د. حامد العطية
17-07-2012, 09:21 PM
ابحث عن المرأة في الأزمة السورية والموقف الخليجي منها
د. حامد العطية
يقول المثل :ابحث عن المرأة، ووراء كل عظيم امرأة، لا يوجد عظماء في مجتمعاتنا ولكن هنالك أزمة دموية في سورية، بين الحكومة وفئات مسلحة تريد الاطاحة بها، وتتدخل فيها أطراف اقليمية ودولية، وبالأخص الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية، التي لا تخفي رغبتها المحمومة في التخلص من النظام السوري، ويرى المحللون أن اصطفاف السعودية وراء المعارضة السورية المسلحة يمليه الموقف الأمريكي والغربي، الثابت دوماً على قاعدة تقوية الكيان الصهيوني واضعاف النظم المعادية له، ولو اقتصر عداؤهم على الاسناد والقول من دون فعل مؤثر، وبعد استبعاد العراق بالاحتلال والمعاهدة الاستراتيجية والنظام الطائفي الفدرالي التحاصصي فسيكون اسقاط النظام السوري نهاية مفجعة لمحور الممانعة والمقاومة وبداية عصر السلام – أو بالأحرى الاستسلام - الشامل مع الصهاينة، ولكن ماذا سنجد لو بحثنا عن المرأة في موقف الخليجيين من الأزمة السورية؟
لكل مجتمع تراث ثقافي، يعرف هويته، ويستمد منه عاداته وتقاليده، وصورة المرأة في التراث الخليجي جنسية إلى أقصى الحدود، فهي مجرد سلعة، لا تعمل ولا تنتج إلا نادراً، وما أن تحصل العائلة على دخل كاف حتى تتخلى المرأة عن واجباتها العائلية في تربية الأبناء للمربيات، وتوكل مهام البيت الأخرى للخادمات، لتتفرغ لزينتها والعناية بجمالها وراحتها، وكان من المعتاد بينهم الاستدراك على ذكر المرأة بعبارة "كرمكم الله"، وروى لي أحد المقيمين العرب بأنه استشاط غضباً لوصف احد السعوديين للمرأة بـ "الصخلة" فقال له: هل هذا الوصف ينطبق على أمك أيضاً؟ وهو محظوظ لأن السعودي لم يلاحقه قضائياً ويطلب ترحيله.
كل شيء في الخليج محكوم بالتراث القبلي الذكوري، حتى منظورهم للدين، وكذلك نظمهم السياسية، لذا موقع المرأة في مذهبهم وسياساتهم في الخلف، أو هي غير حاضرة تماماً، وإذا ما كانوا يمتهنون نساءهم إلى هذا الحد فلكم أن تتصوروا نظرتهم إلى نساء الشعوب الأخرى الذين يعتبرونهم دونهم مكانةً وحسباً ونسباً وديناً وثراءً.
في 1810م اقدم الحاكم الوهابي سعود على غزو مناطق واسعة في الشام، منها حوران، متذرعاً برفض والي دمشق اعتناق المذهب الوهابي، ولم يكتف جنود الوهابية بقتل السكان ونهب الممتلكات واحراق المزروعات بل سبوا النساء أيضاً.
وفي القرن العشرين غزا الوهابيون مناطق في أرض الشام لكن حملتهم باءت بالفشل بسبب تصدي الأهالي لها.
لم يهدأ الولع الوهابي باللحم البشري الشامي الأبيض، لذا بحثوا عن وسيلة جديدة لاشباع نزواتهم المنحطة، فوجدوا في الخطف ضالتهم، وهكذا نشطت في أواسط القرن العشرين عصابات خطف الفتيات السوريات واللبنانينات وتصديرهن إلى السعودية، وفي مقال لأحد الكتاب السعوديين في جريدة الشرق الأوسط السعودية منشور أواسط الثمانينات من القرن الماضي شهادة قيمة على ذلك، إذ ذكر فيه أن والدته المتزوجة من أبيه السعودي اكتشفت في عمر متآخر أصولها اللبنانية، وبأنها اختطفت وهي طفلة من عائلتها اللبنانية المسيحية لتباع في السعودية، حيث ظلت العبودية ممارسة قانونياً حتى الستينات من القرن الماضي، ويصف الكاتب وقوف والدته عند مدخل منزل عائلتها اللبنانية بعد أن اهتدت إليه واضطرابها النفسي ثم انصرافها من دون زيارتهم.
وعند اقامتي في لبنان للدراسة في جامعتها الأمريكية تداول اللبنانيون قصص اختفاء لبنانينات واختطافهن للسعودية، ومن الروايات المتداولة بينهم أيضاً أن رئيساً لوزراء لبنان في تلك الأيام سمع أحد الوزراء يتهمه من وراء ظهره بجني ثروته من بيع الفتيات اللبنانينات للسعودية فلم ينكر ذلك.
نقل لي أحد قادة المعارضة العراقية المقيم في سورية بأنه كان بزيارة أحد ضباط المخابرات السورية في مطار دمشق الدولي وشاهد بنفسه عجباً، وهو وصول عدد من الحافلات إلى أرض المطار ونزول العشرات من الفتيات اللبنانيات اللواتي لم ير في حياته اجمل منهن، ومن ثم صعودهن إلى طائرة خاصة غادرت بحمولتها إلى السعودية، وعندما سأل ضابط المخابرات عن ذلك أخبره بأنها شحنة بشرية مرسلة من لبنان إلى أمراء السعودية.
الزواج من سعوديين امر مقبول أو حتى مرغوب لدى بعض العوائل السورية، ووصف لي سعودي من المنطقة الشمالية زاملته في العمل في الثمانينات وصول شاحنات من حوران السورية سنوياً، محملة لا بالمحاصيل الزراعية بل بالفتيات، اللواتي يطمح ذويهن بزواجهن من رجال سعوديين ميسوري الحال، وفي الوقت نفسه كانت فنادق جدة في الحجاز تشهد وبصورة منتظمة قدوم حافلات محملة بالفتيات الشاميات طلباً للتزوج من مغتربين سوريين أو سعوديين.
اثناء اقامتي في سورية أواسط التسعينات، زارني سعودي، في الستين من عمره، وأخبرني بأنه في مهمة البحث عن زوجة شابة، واصطحبته الخاطبة إلى بيوت عشرة فتيات أصغر منه بأربعة عقود من السنين، وكلهن كن مستعدات للزواج به على الرغم من كبر سنه، قال لي بأنه وبسبب انقطاع الكهرباء الدوري اضطر لشراء مصباح يدوي استعان به هو والخاطبة في الصعود إلى منازل الفتيات المرشحات للزواج منه.
العالم كله دار لهو للسعوديين والخليجيين، في السبعينات كانت أسمرة في الحبشة، ثم بانجوك في تايلاند، ومن بعدها المغرب ودبي والبحرين، واليوم تزدحم بعض المناطق اللبنانية بالملاهي التي يتصدر السعوديون قوائم زبائنها الرئيسيين.
السعوديون متلهفون على الاطاحة بنظام البعث السوري ليس فقط كرهاً بالنظام وتحالفه مع إيران وخلافه مع عملاء وحلفاء السعودية في لبنان وعداءه للصهيونية بل أيضاً لأنه أكبرمنجم للنساء البيض في منطقة الشرق الأوسط.
للشعب السوري مطلق الحق في تغيير نظامه السياسي أو الابقاء عليه مع اصلاحات جذرية ولكن المطلوب أن ينتبه السوريون الغيورون على وطنهم وينبذون المفسدين الخليجيين.
17 تموز 2012م
د. حامد العطية
يقول المثل :ابحث عن المرأة، ووراء كل عظيم امرأة، لا يوجد عظماء في مجتمعاتنا ولكن هنالك أزمة دموية في سورية، بين الحكومة وفئات مسلحة تريد الاطاحة بها، وتتدخل فيها أطراف اقليمية ودولية، وبالأخص الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية، التي لا تخفي رغبتها المحمومة في التخلص من النظام السوري، ويرى المحللون أن اصطفاف السعودية وراء المعارضة السورية المسلحة يمليه الموقف الأمريكي والغربي، الثابت دوماً على قاعدة تقوية الكيان الصهيوني واضعاف النظم المعادية له، ولو اقتصر عداؤهم على الاسناد والقول من دون فعل مؤثر، وبعد استبعاد العراق بالاحتلال والمعاهدة الاستراتيجية والنظام الطائفي الفدرالي التحاصصي فسيكون اسقاط النظام السوري نهاية مفجعة لمحور الممانعة والمقاومة وبداية عصر السلام – أو بالأحرى الاستسلام - الشامل مع الصهاينة، ولكن ماذا سنجد لو بحثنا عن المرأة في موقف الخليجيين من الأزمة السورية؟
لكل مجتمع تراث ثقافي، يعرف هويته، ويستمد منه عاداته وتقاليده، وصورة المرأة في التراث الخليجي جنسية إلى أقصى الحدود، فهي مجرد سلعة، لا تعمل ولا تنتج إلا نادراً، وما أن تحصل العائلة على دخل كاف حتى تتخلى المرأة عن واجباتها العائلية في تربية الأبناء للمربيات، وتوكل مهام البيت الأخرى للخادمات، لتتفرغ لزينتها والعناية بجمالها وراحتها، وكان من المعتاد بينهم الاستدراك على ذكر المرأة بعبارة "كرمكم الله"، وروى لي أحد المقيمين العرب بأنه استشاط غضباً لوصف احد السعوديين للمرأة بـ "الصخلة" فقال له: هل هذا الوصف ينطبق على أمك أيضاً؟ وهو محظوظ لأن السعودي لم يلاحقه قضائياً ويطلب ترحيله.
كل شيء في الخليج محكوم بالتراث القبلي الذكوري، حتى منظورهم للدين، وكذلك نظمهم السياسية، لذا موقع المرأة في مذهبهم وسياساتهم في الخلف، أو هي غير حاضرة تماماً، وإذا ما كانوا يمتهنون نساءهم إلى هذا الحد فلكم أن تتصوروا نظرتهم إلى نساء الشعوب الأخرى الذين يعتبرونهم دونهم مكانةً وحسباً ونسباً وديناً وثراءً.
في 1810م اقدم الحاكم الوهابي سعود على غزو مناطق واسعة في الشام، منها حوران، متذرعاً برفض والي دمشق اعتناق المذهب الوهابي، ولم يكتف جنود الوهابية بقتل السكان ونهب الممتلكات واحراق المزروعات بل سبوا النساء أيضاً.
وفي القرن العشرين غزا الوهابيون مناطق في أرض الشام لكن حملتهم باءت بالفشل بسبب تصدي الأهالي لها.
لم يهدأ الولع الوهابي باللحم البشري الشامي الأبيض، لذا بحثوا عن وسيلة جديدة لاشباع نزواتهم المنحطة، فوجدوا في الخطف ضالتهم، وهكذا نشطت في أواسط القرن العشرين عصابات خطف الفتيات السوريات واللبنانينات وتصديرهن إلى السعودية، وفي مقال لأحد الكتاب السعوديين في جريدة الشرق الأوسط السعودية منشور أواسط الثمانينات من القرن الماضي شهادة قيمة على ذلك، إذ ذكر فيه أن والدته المتزوجة من أبيه السعودي اكتشفت في عمر متآخر أصولها اللبنانية، وبأنها اختطفت وهي طفلة من عائلتها اللبنانية المسيحية لتباع في السعودية، حيث ظلت العبودية ممارسة قانونياً حتى الستينات من القرن الماضي، ويصف الكاتب وقوف والدته عند مدخل منزل عائلتها اللبنانية بعد أن اهتدت إليه واضطرابها النفسي ثم انصرافها من دون زيارتهم.
وعند اقامتي في لبنان للدراسة في جامعتها الأمريكية تداول اللبنانيون قصص اختفاء لبنانينات واختطافهن للسعودية، ومن الروايات المتداولة بينهم أيضاً أن رئيساً لوزراء لبنان في تلك الأيام سمع أحد الوزراء يتهمه من وراء ظهره بجني ثروته من بيع الفتيات اللبنانينات للسعودية فلم ينكر ذلك.
نقل لي أحد قادة المعارضة العراقية المقيم في سورية بأنه كان بزيارة أحد ضباط المخابرات السورية في مطار دمشق الدولي وشاهد بنفسه عجباً، وهو وصول عدد من الحافلات إلى أرض المطار ونزول العشرات من الفتيات اللبنانيات اللواتي لم ير في حياته اجمل منهن، ومن ثم صعودهن إلى طائرة خاصة غادرت بحمولتها إلى السعودية، وعندما سأل ضابط المخابرات عن ذلك أخبره بأنها شحنة بشرية مرسلة من لبنان إلى أمراء السعودية.
الزواج من سعوديين امر مقبول أو حتى مرغوب لدى بعض العوائل السورية، ووصف لي سعودي من المنطقة الشمالية زاملته في العمل في الثمانينات وصول شاحنات من حوران السورية سنوياً، محملة لا بالمحاصيل الزراعية بل بالفتيات، اللواتي يطمح ذويهن بزواجهن من رجال سعوديين ميسوري الحال، وفي الوقت نفسه كانت فنادق جدة في الحجاز تشهد وبصورة منتظمة قدوم حافلات محملة بالفتيات الشاميات طلباً للتزوج من مغتربين سوريين أو سعوديين.
اثناء اقامتي في سورية أواسط التسعينات، زارني سعودي، في الستين من عمره، وأخبرني بأنه في مهمة البحث عن زوجة شابة، واصطحبته الخاطبة إلى بيوت عشرة فتيات أصغر منه بأربعة عقود من السنين، وكلهن كن مستعدات للزواج به على الرغم من كبر سنه، قال لي بأنه وبسبب انقطاع الكهرباء الدوري اضطر لشراء مصباح يدوي استعان به هو والخاطبة في الصعود إلى منازل الفتيات المرشحات للزواج منه.
العالم كله دار لهو للسعوديين والخليجيين، في السبعينات كانت أسمرة في الحبشة، ثم بانجوك في تايلاند، ومن بعدها المغرب ودبي والبحرين، واليوم تزدحم بعض المناطق اللبنانية بالملاهي التي يتصدر السعوديون قوائم زبائنها الرئيسيين.
السعوديون متلهفون على الاطاحة بنظام البعث السوري ليس فقط كرهاً بالنظام وتحالفه مع إيران وخلافه مع عملاء وحلفاء السعودية في لبنان وعداءه للصهيونية بل أيضاً لأنه أكبرمنجم للنساء البيض في منطقة الشرق الأوسط.
للشعب السوري مطلق الحق في تغيير نظامه السياسي أو الابقاء عليه مع اصلاحات جذرية ولكن المطلوب أن ينتبه السوريون الغيورون على وطنهم وينبذون المفسدين الخليجيين.
17 تموز 2012م