدون ويتفرقون كما ان معاوية بن ابي سفيان هذا الفاسق الفاجر لم يتردد في محاربة امير المؤمنين (عليه السلام) ان هناك زمرة من الناس يسمون معاوية بن ابي سفيان بـ(امير المؤمنين وخليفة رسول الله)ويدعون بأنه من الصحابة الاجلاء ويدافعون عنه علما بأنه فعل ما فعل وخالف رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)في اقواله وافعاله وحارب امير المؤمنين وسيد الوصيين الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)وتبعه ابنه يزيد(لعنه الله)ليستمر بالعداء لاهل بيت النبي ولكن اتباعهم في هذا العصر لا يعترفون بأن يزيد ين معاوية فعل ما باستطاعته في سبيل عداء الامام الحسين(عليه السلام)حيث امر بقتل الامام الحسين والامام العباس (عليهما السلام) واصحابهما وقام بسبي النساء وهناك بعض اهل الجهل ويدعون انهم من اهل العلم يقولون ان يزيد بن معاوية امر بأن ينزل اهل البيت في احسن مكان في الشام ،ومن المؤكد ان لهؤلاء العلماء اتباعا حيث يتبعهم من يشبههم فلن يتبع هؤلاء اي شخص عاقل وعالم او متعلم فهم يستغلون جهل بعض الناس ليظلوهم عن طريق الصواب ويبقى السؤال المطروح هو ما سبب حبهم لأبي سفيان ومعاوية بن ابي سفيان ويزيد بن معاوية(لعنة الله عليهم اجمعين) وهل يعتقد هؤلاء حقاً ان هؤلاء هم صحابة اجلاء ام انهم يلعبون بعقول الناس، وسواء كانوا على الطريق الاول ام الطريق الثاني فهم على خطأ وهم يمثلون الباطل فأن الحق مع الامام علي(عليه السلام) كما ان الحق معه وكل من يعادي امير المؤمنين فهو على باطل ان الطريق الذي سار عليه معاوية بن ابي سفيان وتصرفاته التي كان يتصرف بها يتبرأ منها الاسلام والمسلمين وخالف رسول الله في جميع الامور والمسائل فجعلنا الله من السائرين على نهج امير المؤمنين وسيد الوصيين وهدانا الى صراطه المستقيم واتمنا ان يهدي الله الذين أضاعوا طريق الحق والصواب والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبينا محمد واله الطيبين الطاهرين.
{الباب السادس عشر :مقتله(عليه السلام)}
لقد كان امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام) اكثر الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)علما وشجاعة ومخافة من الله تعالى لقد استشهد امير المؤمنين وعمره الشريف(63)سنة وقد قال المسعودي ما ذكرنا وقال حدث نزاع في عمر امير المؤمنين فأن هناك من يقول ان عمره اقل من هذا ولكن ثَبُت ان عمره هو ما ذكرنا وقد قتله عبد الرحمن بن ملجم وكان الامام علي(عليه السلام) يصلي في المحراب صلاة الصبح في مسجد الكوفة في سنة اربعين للهجرة وقد قال المسعودي في مقتل امير المؤمنين ان الخوارج قد اجتمعوا سنة اربعين للهجرة في مكة فتعاهد ثلاثة منهم على قتل الامام علي(عليه السلام)ومعاوية وعمرو بن العاص وتواعدوا واتفقوا على ان لا يرجع رجل منهم عن صاحبه حتى يقتله او يُقتل دونه وهم عبد الرحمن بن ملجم الذي قتل الامام علي(عليه السلام)،وحجاج بن عبد الله الصريمي والذي لقب بالبرك, ومولى بن عنبر، واتعدوا على ان يكون ذلك ليلة سبع عشر من شهر رمضان وقيل ليلة احدى وعشرين.
وقال السيوطي في كتاب تاريخ الخلفاء اجتمع ثلاثة نفر من الخوارج وهم(عبد الرحمن بن ملجم ,والبرك بن عبد الله التميمي ،وعمرو بن بكير)على قتل امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام) ومعاوية وعمرو بن العاص ،وقد قال ان امير المؤمنين (عليه السلام)استيقظ سحرا ....... فدخل ابن الذباح المؤذن على علي ,فقال :الصلاة، فخرج علي من الباب ينادي :ايها الناس ،الصلاة الصلاةً، فأعترضه ابن ملجم فضربه بالسيف واقام الامام علي(عليه السلام)الجمعة والسبت، وتوفي ليلة الاحد ،وغسله الحسن والحسين ،وعبد الله بن جعفر وصلى عليه الامام الحسن(عليه السلام) ودفن (عليه السلام)بالكوفة ليلاً .
وقد تنوزع في موضع دفنه فقال البعض انه دُفن (عليه السلام)بجانب قبر فاطمة الزهراء(عليها السلام)وقال البعض انه قد سقط في وادي طيء ولكن ثبت انه دفن في النجف الاشرف.
اذن فقد استشهد امير المؤمنين(عليه السلام) على يد الخارجي عبد الرحمن بن ملجم وهو ابن ثلاث وستين سنة و في سنة اربعين للهجرة ودُفن (عليه السلام) في النجف الاشرف فسلام عليه يوم وُلد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا وجعلنا الله من شيعته وممن يشفع امير المؤمنين (عليه السلام) لهم يوم القيامة والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبينا محمد واله الطيبين الطاهرين.
{الخاتمة}
لقد وفقنا الله تعالى على اكمال هذا البحث الصغير والشيء القليل الذي تناولنا فيه الحديث عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام)فهو ابن عم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)ووصيه وزوج ابنته وهي سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(عليها السلام)ووالد السبطين وسيدا شباب اهل الجنة وقد تربى في كنف رسول الله وتخلق بأخلاق رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)لذا اردت ان اتحدث حول هذه الشخصية ولكننا لا نستطيع ان نتعمق في الحديث عن هذا الامام فانه(عليه السلام) كما قال رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)لا احد يعرف امير المؤمنين إلا الله ورسول الله ولا يعرف الله الا الرسول الكريم وامير المؤمنين ولا يعرف النبي الا الله والامام علي(عليه السلام)وان فضائله عديدة وكثيرة وان التحدث عن فضائله تحتاج الى كتاب يخصص لفضائله(عليه السلام) واريد ان اشكر كل من ساعدني وساهم في نجاح هذا البحث الصغير حول امير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن ابي طالب(عليه السلام) واوجه الشكر الجزيل الى والدي العزيز الذي وفر لي الظروف الملائمة ووفر لي احتياجاتي وهيأ لي الطقس المناسب وشجعني على مثل هذه الاعمال فهو مصدر ثقتي بنفسي واريد الاعتذار ان حدث خطأ وسهو في نقل قول او حديث وفي نهاية حديثي اجدد الشكر لكل من ساهم في اكمال هذا البحث واعتذر من اي خطأ في نقل الاقوال والاحاديث من المصدر واتمنى ان يوفقنا الله تعالى لخدمة النبي الامين والائمة المعصومين وبذلك نتقرب منه سبحانه وتعالى والحمد لله رب العالمين وصل الله م على نبينا محمد وال بيته الطيبين الطاهرين.
مصادر البحث
1- كتاب نهج البلاغة للشريف الرضي وبشرح الشيخ محمد عبده طبعة بيرت – لبنان 2005م – 1426هـ .
2- كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي طبعة بيروت – لبنان 2007م – 1428هـ .
3- كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي طبعة القاهرة 2004 م – 1425هـ .
4- كتاب اصول الكافي للشيخ الكليني طبعة بيروت – لبنان 2005م – 1426هـ .
اضافة الى بعض المصادر الاخرى.