مرتضى علي الحلي
11-07-2012, 08:09 PM
: بَيِّنَاتٌ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ :
=========================
: بحوثٌ قرآنيَّة مَعرِفيَّة :
==============================
: القسم الثالث :
==========
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمد وآله المعصومين
: صور تعاطي الإنسان مع القرآن مَعرفيّا :
======================
:3:
صورة التعاطي المعرفي الموضوعي .
====================
وهذه الصورة هي أعمق الصور المَعرفيّة في التعاطي مع القرآن الكريم فكرا ومنهجا ونتيجاً وتنظيرا.
بإعتبارها تهتم بالواقع المفاهيمي لنصوص القرآن الكريم وموضوعاته .
ذلك لأنَّ القرآن الكريم هو ذاته قد تمثَلَّ في وجوده اللفظي بعناصر حيوية
أهمها المُتكلِّم وهو الله عز وجلّ
واللغة والموضوع ومنه الإنسان والكون والحياة والتأريخ وغيرها
فضلاً عن القصد والهدف والحكمة.
ومعنى التعاطي المعرفي الموضوعي
أنَّ البحث يتحيَّث بحيثيَّة النص الذي يُمثّل واقع موضوعي ملموس للباحث لفظاً ودلالة وحكمةً.
فممكن أن تتجلى المعرفة الموضوعيّة للباحث في بيان النص القرآني لمفرداته
كوجود الله تعالى ووحدانيته ونفي الشريك عنه وإثبات صنعه وخلقه للوجود برمته كاملا.
وبيان صفات الله تعالى الذاتية والثبوتية
والسلبية أي التي يجب تنزيهه سبحانه عنها عقلا:
وبيان واقع البشرية مذ خلقها الله تعالى وإلى يوم القيامة
وإرساله للرسل والأنبياء وتنصيبه للأوصياء والأئمة المعصومين:عليهم السلام:
ورصده لحركة التأريخ والمجتمع والإنسان حياتيا.
وبيانه لسنن الله تعالى في الكون والوجود عامة
وتوضيحه لقانون التأثر والتأثير والعليّة والحتمية
على مستوى الفكر والثقافة والسلوك .
ثمَّ على الباحث في هذه الصورة الموضوعيّة أن يدرك ذهناً هوية القرآن الكريم مفهوماً .
بمعنى أن يدرك أنَّ القرآن هو كتاب الله تعالى
وما من شك في أنَّ له هوية وتعريف مفاهيمي .
قد أفصح الله تعالى عنها نصاً في آياته وسوره الشريفة.
دفعا لجهل الجاهلين وشدّا للراغبين بمعرفة هويته وأهدافه وجوديا.
قال الله تعالى مُفصحاً عن هذه الحقيقة المعرفيّة.
وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ{192}
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ{193}
عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ{194}
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ{195}
وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ{ 196 :
وهذه الآية الأخيرة هي تقطع بمعلوميَّة ووضوح هوية القرآن الكريم عند الأنبياء والرسل من قبل بعثة النبي محمد:صلى الله عليه وآله وسلّم.
وإنَّ ذِكْرَ هذا القرآن الكريم لَمُثبَتٌ في كتب الأنبياء السابقين قد بَشَّرَتْ به وصَدَّقَتْه.
إذاً إذا أدرك الباحث الهوية المفهومية للقرآن الكريم وآمن أنه هو كتاب الله تعالى
سينتقل ذهنا إلى ضرورة التعرف على هوية المُنزَّل عليه :
وهو النبي محمد:ص:
وهذه المنهجيّة النظاميّة قد بيّنها الله تعالى في كتابه العزيز بصورة منطقية وعقلانية
تقطع الطريق على المُشككين في واقع النزول القرآني على النبي محمد:ص:
قال الله تعالى:
(( الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ )) إبراهيم1
والمعنى هو:
هذا القرآنُ كتابٌ أوحيناه إليك -أيها الرسول الأكرم محمد:ص:
- لتُخرج به الناسَ من الضلال والغيِّ والجهل
إلى الهدى والرشد والنور
-بإذن ربهم وتوفيقه إيَّاهم-
إلى الإسلام الذي هو طريق الله الغالب المحمود في كل حال .
وفي آياتٍ أُخَر قال تعالى:
(( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ )) الفتح29
(( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ )) محمد2
(( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً )) الأحزاب40
(( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ))
آل عمران144
وبعدما يتعرف الباحث المعرفي على هوية القرآن الكريم وهوية مُنزله الله تعالى وهوية المُنزَل عليه وهو النبي محمد:ص:
يجدر به أن يستكشف خطاب النص القرآني وأدواته وأهمها اللغة والدلالة .
ونقصد بإستكشاف النص هنا هو عينه التدبُر والتفكُر المعرفي في الأبعاد المفاهيمية والدلالية للنص القرآني.
ذلك كون القرآن الكريم قد خاطب الإنسان عقلا وقلبا ومنطقا وعرفا.
لذا تجد التنويع المفاهيمي واضح جداً لكل مُتتبع بحثياً.
لاسيما في مفاهيم العقل والقلب والسمع والبصر والفؤاد والنفس والصدور وغيرها.
طبعاً ولكلٍ من هذه المفاهيم دلالته الخاصة به .
ويُلحَظُ أيضا أنَّ القرآن الكريم قد تحرّكَ خطابيا بإتجاه الفطرة والوجدان الإنساني بصورة مُلفتة للنظر.
قاصداً بذلك إثارة الشعور والوعي الذاتي في كيانيّة الإنسان نفسيا وذهنيا.
وتوجيهه بإتجاه الحاجة إلى الله تعالى وضرورة تلمس ذلك وجدانا.
بمعنى أنَّ القرآن الكريم أراد ويُريد خلق الشعور النفسي لدى الإنسان دينياً.
وإرشاده إلى المشعور به :أي الله تعالى:
حقا وصدقا.
وفعلاً كثيراً ما تحصل عند الإنسان إلتفاتات معنوية
بل وحتى ذهنية تجعله يُحاول إستشعار وجود الله تعالى.
ويتبعُ القسم الرابع إن شاء الله تعالى.
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
=========================
: بحوثٌ قرآنيَّة مَعرِفيَّة :
==============================
: القسم الثالث :
==========
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمد وآله المعصومين
: صور تعاطي الإنسان مع القرآن مَعرفيّا :
======================
:3:
صورة التعاطي المعرفي الموضوعي .
====================
وهذه الصورة هي أعمق الصور المَعرفيّة في التعاطي مع القرآن الكريم فكرا ومنهجا ونتيجاً وتنظيرا.
بإعتبارها تهتم بالواقع المفاهيمي لنصوص القرآن الكريم وموضوعاته .
ذلك لأنَّ القرآن الكريم هو ذاته قد تمثَلَّ في وجوده اللفظي بعناصر حيوية
أهمها المُتكلِّم وهو الله عز وجلّ
واللغة والموضوع ومنه الإنسان والكون والحياة والتأريخ وغيرها
فضلاً عن القصد والهدف والحكمة.
ومعنى التعاطي المعرفي الموضوعي
أنَّ البحث يتحيَّث بحيثيَّة النص الذي يُمثّل واقع موضوعي ملموس للباحث لفظاً ودلالة وحكمةً.
فممكن أن تتجلى المعرفة الموضوعيّة للباحث في بيان النص القرآني لمفرداته
كوجود الله تعالى ووحدانيته ونفي الشريك عنه وإثبات صنعه وخلقه للوجود برمته كاملا.
وبيان صفات الله تعالى الذاتية والثبوتية
والسلبية أي التي يجب تنزيهه سبحانه عنها عقلا:
وبيان واقع البشرية مذ خلقها الله تعالى وإلى يوم القيامة
وإرساله للرسل والأنبياء وتنصيبه للأوصياء والأئمة المعصومين:عليهم السلام:
ورصده لحركة التأريخ والمجتمع والإنسان حياتيا.
وبيانه لسنن الله تعالى في الكون والوجود عامة
وتوضيحه لقانون التأثر والتأثير والعليّة والحتمية
على مستوى الفكر والثقافة والسلوك .
ثمَّ على الباحث في هذه الصورة الموضوعيّة أن يدرك ذهناً هوية القرآن الكريم مفهوماً .
بمعنى أن يدرك أنَّ القرآن هو كتاب الله تعالى
وما من شك في أنَّ له هوية وتعريف مفاهيمي .
قد أفصح الله تعالى عنها نصاً في آياته وسوره الشريفة.
دفعا لجهل الجاهلين وشدّا للراغبين بمعرفة هويته وأهدافه وجوديا.
قال الله تعالى مُفصحاً عن هذه الحقيقة المعرفيّة.
وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ{192}
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ{193}
عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ{194}
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ{195}
وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ{ 196 :
وهذه الآية الأخيرة هي تقطع بمعلوميَّة ووضوح هوية القرآن الكريم عند الأنبياء والرسل من قبل بعثة النبي محمد:صلى الله عليه وآله وسلّم.
وإنَّ ذِكْرَ هذا القرآن الكريم لَمُثبَتٌ في كتب الأنبياء السابقين قد بَشَّرَتْ به وصَدَّقَتْه.
إذاً إذا أدرك الباحث الهوية المفهومية للقرآن الكريم وآمن أنه هو كتاب الله تعالى
سينتقل ذهنا إلى ضرورة التعرف على هوية المُنزَّل عليه :
وهو النبي محمد:ص:
وهذه المنهجيّة النظاميّة قد بيّنها الله تعالى في كتابه العزيز بصورة منطقية وعقلانية
تقطع الطريق على المُشككين في واقع النزول القرآني على النبي محمد:ص:
قال الله تعالى:
(( الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ )) إبراهيم1
والمعنى هو:
هذا القرآنُ كتابٌ أوحيناه إليك -أيها الرسول الأكرم محمد:ص:
- لتُخرج به الناسَ من الضلال والغيِّ والجهل
إلى الهدى والرشد والنور
-بإذن ربهم وتوفيقه إيَّاهم-
إلى الإسلام الذي هو طريق الله الغالب المحمود في كل حال .
وفي آياتٍ أُخَر قال تعالى:
(( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ )) الفتح29
(( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ )) محمد2
(( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً )) الأحزاب40
(( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ))
آل عمران144
وبعدما يتعرف الباحث المعرفي على هوية القرآن الكريم وهوية مُنزله الله تعالى وهوية المُنزَل عليه وهو النبي محمد:ص:
يجدر به أن يستكشف خطاب النص القرآني وأدواته وأهمها اللغة والدلالة .
ونقصد بإستكشاف النص هنا هو عينه التدبُر والتفكُر المعرفي في الأبعاد المفاهيمية والدلالية للنص القرآني.
ذلك كون القرآن الكريم قد خاطب الإنسان عقلا وقلبا ومنطقا وعرفا.
لذا تجد التنويع المفاهيمي واضح جداً لكل مُتتبع بحثياً.
لاسيما في مفاهيم العقل والقلب والسمع والبصر والفؤاد والنفس والصدور وغيرها.
طبعاً ولكلٍ من هذه المفاهيم دلالته الخاصة به .
ويُلحَظُ أيضا أنَّ القرآن الكريم قد تحرّكَ خطابيا بإتجاه الفطرة والوجدان الإنساني بصورة مُلفتة للنظر.
قاصداً بذلك إثارة الشعور والوعي الذاتي في كيانيّة الإنسان نفسيا وذهنيا.
وتوجيهه بإتجاه الحاجة إلى الله تعالى وضرورة تلمس ذلك وجدانا.
بمعنى أنَّ القرآن الكريم أراد ويُريد خلق الشعور النفسي لدى الإنسان دينياً.
وإرشاده إلى المشعور به :أي الله تعالى:
حقا وصدقا.
وفعلاً كثيراً ما تحصل عند الإنسان إلتفاتات معنوية
بل وحتى ذهنية تجعله يُحاول إستشعار وجود الله تعالى.
ويتبعُ القسم الرابع إن شاء الله تعالى.
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :