المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السلوك الانتاجي والسلوك الاستهلاكي


سما المجلسي
21-07-2012, 11:48 AM
بقلم : نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي



اشتهر العراقيون تاريخياً بسلوكهم الخلاق.. فكانوا مبادرين ومنتجين، واستهلاكهم بقدر انتاجهم.. ولان ما ينتجونه بمعايير تلك الايام كان مرتفعاً.. لذلك كان استهلاكهم مرتفعاً ايضاً مقارنة بغيرهم.. لذلك لم تعرف بلاد ما بين النهرين المجاعات الكبرى، ولا الهجرات الواسعة للخارج ضنكاً للعيش.. فصارت مطمحاً لجماعات متلاحقة تأتيه لتستوطنه، فنمت تعدديته وصارت سمة له.
قبل الاسلام، قامت ارقى الحضارات.. واكتشف واخترع انساننا الكثير من الحقائق والمنتجات والنظم التي ساعدته وساعدت البشرية في شق طريقها.. ولتعقد الحياة وتطورها كانت بلاد الرافدين اول من نظم الشرائع واشهرها حمورابي، علماً انها لم تكن الاولى.. فلقد سبقتها بقرون شرائع وقوانين مثل ارنمو ولبت عشتار واشنونا.. وتطورت ارض السواد بعد الاسلام معتمدة ليس على ثرواتها الطبيعية فقط.. بل اساساً على تشريعاتها، وعلمائها، وعلومها، ومدارسها، وبيرماستاناتها (مستشفياتها)، وخراجها، واعمالها، وعمالها، ونظم ريها ومهنها وجباياتها، وتنظيماتها الادارية، وقدراتها وفنونها العسكرية، الخ.
اما في القرون والعقود الاخيرة فلقد تراجعت باستمرار السلوكيات الانتاجية والابداعية لمصلحة السلوكيات الاستهلاكية والاتكالية.. التي بدأت تتمدد من شريحة الى اخرى.. وشاعت الافكار البسيطة ووسائل الحصول على وسائل الاستهلاك بالطرق المشروعة او الاحتيالية، مستغلة تشوش وتداخل نظام الحقوق والدوافع، وسهولة اموال الدولة الريعية.. وانتقلت هذه الى تربية اجتماعية وللنشىء الجديد خصوصاً. فانتشر من يفكر انه يمكن ان يحصل على حقوق بدون واجبات ومسؤوليات.. وانه يجب ان يعطى الشهادة والنجاح حتى وان لم يجتهد.. او يحصل على بيت او ارض او مال حتى وان لم يسعَ او يعمل، مع كامل القدرة والاستطاعة. يقول امير المؤمنين عليه السلام الرزق رزقان رزق تطلبه ورزق يطلبك.. فعطل كثيرون الرزق الاول وصاروا ينتظرون الرزق الثاني فقط.. فتراجعت الجدية والعصامية ومفاهيم ان يشق الانسان طريقه في الحياة.. وان ينمي لذلك قدراته الذهنية والعملية.. وحل محلها الاتكال والكسل والتهرب من المسؤولية وتحميل الاخر اللوم، دون محاسبة النفس.. وهذا السلوك يزداد انتشاراً وفي كافة المجالات والمستويات.. ويطوق البقية الباقية الجادة والمنتجة، مهدداً اياها بالمزيد من التراجع.. فبدون علاجات جذرية، لم تتوفر بعد، فان العادات والقيم السيئة، تطرد الجيدة والصحيحة.. والنقود الرديئة، تطرد الجيدة.. ويطرد المرض، الصحة.. والجهل، العلم.. والاوساخ، النظافة.. والكسل والغش والفساد، العمل والامانة والاخلاص.. والكذب والنفاق، الصدق والحقيقة..


منقول

من موقع براثا
وهذا رابط الموضوع
http://www.burathanews.com/news_article_163557.html