أبو حسين العاملي
12-07-2012, 01:21 AM
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
بينما كنت ألعب في صغري ، أحسست أصواتا تنهش حيطان منزلي ، تنذر بموت وشيك ، وظلام لا يسمع بعدها صوت الديك .
وقبلا كنا أولادا وابتسامات ، نرفض الأحزان والآهات ، وكانت تناديني إحداهن لأهز مهد وليدها ، ولا أرفض إلا أن أرقب عين صغيرها ، علها تنام ، لألقى من أمه : شكرا يا بن الكرام .
ولكن عين أبي لم تستقر وتهدأ ، إذ قرر الذئب بأنيابه أن يبدأ ، قالوا : سيهدمون حيَّنا ، فانتقلنا بسيارات لا يُدرى آخر سِربِنا ، هكذا أرادها بني صهيون ، أن نطير كالمهاجرة فتقرَّ لهم العيون .
ولم نبطئ المسير حتى دخلنا مدرسة بجنب ملعب وباحة ، فاستوحشت وأبديت المناحة ، حتى من كثرة اللعب ، نسينا أننا في غربة وندب .
نعم ، أصبحت بيتنا ، حيث بتنا نكره أن ننظر خلفنا ، كي تمر الأيام ، ولا ننسى أن ننام ، بل ولا أنسى كل زواية افترشتها عيني ، وبجدرانها كيف اختلطت أنفاسي ، وأصوات أولادها لم يكن ليغادر أذني .
وبين اليوم وأمس ، شيء واحد يتكلم بهمس : لم تكن في بيتك ، ولا انتقلت إلى منزلك ، بل كلها كانت ضيافة ، وكأنك عن غدٍ تدرك أنها مسافة ، وكما استوحشت في المدرسة ، ستنام تحت التراب بلا مِكنسة .
وما يرّوعني ، مهما حاول الأنس التسلل إلى قلبي ، إلا أن تذكر آيةً تصرّ في أذني ، وكأنها تناديني ، لأشاهد تمثيلية أبدعتها أنامل ربي : أُنْظُر ، أُنْظُر ، لعلك تنظر وأنت تنظر ، فلا تكن في عذابها ، ومالِكٌ يعدّك من حطامها ، ولا ينقضي اقشعرار بدني عندما أسمعه يقول : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)) ، وما كان ليهدأ روعي حتى عاجلني بكلمة فتتت أحلامي وطمعي : ((يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)) .
فيا ليت شعري ، أين أنا وعملي ، بل أين كل أمانيِّ وذخري ، إن لم يكن الزاد تنميه الزناد ، فلا شك سأموت ، ولا أكتب بعدها بأي مِداد .
والحمد لله رب العالمين وسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
بينما كنت ألعب في صغري ، أحسست أصواتا تنهش حيطان منزلي ، تنذر بموت وشيك ، وظلام لا يسمع بعدها صوت الديك .
وقبلا كنا أولادا وابتسامات ، نرفض الأحزان والآهات ، وكانت تناديني إحداهن لأهز مهد وليدها ، ولا أرفض إلا أن أرقب عين صغيرها ، علها تنام ، لألقى من أمه : شكرا يا بن الكرام .
ولكن عين أبي لم تستقر وتهدأ ، إذ قرر الذئب بأنيابه أن يبدأ ، قالوا : سيهدمون حيَّنا ، فانتقلنا بسيارات لا يُدرى آخر سِربِنا ، هكذا أرادها بني صهيون ، أن نطير كالمهاجرة فتقرَّ لهم العيون .
ولم نبطئ المسير حتى دخلنا مدرسة بجنب ملعب وباحة ، فاستوحشت وأبديت المناحة ، حتى من كثرة اللعب ، نسينا أننا في غربة وندب .
نعم ، أصبحت بيتنا ، حيث بتنا نكره أن ننظر خلفنا ، كي تمر الأيام ، ولا ننسى أن ننام ، بل ولا أنسى كل زواية افترشتها عيني ، وبجدرانها كيف اختلطت أنفاسي ، وأصوات أولادها لم يكن ليغادر أذني .
وبين اليوم وأمس ، شيء واحد يتكلم بهمس : لم تكن في بيتك ، ولا انتقلت إلى منزلك ، بل كلها كانت ضيافة ، وكأنك عن غدٍ تدرك أنها مسافة ، وكما استوحشت في المدرسة ، ستنام تحت التراب بلا مِكنسة .
وما يرّوعني ، مهما حاول الأنس التسلل إلى قلبي ، إلا أن تذكر آيةً تصرّ في أذني ، وكأنها تناديني ، لأشاهد تمثيلية أبدعتها أنامل ربي : أُنْظُر ، أُنْظُر ، لعلك تنظر وأنت تنظر ، فلا تكن في عذابها ، ومالِكٌ يعدّك من حطامها ، ولا ينقضي اقشعرار بدني عندما أسمعه يقول : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)) ، وما كان ليهدأ روعي حتى عاجلني بكلمة فتتت أحلامي وطمعي : ((يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)) .
فيا ليت شعري ، أين أنا وعملي ، بل أين كل أمانيِّ وذخري ، إن لم يكن الزاد تنميه الزناد ، فلا شك سأموت ، ولا أكتب بعدها بأي مِداد .
والحمد لله رب العالمين وسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين